قانونية العين
السموحه ع التأخير
أتمنى لج الفائدة
المساهمة الجنائية
- المقصود بالمساهمة الجنائية :
لم يعرف قانون العقوبات المساهمة الجنائية . ويمكن تعريفها بأنها مساهمة أكثر من شخص في ارتكاب جريمة واحدة.
- المقصود بصور المساهمة الجنائية :
المساهمة الجنائية ، لها صورتان :
الصورة الأولى : مشاركة أكثر من فاعل في ارتكاب الجريمة
- وهذا ما نعبر عنه بوجود فاعل وفاعل مع غيره . وهذه هي صورة المساهمة الأصلية .
الصورة الثانية : مساهمة شريك مع فاعل الجريمة
- في هذه الصورة يقوم بتنفيذ ماديات الجريمة فاعل أو أكثر ، ويساهم معه شريك . في هذا الفرض تقوم المساهمة الجنائية بين مساهم أصلي وبين مساهم تبعي .
صور المساهمة الجنائية
أولاً: المساهمة اًلأصلية (الفاعل في الجريمة)
- المقصود بالفاعل والفاعل مع غيره :
عرفت المادة ( 39 ) عقوبات الفاعل في الجريمة والفاعل مع غيره بقولها :
" يُعد فاعلا للجريمة : أولا- من يرتكبها وحده أو مع غيره ، ثانيا- من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أعمال فيأتي عمدا عملا من الأعمال المكونة لها " .
يبين من المادة السابقة أن صور الفاعل مع غيره تتمثل في التالي :
الصورة الأولى – ارتكاب الركن المادي للجريمة كاملا
الصورة الثانية – ارتكاب عمل من الأعمال المكونة للجريمة
الصورة الثالثة – الفاعل على مسرح الجريمة
الصورة الرابعة – الفاعل المعنوي
- ولكي يرتكب الشخص جريمة توصف بأنها مساهمة في جريمة مع فاعل آخر ، يلزم توافر ركن مادي وركن معنوي .
1- الركن المادي لجريمة الفاعل مع غيره
- عددت المادة(39) عقوبات صور الركن المادي في جريمة الفاعل مع غيره والتي تتمثل في توافر صورة من الصور التالية :
الصورة الأولى : ارتكاب الركن المادي للجريمة
- في هذه الصورة يقوم شخص بارتكاب الجريمة مع آخر ، أي يصدر عنهما الركن المادي كاملا . فإذا كانت الجريمة سرقة ، فإن كلا منهما يختلس الأشياء المسروقة من سيارة المجني عليه مثلا ، وينقلها إلى سيارة أحدهما ثم يولون الأدبار بها . فهما يرتكبان النشاط الذي يتمثل في الاختلاس والنتيجة التي تتمثل في إخراج المال من حيازة المجني عليه وإدخاله إلى حيازة أحدهما أو كلاهما . كما يتوافر لديهما الركن المعنوي للجريمة والذي يتمثل في نية تملك الشيء المسروق . في هذا الفرض يتوافر عنصر تعدد الفاعلين ووحدة الجريمة ويرتكب كل منهما جريمة السرقة . ويعاقب كل منهما بعقوبة مستقلة عن عقوبة الآخر.
الصورة الثانية : ارتكاب فعل من الأفعال المكوّنة للجريمة
لا يقوم الفاعل مع غيره في هذه الصورة بارتكاب الركن المادي للجريمة كاملا ولكنه يرتكب فعلا يدخل في الأفعال المكونة لذلك الركن المادي.
ولكن ما المقصود بالأفعال المكونة للركن المادي في الجريمة ؟ يُقصد بهذا النوع من الأفعال ما يلي :
أولا – ارتكاب أحد الأفعال المكوّنة للركن المادي من الناحية المادية :
- في هذا الفرض يقوم الفاعل مع غيره بارتكاب فعل يدخل في الركن المادي في جريمة السرقة . وهنا يظهر الفارق بين الصورة الأولى التي يرتكب فيها الفاعل مع غيره الركن المادي كاملا مع فاعل آخر وبين تلك الصور التي يرتكب فيها الفاعل مع غيره فعلا يدخل في الركن المادي للجريمة. من ذلك أن يقوم الفاعل مع غيره بإخراج الشيء المسروق من سيارة المجني عليه ولكن لا يحمله معه إلى سيارة أخرى . وبالمثل من يقوم بطعن المجني عليه مع الفاعل الأصلي لكي تزهق روحه يُعد فاعل مع غيره في جريمة القتل، على الرغم من أن تقرير الصفة التشريحية أثبت أن طعنات الأول لم تكن بمفردها هي التي أودت بحياة المجني عليه . فالجريمة واحدة ويُسأل عنها الاثنان .
ثانيا – ارتكاب أحد الأفعال المكوّنة للركن المادي من الناحية القانونية :
- يتطلب القانون في بعض الجرائم أن يرتكب الفاعل نشاطين ، وذلك لكي تتم الجريمة ، من ذلك جريمة النصب . هذه الأخيرة تتركب من نشاط وهو الاحتيال ومن نتيجة وهي الاستيلاء على مال المجني عليه . وهذا ما يُطلق عليه الجرائم المركبة . فإذا قام المتهم بالاحتيال على المجني عليه ثم قامت زوجته بالاستيلاء على المال ، فإن الأخيرة تُعتبر فاعلا ، لا فرق في ذلك بينها وبين زوجها .
ثالثا – ارتكاب فعل يشكل بدءا في تنفيذ الجريمة :
يكفي لكي يكتسب المتهم وصف الفاعل مع غيره أن يأتي عمدا عملا من الأعمال التي تعتبر بدءاً في تنفيذ الجريمة ، بالمعنى المعرّف به في الشروع . ومؤدى ذلك استبعاد ما يسري عليه وصف الأعمال التحضيرية . ومما يكسب المتهم وصف الفاعل مع غيره ارتكاب فعل يسري عليه وصف البدء في تنفيذ الجريمة مع الفاعل الأصلي ولو لم يؤد فعله إلى تمام الجريمة ، وإنما تمت الجريمة بفعل هذا الأخير .
رابعا – القيام بدور فعّال على مسرح الجريمة :
يتمثل فعل الجاني في هذا الفرض في المساعدة المعاصرة لارتكاب الجريمة . فالفعل الذي يصدر منه لا يؤدي حالا ومباشرة إلى وقوع الجريمة ولكنه مع ذلك يساعد في وقوعها، وذلك عن طريق القيام بدور على مسرح الجريمة . فمن يعطي الفاعل الأصلي سكينا في أثناء المشاجرة لكي يتمكن من قتل المجني عليه، وكذلك من يقوم بمراقبة الطريق لتنبيه الفاعل الأصلي في جريمة السرقة عن وصول الشرطة أو صاحب المنزل، يُعد فاعلا مع غيره مع من قام بارتكاب الركن المادي في جريمة القتل أو في جريمة السرقة .
وبناء عليه يلزم توافر شرطين لوجود هذه الصورة من صور الفاعل مع غيره .
الشرط الأول – القيام بدور فعّال :
- يلزم أن يقوم الفاعل مع غيره بدور مساعد للفاعل على ارتكاب الجريمة. فإذا تمثل فعله في التواجد على مسرح الجريمة دون القيام بدور معين كالجار الذي يكتفي بمشاهدة من يقوم بسرقة جاره ولا يحرك ساكنا ، فإنه لا يقوم بدور فعّال ومن ثمّ لا يعد فاعلا مع غيره في وقوع جريمة السرقة .
الشرط الثاني – على مسرح الجريمة :
- لا يكتسب الجاني وصف الفاعل مع غيره إذا قام بدور سابق على وقوع الجريمة . هنا يُعد شريكا بالمساعدة . من ذلك الخادم الذي يترك الباب مفتوحا لعلمه بأن شخصا آخر سيحضر للسرقة . أما إذا تواجد لحظة ارتكاب الجريمة وقام بفتح الباب له لتسهيل السرقة فإنه يُعد فاعلا مع غيره .
قضت المحكمة بتوافر صفة الفاعل في السرقة في حالة مراقبة الطريق في حق المتهم الذي" رافقهما إلى مكان الحادث وظل في سيارته خارج المسكن لمراقبة الطريق ، بينما قام زميلاه بكسر باب المسكن والاستيلاء على المسروقات ، فإن هذا يكفي لاعتباره فاعلا أصليا في الجريمة .
خامسا – الفاعل المعنوي :
يقصد بالفاعل المعنوي من يحرض شخص آخر غير مسئول على ارتكاب الجريمة فيرتكبها بناء على هذا التحريض .لم يصرح قانون العقوبات بنظرية الفاعل المعنوي .
فعدم المسئولية الجنائية للفاعل المادي قد ترجع إلى عدم توافر أهليته الجنائية كالصغير غير المميز أو المجنون ، وقد ترجع إلى أنه حسن النية بينما يتطلب القانون توافر القصد الجنائي لديه لوقوع الجريمة . فمن يحرض غير مميز على ارتكاب القتل يعتبر فاعلا في جريمة القتل إذا وقعت بناء على ذلك التحريض . والأمر كذلك ممن يوهم آخر بأنه يحمل له لفافه على أنها من الأدوية ، بينما هي من المخدرات ،يعتبر فاعلا في جريمة حيازة المخدرات .
ومؤدى فكرة الفاعل المعنوي أننا نتواجد أمام فاعلين : الفاعل الأول وهو فاعل مادي قام بارتكاب ماديات الجريمة أي الركن المادي ، ومع ذلك فإنه غير مسئول جنائيا. والفاعل الثاني وهو فاعل معنوي مسئول جنائيا لتوافر القصد الجنائي لديه بالإضافة إلى قيامه بالنشاط وهو التحريض .
2- الركن المعنوي لجريمة الفاعل مع غيره
هل يلزم أن يتوافر القصد الجنائي لدى الفاعل مع غيره ؟ بمعنى آخر هل تقتصر المساهمة الجنائية بين الفاعل والفاعل مع غيره على الجرائم العمدية أم هل يمتد مجالها لكي ينسحب على الجرائم غير العمدية ؟ ذلك ما سوف نوضحه فيما يلي من بيان :
أولا – بالنسبة للمساهمة الجنائية في الجرائم العمدية :
تتوافر المساهمة الجنائية الأصلية أي بين المساهمين في الجرائم العمدية ، ولا يثير ذلك صعوبة قانونية ؛ فقوام رابطة المساهمة هو القصد الجنائي من علم وإرادة ؛ العلم بأن هناك مساهما آخر ( فاعل آخر ) وإرادة التداخل مع هذا الفاعل في ارتكاب الجريمة .
فإذا قام (أ) بارتكاب جريمة معينة ولما علم (ب) بذلك قام بالمبادرة وتداخل في ارتكاب تلك الجريمة ، فإن المشاركة الإجرامية تتوافر في حق (ب) ولا تتوافر في حق (أ) . ويرجع ذلك إلى توافر العلم والإرادة لدى (ب) والمتمثل في قصد التداخل لديه دون وجود ذلك القصد لدى (أ) .
يترتب على ذلك أن (ب) يتحمل المسئولية الجنائية عن الأفعال التي يرتكبها (أ) باعتباره فاعلا معه ولا يتحمل (أ) المسئولية الجنائية إلاّ عن فعله الشخصي فقط . فإذا كان (أ) يتشاجر مع (جـ) ولما تصادف مرور (ب) صديق (أ) بادر إلى التدخل في المشاجرة حيث استخدم سكينا في ضرب (جـ) فزهقت روحه ، فإن جريمة الضرب المفضي إلى موت يرتكبها (ب) بمفرده ويتحمل المسئولية الجنائية عنها ولا يرتكبها (أ) معه كما لا يتحمل المسئولية عنها . وبالمثل إذا قام (أ) دون تفاهم مع (ب) بسرقة منزل (جـ) ولكن (ب) علم بذلك فذهب إلى مسرح الجريمة لمساعدة (أ) فوجد (جـ) يهم بالقبض علي (أ) فقام بالاشتباك معه وقيده من يديه وقدميه ، فإن جريمة السرقة بالإكراه لا يتحملها سوى (ب) ، ولا يُسأل (أ) إلاّ عن جريمة السرقة دون الإكراه ، وذلك لعدم توافر الركن المعنوي للمساهمة الجنائية لديه في خصوص الإكراه .
وعلى العكس من ذلك إذا لم يتوافر قصد الاشتراك لدى الشريك ، فإنه لا يُسأل عن الجريمة . فرجل الشرطة الذي يحرض المجرم على ارتكاب الجريمة حتى يقوم بالقبض عليه متلبسا لا يُسأل بوصفه شريكا في الجريمة لانتفاء القصد الجنائي لديه .
و يتخذ قصد المساهمة إحدى الصور التالية:-
الصورة الأولى : التفاهم السابق
يتوافر في هذا الفرض اتفاق سابق بين الفاعلين على ارتكاب كل منهما للجريمة أو على ارتكاب أحدهما للركن المادي على أن يقوم الآخر بمساعدته في ذلك في أثناء وقوع الجريمة .
الصورة الثانية : قصد التداخل
- هنا يتوافر لدى المساهم العلم بوقوع الجريمة ويقصد إلى القيام بدور في وقوعها دون سابق تفاهم مع الفاعل الأصلي.
ويختلف قصد التداخل عن توافق الإرادات . فإذا تصادف أن أطلق (أ) و(ب) النار على (جـ) دون اتفاق سابق أو حتى تفاهم على مسرح الجريمة ، فإن كلا منهما يُعد فاعلا في جريمة مستقلة وليس مساهما مع الآخر .
ثانياً:المساهمة التبعية ( الاشتراك )
- المقصود بالشريك :
عرّفت المادة 40 عقوبات الشريك بأنه من يحرض أو يتفق أو يساعد على ارتكاب الجريمة فتقع الجريمة بناء على ذلك التحريض أو الاتفاق أو المساعدة . فتنص المادة السابقة على أنه : " يُعد شريكا في الجريمة : أولا – كل من حرض على ارتكاب الفعل المكون للجريمة إذا كان هذا الفعل قد وقع بناء على هذا التحريض . ثانيا – من اتفق مع غيره على ارتكاب الجريمة فوقعت بناء على هذا الاتفاق . ثالثا – من أعطى الفاعل أو الفاعلين سلاحا أو آلات أو أي شيء آخر مما استعمل في ارتكاب الجريمة مع علمه بها أو ساعدهم بأي طريقة أخرى في الأعمال المجهزة أو المسهلة أو المتممة لارتكابها " .
- أهمية التمييز بين الفاعل والشريك :
تتمثل أهمية التمييز بين الفاعل والشريك في عدة نتائج أهمها :
- إن المشرع وإن أقام التسوية بين الفاعل والشريك في العقوبة ، إلاّ أن المحكمة عادة ما تحكم على الفاعل بعقوبة أشد من تلك التي تعاقب بها الشريك، وذلك من خلال سلطتها التقديرية في تطبيق العقوبة من خلال الحد الأدنى والحد الأقصى أو من خلال الظروف المخففة .
- إن المشرع أحيانا ما يستلزم صفة معينة من الفاعل لا تقع الجريمة إلاّ بتوافر تلك الصفة ، وقد تتغير صفة الجريمة إذا تخلفت تلك الصفة . من ذلك جريمة الرشوة التي تقتضي أن يكون الفاعل موظفا عاما . فلا تقع الجريمة إذا توافرت تلك الصفة في الشريك دون الفاعل نفسه .
- استبعاد أحكام الاشتراك في بعض الحالات :
قد يقصد المشرع إلى استبعاد أحكام الاشتراك في بعض الحالات ، باعتبارها تشكل أحكاما عاما ، ليخضع الأمر لقواعد خاصة ، بحيث يصبح الشريك فاعلا أصليا . عندئذ يتعين أعمال تلك النصوص باعتبارها من النصوص الخاصة ، إذ القاعدة في تفسير النصوص هي أن الخاص يقيد العام .
الركن المادي في جريمة الشريك
يتمثل الركن المادي في جريمة الشريك في نشاط ونتيجة وعلاقة سببية ، سوف نقوم بتوضيحها فيما يلي :
النشاط في جريمة الشريك:-
- حددت المادة (40) عقوبات النشاط في جريمة الشريك بأنه يتخذ صورة من الصور التالية : التحريض ، الاتفاق ، المساعدة
1- التحريض :
- مفهوم التحريض :
يٌقصد بالتحريض بث الفكرة الإجرامية لدى الفاعل الأصلي. فالشريك يقوم بإقناع الفاعلوحثه على ارتكاب الجريمة، فيقوم هذا الأخير بتنفيذ الجريمة بناء على ذلك . ومؤدى ذلك أن التحريض لا يتوافر إذا كان الفاعل مقتنعا ومصمما أصلا على الجريمة ولم يثنه الشخص الآخر عن المضي قدما في تنفيذ مخططه . وقد يستحسن منه ذلك ، فلا يكفي ذلك لتوافر التحريض الذي يشكل الاشتراك في الجريمة ، وذلك لانتفاء التحريض وكذلك لانتفاء علاقة السببية على ما سيلي بيانه بالنسبة لهذه النقطة الأخيرة .
ولا يشترط شكلا معينا للتحريض ، فقد يتم في شكل نصيحة ما دام أنه أنتج أثره في نفس الفاعل . فتقول محكمة النقض " لا يوجد في القانون المصري ما يحول دون اعتبار التحريض قائما بالنصيحة وخاصة إذا ما اقترنت بإلحاح أو أُفرغت في أسلوب مقنع مؤثر على تفكير من وجهت إليه".
2– الاتفاق :
- المقصود بالاتفاق :
أشارت المادة (40) عقوبات إلى الاتفاق بوصفه صورة من صور الاشتراك بالتسبب بقولها " من اتفق مع غيره على ارتكاب الجريمة فوقعت بناء على هذا الاتفاق " ولكنها لم تضع تعريفا له . وقد عرفته محكمة النقض بقولها " اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه "
- لا يشترط وقوع الاشتراك قبل الجريمة بوقت معين :
لا يحول دون توافر الاتفاق الذي تتوافر به المساهمة الجنائية أن يتحقق ذلك الاتفاق في لحظة تنفيذ الجريمة .
- الاتفاق يقتضي عدم المساهمة في التنفيذ :
الاتفاق الذي يجعل المتهم شريكا في الجريمة هو ذلك الاتفاق الذي يقف فيه نشاط المتهم عند هذا الحد ، دون أن يتعداه إلى المساهمة بأي نصيب في تنفيذ الجريمة . فإذا قام بدور في التنفيذ بعد الاتفاق فإنه يصبح فاعلا أصليا في الجريمة ، ولا ينحسر دوره عندئذ على المساهمة التبعية . ومع ذلك يلزم أن تقع الجريمة أي أن يرتكب الفاعل الأصلي جريمته حتى يمكن مساءلة الشريك بالاتفاق معه عنها .
- اختلاف الاتفاق عن التحريض :
قد يجتمع الاتفاق مع التحريض فيقوم المتهم بإقناع الفاعل الأصلي بارتكاب الجريمة ويتفق معه على أن يقوم هذا الأخير بالقتل مثلا ويقوم هو بإخفاء جثة القتيل أو أن يقوم الفاعل الأصلي بالسرقة ويقوم هو بشراء المسروقات منه أو أن يتفق معه ويحرضه على دخول الامتحان بدلا منه فيرتكب الفاعل الأصلي جريمة التزوير بتحريض واتفاق مع هذا الأخير .
وقد يكون الفاعل الأصلي مصمما على ارتكاب الجريمة أصلا فينضم إليه المتهم متفقا معه على أن يقوم الأول بارتكاب الجريمة ويقوم الثاني بدور بعد ارتكابها .
فلا يلزم إذن أن يجتمع كل من الاتفاق والتحريض في آن واحد ، فيكفي توافر إحدى الصورتين حتى يتوافر الاشتراك .
3 – المساعدة :
- المقصود بالمساعدة :
عبرت المادة 40/ ثالثا عقوبات عن المساعدة بقولها :
" من أعطى الفاعل أو الفاعلين سلاحا أو آلات أو أي شيء آخر مما استعمل في ارتكاب الجريمة مع علمه بها أو ساعدهم بأي طريقة أخرى في الأعمال المجهزة أو المسهلة أو المتممة لارتكابها " .
- شروط المساعدة كنشاط :
يبين من النص السابق أن المساعدة كوسيلة للاشتراك بالتسبب يلزم لتحققها توافر شرطين :
الشرط الأول : أن يشكل النشاط مساعدة مادية أو معنوية
- يكفي في نشاط الشريك بالتسبب أن يقدم مساعدة للفاعل . يستوي عندئذ أن تكون هذه المساعدة مادية كمن يقدم سلاحا للفاعل لكي يرتكب به الجريمة أو مساعدة معنوية كمن يقدم له معلومات ضرورية ، مادامت هذه المعلومات تساعد الفاعل على ارتكاب الجريمة كطريقة دخول منزل معين أو بنك تمهيدا لسرقته .
الشرط الثاني – لحظة المساعدة :
- يلزم في المساعدة التي تضفي صفة الشريك على المساعد أن تتعلق بالأعمال المجهزة أو المسهلة أو المتممة لارتكاب الجريمة . وبالتالي فإذا حدثت المساعدة في لحظة لاحقة على تمام الجريمة ، فإنها لا تشكل اشتراكا في الجريمة . فمن يقوم بإخفاء الأشياء المتحصلة من جناية أو جنحة لا يعد شريكا فيها إلاّ إذا سبق أن اتفق مع الفاعل الأصلي على ذلك قبل ارتكاب الجريمة. بدلا من ذلك تعاقب المادة 44 مكررا عقوبات " كل من أخفى أشياء مسروقة أو متحصلة من جناية أو وجنحة مع علمه بذلك .. ". كما تعاقب المادة ( 144) عقوبات " كل من أخفى بنفسه أو بواسطة غيره شخصا فر بعد القبض عليه أو متهما بجناية أو جنحة أو صادرا في حقه أمر بالقبض عليه وكذا كل من أعانه بأي طريقة كانت على الفرار من وجه القضاء مع علمه بذلك … " . هذا الإخفاء إذا كان وليد اتفاق سابق مع الفاعل على أن يقوم هذا الأخير بارتكاب الجريمة ويقوم الثاني بمساعدته على التخفي عن أعين رجال الشرطة ، فإن ذلك يجعله شريكا في الجريمة . لكن الفرض في هذه المادة أن هذا الاتفاق السابق لم يجمع بين مرتكب الجريمة والقائم بالإخفاء. هذا الأخير يُعد إذن وفقا للمادة السابقة فاعلا أصليا في جريمة إخفاء هارب من العدالة .
- التمييز بين المساعدة في المساهمة الأصلية وبين المساعدة في الاشتراك :
قد تشكل المساعدة نشاطا في المساهمة الأصلية فيصبح المساعد فاعلا أصليا ، وقد تشكل نشاطا في المساهمة التبعية ، فيغدو المساعد شريكا . ومعيار التمييز بينهما هو تواجد المساعد على مسرح الجريمة عند تقديمه لتلك المساعدة . فإذا قام المتهم بمساعدة الفاعل الأصلي لحظة ارتكابه للجريمة كان فاعلا معه. وإذا قام بالمساعدة دون قيامه بدور على مسرح الجريمة كان شريكا عندئذ .
يكفي وقوع جريمة الشروع من الفاعل الأصلي ( لا اشتراك في الشروع ) :
لا يلزم لوقوع جريمة الشريك أن يرتكب الفاعل الأصلي الجريمة تامة ، بل يكفي أن يرتكب شروعا معاقبا عليه في تلك الجريمة . فمن يساعد الفاعل على السرقة ولكن يتم القبض على هذا الأخير بعد أن شرع في ارتكابها فقط وقبل أن يتممها ، فإنه يُسأل بوصفه شريكا في جريمة الشروع في سرقة .
- النتائج المترتبة على تبعية الشريك للفاعل الأصلي( استعارة الشريك إجرامه من إجرام الفاعل الأصلي ):
ما دامت مسئولية الشريك تتوقف على ارتكاب الفاعل الأصلي لجريمته، فإن ذلك يوضح بجلاء أن الشريك مساهم تبعي في الجريمة ، أي أنه يستعير إجرامه من أجرام الفاعل الأصلي ، ويترتب على ذلك النتائج القانونية التالية :
1 – إذا لم يرتكب الفاعل الأصلي جريمته تامة أو شروعا فيها فإنه لا مسئولية جنائية تقع على عاتق الشريك . فلا يمكن مساءلته عن الشروع في الاشتراك ، فلا شروع في الاشتراك .
2 – إذا وقعت الجريمة تامة كان الشريك مسئولا عنها ، وإذا وقفت عند حد الشروع وقفت مسئولية الشريك عند حد الاشتراك في الشروع . فإذا كان الشروع في الاشتراك غير متصور ، فإن الاشتراك في الشروع معاقب عليه .
3 – إذا قام الفاعل الأصلي بارتكاب جريمة غير التي كانت محلا للتحريض أو الاتفاق أو المساعدة ، فإن الشريك لا يُسأل عنها ، إلاّ إذا كانت محتملة للجريمة الأصلية التي كانت محلا للتحريض أو الاتفاق أو المساعدة . ويعتبر هذا النوع من المسئولية من قبيل الاستثناء الذي يلزم لتوافره وجود نص خاص به ، وهذا ما فعله المشرع المصري في المادة (43 ) عقوبات .
4 – إذا كان الفاعل الأصلي في الجريمة يستفيد من سبب من أسباب الإباحة ، فإن الشريك يستفيد أيضا من ذلك .
5 – إذا صدر عفو عام عن الجريمة الأصلية ، فإن الشريك يستفيد منه مثله في ذلك مثل الفاعل الأصلي ، ذلك أن العفو عن الجريمة يرفع عن الفعل وصف التجريم .
ومع ذلك فإن فعل الشريك له ذاتية أي استقلالية محدودة عن فعل الفاعل الأصلي ، أي أن استعارته للإجرام من الفاعل الأصلي ليست إلاّ استعارة نسبية وليست مطلقة ، ويبين ذلك من التالي :
1 – لا يٌُسأل الشريك عن الجريمة غير المحتملة للجريمة الأصلية التي كانت محلا للتحريض أو الاتفاق أو المساعدة .
2 – إذا كان الفاعل الأصلي يستفيد من مانع من موانع المسئولية ( كصغر السن أو الجنون ) فإن ذلك لا يتعدى أثره إلى الشريك ، لأن هذا النوع من الأسباب ذات طابع شخصي .
3 – إذا استفاد الفاعل الأصلي من سبب من أسباب الإعفاء من العقاب ، فإن ذلك يقتصر في أثره على من توافر لديه هذا الإعفاء ولا يمتد في أثره إلى الشريك معه بالضرورة . من قبيل ذلك أن المادة 84 أ عقوبات تعفي من يبادر من الجناة إلى إبلاغ السلطات بما علمه عنها قبل البدء في ارتكاب جريمة من جرائم أمن الدولة من جهة الخارج ، ويجوز للمحكمة الإعفاء من العقوبة إذا حصل البلاغ بعد تمام الجريمة وقبل البدء في التحقيق . كما تقرر المادة (88 مكررا هـ) عقوبات الإعفاء من العقوبة بخصوص جرائم أمن الدولة من جهة الداخل لمن يبادر من الجناة بإبلاغ السلطات القضائية أو الإدارية عن وقوع الجريمة قبل البدء في تنفيذها . ويصبح الإعفاء جوازيا للمحكمة إذا حصل البلاغ بعد تمام الجريمة وقبل البدء في التحقيق . فإذا أُعفي الفاعل من العقوبة فإن ذلك لا يمتد بالضرورة إلى الشريك معه .
(جـ) علاقة السببية بين نشاط الشريك وجريمة الفاعل الأصلي
- المقصود بعلاقة السببية في هذا المقام :
يُقصد بعلاقة السببية في هذا المقام أن جريمة الفاعل الأصلي وقعت بناء على التحريض أو الاتفاق أو المساعدة
- انتفاء علاقة السببية
تنتفي علاقة السببية بين نشاط الشريك وجريمة الفاعل الأصلي إذا كان الأخير مصمما على ارتكاب الجريمة أصلا ، عندئذ لا يكون التحريض سببا في وقوع الجريمة . وفي حالة المساعدة إذا زوّد الشريك الفاعل الأصلي ببندقية لقتل المجني عليه ولكن الأخير استعان بسكين في ارتكابه جريمة القتل، فإن علاقة السببية تكون منتفية ، ما لم يكن المساعد قد حرّض الفاعل الأصلي على الجريمة ، فتقع الجريمة بناء على ذلك التحريض .
الركن المعنوي في جريمة الشريك
الركن المعنوي في الاشتراك في الجرائم العمدية :
يتمثل الركن المعنوي في القصد الجنائي . هذا الأخير ينطوي على العلم والإرادة : العلم بأن الشريك يحرض أو يتفق أو يساعد شخصا على ارتكاب جريمة وقصد التداخل في تلك الجريمة .
فإذا كان المساعد لا يعلم عندما ترك الباب مفتوحا أن آخر سوف يسرق المنزل ، فإن ذلك لا ينفي توافر الركن المعنوي لديه وبالتالي لا يرتكب جريمة الاشتراك في السرقة .
ولكنه لا يلزم أن يتوافر لدى الفاعل الأصلي العلم بأن هناك من يساعده . فإذا وجد الفاعل الباب مفتوحا فاعتقد أن صاحب المنزل قد نسي أن يغلقه ، فإن ذلك لا ينفي المساعدة عن الخادم إذا كان يقصد أن يسهل ارتكاب تلك الجريمة. فيكفي إذن توافر قصد الاشتراك لدى الشريك حيث يُسأل عن جريمة الفاعل الأصلي وعن الجريمة المحتملة لجريمة الفاعل الأصلي .
منقول للأمانة العلمية