logo

إضافة رد
قديم 10-14-2012, 01:28 PM
  #1
يارا
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
المشاركات: 1,198
Newsuae2 مبادئ القضاء الدستوري

مبادئ القضاء الدستوري



* رقابة الدستورية وعلاقتها بسمو الدستور· * الرقابة القضائية·
*الرقابة السياسية للدستورية·* رقابة الدستورية في اليمن·


إعداد/ عادل حميد الصلوي










تعد السلطة القضائية إحدى المؤسسات الدستورية التي تضمن الاستمرارية والاستقرار للنظام ككل، فهي التي تضمن فصل السلط وهي الحامية لحقوق الأفراد وحرياتهم وهي التي تعطي للقانون فاعليته وإلزامه، اذ بدون القضاء يبقى القانون عبارة عن قواعد نظرية لاتتمتع بالصفة الإلزامية الآمرة·

ونظراً لتقسيم المنظومة القانونية في الدولة لفروع عدة كالقوانين العامة (القانون الدستوري والإداري والمالي···) والقوانين الخاصة (القانون المدني والتجاري···)· فإن هذا التقسيم تبعه تنظيم السلطة القضائية وتقسيمها إلى مؤسسات قضائية تختص كل واحدة منها بنظر وتفسير نوع معين من القوانين· وأصبح لكل نوع من أنواع هذه القوانين، قضاء متخصص كالقضاء العادي والقضاء الإداري والقضاء المالي والقضاء التجاري··· ثم القضاء الدستوري·

وهكذا أصبحت السلطة القضائية تضم فروعاً عدة من القضاء المتخصص· ويعد القضاء الدستوري من أهم فروع السلطة القضائية كونه يتعلق بمراقبة دستورية القوانين؛ هذه الدستورية التي تعد تأكيداً لسمو الدستور وتجسيداً لمبدأ تدرج القوانين·

وقد بدأت بوادر هذه المراقبة تظهر من خلال النصوص الدستورية للدول الغربية منها دستور السنة الثامنة للثورة الفرنسية وسويسرا من خلال دستورها الصادر سنة 1874 وإيطاليا من خلال دستورها الصادر سنة 1947، والمانيا من خلال دستورها الصادر سنة 1949، واسبانيا من خلال دستورها الصادر سنة 1978·

كما اعتبر القضاء الأمريكي أن ممارسته الرقابة تشكل جزءاً من وظيفتة ويعود ذلك إلى سنة 1803في قضية (ماربوري ضد ماديسون)·

كما تضمنت بعض الدساتير الإشارة إلى القضاء الدستوري متأثرة ببعض النماذج الأوروبية، منها الجزائر في دستورها الصادر سنة 1963 ومصر في دستورها الصادر سنة 1971 والمغرب في دستورها الصادر سنة 1972 واليمن في دستورها الصادر سنة 1970 (الدستور الدائم للجمهورية العربية اليمنية) ودستور 1990م·

وتأتي أهمية دراسة القضاء الدستوري من كونه يعد الركيزة الأساسية لحماية الحقوق والحريات العامة التي كفلتها جميع الدساتير في العالم·

وحماية هذه الحقوق تأتي في مواجهة المؤسسات الدستورية التي قد تتجاوز سلطاتها المخولة لها دستورياً وكون هذا القضاء يعمل على احترام إرادة الجماهير من خلال النظر في الطعون الانتخابية· كما أن اختصاصه في محاكمة كبار موظفي الدولة يعطيه أهمية كبيرة في فهمه ودراسته·

ولأن الاختصاص التقليدي للقضاء الدستوري هو مراقبة دستورية القوانين، فإن هذه المراقبة تختلف من بلد إلى آخر ومن نظام سياسي إلى آخر، فهناك من أوكل هذه المراقبة إلى جهاز سياسي من حيث تكوينه رغم أن طريقة عمله تعد من الأعمال القضائية· وهناك من أوكل المراقبة إلى الجهاز القضائي في الدولة وهو ما أخذ به الدستور اليمني·

كما أن أجهزة القضاء الدستوري قد لانجدها في بعض الانظمة السياسية كالأنظمة التي تأخذ بنظام الدساتير العرفية أو الدساتير المرنة، حيث أنه لايمكن تصور مراقبة دستورية القوانين في تلك الانظمة·

وكل هذه الملاحظات تثير العديد من الإشكاليات منها مدى نجاح القضاء الدستوري في المحافظة على سمو الدستور وعلى حقوق وحريات المواطنين التي كفلها هذا الدستور· وهل هناك ضرورة لمثل هذا القضاء؟ ولماذا لانجده في بعض الانظمة؟ وذلك من خلال تناول تنظيم وتكوين مؤسساته في بعض الانظمة المقارنة ومجالاته واختصاصاته وأنواعه ثم محاولة تحليل القضاء الدستوري اليمني وذلك من خلال النقاط التالية:

أولاً: رقابة الدستورية وعلاقتها بسمو الدستور·

ثانياً: الرقابة السياسية للدستورية·

ثالثاً: الرقابة القضائية·

رابعاً: رقابة الدستورية في اليمن·

المبحث الأول:

رقابة الدستورية وعلاقتها بسمو الدستور

يمكن القول بأن الاختصاص التقليدي والأصيل للقضاء الدستوري هو الرقابة على دستورية القوانين· وقد شكل موضوع هذه الرقابة قضية مركزية في حقل القانون الدستوري وعلم السياسة ولعل الذي يجعله كذلك، ارتباطه بأكثر من مفهوم من المفاهيم الأساسية للمادة في مجال دراستنا·

فالمراقبة تأكيد لسمو الدستور وتجسيد لمبدأ >تدرج القوانين< وهي تحقق مدى حضور >الشرعية< ونفاذها بالمجتمع من عدمها·

وهي كذلك عنوان لدولة القانون وتعبير عنها، فما المقصود بـ>الرقابة على دستورية القوانين<؟ وما علاقتها بمبدأ >سمو الدستور<؟ ثم إلى أي حد تكتسي الإعلانات المرفقة بالدستور ومقدماته قيمة دستورية تجعل الرقابة منصبة عليها أسوة بالأحكام التي تشكل صلب الدستور وجسده·

المطلب الأول: تعريف مراقبة دستورية القوانين

يقصد بمراقبة دستورية القوانين، التأكد من مدى مطابقة القوانين لروح الدستور وأحكامه، ويعني ذلك أن تكون الأعمال القانونية الأدنى درجة من الدستور مسايرة وملائمة لفلسفته وأسسه العامة· واذا ثبت وصدرت مخالفة لذلك، يُحكم عليها بـ>عدم الدستورية<·

فالرقابة بهذا التحديد، ترمي إلى تأكيد >مبدأ سمو الدساتير< الذي اتخذ في لغة الخطاب القانوني عدة تعبيرات ومصطلحات، نذكر منها >مبدأ الشرعية< أو مبدأ القانونية، أي >سيادة القانون< و>دولة القانون<، فما هو إذن مبدأ سمو الدساتير؟

الفرع الأول: مبدأ سمو الدستور

بدون التدقيق في النقاش المميز بين >السمو الموضوعي للدستور< و>السمو الشكلي للدستور<، يقتضي مصطلح >السمو< أن تظل قواعد الدستور وأحكامه والإجراءات المتبعة لوضعها ومراجعتها وإلغائها في مأمن من كل خرق أو خروج عن معناها وروحها، على اعتبار أن الدستور هو الوثيقة الأساسية التي تعلو الجميع وتشترط من الكل احترامها والامتثال لأحكامها، بما في ذلك الجهات التي تكلفت بوضعها أصلاً·

الفرع الثاني: تراتبية القواعد القانونية

يتأسس النسق القانوني للدولة التي تتبنى دستوراً مدوناً (مكتوباً) جامداً على مبدأ التراتبية إذ أن هناك أربعة مستويات(1):

1- القوانين الدستورية، وهي القوانين التي تنظم سير وعمل السلطات العامة داخل الدولة، وتضعها هيئة تسمى بالسلطة التأسيسية الأصلية، وتقوم بتعديلها هيئة تسمى بالسلطة التأسيسية الفرعية·

2- القوانين التنظيمية، وهي قوانين يحددها الدستور، وتعتبر امتداداً مادياً للقوانين الدستورية على أساس أنها تهدف إلى تنظيم عمل السلطات العامة انطلاقاً من المبادئ المقررة في الدستور، وباعتبارها امتداداً مادياً للدستور، فإن القوانين التنظيمية تحتل موقعاً وسطاً بين القوانين الدستورية والقوانين العادية·

3- القوانين العادية، وهي قوانين تختص بوضعها، تعديلها وإلغائها السلطة التشريعية·

4- التشريعات الفرعية، وهي مجموع المراسيم والقرارات التي تختص بوضعها السلطة التنفيذية باعتبارها سلطة إدارية·

إن هذه المستويات من >التشريعات< مؤسسة بشكل تراتبي بحيث لا يمكن لقانون أدنى أن يلغي أو يعدل مقتضيات قانون أعلى منه، وعليه ففي أنظمة سياسية تأخذ بدستور مدون جامد، لايمكن تعديل أو إلغاء مقتضيات قاعدة دستورية إلا بقاعدة دستورية أخرى·

الفرع الثالث: القيمة القانونية لإعلانات الحقوق و>مقدمات< الدساتير:

بدون التفصيل في الاتجاهات المحللة لدستورية إعلانات الحقوق ومقدمات الدساتير من عدمها، يمكن ترجيح رأي العميد الفرنسي >موريس هوريو<، القاضي بإكساب هذه الأخيرة (الإعلانات والمقدمات) قيمة من حجم ودرجة قوة القواعد والأحكام الدستورية، وذلك حين شدد بالقول >إنه لمن الخطأ الاعتقاد أن مبدأ السمو الدستوري يقتصر على ما هو منصوص عليه بالدستور فقط، إنه يتضمن إضافة إلى ذلك المبادئ الأساسية للنظام<(2)·

المطلب الثاني: وجود مراقبة الدستورية في الدساتير المكتوبة والصلبة (الجامدة) دون المرنة

توجد مراقبة دستورية القوانين في الدساتير المكتوبة والصلبة (الجامدة) المبنية على سمو القوانين الدستورية على باقي التشريعات التي تليها في هرمية القواعد القانونية وتدرجها·

أما الدساتير المرنة التي لاتميز بين القوانين الدستورية والقوانين العادية، فإنها لاتنطوي على مراقبة لدستورية القوانين، لأن إصدار تشريع برلماني مخالف للدستور معناه تعديل الدستور(3)·

فما هي الدساتير المكتوبة والصلبة (الجامدة)؟ وما هي الدساتير العرفية والمرنة؟

الفرع الأول: الدساتير المكتوبة والدساتير العرفية

إذا كان مصدر الدستور هو التشريع، فالدستور في هذه الحالة يكون دستوراً مكتوباً، أما إذا كان مصدر الدستور هو العرف، فالدستور في هذه الحالة يكون دستوراً عرفياً·

أ- الدستور المكتوب:

يعتبر الدستور مكتوباً إذا كان صادراً في شكل وثيقة رسمية بواسطة هيئة مختصة بذلك قانوناً، وعليه فإن تدوين القواعد المتعلقة بتنظيم الحكم لايكسبها صفة الدستور إلا إذا أضفي عليها طابع رسمي· لقد صدر أول دستور مكتوب سنة 1787م في الولايات المتحدة الأمريكية ثم تلته دساتير الثورة الفرنسية ابتداء من سنة 1791م· وكانت وراء فكرة تدوين الدساتير فلسفة سياسية تتأسس على جملة من المرتكزات من أهمها:

- اعتبار الدستور المكتوب تجسيداً للعقد الاجتماعي الذي نشأت الجماعة السياسية بمقتضاه·

- ربط الدستور بالنظام الديمقراطي حيث تم اعتباره ضمانة قوية للحقوق والحريات وتحديداً لسلطات الحاكم(4)·

ب- الدستور العرفي:

إذا كان الدستور المكتوب يستمد مصدره من التشريع، فإن المصدر الرئيسي للدستور العرفي يتمثل في الأعراف الدستورية· وعلى هذا الاعتبار يتخذ الدستور العرفي شكل دستور غير مدون، ولكن هذا لاينفي وجود قواعد دستورية مكتوبة·

يجسد الدستور الإنجليزي نموذج الدستور العرفي، فغالبية قواعده مستمدة من الأعراف أوالإجتهاد القضائي·



الفرع الثاني: الدساتير الجامدة والدساتير المرنة

تنقسم الدساتير من حيث تعديلها إلى دساتير جامدة وأخرى مرنة·

أ‌- الدستور الصلب (الجامد):

أ‌-يعتبر الدستور صلباً (جامداً) إذا كان هناك إجراءات خاصة لتعديله تختلف عن تلك المعتمدة في تعديل القوانين العادية· وهذا الاختلاف يتم إما على مستوى الهيئة المكلفة بالتعديل أو بإجراءات التعديل· كما أن الجمود قد يكون نسبياً وقد يكون مطلقاً·

أ‌-ب- الدستور المرن:

أ‌-يعتبر الدستور مرناً إذا كانت إجراءات تعديله لاتختلف عن إجراءات تعديل القوانين العادية، وعليه فصدور قانون عادي مخالف لمقتضيات الدستور المرن يعتبر بمثابة إلغاء لتلك المقتضيات، وبالتالي فإن السلطة التشريعية تحظى بمكانة خاصة في هرمية مؤسسات النظام المعتمد على دستور مرن، وهو ما عليه الأمر بالنسبة لمجلس العموم في إنجلترا(5)·

أ‌-إن الدستور المرن ليس بالضرورة دستوراً عرفياً، فقد يكون دستوراً مكتوباً· كما أن الدساتير العرفية ليست بالضرورة مطابقة للمرونة، فقد يكون الدستور عرفياً وصلباً· كما قد يكون مكتوباً ومرناً·



ب‌- المبحث الثاني:

الرقابة السياسية للدستورية

تعتبر الرقابة الدستورية بواسطة هيئة سياسية نتاج التجربة الدستورية الفرنسية، فكيف مارست فرنسا هذه الرقابة عبر تاريخها؟ وما هي المزايا والانتقادات الموجهة لهذه الرقابة؟

المطلب الأول: رقابة الدستورية بواسطة هيئة نيابية

أنشأ دستور السنة الثامنة للثورة الفرنسية رقابة دستورية القوانين وأسند ممارستها إلى مجلس الشيوخ الذي كان يتألف من ثمانين عضواً معينين مدى الحياة، وضماناً لاستقلالهم تقرر مبدأ عدم عزلهم· لقد كانت استقلالية مجلس الشيوخ متطلبة لإقرار رقابة فعالة، وهو شيء لم يتحقق في الواقع، إذ تمكن >نابليون< من إخضاعه، إخضاعاً انتهى بإلغائه عام 1807م(6)·

نهج دستور الامبراطورية الثانية الصادر عام 1852م نفس مسلك دستور السنة الثامنة، إذ أنشأ رقابة دستورية القوانين وأسندها إلى مجلس الشيوخ، وإذا كان دستور السنة الثامنة قد حصر جهات الإحالة في السلطات العامة، فإن دستور 1852م مكن المواطنين من إحالة بعض القوانين على مجلس الشيوخ للنظر في دستوريتها·

المطلب الثاني: رقابة الدستورية بواسطة مجلس دستوري

يعتبر المجلس الدستوري الجهاز الذي أُنيط إليه تمثيل القضاء الدستوري بفرنسا، والذي تم إنشاؤه في ظل دستور الجمهورية الخامسة سنة 1958م، وبموجب هذا الدستور أصبح هذا المجلس يتمتع بصلاحيات جد واسعة· كما منحت المادة 62 من الدستور الفرنسي حجية تامة لقرارات المجلس الدستوري من خلال التنصيص على أن قرارات هذا الأخير لاتقبل أي وجه من أوجه الطعن، فهي ملزمة للسلطات العامة ولجميع السلطات الإدارية والقضائية(7)·

وبالرغم من الخلاف الفقهي الذي كان يدور حول الطبيعة القانونية لهذا المجلس بحكم أنه جهاز قضائي وسياسي في نفس الوقت، وبالنظر إلى أسلوب تعيين أعضائه وتركيبته ذات الطابع السياسي، وإلى الوظائف والاختصاصات التي يمارسها ذات الطابع القضائي، مع تمتع أعضائه بالاستقلال المخول للقضاة، فإن أغلب الفقه قد استقر على أن المجلس الدستوري هو جهة قضائية·

الفرع الأول: تشكيل المجلس الدستوري

يتألف المجلس الدستوري من نوعين من الأعضاء، أعضاء >فعليين< وأعضاء >معينين<· بالنسبة للأعضاء >الفعليين< فيتشكلون من رؤساء الجمهورية السابقين (يعينون مدى الحياة) أما الأعضاء >المعينون< فيتكونون من تسعة أعضاء:

- ثلاثة أعضاء يعينهم رئيس الجمهورية·

- ثلاثة أعضاء يعينهم رئيس الجمعية الوطنية·

- ثلاثة أعضاء يعينهم رئيس مجلس الشيوخ·

تستمر عضوية الأعضاء التسعة لمدة تسع سنوات غير قابلة للتجديد على أن يتجدد ثلث الأعضاء كل ثلاث سنوات·

وأعضاء المجلس الدستوري غير قابلين للعزل إلا بواسطة المجلس نفسه ولظروف استثنائية، ومن هنا فإن استقلالهم يبدو واضحاً ويتولى رئيس الجمهورية تعيين رئيس المجلس الدستوري، وتظهر أهمية هذا الأمر في تنصيص الدستور على أن لرئيس المجلس الدستوري صوتاً مرجحاً عند تعادل الأصوات·

وبناء على نص المادة 57 من الدستور الفرنسي، والمادة 4 من القانون الأساسي للمجلس الدستوري، فإنه لايجوز الجمع بين عضوية المجلس وبين منصب وزاري أو عضوية في البرلمان أو عضوية المجلس الاقتصادي والاجتماعي·

الفرع الثاني: اختصاصات المجلس الدستوري

يتمتع المجلس الدستوري بمجموعة من الاختصاصات نوجزها في ما يلي:

1- الرقابة على دستورية القوانين العادية:

وتعد رقابة سابقة على إصدار القوانين -رقابة قبلية- وهذه الرقابة تكون دائماً على نص قانوني تم الاقتراع عليه بواسطة البرلمان·

وقد حدد المشرع الجهات التي تتمتع بحق إحالة مشاريع القوانين على المجلس الدستوري للنظر في دستوريتها في أربع جهات هي:

- رئيس الجمهورية

-- الوزير الأول

-- رئيس الجمعية الوطنية

-- رئيس مجلس الشيوخ

واعتباراً من عام 1974 أصبح حق الطعن مقرراً أيضاً بناء على طلب ستين عضواً سواء من الجمعية الوطنية أو من مجلس الشيوخ·

عندما يحال مشروع قانون على المجلس الدستوري للنظر في مدى مطابقته للدستور، يتم إقرار دستورية القانون من عدمه بناء على تقرير يقدمه أحد أعضاء المجلس خلال شهر ابتداء من تاريخ إحالته عليه، وعند الاستعجال يتقلص الأجل إلى ثمانية أيام، ويصدر القرار معللاً وينشر في الجريدة الرسمية·

إذا أقر المجلس الدستوري بأن القانون المحال عليه مطابق للدستور، يتم إصدار القانون، أما إذا أقر بعدم دستوريته، فيجب التمييز بين الإقرار الشامل والإقرار الجزئي، فالإقرار الشامل بعدم دستورية القانون يوقف إصداره، أما الإقرار الجزئي بعدم الدستورية فينتج حالتين:



- حالة إقرار المجلس الدستوري بأن القانون المعروض عليه يتضمن فقرة غير مطابقة للدستور، ولا يمكن فصلها عن القانون، فهنا يكون إصدار القانون متعذراً·



- حالة إقرار المجلس الدستوري، بأن القانون المعروض عليه يتضمن فقرة غير مطابقة للدستور، مع وجود إمكانية فصلها عن مجموع هذا القانون، فهنا يمكن لرئيس الجمهورية إصدار هذا القانون باستثناء تلك الفقرة·

2- الرقابة على دستورية القوانين الأساسية (التنظيمية):

إن الرقابة على دستورية القوانين الأساسية تعد رقابة وجوبية حيث ألزمت المادة 46 من الدستور الفرنسي ضرورة أن تعرض هذه النوعية من القوانين على المجلس الدستوري حتى يتم التأكد من كونها متوافقة مع أحكام الدستور وذلك قبل إصدارها·

وتتم إحالة هذه القوانين على المجلس، بواسطة الوزير الأول· والسبب في وجوبية إحالة القوانين الأساسية (أي التنظيمية) إلى المجلس الدستوري لينظر في دستوريتها هو أنها تعتبر امتداداً مادياً للدستور· ومن أمثلة هذه القوانين هناك القوانين التي تنظم عمل المؤسسات الدستورية العليا·



3- الرقابة على دستورية لوائح مجلسي البرلمان:

هذه اللوائح هي القوانين الداخلية لمجلسي البرلمان (الجمعية الوطنية، ومجلس الشيوخ) حيث تقضي المادة 61/1 من الدستور الفرنسي بأن لوائح مجلسي البرلمان يتعين وجوباً أن تعرض على المجلس الدستوري قبل تطبيقها للوقوف على مدى دستوريتها، كما يتعين هذا الأمر أيضاً على أي تعديلات مزمع إدخالها على تلك اللوائح·



4- الرقابة على دستورية المعاهدات الدولية:

المقصود بالمعاهدات الدولية، كل المعاهدات والاتفاقات الدولية والقرارات الصادرة عن منظمات دولية، والتي تتضمن تعهداً ما من قبل الحكومة· وقد أجازت المادة 54 من الدستور حق اللجوء إلى المجلس الدستوري لفحص مدى دستورية المعاهدات الدولية لكل من:



- رئيس الجمهورية·

- الوزير الأول·

- رئيس الجمعية الوطنية·

- رئيس مجلس الشيوخ·

فإذا تبين للمجلس الدستوري أن هذه المعاهدات غير دستورية فلا يجوز بأي حال من الأحوال المصادقة عليها إلا إذا تم هناك تعديل في نصوص الدستور ذاته·

5- الرقابة على دستورية الانتخابات الرئاسية:

نصت المادة 58 من الدستور على أن المجلس الدستوري يراقب سلامة انتخابات رئيس الجمهورية ، ويفحص الطعون الخاصة بهذه الانتخابات ويعلن نتيجة الاقتراع· ولعله يتضح من المادة أن المجلس الدستوري يتمتع باختصاص أوسع في مادة انتخاب رئيس الجمهورية، بالمقارنة مع تلك المقررة له في مادة الانتخابات البرلمانية، ذلك أن اختصاص المجلس الدستوري بالنسبة للانتخابات الرئاسية يبدأ من وقت الترشيح مروراً بالانتخابات وانتهاء بإعلان النتيجة·

أما في ما يتعلق بمن له الحق في الطعن في الانتخابات الرئاسية فإن هذا الحق مقرر:

- لكل ناخب من خلال إثبات اعتراضه في المحضر الخاص بالانتخابات أي أن الناخبين ليس من حقهم الطعن مباشرة أمام المجلس الدستوري·

- ممثل الدولة في الدائرة الانتخابية: إذا تبين له أن الضوابط القانونية الواجب اتباعها أثناء الاقتراع لم تراع·

- لكل مرشح: يحق لكل مرشح أن يطعن في الانتخابات مباشرة أمام المجلس الدستوري·

- لممثلي المرشحين: وذلك من خلال تسجيل اعتراضهم على المحضر الخاص بمكتب الانتخابات أو بلجنة فرز الأصوات في الإقليم·

-

6- الرقابة على دستورية الانتخابات التشريعية:

يختص المجلس الدستوري في البت في المنازعات المتصلة بانتخاب البرلمان، بحيث يمكن الطعن أمام المجلس في انتخاب نائب، وذلك داخل أجل عشرة أيام من تاريخ إعلان نتائج الاقتراع، ويتمتع بحق الطعن جميع الأشخاص المسجلين في اللوائح الانتخابية للدوائر التي جرت فيها العمليات الانتخابية، إضافة إلى الأشخاص الذين رشحوا أنفسهم·

أما بالنسبة للحملات الانتخابية فقد اعتبر المجلس أن:

- قيام أحد المرشحين بإرسال خطابات شخصية لبعض العمال (محافظي المحافظات) بغرض الدعاية، أمر غير مؤثر في العملية الانتخابية·

- كما يراقب المجلس كيفية صرف الأموال المخصصة للحملات الانتخابية حيث اعتبر نشر إعلانات الدعاية الانتخابية المدفوعة الأجر في الصحف أمراً ممنوعاً·

-وفي هذا المجال يمكن القول بأن دور المجلس الدستوري في رقابته على الحملات الانتخابية، لايقتصر فقط على التحقق مما إذا كانت الإجراءات اللائحية قد تم مراجعتها من عدمه، بل أيضاً يتولى البحث في ما إذا كانت الأساليب التي استخدمت في هذه الحملات قد أثرت في العملية الانتخابية من عدمه·

-هذا ويمارس المجلس الدستوري رقابته ليس فقط على الحملات الانتخابية وما يدور فيها، بل أيضاً تمتد رقابته على عملية الاقتراع ذاتها·

7- اخصاصات المجلس في الاستفتاءات:

يختص المجلس بحسم كافة المنازعات في شأن الاستفتاءات وذلك بشكل نهائي، ولكن المجلس الدستوري فسر هذا الاختصاص بطريقة ضيقة حيث أنه ذهب إلى أن المنازعات في شأن الاستفتاءات لايجوز أن تقدم إليه إلا بعد انتهاء عملية الاستفتاء·



وتأسيساً على ذلك فإن المجلس الدستوري في مواد منازعات الاستفتاء يختص فقط بالرقابة على عمليات الاقتراع ذاتها·

وفي هذا الشأن ينظر المجلس الدستوري ما إذا كانت الوقائع المثارة ذات تأثير بالغ الشدة على عملية الاستفتاء ذاتها، فإذا اتضح ذلك فيجوز له حينئذٍ أن يصدر قراره بإلغاء الاستفتاء سواء كلياً أو جزئياً بحسب ظروف الحال·

ويجب التذكير بأن المجلس الدستوري لايختص بمراقبة دستورية القوانين الاستفتائية، ذلك أن الفقه قد طرح سؤالاً: هل يمكن إخضاع القوانين التي يصوت عليها الشعب عن طريق الاستفتاء إلى مراقبة الدستورية؟ إن هذا السؤال قد تم الحسم فيه من خلال إقرار المجلس الدستوري بشأن القانون المعتمد بموجب استفتاء 28 نوفمبر 1962 إذا أقر أن القوانين الاستفتائية، عكس القوانين التنظيمية والقوانين البرلمانية، غير خاضعة لمراقبة الدستورية لاعتبارات من أهمها أن القوانين الاستفتائية هي تعبير مباشر عن سيادة الأمة، ولايمكن لأي كان أن يراقب هذه السيادة(8)·

الفرع الثالث: تقدير الرقابة السياسية بشكل عام ودور المجلس الدستوري بشكل خاص

تتميز الرقابة السياسية بمزايا دفعت بعض الفقه إلى استحسانها وبعض الدساتير إلى تبنيها، ولكن غالبية الفقه انتقدها انتقاداً شديداً·



أ‌- مزايا الرقابة السياسية:

أولاً

تتم الرقابة السياسية قبل صدور القانون، ولهذا سميت بالرقابة الوقائية· هذا الأسلوب يمنع صدور أي قانون مخالف للدستور، وبالتالي تبدو هذه الرقابة أكثر فاعلية وفائدة من الرقابة اللاحقة·

ثانياً: إذا كانت الرقابة على دستورية القوانين رقابة قانونية من حيث موضوعها فهي رقابة سياسية من حيث اثارها·

ونظراً للمكانة العليا التي تكتسيها الجهة المنوط بها الرقابة السياسية على دستورية القوانين، فإن تأثيرها على عمل السلطة التشريعية يكون كبيراً وموجهاً لها وفق أحكام الدستور، وما يتلاءم ومصلحة البلاد التي تقدرها هيئة سياسية معينة(9)·

ومع هذه المزايا، فقد تعرضت الرقابة السياسية لكثير من الانتقادات منها ما وجه لطبيعة هذا النوع من الرقابة بشكل عام ومنها ما وجه إلى المجلس الدستوري الفرنسي بشكل خاص·
منقول لاستفادة
الأَمَل يحِتَآج ثِقة بِـ أنَ القَآدم هُو الأَفضَل . . ♥
إن رباً كفاكَ بالأمس ما كان سيكفيكَ في غدٍ ما يكون . . ♥


الامام الشافعى
يارا غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 10-14-2012, 09:24 PM
  #2
محمد ابراهيم البادي
نائب المدير العام
 الصورة الرمزية محمد ابراهيم البادي
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
الدولة: دولة الامارات العربية المتحدة ـ دبي
المشاركات: 15,606
افتراضي

سلمت يداك استاذة
لكن
اتمنى ان يتم اعادة الادراج بان يكون الموضوع مرفق

شكرا استاذة
بناء الإنسان هو الهدف الأسمى الذي نبذل كل جهد من أجل تحقيقه



سيدي صاحب السمو الشيخ


خليفه بن زايد ال نهيان

رئيس دولة الامارات العربية المتحدة
حفظه الله ورعاه
محمد ابراهيم البادي غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 10-18-2012, 12:47 PM
  #3
قانونية وافتخر
مشرفة منتدى الاخبار المحلية
 الصورة الرمزية قانونية وافتخر
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
الدولة: U.A.E
المشاركات: 4,147
افتراضي

طرــح قيم ومفييد ..
سلمت أناملك أختي يـــآرا ..
في ميزان حسناتج ان شاء الله ..

دمت بود .. ^^
،

قانونية وافتخر غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 10-21-2012, 11:19 AM
  #4
يارا
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
المشاركات: 1,198
افتراضي

الأَمَل يحِتَآج ثِقة بِـ أنَ القَآدم هُو الأَفضَل . . ♥
إن رباً كفاكَ بالأمس ما كان سيكفيكَ في غدٍ ما يكون . . ♥


الامام الشافعى
يارا غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:49 AM.