محكمة التمييز
حكم رقم 4/1994
صادر بتاريخ 17/10/1994م.
(الدائرة المــدنيــة)
هيئة المحكمة: برئاسة السيد المستشار عبد الله علي العيسى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين محمد عبد المنعم البنا، د. عادل قدورة، فتحي خليفة، محمد بكر غالي.
1. – مقاصة /مقاصة قانونية ومقاصة قضائية - التزام /انقضاؤه *المقاصة القانونية والمقاصة القضائية. ماهية كل منهما * إجراء المقاصة القضائية – شرطه أن تبدي في صورة طلب عارض. طلبها في صورة دفع. غير جائز.
2. – حكم /تناقض- حكم /تسبيبه: تسبيب غير معيب - تمييز /سبب غير منتج *التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته * ما يستطرد إليه الحكم زائداً عن حاجته ويستقيم قضاؤه بدونه. النعي عليه. غير منتج.
المحكمة
بعد الاطلاع على الاوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث أن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الاوراق – تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى 267/1990 مدني كلي على أخوتها الطاعنين وأخوة آخرين بطلب الزامهم بمبلغ 790 فلس 253491 دينار وقالت شرحاً لها أنه بعد صدور اعلان الوراثة رقم 622/1973 الذي يثبت نسبها لأبيها والد الطاعنين حصل بعض أخوتها على اعلان الوراثة رقم 572/1973 أغفلوا فيه اسمها كوارثة وتمكن الطاعنون بموجب هذا الاعلان من تسجيل بعض عقارات مورثهم بإسمهم ثم باعوها للدولة واقتسموا فيما بينهم الثمن دون أن يوفوها نصيبها كوراثة ثبت نسبها وارثها بحكم الدعوى 239/1982 أحوال شخصية واستئنافه رقم 32/1983 والمؤيد بحكم التمييز رقم 19/1984 مما حدا بها الى اقامة دعواها بطلبها الذي يمثل نصيبها في العقارات المبيعة والمحددة بالصحيفة. وبتاريخ 22/2/1993 قضت محكمة أول درجة بإلزام الطاعنين – والأخوة الآخرين – بأن يؤدوا للطاعنة 213418.220 مائتين وثلاثة عشر ألف واربعمائة وثمانية عشر ديناراً وفلساً 220 موزعة بينهم حسب نصيب كل منهم من إرث مورثهم المرحوم الشيخ حمود الجابر المبارك الصباح بموجب حصر الارث رقم 622 الصادر في 14/1/1973 استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 76/93 طالبة الحكم بالمبلغ المبين بصحيفة افتتاح الدعوى ثم تنازلت عن هذا الاستئناف لما رفع ببطلانه لعدم توقيعه من محامٍ – واستأنف الطاعنون بالاستئناف رقم 84/1993 وفي هذا الاستئناف أقامت المطعون ضدها استئنافاً فرعياً بذات طلبها في الاستئناف الاصلي الذي تنازلت عنه. وبتاريخ 26/1/1994 قضت محكمة الاستئناف ببطلان استئناف المطعون ضدها رقم 76/93 وعدم قبول استئنافها الفرعي في الاستئناف 84/1993 – وبرفض استئناف الطاعنين وتأييد الحكم المستأنف – طعن الطاعنون على هذا الحكم بطريق التمييز وقدمت المطعون ضدها مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره لم يحضر ولا من يمثلهم رغم اخطارهم وطلب الحاضر عن المطعون ضدها رفض الطعن والتزمت النيابة الرأي المبدي بمذكرتها برفضه.
ومن حيث ان الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعنون بالاول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولون بأنهم أنكروا على المطعون ضدها استحقاق كامل ما تدعيه وطلبوا من محكمة الموضوع – كدفاع في الدعوى – أن تخصم من مستحقاتها في تركة المورث مبلغ مائة ألف دينار تسلمها إلا ان الحكم لم يتفطن الى كنه هذا الدفاع واعتبره طلب إجراء مقاصة لم يبد في صورة طلب عارض وأنه لا تصلح به المقاصة لأن المبلغ غير أنه محل منازعة فهو مستحق للطاعنين نتيجة القضاء ببطلان عقد صلح بينهم والمطعون ضدها ولا شأن له بطلباتها في الدعوى – في حين أن المطعون ضدها لم تنكر استلامها المبلغ ولم تذكر أنها تسلمته بموجب عقد الصلح وقولها بأنه يمثل مستحقات أخرى لها غير التي تطالب بها أمر غير مدلول عليه، مما مفاده أن المبلغ دفع لها من مستحقاتها موضوع الدعوى – ولا يغير من هذا النظر إقرار الطاعن الاول – لدى نظر الاستئناف بأنه دفع المبلغ للمطعون ضدها لتأثيث منزلها الذي اشتراه لها لأن العبرة ليست بوجهة اتفاق المبلغ ولكن بسبب دفعه خصماً من مطلوباتها هذا اي أن الحكم المطعون فيه أغفل إيراداً ورداً دفاع الطاعنين الاحتياطي بأن لازم بطلان عقد الصلح إعادة عاقديه الى الحالة التي كانوا عليها قبله بما مؤداه انشغال ذمة المطعون ضدها بمبلغ المائة الف دينار التي دفعت لها بمقتضاه وهو ما تتوافر به شروط المقاصة القانونية التي لم يعمل الحكم أثرها، مما يعيبه ويستوجب تمييزه.
1- وحيث أن هذا النعي مردود ذلك أن مؤدى نصوص المواد من 425الى 432 من القانون المدني وما أوردته المذكرة الايضاحية للقانون في شأنها أن ما تضمنه من احكام انما يتعلق بالمقاصة القانونية. التي تتم بين الدينين قصاصاً بمجرد توافر الشروط المنصوص عليها في الفقرة الاولى من المادة 425 المشار اليها – ومنها خلو الدينين من النزاع وذلك دون حاجة لصدور حكم قضائي بإجرائها -2- ومن ثم يجوز طلب هذه المقاصة في صورة دفع لدعوى الخصم، أما اذا كان أحد الدينين محل نزاع فإن سبيل استنزاله هو التمسك بالمقاصة القضائية التي يشترط لإجرائها طبقاً لنص المادة 85 من قانون المرافعات المدنية والتجارية أن تبدي في صورة طلب عارض يقدمه المدعى عليه رداً على دعوى خصمه الأصلية طبقاً للإجراءات المنصوص عليها في هذه المادة ولا يحوز طلب هذه المقاصة في صورة دفع لدعوى الخصم. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي قد عرض لطلب الطاعنين خصم مبلغ المائة ألف دينار من مستحقات المطعون ضدها ورد عليه في قوله.
وحيث أن المدعى عليهم يطلبون أن يخصم من المبلغ الذي قد يحكم به في هذه الدعوى المائة ألف دينار التي أقرت المدعية (المطعون ضدها) بقبضها في محاضر الدعوى الاستئنافية ويقولون أيضاً ان المبلغ المتبقي بعد الخصم أقل من المبلغ الذي دفعه المدعى عليه الاول (الطاعن الأول) في شراء البيت الذي اتفقوا على تقديمه لها لقاء حقوقها في عقد الصلح الذي نكلت عن تنفيذه... وحيث أن هذا القول مردود من أوجه عدة فالمائة ألف دينار اقر المدعى عليه الأول بمحاضر الاستئنافية انه دفعها للمدعية لتأثيث البيت الذي اشتراه لها وهذا يعني أنه ليس جزءاً من ثمن العقارات المطالب بها في هذه الدعوى وما دفعه من ثمن البيت الذي اشتراه كان تنفيذاً لعقد الصلح وقد أبطل الصلح بحكم نهائي ونص الحكم على إعادة الطرفين الى الحالة التي كانا عليها قبله كما تستفاد من حكم محكمة الاستئناف المقدم في الدعوى والمدعى عليهم لم يقدموا صورة من هذا الحكم ولم يبينوا مراحل تنفيذه، وعلى أي حال فما دام هذان المبلغان ليسا جزءاً من الثمن موضوع هذه الدعوى فهذا يعني أنهم يطلبون إجراء المقاصة بين حق المدعية وما يدعونه من حقوق فيتعين الالتفات عن هذا الطلب لسببين أولهما أنهما لم يتقدما به بدعوى مقابلة ولم يسددوا رسم هذه الدعوى وثانيهما أن المقاصة تكون بين الدينين إذا كان كل منهما خالياً من النزاع مستحق الاداء صالحاً للمطالبة به قضاء (المادة 425 من القانون المدني) والدين الذي يطالب به المدعى عليهم موضع نزاع يخرج بحثه عن نطاق هذه الدعوى فهم وشأنهم والادعاء به بدعوى مستقلة "وقد أيد الحكم المطعون فيه هذا القضاء بقوله أما بخصوص ما طلبه المستأنفون (الطاعنون) من خصم مبلغ المائة الف دينار التي دفعها المستأنف الاول (الطاعن الاول) الى المستأنف عليها وكذلك قيمة البيت الذي اشتراه لها بموجب عقد الصلح ونكلت عن استلامه فقد ردت محكمة أول درجة على هذا الطلب رداً سائغاً ومقبولاً اذ البين من صور محاضر جلسات محكمة الاستئناف في القضية التي انتهت بإبطال عقد الصلح أن المستأنف الاول الشيخ سالم قرر أنه دفع المائة ألف دينار لتأثيث البيت الذي اتفق على شرائه بموجب عقد الصلح وعليه يتعين – للمطالبة بهذا المبلغ وإجراء المقاصة بين الدينين – باعتبار أن عقد الصلح قد أبطل تقديم هذا الطلب على شكل طلب عارض وتسديد الرسم عنه، اذ لا تسمع أية دعوى أو مطالبة دون تسديد الرسم عنها وهو ما قعد المستأنفون عن القيام به – لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه على السياق المتقدم – وفي نطاق سلطته في فهم الواقع في الدعوى قد خلص الى أن مبلغ المائة ألف دينار – ليس جزءاً من ثمن العقارات المطالب بها وانه لا زال محل منازعة وهو ما يسلم به الطاعنون في قولهم ان المطعون ضدها تدعي أن المبلغ دفع وفاء لمستحقات أخرى لها – ثم خلص الحكم من بعد الى عدم توافر شروط المقاصة القانونية وأن طلب خصم المبلغ هو طلب إجراء المقاصة القضائية ولم يبد في صورة طلب عارض، وكان ما أورده الحكم بصدد ذلك من تقريرات موضوعية سائغة وقانونية سليمة وفيها الرد الكافي المسقط لما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص فإن النعي بهذا الوجه يكون في غير محله.
وحيث أن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه التناقض وفي بيان ذلك يقولون بأن الحكم بعد أن أشار في أسبابه الى حق المطعون ضدها في تصحيح حكم أول درجة بالإجراءات المنصوص عليها في المادة 124 من قانون المرافعات... لأنه أخطأ في حساب نصيبها وقضى لها بأقل مما تستحقه في مجموع الثمن الصحيح لقيمة عقارات المورث المبيعة طبقاً للمستندات – عاد وأيد حكم أول درجة مضفياً عليه الحجية التي تأبى إجراءات التصحيح التي ألمح إليها بما يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.
3- وحيث أن هذا النعي في غير محله – ذلك أن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما تتماحص به الاسباب بحيث لا يبقى ما يمكن حمل الحكم عليه. -4- لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه وهو يعرض لاستئناف الطاعنين – بعد أن أبطل استئناف المطعون ضدها الأصلي ولم يقبل استئنافها الفرعي – قد خلص الى تأييد الحكم المستأنف للأسباب السائغة التي أوردها كافية لحمل قضائه ولا تناقض فيها فإنه لا يعيبه من بعد ما استطرد اليه من الاشارة الى حق المطعون ضدها في تصحيح الخطأ الحسابي الذي وقعت فيه محكمة أول درجة لأن ما أورده الحكم في هذا الشأن وأياً كان الرأي فيه يعتبر استطراداً زائداً عن حاجته يستقيم قضاؤه بدونه ومن ثم يكون هذا النعي غير منتج ولا جدوى منه – لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير اساس متعيناً رفضه موضوعاً.
بناء الإنسان هو الهدف الأسمى الذي نبذل كل جهد من أجل تحقيقه
سيدي صاحب السمو الشيخ
خليفه بن زايد ال نهيان
رئيس دولة الامارات العربية المتحدة
حفظه الله ورعاه