عنـــوان البحث
اهلية الوجوب لدى الجنين في القانون المغربي
مؤلـــف البحث: محمد مومن
معلومات النشر:
إسم المجلة : مجلة الحقوق نوع المجلة : فصلية رقم العدد : 3السنة : 2004الدولة : الكويت
معلومات اكاديمية:
استاذ كلية الحقوق - مراكش - المملكة المغربية.
الملخص
إن أهلية الوجوب بوصفها صلاحية الشخص لثبوت الحقوق له أو عليه, تثبت لكل إنسان في المجتمع, ولأن مناطها الحياة والصفة الإنسانية, ولا علاقة لها بالسن أو العقل, فهي تبدأ من وقت الحمل, لذلك فإن الجنين تثبت له شخصية قانونية تجعله يتمتع بأهلية وجوب, ولا يملك شيئا من أهلية الأداء. ونظرا للوضع الطبيعي للجنين, فإن أهلية الوجوب لديه تكون ناقصة من عدة نواح, أهمها: أنها تثبت له من جهة الوجوب له لا عليه, وأنها مقصورة على بعض الحقوق دون بعضها الآخر, ثم هي متوقفة على تمام ولادته حيا.
المقدمة
الأهلية في اللغة هي الصلاحية والجدارة والكفاية لأمر من الأمور، فالأهلية للأمر هي الصلاحية له، ومنه قوله تعالى في حق المؤمنين "والزمهم كلمة التقوى وكانوا احق بها واهلها" ، وايضا قوله تعالى: {هو أهل التقوى واهل المغفرة(56) .
وفي الاصطلاح، هي صلاحية الشخص لاكتساب الحقوق والتحمل بالإلتزامات، ومباشرة التصرفات القانونية التي يكون من شانها إن تكسبه حقا، أو تحمله التزاما على وجه يعتد به قانونا ، وهو تعريف مركب يدل على إن الأهلية نوعان:
أهلية وجوب ، وينطبق عليها الشق الأول من التعريف، وأهلية أداء، ويقصد بها ما جاء في الشق الثاني.
وتخضع أهلية الفرد، بحسب الفصل الثالث من قانون الإلتزامات والعقود المغربي، لقانون أحواله الشخصية . ويهمنا في هذه الدراسة أهلية الوجوب، التي تعني صلاحية الانسان لكسب الحقوق والتحمل بالإلتزامات، وتختلط في نظر البعض مع الشخصية نفسها ، أو هي "في الواقع الشخص ذاته منظورا إليه من الناحية القانونية" ، فكل انسان شخص قانوني تتوافر فيه أهلية الوجوب، وتثبت له هذه الأهلية من وقت ولادته حيا، بل قبل ذلك في بعض الوجوه عندما يكون جنينا، إلى وقت موته، بل بعد ذلك إلى حين تصفية تركته وسداد ديونه ، فيكون مناط أهلية الوجوب هو الحياة ؛ اذ ليس لها علاقة أو ارتباط بالسن، أو العقل، أو البلوغ، أو الرشد لدى الانسان ، ولا تتأثر بأيّ عارض ماعدا الموت ، وهي بذلك لا تثبت للانسان بوصفها قاعدة عامة إلا بتمام ولادته حيا ، ويترتب على هذه القاعدة إن الأهلية لا تثبت للجنين أو الحمل المستكن في بطن أمه، فالذي لم يولد بعد لا يملك اية أهلية من أيّ نوع كان. غير إن تطبيق هذا الأصل قد يفضي من الناحية العملية إلى الاضرار بهذا الجنين لدى ولادته حيا، حيث لوحظ انه إلى جانب حماية حق الجنين في الحياة ، هناك مصلحة اجتماعية وقانونية بالاعتراف للجنين بوجود وحقوق قبل إن يولد، سواء ما تعلق منه بالأسرة، من قرابة ونسب، أو ما كان ماديا يتعلق بالإرث والوصية والوقف وغيرها ، اذ انه شخصية إحتمالية، تكون له مصلحة في إن تثبت له أهلية من نوع معين لحماية حقوقه ، لذلك اعترفت كل القوانين بأهلية وجوب ناقصة، وهي نتيجة سليمة من حيث إن الجنين لا تثبت له أهلية الوجوب كاملة التي تثبت لمن يولد حيا، وهو اعتراف يمكن من القول مع بعض الفقه إن الشخصية القانونية للشخص الطبيعي تبدأ من وقت الحمل، وتكون شخصية إحتمالية، ولا تصبح شخصية يقينية إلا بولادته حيا .
والجنين هو الحمل في بطن أمه، وسمي به لاستتاره فيه، إذ الاجتنان هو الستر ، جاء في القاموس المحيط: الجنين: الولد في البطن، جمعه أجنة واجنن، والجنين هو المستور في الرحم، بين ظلمات ثلاث ، وبعد الخروج لا يسمى إلا ولدا أو سقطا .
ويمر الجنين في تطوره باطوار يحددها قوله تعالى: {ولقد خلقنا الانسان من سلسلة من طين(12) ثم جلعناه نطفة في قرار مكين(13) ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظم لحما ثم أنشأناه خلقا اخر فتبارك الله احسن الخالقين(14)} ، ولا يكاد ما وصل إليه الطب الحديث يختلف عما جاء في القران الكريم.
ففيما يتعلق بالنطفة ، وهي ماء الرجل والمرأة معا، فأما إن يذكرها القرآن بهذا اللفظ ، واما إن يذكر مادتها وصفاتها ، كقوله تعالى: {خلق من ماء دافق(6) يخرج من بين الصلب والترائب(7)} . ويتم الاخصاب باتحاد البويضة بالحيوان المنوي ، حيث تتكون خلية ملقحة، تتطور "في قرار مكين" لتشكل بدء تكوين الجنين، ليبدأ بعد ذلك طور التخلق الذي يمر بمراحل متعددة، اولها العلقة ، ثم المضغة ، ثم العظام، ثم كساء هذه العظام لحماً، ثم الانشاء خلقا اخر، بعد التصوير والتسوية والتعديل، ثم نفخ الروح.
وتعريف الجنين يفيد انه مستتر لا يرى، فهو مخلوق غير ظاهر، كما انه انسان غير كامل، اذ قد يولد حيا، أو يخرج سقطا، فهو "مجهول الوصف والحال" ، وبذلك، فإنه محتمل ظهوره وغير محتمل، وهي صفات لها تأثير كبير على تحديد أهلية الوجوب لديه، بحيث تكون بالقدر الذي يتمشى مع استتاره، وعدم استكماله خلقه، ومن انه محتمل ظهوره وغير محتمل، ومن جهة اخرى، فإن الجنين قبل انفصاله عن أمه يعد جزءا منها، إلا انه لما كان منفردا بالحياة، ومعدا للانفصال عنها، فإنه لا يعد جزءا لها مطلقا ، فهو شخصية افتراضية وإحتمالية ، فتكون له أهلية وجوب، ولكنها محدودة، فهي لا تتحمل بالإلتزامات ولكنها ناقصة من حيث التمتع بالحقوق واكتسابها، حيث تثبت له بعض الحقوق دون بعض ، كما إن تمتعه بهذه الحقوق ذاتها مقيد ؛ اذ تثبت له الحقوق التي لا تحتاج مبدئيا في وجودها وصحتها إلى قبول منه، لكنه غير أهل للحقوق التي تتطلب ارادة ، على إن قدر التمتع بالحقوق ثابت، لا يزيد ولا ينقص، طوال مراحل التكوين، كما إن الوجوب هنا غير مقصود بنفسه بل المقصود حكمه.
ومن الحقوق التي تثبت للجنين الإرث، والوصية، والوقف. وإختلف الفقه في ثبوت الهبة له . كما إختلفوا حول بيان أساس ثبوت هذه الحقوق له وطبيعتها، هل هي معلقة بشرط انفصاله حيا، فلا تثبت له قبله، أو هي ثابتة له في حال كونه حملا، لكن ثبوتها مراعى بانفصاله حيا، فاذا انفصل حيا تبينا ثبوتها من حين وجود اسبابها؟.
ولدراسة ذلك، سوف نقسم هذه الدراسة إلى فصلين؛ نتناول في الأول ثبوت أهلية الوجوب للجنين، وفي الثاني انواع الحقوق المقررة للجنين.
الفصل الأول
ثبوت أهلية الوجوب للجنين
إذا كان الفقه قد اجمع على اكتساب الجنين لأهلية وجوب ناقصة تثبت له بها بعض الحقوق، فإن التساؤل يطرح من جهة حول أساس ثبوت هذه الحقوق له، وهل كانت تثبت له على سبيل الإستثناء على الرغم من عدم تمتعه بالشخصية القانونية التي لا تبدأ إلا من ولادة الجنين حيا، ام انها تثبت له نتيجة ثبوت الشخصية القانونية له؟ وكذا حول طبيعة هذه الحقوق التي يكتسبها الجنين. ومن جهة أخرى، حول كيفية حماية المشرع لهذه الحقوق بالنظر إلى الحالة المادية للجنين؟
لذلك سندرس في المبحث الأول ثبوت الحقوق للجنين من حيث أساسه وطبيعة هذه الحقوق، وفي المبحث الثاني الحماية القانونية لحقوق الجنين.
المبحث الأول
ثبوت الحقوق للجنين
يتفق علماء الشريعة الإسلامية، وفقهاء القانون الوضعي على إن الجنين تثبت له مجموعة من الحقوق الشرعية أو المدنية، إلا انهم إختلفوا من جهة حول أساس ثبوت هذه الحقوق له، ومن جهة اخرى حول طبيعة الحقوق التي تثبت له في الفترة قبل ولادته.
ولتبيان ذلك، سنعرض لإتجاهات الفقه حول أساس ثبوت الحقوق للجنين في المطلب الأول، ثم لمواقفه من طبيعة هذه الحقوق في المطلب الثاني.
المطلب الأول
أساس ثبوت الحقوق للجنين
انقسمت اراء الفقهاء في بيان أساس ثبوت الحقوق للجنين إلى إتجاهين رئيسيين:
الإتجاه الأول: يرى إن الشخصية القانونية للانسان تبدأ من وقت تمام ولادته مع تحقق حياته عند الولادة ، "فالشخصية لا يتصور منحها إلا لكيان له قدر من الوجود الذاتي المستقل. أما الجنين في بطن أمه، فهو يظل حتى ولادته جزءا منها معتمدا عليها في غذائه وتنفسه" ، ومن ثم فإن ولادة الجنين حيا تعد شرطا لاكتسابه الشخصية القانونية، أما قبل الولادة فلا شخصية له، ويكون غير صالح لاكتساب أيّ من الحقوق . وان اعتراف المشرع له بمجموعة من الحقوق يعد أمرا استثنائيا أملته ضرورة رفع الظلم عن الجنين، وحماية حقوقه، فلا تثبت له من الحقوق سوى تلك التي يعطيها له القانون صراحة ، لان المشرع وحده يملك حق تقرير اكتساب الجنين للحقوق، كما يملك تقريرها لغيره، ومن ثم لا يجوز القياس عليها، ولا التوسع في تفسيرها، لانها جاءت على خلاف الأصل الذي يشترط الولادة حيا لثبوت الشخصية، كما إن ثبوتها يكون مقصورا على تلك الحقوق التي لا تحتاج إلى قبول ، ولا يحتج على ذلك بان القانون قد اجاز تعيين وصي على الجنين يمكن إن يقبل عنه، لان هذا الوصي لدى هذا الرأي ما هو إلا امين لحفظ اموال الجنين .
أما الإتجاه الثاني فيرى انه إذا كانت الشخصية القانونية هي مجرد الصلاحية لاكتساب الحقوق، ولو لم تكتسب حقوقاً فعلا، وهي أيّضا الصلاحية لاكتساب بعض الحقوق وليس كلها، فإن النتيجة المنطقية لكل هذا هو إن الجنين يتمتع بالشخصية القانونية، وتبدأ بذلك هذه الشخصية بالنسبة للانسان "منذ الحمل، لا منذ الولادة، اذ لا يعقل إن تبدأ الأهلية قبل إن تتكون الشخصية" ، ومن ثم، فإن "تحقق ولادته حيا لا يحدد اذن بداية شخصيته، فهي مبتدأة منذ الحمل، وإنما يؤكد استقرار هذه الشخصية المبتدأة من قبل استقرارا باتا ونهائيا. ولكن لتحقق هذه الولادة اثرا مهما اخر، هو إعتباره بداية لاتساع أهلية وجوب الانسان بعدما كانت عليه من قصور ونقصان وقت الحمل، فكأن تمام الولادة حيا شرط لاستقرار ما كان ثابتا للانسان منذ الحمل من شخصية غير باتة، وشرط كذلك لبداية اتساع مدى أهلية الوجوب، والخروج بها من طور القصور والضمور" ، وينتج من ذلك إن شخصية الانسان تبدأ منذ الحمل ، وان أهلية وجوبه تكون ناقصة وقت الحمل ، فالنقصان يلحق بأهلية الوجوب لا بالشخصية .
وهذا الإتجاه هو الذي نؤيده على إعتبار إن القول بوجود حق يعني بالضرورة وجود صاحب ينسب إليه، والحقوق لا تثبت إلا لمن اعترف له القانون بالصلاحية لاكتسابها، أيّ لمن يتمتع بالشخصية القانونية التي تخوله لاكتساب الحقوق وتحمل الإلتزامات، وهي تتوافر لدى الشخص إذا كان صالحا لاكتساب ولو لحق واحد فقط، ومن ثم تثبت بصرف النظر عما يمكن إن يكسبه من حقوق أو يلتزمه من واجبات، كما لا يشترط لثبوتها إن تتوافر للانسان القدرة الارادية لكسب حق أو للتحمل بالتزام، ولذلك فهي أما إن توجد واما إن تنعدم، واذا وجدت، فإنها تكون كاملة ولا تتصور أبداً ناقصة؛ فهي تعبير عن وصف مجرد لا يقبل النقصان، فليس بين وجودها وعدم وجودها منطقة وسطى هي الوجود الناقص، أو الشخصية الناقصة، ومن هذا المنطلق، فإن اجماع القوانين والفقه على إن الجنين تثبت له مجموعة من الحقوق يجعل النتيجة المنطقية لذلك إن الجنين يتمتع بالشخصية القانونية، ولا يمكن إن تثبت له هذه الحقوق مع عدم إعتبارها، ثم إن الجنين من جهة اخرى جزء من أمه، إلا انه جزء قابل للانفصال عنها، وهي تتمتع بالتأكيد بالشخصية القانونية، فيكتسب هو الآخر هذه الشخصية تبعا للرابطة التي تربطه بأمه. لكل ذلك، فإنه يمكن القول إن الشخصية القانونية بالنسبة للانسان تبدأ بمجرد الحمل، خصوصا إن لا شيء يمنع، من منطق القانون، من إن يكون للجنين شخصية قانونية، فالقانون يعترف للاشخاص بشخصية مفترضة وهم أجنة في بطون أمهاتهم، وهذا الاعتراف في الحقيقة ليس إستثناء من قاعدة عامة مقتضاها إن شخصية الانسان لا تبدأ إلا بولاته،وإنما هو قاعدة عامة تشمل جميع بني الانسان، ومن ثم فإن شخصية الانسان تبدأ من وقت الحمل، لتوافر شرط الحياة المتطلبة لهذه الشخصية فيه، لانه يعد حيا بإعتبار المآل، ويكون تقدير حياته هو استدلال على حياته في البطن بحياته التي تتحقق بعد وضعه على طريق الاستصحاب المعكوس، أيّ الحكم على الماضي بما ثبت في الحاضر، وهو ما يدعو إلى التساؤل حول إمكانية القول إن الجنين تكون له شخصية قانونية بحسب المآل. وبهذا الاستدلال افترض المشرع توافر شرط الحياة للجنين، الذي تثبت له به أهلية الوجوب لاكتساب بعض الحقوق، ويكون شرط ثبوت الحقوق للجنين بعد انفصاله حيا هو شرط لنفاذ هذه الحقوق، لانها تثبت له وهو في بطن أمه، أيّ إن اشتراط انفصاله حيا ظاهره انه لا تثبت له إلا بعد انفصاله مع انها تثبت له وهو في بطن أمه من وقت تحقق سببها. بل إن بعض القوانين تأكيدا لهذه الشخصية أوجبت عليه "الإلتزامات التي تقتضيها ادارة امواله" .
وعلى ذلك فإنه ليس هناك أصل ولا إستثناء بالنسبة للشخصية القانونية للجنين، وإنما مرحلة إحتمال ومرحلة تحقق، من حيث إن الجنين تكون له حياة ذاتية، كما يكون مهيأ للانفصال والاستقلال بذاته، فإنه تثبت له شخصية قانونية تجعله صالحا لاكتساب الحقوق، ومن حيث إن انفصال الجنين واستقلاله بذاته يكون غير محقق، فإن الشخصية القانونية التي تثبت له تكون شخصية إحتمالية . أما الاختلاف حول نوع الحقوق التي تثبت له، بين حقوق تحتاج إلى قبول، وحقوق اخرى لا تحتاج إليه، إنما يتعلق بمصادر الحقوق التي يكتسبها الجنين ولا يمس حقه في اكتسابها، كما إن ذلك يؤدي إلى ادخال غلة الاموال التي تشملها التركة ضمن الحقوق المقررة له، وذلك من وقت ثبوت الحمل لحين ولادته حيا، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
المطلب الثاني
طبيعة حقوق الجنين
إختلف الفقهاء حول طبيعة الحقوق التي تثبت للجنين، ويمكن التمييز بهذا الصدد بين عدة آراء، أهمها:
أولاً- حقوق الجنين معلقة على شرط واقف:
يرى بعض الفقه إن حقوق الجنين معلقة على شرط واقف هو تمام ولادته حيا، فاذا تم ذلك تأكدت هذه الحقوق بأثر رجعي، أيّ ليس من وقت الميلاد بل من وقت تحقق سبببها، وإن ولِدَ ميتا فهو كانه لم يكتسب هذه الحقوق في أيّ وقت من الأوقات ، وترد الاموال إلى ورثة المورث الاصلي ليس على انها تركة الجنين، بل على انها تركة هذه المورث الاصلي .
فهذا التصور يمتاز بأنه تفسير صحيح لهذه الظواهر القانونية، وذلك استنادا إلى فكرة الاثر الرجعي للشرط الواقف سواء تحقق هذا الشرط أو تخلف . ويعيب الاستاد علي حسن نجيدة على هذا التصور انه "في الشرط الواقف تعلق الحقوق والإلتزامات بناء على ارادة المتعاقدين، والتعلق في حالة الجنين لا يرجع إلى إرادته إنما إلى حكم القانون. وهذا علاوة على إن الشرط يعد دائما أمرا عرضيا، يمكن تصور الحق من دونه، وميلاد الجنين ليس كذلك، فهو أمر اصلي لا يتصور وجود الجنين من دونه، لهذا لا يمكن وصف حقوق الجنين قبل ميلاده بانها معلقة على شرط واقف . غير إن الشرط موجود هنا أيّضا لان الولادة، وهي الأصل كما يقول، تفترض إحتمالين: إحتمال الحياة، وإحتمال الموت، ومن ثم يعد شرطا كما يرى الفقهاء.
ثانيا: حقوق الجنين معلقة على شرط فاسخ:
اورد بعض الفقه تصورا اخر لطبيعة حقوق الجنين بجعلها معلقة على شرط فاسخ وهو عدم الولادة حيا، فاذا ولد الجنين ميتا، فإن هذه الحقوق الممنوحة له والمعترف له بها تزول تبعا لزوال شخصيته القانونية. وهذا التصور يقدر شخصية حالة الجنين وان كانت مؤقتة ؛ اذ لما كانت شخصية الجنين حالة لزم إن تكون حقوقه من الطبيعة ذاتها، أيّ حالة أيّضا. ولما كانت هذه الشخصية مؤقتة وجب إن ينصرف هذا الوصف إلى الحقوق أيّضا. فاذا ولد ميتا زالت شخصيته المؤقتة وزال معها ما كان له من حقوق. ويعقب الاستاذ على حسن نجيدة بقوله: "إن حقوق الجنين لا تعد حالة لان وجودها ذاته معلق على ميلاده حيا. ولو كانت شخصية الجنين حالة لوجب إن يترتب على موته ما يترتب على موت الشخص العادي من انتهاء شخصيته القانونية بما يستببع ذلك من توزيع حقوقه على ورثته هو وليس على ورثة المورث الاصلي. هذا علاوة على إن الشرط الفاسخ كالشرط الواقف، كلاهما عنصر عرضي يرجع لإرادة الافراد. والأمر هنا يرتبط بإرادة المشرع ولا دخل فيه لإرادة الافراد" .
ويرى بعض الفقه انه ليست كل الحقوق المتعلقة بالجنين مرتبطة بارادة المشرع، فهي معلقة في وجودها على ولادة الجنين حيا، لانها "وفقا للتعبير الفلسفي: إن شخصية الانسان توجد "بالقوة" عندما يكون جنينا، ولكنها لاتتم "بالفعل" إلا منذ لحظة ولادته وانفصاله تاما عن أمه حيا". والحقوق تدور مع طبيعة هذا الوجود، ومن ثم تبقى معلقة على شرط وجودها بالفعل، وهذا الشرط أما شرط واقف تثبت الحقوق كليا بتحققه، وهو ولادة الجنين حيا. أو شرط فاسخ ينهي الحقوق بتحقق الشرط، وهو ولادة الجنين ميتا .
ثالثا: حقوق الجنين حقوق إحتمالية:
وهناك رأي ثالث يعد حقوق الجنين من قبيل الحقوق الإحتمالية، ينصب الإحتمال فيها على تمام الولادة حيا ، وهو عنصر اصيل في الحق وليس عارضا؛ اذ لا يتصور وجود الحق من دونه، وتتوزع حقوقه على مرحلتين: مرحلة كونه جنينا، وفيها تثبت له بعض الحقوق الإحتمالية حتى إذا ما بدأ المرحلة الثانية حالة خروجه إلى الحياة تأكدت الحقوق واكتملت.
ويعيب الاستاذ علي حسن نجيدة على هذا التصور "إن الحق الإحتمالي عندما يتحقق له العنصر الذي ينقصه، يعد موجودا من وقت تحقق هذا العنصر فقط، أيّ إن الحق لا يعد ثابتا للجنين طبقا لهذا التصور إلا بتمام الولادة حيا، وليس قبل ذلك، وهذا يخالف المتفق عليه من إن الحق يثبت للجنين من تاريخ موت مورثه وليس من تاريخ ولادته" .
إلا إن انصار هذا الرأي يرون إن هذا الاعتراض يتصور فقط وفقا للنظرية التقليدية في الحق الإحتمالي، أما النظرية الحديثة في الفقه فترجع الجق الإحتمالي إلى الماضي حيث يتحقق عنصره الاصيل ، ولذلك يخلص هذا الفقه إلى إعتبار حقوق الجنين حقوقاً إحتمالية ينصب الإحتمال فيها على عنصر اصيل، هو تمام ولادة الجنين حيا. فاذا تحقق هذا العنصر عدت الحقوق ثابتة ليس من وقت الولادة، بل من وقت وفاة المورث.
وهذا النظر هو من قبيل التزيد، اذ يلاحظ إن الحقوق الإحتمالية هي الحقوق نفسها الموقوفة على شرط واقف أو فاسخ، ذلك لان الحق الإحتمالي هو حق قد يتحقق أو يزول بتحقق الأمر المستقبل أو تخلفه، وهذا الأمر المستقبل هو الشرط المتوقف عليه وجوده أو عدمه.
والواقع انه يتعين التمييز، بخصوص طبيعة حقوق الجنين، بين الحقوق المالية، مثل تلك الناتجة عن الميراث والوصية، حيث يتوقف تحقق ثبوت ملكيته لها على ولادته حيا، فاذا ولد حيا، امكن لقرابته الاستفادة منها لانها تنتقل إلى غيره عن طريق الميراث، على إن شرط الولادة حيا في هذه الحالة ليس هو الشرط كوصف عارض، تضيفه الإرادة إلى تصرف قائم ومكتمل الأركان، وإنما هو عنصر يستلزمه القانون لترتيب اثر قانوني معين، وبين الحقوق غير المالية مثل النسب والجنسية، التي تستند في ثبوتها إلى مسائل اخرى، مثل اثبات قوة الفراش بين الزوج والزوجة بالنسبة للنسب مثلا، أيّ بمجرد ثبوت النكاح الشرعي بينهما.
المبحث الثاني
الحماية القانونية لحقوق الجنين
إن اعتراف القانون للجنين بأهلية وجوب ناقصة يفيد حقه في الاستئثار بقيمة معينة، تجعله ينفرد بها على سبيل الاختصاص دون غيره من الاشخاص، ليس له جدوى إذا لم توفر له الحماية القانونية، حيث يلزم إلى جانب ذلك إن يكون محميا بالقانون بمنع الغير من التعرض له؛ اذ إن الحالة المادية للجنين تجعل من المستحيل عليه إن يباشر التصرفات القانونية، أو رعاية مصالحه، مما يفرض تعيين شخص يقوم بذلك مقأمه، ويباشر السلطات اللازمة لتحقيق انفراد الجنين بالشيء أو بالقيمة، وتمكينه من الاستفادة منهما بعد ولادته حيا، اضافة إلى ذلك، فإن مرور الزمن المتمثل في التقادم، وهو واقعة مادية يرتب عليها القانون آثارا معينة من حيث اكتساب الحقوق أو سقوطها، يجعل من الضروري وقف سريان التقادم بشانه في حالة عدم وجود من يمثله قانونا. تلك هي اشكاليات سنتناولها في مطلبين، نخصص الأول للوصاية على الجنين، والثاني لسريان التقادم في حقه.
المطلب الأول
الوصاية على الجنين
ميز الفقه بين الولاية والوصاية؛ فالولاية سلطة على شخص القاصر لتنشئته وتعليمه وسائر التصرفات المتعلقة بشخصه، أما الوصاية، فهي سلطة ادارية على مال القاصر لحفظه وادارته واستثماره .
وإختلف الفقهاء حول مسألة الوصاية على الجنين ؛ فبعضهم يرى عدم جواز تنصيبه وصي على الجنين، لانه لا ولاية لاحد على الجنين إلا بعد ولادته حيا، فمن باب اولى إلا يكون له وصي، وقد ذكر إبن عابدين "لو اقام الاب وصيا على الحمل، فإن ولايته لا تثبت إلا بعد ولادته..." ، "لان الجنين في حكم جزء من اجزاء الام، وكما لا يثبت للاب الولاية على الام، فكذلك على ما هو من اجزائها" . يضاف إلى ذلك انه لا ملك للجنين حتى في الاموال المحجوزة له من ميراث أو وصية قبل ولادته حيا، ومن ثم ليس هناك من ضرورة للوصاية، اذ لا محل لها ما دام لا يوجد مال يكون محلا للوصاية . بينما يرى اخرون خلاف ذلك، فيقولون بصحة تعيين وصي على الجنين ما دام ليس له صلاحية الاوصياء من حيث الادارة والتصرف، بل تقتصر مهمته على حفظ مال الجنين حتى ولادته ويسمى بالامين .
وصحة تنصيب وصي على الجنين هو الرأي الراجح لانه يعد حيا حكما وتقديرا، وهو بذلك يثبت له ملك الحقوق التي تتسع لاكتسابها اهليته القاصرة من بدء تكوين فيما لو تحقق شرط استحقاقه لها، وهو ولادته حيا. وهذه الملكية تفتقر إلزاماً إلى من يحافظ عليها ويديرها، ويستثمرها لصالح مالكها المرتقب، إلى غير ذلك من الأمور الوقتية التي تقتضي السرعة، فتتفق الوصاية مع ما تقرر من أهلية وجوب. وهذا ما اخذت به مدونة الأحوال الشخصية، حيث ينص الفصل 151 على انه
"1- يجوز للاب إن يقيم وصيا لولده القاصر أو الحمل، وله إن يرجع عن ايصائه.
2- تعرض الوصاية بمجرد وفاة الاب على القاضي لتثبيتها".
ويسمى الوصي في هذه الحالة بالوصي المختار، وفي حالة عدم وجود ولي أو وصي للجنين، فإن القاضي حينئذ يعين، طبقا للفصل 152 من المدونة ، مقدما ليقوم بشؤون هذا الجنين وغيرها مما يكون في مصلحته، والعمل على صيانة حقوقه. ولهذا المقدم المعين من طرف القاضي المشرف على شؤون المحاجيز إن يتصرف في الحدود التي يحددها له القانون، ويشرف عليه وعلى تصرفاته القاضي الذي نصبه.
وتجدر الاشارة إلى إن للوصي المختار إن يجعل الوصاية لغيره متى حضرته الوفاة، فيكون لهذا الاخير حينئذ الحكم نفسه تماما في جميع التصرفات التي يكون للوصي إن يقوم بها، وليس ذلك لمقدم القاضي، بل لهذا وحده حق اقامة مقدم اخر متى مات الأول أو عزل لسبب من الاسباب. وتكون تصرفات الوصي نافذة، ما دامت لم تخرج عن حدود الصلاحيات الممنوحة له قانونا. واذا ولد الجنين ميتا اعاد الوصي الاموال إلى اصحابها الورثة الذين كانوا يستحقونها حالة تحقق سببها.
المطلب الثاني
وقف التقادم في حق الجنين
ينص الفصل 379 من قانون الإلتزامات والعقود على انه: لا يسري التقادم ضد القاصرين غير المرشدين وناقصي الأهلية الاخرين إذا لم يكن لهم وصي أو مساعد قضائي أو مقدم، وذلك إلى بعد بلوغهم سن الرشد أو ترشيدهم أو تعيين نائب قانوني لهم".
ويتبين من هذا الفصل إن المشرع قد قرر وقف التقادم لمصلحة ناقصي الأهلية شريطة إلا يكون لهم من يمثلهم قانونا حماية لهم، وصيانة لحقوقهم من الضياع، فهل يشمل حكم هذا النص الجنين في حالة عدم وجود ولي قانوني ينوب عنه، كما لو توفي الاب قبل ولادته ولم يعين له وصي؟.
يرى بعض الفقه إن التقادم يجب إن يقف في حق الجنين، ذلك إن التقادم إذا كان يقف لمصلحة المميز وغير المميز، فإنه ينبغي تقرير ايقافه لمصلحة الجنين بالاحرى لاتحاد العلة، غير إن وقف التقادم يتوقف مصيره في هذه الحالة على ولادة الجنين حيا أو ميتا، ففي الحالة الأولى، أيّ إذا ولد الجنين حيا، فإن وقف التقادم يعد نهائيا، بحيث يظل موقوفا إلى إن يعين للمولود من يمثله قانونا، أو إلى إن يرشد، أو إن يبلغ سن الرشد، أما في الحالة الثانية، أيّ إذا ولد الجنين ميتا، فإن وقف التقادم يعد كأن لم يكن، وان التقادم ما زال ساريا منذ البداية.
وهذا هو الرأي يتفق مع الهدف الذي توخاه المشرع من تقرير حكم الفصل السابق، وهو منسجم مع نصوص القانون الاخرى؛ اذ من المقرر إن كمال الأهلية يعد شرطا من شروط قبول الدعوى في من يرفعها ، وبناء عليه، إذا كان الشخص فاقد الأهلية أو ناقصها، ولم يكن له نائب قانوني، فإنه يمتنع عليه مع قيام ذلك الوصف به اقامة الدعوى للمطالبة بحقوقه لقطع التقادم الساري ضده، ثم إن كون تحقق ثبوت الحقوق للجنين معلقا على شرط واقف يقضي بوقف التقادم في اثناء مرحلة الشك، أيّ قبل تحقق الشرط،وما يفضي إليه من عدم تأكد مصير حقوق الجنين، فهي في هذه المرحلة، وان كانت موجودة، فإنها غير نافذة، الأمر الذي يدعو الى وقف التقادم بالنسبة إليه.
وطبقا لهذا التحليل، فإنه يوقف التقادم لصالح كل شخص لم يبلغ سن الرشد، سواء كان مميزا ام فاقد التمييز، ولا يسري في حقه إلا إذا وجد الممثل القانوني من ولي أو وصي أو مقدم، وكلمة شخص تفيد العموم وهي بذلك تشمل حتى الجنين.
الفصل الثاني
انواع الحقوق المقررة للجنين
يظهر من خلال الحقوق التي تثبت للجنين إن بعضها يعد اثرا قانونيا لوقائع قانونية، في حين إن الاخرى مصدرها تصرفات قانونية.
ولتبيان ذلك، سندرس في المبحث الأول، حقوق الجنين الناشئة عن وقائع قانونية، وفي المبحث الثاني، حقوقه الناشئة عن التصرفات القانونية.
المبحث الأول
حقوق الجنين الناشئة عن وقائع قانونية
يقصد بالوقائع القانونية كل واقعة مادية يرتب القانون على مجرد حدوثها اثرا قانونيا معينا غير مستمد من إتجاه إرادي، أيّ من غير إن تكون لإرادة شخص ما أدنى اثر في اختيار قيام هذا الالتزام؛ اذ قد توجد الإرادة كما في الافعال الاختيارية، وقد لا توجد كما في الوقائع الطبيعية، وان وجد الإرادة في القيام بالعمل المادي المكون لهذه الواقعة، فجوهر الواقعة القانونية هو العمل المادي، وليس الإرادة والاختيار في اتيانه . ومن امثلة الوقائع القانوينة المرتبة لاثر قانوني، واقعة الموت، وما في حكمها، فهي بطبيعتها حادث مادي طبيعي لا يد للانسان فيه ولا اختيار له فيه، وعلى الرغم من ذلك تؤدي هذه الواقعة إلى ترتيب آثار قانونية، منها حق الإرث، بحيث تنتقل تركة الشخص المتوفى إلى ورثته كل بقدر نصيبه في الإرث .
لكن ما مصير التركة إذا كان بين الورثة جنين؟ وما اثر اختلاف حالاته من حيث كونه ذكرا أو أنثى، واحدا أو متعددا...، على ميراثه؟ وما مصير الحقوق التي كانت للمورث، كحق الشفعة مثلا؟.
لاجل ذلك، سندرس في المطلب الأول ميراث الجنين، واختلاف ميراثه باختلاف حالاته، وفي المطلب الثاني حق الشفعة للجنين.
المطلب الأول
ميراث الجنين
عرف الفصل 219 من مدونة الأحوال الشخصية الإرث بأنه: "انتقال حق بموت مالكه بعد تصفية التركة لمن استحقه شرعا بلا تبرع ولا معاوضة"، ويشترط في استحقاق الإرث، بحسب الفصل 226 من المدونة ما يلي:
1. تحقق موت الموروث حقية أو حكما.
2. وجود وإرثه عند موته حقيقة أو حكما.
3. العلم بجهة الإرث.
وبذلك فإن من بين شروط الإرث عموما كون الوإرث موجودا، أما حقيقة أو حكما، وقت وفاة المورث، بعد إن يكون سبب الإرث قائما دون مانع. ويقصد بالوجود الحقيقي للوإرث إن يكون حيا بعد وفاة مورثه، أما الوجود الحكمي أو التقديري للوإرث، فيصدق على الجنين في بطن أمه، فقد اعطي له حكم الموجود ، ومن ثم لا خلاف بين الفقهاء على إن الحمل يكون من جملة الورثة، سواء كان من زوجة الموروث منه، ام من زوجة قريبه، أو من أمه ، إلا انه يشترط لذلك تحقق الشرطين الاتيين:
الشرط الأول: إن يكون موجودا في بطن أمه حقيقة أو حكما حين وفاة مورثه، لان الإرث خلافه، والمعدوم لا يتصور إن يكون خلفا عن احد ، وأدنى درجات الخلافة وجود الخلف، والجنين وان لم تكن حياته محققة وقت وفاة المورث التي هي من شروط الوراثة، إلا انه عد حيا بإعتبار المآل ، لان الموجود منه في طريق إن يتكون منه شخص حي، فيعطي له حكم الحياة. ويستدل على وجوده في بطن أمه عند وفاة المورث بولادته حيا في مدة يتيقن فيها، أو يغلب على الظن وجوده في بطنها وقت وفاة مورثه، وبحسب الفصل 84 من مدونة الأحوال الشخصية، فإن "اقل مدة الحمل ستة اشهر وأكثرها سنة مع مراعاة ما ورد في الفصل 76 فيما يخص الريبةْ" .
وتختلف هذه المدة بحسب الأحوال ، فتارة تكون اقل الحمل ، واخرى تكون أكثرها ، مع التأكيد ابتداء إن ثبوت الحق في الميراث يفترض بالضرورة ثبوت نسب الجنين لأبيه:
- إذا كان الحمل من الميت نفسه، فإن ترك زوجته أو معتدته حاملان فلا يرث من الميت ولا من اقاربه إلا إذا وضعته لسنة شمسية على الأكثر من تاريخ الوفاة أو الطلاق، لان مجيئه في هذه المدة دليل على وجوده في بطن أمه وقت الوفاة، فيتحقق الشرط، فيرث. أما إذا وضعته لأكثر من سنة شمسية من وقت الوفاة أو الطلاق، فإنه لا يرث، لانه علم بمجيئه في هذه المدة إن الحمل به كان بعد الموت، وحينئذ لا نسب ولا ميراث .
- واذا كان الحمل من غير الميت، كما إذا توفي عن زوجة ابيه، أو زوجة ابنه حاملا، أو ترك أمه حاملا من غير ابيه، وكان الحمل غير محجوب من الإرث، فأما إن تكون الزوجية قائمة بين الحمل وذلك الغير أو غير قائمة.
- فاذا كانت الزوجية قائمة، فلا يرث الحمل إلا إذا ولد لستة اشهر فأقل من تاريخ وفاة مورثه، لتحقق وجوده في بطن أمه في ذلك الوقت، أما إذا ولد لأكثر من ستة اشهر، فإنه لا يرث، لعدم التيقن من وجوده في بطن أمه وقت وفاة مورثه.
- فإن كانت الزوجية غير قائمة، بان كانت الحامل من غير الميت معتدة من موت أو طلاق، ولم تقر بانتهاء عدتها، فلا يرث الحامل من المورث إلا إذا ولد لسنة على الأكثر من تاريخ الطلاق أو الوفاة، ومات المورث اثناء العدة، لتحقق وجوده في بطن أمه وقت وفاة المورث. فاذا ولد لأكثر من سنة، فلا يرث لعدم تحقق وجوده في بطن أمه عند وفاة مورثه .
الشرط الثاني: إن يولد الجنين حيا لتثبت له أهلية الوجوب لما حجز له من التركة، وهو ما نص عليه صراحة الفصل 220 من مدونة الأحوال الشخصية، الذي جاء فيه انه: "يستحق الإرث بموت الموروث حقيقة أو حكما، وتحقق حياة وإرثه بعد"، لان مناط اهليته حياته التي تظهر وتحقق عند الولادة، ويتحقق ذلك بانفصال المولود كله حيا عن أمه، فلا يكفي خروج جزء منه ولو كان أكثره . فعدم تمام هذا الانفصال يجعله جزءا من أمه . علم إن هذا الانفصال يتحقق ولو لم ينقطع الحبل السري الذي يربطه بأمه، ويسمى هذا الشرط بشرط الاستهلال ، فحياة المولود التي لا شك فيها تكون بأقوى علامة تحققها، وذلك باستهلال المولود لا بحركته أو اختلاجه فقط، اذ الاستهلال لا يكون إلا من حي، أما الحركة فقد تكون من غير حي ، ويستفاد هذا الشرط من الفصل 227 من مدونة الأحوال الشخصية، الذي ينص على انه: "إذا تحققت حياة المولود بصراخ أو رضاع أو نحوهما ورث والا فلا"، وعلامات الحياة المذكورة في هذا الفصل هي على سبيل المثال لا الحصر بدليل قوله "ونحوهما"، فاذا وجدت احدى علامات الحياة ولو لزمن قصير، فإنه يكون قد ولد حيا ولو لاقصى امد الحمل، فإن حصل شك أو الخلاف بين الورثة في حياته من مماته، فللقاضي إن يستعين باهل الخبرة من الاطباء في هذا المجال .
أما إذا وضع الجنين ميتا، لم يرث، لان حياته وقت وفاة الموروث لم تكن محققة، ولو شهد الطبيب المختص بأنه كان حيا في بطن أمه يوم موت ابيه .
وقد يسقط الجنين ميتا نتيجة تعرض الام للضرب أو الجرح أو الاجهاض أو لحادث سير، وما اشبه ذلك، ففي هذه الحالة لا ميراث للجنين لانتفاء شرط الاستهلال، إلا إن لقرابته المقربة (الاب والام) الحق في مطالبة الفاعل بالغرة (التعويض)، فهي التي تستحق عنه دون سواها عند الجمهور ، خلافا لابي حنيفة واصحابه الذين عمموا القياس، فقالوا باستحقاقه حتى الميراث ما دام استحق الغرة، لان وجوب الضمان بالجناية يكون على الحي دون الميت، فالشارع لم يوجبها إلا على أساس افتراض حياته، فافتراض حياته إذا سلم من اثر الاعتداء يفرض معه القول بميراثه لما ثبت يقينا انه سيولد حيا، لكثرة عوارض الموت، كما إن مدونة الأحوال الشخصية اشترطت الاستهلال دون تخصيص، فلا ميراث للجنين إلا إذا استهل حيا.
وبذلك يكون تقدير حياة الحمل هو استدلال على حياته في البطن بحياته التي تتحقق بعد وضعه على طريق الاستصحاب المعكوس، أيّ الحكم على الماضي بما ثبت في الحاضر، وبهذا الاستدلال جعل المشرع الحمل متوافرا على الشرط المذكور، وهو حياة الوإرث وقت موت الموروث، وعده وإرثا من جملة ورثة قريبه الميت. ووجود الحمل أو ادعاؤه من المرأة موجب لوقف قسمة التركة بين الورثة في القانون المغربي، وتبقى موقوفة إلى وضعه أو اليأس منه ، وذلك على الرغم من عدم وجود نص صريح يقضي بذلك، وإنما يمكن استخلاص هذا الحكم استنادا إلى الفصل 1084 من قانون الإلتزامات والعقود الذي اوجب إن تكون القسمة قضائية في حالة وجود شخص بين الشركاء لا تتوافر له أهلية التصرف في امواله، ونظرا لان الرأي المشهور في المذهب المالكي يرى وقف قسمة التركة حتى ينفصل الجنين عن أمه، وقد نص الفصل 297 من مدونة الأحوال الشخصية على إن: "كل ما لم يشمله هذا القانون يرجع فيه إلى الراجح أو المشهور أو ما جرى به العمل في مذهب الامام مالك". وقد ذكر القاضي المكناسي في مجالسه عن الحافظ إبن رشد: فيما إذا كان في الورثة حمل، فإنه لا خلاف في تعجيل الدين وتأخير الإرث، وان الوصية إن كانت بعدد الحقت بالدين، وان كانت بجزء الحقت بالميراث . وذلك من اجل القضاء على الاضطراب الذي يمكن إن يحصل في القسمة بناء على تقدير هذا الحمل حيا أو ميتا، وهل هو ذكر أو أنثى، وهل هو متعدد أو متحد، وهل تعدده بالذكورة أو الانوثة...
أما الحكم بخبرة الطبيب في هذه الحالة، فيكون فيما يتعلق بوجود الحمل فقط دون العمل بمعرفة هل هو ذكر أو أنثى.. الخ، ولو توصل إلى ذلك ؛ لان العبرة بازدياد الجنين حيا، اذ لا يضمن الطبيب الحياة ولو دقيقة واحدة، وهذا هو السر في كون المذهب المالكي لم يعجل قسمة المتروك بإدعاء الحمل من المرأة، علما إن الحمل لا يوقف قسمة التركة إلا إذا كان الحمل وإرثا، أو يؤدي إرثه إلى تغيير في وضعية الورثة، أما لو كان ما يؤدي إليه الحمل من مولود محجوبا في جميع الأحوال ولا عبرة بوجوده، فلا يوقف قسم المتروك.
وهذا الموقف له فائدة كبيرة، حيث يأخذ كل وإرث نصيبه كاملا غير منقوص وبصفة نهائية، بعد إن يعلم حال الجنين، هل هو حي أو ميت، وهل هو ذكر أو أنثى...، ولا سيما إن مدة الحمل ليست طويلة، وقد يكون الجنين اخذ منها الأكثر عند وفاة مورثه. وذلك على خلاف ما ذهب إليه الحنفية من تقدير الحمل مرة ذكرا ومرة اخرى أنثى، فيعامل على ما هو الاصلح والانفع له وهو احسن الأمرين، ويعامل باقي الورثة بأدنى الأمرين ، مما دفع الشيخ محمد ابو زهرة، وهو حنفي المذهب، إلى القول بأنه "لو انتظر الأمر بالنسبة للتركة كلها إلى ما بعد الولادة لكان اتم، ليتجلى الأمر، وتكون القسمة على بينة، فيأخذ كل ذي حق حقه، اخذا نهائيا، لا ينقض من بعد لتغير الفرائض، اذ انها تصير غير قابلة للتغيير" .
أما في القانون المصري، فيراعى في توريث الحمل الاصلح والانفع له، فاذا رضي الورثة بتأخير قسمة التركة إلى حين ولادته، فإن المال يوقف حتى يتبين ما وضعت المرأة ، أما إذا لم يرض الورثة بتأخير قسمة التركة إلى حين ولادته، لم يجبروا على الصبر، ولم يعطوا كل المال، حيث يوقف للجنين اوفر النصيبين على تقدير انه ذكر أو أنثى، إذا كان وإرثا على التقديرين وإختلف نصيبه، واذا كان وإرثا على احد التقديرين دون الآخر عد وإرثا ويحفظ له نصيبه .
واما الورثة فيعاملون بالعكس. فيعامل كل وإرث مع الحمل باسوأ الأمرين، ويوقف الفرق بين الانصباء إن وجد مع نصيب الحمل ويحفظ كل ذلك في يد امينة، حتى يتبين الأمر بولادة الحمل، فيأخذ كل ذي حق حقه كاملا، ويعني ذلك انه بحسب هذا الإتجاه، فإن التركة تقسم قسمة اولية، ويترك التقسيم النهائي إلى ما بعد الولادة، وهو أمر يجعل حالات هذه القسمة الأولية تتعدد بتعدد الإحتمالات التي يمكن إن تكون عند الولادة بحسب ما سنراه في المبحث الثاني على سبيل التوضيح فقط، وان كنا نرى إن الحمل إذا كان وإرثا، أو يؤدي إرثه إلى تغيير في وضعية الورثة، فإنه من الافضل وقف تقسيم التركة إلى ما بعد الولادة حتى تتبين حياته وحاله ووصفه، ليتضح نصيبه، واثره في استحقاق الغير. لان في القسمة تسليطا للورثة على ما يأخذونه من مال الميت بوصفه ملكا لهم، وفي ذلك إحتمال اتلافه أو استهلاكه، فاذا ولد حيا واستحق بعض ما في ايديهم من مال الميت، كان استرداد حقه منهم محلا للخطر .
ويخلص مما سبق انه لا اشكال في أحوال الجنين في الميراث على رأي من يرى تأجيل القسمة، أما على رأي من يرى تعجيل القسمة، فإن للحمل تاثيرا في تقسيم التركة بين الورثة الموجودين عند الوفاة فعلا، اذ إن الحمل قد يحجب بعض الورثة حجب حرمان، وقد يحجب بعضهم حجب نقصان، وقد يكون الحمل نفسه محجوبا، كما إن أمره يدور بين الوجود والعدم، وبين الذكورة والانوثة، وبين كونه واحدا أو متعددا، لذلك تتعدد حالات ميراث الحمل، واهمها:
الحالة الأولى: إلا يكون الحمل وإرثا على جميع الأحوال، سواء كان ذكرا ام أنثى، أيّ إن يكون الحمل محجوبا من الإرث على أيّ التقديرين، وحينئذ لا يوقف له شيء من التركة، بل تقسم كلها فورا تقسيما نهائيا على الورثة الموجودين معه.
فاذا توفي شخص عن زوجة أب وام حامل من ابي الميت، فإن حمل الام في هذه الحالة يكون اخاً أو اختاً، وكلاهما محجوب بالاب، ومن ثم توزع التركة على الزوجة والابوين.
واذا توفي عن ابوين وبنتين وزوجة إبن حامل، فإن الحمل لا يرث، لانه أما إبن إبن، وهو عاصب، وقد استغرقت الفروض جميع التركة، واما بنت إبن، وهي لا ترث بالفرض لوجود البنين.
الحالة الثانية: إلا يكون مع الحمل ورثة، فإن التركة توقف كلها إلى حين الولادة، فاذا ولد حيا اخذها، واذا ولد ميتا اعطيت لغيره. ومثاله إذا مات شخص عن زوجة ابنه الحامل واخيه لأمه، فإن الحمل سواء كان ابنا ام بنتا يحجب الاخ لام.
الحالة الثالثة: إن يكون الحمل وإرثا على احد التقديرين فقط دون الآخر، ومن معه من الورثة له نصيب مقدر شرعا. وفي هذه الحالة يفرض له على التقدير الذي يرث به ويوقف له نصيبه. أيّ إن التركة تقسم بين المستحقين، فيأخذ كل واحد نصيبه على تقدير إن الحمل وإرث، ويوقف نصيب الجنين إلى ما بعد الولادة، إن ظهر انه وإرث اخذه، وان ظهر انه غير وإرث، رد الموقوف على الورثة المذكورين، ولا يخرج أمر الجنين في هذه الحالة عن حلين، احدهما على فرض الانوثة، والاخر على فرض الذكورة.
الأول: إن يكون الحمل وإرثا على تقدير أنثى، وغير وإرث على تقديره ذكرا، كما لو توفيت أمراة عن زوجها وام واختين لام وزوجة أب متوفى من قبل وهي حامل وقت وفاة المورث، فعلى تقدير إن الحمل ذكر فهو أخ لاب للمتوفاة، فلا يرث لانه عاصب، وقد استغرقت الفروض التركة حيث إن المسألة من ستة، للزوج نصفها ثلاثة، وللام السدس واحد، وللاختين للام الثلث اثنان. وعلى تقدير إن الحمل أنثى فإنها ترث، لانها اخت لاب للمتوفاة، فترث النصف بالفرض، وتعول المسألة إلى تسعة لكل واحد من الورثة نصيبه المتقدم، وللحمل الذي هو اخت لاب ثلاثة، وحينئذ يفرض الحمل أنثى ويوقف له نصيب أنثى حتى يتبين أمره بولادته.
الثاني: إن يكون الحمل وإرثا على تقديره ذكرا فقط، كما لو مات شخص عن إبن أخ شقيق وزوجة اخر شقيق مات قبله، وكانت هذه الزوجة حاملا، فإن الحمل لو فرض ذكرا، كان إبن أخ شقيق فيرث، وان فرض أنثى، كانت بنت أخ شقيق وهي لا ترث، لانها من ذوي الأرحام، فيفرض الحمل ذكرا ويحجز له نصيبه.
الحالة الرابعة: إن يكون الحمل وإرثا، على جميع التقادير، سواء كان ذكرا ام أنثى، ومن معه من الورثة ليس له فرض مقدر وإنما هو مشارك . ففي هذه الحالة يقدر خير التقديرين، ويوقف له اوفر النصيبين، فقد يكون تقديره ذكرا انفع له من تقديره أنثى، كمن توفى عن زوجته الحامل وابيه، وقد يكون العكس أيّ إن تقديره أنثى اوفر له، كمن توفي عن زوجته الحامل وبنته وأمه وابيه ، فيعطى له اوفر النصيبين، وتحل المسألة بطريقيتين، الأولى على فرض الذكورة، والثانية على فرض الانوثة، ويعطى للورثة اقل الانصبة في كلتا الحالتين .
الحالة الخامسة: إن يكون الحمل وإرثا على تقدير كونه ذكرا، وعلى تقدير كونه أنثى، ويكون من معه من الورثة ممن له نصيب مقدر شرعا. وفي هذه الحالة أما إن يختلف نصيب الحمل في احد التقديرين عن الآخر، أو لا يختلف. فإن إختلف النصيب. فإنه يقدر خير التقديرين ويوقف له اوفر النصيبين، فاذا مات عن بنت وام وزوجة إبن حامل، فلو فرض الحمل أنثى، كانت بنت إبن وورثت السدس بالفرض تكملة للثلثين الذي هو فرض البنات، ولو فرض الحمل ذكرا كان إبن إبن وورث الباقي بالتعصيب وهو الثلث. ولما كان الثلث اوفر حظا من السدس، فإنه يقدر الحمل ذكرا ويوقف له الثلث من التركة حتى يتبين أمره بولادته.
واذا توفيت أمراة عن زوج وام حامل من ابي المتوفاة، فإن الحمل إذا قدر ذكرا كان اخا للمتوفاة، فيرث الباقي بعد الفروض وهو السدس بالتعصيب، واذا قدر أنثى كان اختا شقيقة للمتوفاة، فيرث النصف بالفرض، ولما كان النصف اوفر حظا من السدس فإن الحمل يقدر أنثى، ويحجز له نصيبه، وتعول إلى ثمانية ويكون نصيب الحمل منها ثلاثة.
واذا كان نصيبه لا يختلف في احد التقديرين عن الآخر، أيّ انه يرث قدرا وحدا على فرض الذكورة أو الانوثة، فلا يتغير نصيبه فيهما، وهذه الحالة لا تكون إلا إذا كان الحمل من اولاد الام، فإن التركة تقسم على الورثة ويوقف للحمل نصيبه، فاذا توفي عن اخت شقيقة واخت لاب وام حامل من غير ابيه، فإن الحمل يكون أما اخا لام أو اختا لام، وميراثه لا يختلف في حال تقديره ذكرا عن حال تقديره أنثى، فيفرض له السدس ويعطى للورثة فروضهم.
المطلب الثاني
الشفعة للجنين
الشفعة لغة تدل على الضم والزيادة، وهي مشتقة من لفظ شفع بمعنى ضم وزاد، ويقال شفع الشيء يشفعه إذا صيره زوجا، بمعنى اضاف إليه مثله . والشفع ضد الوتر، لان الاخذ بها يضم حصة غيره إلى حصة نفسه، فصارت شفعا بعد إن كانت وترا .
وقد عرفها المشرع المغربي في الفصل 25 من ظهير 19 رجب 1333 (2 يونيو 1915) المحدد للتشريع المطبق على العقار المحفظ بانها:
"الحق الثابت لكل من يملك مع اخرين على الشيوع عقارات أو حقوقاً عينية عقارية في إن يأخذ الحصة المبيعة بدلا من مشتريها بعد ادائه المبلغ المؤدى في شرائها، وكذا مبلغ ما ادخل عليها من تحسينات، وما ادى عنها من مصاريف لازمة للعقد".
والشفعة بهذا المعنى من الاسباب الناقلة للملكية من شخص لاخر، علاوة على إن من أهدافها جلب المصلحة للشفيع، ودفع ضرر الشركة عنه، وتنتقل هذه المصالح إلى ورثة الشفيع ، ومن ثم فإن الشفعة حق يورث . لكن قد يكون الشريك في عقار جنينا، كأن يموت شخص وله نصيب في عقار، ويترك زوجته حاملا، وقبل إن تضع ولدها، يبيع الشريك في ذلك العقار نصيبه إلى الغير، أو قد يحدث إن يوصي شخص لجنين بنصيبه في عقار، فيبيع الشريك نصيبه في ذلك العقار. فهل يستحق الجنين في مثل هذه الأحوال الشفعة ام لا يستحقها؟.
إختلف الفقهاء حول هذه المسألة حتى في المذهب الواحد، حيث قال بعض فقهاء الحنابلة إن الجنين يستحق إن يشفع، لانه أهل لان يملك. بينما خالف بقيتهم هذا الإتجاه، ورأوا انه ليس لولي الجنين إن يأخذ له بالشفعة، وحجتهم في ذلك الشك في وجوده، وهو ليس اهلا لان يملك إلا عن طريق الميراث والوصية .
ويرى المالكية إن الحمل يثبت له الحق في الشفعة، ولكن لا يستعمل وليه ذلك الحق إلا بعد إن يولد حيا، ومعنى هذا إن ما باعه شريك الجنين يوقف حتى يولد هذا الاخير، فاذا ولد حيا امكن لوليه حينئذ إن يشفع له ذلك النصيب. أما قبل إن يولد فلا يمكن إن يشفع له الولي، لان الحمل ليست له أهلية وجوب ناقصة، وليست له الأهلية التي يملك بها الشيء المشفوع . وقد قاسوا ذلك على الميراث، حيث جاء في المدونة الكبرى: قلت أرأيت الوصي أيأخذ للحمل بالشفعة في قول مالك ام لا؟ قال لا يأخذ له بالشفعة حتى يولد، لانه لا ميراث له إلا بعد الولادة في رأيي، فكذلك لا شفعه له إلا بعد الولادة، وبعد الاستهلال صارخا .
أما المشرع المغربي فلم ينظم جواز الاخذ بالشفعة للجنين في نص خاص، وعلى الرغم من ذلك فإنه يمكن القول إن الجنين يستفيد في اطاره من حق الشفعة، خصوصا إذا تعلق الأمر بحمايته من الاضرار التي تنجم عن وجود شريك، استنادا إلى النصوص التي أجازت اقامة وصي على الجنين، وإعتبارا لان الشفعة للجنين جائزة في المذهب المالكي، كما إن استفادة الجنين من التبرعات التي تنفعه يدفع من باب اولى إلى الاعتراف له بالحقوق التي تهدف إلى حماية الملكية لديه، واتحادها في يديه .
المبحث الثاني
حقوق الجنين الناشئة عن تصرفات قانونية
التصرف القانوني هو ارادة محضة متجهة إلى احداث اثر قانوني، وهو مصدر من مصادر الالتزام. ويشمل التصرف الصادر من جانب واحد، أيّ الإرادة المنفردة. والتصرف الصادر من جانبين أو ارادتين، وهذا هو العقد.
ويرتب التصرف القانوني اثره دون إن يتوقف وقت نفاذه وترتيب آثاره على حياة المتصرف. وهذا هو الأصل في جميع التصرفات بإستثناء الوصية، فالهبة والبيع والكراء والقرض وما اشبه ذلك من التصرفات جميعا تنشأ في الأصل وتنفذ في حياة المتصرف أو على الاقل فإنه لا يتعلق أمر هذا النفاذ على موت المتصرف.
فيما يلاحظ إن الوصية إذا كانت تنشا في حياة المتصرف إلا إن نفاذها وترتيب آثارها يبقى معلقا على وفاة الموصي. ومن هنا كانت الوصية بطبيعتها تصرفا مضافا إلى ما بعد الوفاة، حيث إن آثار الوصية لا تسري إلا بعد وفاة الموصي، ومن هنا يبرز تمييز التصرف القانوني عن الواقعة القانونية من حيث إن عنصر الإرادة يعد العنصر الجوهري فيه خلافا لبعض الاحكام القضائية المنشئة للحقوق كالحكم بالتطليق، وهنا خلاف الأصل، بل إن التصرف القانوني لا يعدو إن يكون بارادة متجهة إلى احداث اثر قانوني معين.
ومعنى هذا إن الاعتراف بالتصرف القانوني بوصفه مصدرا أصل من المصادر المباشرة للحقوق يقضي بالضرورة الاعتراف بقدرة الإرادة على ترتيب الآثار القانونية بشكل عام وعلى انشاء الحقوق ونقلها وتعديلها وانقضائها بشكل خاص.
وسنعالج هذه الاشكالية في مطلبين:
المطلب الأول: التصرف بإراده منفردة
المطلب الثاني: التصرفات العقدية.
المطلب الأول
التصرفات بارادة منفردة
من اهم التصرفات القانونية التي تنشأ بارادة منفردة نجد الوصية والوقف، حيث يعد كل منهما عملا قانونيا صادرا من جانب واحد وينتج آثارا قانونية مختلفة، وسنعرض لكل واحد منهما على حدة.
أولاً – الوصية للحمل:
يعرف الفصل 173 من مدونة الأحوال الشخصية الوصية بانها "عقد يوجب حقا في ثلث عاقده يلزم بموته" ، ويضيف الفصل 180 من المدونة نفسها انه "يقع الايجاب فيها من جانب واحد وهو الموصي" ، والحقيقة إن الوصية تصرف قانوني بارادة منفردة، من جانب واحد وهو الموصي، وليست عقدا يتم بارادة طرفيه، وهي بذلك لا تتوقف على قبول ولا رد حالة انشائها، إلا انها غير لازمة للموصى حال حياته ، وهي تصح، بحسب الفصل 177 من المدونة"، لكل من صح شرعاً تملكه للموصى به حقيقة أو حكما". أيّ انه يشترط في الموصى له إن يكون ممن يصح إن يملك ما اوصى له به شرعا، أما حالاً واما مآلا، أيّ حقيقة أو تقديرا وحكما، شريطة إلا يكون وإرثا . وبما إن الجنين تثبت له الحقوق النافعة له نفعا محضا تبعا لثبوت أهلية الوجوب الناقصة لديه، فإنه يصح الإيصاء للحمل الموجود أو الذي سيوجد، وهو ما نص عليه صراحة الفصل 178 من المدونة بقوله "تصح الوصية لمن كان موجودا وقتها أو كان منتظر الوجود".
وقد اجاز الفقهاء الوصية للجنين من غير قبول بوصفها استخلافا من وجه، والجنين يصلح خليفة في الإرث، فكذا في الوصية لانه اخت الميراث ، بل لعل الوصية في هذا اظهر واوسع مدى، اذ لا يمنع اختلاف الدين من صحة و الوصية مع انه مانع من موانع الإرث .
إلا انهم إختلفوا في بعض الشروط، ومنها على الخصوص اشتراط وجوده حال الوصية، على قولين :
1. الاحناف، والإمامية، والشافعية، والحنابلة، والزيدية، والظاهرية، اشترطوا إن يكون الجنين موصوفا بالاوصاف التي حددها الموصي، وان يكون وجود الجنين في بطن أمه متيقنا حال الوصية ، وذلك لان الوصية لما كانت تمليكا احتاجت إلى وجود مملك يضاف إليه الملك، كما انها خلافة عن الميت كالميراث، والميراث يثبت لمن كان موجودا عند وفاة المورث . فاذا لم يكن موجودا وقت انشاء الوصية فلا تصح الوصية له .
2. لا يشترط فقهاء المالكية مثل هذا الشرط الاخير في الموصى له، سواء وقت انشاء الوصية، أو عند الوفاة، بل تصح عندهم لمن يصح تملكه في الوقت الذي عينه الموصي ، وذلك توسعة على الموصي، وتمكينا له من عمل البر، وقد اخذ بهذا الرأي بعض اصحاب الشافعي ، وهو ما اخذت به مدونة الأحوال الشخصية صراحة في الفصل 178، وهي بذلك اجازت الوصية لمن لم يكن موجودا وقت انشاء الوصية، ويحتمل إن يوجد في المستقبل، سواء وجد عند وفاة الموصي، ام لم يوجد إلا بعدها.
وتستقر ملكية الجنين للموصى به بانفصاله حيا ، فلو انفصل ميتا، سواء انفصل بعد انتهاء مدة الحمل، ام مسقطا لطارئ اجب ذلك إن تبطل الوصية إليه بلا خلاف في ذلك. وفي هذا المعنى جاء في الفصل 210 من مدونة الأحوال الشخصية انه: "إذا كان الموصى له من سيولد لشخص ثم مات ذلك الشخص، ولم يترك ولدا ولا حملا، عادت الوصية ميراثا يتقاسمه ورثة الموصى على قدر انصبائهم" .
والوصية كما تصح لمن ينتظر وجوده مستقبلا، منفردا بها، تصح له مع موجود، كما يحتمل ولادة أكثر من ولد من حمل واحد، فإن ولد احدهما حيا، والاخر ميتا، كان الموصى به كله للحي.
وان ولدوا احياء كان الموصى به بينهم بالتساوي، للذكر مثل حظ الأنثى، إلا إذا كان للموصى نص في مثل هذه الحالة، فإنه يتبع نصه ، أيّ إن الوصية توزع عليهم بالتساوي إذا كانت مطلقة، وبالتفضيل إذا كانت مقيدة .
واما إذا ولد احدهما حيا ثم مات، فإنه ينتقل ما استحق إلى ورثته، لانه مات بعد استحقاق الموصى به ودخوله في ملكيته . وهو ما نص عليه صراحة الفصل 204 من مدونة الأحوال الشخصية بقوله: "إن مات الموصى له بعد إن استهل صارخا استهل وصيته، وعد ما استحقه من جملة تركته، ويحيا بالذكر بعد الانحصار".
ويشترط هذا الفصل لكي يستحق الجنين الوصية إن ينفصل حيا ككل، خلافا للاحناف الذين ذهبوا بمفردهم إلى القول بكفاية انفصال أكثره حيا، واستحقاقه للوصية بذلك، وان مات قبل إن ينفصل، اعطاء للأكثر حكم الكل عندهم. ويستدل على انفصاله حيا باستهلاله صارخا أو ما يقوم مقام الاستهلال، فلو مات بعد استهلاله مباشرة، فإن ما اوصى به له يعد من جملة امواله المتروكة، وبعد وفاته اصبحت من جملة التركة وامواله المخلفة، وفي هذه الحالة يحيا بالذكر بعد الانحصار، أيّ يقدر كانه حي ويعطي نصيبه لورثته، بعد انقطاع ولادة الاب بموت أو غيره، وينحصر عدد الموصى لهم .
والغلة الحاصلة من الموصى به، قبل وجود الموصى له، تكون لورثة الموصي، إلى إن يستهل الحمل المعين حيا، فتدفع له حينئذ وصيته التي يستحقها بوجوده ، لان الولد الموصى له لا يملك إلا بعد وضعه حيا، وهو ما نص عليه الفصل 201 من المدونة بقوله: "من اوصى لحمل معين وتوفي فللورثة غلة الموصى به إلى إن ينفصل حيا فتكون له" .
وفي ذلك يقول الزرقاني في شرح قول الشيخ خليل " كمن سيكون إن استهل " ما نصه " وغلة الموصى به لمن سيكون مع استهلاله قبل وجوده تكون لورثة الموصي، اذ الولد لا يملك إلا بعد وضعه وتحقق الحياة فيه، فقوله إن استهل شرط في الاستحقاق لا في صحة الوصية".
ويضيف الفصل 202 من المدونة انه: " إذا وجد احد من الموصى لهم عند موت الموصي أو بعده، كانت الغلة له، وكل من وجد منهم بعده شاركه في الغلة إلى حين اليأس من وجود غيرهم، فتكون العين والغلة لمن وجد منهم، ويكون نصيب من مات منهم تركة عنه".
ولا يستفيد الجنين من الوصية الاختيارية فحسب، بل انه يستفيد أيّضا من الوصية الواجبة بمقدار الثلث من التركة، عندما يموت ابوه قبل جده، ويترك أمه حاملا به.
وهذه الوصية اقتضها المصلحة الاجتماعية، والعناية بايجاد مخرج شرعي للحفيد، حتى لا تضيع حقوقه، ولا يمكن ذلك عن طريق توريثه. وقد اخذ بها المشرع المغربي في الفصل 266 من مدونة الأحوال الشخصية عندما نص على انه: " من توفى وله اولاد إبن وقد مات ذلك الابن قبله أو معه، وجب لاحفاده هؤلاء في ثلث تركته وصية بالمقدار والشروط الاتية".
أما مقدار وصية هؤلاء الاحفاد، فقد بينها الفصل 267 من القانون نفسه، حيث يكون "بمقدار حصتهم مما يرثه ابوهم عن اصله المتوفى على فرض موت ابيهم اثر وفاة اصله المذكور على إن لا يتجاوز ذلك ثلث التركة". واما الشروط، فهي إن هؤلاء الاحفاد لا يستحقون وصية إن كانوا وإرثين لاصل ابيهم، جدا كان أو جدة، أو كان قد اوصى لهم أو اعطاهم في حياته بلا عوض مقدار ما يستحقون بهذه الوصية الواجبة، فإن اوصى لهم باقل من ذلك وجبت تكملته، وان اوصى بأكثر كان الزائد متوقفا على اجازة الورثة، وان اوصى لبعضهم فقط، وجبت الوصية للاخر بقدر نصيبه على نهج ما ذكر . على إن هذه الوصية الواجبة تفرض لاولاد الابن فقط دون اولاد البنت، حيث ينص الفصل 269 من المدونة على انه: " تكون هذه الوصية لاولاد الابن ولاولاد إبن الابن وان نزل، واحدا كانوا أو أكثر، للذكر مثل حظ الانثيين، يحجب فيها كل أصل فرعه دون فرع غيره، ويأخذ كل فرع نصيب اصله فقط".
ثانيا – الوقف
من بين الحقوق التي تثبت للجنين استحقاقه للوقف، والوقف أو الحبس تصرف وحيد الطرف، وهو من افعال الإرادة المنفردة . وقد عرفه الفصل 73 من ظهير 19 رجب 1333 بأنه "... اموال اوقفها المحبس المسلم، ويكون التمتع بها لفائدة انواع المستفيدين الذين يعينهم المحبس".
وقد اتفق الفقهاء على جواز الوقف للجنين في الجملة، إلا انهم إختلفوا في صحة الوقف عليه، لانه بين الوجود والعدم، فمنهم من جعل صحة الوقف عليه بشروط كالحنفية . ومنهم من قال انه لا يصح الوقف عليه اصالة وعلى وجه الاستقلال بل تبعا، كالشافعية والحنابلة . ومنهم من قال بصحة الوقف عليه اصالة كالمالكية، الذين يرون انه يصح الوقف على من كان اهلا للتملك سواء اكان موجودا ام سيوجد كالجنين، ولكن الوقف على الحمل موقوف لا يلزم إلا بولادته حيا، فإن حصل مانع من موت أو يأس منه، بطل الوقف .
وقد قرر المشرع المغربي صحة الوقف للجنين في الظهير الشريف بمنزلة قانون رقم 83 – 77 – 1 المؤرخ في 24 شوال 1397 (8 اكتوبر 1977) في شأن الاوقاف المعقبة والمشتركة، عندما نص فصله الأول على انه: " يعتبر حبسا معقبا ما وقفه المحبس على اولاده ما تناسلوا ذكورا أو اناثا أو هما معا أو على شخص معين واولاده مع تعيين في كلتا الحالتين للدرجة التي تملك ما تم تحبيسه أو للمرجع الذي يؤول إليه.
ويعتبر حبسا معقبا ما وقفه المحبس على اولاده ما تناسلوا ذكورا كانوا أو اناثا أو هما معا، أو على شخص معين واولاده إلى إن ينقرضوا حيث يرجع الحبس إلى جهة بر واحسان سواء عينها المحبس ام سكت عنها.
ويعتبر حبسا مشتركا ما وقفه المحبس على اولاده ما تناسلوا ذكورا أو اناثا أو هما معا، وعلى شخص معين واولاده أو على جهة بر واحسان في إن واحد" وبذلك، فإن هذا القانون الذي يجيز الوقف على من وجد أو من سيوجد من ذرية المحبس أو ذرية غيره، يجيز الوقف على الجنين عن طريق الموافقة.
وتجدر الاشارة إلى إن هذا الظهير الذي فتح المجال لامكانية تصفية الاحباس المعقبة والمشتركة التي انعدم دخلها أو تضاءل موردها واصبحت مصدرا للنزاعات ومثارا للشكوى، ومحلا للخصومات بين الموقوف عليهم لا يفرض التصفية إلا في ظروف خاصة ترتبط بمصلحة المستفيدين أو المصلحة العامة، كما انه لا يمنع اقامة احباس معقبة جديدة، ويتيح للمحسنين إذا ما كانوا على قيد الحياة، فرصة التراجع فيما حبسوه على عقبهم.
المطلب الثاني
التصرفات العقدية
من العقود التي تعود بالنفع المحض على الجنين هناك الهبة والتأمين، على الرغم من انهما عقدان يتمان بتوافق ارداتين، وان الجنين أو الحمل المستكن لا ارادة له، الأمر الذي جعل بعض القوانين تجيز تعيين وصي أو ولي ينوب عن الجنين.
وسنعرض أولاً للهبة للجنين، ثم لعقد التأمين.
أولاً – الهبة:
يمكن تعريف الهبة بانها عقد يتصرف بمقتضاه من له حق التبرع في حال الحياة لتمليك مال لاخر دون عوض، والهبة بحسب الأصل عقد من عقود التبرعات الملزمة لجانب واحد هو الواهب، وهي عقد ناقل للملكية، ونتيجة لذلك إختلف الفقاء في جواز الهبة للجنين، فذهب جمهورهم إلى عدم صحة ذلك، لان الهبة عقد يحتاج إلى ايجاب وقبول، وان الحقوق التي تثبت للجنين هي الحقوق التي لا تحتاج إلى قبول، فمن وهب شيئا إلى فلا تصح هبته، لحاجتها إلى قبول وقبض ، والجنين لا يقدر على القبول وليس له ولي يقبل عنه . كما إن الهبة تمليك لمال في الحال، والجنين لا يملك بنفسه .
ويقول المرحوم احمد ابراهيم " الهبة من التصرفات التي يلزم لانعقادها الايجاب والقبول تلاقيا يتحدد مكانه في مجلس العقد، وهذا لا يتصور بالنسبة للجنين لانه لا ولي له إلا بعد ولادته، وليس له من يقبل عنه وقت ايجاب الهبة. واننا إذا اجزنا قبول وليه بعد ولادته ما صدر من الهبات لصالحه في فترة الحمل لجاء القبول متأخرا، ولاخل بمبدأ اتحاد مجلس الايجاب والقبول في الهبة".
وهذا الموقف إنما يقوم على أساس النظر إلى إن الولاية أو النيابة الشرعية إنما تبتدأ بولادة الشخص، ولذا لا يوجد للجنين ولي أو نائب شرعي يملك حق القبول عنه لتنعقد الهبة بايجاب وقبول .
ولقد انقسم الفقه المصري على نفسه في هذه المسألة؛ فذهب فريق إلى انه تثبت للجنين الحقوق التي لا تحتاج إلى القبول كالنسب وغيره،أما الحقوق التي يتوقف ثبوتها على صدور قبول ممن تمنح له فلا تكون للجنين، فالهبة لا تجوز للجنين ولو انها تعود عليه بالنفع المحض، لان الهبة عقد يتم بتوافق ارادة الواهب، وهو الذي يعطي الشيء، وارادة الموهوب له، وهو من يأخذه، وليست للجنين ارادة حتى يقبل الهبة، ولا يوجد من يمكن قانونا إن يقبلها، وانه لا يقدح في عدم جوازه ما جاء به قانون الولاية على المال رقم 119 لسنة 1952 من امكان تعيين وصي للحمل المستكن، فإنه لا يدل على أكثر من جواز تعيين الاب وصيا على الحمل، حيث انه لم يحدد صلاحياته، وهو وان سماه القانون وصيا، فإنه ليس وصيا بالمعنى القانوني لهذه الكلمة، أيّ بمعنى نائب قانوني، فهو لا يعدو إن يكون امينا أو حفيظا على اموال الحمل المستكن حتى لا تضيع عليه أو تضيع غلتها، كما إن ما يثبت للحمل من حقوق، يثبت له إستثناء من الأصل، فكل من الميراث والوصية يثبت له بنص القانون، واذا كان القانون قد اجاز تعيين وصي له، وجعل له إن يقبل الوصية أو يردها، فإن هذا مقصود على ما جاء بشأنه وهو الوصية، فلا يمتد إلى الهبة، فلا بد من نص قانوني يبيح ذلك .
بينما ذهب فريق اخر إلى إن الجنين يكتسب الحقوق النافعة نفعا محضا دون تفرقة بين ما يشترط القبول وما لا يشترطه، وان قانون الولاية على المال اذ اجاز للاب بالمادة 28 منه إن يعين وصيا للحمل المستكن، واجاز للمحكمة في المادة 29 منه إن تعين وصيا له، فإن هذا الوصي يمكن إن يقبل الهبة عن الجنين، بل أكثر من ذلك؛ فقد اجازت المادة 29 من هذا القانون للمتبرع إن يقيم وصيا مختارا على الجنين يتولى الولاية على المال الذي يتبرع له به، ولفظ التبرع لفظ عام ينطبق على جميع التبرعات، ومنها الهبة، فيجوز إن يختار من يريد التبرع للجنين وصيا له يقبل الهبة عنه، وتكون له الولاية على المال الموهوب .
أما فقهاء المالكية فإنهم يجيزون الهبة للجنين في بطن أمه ، وايضا لمن لم يوجد في البطن، ولكنه سيولد في المستقبل ، فإن ولد الجنين حيا وعاش كان المال له، وان مات بعد الولادة كان لورثته، وان ولد ميتا بقي المال على ملك الواهب.
وقد تبنت بعض التشريعات هذا الإتجاه؛ فنصت المادة 518 من قانون الموجبات اللبناني على إن " الهبات التي تمنح للأجنة في الأرحام يجوز إن يقبلها الأشخاص الذين يمثلونهم".
وجاء في المادة 118 من القانون المدني الكويتي "1- يتولى الامين على مال الحمل المستكن حفظه وادارته، ويقوم بالتصرفات التي يقتضيها.
2- ومع ذلك يجوز له إن يقبل التصرفات النافعة نفعا محضا".
وعلى الرغم من عدم وجود مثل هذه النصوص الصريحة في القانون المغربي، فإنه ليس هناك ما يسوغ حرمان الحمل أو الجنين في نطاقه مما قد يوهب له بدعوى توقف الهبة على القبول، لان العلة التي اعترف القانون للجنين بأهلية وجوب هي المحافظة على مصالحه، وهي حكمة تتحقق في كل ما يفيده فائدة محضة، دون تفرقة بين حق يتوقف على قبوله، وحق لا يتوقف على ذلك، وان العقبة التي تحول دون إمكانية الهبة للجنين، وهي تعيين وصي عليه، قد ازالها القانون بجواز تعيين مثل هذا الوصي، الذي يملك القبول عنه في هذه الحالة .
ويمكن القول إن صلاحية الجنين لاكتساب الحقوق المالية في القانون إنما تنحصر في نطاق الحقوق التي تنفعه نفعا محضا دون تمييز بين ما يتطلب منها القبول وما لا يتطلبه ، ذلك انه في الحقوق التي تتطلب القبول كالهبة، فإن هذا القبول يملكه الوصي أو المقدم نيابة عن الجنين، ومن باب أولى الولي.
ثانيا- التأمين:
يعرف التأمين بأنه عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه إن يؤدي إلى المؤمن له، أو إلى المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه مبلغا من المال، أو ايرادا مرتبا، أو أيّ عوض مالي اخر في حالة وقوع حادث، أو تحقق الخطر المبين بالعقد، وذلك في نظير قسط أو اية دفعة مالية اخرى يؤديها المؤمن له للمؤمن ، ويتحمل بمقتضاها المؤمن تبعة مجموعة من المخاطر لاجراء المقاصة بينها وفقا لقوانين الاحصاء.
وقد تناول المشرع المغربي احكام التأمين في القرار الوزيري المؤرخ في 28 نوفمبر 1934، وينقسم إلى عدة انواع، اهمها التأمين على الاشخاص، الذي يشكل التأمين على الحياة اهم صوره، وينقسم هذا الاخير بدوره إلى صور متعددة ومتنوعة منها التأمين على الحياة لمصلحة الغير، الذي يتعهد بمقتضاه المؤمن بان يدفع عند وفاة المؤمن على حياته لمن يعينهم هذا الاخير في عقد التأمين، أو في عقد لاحق مبلغا يشكل راس مال مرتب أو راتب عمري محددين عند توقيع العقد مقابل اقساط يدفعها هذا الاخير طيلة حياته.
وفي هذه الحالة، يجوز التأمين لفائدة الجنين، كأن يؤمن الاب أو الام على حياته لمصلحة من سيولد من اولاده، وهو نوع من توفير الامان والحيطة للمستقبل، ويعد هذا نوعا من الاشتراط لمصلحة الغير يجوز فيه الاشتراط لمصلحة شخص مستقبل متى كان تعيينه مستطاعا وقت إن ينتج العقد اثره، وفي هذا تنص الفقة الثانية من الفصل 64 من القرار الوزيري المؤرخ في سنة 1934 على انه: " ويعتبر راجحا لمنتفعين معينين الشرط الذي بموجبه يخصص المتعاقد منفعة الضمان أما بزوجه بلا تعيين اسمه، أو باولاده واعقابه المولودين أو الذين سيولدون، أو بورثته بلا لزوم لبيان اسمائهم في عقدة الضمان أو بغيرها عقيب ذلك والمضمنة شرط تخصيص راس المال المضمون". على انه يشترط وجوبا، بحسب الفقرة الرابعة من الفصل 64 من القرار نفسه، "وجود الشخص المنتفع بالتأمين حين حلول اجل دفع راس المال، أو دفع المرتب المالي، وذلك ما لم يتفق على خلاف ذلك".
على إن هناك صورا اخرى للتأمين تتعلق بالجنين، كالتأمين على حياة الجنين، ومنها التأمين على الجنين لحال البقاء، ويجب التمييز بين هذا التأمين والتأمين من خطر الحمل الذي يتعلق بشخص المرأة، ويجوز التأمين عنه من صاحب المصلحة التأمينية، أيّ "المصلحة التي تقوم مع وقوع الحمل، فتشمل نفقات علاج المرأة الحامل، ورعايتها صحيا وتغذيتها، أما التأمين على الجنين لحال البقاء، فالمصلحة لا تقوم إلا مع الولادة، ولا يغطي هذا التأمين فترة الحمل، كما يختلف عن التأمين من خطر الانجاب الذي يتعلق الخطر فيه بشخص المرأة، ويجوز التأمين عنه من صاحب المصلحة التأمينية التي تقوم مع وقوع الانجاب، وهو غالبا الشخص المكلف رعاية المولود والانفاق عليه، ولكن من الملاحظ إن النوعين من التأمين يغطيان مصلحة متشابهة.
وهنا أيّضا التأمين على الجنين لحال الوفاة، حيث تقوم المصلحة فيه مع وقوع الوفاة، وقد منع المشرع المغربي في الفصل 58 من القرار الوزيري المؤرخ في سنة 1934 ابرام عقد تأمين راجع للوفاة، وواقع على شخص قاصر لا يبلغ عمره 12 سنة، وكل ضمان معقود خلافا لهذا المنع يعد باطلا.
وبذلك فإن منع التأمين على حياة الاطفال الذين يقل عمرهم عن 12 سنة بما فيها حياة الجنين في القانون المغربي مقصورة على التأمين لحال الوفاة فقط، أما بقية انواع التأمين الاخرى على الحياة، التي يستفيد منها الجنين فإنها تبقى جائزة . حيث نصت الفقرة الثالثة من الفصل السادس من القرار السابق ذكره على انه: " يمكن عقد التأمين لحساب شخص سواء كان بصفة لمنفعة الشخص الموقع عليه، ام بصفة شرط مضمن بالعقد للغير، وذلك لمنفعة الشخص المعروف المتمتع بالشرط المذكور، أو الشخص المحتمل تمتعه به".
وتبعا لذلك، فإنه يجوز إن يكون التأمين لمصلحة المستأمن، ويجوز إذا كان التأمين لحال البقاء إن يعقد لمصلحة الجنين نفسه، فيدخل مبلغ التأمين مباشرة في ذمة المولود.
ومن السهل تسويغ ذلك ؛ فالمولود صارت له شخصية قانونية كاملة، ومن قبل ولادته له أهلية وجوب وان كانت محدودة، يمكن إن تتعلق بها حقوق مثل الإرث أو الوصية وغيرهما كما سبق بيانه، وقياسا على هذه الحقوق يمكن إن يتعلق بها حق التأمين.
الخاتمة
إن أهلية الوجوب بوصفها صلاحية الشخص لثبوت الحقوق له أو عليه، تثبت لكل انسان في المجتمع، ولان مناطها الحياة والصفة الانسانية، ولا علاقة لها بالسن أو العقل، فهي تبدأ من وقت الحمل ولا تتحقق إلا من تمام ولادة الانسان حيا، لذلك فإن الجنين تثبت له شخصية قانونية تجعله يتمتع بأهلية وجوب، ولا يملك شيئا من أهلية الأداء.
إلا انه إن كانت تثبت للجنين أهلية وجوب، فإنها ناقصة من عدة نواح اهمها:
• انها تقتصر فقط على العنصر المتعلق بصلاحية اكتساب الحقوق، أيّ العنصر المؤهل للدائنية، بحيث يؤهل الشخص لان يكون دائنا، فتثبت الحقوق له. وان كان الاعتراف له بهذه الأهلية يقضي منطقيا تحميله بالإلتزامات التي تقتضيها ادارة امواله.
• انها مقصورة على بعض الحقوق دون بعضها الآخر.
• انها متوقفة على تمام ولادته حيا.
ويعود السبب في نقص اهليته إلى أمرين:
احدهما، إحتمال الحياة والموت قبل وجوده في الدنيا، حيث انه من الممكن إن يولد ميتا، فلا يكون لوجوده السابق أيّ إعتبار، ولا يعترف له بأيّ حق من الحقوق، واما إذا ولد حيا، فتكتمل بذلك أهلية الوجوب لديه.
ثانيهما، إن الجنين، وان كان يعد جزءا من أمه من حيث الظاهر، كانه عضو من اعضائها تابع لها، ويرتبط بها، ويتحرك بحركتها، ويستقر باستقرارها، فإنه جزء غير دائم، وهو مستقل بالروح والحياة، اذ انه نفس تنفرد بالحياة لها كيانها ومقوماتها الانسانية، وهو مهيأ من هذا الوجه للانفصال بعد حين ليصبح انسانا مستقلاً، ولذلك تثبت له بعض حقوق الانسان الحي دون بعض نتيجة لهاتين الصفتين اللتين يتمتع بهما، صفة الاستقلال من ناحية، وصفة التبعية من ناحية اخرى.
فالجنين نظرا لوضعه الطبيعي لا يكون اهلا للأداء، ولا يكون اهلا لوجوب الحقوق عليه، ولكن يكون اهلا لوجوب الحقوق له، فهي ثابتة له من جهة الوجوب له لا عليه، وبعبارة اخرى، يعد الجنين بمنزلة المولود في كل ما يعود عليه بالنفع، أيّ إن شخصيته الإحتمالية تكون لمصلحته فقط، ومعناه انه يمكن إن يستفيد منها، لكن لا يمكن إن يتضرر من هذه الشخصية. بالاضافة إلى ذلك تثبت له حقوق اخرى منها اكتسابه جنسية ابيه بناء على رابطة الدم التي اخذ بها المشرع المغربي كاصل لاكتساب الجنية شريطة ولادته حيا، وحق النفقة له، على الرغم من اختلاف الفقهاء هل تجب للحمل أو للحامل من اجل الحمل، وكذا حقه في الزكاة له، والحق في افطار أمه، وتأخير اقامة عقوبة الحد عليها حتى تضعه.
وتختلف طبيعة الحقوق التي تثبت للجنين بعضها عن بعض، كما تختلف في احكأمها، وفي الآثار القانونية المترتبة عليها، إلا إن قدر التمتع بها ثابت، لا يزيد ولا ينقص، طوال مراحل تكوينه، وهي تتصف عموما بكونها حقوقاً مدنية، تنقسم إلى حقوق مالية كتلك الناتجة عن الميراث والوصية والوقف والهبة، واخرى غير مالية مثل النسب والجنسية.
والواقع إن اثبات قدر من أهلية الوجوب للجنين أمر تستدعيه ضرورة المحافظة على مصالحه في هذه الفترة في أحوال معينة،على إن اعتراف القانون بوجود الجنين، وترتيب بعض الحقوق بالنسبة إليه، هو اعتراف مؤقت معلق على شرط ولادته حيا، فاذا ولد حيا تأكدت شخصيته، وتثبت له حقوقه من وقت الحمل، واذا ولد ميتا، عد كأن لم يكن له وجود، فشخصيته لا تعدو إن تكون شخصية افتراضية، كما انها شخصية محدودة، واستنادا لذلك يمكن القول إن شخصية الانسان توجد بالقوة عندما يكون جنينا، ولكنها لا تتم بالفعل إلا لحظة ولادته وانفصاله تاما عن أمه حيا.
ولم يهتم المشرع المغربي كثيرا بالوضعية الخاصة للجنين، وإنما عمل على تقتين بعض الاحكام المتعلقة به، واحال بشان اغلبها على الفقه الإسلامي خصوصا المالكي منه، الذي وان لم يقم بصياغة هذه الاحكام في اطار نظرية عامة، متكاملة الجوانب، تنظم أهلية الجنين وحقوقه، فإن معالجته لهذا الموضوع شملت كل القضايا والمسائل المرتبطة من قريب أو بعيد بالجنين، على الرغم من انها جاءت متناثرة على مختلف الابواب الفقهية، مما يتطلب بذل جهد من اجل جمعها، وتصنيفها، وضبط معاييرها، وتنسيق فروعها، وتكامل اجزائها، والتوفيق بين الاراء المختلفة فيها، حتى تساير التطورات العلمية والبيولوجية التي يعرفها علم الأجنة.
قائمة بأهم المراجع المعتمد عليها
1. ابراهيم ابو النجا: وجود الشخصية القانونية للشخص الطبيعي في القانون الجزائري – المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والاقتصادية والسياسية – المجلد 25 – العدد 4 – ديسمبر 1978.
2. ابو البركات احمد بن محمد الشهير بالدردير: الشرح الكبير على متن خلل – دار الكتب العربية.
3. احمد الحصري: التركات والوصايا والقضايا المتعلقة بها في الفقه الإسلامي المقارن – دار الجيل – بيروت – 1992.
4. احمد محمود الشافعي: الوصية والوقف في الفقه الإسلامي- دار الهدى للمطبوعات- الاسكندرية – 1994.
5. احمد محمود علي داود: الحقوق المتعلقة بالتركة في الفقه والقانون – مكتبة دار الثقافة – عمان.
6. ادريس العلوي العبدلاوي:
- نظرية العقد- مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء – 1996 .
- المدخل لدراسة القانون – مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء.
7. إبن حزم : المحلى
8. إبن رجب الحنبلي : القواعد في الفقه الحنبلي.
9. إبن رشد الجد: المقدمات الممهدات لبيان ما اقتضه رسوم المدونة من الاحكام.. دار الغرب الإسلامي- 1988.
10. إبن عابدين: رد المحتار على الدر المختار- دار احياء التراث العربي – بيروت.
11. إبن قدامة: المغني – دار الكتب العلمية بيروت – 1994.
12. إبن كثير: تفسير القران العظيم – دار البصائر – بيروت 1999.
13. احمد ابراهيم بك: التركة والحقوق المتعلقة بها- القاهرة الحديثة للطباعة – 1987.
14. احمد فراج حسين: نظام الإرث في التشريع الإسلامي – المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع – بيروت – 1998 .
15. الامام مالك بن انس : المدونة الكبرى برواية سحنون بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم – دار الفكر – 1978.
16. البهوتي منصور بن يونس: كشاف القناع على متن الاقناع- عالم الكتب 1989.
17. التسولي : البهجة في شرح التحفة – دار الفكر – بيروت.
18. الخطيب محمد الشربيني : مغني المحتاج إلى معرفة معاني الفاظ المنهاج- مطبعة الحلبي.
19. السعيد بوركبة: الشفعة ومجالات تطبيقها- مجلة دار الحديث الحسنية – العدد الخامس – 1985.
20. الشوكاني: نيل الاوطار – دار الجيل – بيروت – 1973.
21. الغازي الحسيني: مختصر علم الفرائض والحقوق الإرثية- سلسلة دروس المعهد الوطني للدراسات القضائية- 1982.
22. القرطبي: الجامع لاحكام القران.
23. الكساني: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع- دار الكتاب العربي – 1974.
24. بدران ابو العينين: الميراث المقارن بين المذاهب السنية والمذهب الجعفري والقانون – دار المعارف بمصر- 1971.
25. توفيق حسن فرج: النظرية العامة للحق – مؤسسة الثقافة – 1978.
26. جلال العدوي ومن معه: الحقوق وغيرها من المراكز القانونية – منشأة المعارف – الاسكندرية – 1996.
27. حسن كير: المدخل إلى القانون – منشأة المعارف بالاسكندرية – 1974.
28. حمدي عبد الرحمن: الحقوق والمراكز القانونية- دار الفكر العربي – القاهرة – 1976.
29. خالد عبد الله عيد:
- المدخل لدراسة الفقه الإسلامي- مطبعة الساحل – الرباط – 1978.
- المدخل لدراسة القانون – دار الامان الرباط 1987.
30. سعيد الدغيمر: قطع التقادم ووقفه في ضوء قانون الإلتزامات والعقود– اطروحة لنيل دكتوراه الدولة- جامعة محمد الخامس بالرباط- السنة الجامعية 1974.
31. شمس الدين السرخسي: المبسوط – دار المعرفة – بيروت – 1986.
32. عبد الحي حجازي: المدخل لدراسة العلوم القانونية – نظرية الحق – 1970
33. عبد الرحمان بلعكيد: علم الفرائض- مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء – 1995.
34. عبد الرزاق احمد السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد- الجزء الأول – مصادر الالتزام- منشورات الحلبي الحقوقية – بيروت – 1998.
35. عبد العزيز محمد محسن: الحماية الجنائية للجنين في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي- دراسة مقارنة – دار النهضة العربية – القاهرة – 1998.
36. عبد القادر العرعاري: النظرية العامة للإلتزامات في القانون المغربي- مطبعة فضالة – المحمدية – 1995.
37. عبد الكريم شهبون: شرح مدونة الأحوال الشخصية المغربية - دار نشر المعرفة – الرباط 1987.
38. عبدالله بن عبد العزيز العجلان: الأهلية ونظرية الحق في الشريعة الإسلامية – مؤسسة الممتاز للطباعة – 1996 .
39. عبد الله معصر: حقوق الجنين بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي- رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في الدراسات الإسلامية – كلية الاداب والعلوم الانسانية بالدار البيضاء – سنة 1992.
40. عبد المنعم فرج الصدة: مبادئ القانون – دار النهضة العربية – بيروت – 1977.
41. عبد النبي ميكو: المدخل لدراسة القانون - المطبعة العالمية- الرباط 1974.
42. عبد الودود السريتي: ضوابط الإرث في التشريع الإسلامي- الدار الجامعية- بيروت – 1990.
43. عدنان القوتلي: الوجيز في الحقوق المدنية – الجزء الأول، مطبعة الجامعة السورية – دمشق – 1957 – الطبعة الثالثة
44. علاء الدين ابي الحسن علي بن سليمان المرداوي: الانصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الامام احمد بن حنبل- دار احياء التراث العربي – بيروت – 1998.
45. علي حسن نجيدة : نظرية الحق – دار الفكر العربي – القاهرة – 1985.
46. علي رمضان محمد ازبيدة: النظرية العامة للأهلية – دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون – المنشأة العامة للنشر والتوزيع والاعلان- طرابلس – 1984.
47. عمر بن محمد بن ابراهيم غانم: احكام الجنين في الفقه الإسلامي – دار الاندلس الخضراء- 2001.
48. عواطف تحسين عبدالله البوقري: احكام الجنين والطفل في الفقه الإسلامي – رسالة ماجستير في الفقه – جامعة ام القرى- مكة المكرمة – 1990
49. فتحية مصطفى عطوي: الاجهاض بين الشرع والقانون والطب- المنشورات الحقوقية صادر – 2001.
50. محمد ابو زهرة:
- الأحوال الشخصية – دار الفكر العربي – القاهرة .
- احكام التركات والمواريث – دار الفكر العربي – القاهرة.
51. محمد بن الحبيب التجكاني: نظام التبرعات في الشريعة الإسلامية – دراسة تأصيلية عن الاحسان الاختياري دار النشر المغربية – الدار البيضاء – 1983.
52. محمد بن عبد العزيز بن عبدالله: الوقف في الفكر الإسلامي- نشر وزارة الاوقاف والشؤون الإسلامية – الرباط – 1996.
53. محمد بن معجوز: احكام الشفعة في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي والمقارن – مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء – 1985.
54. محمد رياض: احكام المواريث بين النظر الفقهي والتطبيق العلمي – مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء. 1998.
55. محمد سلام مذكور: الجنين والاحكام المتعلقه به في الفقه الإسلامي (بحث مقارن) - دار النهضة العربية – القاهرة – 1969.
56. محمد شكري سرور: النظرية العامة للحق- دار الفكرة العربي – القاهرة – 1979.
57. محمد شكري سرور: النظرية العامة للحق- دار الفكرة العربي – القاهرة – 1979.
58. محمد علي الصابوني: المواريث في الشريعة الإسلامية في ضوء الكتاب والسنة- دار الجيل – بيروت – 1999.
59. محمد فؤاد عبد الباقي: المعجم المفهرس لالفاظ القران الكريم – دار احياء التراث العربي – بيروت.
60. محمد كمال الدين امام: الوصايا والاوقاف في الفقه الإسلامي- المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع – بيروت - 1996.
61. محمد لبيب شنب: دروس في نظرية الحق – دار النهضة العربية – القاهرة – 1977.
62. مصطفى الزرقاء: المدخل الفقهي العام – الجزء الثاني – دمشق – 1968.
63. مفتاح محمد مفتاح قزيط: الحماية القانونية للجنين بين الفقه الإسلامي والقانون – رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص – كلية الحقوق بالرباط- 1991.
64. نجم عبد الله عبد الواحد: مدة الحمل – مجلة المجمع الفقهي الإسلامي – العدد الرابع – السنة الثانية – 1989 .
65. نعمان جمعة: دروس في نظرية الحق- 1977.
منقول لاستفادة: منتدى جامعة المنصورة