إن دائرة النقض الجزائية المؤلفة :- برئاسة السيد القـاضي/ رانفي محمد إبراهيم. رئيس الدائرة وعضوية السيد القـاضي/ مصطفى الطيب حبورة. والسيد القاضي /أحمد عبد الحميد حامد. بالجلسة العلنية المنعقدة في يوم الثلاثاء الموافق 16/9/2008 بمقر المحكمة الاتحادية العليا / أبـوظبي. أصدرت الحكـم الآتـي في الطعن رقم 53 لسنة 29 قضائية عليا نقض جزائي. الطاعنة : شركة ............ المطعون ضدها: النيابة العامة. الحكم المطعون فيه: صـادر عــــن محكمــة إستئناف ....... الإتحـادية بتـــاريخ 30/5/2007 في الاستئناف رقم 692/2007 والذي قضى بـــ أولاً:- بقبول الاستئناف شكلاً. ثانياً:- وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والحكم بحبس المستأنف ........لمدة ستة أشهر وإبعاده عن البلاد بعد تنفيذ العقوبة عن التهمة المسندة إليه.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص وبعد المداولة.
حيث إن الطعـن إستـوفى أوضـاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على مـا يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن النيابة العامة أسنـدت إلى المتهم الطاعن أنه في 15/2/2006 وبدائرة الشارقة:-
حاز الأغذية الفاسدة المبينة بالمحضر حال كونها غير صالحة للاستهلاك الآدمي ذلك بأن شركته وهو المسئول عنها استوردت دجاج من ال...... وعند وصول الشحنة لميناء .... تم نقلها إلى مستودعات المتهم بعد موافقة مفتش الصحة ليعاد الكشف عليها وبعد الكشف عليها وجدت في غير مستودعات الشركة وتبين أن الكمية وهي دجاج مجمد قد أذيبت من الثلج ثم أعيد تجميدها ثانية وقرر مفتشو البلدية بناء على أقوال المتهم أنها فاسدة وغير صالحة للاستهلاك الآدمي وتقرر إتلاف الكمية وتحدد موعد لذلك ولكن المتهم تأخر عن الموعد واكتشف المفتشون أنها حملت بدون علمهم للإتلاف وتبين لهم عند تنفيذ الإتلاف بأن الكمية ناقصة وأن بعضها ليس دجاج وإنما أسماك وربيان.
قيدت الواقعة جنحة بموجب المادتين 3 ، 9 من القانون الاتحادي رقم 4 لسنة 1979 في شأن قمع الغش والتدليس في المعاملات التجارية.
وطلبت النيابة معاقبة المتهم طبقاً للمواد أعلاه.
بتاريخ 30/4/2007 قضت محكمة أول درجة حضورياً بمعاقبة الطاعن بالحبس لمدة سنة عن التهمة المسندة إليه وإبعاده من البلاد بعد تنفيذ العقوبة بعد أن عدلت قيد ووصف الجريمة إلى المادة 399 من قانون العقوبات.
إستأنف الطاعن الحكم بالاستئناف 692/2007 وفي 30/5/2007 قضت محكمة الاستئناف الاتحادية بالشارقة بإلغاء الحكم المستأنف والحكم مجدداً بحبس الطاعن ستة أشهر وإبعاده من البلاد بعد تنفيذ العقوبة عن التهمة المسندة إليه وذلك وفقاً لأمر الإحالة الصادر من النيابة العامة.
طعن المحكوم عليه على الحكـم بالطعن الماثـل.
قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت رفض الطعن.
وحيث أن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بسببه الأول من ثلاث أوجه ، وبالوجهين الأول والثاني يقول أن محكمة أول درجة عدلت القيد والوصف في الجريمة الواردة بأمر الإحالة إلى قيد الواقعة جنحة طبقاً للمادة 399 من قانون العقوبات الاتحادي دون تنبيه الطاعن لهذا التعديل فضلاً على أن محكمة الاستئناف غيرت وصف التهمة المنسوبة للمتهم طبقاً لأمر الإحالة دون منح الطاعن الوقت لتحضير دفاعه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث أن النعي في شقه الأول غير مقبول ذلك أنه انصب على حكم محكمة أول درجة الذي ألغته محكمة الاستئناف ولم تأخذ به ولم تقم قضاءها عليه ومن ثم فإن النعي غير مقبول متعيناً الرفض. والنعي في شقه الثاني مردود ذلك أنه من المقرر إن مؤدي نص المادة 242 من قانون الإجراءات الجزائية إنه إذا حكمت المحكمة الإبتدائية في الموضوع، ورأت محكمـة الاستئناف أن هنـاك بطلاناً في الحكـم أو بطلاناً في الإجراءات أثر في الحكم تقضي بإلغائه وتحكم في الدعوى، كما أنه من المقرر قانوناً وإعمالاً لنص المادة 214 من قانون الإجراءات الجزائية أنه للمحكمة أن تغير في حكمها الوصف للواقعة المسندة للمتهم ولها تعديل التهمة حسبما تراه وفقاً لما يثبت لها من التحقيق أو من المرافعة في الجلسة.
ولما كان ذلك وكان وصف الإتهام المسند إلى الطاعن من قبل النيابة العامة هو أنه حاز الأغذية الفاسدة المبينة بالمحضر حال كونها غير صالحة للإستهلاك الآدمي وجاء الحكم المطعون فيه على هذا النحو بعد إلغاء الحكم المستأنف ومن ثم لمحكمة الإستئناف التصدي للفصل في الواقعة المعروضة أمامها ومن ثم فلا حاجة لمحكمة الاستئناف من أن تنبه الطاعن لذلك التعديل الذي جاء مطروحا في قيد ووصف النيابة وأبدى الطاعن دفاعه أمام محكمة أول درجة قبل التعديل وهو ما جاء متسقاً من أن تعديل الوصف في الحكم المطعون فيه قد قام على ذات الوقائع المادية المبينة في أمر الإحالة وعلى ذات الوصف المحدد في ذات الأمر فضلاً على أن الوصف كما تقدم آنفاً كان لمصلحة الطاعن لأنه تعلق بجريمة أخف من تلك التي عوقب بها الطاعن وقام التعديل على سند من سلطة محكمة الموضوع في التكييف القانوني للواقعة حسبما تبين لها من الواقع والأدلة المقدمة في الدعوى ومن ثم فإن تعديلها الوصف لا يكون مخالفاً للقانون ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشق من النعي يكون غير منتج وبالتالي غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ذلك أن الحكم عاقب الطاعن رغم دفاعه بعدم جواز نظر الجنحة ذلك أنه سبق أن تعاقب على ذات الفعل بموجب القرار الصادر من البلدية بتوقيع الغرامة عليه لذات المخالفة مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي في غير محله ذلك أن الحجية الواجبة هي الحجية الواجبة للأحكام القضائية التي تصدر في موضوع الدعوى وهو الأمر الذي يمتنع معه إعادة النظر فيما فصل فيه الحكم القضائي أما الغرامات والعقوبات للمخالفات الإدارية التي تصدر من الجهة الإدارية المختصة فليس لها قوة الأحكام ولا تعد فاصلة في موضوع الدعوى فصلاً حائزاً لقوة الأمر المقضي في المسألة المقضي فيها صراحة أو ضمناً واستقرت حقيقتها بحكم نهائي حاز حجية الأمر المقضي به ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في شأن مخالفة الحكم المطعون فيه للقرار الصادر من البلدية بتوقيع غرامة على المتهم يكون على غير أساس ومتعيناً الرفض.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسببين الثاني والثالث بالإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الإستدلال إذ أن الطاعن تمسك في دفاعه بسماع شهوده ولم تجبه المحكمة إلى ذلك ولم تأخذ بالخطاب الصادر من الشركة المصدرة بشأن وزن الشحنة وأن الحكم المطعون فيه إفترض علم الطاعن بفساد الشحنة دون أن يستند في ذلك على أسباب كافية وأن مفتشي البلدية لم يطلعوا على الشحنة عند وصولها كي يتبينوا أن الشحنة تحتوي على دجاج فقط أم كانت تحتوي على دجاج وأسماك وربيان وأن الشحنـة أرسلت بهـا أسماك وربيان على سبيل الخطأ كما بين خطاب الشركة المصدرة مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي غير سديد ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة أن تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها والترجيح بينها والأخذ بما تراه راجحاً منها واستخلاص الحقيقة منها يدخل في صميم سلطة محكمة الموضوع التقديرية، ولا رقيب عليها في ذلك متى كان استخلاصها سائغاً ، وله أصله الثابت بالأوراق وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها، وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، ولا عليها بعد ذلك أن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم وأن ترد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه مادام قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات.
ومن المقرر أيضاً أن طلب سماع الشهود لمحكمة الموضوع رفضه متى كانت الواقعة المتعلق بها لم يعتمد عليها الحكم كليه أو يستمد منها عنصراً من عناصره التي لا يستقيم بغيرها أو رأت أن الغرض منه مجرد المطل والنكاية.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أحاط بواقعة الدعوى وظروفها وملابساتها عن بصـر وبصيرة وإنتهى إلى ثبوت الاتهام في حق الطاعن أخذاً مما قرره الشهود من مفتشي الأغـذية من شهاداتهم وتقاريرهم وكذلك من وزن الكمية المقدمة للإتلاف ونـوعها ومـن أقـوال المتهم وأورد الحكم في مقام الثبوت قوله (( فالمتهم اعترف بأن الكمية فاسدة وأنه قال لمفتش البلدية بأن الكمية وحدها سائحة ذائبة من التبريد ثم أعيد تجميدها وقال لهم بأنها فاسدة ولا تصلح للاستهلاك المحلي واتفق معهم على إتلاف الكمية وهي كمية ( 84786 ) كغ ولكنه قدم لهم في اليوم المخصص للإتلاف كمية لا تزيد على ثلاثين طن ونصف وهذه الكمية ليس من الدجاج المقرر إتلافه وإنما كميات أخرى من السمك والربيان، كما تأكد هذا بما قرره المفتشون من شهاداتهم وتقاريرهم وهم ....... الذي أبلغ عن فساد الكمية و....... واللذين حضرا إلى المستودع بتاريخ 14/2/2006 لإتلاف الكمية وما جاء بشهادة رئيس الصحة ........ الذي أكد فساد الكمية وحجمها ووزنها وأن الكمية المقررة للإتلاف 84756 والكمية التي نقلها المتهم للإتلاف 29750 نصفها السمك والربيان وكما قال المفتش ............ قام المتهم بإرسال حاوية واحدة إلى أبوظبي وتعهد المتهم بإرجاعها. ))
وهو في الحكم في مقام ثبوت الاتهام سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق ويكفي لحمل قضاء الحكم وفيه الرد الضمني المسقط لكل ما أثاره الطاعن من اعتراضات ومن ثم فلا يعدو ما يثيره الطاعن بوجه النعي إلا أن يكون جدلا ًموضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة وفهم الواقع في الدعوى وهو مالا يجوز التحدي به أمام هذه المحكمة ويضحى النعي على غير أساس متعين الرفض. لـــذلك
حكمــت المحكمــة بـرفض الطعـن مع الأمر بمصادرة التأمين.