هيئة المحكمة: الرئيس الحسيني الكناني والمستشاران الصديق أبو الحسن وإمام البدري .
- 1 -
ثبوت توقيع مسودة الحكم من قبل الرئيس والأعضاء في الدائرة المصدرة للحكم مع وجود النسخة الأصلية للحكم والموقعة من رئيس الهيئة وكاتبها مؤد إلى صدور الحكم وفق الوجه المرسوم قانونا.
- 2 -
الولاية في التنازل عن القصاص أو المطالبة به هي للعصبة الذكور فقط.
- 3 -
سلطة محكمة الموضوع في استخلاص القصد الجنائي.
- 4 -
تحقق جريمة القتل العمد العدوان عند تعمد الجاني الفعل المؤدي إلى الموت.
- 5 -
سلطة محكمة الموضوع في استخلاص نية القتل العمد العدوان.
- 6 -
وجوب الاعتراف بالقتل لثبوت جريمة القتل العمد العدوان الموجب للقصاص بالرغم من العدول عنه فيما بعد.
- 7 -
القتل وفق المذهب المالكي نوعان وهما القتل العمد والقتل الخطأ.
- 8 -
لا تثريب على المحكمة في حال انتهائها إلى ثبوت توافر قصد القتل لدى المطعون ضده وقت ارتكابه الفعل.
المحكمة ،
بعد الإطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص والمداولة .
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية .
وحيث إن الوقائع ـ حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـ تتحصل في أن النيابة العامة أسندت إلى المتهم ... لأنه بتاريخ 13/3 / 2004 بدائرة الفجيرة .
1 - قتل المجني عليه ... عمداً مع سبق الإصرار والترصد وذلك بأن عقد العزم على قتله وأعد لذلك سلاحاً نارياً وذخيرة حية وترصده بالمكان الذي سوف يمر به بالقرب من الأرض المتنازع عليها بينهما وما أن ظفر به وهو قادم باتجاهه بالمركبة قيادته حتى اعترض طريقه بمركبته وترجل وصوب السلاح باتجاهه وأطلق عليه عياراً نارياً أخترق زجاج المركبة ومن ثم أتجه بالقرب منه وأطلق عليه عياراً نارياً آخراً وأرداه قتيلاً وأزهق روحه على النحو المبين تفصيلاً بالأوراق .
2 - حاز سلاحاً نارياً ( بندقية ) دون حصوله على ترخيص من السلطات المختصة بذلك .
3 - حاز ذخيرة حية مما تستخدم في السلاح الناري المبين أعلاه وأسلحة نارية أخرى دون حصوله على ترخيص من الجهات الحكومية المختصة بذلك .
4 - أتلف عمداً المال المنقول والمملوك للمجني عليه بسلاحه الناري الذي كان يحمله وجعله غير صالح للاستعمال على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالت النيابة العامة الدعوى الجزائية قبل المتهم إلى دائرة جنايات الفجيرة الشرعية لمحاكمته ومعاقبته عما هو منسوب إليه طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء والمواد 1 ، 332/1 ، 333 ، 424/1 ، 429 من قانون العقوبات الاتحادي والمواد 1 ، 2/1 ، 36 ( 1 ) ( أ ) - 2 ، 39 من القانون الاتحادي رقم 11 لسنة 76 في شأن الأسلحة النارية والذخائر والمتفجرات وتعديلاته .
وبجلسة 26/12/2004 قضت محكمة أول درجة حضورياً بالإجماع :
1 - إدانة المتهم ... بما نسب إليه من جريمة قتل المجني عليه ********* عمداً وعدواناً مع سبق الإصرار والترصد ومعاقبته بالقتل قصاصاً بالوسيلة المتاحة وأن ينفذ الحكم بحضور أولياء الدم أو من يمثلهم شرعاً وقانوناً .
2 - تغريمه خمسمائة درهم عن تهمة حيازة السلاح الناري وتأمر المحكمة بمصادرة السلاح المضبوط .
3 - تغريمه خمسمائة درهم عن تهمة حيازة الذخيرة الحية وتأمر المحكمة بمصادرة الذخيرة المضبوطة
استأنف المحكوم عليه بالاستئناف 1/2005 كما استأنفت النيابة العامة برقم 38/2005 بقوة القانون لتطبيق حكم القتل قصاصاً وذلك أمام محكمة استئناف الفجيرة التي قضت في 4/4 / 2005 حضورياً بالإجماع : -
أولاً : بقبول الاستئنافين شكلاً.
ثانياً : وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بمعاقبة المتهم ... بالقتل قصاصاً عن جريمة قتل المجني عليه ... عمداً وعن باقي التهم المسندة إليه وأن ينفذ الحكم بالوسيلة المتاحة بحضور أولياء الدم أو من يمثلهم شرعاً وقانوناً ومصادرة البندقية النارية والذخيرة المضبوطة .
وفي 23/4 / 2005 أودعت النيابة العامة الطعن 203/27 شرعي جزائي بطلب تأييد حكم محكمة استئناف الفجيرة فيما قضى به من توقيع عقوبة القصاص قتلاً على المتهم ******** عن جريمة قتل المجني عليه ********** عمداً وعدواناً مع سبق الإصرار والترصد لاستناده إلى أسباب صحيحة شرعاً وقانوناً .
كما أودع الطاعن ... في 24/3 / 2006 الطعن رقم 255/28 شرعي جزائي بطلب النقض والإحالة وردت النيابة العامة برفض ذلك الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه بقتل المطعون ضده ... قصاصاً تطبيقاً لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء .
1 - أولاً : الطعن 255/28 شرعي جزائي المرفوع من
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول بأنه جاء باطلاً بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام حيث خلت أوراق الدعوى من النسخة الأصلية للحكم المستأنف كما إن مسودة ذلك الحكم خلت من أسماء القضاة الذين وقعوا عليها ، مما حجب معرفة ما إذا كان القضاة الذين إشتركوا في المداولة قد حضروا جلسة النطق به علناً . كما إن أوراق الدعوى جاءت خالية من مسودة الحكم المطعون فيه . مما يبطله ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي بشقيه غير صحيح ذلك أن الثابت من الأوراق أنها حوت مسودة الحكم المستأنف موقعاً عليها من قبل رئيس وأعضاء الدائرة مصدرة الحكم كما حوت النسخة الأصلية لذلك الحكم موقعاً عليها من رئيس المحكمة وكاتبها . كذلك حوت الأوراق مسودة الحكم المطعون فيه وهي تحمل توقيع رئيس وأعضاء هيئة المحكمة التي أصدرته كما توجد بالأوراق أيضاً نسخة الحكم المطعون فيه الأصلية موقعاً عليها من قبل رئيس المحكمة وكاتبها ، مما يعني أن الحكم المطعون فيه قد صدر على الوجه الذي رسمه القانون ويضحى النعي غير قائم على أساس متعين الرفض .
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني أنه قد انتهى إلى قتل الطاعن قصاصاً بناءً على طلب ..... ابن القتيل بصفته الشخصية وبصفته وكيلاً عن بقية الورثة إلا أن الثابت بجلسة 26/12/2004 أن ... ابنة المجني عليه قد مثلت وتقدمت بطلب إلى المحكمة متضمناً أنها لم توكل شقيقها ..... في طلب القصاص ومن ثم فإنها حرمت من المطالبة بميراثها الشرعي في والدها مما يعد تزويراً في هذا التوكيل ورغم هذا لم تحقق المحكمة الاستئنافية هذا الدفاع . مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير منتج ذلك إن من المقرر شرعاً حسب المذهب المالكي المعمول به في الدولة أن الولاية في التنازل عن القصاص أو المطالبة به تكون للعصبة الذكور وليس للبنت الحق في المطالبة بالقصاص أو العفو عنه مع وجود الابن .
ولما كان ذلك وكان يبين من الأوراق أن محكمة الموضوع قد عرضت لتنازل ابنة القتيل المذكورة في سبب النعي ، إيراداً ورداً وانتهت إلى رفض الأخذ به عملاً بالمذهب المالكي وذلك لوجود الأبناء من الذكور الذين تمسكوا بالقصاص فإن النعي يكون غير منتج وبالتالي غير مقبول متعين الرفض .
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث أنه أنزل عقوبة القتل قصاصاً في حق الطاعن رغم أن تلك الجريمة شرعاً لا تثبت إلا بإقرار أو شهادة شاهدين مما لا يتوفر في ظروف هذه الدعوى حيث أنكر الطاعن الاتهام المسند إليه وخلت الدعوى من شهادة الشهود سوى شهود على أقوال الطاعن التي عدل عنها . كما إن الطاعن دفع بعدم توفر القصد الجنائي لديه وأن واقعة إطلاق النار كانت نتيجة الخوف من المجني عليه فضلاً عن استفزاز المجني عليه ووجود خلافات سابقة بينهما مما يعد من الأعذار المخففة ، مما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة
أن استخلاص القصد الجنائي مما تنفرد بتقديره محكمة الموضوع
وتكييف القتل عمداً أو خطأ تقدره المحكمة وفق أحكام الشريعة الإسلامية والمذهب المالكي المعمول به في الدولة من أن تعمد الجاني الفعل الذي أدى إلى الموت تتحقق به جريمة القتل العمد العدوان متى لم يكن ذلك على سبيل اللهو أو اللعب على التفصيل الذي سيرد ـ وذلك أخذاً من ظروف الواقعة وأدلتها .
وأن استخلاص نية القتل العمد العدوان من الأمور الموضوعية التي يستظهرها القاضي في حدود سلطته التقديرية باعتبارها أمراً داخلياً متعلقاً بالإرادة يرجع تقدير توافره إلى سلطة قاضي الموضوع وحريته في تقدير الوقائع .
لما كان ذلك وكان يبين من الأوراق أن الواقعة تتلخص في أنه يوجد في الأصل خلاف بين المتهم والقتيل على قطعة أرض وفي صباح السبت 13/3 / 2004 شاهد المتهم عمه القتيل يبني حوشاً في منطقة الطوبين تبعد مسافة أربعة كيلومترات عن البيت الذي عليه الخلاف فاتصل ..... الذي يعمل بالبلدية وأخبره بما حدث من عمه فوجهه ******** للاتصال بالشرطة وذهب مع الشرطة إلى مكان البناء حيث أمرت الشرطة بوقف البناء ووجهت بمراجعة البلدية . فانصرف المتهم إلى حاله وبعد ساعة ورده هاتف بأن عمه ... مسموح له بالبناء في الموقع وطلبوا منه ترك كل شيء كما هو . فما كان منه إلا أن توجه إلى منزله وأحضر بندقيته السكتون واتجه إلى المكان الذي عليه الخلاف وفي الطريق لاقى عمه المجني عليه بسيارته فتوقف بسيارته أمام سيارة عمه وترجل من سيارته ووقف أمام سيارة المجني عليه وأطلق عليه طلقة من سلاحه اخترقت الزجاج الأمامي واستقرت منها شظيتان في عنق المجني عليه جهة اليمين واستقرت شظية ثالثة في سقف السيارة ولم تكن تلك الطلقة قاتلة . ثم توجه المتهم إلى اليسار حيث مكان تواجد المجني عليه في السيارة وصوب سلاحه باتجاهه وأطلق عليه طلقة ثانية وكان المجني عليه يصرخ ويستغيث وقد أصابته الطلقة الثانية تحت الإبط الأيسر حيث أخترق المقذوف المسافة الضلعية الخامسة اليسرى متجهاً إلى اليمين مخترقاً الرئة اليسرى ثم البطين الأيسر عمه بثورة غضب بالبندقية التي قام بتسليمها . تم تفتيش منزل المتهم بإذن من النيابة العامة حيث للقلب ثم الرئة اليمنى إلى أن خرج من الجهة اليمنى للظهر من المسافه الضلعية الخامسة وكانت هذه الطلقة هي سبب وفاة المجني عليه وبعدها سلم المتهم نفسه وسلاحه إلى شرطة مسافي وقال أنه قتل عثر على 100 طلقة كلاش و25 طلقة شوزن و100 طلقة سكتون وطلقة أم 16 وثلاثة طلقات سكتون أخرى كما عثر في عزبته على ثلاث طلقات من نوع شوزين .
وحيث إن الواقعة على الصورة المتقدمة قد قام الدليل على صحتها وسلامة نسبة ارتكابها إلى المتهم حسبما اطمأنت إليه المحكمة بما لديها من سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها متى كان سائغاً له أصله الثابت بالأوراق بما يكفي لحمل قضائها ، مستندة في ذلك إلى اعتراف المتهم بمحضر جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة وأمام محكمتي أول وثاني درجة وقد تعززت تلك الاعترافات بالتقرير الفني المصور من قبل قسم الأدلة الجنائية بشرطة الفجيرة والذي يوضح مكان وقوف سيارة المجني عليه وصورة لأثر إطار سيارة أخرى كانت أمام سيارة المجني عليه وصور تظهر مكان ظرف العيار الفارغ ومكان دخول المقذوف بالزجاج الأمامي لسيارة المجني عليه وصورة للمجني عليه وهو داخل السيارة والدماء على رقبته وعلى ثيابه ، وأيضاً ما أثبته تقرير الصفة التشريحية من أنه بتشريح بأنسجة وعضلات وأوعية عنق المجني عليه تبين وجود انسكابات دموية بسيطة مقابل الإصابة بالعنق ولم تحدث إصابات أو تخرقات شديدة العنق الدموية وبتشريح الصدر تبين وجود انسكابات دموية شديدة بعضلات جدار الصدر مقابل فتحة الدخول الموصوفة بالكشف الظاهري وتبين أنه المقذوف اخترق المسافة الضلعية الخامسة اليسرى ومتجهاً إلى اليمين وبتتبع مسار العيار الناري تبين أنه اخترق الرئة اليسرى ثم البطين الأيسر للقلب ثم الرئة اليمنى إلى أن خرج من الجهة اليمنى للظهر من المسافة الضلعية الخامسة محدثاً فتحة الخروج الموصوفة بالكشف الظاهري كما تبين وجود نزف شديد ومتجلط ويقدر بحوالي لتر تقريباً والرئتان بهما تخرق وبلون باهت ومنكمشتين والبطين الأيسر للقلب متمزق ونزيف دموي داخل التامور . وعزى التقرير الوفاة إلى إصابة المجني عليه النارية بالصدر بما أحدثته من تمزق بالقلب والرئتين ونزيف دموي شديد وصدمة عصبية . وأن زمن الوفاة يعاصر تاريخ يوم 13/3 / 2004 . كما أثبت تقرير المختبر الجنائي بقسم الأدلة الجنائية أنه بالمعاينة والفحص الفني للسيارة والسلاح والذخيرة موضوع الفحص وملابس المتوفى ومن الفحوص والقياسات الميكروسكوبية الدقيقة للآثار على الظرف الفارع والمقذوف المرسلين للفحص والجزء من المقذوف المستخرج من سقف السيارة بالمضاهاة مع المقذوفين والظرفين الفارغين الناتجين من تجربة الإطلاق بالبندقية موضوع الفحص تبين أن الظرف والمقذوفات تعود جميعها لطلقات نارية عيار ( 22ر0 ) من البوصة طويل تم إطلاقها جميعاً من البندقية موضوع الفحص . كما إن الآثار بالزجاج الأمامي للسيارة ناتجة عن مرور مقذوف ناري عيار ( 22ر0 ) من البوصة طويل تم إطلاقه من البندقية موضوع الفحص . كما إن الإصابة الثانية للمجني عليه ناتجة عن مرور مقذوف واحد لطلقة نارية يرجح إنها من نفس السلاح عيار 22ر0 من البوصة دخلت من تحت الإبط الأيسر وخرجت من الجانب الأيمن للظهر في مسار أفقي ومن مسافة لا تقل عن متر بين فوهة السلاح والجانب الأيسر لجسم المتوفى.
ولما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن جريمة القتل العمد العدوان الموجب للقصاص يشترط لثبوتها الاعتراف بالقتل ولو عدل عنه الجاني بعد ذلك لتعلق هذا الحق في أغلبه بحقوق العباد أو شهادة شاهدين عدليْن ذكرين أو القسامة إذا توافرت شروطها
ـ يقول ابن عاصم في أحكام الدماء في التحفة : بعد ثبوته بما يستوجب
القتل عمداً للقصاص موجـب بعد ثبوته بما يستوجــب
من اعتراف ذي بلوغ عاقـل أو شاهدي عدل بقتل القاتل
أو بالقسامة وباللوت تجــب وهو يعدل شاهد مما طلب
أو بكثير من لفيف الشهــدا ويسقط الأعذار فيهم أبـدا
وأن القتل وفق المذهب المالكي المعمول به في الدولة وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة نوعان : عمد وخطأ ويشترط لتوافر جريمة القتل العمد العدوان وركن القصد فيه أن يكون إتيان الفعل المؤدي للموت عمداً عدواناً متى لم يكن على سبيل اللهو أو اللعب ولا عبرة بما إذا كانت الأداة المستعملة في الفعل قاتلة أو غير قاتلة
ويستدل على ذلك بما ورد في شرح الزرقاني على متن خليل جـ 8 صفحة 7 : وإن قصد أي تعمد القاتل ضرباً وإن بقضيب أو نحوه مما لا يقتل غالباً وفعل ذلك لغضب أو عداوة يقتص منه . ويقول ابن جزي في كتابه القوانين الفقهية صفحة 339 ( فأما العمد فهو أن يقصد القاتل إلى القتل بضرب بمحدد أو بمثقل أو بإحراق أو تغريق أو خنق أو سم أو غير ذلك فيجب فيه القود ) ومن ثم فإن ما يستفاد مما قررته قواعد الفقه المالكي أن تعمد الضرب بأية آلة كيفما كانت وأحدثت الوفاة يوجب القصاص وتشاركهم المذاهب الثلاثة الرأي في وجوب القصاص إذا كان إتيان الفعل عمداً بآلة الشأن فيها إزهاق الروح عند توفر باقي شروطهم وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى إدانة المطعون ضده بجريمة القتل العمد وعاقبه عليه بالقصاص ، فإنه يكون قد بني على أسباب سائغة حيث أعترف المطعون ضده في كل مراحل الإجراءات بأنه أطلق النار مرتين على المتوفى من بندقيته المضبوطة والتي قام بتسليمها بنفسه للشرطة وقد نتجت الوفاة عن الإصابة بعيار ناري في صدر المتوفى مزق القلب وقد تعزز ذلك الاعتراف بنتائج المختبر الجنائي وتقرير الصفة التشريحية مما يكون معه ذلك الحكم قد أحاط بواقعة الدعوى وظروفها وملابساتها وبينها بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي أدان المطعون ضده بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وقد تم عرض المطعون ضده على وحدة العلاج الطبي النفسي وجاء التقرير عنه بأنه غير مصاب بأي مرض عقلي أو نفسي وأنه مدرك ومسئول عن أفعاله وقت ارتكابه الجريمة ، كما ثبت توفر قصد القتل لدى المطعون ضده حسبما أوردنا من عدم اشتراط الفقه المالكي المعمول به في الدولة لاعتبار الفعل قتلاً عمداً أن يقصد الجاني قتل المجني عليه ويستوي عندهم أن يقصد الجاني قتل المجني عليه أو أن يتعمد الفعل بقصد العدوان المجرد عن نية القتل مادام لم يتعمد الفعل على وجه اللعب أو التأديب كما إنه ليس في مذهب المالكية ما يمنع القاضي من الاستدلال على قصد القتل باستعمال آلة قاتلة أو بمحل الإصابة ، وإذ أصاب المطعون ضده القتيل بعيارين من بندقيته المضبوطة إحداهما في العنق والآخر في الصدر .
فإنه لا تثريب على الحكم المطعون فيه إن هو انتهى إلى ثبوت توفر قصد القتل لدى المطعون ضده وقت ارتكابه . ومن ثم لا يعدو النعي أن يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع سلطة فهمه وتقدير أدلته مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة ويضحى غير قائم على أساس متعين الرفض .
ولما تقدم يتعين رفض الطعن .
ثانياً : الطعن 203/27 شرعي جزائي المرفوع من النيابة العامة :
حيث إن النيابة العامة قد طلبت في مذكرتها إقرار الحكم الصادر بقتل المحكوم عليه ... قصاصاً عملاً بالمادة 235 من قانون الإجراءات الجزائية .
وحيث إن الحكم المطعون فيه على ما سلف ذكره قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به أركان جريمة القتل العمد التي أدان بها المحكوم عليه بالقتل قصاصاً وقد حضر وكيل أولياء الدم أمام محكمتي أول وثاني درجة وأمام هذه المحكمة وأصر على طلب القصاص ، إلا ابنة القتيل وتدعى ... وهي زوجة الجاني والتي لم يعتد الحكم بعفوها ـ صوابا ـ لأنها ليست من أولياء الدم ممن يحق لهم العفو في القصاص والذين حصرهم الفقه المالكي المعمول به في الدولة في العصبة الوارثين من الرجال وهم مرتبون بدرجة استحقاقهم وفق ترتيبهم في ولاية النكاح ولا تدخل في ذلك المرأة ولذلك لا أثر لعفو ابنة القتيل . وكان إشهار حصر إرث المجني عليه الصادر من محكمة الفجيرة الشرعية برقم 22/3 / 2004 يبين أن المجني عليه انحصر إرثه الشرعي بعد وفاته في ورثته الشرعيين وهم زوجته ********* ووالدته ..... وفي أولاده البالغين ... و ... و ... و ... و ... وم ... و ... دون سواهم ولم يرد أي تنازل عن القصاص سوى تنازل ******** ـ زوجة المتهم ـ وتمسك وكيل أولياء الدم بالقصاص فإنه لا يعتد بتنازل إبنة القتيل ********** وفق المذكور أعلاه ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد ساق على إدانة المحكوم عليه أدلة سائغة كما سلف ذكره مستمدة من إعترافه بإطلاق النار على القتيل عمداً عدواناً بغير عذر شرعي مما أدى إلى وفاته على ما ورد بالتقرير الطبي الشرعي وقد صدر الحكم بالإجماع عن محكمة مختصة لها ولاية الفصل في الدعوى وغير مشوب بعيب متعلق بالنظام العام وكان غير مبني على مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية أو القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وذلك أخذاً من إجماع كافة المذاهب الفقهية من اعتبار الفعل قتلاً عمداً عدواناً وقد استخدمت فيه من آلة ( سلاح ناري ) من شأنه إحداث القتل ومن ثم فإن هذه المحكمة بالإجماع تقر هذا الحكم مع رفع الأوراق إلى صاحب السمو رئيس الدولة للتصديق عليه عملاً بالمادة 283 من قانون الإجراءات الجزائية .
لذلك،
حكمت المحكمة بإجماع الآراء:-
1 - برفض الطعن 255/28 شرعي جزائي المرفوع من ....
2 - وفي الطعن 203/28 شرعي جزائي المرفوع من النيابة العامة بإقرار الحكم المطعون فيه الصادر في الاستئنافين 1 و38/2005 شرعي الفجيرة بقتل ... قصاصاً لقتله ... عدواناً بالوسيلة المتاحة في الدولة ورفع الأوراق فوراً إلى صاحب السمو رئيس الدولة " حفظه الله " للتصديق على الحكم قبل تنفيذه ، وعلى أن يتم التنفيذ بحضور أولياء الدم أو من يمثلهم قانوناً إن أمكن ذلك .