الطعن رقم 2009 / 486 جزاء
تــاريخ الجلسـة / 17-01-2010
بعد الإطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص الذي أعده السيد القاضي / --------------وبعد سماع المرافعة والمداولة قانوناً.
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن النيابة العامة اتهمت كل من : (1) --------- (2) ----------- في الجنحة رقم 22839 لسنة 2008 بأنهما خلال الفترة من 1/ 5/ 1993 ولغاية 5/ 3/ 2008 بدائرة مركز شرطة المرقبات أولاً : المتهم الأول فقط : اختلس أموالاً منقولة عدد 500 سهم للبنك التجاري الدولي ومنحها وريعها وأرباحها النقدية والتي بلغت قيمتها الإجمالية مبلغ 30 / 25.179022 درهماً والعائدة للمتوفى --------- وورثته والتي سلمت إليه على سبيل الوكالة وذلك إضراراً بأصحاب الحق عليها. ثانياً : المتهم الثاني فقط : اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب الجريمة الواردة في الوصف أولاً فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وإعمال المساعدة على النحو الثابت بالأوراق ، وطلبت عقابهما بالمواد 45/ 1 -2 و 47 و 404/ 1 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 المعدل بالقانون الاتحادي رقم 34 لسنة 2005 والقانون رقم 52 لسنة 2006.
وبتاريخ 28/ 7/ 2009 حكمت محكمة أول درجة حضورياً اعتبارياً بالنسبة للمتهم الأول بسقوط الدعوى الجزائية بمضي المدة وحضورياً بالنسبة للمتهم الثاني بسقوط التهمة المنسوبة إليه وبراءة كل من المتهمين من التهمة المنسوبة إلى كل منهما. لم ترتض النيابة العامة هذا الحكم فطعنت عليه بالاستئناف رقم 4905 لسنة 2009 وبتاريخ 17/ 11/ 2009 حكمت المحكمة في موضوع الاستئناف برفضه وبتأييد الحكم المستأنف.
طعنت النيابة العامة على هذا الحكم بالتمييز الماثل بموجب تقرير مؤرخ 17/ 12/ 2009 مرفق به مذكرة بأسباب الطعن موقعاً عليها من رئيس نيابة طلب فيها نقضه.
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه بخصوص تاريخ وقوع جريمة خيانة الأمانة وحساب مدة التقادم فإنه يجب التفرقة بين حالتين ، الأولى : وهي حالة عدم منازعة المتهم في ملكية المجني عليه في المال المختلس ، ففي هذه الحالة يعتبر المتهم مرتكبا لجريمة خيانة الأمانة بمجرد تغير نيته من الحيازة الناقصة إلى الحيازة الكاملة وظهوره على المال بمظهر المالك وامتناعه عن رده عند مطالبته به إضراراً بصاحب الحق عليه ، وبالتالي يبدأ من هذا التاريخ حساب مدة التقادم. الحالة الثانية : وهي حالة منازعة المتهم في ملكية المجني عليه للمال المختلس ففي هذه الحالة لا تبدأ مدة التقادم من تاريخ المطالبة بالمال المختلس والامتناع عن رده وإنما تبدأ من تاريخ الفصل في موضوع النزاع وإثبات ملكية المجني عليه للمال المختلس وامتناع المتهم بعد ذلك عن رد المال المختلس. ولما كان المتهم الأول ومنذ سنة 1995 [تاريخ المطالبة برد المال المختلس] وهو ينازع في ملكية المجني عليه لهذا المال ، ولم يفصل في موضوع المنازعة إلا بتاريخ 30/ 5/ 2004 بموجب حكم محكمة دبي التجارية رقم 343 لسنة 2001 مدني وتجاري كلي والذي قضى بثبوت ملكية المرحوم ------------ للأسهم الصادرة من البنك التجاري الدولي والمسجلة باسم المتهم الأول ، إلا أن الأخير امتنع عن رد المال المختلس بعد هذا الحكم وهو ما يتحقق به فعل الاختلاس وبالتالي يبدأ من هذا التاريخ احتساب مدة التقادم بل أن المتهم أمعن في فعل الاختلاس وقام بتاريخ 25/ 2/ 2005 ببيعها إلى المتهم الثاني والذي قام بدوره ببيعها للغير حسن النية في الفترة من 26/ 2/ 2005 إلى 25/ 4/ 2005 لحرمان المجني عليه منها ، الأمر الذي يكون معه الحكم المطعون فيه قد شابه الخطأ في تطبيق القانون ، كما أن الحكم المطعون فيه التفت عن أوجه الطعن المثارة من النيابة العامة في استئنافها وهو وقوع الجريمة بتاريخ 12/ 2/ 2008 [وهو تاريخ الفصل بالدعوى المدنية المرفوعة من المجني عليه على المتهم الأول بملكيته للأسهم المختلسة] وهو التاريخ الذي كان يتعين أن تحسب منه مدة التقادم ، كما شاب الحكم الفساد في الاستدلال للنتيجة التي انتهى إليها من توافر أو عدم توافر القصد الجنائي إذ أن تاريخ ارتكاب الجريمة هو الفترة من 26/ 2/ 2005 وحتى تاريخ 25/ 4/ 2005 وهو تاريخ بيع المتهمين للاسهم واختلاس قيمتها اضرارا بمالكها ولم يفطن الحكم المطعون فيه إلى أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 343 لسنة 2009 مدني وتجاري كلي دبي هو الذي فصل في العلاقة القانونية بين مورث المجني عليه والمتهم الأول وأن هذه الدعوى توقف سقوط الدعوى الجزائية لأنها (دعوى حساب) اقيمت من ورثة الموكل ضد الوكيل ، الأمر الذي يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الاختلاس في جريمة خيانة الأمانة يتم متى غير الحائز حيازته الناقصة إلى حيازة كاملة بقصد التملك وأن جريمة خيانة الأمانة جريمة وقتية تقع وتنتهي بمجرد اختلاس المال المسلم أو تبديده ، وأن مبدأ انقضاء الدعوى الجزائية بمضي المدة هو تاريخ وقوع الجريمة دون أن يؤثر في ذلك جهل المجني عليه بوقوعها ، وأن المناط في تحديد تاريخ الجريمة هي بحقيقة الوقت الذي وقعت فيه بالفعل فإذا وجدت امارات تدل على حصول الاختلاس فإن تاريخ الجريمة يعتبر من وقت وجود هذه الامارات فإن لم توجد فإن الجريمة لايعتبر لها وجود إلا عن اليوم الذي يمتنع فيه المتهم عن رد المال أو يثبت عجزه عن ذلك بعد تكليفه به بأية طريقة من الطرق وأن الدعوى الجزائية تنقضي في مواد الجنح بمضي ثلاث سنوات من تاريخ وقوع الجريمة اعمالا لنص المادة 20 من قانون الإجراءات الجزائية قبل تعديلها بالقانون الاتحادي رقم 29 لسنة 2005 ولايوقف سريان المدة التي تنقضي بها الدعوى الجزائية لأي سبب كان اعمالا لنص ذات المادة لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف بسقوط التهمة بالنسبة للمتهمين وبراءة كل منهما تأسيسا على ما أورده بأسبابه من أن " الثابت أن المستانف ضده الأول قام بشراء أسهم بصفته وكيلا عن مورث الشاكي وسدد قيمتها من أموال الأخير وبدلا من شرائها باسم مورث الشاكي قام بشرائها باسمه هو شخصيا وكان ذلك في عام 1993 وبعد وفاة المورث في عام 1995 اكتشف الشاكي تلك الواقعة فطالب المستأنف ضده الأول برد الاسهم التي اختلسها من مورثه فامتنع المستأنف ضده الأول عن ردها إلى الورثة ومن ثم يكون المستأنف ضده الأول بصفته الوكيل قد اظهر نيته في تملك الاسهم المؤتمن عليها في عام 1993 حينما قام بشرائها باسمه وليس باسم الموكل وهو مورث الشاكي كما امتنع عن ردها حين اكتشف الشاكي واقعة خيانة الامانة اثر وفاة مورثة في عام 1995 وطلبه رد الاسهم وهو ما قام الدليل عليه من أقوال الشاكي ذاته والمستندات المقدمة في الدعوى وإقرار المستأنف ضده الأول بامتناعه عن رد الاسم في عام 1995 بعد وفاة الموكل ومن ثم يكون قد مضى اكثر من ثلاث سنوات وفقا للمادة 20 من قانون الإجراءات الجزائية رقم 35 لسنة 1992 قبل تعديلها بالقانون رقم 29 لسنة 2005 المعمول به من تاريخ 15/ 3/ 2006 لاكتمال مدة التقادم في الدعوى الماثلة قبل سريان القانون الأخير سواء من تاريخ تغيير نية حيازة المستأنف ضده الأول وتملكه الاسهم باسمه في عام 1993 أو امتناعه عن ردها عند طلبها في عام 1995 لورثة موكله حتى تاريخ ابلاغ الشاكي عن الواقعة عام 2008 ولاينال من ذلك لجوء الشاكي إلى المحاكم المدنية لاثبات ملكية تلك الاسهم والمطالبة بها ، الأمر الذي تكون معه الدعوى الجزائية بالنسبة للمستأنف ضده الاول قد انقضت بمضي المدة وفقا لنص المادة 20 من قانون الإجراءات الجزائية رقم 35 لسنة 1992 الأمر الذي يتعين معه القضاء ببراءته وكذلك براءة المستانف ضده الثاني بصفته شريكا في الجريمة المسندة إلى المستأنف ضده الأول والتي انقضت بمضي المدة وإذ انتهى الحكم المستأنف سديدا إلى القضاء بسقوط الدعوى الجزائية بمضي المدة وببراءة كل من المستأنف ضدهما ومن ثم يكون في محله وتقضي المحكمة برفض الاستئناف .. " وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغا بماله أصل ثابت بالأوراق وكافيا لحمل قضائه ولا مخالفة فيه للقانون ، ولا يغير من ذلك ما أوردته الطاعنة بوجه النعي من وجود دعاوي مدنية لاثبات ملكية الأسهم ودعوى حساب بين الطرفين إذ لا يوقف سريان المدة التي تنقضي بها الدعوى الجزائية لأي سبب كان ، ومن ثم فإن النعي برمته يكون على غير أساس متعين رفضه.