هل حقا عمياء ؟؟؟؟
قالوا قديما ان العدالة عمياء ...
ويقال ان هذة العبارة قد نشأت لاول مرة فى انجلترا
ويقال ايضا فى فرنسا ...
وفى امريكا...
المهم هو انهم جميعا عندما يرسمون العدالة فانهم
يرسمونها على هيئة امراة تحمل فى يدها ميزان,
العدل وتعصب عينيها بغطاء سميك ..
ولقد قال بعض الادباء : ان العدالة عمياء ,لانها لا تلتفت
الى العواطف , ولا تنظر الى التوسلات بل هى تطبق القانون فحسب
وقال البعض الاخر انها عمياء لانها لا ترى الحقيقة
التى تختفى وراء الظاهر ....
ولكن ماذا نقول نحن ؟...
قبل ان نقول راينا , او نتورط فى الانضمام الى فريق من الفريقين,
دعونا نستعرض اولا بعض وقائع العدالة,
وبعدها يمكننا ان ,
لماذا هى عمياء؟؟
الحالة الاولى
ادار الشاهد ظهره للقاضى فحكمت المحكمة بالاعدام...
حدث ذلك فى مرسيليا ,فى عهد كانت تسيطر عليها فيه عدة عصابات
استطاعت ان تمتلك كل شىء,حتى الشرطة والقضاء... وحتى القانون...
فى ذلك العصر فى ثلاثينيات القرن العشرين
قام أحد زعماء هذه العصابات بقتل احد خصومه ,فالقى القبض عليه:
وعندما جاء شاهد الادانة الوحيد, ليقف اما المحاكمة
واما ذلك القاضى ,الذى حصل بالمساء فقط على رشوة ضخمة:
لتبرئة زعيم العصابة ,سأل القاضى الشاهد فى صرامة:
ماذا حدث بالضبط؟
اجابه الشاهد فى هدوء واثق:
لقد كنت اجلس فى مخزن المتجر ,ومسيو فيران
صاحب المتجر فى الخارج ,في الثانية بعد منتصف الليل
ثم سمعت طلقا ناريا,وعندما هرعت من المخزن الى المتجر
رايت مسيو فيران جثة هامدة ,والدماء تنزف من ثقب بين
عينيه الجامدتين الجاحظتين ومسيو ديبوا يقف امامه ,
ومسدسه فى قبضته ,والدخان يتصاعد فوهته ,ولم يكن هناك
سواه .
سأله القاضى فى صرامة مخيفة:
هل رايته وهو يطلق النار على رئيسك؟
اجابه الشاهد فى بساطه :
كلا ...ولكن مظهره كان يؤكد انه هو الفاعل ,فلم يكد يرانى
حتى رمقنى بنظرة قاسية, ودس المسدس فى جيبه,
وغادر المكان فى هدوء, وهو يتصور على اننى لن اجرؤ على ادانته
والشهادة ضده قط.
عاد القاضى يسأله فى صرامة:
ها رايته يطلق النار؟
اجابه الشاهد فى حيرة:
بل سمعت صوت الطلق النارى,...
قاطعه القاضى المرتشى فى حزم :
هذا لا يعد دليلا كافيا.
ثم ضرب مائدته بمطرقته الخشبية, مستطردا فى صرامه
فلينصرف الشاهد.
احتقن وجه الشاهد فى غضب ,ونهض من مقعد الشهادة,
وادار ظهره للقاضى وهتف بصوت مرتفع:
يا لك من قاض غبى احمق ,وتشبه الخنازير فى
عقلك ومظهرك.
صاح القاضى فى مزيج من الغضب والدهشة
والاستنكار :
كيف تجرؤ على اهانة هيئة المحكمة ايها الرجل؟
اننى احكم عليك..........
استدار اليه الشاهد ,وقاطعه بغتة:
هل رايتنى اشتمك واسبك يا سيدى؟
صاح القاضى فى غضب:
لقد سمعتك ,وسمعك الجميع, و.........
قاطعه الشاهد ,مبتسما فى خبث:
هذا ليس دليلا كافيا يا سيدى.
احتقن وجه القاضى ,وضجت القاعة بالضحك
وادرك الجميع مغزى المفارقة ,ووجد القاضى نفسه فى مأزق يهدد
سمعته ومستقبله ,فلم يجد امامه سوى ان يستسلم
لرغبة الراى العام ... ويحكم على زعيم عصابة مارسيليا بالاعدام.
وكان اول حكم بالاعدام ,على احد زعماء مافيا مارسيليا
####
الحالة الثانية
ارفع ذراعك تخسر قضيتك
حدث ذلك فى نيويورك فى الخمسينيات من هذا القرن,
عندما سقط رجل اعمال من شرفه مكتبه , فى الطابق الثانى,
فوق رجل فى الاربعين من عمره تقريبا ونجا الاثنين الا ان
الرجل لم يكد يعلم ان الذى سقط فوقه هو رجل اعمال ثرى,
حتى راح يتأوه , و يؤكد ان سقوط رجل الاعمال فوقه
قد اصاب ذراعه بعطب دائم ,وعاهة مستديمة ,
ولم يلبث ان رفع دعوى مباشرة على رجل الاعمال
يطالبه فيها بنصف مليون دولار على سبيل التعويض
وكان الجميع تقريبا يعلمون تقريبا انه رجل مخادع
وانه لم يصب سوى ببعض الكدمات البسيطة فقط
الا ان التقرير الطبى قد عجز تماما عن اثبات العكس
على نحو قاطع ,مما امال كفة القضية نحو المدعى...
وهنا لجأ محامى رجل الاعمال الى خطة طريفة...
لقد اتخذ فى مرافعته جانب الرجل , بدلا من جانب موكله,
وراح يؤكد حق الرجل فى الحصول على التعويض
مما اثار دهشة الحضور والقاضى ,ومحامى الرجل
واثار فى الوقت ذاته حماسة المدعى وتفاعله مع
محامى خصمه ,الذى القى خطبة عصماء ,يؤكد فيها تعاطفه مع الرجل
حتى ضمن اندماج الرجل معه تماما فسأله فى حماس:
الى اى مدى بلغت اصابتك ؟
اجابه الرجل بنفس الحماس :
اننى لم اعد استطيع رفع ذراعى كاملا.
اشار المحامى الى المحلفين,وهو فى انفعال :
قل للمحلفين كيف ترفع ذراعك الان.
رفع الرجل ذراعه بمحاذاة جسده ,وهو يقول فى حماس
الى هذا الحد.
هتف المحامى:
والى اى مدى كنت ترفعها فيما قبل.
رفع الرجل يده الى اعلى ,هاتفا:
هكذا
وهنا شحب وجهه ,وادرك بعد فوات الاوان
الفخ الذى اوقعه فيه محامى رجل الاعمال,
الذى ابتسم فى خبث.والتفت الى المحلفين قائلا:
هل فهمتم ما اقصده ايها السادة؟
وفهم المحلفون ,وخسر الرجل قضيته.... ولم يعد يرفع ذراعه بعدها
...... ابدا....
منقول