باسم صاحب الجلاله الملك حمد بن عيسى بن سلمان اَلخليفة ملــــك مملكـــة البحريــن بالجلسة المنعقدة علنا بالمحكمة الكبرىالمدنية الأولى بتاريخ / / برئاسة القاضي سعيد عبدالله محمد الحميدي وعضوية القاضي عصام رشاد محمد علي برئاسة القاضي حسام محمد طلعتمحمد وبحضور أمين السر علي عبدالله العرادي صدر الحكم التالي في الدعوى ..........
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة قانونا .
حيث أن وقائع الدعوى تخلص حسبما يبين من سائر الأوراق في أنالمدعية أقامتها بلائحة بطلب الحكم بإلغاء القرار الإداري الصادر من المدعى عليهاالأولى بتاريخ 21/6/2007 بإنهاء خدمة المدعية وذلك في مواجهة المدعى عليه الثاني . وإلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة مع إحتفاظ المدعية بحقها فيالتعويض حال عدم إعادتها إلى العمل .
وذكرت المدعية شرحاً لدعواها أنهاالتحقت بالعمل بـ ........... منذ تاريخ 18/10/1986 بوظيفة ........ ، وقد أصدرتالوزارة المذكورة القرار الطعين بإنهاء خدمة المدعية على سند من تغيبها عن العملبدون عذر ، ولما كان هذا القرار صدر مخالفا للواقع والقانون ذلك أن المدعية كانتقائمة بإجازتها السنوية لمدة شهر بناء على موافقة وكيل الوزارة ....... في الفترةمن 27/5/2007 لغاية 27/6/2007 وهي ذات الفترة التي إعتبرتها الوزارة إنقطاع عنالعمل بدون عذر ، بالإضافة إلى أنه على فرض أن المدعية كانت منقطعة عن العمل فإنالمادة (75) من قانون الخدمة المدنية رقم (35) لسنة 2006 قد إستوجبت إنذار الموظفكتابة قبل إنهاء خدمته وهو ما لم تقم به الجهة الإدارية مما يعيب القرار بعيبمخالفة القانون وهو ما حدا بالمدعية إلى إقامة دعواها بطلب الحكم لها بما سلف بيانهمن طلبات .
وقدمت المدعية سنداً لدعواها حافظة مستندات طويت على :-
1- صورة من القرار رقم ........ بندب المدعية للعمل بـ ........ .
2- صورة من القرار رقم ........ بإنهاء ندب المدعية من العمل بإدارة ....... وإعادتها إلى العمل بوظيفتها الأصلية .......
3- صورة من إخطار المدعية بإنهاءخدمتها للإنقطاع عن العمل لمدة تجاوز (15) يوما بدون عذر مقبول .
وتداول نظر الدعوى بجلسات المحكمة على النحو الثابت بمحاضرها ،حيث حضرت ممثلة المدعى عليهما وقدمت مذكرة دفاع طلبت في ختامها الحكم برفض الدعوىعلى سند من أن القرار المطعون فيه صدر سليماً ومشروعاً وقد سبق إنذار المدعيةبتاريخ 6/6/2007 برسالة رسمية بعلم الوصول إلا أنها رفضت إستلام الرسالة واستمرت فيالإنقطاع عن العمل ، وقد أرفقت بهذه المذكرة حافظة مستندات من أهم ما طويت عليه :- 1- صورة من الإنذار الموجه للمدعية بتاريخ 6/6/2007 بضرورة إستلام عملها وإلا سوفتضطر الإدارة إلى إتخاذ الإجراءات اللازمة حسب نظام الإنضباط الوظيفي.
2- إشعار يفيد رفض المدعية استلام الإنذار بعودتها إلى العمل .
كما حضر وكيلالمدعية وقدم مذكرة دفاع تمسك فيها بذات الدفوع الواردة بلائحة الدعوى والحكمبالطلبات الواردة بلائحة الدعوى وإحتياطيا وقبل الفصل في الموضوع إستدعاء ........ وكيل وزارة ......... لإستجوابه بشأن ما قررته المدعية من أنه أذن لها بالخروجللإجازة السنوية للفترة من 27/5/2007 لغاية 27/6/2007 وإلزام المدعى عليها بتقديمبيان عن رصيد الإجازات السنوية للمدعية قبل صدور قرار إنهاء خدمتها .
وقررت المحكمة إصدار الحكم في الدعوى بجلسة اليوم .
حيث أنالمادة (75) من قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم (35) لسنة 2006 تنص علىأن "يعتبر الموظف مستقيلاً إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوما متصلةأو ثلاثين يوماً غير متصلة في السنة ويتعين إنذار الموظف كتابة خمسة أيام في الحالةالأولى وعشرين يوماً في الحالة الثانية .
فإذا قدم الموظف خلال العشرينيوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول يجوز للسلطة المختصة إحتساب مدةالإنقطاع إجازة سنوية أو مرضية إذا كان له رصيد منها يسمح بذلك وإلا أعتبرت إجازةبدون راتب .
فإذا لم يقدم الموظف أسبابا تبرر الإنقطاع أو قدمها ورفضتأعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل في حالة الإنقطاع المتصل ، ومنتاريخ إتمام مدة الثلاثين يوما في حالة الإنقطاع غير المتصل" .
وحيث أن مفاد ذلك أن الموظف المنقطع عن عمله المدد المنصوص عليهافي المادة (75) المشار إليها يعتبر مقدما استقالته ، إلا أنه يشترط لإعمال هذاالأثر أن تتوافر عناصر الإستقالة الضمنية وتتكامل أركانها ذلك أن هذه الإستقالةالضمنية شأنها شأن الإستقالة الصريحة تقوم على إرادة الموظف ، فإذا كانت الأخيرةتستند إلى طلب مقدم من الموظف فإن الإستقالة الضمنية تقوم على اتخاذه موقفا ينبئ عنانصراف نيته إلى الإستقالة بحيث لا تدع ظروف الحال أي شك في دلالته على حقيقةالمقصود ، ويتمثل الموقف في الإصرار على الإنقطاع عن العمل ، وقد أخذ المشرع هذاالأمر في الحسبان عند صياغته لنص المادة (75) بقوله "يعتبر الموظف مستقيلا ..." فأراد أن يرتب على الإستقالة الضمنية إذا ما توافرت عناصرها وتكاملت أركانها ذاتالاثر المترتب على الإستقالة الصريحة وهي انتهاء خدمة الموظف ، وهذه الإرادة منجانب الموظف بالنسبة لنوعي الإستقالة هي التي تمثل ركن السبب في القرار الإداري وهوقرار إنهاء الخدمة . ومن ثم فإنه متى كانت ظروف الحال تقطع بأن انقطاع الموظف لايفيد ولا يكشف عن أن نيته ورغبته قد اتجهت إلى الإستقالة وهجر الوظيفة والعزوف عنهاانتفت في هذه الحالة قرينة الإستقالة الضمنية . فضلا عن أن اعتبار الموظف مستقيلاوإنهاء خدمته رهين بمراعاة إجراء شكلي جوهري مقتضاه إنذاره كتابة بعد خمسة أيام منانقطاعه وذلك بقصد التأكد من إصراره على تركه العمل وعزوفه عنه وإعلانه كذلكبالإجراء الذي تنوي الإدارة اتخاذه حيال انقطاعه سواء تمثل هذا الإجراء في الإحالةإلى التحقيق تمهيدا لمؤاخذته تأديبيا أو في إنهاء خدمته حتى يسارع بإبداء عذره فيالحالة الثانية إن كان متمسكا بوظيفته ومن ثم يتعين أن تأتي عبارات الإنذار واضحةجلية في أن جهة الإدارة سوف تنهي خدمته إن كان هذا هو قصدها وهدفها من الإنذار .
ولما كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن المدعية انقطعت عنالعمل بتاريخ 21/5/2007 فقامت الجهة الإدارية – المدعى عليها الأولى – بإنذارهابموجب البرقية المؤرخة 6/6/2007 التي تضمنت أن تصرف المدعية يعد مخالفة صريحة طبقاللبند رقم (8) من جدول المخالفات والجزاءات فقد تقرر إبلاغك – المدعية – بضرورةاستلام العمل وإلا سوف تضطر الإدارة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة حسب نظام الإنضباطالوظيفي في هذا الخصوص ، وحيث جاءت عبارات ذلك الإنذار على هذا النحو فإن لا يكونهناك محل للاحتجاج بهذا الإنذار في مواجهة المدعية – بغض النظر عن استلام المدعيةلهذا الإنذار أو امتناعها عن استلامه – لأن عباراته جاءت غير قاطعة أو صريحة فيبيان إنهاء خدمتها في حالة عدم عودتها إلى العمل خاصة وأن المخالفة التي نسبتهاالمدعى عليها الأولى للمدعية بهذا الإنذار والتي تقع تحت البند رقم (8) من جدولالمخالفات والجزاءات الملحق بالنشرة رقم 76 الصادرة بتاريخ 7/1/2006 هي عصيانالأوامر والتعليمات الخاصة بالعمل والجزاء المقرر لمرتكب هذه المخالفة في المرةالأولى هو التأنيب الكتابي إلى 3 أيام توقيف عن العمل والراتب وبالتالي يكون هذاالإنذار فضلا عن عدم الإعتداد به لكون عباراته لم تفصح بجلاء عن اتجاه نية المدعىعليها إلى إنهاء خدمة المدعية غير مرتبط بواقعة انقطاع المدعية عن العمل ، الأمرالذي يفقد قرار إنهاء خدمة المدعية المطعون عليه إجراء جوهريا لازما لصحته ، هذافضلا عن أن البين من ظروف الحال أن انقطاع المدعية عن العمل – بعد إنهاء ندبها منالعمل بإدارة ...... – لا يكشف ولا يفيد عن أن نيتها ورغبتها قد اتجهت إلىالإستقالة وهجر الوظيفة والعزوف عنها خاصة وأن الجهة الإدارية لم تمهلها مدةالعشرين يوما التالية للإنذار التي حق للمدعية خلالها أن تثبت أن انقطاعها كان بعذرمقبول حتى يمكن القول بتوافر نية هجر الوظيفة لدى المدعية ، مما يتعين معه بقاءرابطة التوظف قائمة بين المدعية والجهة الإدارية ولا يجوز بالتالي اعتبار خدمتهامنتهية ، ولا يقدح في ذلك ما نص عليه القرار المطعون فيه من أن اعتبار المدعيةمستقيلة ضمنيا لانقطاعها عن العمل لمدة تجاوز (15) يوما بدون عذر وذلك استنادا إلىالنشرة رقم (76) المشار إليها والتي تضمنت أن مخالفة الإنقطاع عن العمل تم حذفهاواعتبار الموظف المنقطع عن العمل مستقيل ضمنيا من الخدمة لكون هذا الحكم قد تمإلغائه بصدور قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم 35 لسنة 2006 والمعمول بهاعتبارا من 3/8/2006 والذي نص في المادة الأولى من مواد الاصدار على أن يلغى كل نصيتعارض مع أحكامه ، الأمر الذي يغدو معه قرار إنهاء خدمة المدعية قد صدر بالمخالفةلصحيح حكم القانون جديرا بالإلغاء مع ما يترتب عليه من آثار .
ومن حيث أنه عن المصروفات شاملة أتعاب المحاماة فإن المحكمة تلزمبها المدعى عليها الأولى عملا بحكم المادة (192/3) من قانون المرافعات .
فلهذهالأسباب
حكمت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه منإنهاء خدمة المدعية اعتبارا من 21/5/2007 للإنقطاع عن العمل مع ما يترتب على ذلك منآثار وألزمت المدعى عليها الأولى بالمصروفات ومبلغ عشرين دينار مقابل أتعابالمحاماة .
بناء الإنسان هو الهدف الأسمى الذي نبذل كل جهد من أجل تحقيقه