كنت أتساءل بعد زواجي كيف استطعت أن أغمض عيني طوال عشر سنوات عن جمال الحياة والنور والبهجة؟..
كيف استطاعت أذني أن تتوقف عن سماع مواويل الأمل ؟.. أما شفتي فقد اهتزت وربت حين انسكب عليها رحيق الحياة.. وأورقت عليها
زهور الياسمين والبنفسج المبهج .. كنت أشعر بعد ليلة واحدة من زفافي لبهيج أن رحلة الموت قد آن لها أن تتوقف .. وآن لرحلة الحياة أن تكمل مسيرتها الطبيعية..
رغم أنني فتحت كل أبواب عمري للحياة بعد عشر سنوات كاملة إلا غصة مريرة مازالت في حلقي كلما تطلعت إلى صورة زوجي المتوفي ويقفز السؤال كيف جرؤت على أن أفعل ذلك؟
ودارت الحياة دورتها .. سعيدة مستقرة إلا غصة حلقي .. كلما تطلعت إلى صورة زوجي المتوفي.. المعلقة على جدار البيت ..حتى لمحني زوجي ذات مرة وأنا أتطلع إليها بعمق حزين .. ضمني إلى صدره .. وقال أنا في صدري نفس المرارة كلما تطلعت إلى زوجتي المريضة ..ولكن هل يمكن أن نتجاوز يوماً هذه المرارة؟؟
لم أقصر أبداً في حق زوجته بعد زواجي بل العكس فقد اقتربت روحينا أكثر وقمت على خدمتها بكل ما أوتيت من قوة وأشتد عليها المرض فكنت أسهر أغلب الليالي معها .. وذات ليلة قالت لي بصوت واهن أيد أن أسألك سؤالاً؟؟ أقتربت منها وقلت لها أنا طوع أمركِ اسألي قالت:.. ما أكثر شيء ضايقكِبعد زواجكِ من زوجي؟؟!
...ابتسمت لها وقلت الحمد اله لا شيء يضايقني .. قالتأريدكِ أن تصدقيني ..مازالت شمعة حزن تضيء في عينيكِ أريدك أن تطفئيها ..ضممتها وقبلتها ولم أستطع أن أمنع دموعي وقلت لها سأصدقكِ .. برغم أنني سعيدة ومستقرة وأشعر أن الله عوض أبني عن أبيه وعوضني عن فقد زوجي إلا أنني كلما تطلعت إلى صورة زوجي أشعر أنني خنته وخنت حبنا الكبير الذي نبت وكبر في سنين زواجنا .. ابتسمت وقالت في حنان بالغ تدرين كيف يكافئ الله تعالى الصابر الوفي ؟ .. قلت متسائلة الوفي ؟.. قالت نعم كنت صابرة وفية كما كان زوجي صابراً وفياً .. والله تعالى أكرم من أن يكافئ الصابر الوفي بغير الإحسان له أم تظنين أن الله يفعل غير ذلك؟..
:ثم اعتدلت قليلاً وقالت
{يقول الله تعالى { هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ
وتظنين أن يكافئ الله صبركِ ووفائكِ بغير الإحسان إليك ؟..قلت ونعم بالله .. وصدق الله العظيم ..قالت إنها جوائز السماء تنهال عليكِ فأحمدي الله عليها ..قلت هامسة ومكررة .. الحمدالله ..الحمدلله ..وضعت رأسها على الوسادة مغمضة عينيها وقد أضاء الله وجهها بالرضا .. وهنا دخل زوجنا علينا بهدوء هو والولدان ينظران إلينا بعينين متسائلتين ..
قالت زوجته وقد أحست بقدوم أحد ...ماهذا ؟.. ملت على خدها فقبلته ثم إلى أذنها هامسة مبتسمة ..
.إنها جوائز السماء
أتمنى استمتاعكم للمعنى الحقيقي لهذه القصة الرائعة .. وهي للكاتب عصام الحميد.
أخواني وأخواتي كم نحن ساهون عن جوائزنا .. التي أكرمنا الله بها ومنها علينا فالحمد لله على نعمك الكريمة .
إن النعم سيارة إن لم تجد الحمد رحلت ...فالحمدلله.