ويقول البروفيسور نبيل ابراهيم سعد في كتابه النظرية العامة للإلتزام مصادر الالتزام في تعاقد الشخص مع نفسه: " إن الصورة المألوفة في التعاقد هو وجود طرفين على الأقل في العقد. حيث إن العقد يتم بمجرد أن يتبادل طرفان التعبير عن إرادتين متطابقتين ولكن قد يحدث أن يقوم شخص واحد بإبرام العقد وهذا ما يسمى تعاقد الشخص مع نفسه وفي هذا العقد يقوم شخص بدور طرفي العقد في التعبير عن إرادتهما وهذا ممكن من الناحية الفنية.
أ- الصورة الأولى: وهي أن يتعاقد الشخص أصيلاً بنفسه ونائباً عن غيره مثال ذلك يوكل شخص آخر في بيع شيء مملوك له فيشتريه الوكيل لنفسه.
ب- الصورة الثانية: وهي أن يتعاقد شخص بصفته نائبا عن طرفي العقد مثال ذلك أن يوكل شخص آخر في بيع منزل فيشتريه لشخص آخر يكون قد وكله في شرائه.
ففي الصورتين نجد أن شخصاً واحداً يقوم بإبرام القعد، وذلك بالتعبير عن إرادة الطرفين وبالتالي فليس هناك اعتراض من الناحية الفنية، ولكن ما يثور من اعتراض يتعلق بالناحية العملية، حيث إن القاعدة أن النائب يقوم بالعمل على رعاية مصالح الأصيل وبالتالي كيف يتسنى له ذلك في هاتين الصورتين؟ ففي الصورة الأولى أليس من المتصور أن يميل إلى مصلحته دون مصلحة الأصيل؟ وفي الصورة الثانية كيف يوفق ويحمي المصالح المتعارضة للطرفين اللذين ينوب عنهما؟
موقف التشريعات: وللاعتبارات السابقة قد تباينت مواقف التشريعات فمنها من أباح كقاعدة عامة تعاقد الشخص مع نفسه ومنعه استثناءً كالقانون الفرنسي والقانون السويسري والقانون الإيطالي والقانون البلجيكي واللبناني، ومنها من منعه كقاعدة عامة وأجازه استثناءً من ذلك القانون الألماني والمشروع الفرنسي الإيطالي ومعظم التشريعات العربية.
وما يهمنا بيانه هو موقف التشريعات العربية حيث إن الأصل هو منع تعاقد الشخص مع نفسه ومع ذلك أوردت هذه التشريعات عدة استثناءات تقوم على أساس انتفاء العلة من المنع وفي ذلك نصت المادة 108 مدني مصري على أنه " لا يجوز لشخص أن يتعاقد مع نفسه باسم من ينوب عنه سواء أكان التعاقد لحسابههو أم لحساب شخص آخر دون ترخيص من الأصيل على أنه يجوز للأصيل في هذه الحالة أن يجيز التعاقد كل هذا مع مراعاة ما يخالفه مما يقضي به القانون أو قواعد التجارة " تقابله المادة 158 مدني إماراتي وعلى ذلك يكون المشرع قد استثنى ثلاث حالات من هذا الحظر وهي على النحو التالي:
الحالة الاستثنائية الأولى: إذا وجد نص في القانون يجيز ذلك وهذا بطبيعة الحال أمر بديهي، حيث إن المشرع وضع القاعدة ويجوز له الخروج عليها عند انتفاء العلة من تقريرها ومن ذلك مثلا نص المادة 14 من قانون الولاية على المال في مصر، والتي تقضي بأن " للأب أن يتعاقد مع نفسه باسم القاصر سواء لحسابه هو أم لحساب شخص آخر إلا إذا نص القانون على غير ذلك " وهذا النص يحصر الاستثناء في الأب فقط وذلك لأن الأب يخاف على مصلحة ابنه أكثر من مصلحته فتنتفي بالتالي العلة من تحريم تعاقد الشخص مع نفسه.
الحالة الاستثنائية الثانية: إذا رخص الأصيل أو من يقوم مقامه بذلك وهذا الاستثناء أيضاً منطقي، حيث إن علة تعاقد الشخص مع نفسه هي رعاية مصلحة الأصيل فإذا كان الأصيل قد قدر أن في تعاقد الشخص مع نفسه في خصوص مال يملكه يحقق مصالحه فهو أقدر على تقدير ذلك، كما أن للأصيل أن يقر التصرف بعد تمامه فإن له من باب أولى أن يرخص به قبل إبرامه، والإذن يصدر من الأصيل أو من يقوم مقامه في بعض الأحوال كالمحكمة حيث ترخص للوصي أن يؤجر مال القاصر لنفسه، أو حيث يرخص للولي أن يتصرف في عقار القاصر لنفسه أو في أن يقترض من مال القاصر.
الحالة الاستنثائية الثالثة: إذا قضت قواعد التجارة بإجازة تعاقد الشخص مع نفسه ومن ذلك مثلاً جواز مباشرة الوكيل بالعمولة عقد البيع عن طرفيه معاً وفقاً لقواعد القانون التجاري.
حكم تعاقد الشخص مع نفسه في غير الحالات الاستثنائية : إذا تعاقد الشخص مع نفسه في غير هذه الحالات الاستثنائية فإنه يكون مجاوزاً لحدود نيابته، وبالتالي يكون العقد غير نافذ في حق الأصيل، ومع ذلك يجوز للأصيل في هذه الحالة أن يقر التصرف فينفذ في حقه، حيث إن الإقرار اللاحق كالتصريح السابق.
همسة: اللي باللون الأخضر إضافة من عندي فقط أذكرها للأمانة