logo

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 12-03-2016, 09:09 PM
  #1
محمد الخاجه
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Dec 2016
الدولة: عجمان ، الامارات العربية المتحدة
المشاركات: 4
افتراضي التفسير عملية عقلية

التفسير عملية عقلية
لا تقف سلطة القاضي عند التطبيق الآلي لنصوص التجريم والعقاب، وإنما تقوم هذه السلطة على الفهم الواقعي لهذه النصوص، بحيث يجب على القاضي أن ينظر إلى مضمون النص والعلة من تقريره قبل أن ينظر إليه كنص قانوني يلتزم بتطبيقه، ولعل العملية العقلية التي يستطيع القاضي عن طريقها فهم مضمون وعلة النص الذي يطبقه تكمن في التفسير.
فتفسير القاضي للنص القانوني يعني المطابقة بين مضمون القاعدة الجنائية والتي بطبيعتها عامة ومجردة، وبين الوقائع المادية الواقعية التي تخضع للتجريم والعقاب بموجب هذه القاعدة، فالمشرع يحدد مسبقاً مضمون القاعدة العقابية، ثم يأتي دور القاضي لكِ يطبقها على الواقعة المحددة المرتكبة من الجاني والتي تخضع لها.
ويترتب على ذلك أن هذه التطبيق يحتاج إلى فهم القاضي؛ وذلك لكِ يصل إلى أن الواقعة التي يفصل فيها تندرج تحت نطاق الواقعة المجردة التي تحتويها القاعدة العقابية.
وإذا كان المشرع يضع القواعد القانونية العقابية في صور مصطلحات ذات مدلول محدد فيما تحتويه من مضمون من حيث عناصرها القانونية والمادية والشروط الأخرى اللازمة للتجريم والعقاب، وما يحيط بها من شروط موضوعية أخرى للعقاب، فإن فهم هذه القواعد على هذا النحو يحتاج إلى عملية عقلية نستطيع من خلالها فهم هذا المضمون والتأكد من مطابقته للمعنى الذي أراده المشرع منها، وهذه العملية العقلية تكمن في التفسير.
فالنص القانوني ما هو إلا تجسيد للواقع الذي يحميه – النص القانوني – وأساسه الفعل الغير مشروع ، والواقعة الاجرامية أساسها فعل غير مشروع ، والواقعة المادية أصبحت واقعة قانونية .
والواقعة القانونية تتكون من مجموعة من العناصر، وعند تحليل القاضي الجنائي للنص القانوني حتى ينطبق على الواقعة المادية فلا بد من الوقوف على هذه العناصر.
فالواقعة القانونية اساسها واقعة مادية ولكن المشرع وضعها في قاعدة عامة ومجردة ، والقاضي الجنائي أو المفسر يقوم بإعادة الواقعة ويعود بها إلى حالتها الاولى في انها كانت حدث وفعل غير مشروع واصبحت واقعة اجرامية ثم جريمة .
فالمفسر لا بد عندما يقوم بعملية تطابق مضمون وعلة النص بالواقعة المادية أن يقوم بتحليل مضمون النص -التحليل القانوني – والوقوف على الاركان العامة و الخاصة والتي تميز بعض الجرائم .
والاركان العامة كالركن الشرعي والركن المادي والذي يقوم على عناصر ثلاثة وهي:
• السلوك وهو أما أن يكون ايجابي أو سلبي كامتناع الام عن ارضاع صغيرها وامتناع الشاهد عن اداء الشهادة، والنتيجة الاجرامية كالاعتداء على مصلحة يحميها القانون، فالنتيجة في جريمة القتل هي الاعتداء الذي أصاب حق المجني عليه في الحياة،- النتيجة الاجرامية كعنصر في الركن المادي تنقسم نوعين : نتيجة قانونية : إذا تمثلت في التهديد بالخطر بمصالح الافراد والمجتمع ، نتيجة مادية : إذا تمثلت في الضرر ، مثل موت انسان نتيجة اعتداء وقع عليه -
• والعلاقة السببية وهي الرابطة التي تربط بينهما.
والركن المعنوي وهو القصد الجنائي كالعلم والارادة في صور الجرائم العمدية، أو الخطأ الغير عمدي في الجرائم الغير عمدية.
والاركان الخاصة التي تميز بعض الجرائم عن الاخرى فهي بمثابة عناصر تدخل في تكوين الجريمة.
فجريمة القتل تتميز عن الجرائم الاخرى في كون ركنها المادي (السلوك) نتج عنه إزهاق روح إنسان حي، ويتميز ركنها المعنوي في علم وارادة الجاني في تحقيق النتيجة وهي ازهاق روح انسان حي ، فلو تم قتل انسان ميت لا تقوم جريمة القتل، فالركن الخاص هنا إنسان حي.
ومن الاركان الخاصة ما يسمي بالركن المفترض الذي لا تقوم الجريمة بدونه مثال ذلك: ركن الموظف العام في جريمة الرشوة والاختلاس واشتراط الحمل في جريمة الاجهاض.
ومن ثم الظروف سواء كانت ظروف تغير من العنصر وتدخل عنصر في الجريمة فتغير من وصف الجريمة أو ظروف يقف أثرها عند التشديد أو التخفيف أو مانع من موانع المسؤولية.
مثال ذلك السرقة في صورتها البسيطة اعتبرها المشرع جنحه ، أما إذا وقعت ليلاً أو باستخدام سلاح (ظرف مشدد) فأن العقوبة تشدد بشأنها مع بقاء وصفها جنحه.
والشروط الموضوعية للعقاب وهي شروط معينة تطلبها المشرع لإمكانية العقاب على بعض الجرائم ولا علاقة لها بأركان الجريمة ، مثال ذلك : الشرط الموضوعي هو تنبيه الزوجة – الحاصلة على حكم بالنفقة- للزوج بالدفع في حال امتنع عن الانفاق، فلا يستطيع القاضي أن يفصل في القضية قبل استيفاء هذا الشرط الموضوعي وهو التنبيه بالدفع.
فعند تفسير النص لا بد أن يكون في ذهن المفسر – التحليل القانوني للنص – وهو يعنى مما يتكون مضمون هذا النص .
ومن ثم ينتقل المفسر إلى البحث عن علة النص والحكمة منه .
فعندما يكون التفسير ضد مصلحة المتهم فأن القاضي يتقيد بعلة النص، لأن العلة ترتبط بمصلحة المجتمع وحقوق الافراد، فالمشرع يحمي المصالح والحقوق من خلال نصوص التجريم والعقاب، فعلة النص في جريمة القتل العمد هي حماية حق الانسان في الحياة.
فالعلة تؤدي الي انضباط التفسير وجعله مقرراً أي لا يمكن أن يصل الي القياس؛ وذلك لان العلة تستخدم التفسير الضيق؛ بسب ارتباط العلة بالغرض من ارتكاب السلوك الاجرامي، وعلة التجريم والعقاب هي النتيجة الاجرامية؛ لأن المشرع يحدد اولاً الفعل الغير مشروع وهو غير مشروع عندما يقدر المشرع أن فيه ضرر لمصالح المجتمع أو خطر يهدد مصالح المجتمع وافراده، فعلى قدر الضرر تأتي النتيجة الاجرامية وعلى قدر جسامة الخطر تتحدد والنتيجة الاجرامية .
فالمشرع يضع من العقاب ما يتناسب مع الحق المحي، وتتدرج العقوبة بالتخفيف أو التشديد على حسب جسامة الضرر الواقع على الحقوق المحمية، فالتجريم ارتبط بالغرض وتدرج بمقدار الحماية لهذا الغرض بالتشديد أو التخفيف ، ففي جرائم المساس بجسم الانسان يحدد التدرج في المساس بجسم الانسان الغرض إلا وهي النتيجة الاجرامية .
فالمشرع يربط مقدار ونوع العقاب في كل جريمة بالنتيجة الاجرامية ولا يغض الطرف عن الخطورة الاجرامية، فالخطورة الاجرامية عندما تضاف إلى جسامة الجريمة تجعل الاثم الجنائي في أعلى مراتبه وجسامته وأشد صوره ، فيتحدد التجريم والعقاب في ضوء النتيجة الاجرامية أي العلة من التجريم والعقاب أي حماية المصالح والحقوق.
فعندما يكون التفسير لصالح المتهم يستخدم القاضي الحكمة من النص ولا يجعل التفسير يسير مع علته، وحينما يجد القاضي أن هنالك مصلحة للمتهم وهذه المصلحة أما أن يطبق فيها سبب من اسباب الاباحة أو موانع المسؤولية فهنا يفسر النص مع حكمته.
والسبب في تفسير النص مع الحكمة منه عند البراءة؛ لأن الحكمة أوسع وتؤدي الي التفسير الواسع وحتى أن ادى ذلك إلى القياس فلا مشكلة لأنه في مصلحة المتهم ومن ضوابط التفسير حظر القياس اذا كان ضد مصلحة المتهم وجواز استعماله اذا كان لصالح المتهم.
والحكمه ترتبط مع الغاية أو الباعث ولا ترتبط بالعلة ، ففي جرائم السرقة بين الاصول والفروع يلجأ القاضي للحكمة وهي حماية أصول الاسرة .
هذه العملية العقلية هي التفسير وهي ضرورية لفهم مضمون القاعدة العقابية التي يطبقها القاضي، سواء أكان النص واضحاً أم كان غير ذلك؛ لأن ما هو واضح بالنسبة لشخص معين قد يكون عكس ذلك بالنسبة لآخر، كما أن المعنى الذي قد يبدو ظاهراً من القاعدة القانونية، قد يكون بخلاف المعنى الحقيقي الذي يقصده المشرع منها، يضاف إلى ذلك أن التشريعات المستحدثة التي تحمي مصالح بحته للمجتمع وتتميز بطبيعة فنية معقدة تحتاج هذا التفسير.
محمد الخاجه غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
التفسير, عملية, عقلية


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:34 AM.