كثرة استشارات الوالدين تؤدي إلى تفاقم المشكلات («تدخلات الأهل» منعطف خطر أمام الحياة)
تاريخ: 22 مايو 2012
أوضحت دراسة اجتماعية أن المشاكل الزوجية غالباً ما تنجم بين الطرفين حين يتدخل أحد أفراد الأسرة بينهما، فكثيراً ما تستشير الزوجة أمها لتنقذها من براثن زوجها، أو يستشير الزوج والده كنوع من تجربته الشخصية، لكن بدلاً من أن يجد كلا الطرفين الحل، تتفاقم المشكلة لتنتهي في أحيان كثيرة إلى طريق مسدود ينتهي أحياناً بالطلاق. ونبهت إلى ضرورة زيادة مساحة التفاهم بين الأزواج، للتغلب على مصاعب الحياة، باعتبار أن حياتهما الأسرية شراكة تجمع طرفين، يجب أن يتعاونا حتى تصل هذه الشراكة إلى بر الأمان، وتتجنب عواقب الأمور، مؤكدة أهمية أن يكون هناك ما يشبه المجلس الأسري يجمع أفراد الأسرة، تناقش خلاله ما يعتريها من مشاكل مختلفة وتصل إلى حلها.
أوضحت الدراسة الاجتماعية أن تدخل الأقارب في شؤون الأزواج مشكلة حقيقية، لأن كلاً من الزوجين ينحاز لأهله، والخطر أن يصل الأمر إلى أن تتخذ والدة أحد الزوجين «الحماة» موقف العدو الذي يقف بالمرصاد، فتتصيد الأخطاء وتستغلها في سبيل تعكير صفو حياة زوج ابنتها، ولا يزال حتى الآن بعض الأقارب لا يهضمون فكرة أن الرجل عندما يتزوج ويصبح كل ولائه لزوجته وأسرته الجديدة، ويجدون هذا التوافق أمراً صعباً، ويجب أن يتعاون الزوجان في وضع حدود وإطار صحي للعلاقات بالأقارب.
إلى ذلك، تجد الدكتورة غادة الشيخ استشارية أسرية أن تدخل الأهل في الحياة الزوجية خلال السنوات الخمس الأولى من الزواج يُعد من الأسباب الرئيسية المؤدية إلى الطلاق، وهذا بناء على نتائج الدراسات الاجتماعية العديدة في هذا المجال.
وتضيف: فقد يتدخل الأهل في حياة الزوجين من باب الحرص عليهما، ثم تتفاقم الأمور لتصل إلى خلافات بين الزوجين والأهالي، مشيرة إلى أنه تم تصنيف الحالات الاجتماعية الأكثر عرضة لتدخل الأهل في الحياة الزوجية، والأكثر تأثراً وتفاعلاً مع تدخل الأهل في الحياة الزوجية مثل الابن الوحيد واعتماده على والديه اقتصادياً والسكن مع أهل الزوج في منزل واحد مشترك، وكذلك الشخصية الضعيفة لدى كل من الزوج أو الزوجة.
وقالت إن تدخل الأهل في الشؤون الخاصة للزوجين، سواء كان أهل الزوج أو أهل الزوجة، قد يزيد المشاكل ولا يحلها مهما كانت النوايا حسنة، ناصحة الأزواج بأن الزوجة الذكية الواعية تحرص على عدم إشراك أي طرف فيما بينها وزوجها، خاصة والديها وكذلك الزوج، واحتواء الخلاف بين الزوجين خلال يوم أو يومين بمبادرة من أحدهما أقرب للمحبة والرحمة التي يتأسس عليها زواج مبارك بين رجل وامرأه، ولا يتحقق هذا إلا إذا كان هناك اتفاق غير مكتوب، وهو اتفاق مكتوب بقلم التفاهم على صفحة الحب ينص على أن كلا منهما يتنازل عن حقه لصالح شريكه في الحياة، ولو حدث هذا لما تذكر كل واحد منهما الأخطاء في حق الآخر، ولما فكر كل منهما في أن يبدأ مصالحة الآخر.
مشاكل زوجية
وعن شاب متزوج منذ 3 سنوات من ابنة عمه وهي متدينة وله منها بنتان، يسرد شريف معاناته: منذ فترة دامت أكثر من 5 أشهر حدثت مشكلة بيني وبين زوجتي، والسبب هو أن والدتي مريضة وتحتاج إلى يد العون في مساعدتها في شؤون البيت، لتنتهي المشكلة ببقاء زوجتي في البيت وتصر على عدم مساعدة والدتي أو الاهتمام بها بتاتاً، لافتاً إلى أن عصبية زوجته وسبها الدائم جعله يكره حياته، وما زاد الطين بلة، هو أنها من النوع المطاع لوالدتها فهي تسمع كلامها على كلامي، فحماته تحب الزعامة وتريد لابنتها ذلك في بيتها وهذا لا يحق لها ولا لغيرها، كما أنها تريد أن تزورها ابنتها يومياً.
ويذكر شريف موقف ما زال يعيش مأساته: قامت زوجتي بافتعال مشكلة في البيت وسب أبي وأمي بأسواء الإهانات، فقمت بضربها للتأديب، إلا أنها قامت بالرد بالضرب والشتم وخرجت من بيتي دون إذني وفضلت البقاء عند أهلها، وكلما تحدثت مع حماتي أجابتني أنها على حق، وإذا غلطت عليها مرة ستغلط عليك مرات.
ويصف شعوره: حياتي الآن أصبحت لا تطاق من وراء تدخل والدتها في شؤون بيتي وقراري فيه، حتى طلبت مني مؤخراً طلاق ابنتها بأسرع وقت، وأنا أصبحت أفكر بذلك الأمر.
حماتي، فرقت بين أخ زوجي وزوجته لخلافات مماثلة، وهذا ما لا أريده أن يحدث بيني وزوجي، تتذكر ميسون 25 عاماً تصرفات حماتها التي تنغص حياتها، بقولها كثيراً ما كنت أسمع إهانات حماتي واستفزازها لي والسبب حسب ظني الفروق الاجتماعية بيننا، بالإضافة إلى أن زوجي شخصية ضعيفة، فهو أصغر إخوته وكما كان يقولون عنه «آخر العنقود»، ولا يرفض لها طلباً مهما كان ذلك على حساب سعادتي.
وتضيف أحاول دائماً تجنب حماتي وكل ما تريده أنفذه لها من دون التفوه بأي كلمة، وكل ذلك من أجل إرضاء محبة زوجي، لكن لا حياة لمن تنادي، فكانت حين تراني في قمة سعادتي مع ابنها تشعر بالقهر والضيق وغالباً ما تسمعني بعض الكلمات لتُضيق الخناق على فرحتي، خاصة أنني متزوجة منذ 4 سنوات ولم أنجب طفلاً يملأ حياتنا سعادة، وهذا ما تسعى إليه حماتي منذ فترة طويلة، تحاول أن تزوج ابنها بامرأة ثانية لتنجب له الأبناء، لكن قيامي بكل واجباتي الزوجية مع ابنها لا تجعله يفكر بالزواج مرة ثانية.
انفصال الزوجين
أما لبنى ربة بيت، فمشكلتها لا تختلف كثيراً عن ميسون، فعلى الرغم من أن لديها مسكناً خاصاً بها مع زوجها، إلا إن تدخلات الأهل لا تنتهي حسب قولها: أسرة زوجي دائماً ما يتدخلون في حياتنا الشخصية، وفي طريقة تربية الأبناء وفي العلاقات الاجتماعية، فزيارة زوجي لأسرته يعود منها بأفكار أخرى، وهو يرى ذلك من البر بالآباء وحسن معاملتهم، ولذلك رفضت الذهاب لزيارتهم، ولي أكثر من عام ونصف العام لم التق بهم وأشعر أن حياتي أصبحت أكثر هدوءاً، متمنية وضع حد لتدخل أهل الزوج في حياة الزوجين، وعدم إقحامهما في المشاكل التي تخصهم، لأن هذه المشاكل تنتهي بالصلح بين الزوجين وتظل نفوس الأهالي معبأة بالحزن والغضب على أحد الزوجين، فيقف أهل الزوجة في طرفها ويقف أهل الزوج يدافعون عن الابن، وتتزايد المشكلة بين الأهل، في حين أنها قد تكون منتهية بالنسبة للزوجين، وقد تظل الأحقاد سنين طويلة وقد تؤدي إلى انفصال الزوجين.
أما سلمى 26 عاماً امرأة طلقت بسبب تدخلات أهلها، لينتهي بها المطاف أن تتسلم ورقة الطلاق لإصرار والدتها على الانفصال.
وتقول: الحقيقة تكمن وراء تدخلات أهلي في حياتي الخاصة وما سبب لي ذلك من مشاكل أدت إلى خراب بيتي، فكلما حدث شيء بسيط بيني وزوجي تصرخ في وجهي أمي، وتطلب مني ترك البيت واللجوء إليهم، حتى أصبحت طبيعتي المعتادة ترك البيت والمكوث عندهم أشهراً، وزوجي كثيراً ما كان يحذرني من هذا التصرف المتكرر وأنا لا أتورع أو أتراجع خوفاً من التخلي عني دوماً.
وتضيف: باتت أموري كلها بيدهم وتحت سيطرتهم حتى قضوا على البقية الباقية من عش الزوجية الهش، وانعدمت فرصة العودة لبعضنا، ألا يستحق هذا الحزن والندم؟، والله أنا نادمة وضجرة من حياتي، أحمد الله أني لم أرزق طفلاً، لكان الأمر أكثر صعوبة.
النساء أكثر
حملنا كل تلك المشاكل الزوجية إلى المختصين بعلاج المشاكل الأسرية، فكان جواب جاسم مكي رئيس قسم التوجيه والإصلاح في رأس الخيمة، إن هناك حالات كثيرة تفشل من جراء تدخل الأهل، التي تحدث شرخاً قوياً في العائلة، كما أن أغلب الحالات تأتي نتيجة النقص الذي يكتمه الآباء في دواخلهم، محاولين تعويض ذلك بأسلوب الفرض والإجبار. ويتابع: ما يحدث في بيوتنا عموماً، خاصة حالات التدخل غير المنطقي، يسبب المشاكل والحوادث المؤسفة، وبالطبع هو تدخل لا عقلاني، وهذا ما حدث فعلاً للكثير من المتزوجات اللاتي هن أكثر من يأتي إلي قسم الإصلاح والتوجيه بسبب تدخلات الأهل، حيث إن أغلبيتهن يفشين أسرار حياتهن الزوجية لتنقلب على رأسهن، مؤكداً أن الأم عادة ما تقف بجانب ابنتها حتى في حالة الخطأ، ما يشجعها على التمرد على بيت الزوجية أو اختلاق المشاكل التي تسبب لها الإحراجات، وربما الطلاق والذي تحتل قضاياه الرقم الأكبر في ملفات القضاء.
وأشار إلى أنه عندما نبحث عن الأسباب، نجدها تصب في الانصياع وراء مفاهيم خاطئة وعناد واضح من قبل الأهل أو زملاء العمل أو الجيران، مسببين لهم أذى كبيراً وهدماً لحياتهم، والأجدر بهم وبها أيضاً «الزوجة» أن تتفهم أن الحياة لا تبقى تسير على وتيرة واحدة، فبيت الأهل ليس كبيت الزوج وأهل الزوج لا يكونون بالمقابل كالأهل، وهي بتدبيرها وعقلانيتها وحسن تصرفها تستطيع السيطرة على كل الأوضاع، لتتمكن من العيش بهدوء من دون مشاكل، فالزوجة الكتومة على أسرار حياتها الزوجية هي الزوجة الحريصة على إبقاء سفينة سعادة هذا الكيان بمنأى من هزات العواصف وشروخ الزلازل، لافتاً «ليس هناك أعظم ولا أجمل من أن يحل الزوجان مشاكلهما بينهما ، وأن يحفظا أسرارهما بينهما، فالمشكلة مهما كانت صغيرة إذا خرجت خارج بيت الزوجية كبرت والسر إذا ذاع شاع.