في الجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الموافق 13/5/2000
برئاسة محمد محمود راسم رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة الدكتور علي ابراهيم الامام و الهادي محمد الجديدي و محمد نبيل محمد رياض و خلف فتح الباب متولي
موجز القاعدة
(1) دفاع شرعي . محكمة الموضوع .
تقدير توافر الدفاع الشرعي و انتفاؤها من سلطة محكمة الموضوع .
(2) دفاع شرعـي .
تجاوز الجاني القدر اللازم لرد الاعتداء في حالة الدفاع الشرعي اعتباره عذرا مخففا . المادة 59 من قانون العقوبات . شرطه .
المبدأ القانوني
[1] من المقرر ان تقدير الوقائع التي يستنتج منها حالة الدفاع الشرعي او انتفاؤها متعلقا بموضوع الدعوى مما تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها بغير معقب متى كانت الوقائع المؤدية للنتيجة التي انتهت اليها ، كما ان الدفاع الشرعي لم يشر لمعاقبة المعتدي على اعتدائه و انما شرع لرد العدوان .
[2] تقضي المادة 59 من قانون العقوبات بانه يعد تجاوز حدود الاباحة بحسن نية عذرا مخففا ومقتضى حكم هذا النص انه يشترط لاعتبار تجاوز حدود الاباحة عذرا مخففا في حالة الدفاع الشرعي ان ينشأ حق الدفاع عن النفس مستوفيا شروطه التي نص عليها القانون عدا شرط واحد هو شرط التناسب بين اعتداء الجاني على المجني عليه وبين خطر الاعتداء الذي يواجهه من جانب هذا الاخير بان تكون الوسيلة التي لجأ اليها الجاني للدفاع عن نفسه تتجاوز القدر اللازم لرد الاعتداء الحال عليه اما اذا لم يتوافر احد الشروط التي تبيح للجاني استعمال حق الدفاع الشرعي المنصوص عليها في المادتين 56، 57 من قانون العقوبات فانه لا محل للتحدي بالحكم الوارد بالمادة 59 المشار اليها لان التجاوز يفترض فيه ثبوت قيام حالة الدفاع الشرعي .
حكم المحكمة
اصدرت الحكم التالي
بعد الاطلاع على الاوراق و تلاوة تقرير التلخيص الذي اعده السيد القاضي المقرر محمد نبيل محمد رياض وسماع المرافعة والمداولة قانونا ،، حيث ان الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون ،،،
وحيث ان النيابة العامة اتهمت ---------------- بانه في يوم 23/3/1999 بدائرة اختصاص مركز شرطة نايف : أولاً: تعدى على سلامة جسم المجني عليه ------------- بانه ضربه بواسطة كأس فأحدث به الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الجرح افضى الى موته على النحو الثابت بالاوراق . ثانياً: تعاطى المشروبات الكحولية (ويسكي وبيرة) في غير الاحوال المصرح بها قانونا على النحو الثابت بالاوراق .
وطلبت عقابه بالمواد 121/ ، 331، 336/1-3 عقوبات ، والمادتين 3، 7 من قانون المشروبات الكحولية لسنة 1972 ، وقد ادعى المدعو ------------- عن نفسه و بصفته وكيلا عن اقارب المجني عليه مدنيا طالبا الحكم بالتعويض عن الضرر الادبي .
وبتاريخ 29/11/99 حكمت محكمة الجنايات بمعاقبة المتهم بالسجن مدة خمس عشرة سنة وابعاده عن البلاد عن التهمتين باعتبار ان تعاطيه المشروبات الكحولية ظرفا مشددا واحالت الدعوى المدنية الى المحكمة المدنية المختصة .
لم يرتض المحكوم عليه والمدعي بالحق المدني هذا الحكم فطعن عليه الاول بالاستئناف رقم 2950/99 ، وطعن عليه الثاني بالاستئناف رقم 3072/99 ، وبتاريخ 23/1/2000 حكمت المحكمة :- أولاً: بعدم قبول الاستئناف رقم 3072/99 . ثانياً: في الاستئناف رقم 2950/99 بتعديل الحكم المستأنف الى معاقبة المتهم بالسجن لمدة سبع سنوات و بابعاده عن البلاد .
طعن المتهم في هذا الحكم بطريق التمييز بموجب تقرير مؤرخ 12/2/2000 مرفق به مذكرة باسباب الطعن موقع عليها من محاميه الموكل طلب فيها نقضه وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن .
وحيث ان الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه انه اذ دانه بجريمة الضرب المفضي الى الموت المقترنة بظرف مشدد قد خالف القانون و اخطأ في تطبيقه ذلك ان الثابت ان الحادث وقع نتيجة استفزاز لمجني عليه للطاعن حيث سبه واوقع صديقه ارضا مما ادى الى تدخل الطاعن حيث تشابكا بالايدي بضرب المجني عليه بيده التي يحمل بها كأسا فادى الى جرح المجني عليه مما يكل حالة الدفاع الشرعي و ان وفاته نجمت عن التباطؤ في اسعافه ، وانه ولئن كانت شروط الدفاع الشرعي غير متوافرة على سبيل الفرض فانه عملا بالمادة 59 عقوبات يكون قد تجاوز حدود الاباحة بحسن نية مما يعتبر عذرا مخففا الا ان الواقعة في حقيقتها تمثل حالة دفاع شرعي عن النفس ، واذ كان الحكم المطعون فيه لم يعن ببحث توافر هذه الحالة فانه يكون معيبا بما يستوجب نقضه .
وحيث ان الحكم الابتدائي المؤيد لاسباب بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها و اورد على ثبوتها في حقه ادلة سائغة لها معينها الصحيح من اوراق الدعوى ومن شأنها ان تؤدي الى ما رتبه الحكم عليها مستمدة مما شهد به ------------- و ------------- وتقرير مستشفى دبي و التقريرين الطبيين الشرعيين بفحص جثة المجني عليه وتقرير المختبر الجنائي بشأن فحص آثار الجريمة و البصمات ودم المتهم ـ لما كان ذلك وكان من المقرر ان تقدير الوقائع التي يستنتج منها حالة الدفاع الشرعي او انتفاؤها متعلقا بموضوع الدعوى مما تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها بغير معقب متى كانت الوقائع المؤدية للنتيجة التي انتهت اليها ، كما ان الدفاع الشرعي لم يشر لمعاقبة المعتدي على اعتدائه و انما شرع لرد العدوان ، واذ كان مؤدى ما اورده الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه في بيانه لواقعة الدعوى ان الطاعن بادر المجني عليه بالاعتداء عليه دون ان يعتدي عليه الاخير او يتماسك معه حسبما قرره شهود الواقعة مما يعتبر ان المتهم لم يكن في حالة يتحقق بها قيام الدفاع الشرعي ومن ثم فان ما قام به الطاعن يعد من قبيل الانتقام مما تنتفي به حالة الدفاع الشرعي عن النفس كما هي معرفة به في القانون ، واذ نفي الحكم المطعون فيه قيام حالة الدفاع الشرعي فانه لا يكون ق خالف القانون ـ لما كان ذلك وكانت المادة 59 من قانون العقوبات تقضي بانه يعد تجاوز حدود الاباحة بحس نية عذرا مخففا ومقتضى حكم هذا النص انه يشترط لاعتبار تجاوز حدود الاباحة عذرا مخففا في حالة الدفاع الشرعي ان ينشأ حق الدفاع عن النفس مستوفيا شروطه التي نص عليها القانون عدا شرط واحد هو شرط التناسب بين اعتداء الجاني على المجني عليه وبين خطر الاعتداء الذي يواجهه من جانب هذا الاخير بان تكون الوسيلة التي لجأ اليها الجاني للدفاع عن نفسه تتجاوز القدر اللازم لرد الاعتداء الحال عليه اما اذا لم يتوافر احد الشروط التي تبيح للجاني استعمال حق الدفاع الشرعي المنصوص عليها في المادتين 56، 57 من قانون العقوبات فانه لا محل للتحدي بالحكم الوارد بالمادة 59 المشار اليها لان التجاوز يفترض فيه ثبوت قيام حالة الدفاع الشرعي ، لما كان ذلك وكان الثابت مما سلف ان الطاعن لم يكن في حالة دفاع شرعي عن النفس ومن ثم فانه لا مجال لتمسكه بتجاوز حدود الاباحة وقيام العذر المخفف عملا بالمادة 59 سالفة البيان ويون منعاه في هذا الصدد في غير محله ، لما كان ما تقدم فان الطعن برمته يكون على غير اساس متعينا رفضه موضوعا .
فلهذه الاسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن .
بناء الإنسان هو الهدف الأسمى الذي نبذل كل جهد من أجل تحقيقه