غابت الرحمة عن قلب الأم فقتلت مولودها بيدها
لم يكن يقوى على الصراخ، فلم تمض على إبصاره نور الحياة سوى لحظات بسيطة، وربما لم يكن ليصرخ لو كان يستطيع، وهو في أحضان أكثر الناس حباً له وهي أمه، تلك الأم التي لم تتجرد فقط من أمومتها بل تجردت من إنسانيتها حينما قتلت طفلها بعد ولادته ربما هرباً من عقاب القانون والناس لأنها حملت سفاحاً، لكن ذلك أيضاً سيكون عذراً أقبح من ذنب .
هذه الجريمة البشعة التي اقشعرت لها أبدان جميع من سمعوا بها، نظرتها محكمة جنايات أبوظبي، التي أجلت القضية إلى جلسة 12 يونيو/حزيران المقبل للنطق بالحكم، حيث استمعت إلى مرافعات النيابة العامة والدفاع، وأكدت النيابة في مرافعتها أن القضية هزت كيان المجتمع وأدمت قلبه من بشاعة الجرم، ولصفة الجاني والمجني عليه، فالمجني عليه هو طفل رضيع أبصر للتو شمعة الحياة التي سرعان ما انطفأت على يد من كان ينتظر منها حضناً دافئاً .
وأضافت النيابة أن المتهمة كانت على علاقة غير شرعية بصديق لها في الفلبين، وبتاريخ 1 مارس/آذار الماضي وأثناء تواجدها في غرفتها بمسكن مخدومها جاءها المخاض فدخلت الحمام حيث وضعت جنينها، وأرادت التخلص منه فعمدت إلى خنقه باستخدام قطعة من ملابسها الداخلية، بأن عقدتها حول رقبته بإحكام قاصدة قتله، ولم تدركها الشفقة أو الرحمة، وهي ترى طفلها وقد فارق الحياة، ووضعته داخل كيس بلاستيكي بداخل الخزانة وكأنه غرض شخصي .
وأكدت أن أدلة القضية هي أقوال المتهمة التي قالت إنها كانت تنظف الطفل وهي بدون وعي، وذلك يتناقض مع شهادة الدكتور استشاري أول الطب الشرعي الذي قال إنه وجد صعوبة في فك العقدة التي كانت مربوطة حول رقبة الطفل وأنه اضطر إلى قطعها بواسطة المقص، إضافة إلى تقرير الطب الشرعي الذي أكد أن الطفل ولد حياً مكتمل الأشهر الرحمية، ووجد أثناء التشريح تكدمات بداخل أنسجة العنق مقابل الربط مما يدل على أن الوفاة جنائية .
وفي ختام مرافعته طالب رئيس النيابة بتوقيع أقسى العقوبة على المتهمة لتكون عبرة لمن تسول له نفسه الاعتداء على النفس البشرية التي حرمها الله .
وكانت المتهمة قامت بمجرد ولادة الطفل بخنقه بقطعة من ملابسها الداخلية ووضعه في كيس بلاستيكي في خزانة ملابسها، وعند ذهابها للمستشفى تبين أنها كانت في حالة ولادة حيث ادعت انها ولدت طفلاً ميتاً وأنها رمته في حاوية القمامة، ولما لم يتم العثور عليه هناك قام مخدومها بتفتيش غرفتها حيث عثر على الطفل ميتاً في الخزانة .
من جهته، طالب محامي الدفاع عن المتهمة بتعديل توصيف الجريمة إلى القتل الخطأ بدلاً من القتل العمد، معترفاً بأن الطفل ولد حياً، وقال إن المتهمة وفور نزول الطفل من رحمها حدث لها إغماء استمر لمدة ثلاث ساعات، وكان الطفل قد نزل داخل ملابسها الداخلية مما تسبب بحدوث التجمع الدموي الذي أورده التقرير الطبي، كما تسبب نزوله على هذه الوضعية في التفاف ملابس والدته حول رقبته وبالتالي اختناقه ووفاته فيما كانت المتهمة في حالة الاغماء، وعندما استيقظت من اغمائها كان الطفل مات، فقامت بتنظيفه ثم وضعته في كيس بلاستيكي داخل خزانتها، وأنكر المحامي وجود القصد الجنائي لدى المتهمة، مشيراً إلى أنها لو كانت تريد التخلص منه لفعلت في بلدها، باعتبار أن الحمل حدث هناك وليس في الدولة وكان يمكنها في بدايته التخلص من الجنين وإجهاضه .