مشرف منتدى احكام المحكمة الاتحادية العليا
تاريخ التسجيل: Feb 2010
الدولة: الامارات العربية المتحدة
المشاركات: 3,553
الطعن 349 لسنة 27 قضائية جلسة 7/11/2006
هيئة المحكمة: الرئيس الحسيني الكناني والمستشاران الصديق أبو الحسن وإمام البدري.
- 1 -
مدى جواز المدعي بالحقوق المدنية استئناف الحكم الصادر من المحكمة الجزائية في الجنايات والجنح حتى عند عدم قيام النيابة العامة باستئناف حقوقه المدنية وحدها بكون التعويضات المطلوبة زائدة على النصاب المحكوم فيه من القاضي نهائيا.
- 2 -
عدم اعتبار قوة الأمر المقضي به للحكم الجزئي الصادر من المحكمة الجزائية لها الحجية إلا لدى المحاكم المدنية وليس لدى المحاكم الجزائية نفسها عند نظرها الدعوى المدنية بالتبعية للدعوى الجزائية.
- 3 -
سلطة محكمة الموضوع في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها وتقدير الخطأ المترتب عليه مسؤولية مرتكبه وآثاره.
- 4 -
صحة كون الخطأ المؤدي إلى وقوع حادث القتل أو الإصابة مشتركا بين المتهم والمجني عليه.
- 5 -
عدم نفي مسؤولية أي من المتهم أو المجني عليه إلا عند تبيان من ظروف الحادث أن خطأ المضرور البالغ درجة عالية من الجسامة هو العامل الأول في إحداث الضرر المصاب به.
- 6 -
تحمل أحكام الشريعة الإسلامية المسؤولية عن الخطأ غير المحترز وغير المحتاط في تصادم الشخصين أو السفينتين أو المركبتين أو الفارسين.
- 7 -
اعتبار الدية الشرعية في الأصل تعويضا لجبر ضرر الورثة وارش الجراح تعويضا للمجروح.
بعد الإطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الواقعات على ما يبين من الحكم المطعون فيه و سائر الأوراق تتحصل في أن النيابة العامة ، أسندت إلى المتهم ... ـ المطعون ضده الأول ـ أنه في 6/8 / 2004 : 1 - تسبب بخطئه في موت ...، وإصابة ... بإهماله وعدم احترازه بأن قاد المركبة ـ الموصوفة ـ بتهور فاصطدم بسيارة المجني عليه الأول مما أدى إلى إصابتهما التي أدت لوفاة الأول 2 - تسبب بغير قصد في إلحاق الضرر بالمركبتين العائدتين لكل من مزنة ... نتيجة استعماله المركبة الثانية على وجه يخالف القانون . 3 - قاد المركبة سالفة البيان بتهور وبسرعة جاوزت السرعة القصوى . وطلبت عقابه طبق أحكام الشريعة الإسلامية والمادة 342 عقوبات اتحادي والمواد 2 ، 10/10 ، 53/2 ، 54 من القانون الاتحادي 21/95 بشأن السير والمرور . وبجلسة 12/2 / 2005 حكمت أول درجة ببراءته مما أسند إليه ورد مبلغ مائتي ألف درهم المورد بالأمانات .
فاستأنف ورثة المجني عليه برقم 14/2005 ـ الطفرة الشرعية . وبجلسة 25/5 / 2005 حكمت المحكمة برفضه وتأييد الحكم المستأنف . فطعن الورثة بالطعن الماثل . وأودعت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن .
وحيث إن الطاعنين ورثة المجني عليه ينعون على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع من تسعة وجوه . ومما يقولون به فيها من الرابع وحتى التاسع أنه بنى قضاءه على أن الحكم المستأنف حاز حجية الأمر المقضي به ، ولا سبيل إلى التصدي لبحث عناصر الجريمة وقيام المسئولية المدنية لأنه استأنفه الورثة وحدهم ولم تستأنفه النيابة العامة ، ورفض استئنافهم مخالفاً المادة 233 من قانون الإجراءات الجزائية . وأنه اعتد في قضائه بتأييد الحكم المستأنف بتقرير وشهادة مخطط الحادث وأغفل ما جاء بتقرير المعاينة الذي أفاد بأن الصدم بسيارة المجني عليه كان بالجانب الأيمن الأمامي أسفل الباب بينما كان الصدم بالركن الأيسر بالمقدمة . مكان الكشافات بسيارة المطعون ضده ـ المتهم ـ مما يقطع بانحرافه نحو سيارة المتوفى . وطرح اعتراف المتهم بتحقيقات الشرطة أن سرعته 120 كم في الساعة بينما السرعة على الطريق مكان الحادث 60 كم في الساعة كما جاء في مخطط الحادث . ولم يعرض لأثرها في وقوعه ليرتب عليها ما إذا كان الخطأ مشتركاً أو منفرداً به المطعون ضده . كما طرح شهادة الشاهد ... الذي أفاد بأن المتهم والمجني عليه كانا في حالة مطاردة بسرعة عالية جداً وشاهد سيارة المتهم تنحرف ناحية سيارة المجني عليه الذي كان في حالة تجاوز ولم يعطه فرصة ليتجاوزه وأغفل شهادة مخطط الحادث بأنهما في حالة مطاردة . كما لم يبحث عناصر الجريمة من حيث توافر أركانها وثبوت الفعل المكون لها في حق المتهم من جهة وقوعه وصحة نسبته إليه ليرتب عليه آثاره القانونية من غير تقيد بقضاء أول درجة ، لاختلاف الموضوع في الدعويين . كما أنه خالف أحكام الشريعة الإسلامية حينما لم يستعمل قاعدة المتصادمين فتتحمل عاقله كلٍ دية الآخر . فالمتهم قد ساهم في وقوع الحادث ، إن لم يكن كله ، على نحو ما سلف والمقرر فقهاً أن اشتراك المجني عليه في الخطأ لا يعفي الجاني من المسئولية بل يخفف العقوبة بقدر نصيبه في الخطأ . وقد خالف الحكم هذا النظر ، بما يستوجب نقضه وتحميل المطعون ضده كامل الدية .
وحيث إن هذا النعي قويم ذلك أنه من المقرر أن المادة 233 من قانون الإجراءات الجزائية تجيز للمدعي بالحقوق المدنية أن يستأنف الحكم الصادر من المحكمة الجزائية في الجنايات والجنح ـ وإن لم تستأنفه النيابة العامة ـ فيما يختص بحقوقه المدنية وحدها إن كانت التعويضات المطلوبة تزيد على النصاب الذي يحكم فيه القاضي نهائياً . وحقه في ذلك قائم لأنه مستقل عن حق النيابة العامة ، وعن حق المتهم . لا يقيده إلا النصاب ـ ومتى رفع استئنافه كان على المحكمة الاستئنافية أن تعرض لبحث عناصر الجريمة من حيث توافر أركانها ، وثبوت الفعل المكون لها في حق المتهم من جهة وقوعه وصحة نسبته إليه لترتب على ذلك آثاره القانونية غير مقيده في ذلك بقضاء أول درجة . ولا يمنع من ذلك أن الحكم في الدعوى الجزائية قد حاز قوة الأمر المقضي ، لأن الدعويين الجزائية والمدنية ـ وإن كانتا ناشئتين عن سبب واحد ـ إلا أن الموضوع في كل منهما يختلف عنه في الأخرى . مما لا يمكن معه التمسك بحجية الحكم الجزائي ـ وهو ماجرى عليه قضاء هذه المحكمة ـ وإلا تعطل الاستئناف المقرر للمدعي بالحقوق المدنية . وتعطلت وظيفة محكمة الاستئناف بشأنه إذا كان المدعي بالحقوق المدنية هو المستأنف وحده .
إضافةً إلى أن المحاجة بقوة الأمر المقضي به للحكم الجزائي الصادر من المحكمة الجزائية في موضوع الدعوى الجزائية لا تكون إلا لدى المحاكم المدنية . وليس لدى المحاكم الجزائية نفسها ، وهي تنظر الدعوى المدنية بالتبعية للدعوى الجزائية . كما هو عليه صريح نص المادة 269 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على أن يكون للحكم الجزائي البات الصادر في موضوع الدعوى الجزائية بالبراءة أو الإدانة حجية تلتزم بها المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها بحكم بات ، فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها .
وأنه ولئن كان من المقرر أن تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها وتقدير الخطأ الذي يترتب عليه مسئولية مرتكبه وما يترتب عليه من آثار ـ سواء ارتكبه منفرداً أو مساهماً فيه ـ مما تستقل به محكم الموضوع . مشروط بأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله .
وأنه يصح في الشرع والقانون أن يكون الخطأ الذي أدى إلى وقوع حادث القتل أو الإصابة الخطأ مشتركاً بين المتهم والمجني عليه .
ولا ينفي خطأ أحدهما مسئولية الآخر إلا إذا تبين من ظروف الحادث أن خطأ المضرور هو العامل الأول في إحداث الضرر الذي أصابه ، وأنه بلغ من الجسامة درجة بحيث يستغرق خطأ المسئول مع مراعاة تحديد نصيب كل واحد منهما في الدية أو أرش الجراح المستحق على ضوء نسبة الخطأ المشترك إن وجد .
والقاعدة أن أحكام الشريعة الإسلامية تحمل المسئولية غير المحترز وغير المحتاط في تصادم الشخصين أو السفينتين أو المركبتين أو الفارسين .
ففي المدونة 4 : 505 على الفقه المالكي : ( قلت أرأيت إذا اصطدم فارسان ، فقتل كل واحد منهما صاحبه : قال مالك : عقل كل واحد منهما على قبيل صاحبه ، وقيمة كل فرس منهما في مال صاحبه . قال أرأيت لو أن سفينة صدمت سفينة أخرى فكسرتها فغرق أهلها : قال : قال مالك إن كان ذلك من الريح غلبتهم أو من شيء لا يستطيعون حبسها منه ، فلا شيء عليهم . وإن كان لو شاءوا أن يصرفوها صرفوها فهم ضامنون ) ومؤدى ذلك أن المسئولية على المخطئ الذي لا يستطيع أن يصرف مركبته عن طريق الآخر ولم يفعل من غير عجز حقيقي . وانظر ذلك في شراح خليل عند قوله ( وإن تصادما أو تجاذبا مطلقاً قصداً ) في الشرح الكبير ... 4 : 247 وحاشية الدسوقي عليه . وفيها ( قوله لكن الراجح أن العجز الحقيقي ) أي هو ما كان بالريح أو الفرس مثلاً . وقوله في المتصادمين أي بغير السفينتين وقوله كالخطأ ، فيه ضمان الدية الخ أي لقول ابن عرفه ، قول ... إن جمح الفرس ولم يقدر راكبه على صرفه فإنه لا يضمن يُرَدُّ بقول المدونة : إذا جمحت دابه براكبها فوطئت إنساناً فهو ضامن . وبقولها إن كان في رأس الفرس اغترام فحمل بصاحبه فصدم فراكبه ضامن ) 4 : 247 ولا جدال في أن دابة اليوم هي السيارة . وانظر بداية المجتهد ... 2 : 409 والتاج والإكليل لمختصر خليل شرح العدوي.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن ( الحكم المستأنف انتهى في أسبابه المرتبطة بالمنطوق إلى أن البينات المقدمة من سلطة الاتهام لا تثبت خطأ المتهم بل تثبت خطأ المجني عليه الذي تجاوز بسيارته سيارة المتهم ثم انحرف إليه قبل أن يجاوزه بمسافة معقولة ودون تنبيه بإشارة ضوئية تدل على نية الدخول أمامه . وأنه لا بينة ترقى لإسناد الخطأ إلى المتسبب في موت المجني عليه ومن ثم يكون المتهم بريئاً من تهمتي الخطأ في موت المجني عليه وإلحاق الضرر بالمركبتين وقد صار هذا الحكم باتاً بعدم طعن النيابة العامة فيه وتكون له حجية مطلقة تعلو على اعتبارات النظام العام وتحول دون قبول أي دليل أو قرينة تنال من تلك الحجية . وشهد مخطط الحادث ... بأنه بعد معاينة السيارتين والطريق تبين أن سيارة المتوفي دخلت على السيارة الثانية التي كانت على يمينه وضايقتها حتى اصطدمت بها فانقلبت السيارتان سيارة المتهم مرة واحدة وسيارة المجني عليه ست مرات خارج الشارع العمومي ، مما يدل على أن الأخيرة كانت على سرعة عالية ... ومتى كان ذلك . وكان الواقع على النحو المتقدم يكشف عن أن المستأنف ضده لم يكن مباشراً ولم يكن متسبباً وإنما أفسح الطريق لسيارة المجني عليه الذي ما إن تجاوز وهو على سرعة عالية حتى انحرف يميناً إلى سيارة المتهم فوقع الاصطدام بفعل الأول . مما أدى إلى انقلاب سيارته الذي كان السبب في وفاته وهو الواقع الذي يتفق وما انتهى إليه الحكم الجنائي ، ويقطع بعدم مسئوليته بصفته فاعلاً أو مباشراً ...) وإذا كان ذلك فإن هذه الأسباب لا تقيم قضاء الحكم . ذلك أن الثابت من الأوراق أن الحكم اعتد بشهادة وأقوال مخطط الحادث ... في تقريره أن المجني عليه والمتهم كانا في حالة مطاردة لبعضهما البعض . وعند وصولهما مكان الحادث اصطدما اصطداماً جانبياً فنتج عنه انقلاب السيارتين ـ ولم يتمكن من أخذ أقوالهما واستنتج من انقلاب سيارة المجني عليه ست مرات أنها كانت مسرعة ـ وأفاد أن السرعة على الطريق 60 كم ساعة وأن الطريق فردي والوقت ليلاً والإنارة ضعيفة . وفي شهادته أمام محكمة أول درجة شهد بمثل ما جاء في تقريره وأضاف بأنه سأل الدورية عن سبب الحادث فأفادوا بأن المجموعة التي سبقت لمكان الحادث من المواطنين أفادت بأنهما كانا في حالة مطاردة داخل شعبية خنور ومعهما سيارة أخرى . وأنه بعد معاينته السيارات والطريق تبين أن السيارتين كانتا متسابقتين فدخلت سيارة المتوفى على السيارة الثانية التي كانت على يمينها وضايقتها حتى اصطدمت بها فانقلبت السيارتان . سيارة المتهم مرة واحدة وسيارة المتوفى ست مرات . وفي نظره أن السيارتين مشتركتين في الخطأ لأنهما في حالة تسابق . وإذ أفاد في شهادته أمام محكمة الاستئناف أن ( السيارة كانت في حالة سرعة بدليل انقلابها ست مرات خارج الشارع واصطدمت بالسيارة المتضررة بالسيارة الثانية في الناحية اليسرى من السيارة المتسببة في أقصى الناحية اليمنى من الشارع وأن المتسببة الثانية انقلبت مرة واحدة مما يدل على كونها غير مسرعة لأنها لو كانت مسرعة لانقلبت عدة مرات ) وأنه لم يكن شاهد عيان وإنما يستخلص ما يكتبه من المعاينة المجردة واستجواب المرافقين إذا كانت حالهم تسمح . وأنه بالمعاينة المجردة وجد أن المتسببة بها آثار صدم من الجانب الأيسر ولا من الخلف لا من الأمام . ولهذا قرر أنها صدمت من الجانب الأيسر . أما المتسببه الأولى فلم تكن حالتها تسمح بتحديد مكان الصدمة الأولى بالعين المجردة لأن الأجزاء كلها متضررة . ولا يمكن أن يحدد سرعة السيارة وأنه يستخلص ذلك من مرات التدهور .
وإذ شهد ... بأنه كان خلف المتهم والمتوفى على بعد ثمانمائة متر وجاء المجني عليه المتوفى متجاوزاً المتهم من جهة الشمال وأفسح له المتهم الطريق بأن انحرف يميناً ومع ذلك صدمت سيارة المتوفى سيارة المتهم هادف من الجانب الأيسر . وجاء بأقواله بمحضر جمع الأدلة يوم 15/8 / 2004 أنه في يوم 6/8 / 2004 حوالي الساعة 55ر8 مساءً بمنطقة بمحضر خنور ليوا عن كل من السيارة نيسان بترول استيشن رقم 32353 ـ أخضر العين . والسيارة نيسان بترول استيشن رقم 18156 ـ أحمر أبوظبي ـ وكان يقود سيارة والده بكب ـ وأثناء سيره ـ مرت على يساره السيارة رقم 18156 واقترب سائقها منه وهدأ سرعته وأنزل الزجاج جهة السائق فأنزل ـ هو الشاهد ـ زجاج سيارته وأثناء ذلك اتصل به سائق الأخرى 32353 وطلب منه إيقاف سائق السيارة الأولى . ولم يتمكن من ذلك لهروب سائق الأولى بسيارته عندما شاهد الثانية ترخيص العين تقترب منه ـ فواصل ـ الشاهد سيره ـ وتفاجأ بعودة السيارتين ومعهما ثالثة تويوتا بيضاء ، استيشن أحمر ـ الثلاث تمر منه كأنهم قاصدون الخروج من المنطقة . وأثناء ذلك شاهد سائق 18156 ينحرف جهة السيارة الثالثة التويوتا ولم يصطدم بها لأن سائقها هرب بها . وخرج من المنطقة نهائياً . ومرة أخرى سلك سائق الأولى 18156 ـ أقصى الخط الأيمن للشارع العام وأثناء ذلك جاء سائق الأخرى ترخيص العين يسير بجانبه ويحاول تجاوز الأولى وفجأة انحرف سائق 18156 جهة الأخرى رقم 32353 ويحاول أن يمر من أمامه إلا أنه اصطدمت السيارتان ببعضهما . فتوقف ـ الشاهد ـ بسيارته لوقوع الحادث أمامه . ولم يجد بالسيارة الأولى 32353 أحداً لأن سائقها ... سقط خارجها وتوجه إلى الأخرى 18156 وجد بها أربعة أشخاص بالسائق هادف علي والأخير خارجها يقوم بإخراج مرافقيه فمرت سيارة طلب من سائقها المساعدة في نقل المصابين ... ثم جاءت آخرى وحملت أحد المصابين وقبل وقوع الحادث كان يسير خلفهم ومروا عليه بسرعة شديدة وبعد ثمانمائة متر منه وقع الحادث وسرعتهما عالية جداً لا يستطيع تقديرها وفي اعتقاده وحسب مشاهدته للحادث وقت وقوعه يعتبر أن كلا السائقين متسبب في الحادث وشاهد سائق السيارة رقم 18156 ينحرف جهة السيارة رقم 32353 ويقترب منه جداً حتى كأنه يريد أن يمر من أمام مقدمة السيارة من جهة اليسار مما جعل السيارتين تصطدمان ويقع الحادث وأنه يعرف كلا السائقين من قبل وبينه وبين المتوفى محمد سيف سائق السيارة 32353 علاقة صداقه . وإذ اعترف المتهم هادف بمحضر جمع الأدلة بتاريخ 7/8 / 2004 بأن سرعته وقت وأثناء الحادث 120 كم في الساعة فإن ما يستخلص من هذه الواقعات أن كلا السيارتين كانت مسرعة ومتجاوزة السرعة المقررة على الشارع الفردي وهي 60 كم في الساعة كما قرر مخطط الحادث وأن الأخير قرر في تقريره أنه عرف من الدورية ومجموعة المواطنين الذين سبقوا لمكان الحادث أن السيارتين كانتا في حالة مطاردة وإذ شهد أمام أول درجة أن السيارتين كانتا متسابقتين وفي نظره أنهما مشتركتان في الخطأ لأنهما في حالة تسابق . إلا أنه قرر في شهادته أمم محكمة الاستئناف أن السيارة 32353 كانت مسرعة لانقلابها ست مرات وأن السيارة المتسببة 18156 انقلبت مرة واحدة مما يدل على أنها غير مسرعة . مع أن قائد ذات السيارة قرر أن سرعته وقت الحادث 120 كم في الساعة . وإذ قرر الشاهد أن السيارة الأولى لم تسمح حالتها من تحديد مكان الصدمة لأن الأجزاء كلها متضررة وشهد محمد راشد خلفان أمام أول درجة وبمحضر الاستدلال على ما سبق تفصيله . وأنه أثناء سيره مر عليه سائق 18156 . وعندما اقترب منه أراد أن يتكلم معه وأثناء ذلك اتصل به سائق 32353 ليوقف السيارة الأولى ولم يتمكن لأنه هرب ـ فمرا مسرعين جداً . وعلى بعد ثمانمائة متر منه وقع الحادث . وفي اعتقاده ومشاهدته يعتبر كلا السائقين متسبب في وقوع الحادث . وأنه إزاء ما قرر به مخطط الحادث والشاهد الآخر من أن السيارتين كانتا مسرعتين ، وفي حالة مطاردة وأن السائقين معاً متسببين ومشتركين . وأن الشارع فردي . والسرعة عليه 60 كم . واعترف المتهم بأن سرعته وقت الحادث 120 كم في الساعة تقريباً فكلا السائقين تجاوز السرعة المقررة . ومن ثم فإن ما ساقه الحكم المطعون فيه من أسباب ومناقشة ـ رغم تقريره بأن الحكم المستأنف حاز حجية مطلقة تعلو على اعتبارات النظام العام وتحول دون أي دليل ينال منه ، فإن ما انتهى إليه الحكم مع ماجاء بشهادة المخطط والشاهد الآخر والمتهم نفسه لا يمكن معه لمحكمة النقض من أن تبسط رقابتها على تطبيق صحيح القانون . وأن حيازة الحكم المستأنف حجية الأمر المقضي لا تمنع من مناقشة إسناد الخطأ إلى المخطئ بمقدار ما يتحقق به التعويض المادي . وليس تعديلاً أو تغييراً في العقوبة التي أسندها الحكم إلى المحكوم عليه .
والمقرر أن الدية الشرعية في الأصل هي تعويض لجبر ضرر الورثة . وارش الجراح تعويض للمجروح
ولا يتعارض ذلك مع أنها في جزء منها عقوبة على فعل المخطئ غير المتحرز والمحتاط . كما أن بحث قاعدة المتصادمين في الشرع ـ وما يؤدي إليه ـ له اعتبار ـ ومن ثم يكون الحكم موصوماً بالقصور في التسبيب بما يعيبه ويوجب النقض والإحالة دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن .