كشفت إحصائية صادرة عن وزارة الشؤون الاجتماعية، ونيابة الأسرة والأحداث في دبي، أن عدد الأحداث المواطنين الذين ارتكبوا جرائم سرقة واعتداء وصل إلى 848 حدثاً العام الماضي من الذين استقبلتهم دور الرعاية الخمس الموجودة في الدولة وسجن الأحداث في إمارة دبي، بنسبة زيادة 32٪ على العام ،2008 مشيرة إلى أن الوزارة «أهلت 9٪ منهم ودمجت عدداً منهم في وظائف مناسبة، أو مقاعد الدراسة لاستكمال تعليمهم».
وأكد مختصون أن غياب دور الأسرة في رعاية أبنائها يسهم في نمو العنف الداخلي لدى الحدث ولجوئه للعدائية في تصرفاته، موضحين أن «معيشة الأطفال في عائلات مفككة، إضافة إلى وجود أم غير مهيأة لتربية أبنائها، يتصدران أسباب جنوحهم وارتكابهم الجرائم، إذ يساءل الحدث عن أفعاله بعد سن السابعة وفق قانون الدولة الذي يجيز حبسه 10 سنوات في حال أتم 16 عاماً».
وتفصيلاً، أكدت إحصاءات صادرة عن وزارة الشؤون الاجتماعية أن دور الرعاية الخمس الموجودة في الدولة استقبلت 683 حدثاً العام الماضي، إضافة إلى سجن الأحداث في دبي الذي استقبل 165 حدثاً مواطناً في العام نفسه، لعدم وجود دار لرعاية الأحداث، وتعد خارج إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية، مقابل 472 حدثاً في العام 2008 بنسبة نمو 32٪ في مختلف إمارات الدولة.
وأشارت إحصائية وزارة الشؤون الاجتماعية إلى أن 258 حدثاً من المقيدين في سجلاتها العام الماضي هم من أب وأم مواطنين، وتبلغ نسبتهم 38٪، أما الأحداث المواطنون من أب مواطن وأم أجنبية فبلغ عددهم ،425 مشكلين نسبة 62٪ من إجمالي الأحداث في دور الرعاية.
وقال مدير إدارة الحماية الاجتماعية في الوزارة حسين الشواب لـ«الإمارات اليوم» إن الوزارة تابعت حالات 30٪ من الأحداث المفرج عنهم في الدولة ضمن برامج الرعاية اللاحقة، وتمكنت من توفير فرص عمل أو مقاعد دراسية لنحو 90 حدثاً خلال العام الماضي، بنسبة 9.5٪، فيما تسعى إلى توظيف البقية في الوظائف المناسبة.
وشدد على أن «الوزارة تسعى إلى احتواء أكبر عدد من الأحداث في السنوات المقبلة من خلال زيادة أعداد المختصين والاتفاقات مع الجهات المعنية مثل المناطق التعليمية وجهات التوظيف».
وأوضح الشواب أن الرعاية اللاحقة للأحداث تنطلق من مبدأ (اللاعود) بمعنى عدم تكرار الحدث المشكلات السابقة، وذلك من خلال الإيداع أو الحبس في مراكز التأهيل ودور الرعاية، مبيناً أن «الحدث المودع يفرج عنه بمجرد صدور تقارير إيجابية من الباحثين الاجتماعيين يتم إرسالها للنيابة والمحكمة، تؤكد عدم تمثيله أي خطر على المجتمع، أما في ما يخص الحبس فيصعب الإفراج عنه قبل انقضاء المدة أو صدور حكم قضائي أو عفو عام»، مؤكداً أن مراكز التأهيل لا تعد مراكز توقيف بل مراكز رعاية تعتني بالحدث تعليمياً واجتماعياً.
وأشار إلى وجود صعوبات تواجه الوزارة في متابعة الأحداث بعد خروجهم من المراكز بسبب ممانعة الأهل الذين يرغبون في محو كل ما يتعلق بالقضية عن أبنائهم، رافضين التجاوب مع المشرفين، لافتاً إلى وجود خمس دور تأهيل للأحداث في الدولة، اثنتان منها في إمارة أبوظبي، ومثلهما في الشارقة، وواحدة في الفجيرة.
وطفت جرائم الاحداث على السطح أخيرا إثر إقدام مجموعة من الأحداث على قتل شاب أمام منزله في منطقة الراشدية بطعنات عدة، الأمر الذي خلف ردود فعل غاضبة من المجتمع المحلي ودفع شرطة دبي إلى تسيير دوريات لتفتيش وتوقيف حاملي السلاح الأبيض.
342 حدثاً في دبي
من جانبه، كشف رئيس نيابة الأسرة والأحداث في إمارة دبي محمد رستم، أن 342 حدثاً قيدوا في سجلات النيابة العام الماضي، بينهم 165 مواطناً، لتورطهم في 250 قضية، معظمها قضايا اعتداء من الدرجة الأولى، إضافة إلى قضايا سرقة.
وأوضح رستم أن 52 حدثا مواطنا من المتورطين في قضايا خلال العام الماضي أمهاتهم أجنبيات، مشدداً على دور الاسرة في الاشراف على الأبناء، مضيفاً أن «عدداً من هؤلاء الأحداث نشأوا في أسر تعددت فيها زوجات الأب ما أضعف الرقابة على الأولاد».
وأكد أن السبب الرئيس لجنوح الحدث هو الإهمال من جانب الأسرة قبل العوامل المرضية التي يمكن السيطرة عليها والتخفيف من تأثيرها بنشوء الحدث نشأة سليمة وسط عائلة تهتم به وتشعره بوجودها باعتبارها الراعي والحامي.
وقال إن قانون الأحداث يجيز حبس الحدث 10 سنوات في حال تجاوز سن 16 عاما، مبيناً أن الحدث يساءل عن أفعاله بعد سن السابعة.
وتابع رستم «الأحداث في امارة دبي يحولون إلى سجن الأحداث الذي يعد مأوى رعاية مقيد الحرية، مشيراً إلى عدم وجود دار لرعاية للأحداث في الامارة».
بيت مضطرب
وأكد الباحث الاجتماعي علي الشعيبي، أن الأسرة تحتل الحيز الأوسع في تشكيل نفسية الطفل والشاب وميوله للعنف من عدمه، ونشأة الأولاد في بيت مضطرب وممارسة بعض الأهالي أموراً غير أخلاقية أمامهم، الأمر الذي يظهر جلياً في حال وجود أم أجنبية، وفق تعبيره، يدعم توطين الأمراض النفسية الناتجة عن شعور الأحداث بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية، الأمر الذي يخلف نوعاً من الانفصام في شخصية الحدث.
وأوضح أنه من المفترض أن ينشأ الطفل الإماراتي على العادات والتقاليد الاماراتية حتي يتمكن من الانخراط في المجتمع بيسر وسهولة، «خلافاً لذلك تشذ أفعاله عما هو سائد في المجتمع».
وأشار إلى أن بعض الدراسات أظهرت أن «معظم الأحداث يعانون نقصاً في الرعاية وشكلاً من التفكك الأسري، جراء زواج غير متلائم وفقدان المعيل (الأب) في سن مبكرة وبقاء الام الأجنبية صغيرة السن وحدها لتدبير أمور الأولاد الذين يشعرون بالعوز المالي والدونية الاجتماعية، فيكون المرشد الأول لبعض هؤلاء هو ثقافة الشارع».
ولفت الشعيبي إلى أن بعض الشباب يتعرضون لمضايقات من زملائهم في المدرسة أو غيرها لمجرد معرفة جنسيات أمهاتهم، ما يطور في داخلهم شعوراً بأنهم «مواطنون درجة ثانية»، إن صح التعبير.
ورأى أن ذلك «قد يولد لدى الحدث الرغبة في الثأر، يرافقها نقص في الحنان والرعاية من الأم، ما يوقعه في مشكلات عدائية تتطور من غير قصد أو عن عمد إلى مشكلات إجرامية تظهر في إيذاء الذات من خلال ما يسمى بالشعور (المازوخي) وهو التلذذ بإيذاء الآخرين.
لكن الشعيبي أشار إلى وجود استثناءات من هؤلاء الزوجات الأجنبيات اللاتي رعين أبناءهن، حتى وصلوا إلى مناصب مرموقة في الدولة.
وشدد الشعيبي على ضرورة الوقوف بجدية لدرء الظاهرة، مبيناً أنها مفتاح لظواهر أكبر قد تتخطى الجوانب الاجتماعية لتصل إلى السياسية، موضحاً أن المشكلة تحتاج إلى معالجة إعلامية واجتماعية وتربوية ونفسية للوصول إلى حل ينقذ الأولاد والوطن من مشكلات قد يكونوا أدواتها الصغار. البيت والمدرسة
ويرى استشاري الطب النفسي في جامعة الشارقة الدكتور علي الحرجان، أن البيت والمدرسة يلعبان دوراً مهماً في تنشئة الطفل بالشكل السليم من عدمه، «فوجود بيت مضطرب ترافقه مدرسة غير ملتزمة يدفع بالحدث إلى الشارع والشللية ورفاق السوء».
وتابع أن زواج شباب إماراتي بأجنبيات «ينحدرن غالباً من طبقات اجتماعية ضعيفة ثقافياً ومالياً»، يدفع الأم إلى التمسك بعاداتها وتقاليدها، يضاف إلى ذلك طبيعة الزواج، والأب كبير السن أو الضعيف مالياً، يجعل الأطفال يعيشون في جو من العوز المالي والنقص الاجتماعي، خصوصاً عند فقدان المعيل في سن مبكرة، إضافة إلى ضعف التعليم، وهو ما ينتج عنه جيل يحمل عقلية مغلقة تغذيها أحقاد الشارع وبعض الأفلام المروجة للعنف».
ودعا الحرجان الأهالي إلى عدم التمييز بين الأبناء وخلق الشقاق بينهم، والتصغير من قدرات الشاب، خصوصاً في مراحل المراهقة التي من شأنها أن تؤدي إلى أعمال إجرامية مقصود بها نوع من البطولة وإثبات الرجولة قبل الشعور بما اقترفت يداه.
من وجهة نظري إن لم تكن الأسرة على وعي و علم في تربية أبناءها و خاصة الأم و الأب اللي هم الأساس لابد من أن تكون الأركان مهزوزه و ضعيفه و بالعكس إذا قوى الأساس تكون الاركان قوية فحياة الأطفال و المراهقين اليوم مليئة بالمضيعات خاصة في غياب دور الأسرة فقد اكتفت الأسرة بتوفير ملتزمات الأبناء المادية فقط دون الأهتمام بسلوكهم و تنشئتهم التنشئه الصحيحة .