الطعن بالتمييز رقم 6 لسنة 1994
في الطعن بالتمييز رقم 6 لسنة 1994
في الجلسة العلنية المنعقدة يوم الاحد الموافق 3/4/1994
برئاسة الدكتور مصطفى كيره رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة سيد عبد الباقي سيف النصر و الدكتور علي ابراهيم الامام و محمد محمود راسم و صلاح محمد احمد
موجز القاعدة
[1] اثبات .
جواز ادلاء الشاهد برأيه في المسائل التي يلم بها الماما كافيا ويعد في مجالها من اهل الخبرة فيها .
[2] عقوبة "الدية" .
الدية الشرعية للمتوفى خطأ من الاشخاص تحديدها بمائة وخمسين الف درهم بصرف النظر عما اذا كان ذكرا او انثى ـ علة ذلك ـ المادة 1 من القانون 17 لسنة 1991 ، القول بان المشرع قصد بهذا القانون مجرد معادلة الدية بالنقود غير صحيح ، علة ذلك .
المبدأ القانوني
(1) يجوز ان يدلي الشاهد برأيه في المسائل التي يلم بها الماما فنيا كافيا ويعد في مجالها من اهل الخبرة فيها .
(2) اذ لا مجال للاجتهاد مع وجود النص الصريح الواضح ، وحيث ان المادة الاولى من القانون رقم 17 لسنة 1991 بتحديد مقدار الدية الشرعية للمتوفى خطأ من الاشخاص تنص على ان "تحديد الدية الشرعية للمتوفى خطأ من الاشخاص (150000) مائة وخمسين الف درهم في جميع محاكم امارات الدولة" وقد وردع عبارة "للمتوفى خطأ من الاشخاص" في هذه المادة مطلقة من غير تقييد او تخصيص وهي عبارات صريحة وواضحة فان مؤدى هذا النص هو تحديد الدية الشرعية للمتوفى خطأ بمبلغ مائة وخمسين الف درهم بصرف النظر عما اذا كان ذكرا او انثى وليس صحيحا القول بان مؤداه هو مجرد معادلة لقيمة الدية بالنقود لان المشرع لم يعبر ذلك صراحة او ضمنا وانما حدد مبلغ الدية الشرعية للمتوفى خطأ بالنقود ذكرا كان او انثى.
حكم المحكمة
بعد الاطلاع على الاوراق و تلاوة تقرير التلخيص الذي اعده السيد القاضي المقرر وبعد سماع المرافعة والمداولة ،،
حيث ان الطعن بالتمييز قدم خلال المدة القانونية مستوفيا لكل موجباته الشكلية فهو مقبول شكلا ،،
تتحصل الوقائع في ان النيابة العامة قدمت الطاعن للمحاكمة واتهمته بانه في 1/9/1993 بقيادته الخاطئة وبسرعة زائدة ودون انتباه و حذر للسيارة رقم 8144 خصوصي اخضر ابوظبي تسبب في وفاة المدعوة ------------- التي كانت برفقته وذلك نتيجة لانحرافه بالسيارة يمنة ويسار مما ادى الى تدهورها وانقلابها ثلاث قلبات ، وطلبت النيابة العامة طبقا للمادتين 103 ، 119 من قانون حركة السير على الطريق ، ادانت محكمة اول درجة الطاعن وعاقبته بالحبس لمدة شهر والزمته بالدية الشرعية البالغة مائة وخمسين الف درهم ، فاستأنف هذا الحكم بالاستئنافين برقمي 1718/93 ، 1809/93 وبعد ان ضمت محكمة الاستئناف الاستئنافين الى بعضها قضت بتاريخ 29/12/1993 بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم الطاعن 4000 درهم عما نسب اليه وتأييده فيما عدا ذلك .
طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز بتقرير اودعه قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 17/1/1994 طلب فيه نقض الحكم المطعون فيه وتبرئته وعلى سبيل الاحتياط جعل الدية الملزم بدفعها 75000 درهم ، وقدمت النيابة العامة مذكرة بالرد على الطعن طلبت فيها رفضه ، وفي الجلسة فوضت الرأي للمحكمة فيما يتعلق بتقدير قيمة الدية الواجب دفعها .
اقيم الطعن على سببين ينعى الطاعن بالسبب الاول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب فساد في الاستدلال ومخالفة في الثابت في الاوراق اذ لم يتسبب في وفاة المجني عليها وانما وقع الحادث قضاءً وقدرا لان انقلاب السيارة كان بسبب اجنبي عن ارادته اذ انفجرت اطار السيارة وقد خلت الاوراق مما يدل على انفجار الاطارات كان بعد انقلاب السيارة وما ذكره شاهد الاتهام في هذا الصدد كان مجرد افتراضات واستنتاجات يشوبها الشك ولا تصلح للادانة لان الشك يفسر لمصلحة المتهم وكان يتعين ان يقتصر شهادة هذا الشاهد وعلى الوقائع المادية و ليس على رأيه وخبرته وكان على المحكمة ان تستعين بخبير مختص بشأن انفجار اطارات السيارات للاستفسار منه عما اذا كان انفجار الاطارات قد وقع قبل او بعد وقوع الحادث .
هذا النعي في غير محله اذ يجوز ان يدلي الشاهد برأيه في المسائل التي يلم بها الماما فنيا كافيا ويعد في مجالها من اهل الخبرة فيها وقد استقر قضاء هذه المحكمة عن ان سلطة وزن تقويم البيانات تستقل بها محكمة الموضوع طالما كونت عقيدتها من ادلة مستمدة مما هو ثابت في الاوراق وحسبها ان تقيم حكمها على اسباب سائغة تكفي لحمله وان العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع محكمة الموضوع بناء على الادلة المطروحة عليها بادانة المتهم او ببراءته ، واذ اقام الحكم المطعون فيه قضاءه تأسيسا على ما اورده في اسبابه بانه قد "شهد الملازم --------- انه انتقل لمكان الحادث اثر الابلاغ عنه وشاهد السيارة متدهورة وتبين ان المتهم كان يقودها بالمسرب الايسر من الطريق وانحرف بها فجأة وفوجئ بالحاجز الحديدي فانحرف نحو اليمين وهو ما ادى الى فقد السيطرة على السيارة نتيجة السرعة الزائدة وتدهورها اربع مرات مما ادى الى وفاة المجني عليها التي كانت برفقته واضاف الى انفجار الاطارات كان بعد الحادث وليس قبله اذ لو كان الانفجار قد وقع قبل الحادث لادى ذلك الى تمزيق الاطار وهو الامر الذي يحدث اذ تبين ان الاطارات فارغة من الهواء فقط والرابعة خارجها مكانها وثبت بمعاينة مكان الحادث بمعرفة الشرطة ان الحادث وقع نتيجة اهمال المتهم قائد السيارة لقيادته السيارة بسرعة زائدة وباهمال وعدم انتباه مما ادى الى فقدانه السيطرة على مقود السيارة وانحرافها يمينا ويسارا وتدهورها" لما كان ذلك وكان هذا الذي اورده الحكم المطعون فيه يقوم على اسباب سائغة مستمدة من ادلة مقبولة لها اصلها الثابت في الاوراق وكافية للادانة فان النعي لا يعدو ان يكون مجرد جدل موضوعي حول تقدير الادلة مما تنحسر عنه رقابة محكمة التمييز ومن ثم يتعين رده .
وينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني الخطأ في تطبيق القانون و تفسيره وتأويله اذ الزمه بالدية الكاملة البالغة مائة وخمسين الف درهم حان ان المتوفاة امرأة و ليست رجلا مما يستوجب الحكم بنصف الدية المقررة للرجل اعمالا للقاعدة الشرعية التي تقرر ان للرجل مثل حظ الانثيين ، وما ورد من تحديد للدية في القانون رقم 17 لسنة 1991 ليس المقصود منه تحديد مقدار الدية كعقوبة وانما هو مجرد معادلة لقيمة الدية الشرعية بالعملة الورقية ، وكلمة المتوفى الواردة في المادة الاولى من هذا القانون لا تعني التسوية بين الرجل و المرأة في مقدار الدية المستحقة لكل منهما وانما هو مجرد بيان لاصلها ويحدد مقدارها وفقا لاحكام الشريعة الاسلامية وقد اجمع الائمة الاربعة عل ان الدية المرأة نصف دية الرجل و المادة الاولى من قانون العقوبات تستوجب تطبيق الشريعة الاسلامية بشأن جرائم الحدود و القصاص و الدية .
هذا النعي مردود اذ لا مجال للاجتهاد مع وجود النص الصريح الواضح ، وحيث ان المادة الاولى من القانون رقم 17 لسنة 1991 بتحديد مقدار الدية الشرعية للمتوفى خطأ من الاشخاص تنص على ان "تحديد الدية الشرعية للمتوفى خطأ من الاشخاص (150000) مائة وخمسين الف درهم في جميع محاكم امارات الدولة" وقد وردع عبارة "للمتوفى خطأ من الاشخاص" في هذه المادة مطلقة من غير تقييد او تخصيص وهي عبارات صريحة وواضحة فان مؤدى هذا النص هو تحديد الدية الشرعية للمتوفى خطأ بمبلغ مائة وخمسين الف درهم بصرف النظر عما اذا كان ذكرا او انثى وليس صحيحا القول بان مؤداه هو مجرد معادلة لقيمة الدية بالنقود لان المشرع لم يعبر ذلك صراحة او ضمنا وانما حدد مبلغ الدية الشرعية للمتوفى خطأ بالنقود ذكرا كان او انثى ، واذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر والزم الطاعن بالدية المحددة في القانون ويكون منعى النعي عليه في هذا الصدد على غير اساس .
حكمت المحكمة برفض الطعن .