برئاسة السيد القاضي / يحيــــى جــــــلال فضـــل رئيــــس المحكمــــة وعضويـــــة القاضيين / محمـــد ناجـــي دربــالـــة و محمـد عبد الرحمـــن الجـــراح
اتهمت النيابة العامة 1- .. 2- .. بأنهما في يوم 8 من مارس سنة 2006 .
ـ تعاطيا مؤثرات عقلية ( أوكسازيبام ، نوردازيبام ، تيمازيبام ، رومازيبام ) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً على النحو الثابت بالأوراق .
ـ وطلبت معاقبتهما بالمواد 1/2 ، 7 ، 40/1 ، 65 من القانون الاتحادي رقم 14 لسنة 1995 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية .
ـ وبجلسة 8 من يوليو سنة 2006 م قضت المحكمة حضورياً بمعاقبة المتهمين بالحبس لمدة سنة وبتغريم كل منهما بغرامة مقدارها عشرة آلاف درهم مع مصادرة المواد المخدرة المضبوطة .
ـ فاستأنف المحكوم عليهما ، ومحكمة استئناف جنح رأس الخيمة قضت حضورياً بجلسة 16 من أكتوبر سنة 2006 م أولاً : بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم كل مستأنف مبلغ خمسة آلاف درهم وبتأييده فيما عدا ذلك .
ـ فطعن المحكوم عليه أحمد إبراهيم محمد عبدالله في هذا الحكم بالنقض بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة التمييز بتاريخ 15 من نوفمبر سنة 2006 م .
المحكـــمة
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التعاطي بقصد العلاج لمؤثرات عقلية مما يجوز تعاطيها بموجب وصفة طبية شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك بأن المدافع عنه تمسك بقيام سبب يبيح للطاعن تعاطي المؤثرات العقلية أوكسازيبام ونوردازيبام وتيمازيبام ورومازيبام ضمن عقار الفاليوم المصرح له بتعاطيه من قِبل طبيبه المعالج وفق الوصفة الطبية المرفقة بالأوراق ، إلا أن الحكم لم يعرض لهذا الدفاع الجوهري إيراداً أو رداً مما يعيبه ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن المادة (( 53 )) من القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 بإصدار قانون العقوبات قد جرى نصها على أنه " لا جريمة إذا وقع الفعل بنية سليمة استعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون وفي نطاق هذا الحق " ، وكان الفعل لا يوصف بأنه غير مشروع إلا إذا ثبت أنه لا يخضع لسبب إباحة ، فكل فعل يرد عليه سبب إباحة يرتد إلى أصله من المشروعية حتى لو كان الفعل قد أُخضع لنص تجريم أكسبه ابتداءً صفة غير مشروعة ، فيُحرم الشارع تعاطي المواد المخدرة والمؤثرات العقلية حماية للحق في سلامة الجسم ولكنه يقدر أن أعمال الطب والجراحة - وإن مست سلامة الجسم بوصف العقاقير الحاوية للمخدر أو للمؤثرات العقلية أو بالجرح - لا تهدر مصلحته أن يسير سيراً عادياً بل تصون هذه المصلحة فهي لا تمس سلامة الجسم ولكن تحميها ومن ثم ينتفي الاعتداء على الحق وتزول علة التجريم وتتعين الإباحة ومن ذلك ما نصت عليه المادتين 33 ، 34 من الفصل الرابع من الباب الثاني من القانون الاتحادي رقم 14 لسنة 1995 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية من إجازة تعاطي المواد المخدرة أو المؤثـرات العقليـة للعلاج بموجب وصفة طبية من الطبيب المعالج المرخص له في مزاولة مهنة الطب البشري أو البيطري في الدولة متى اقتضى العلاج الطبي ذلك ووفقاً للقواعد المقررة في المادة 24 من ذات القانون والجدول رقم ( 9 ) الملحق به ودساتير الأدوية . لما كان ذلك ، وكان حق الدفاع الذي يتمتع به المتهم يخوله إبداء ما يعن له من طلبات وأوجه دفاع قد يتغير ببحثها وجه الرأي في الدعوى شفاهة أو كتابة مادام باب المرافعة لم يزل مفتوحاً . لما كان ذلك وكان الثابت بمحضر جلسة 12/8/2006 أن الطاعن والمستأنف الآخر - ..... - قد دفعا الاتهام بتعاطيهما المؤثرات العقلية بأن التعاطي كان للعلاج وطلبا القضاء ببراءتهما ، فقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم فيها بجلسة 27 من أغسطس سنة 2006 وصرحت للطاعن بتقديم مذكرة ومستندات ، فقدم المدافع عنه - خلال الأجل المحدد - مذكرة تمسك فيها بتوافر سبب من أسباب الإباحة يُسوغ للمتهم تعاطي أدوية يدخل في مكوناتها مؤثرات عقلية بموجب وصفة طبية صادرة من طبيبه المعالج ، وشفع ذلك بحافظة مستندات حوت صور ضوئية لتوصيات طبية صادرة للمتهم بالعلاج بعقار الفاليوم ( الحاوي للمؤثرات العقلية المُسند له تعاطيها ) ، فقررت المحكمة إعادة الدعوى للمرافعة لنظرها بجلسة 26 من سبتمبر لمناقشة الدكتور عدنان عباس فضلي في شأن تقريره الطبي المرفق بالأوراق والمتضمن وصف عقار الفاليوم للعلاج ، كما أُرفق بالأوراق صورة ضوئية لتقرير صادر من ........ للطب النفسي محرر بمعرفة الطبيب عدنان عباس فضلي تضمن أن الطاعن كان يعالج لديه من حالة إدمان الكحول والعقاقير المهدئة على مدى أربع سنوات ، وأن آخر وصفة طبية وصفها له كانت بتاريخ 25/2/2006 وكان من بينها ثلاثين قرص من عقار الفاليوم بجرعة 10 ملليجرام لكل منها . وكان الثابت من مطالعة تقرير المختبر الجنائي لشرطة دبي الرقم 1617 / 2006 / ط م والمؤرخ 10 / 6 / 2006 م أن المؤثرات العقلية أوكسازيبام ونوردازيبام وتيمازيبام تنتج عن تعاطي عقار الفاليوم . لما كان ذلك وكان دفاع الطاعن معروضاً على محكمة الاستئناف إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن تحقيق هذا الدفاع الجوهري بلوغاً إلى غاية الأمر فيه ، وقعد عن سؤال الطبيب محرر التقرير المرفق بالأوراق - رغم سبق استدعاء المحكمة له - ليقف على صحة ما ورد بذلك التقرير ، ومقدار الجرعة المحددة له يومياً ، ومدى التزام الطاعن بحدود العلاج ومدة بقاء المؤثرات العقلية التي يحويها عقار " الفاليوم " في جسد المتعاطي بحيث يستحيل بعدها إدراك أثره لدى المتعاطي، وغير ذلك مما يتصل بجدية الدفع وسلامة مأخذه ، وصحته أو بطلانه ، لتقول كلمتها في شأنه اطمئناناً إليه أو اطراحاً لـه ، وكان دفاع الطاعن هو من قبيل الدفاع الجوهري الذي كان من شأنه لو تحقق أن يؤثر في مسئولية الطاعن ويتغير به وجه الرأي في الدعوى ، فإن الحكم المطعون فيه وقد أعرض عن ذلك الدفاع إيراداً ورداً يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه والإعادة إلى المحكمة التي أصدرته لتحكم في الدعوى من جديد . لما كان ذلك ، وكانت الجريمة التي دين بها المحكوم عليه الآخر -. - تلتقي في صعيد واحد مع الجريمة التي دين بها الطاعن ، وكان الوجه الذي بُني عليه نقض الحكم بالنسبة للطاعن يتصل بالمحكوم عليه الآخر الذي كان له ذات الدفاع بتوافر نفس سبب الإباحة بحقه والذي كان طرفاً في الخصومة الاستئنافية التي صدر فيها الحكم المطعون فيه ، فإنه يتعين نقض الحكم بالنسبة إليه ولو لم يقدم طعناً بالنقض وذلك عملاً بالمادة 35 من قانون محكمة تمييز رأس الخيمة .
فلهــــذه الأسبـــــاب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة .