في الجلسة العلنية المنعقدة يوم الاثنين الموافق 30/4/2007
برئاسة الدكتور علي ابراهيم الامام رئيس الدائرة
وعضوية السادة القضاة محمد نبيل محمد رياض و عبد المنعم محمد وفا و عبد العزيز الزرعوني و ضياء الدين ابو الحسن
موجز القاعدة
(1) خيانة الامانة .
عبارة الوكالة الواردة في المادة 401/1 من قانون العقوبات ـ شمولها العمل القانوني لحساب الموكل والعمل المادي لمنفعة مالك الشيء او غيره ـ مؤدى ذلك ـ تأثيم اختلاس المتهم او تبديده للمال المسلم اليه لتوصيله الى اخر واستعمالها لمنفعة المالك طبقا للمادة 401/1 من قانون العقوبات ، ماهية جريمة خيانة الامانة ـ القصد الجنائي فيها ـ تحدث الحكم صراحة عن القصد الجنائي في تلك الجريمة غير لازم .
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير ادلة الدعوى" .
من سلطة محكمة الموضوع استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من اقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على المحكمة .
المبدأ القانوني
[1] لما كان ذلك وكانت المادة 404\1 عقوبات تنص على أنه "يعاقب بالحبس كل من اختلس أو استعمل أو بدد مبالغ أو سندات أو أي مال آخر منقول إضراراً بصاحب الحق عليه متى كان قد سلم إليه على وجه الوديعة أو الإجارة أو الرهن أو عارية الاستعمال أو الوكالة" ومفاد عبارة الوكالة الواردة بهذا النص وحسبما استقرت عليه أحكام محكمة التمييز لا ينصرف إلى الوكالة حسبما هي معرفة به في القانون المدني الذي بمقتضاه يلتزم الوكيل بأن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل فحسب بل يندرج تحت حكمها أيضا حالة الشخص الذي يكلف بعمل مادي لمنفعة مالك الشيء أو غيره ومن ثم فإن اختلاس المتهم أو تبديده للمال المسلم إليه لتوصيله إلى آخر أو استعماله لمنفعة المالك يكون مؤثما في حكم المادة 404\1 عقوبات وجريمة خيانة الأمانة حسبما هي معرفة به في القانون تتحقق بكل فعل يدل على أن الأمين اعتبر المال الذي أتمن عليه مملوك له يتصرف فيه تصرف المالك ويتحقق القصد الجنائي فيها بتصرف الحائز في المال المسلم إليه بموجب عقد من العقود الواردة في المادة 404 عقوبات بنية إضاعته على ربه ولا يشترط لبيان القصد الجنائي في تلك الجريمة أن يتحدث عنه الحكم صراحة وعلى استقلال بل يكفي أن يكون مستفادا من ظروف الواقعة .
[2] من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا .
حكم المحكمة
اصدرت الحكم التالي
بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص الذي أعده السيد قاضي محمد نبيل رياض وسماع المرافعة والمداولة قانونا وحيث إن الطعنين استوفيا الشكل المقرر في القانون
وحيث إن النيابة العامة قد اتهمت ------------- بأنه خلال شهر فبراير سنة 2006 بدائرة مركز شرطة بر دبي اختلس مبلغ 500 ألف يورو المسلم إليه على سبيل الوكالة إضرارا بصاحب الحق عليها ----------------- وطلبت عقابه بالمادة 404\1 عقوبات ، وادعى المجني عليها مدنيا قبل المتهم طالبا الحكم بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ 20.001درهم على سبيل التعويض المؤقت.
وبتاريخ 17\12\2006 حكمت محكمة أول درجة بحبس المتهم أربعة أشهر وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة.
لم يرتض المحكوم عليه هذا الحكم فطعن عليه بالاستئناف رقم 6389\2006 وبتاريخ 18\13\2007 حكمت المحكمة برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
طعن المحكوم عليه في هذا الحكم بالتمييز بموجب الطعنين رقمي 128 ، 139\2007 بتقريرين مؤرخين 10\4\2007 ، 18\4\2007 مرفق بكل منهما مذكرة بأسباب الطعن موقع عليها من محاميه الموكل طلب فيها نقضه.
وحيث إن المحكمة أمرت بضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد.
وحيث إن الطاعن ينعى في طعنيه على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الثابت أن المجني عليه قد اتفق مع الطاعن على التعاون مع شركة في السعودية بشأن العطور وأدوات التجميل وأن المجني عليه أرسل له حوالة بنكية بمبلغ 220 ألف يورو ولم يسدد باقي المبلغ المتفق عليه وأنه حضر إلى المجني عليه الذي طلب منه تحرير إيصال أمانة بالمبلغ والتوقيع عليه بحجة إنهاء معاملات بنكية فحرر له الإيصال ووقع عليه ثقة منه فيه وأن الإيصال لا يمثل حقيقة الواقع وأنه ورد له بضاعة بقيمة 200 ألف يورو ومن ثم فإن حقيقة العلاقة بينهما أنها علاقة تجارية ينتفي معها التأثيم إذ أن العبرة بحقيقة الواقع كما أن نص السند الذي تساند إليه الحكم لا يؤدي إلى القول بتوافر عقد الوكالة إذ لم يتحقق سفر الشخص المطلوب لتسليمه المال إلى فرنسا ومن ثم ينتفي الركن المادي للجريمة كما أن الطاعن وقع السند على بياض ولم يكن به ثمة بيانات وطلب الطاعن إحالة المستند إلى المختبر الجنائي لإثبات أنه لم يحرر بياناته وأن بياناته قد حررت في فترة زمنية لاحقة على التوقيع كما تناقضت أقوال المجني عليه مع شاهده ولم يثبت من وحدة الالتزام الجمركي أن المجني عليه قد دخل بأي مبالغ عن طريق المطار ولم يوضح في السند سبب المبالغ المحرر بها مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة مما شهد به المجني عليه و -------------------- وصورة إيصال الأمانة وما قرره ---------------- وما قرره المتهم بمحضر جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة من أنه قام بكتابة إيصال الأمانة موضوع الدعوى وأن التوقيع المذيل عليه هو توقيعه.
لما كان ذلك وكانت المادة 404\1 عقوبات تنص على أنه "يعاقب بالحبس كل من اختلس أو استعمل أو بدد مبالغ أو سندات أو أي مال آخر منقول إضراراً بصاحب الحق عليه متى كان قد سلم إليه على وجه الوديعة أو الإجارة أو الرهن أو عارية الاستعمال أو الوكالة" ومفاد عبارة الوكالة الواردة بهذا النص وحسبما استقرت عليه أحكام محكمة التمييز لا ينصرف إلى الوكالة حسبما هي معرفة به في القانون المدني الذي بمقتضاه يلتزم الوكيل بأن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل فحسب بل يندرج تحت حكمها أيضا حالة الشخص الذي يكلف بعمل مادي لمنفعة مالك الشيء أو غيره ومن ثم فإن اختلاس المتهم أو تبديده للمال المسلم إليه لتوصيله إلى آخر أو استعماله لمنفعة المالك يكون مؤثما في حكم المادة 404\1 عقوبات وجريمة خيانة الأمانة حسبما هي معرفة به في القانون تتحقق بكل فعل يدل على أن الأمين اعتبر المال الذي أتمن عليه مملوك له يتصرف فيه تصرف المالك ويتحقق القصد الجنائي فيها بتصرف الحائز في المال المسلم إليه بموجب عقد من العقود الواردة في المادة 404 عقوبات بنية إضاعته على ربه ولا يشترط لبيان القصد الجنائي في تلك الجريمة أن يتحدث عنه الحكم صراحة وعلى استقلال بل يكفي أن يكون مستفادا من ظروف الواقعة ، لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا وكانت المحكمة المطعون في حكمها قد انتهت بأسباب سائغة أن الطاعن قد تسلم المبلغ المبين بوصف الأمانة بقصد توصيله إلى الغير واعترف الطاعن بصدور السند منه والتوقيع عليه واطمأنت إلى حقيقة السند بات تسلم الطاعن للمبلغ كان على سبيل الوكالة لتوصيله إلى الغير آخذا بأقوال المجني عليه وشاهده وكان الثابت من مدونات الحكم وأوراق الدعوى أن الطاعن امتنع عن رد المبلغ بنية إضاعته على المجني عليه فمن ثم فإن كافة شروط جريمة خيانة الأمانة تكون قد توافرت في حق الطاعن وهو ما لم يقصر الحكم المطعون فيه في استظهاره ويكون كافة ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن من عدم ملأ البيانات أو سبب تحرير السند وظروفه والمبلغ الذي تسلمه وطريقة توصيله وتسلمه من قبيل الجدل الموضوعي الذي تختص به محكمة الموضوع دون معقب لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز، لما كان ذلك وكان تناقض أقوال المجني عليه وشاهده في بعض التفصيلات لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته مادام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض فيه كما في الدعوى الراهنة ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول، لما كان ما تقدم فإن الطعنين برمتهما يكونا على غير أساس من الواقع والقانون متعيني الرفض.