الحبس الإحتياطي : ما المقصود به في التشريع المصري؟
الحبس الإحتياطي : ما المقصود به في التشريع المصري؟
تعريفه :
لم يضع التشريع المصري تعريفاً محددا للحبس الاحتياطى ، وإنمااكتفى بإيراد قواعد تعالج موضوع الحبس الاحتياطى فى قانون الإجراءات الجنائية ،لذلك فقد تعددت تعريفات الفقه المصري للحبس الاحتياطي:-
فعرفه الأستاذالدكتور نجيب حسنى تعريفا للحبس الاحتياطى على النحو التالى: هو سلب حرية المتهممدة من الزمن تحددها مقتضيات التحقيق ومصلحته وفق ضوابط قررها القانون .
وعرفه الدكتور المرصفاوى بأنه : إجراء من إجراءات التحقيق الجنائى يصدرعمن منحة المشرع هذا الحق ويتضمن أمرا لمدير السجن بقبول المتهم وحبسه به ويبقىمحبوسا مدة قد تطول أو تقصر حسب ظروف كل دعوى حتى ينتهى أما بالإفراج عن المتهمأثناء التحقيق الابتدائى أو أثناء المحاكمة واما بصدور حكم فى الدعوى ببراءة المتهمأو بالعقوبة وبدء تنفيذها عليه .
وعرفت المادة (381) من تعليمات النيابةالعامة الحبس الاحتياطي على النحو التالي : هو إجراء من إجراءات التحقيق غايته ضمانسلامة التحقيق الابتدائى من خلال وضع المتهم تحت تصرف المحقق وتيسير استجوابه أومواجهته كلما أستدعى التحقيق ذلك ، والحيلولة دون تمكينه من الهرب أو العبث بأدلةالدعوى أو التأثير على الشهود أو تهديد المجنى علية ، وكذلك وقاية المتهم مناحتمالات الانتقام منه وتهدئة الشعور العام الثائر بسبب جسامة الجريمة .
ومن مجمل هذه التعريفات يبرز لنا مضمون الحبس الاحتياطي بأنه ينصب على من هو متهمويكمن جوهرة فى سلب حريته ولفترة محددة من الزمن قابلة للمد والتجديد وهو يختلف عنسلب الحرية كعقوبة فهو من أوامر التحقيق ويصدر عن الجهة المخولة قانونا بالتحقيقوليس نتيجة لحكم قضائى بات ، كما يبرز الطابع المؤقت للحبس الاحتياطى وارتباطه بمدىزمنى لا يتجاوزه وان كان يقبل الامتداد مما يميزه عن الحبس المطلق كما تظهر بجلاءعلته والغاية منه
مبررات الحبس الاحتياطي :
موقف الفقه : يكاد يحصرالفقه الراجح هذه المبررات فى أداء ثلاث وظائف : -:
أولاً : الحبس الاحتياطيكأجراء يضمن تنفيذ العقوبة :فهو وسيلة تضمن التحفظ على المتهم تحت أيدى سلطاتالتحقيق حتى يصدر حكم بالإدانة فتنفذ العقوبة أو يقضى بالبراءة فيخلى سبيله ممايضمن ألا يفلت متهم من العقاب
ثانياً : الحبس الاحتياطي كإجراء من إجراءاتالأمن : حيث يهدف إلى حماية المجتمع من عودة المتهم إلى ارتكاب جرائم أخرى ، ويحمىالمتهم من محاولات انتقام أهل المجنى علية ، أو غيرهم ممن استفزهم واستثارا سخطهماقتراف المتهم لفعلة ، خاصة ولو اتسم بوضاعة عالية .
ثالثاً :الحبسالاحتياطي بوصفة وسيلة من وسائل التحقيق : وهى الوظيفة الأساسية ، حيث يحقق بعضالأغراض التى يمكن إجمالها في ، وبقاء المتهم في متناول سلطة التحقيق ، و المحافظةعلى أدلة الجريمة من محاولة المتهم إخفائها أو طمسها ، إذا أطلق صراحة ، منعالتواطؤ بالحيلولة بين اتصال المتهم بباقى شركائه فى ارتكاب الجريمة ، وبغل يده عنتجهيز شهود نفى مزيفين ، أو من تهديد شهود الإثبات .
في التشريع المصري :
يمكن إجمال ما ورد فى التشريع المصرى بخصوص الحبس الاحتياطى بأنه قدنظر إلى الحبس الاحتياطى بوصفة إجراء من إجراءات التحقيق ، وبوصفة تدبيرا احترازيافى الوقت نفسه ، فبوصفة إجراء من إجراءات التحقيق يحب أن يكون هو الوسيلة الوحيدةللمحافظة على الأدلة والقرائن العادية وللحيلولة دون ممارسة المتهم ضغطا على الشهودأو اتصالا سريا بغيرة من المتهمين وهو ما يستفاد من نص المادة 143/1 من قانونالإجراءات المصرى فعلى الرغم من خلو القانون المصرى من تحديد مبررات الحبسالاحتياطى فإنه نص في هذه المادة على ما يفيد أن مد الحبس الاحتياطى يكون لمصلحةالتحقيق ، ونص المشرع الدستورى المصرى فى المادة 41 من الدستور الحالى على انه " لايجوز القبض على المتهم …… أو حبسة ……… إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمنالمجتمع ، إما بوصفة تدبيرا احترازيا يستهدف منع التأثير الضار للخطورة الإجراميةالتى كشف عنها اقتراف المتهم لجريمته وهو ما عبر عنه المشرع المصرى بالمادة المشارإليها " صيانة أمن الدولة " وهو ما يدرجة الفقه عادة بوصف الحبس الاحتياطى كأجراءمن إجراءات الأمن – يعمل على تفادى ارتكاب الجرائم سواء من المتهم أو من غيرة كردفعل على جريمته.
القواعد العامة للحبس الاحتياطي :
مجـالـه :
يستفاد من نص المادة 134 أ . ج أن مجاله ينحصر – بحسب الأصل فيالجنايات والجنح المعاقب عليه بالحبس مدة تزيد عن ثلاثة شهور والعبرة هنا بالعقوبةالتي يقررها القانون للجريمة ومن ثم يتم استبعاد المخالفات والجنح المعاقب عليةبالغرامة أو الحبس الذي لا تزيد مدته عن ثلاثة شهور من نطاق الحبس الاحتياطي، وقدأورد المشرع على هذا الأصل استثئنائين أحدهما موسعا من مجاله والأخر مضيقا له ، فمنحيث التوسيع : أجاز المشرع الحبس الاحتياطي في الجنح المعاقب عليه بالحبس ، مهماقلت مده إذا لم يكن للمتهم محالة إقامة ثابت معروف في مصر ، وحظر المشرع حبس الحدثالذي لا يتجاوز عمره خمسه عشر سنة حبسا احتياطياً م26 من قانون رقم 31 سنة 74 بشأنالأحداث .
كما حظره في الجرائم التي تقع بواسطة الصحف ( 135 . أ .ج ) ألا إذاكانت من الجرائم المنصوص عليه في المواد 173 ، 179 ، 180/2 من قانون العقوبات أوكانت تتضمن طعن في الأعراض أو تحريضا على فساد الأخلاق .
شروط الحبسالاحتياطي :
أولاً : توافر دلائل كافية على ارتكاب المتهم للجريمة أواشتراكه فيها : بمعني أن على الجهة مصدرة الأمر التثبت من وقوع الجريمة ونسبتها أوإسنادها إلى المتهم أي يتطلب توافر أدلة كافية لإثبات توافر جميع أركان الجريمة سوءالركن المادي أو المعنوي بجميع عناصرهما ثم عليها أن تستخلص من هذه الدلائل ملائمةالحبس وتحديد مدى الكفاية والملائمة أمور تقديرية متروكة للمحقق تحت رقابة محكمةالموضوع التى لها ان تعتبر الحبس باطلا لانتفاء دلائل الاتهام وعدم كفايتها وتستبعد - من ثم - كل دليل مستمد منة وتأمر بالإفراج عن المتهم المحبوس فورا .
ثانياً : آن يسبق الأمر به استجواب المتهم إلا إذا كان هاربا : وعلة ذلك .. مادام أمر الحبس تقديريا للمحقق فيتعين علية تجميع عناصر تقدير ملائمة هذا الأمرمما يستلزم الاستماع إلى المتهم لتكتمل أركان الصورة لدى المحقق .فيكون اكثر قدرةعلى تقدير مدى كفاية الأدلة وأيضا مدى ملائمة الحبس الاحتياطي للحالة الواقعية وعنداستحالة تنفيذ هذا –حالة هرب المتهم – فان المشرع أعفى المحقق من هذا الشرط .
ثالثاً : أن تسمع أقوال النيابة إذا كان قاضي التحقيق هو الأمر بالحبس : وعلة ذلك اكتمال كافة جوانب الموقف من زاوية المتهم ( الشرط السابق) ومن زاويةالنيابة ( بوصفها جهة اتهام ) فيكون المحقق أكثر قدرة علي تقدير مدي كافية الأدلة . ومدي ملائمة الحبس الاحتياطي بداهة لا محل لهذا الشرط إذا كانت النيابة العامة هيالتي تتوالى التحقيق .
الجهة المخولة بإصدار أمر الحبس الاحتياطي :
الحبس الاحتياطي بوصفه أمر من أوامر التحقيق يتصور أن يصدر في إحدى ثلاثلحظات من حياة الخصومة الجنائية ( اتهام- إحالة – محاكمة ) وتتباين الجهات المخولةسلطة إصداره في كل مرحلة من هذه المراحل وذلك على النحو التالى :
سلطة الحبسالاحتياطي في مرحلة التحقيق :
تتباين وتتعدد الجهات المخولة سلطة إصدارأوامر الحبس الاحتياطى فى التشريع المقارن فهناك من يعطى هذه السلطة للقضاء وحدة ،وهناك من يعطيها للنيابة العامة ، وهناك من يشارك الاثنين كمال يوجد أيضا من يعطىهذه السلطة لضباط الشرطة فيما يلى نتناول موقف التشريع المصرى فى هذا الشأن .
1-الفصل بين وظيفتي الاتهام والتحقيق :
تبني هذه الخطة قانونتحقيق الجنايات الأهلي الصادر في 1883 فكان الأصل العام أن التحقيق من اختصاص قاضيالتحقيق أو من يندبه لذلك ( م 3 ، 4) يقوم به من تلقاء نفسه ،أو بناء على طلب أعضاءقلم النائب العمومي ، أو المدعي بالحقوق المدنية أو بناء على طلب محكمة الاستئناف ،وخرج على هذا الأصل العام في حالة التلبس حيث أجاز لأعضاء قلم النائب العموميولمأمور الضبطية القضائية إجراء التحقيقات الابتدائية في حالة مشاهدة الجاني متلبسابالجريمة (13 م ) وانحصرت سلطة الحبس الاحتياطي في يد قاضي التحقيق وحده فإن تبينله بعد استجواب المتهم أو في حالة هربه أو عدم حضوره أن الشبهات كافية قبله وكانتالجناية أو الجنحة – المتهم بارتكابها معاقبا عليه بالحبس أو بعقوبة أشد جاز لهيصدر أمر " بسجن المتهم أو ان يبدل بأمر الضبط والإحضار السابق صدوره أمر أخر بسجنه ( م88 ، 90) وكان هذا الأمر الذي يصدره قاضي التحقيق بحبس المتهم احتياطيا –غيرمحدد بمده.
2- الجمع بين وظائف الاتهام ، والتحقيق ، والحكم في يد هيئاتإدارية
وعرفت باسم " قومسيونات الأشقياء " حيث عطلت السلطات تنفيذقانون تحقيق الجنايات الأهلي حتى تطلق يدها في مواجهة الثورة العرابية وتذرعت بأن " الأشرار " قد أساءوا فهم الحريات التي منحها إياهم القانون الجديد وعاثوا في البلادفسادا فأصدرت في 24 أكتوبر 1884 " ديكريتو " يتعلق بالوجه القبلي ويقضي كلاهما بنقلاختصاص الفصل في الجرائم التي من شانها الإخلال بالأمن أو تهديد الأملاك إلى لجنةسميت بأسم " قومسينات الأشقياء " وهي مشكلة من رئيس يعينه مجلس الوزراء ومديربالمديرية ورئيس النيابة واثنين من قضاه المحكمة الابتدائية أو محكمة الاستئنافوكانت هذه اللجان تتولى التحقيق والفصل في القضايا غير مقيدة بالقواعد والإجراءاتالتي كان ينص عليها قانون تحقيق الجنايات ، وأسرفت تلك اللجان في القسوة يقصدالإرهاب وانتهكت حقوق الدفاع ولم تتورع عن الالتجاء إلي التعذيب أثناء التحقيقواكتفت بالإدانة بمجرد الشبهات وقد ألغيت في عام 1889 بعد أن ظهر من تقرير " مسيوليجريل " أنها سجنت كثيرين بين عدة سنوات بغير محاكمة واتضح أنها كانت تحكمبالإدانة لأدني شبهة وتعذب المتهمين لحملهم على الاعتراف . . . الخ وكان نظامالبوليس فاسدا إلى حد أحرج مراكز رؤساء الحكومة ومديري البوليس على السواء فقد وضعنظام البوليس بأسره على قاعدة عسكرية وجرد المديرين من كل سلطتهم عليه مما حفز " نوبار " إلى الشكوى من عجز المديرين من المحافظة على الأمن وادي إلى رئيس البوليسالإنجليزي " كليفورد لورد " وإعادة سلطة المديرين على البوليس من جديد ، وكما يبدوفإن سلطات الاحتلال كانت متأثرة بفكرة عبر عنها صراحة " ملنر " بعد زمن طويل منالثورة العرابية ، حينما وصف المصرين " بأنهم أمة من العبيد الخاضعين المجردين منأدني روح للحرية .
3- الجمع بين سلطتي الاتهام والتحقيق :
استحدث " ديكريتو " صادر في 28 /5/1895 أحكاما جديدة منها ما تضمن تخويل النيابة العامة سلطةالتحقيق فضلا عن سلطة الاتهام وان ابقي نظريا –على نظام قاضي التحقيق وعلى سلطاتهفي التحقيق والحبس الاحتياطي تلجا النيابة العامة إذا شاءت في الجنايات وبعض الجنحوبمقتضي ذلك التعديل أصبح للنيابة العامة – هي الأخرى – سلطة الحبس الاحتياطي لمدةلا تزيد عن خمسة عشر يوما قابلة للتجديد بمعرفتها كما كان للمتهم المحبوس أن يعارضفي أمر حبسه أو في الأمر الصادر من النيابة بتجديد ذلك الحبس ويفصل قاضي الأمورالجزئية في تلك المعارضة خلال ثمانية أيام ( المواد 10 ، 12 ، 13 (، وقد عدلت سلطةالنيابة العامة الحبس الاحتياطي بعد ذلك بـ " دكريتو " صادر في 19 يناير 1879بموجبه حرم النيابة العامة حق حبس المتهم احتياطياً بتعديل المادة العاشرة من الأمرالعالي الصادر في 28 مايو 1895 ، وفرقت بين حالتين الأولي : أجازت فيها للنيابةالعامة إصدار أمر بحبس المتهم احتياطيا ولكن بعد موافقة رئيس المحكمة أو من يقوممقاومة أو موافقة قاضي الأمور الجزئية كتابة إذا كان المتهم في وجهة غير الجهةالكائن بها مركز المحكمة – وذلك إذا وقعت الواقعة مما يستوجب العقاب بالحبس ( مثلجنحة السرقة أو الشروع فيها ... الخ )
والثانية : يصدر الأمر بالحبس من رئيسالمحكمة أو من يقوم مقامة أو قاضي الأمور الجزئية –إذا كان المتهم في جهة غير الجهةالكائن بها مركز المحكمة بعد أن تستحضر النيابة المتهم أمام أيهما ( حسب الأحوال ) وإذا كانت الواقعة من الجنح التي تستوجب الحبس عدا ما ذكر في الحالة الأولي وكذلكإذا لم يحضر المتهم بعد استدعائه بالطرق القانونية ، وبذلك سلب المشرع النيابة حقحبس المتهم احتياطيا ووكله إلى القضاء وعدلت سلطة النيابة العامة في الحبسالاحتياطي بعد ذلك بالقانون الصادر في 1904 واختط فيه المشرع طريقا وسطا حيث خولالنيابة العامة حق حبس المتهم احتياطيا في أحوال معنية لمدة محدده وحرم المتهم حقالمعارضة في الأمر الصادر بحبسه .
4- الفصل بينهما في الجنايات والجمعبينهما في الجنح :
تبني هذا المسلك قانون الإجراءات الجنائية رقم 150لسنة 1950 حيث جعل التحقيق بمعرفة قاضي التحقيق وجوبيا في مواد الجنح وجوزيا – بناءعلى طلب النيابة في مواد الجنح ومنح النيابة العامة سلطة التحقيق في مواد الجنحوالمخالفات بالقيود الواردة في الباب الرابع من الكتاب الأول والتي خول القانونبمقتضاها لقاضي التحقيق سلطة مراقبة النيابة العامة في بعض التحقيقات .
5-التوسع في سلطة النيابة العامة ، والحد من سلطة قاضي التحقيق :
صدر المرسومبقانون رقم 353 لسنة 52 الذي أعاد للنيابة العامة سلطة التحقيق كاملة في مجالالجنايات باستثناء جرائم محددة اختص بها قاضي التحقيق اختصاصا وجوبيا وبذلك عدلالمشرع المصري – مرة أخري – عن نظام الفصل بين سلطتي الاتهام والتحقيق وابقي هذاالتعديل على قاضي التحقيق كسلطة احتياطية للتحقيق مع إعطائه اختصاصا وجوبيا بالنسبةلجرائم التفاليس والجرائم التي تقع من الصحف وغيرها من طرق النشر إذا الزم النيابةالعامة بإحالتها إليه للتحقيق ، وبمقتضي قانون رقم 113 لسنة 57 ألغيت الأخير منالمادة 64 التي توجب التحقيق من جرائم التفاليس والصحافة اكتفاء بالأصل العامالمقرر بالفقرة الأولي من المادة المذكورة وهو يتح للنيابة العامة –في موادالجنايات أو الجنح أن تطلب ندب قاض لتحقيقها إذا رأت أن في ذلك أكثر ملاءمة لظروفها، وبمقتضي هذه التعديلات أصبح نظام قاضي التحقيق – الذي ينص عليه التشريع المصري ( مواد 64-65) نظاما صوريا وأجريت دراسة ميدانية حول موضوع الأشراف القضائي علىالتحقيق في ضوء الدراسات الخاصة بمشروع قواعد الحد الأدنى لتنظيم العدالةالاجتماعية والتي أشرف عليها " المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية " وتبينمن نتائج هذه الدراسة – التي بدأت عام 1970 ونشرت عام 1977 أنه لم يندب أحد من قضاهالتحقيق طبقا للمادتين 64-65 إ . ج طوال هذه الفترة .
سلطة الحبس الاحتياطيفي مرحلة الإحالة :
نظام الإحالة عبارة عن تقيم للاتهامات المقامة ضدالمتهم وتقدير لمدلول الأدلة المستمدة من إجراءات التحقيق وعدم كفايتها لإحالةالدعوى إلى قضاء المحاكمة عن طريق قرار الإحالة ويكون له في سبيل ذلك سلطات إجراءتحقيق تكميلي أو تكليف سلطة التحقيق الابتدائي بإجرائه والأمر بحبس المتهم احتياطياإذا كان مفرجا عنه أو الإفراج عنه أن كان محبوسا وان يأمر بإحالة الدعوى إلىالمحاكمة أو يأمر بالا وجه لإقامتها
وسنخصص فرعا لإيضاح موقف كلا من التشريعالمقارن والتشريع المصري بشأن الإحالة .
إسناد الإحالة لسلطةالتحقيق
أحل قانون الإجراءات الجنائية الحالي ( 150 لسنة 50 ) غرفة الاتهاممحل قاضي الإحالة وكانت تتكون من ثلاثة قضاه ، ثم بمقتضى القانون رقم 107 لسنة 62أصبح قاضي الإحالة يتكون من مستشار الإحالة بدلاً من القضاة الثلاثة الذين تتكونمنهم غرفة الاتهام ، ثم بمقتضي القانون رقم 5 لسنة 1973 ( الصادر في 21 فبراير ) أضيفت م 366 مكرر إلى قانون الإجراءات الجنائية وبمقتضاها تتم الإحالة مباشرة منالنيابة العامة إلى المحكمة المختصة في طائفة معينة من الجنايات وهي جنايات الرشوةواختلاس الأموال الأميرية – والغدر – والتزوير – وغيرها من الجنايات الواردة فيالأبواب : الثالث . والرابع . والسادس عشر من قانون العقوبات والجرائم المرتبطة بها، ثم تم إلغاء مستشار الإحالة في 4 نوفمبر 1981 إصدار قرار رئيس الجمهوريةبالقانون رقم 170 لسنة 81 بتعديل بعض نصوص قانون الإجراءات الجنائية وبمقتضاه تماستبدال نص المادة 158 والمادة 124 بنصوص جديدة تسند إحالة الدعوى إلى جهة التحقيق ( لقاضي التحقيق – وفقا للمادة 158 ) أو النيابة العامة ( وفقا للمادة 124 ) التىلها أن ترفع الدعوى في مواد المخالفات والجنح بطريق تكليف المتهم أمام المحكمةالجزئية إلا ما استثني وترفع الدعوى في مواد الجنايات بإحالتها من المحامي العام – أو من يقوم مقامة- إلى محكمة الجنايات بتقرير اتهام وفقا لضوابط عددتها المادة ،واستحدثت مادة برقم 214 مكرر تقضي بأنه إذا صدر بعد صدور الأمر بالإحالة – مايستوجب إجراء تحقيقات تكميلية ، فعلي النيابة العامة أن تقوم بإجرائها وتقدم المحضرإلى المحكمة ونص قرار رئيس الجمهورية سالف الذكر – في مادته الثالثة – على حذف كلمة " مستشار الإحالة أينما وردت في قانون الإجراءات الجنائي ، ونصت المادة الرابعة علىإلغاء الفصل الثالث عشر المعنون " في غرفة الاتهام " ( المواد من 193 – 196) منالباب الثالث من الكتاب الأول .
سلطة الحبس الاحتياطي في مرحلةالمحاكمة
الحبس الاحتياطي مشروع في الإسلام ، ولكن بضوابط حددها الفقهاء منها أن تكون الشبهةقوية ، والمتهم غير مشهور بالصلاح ، فإن كان مشهورا بالصلاح فلا يحبس ولا يعزر بليعزر من اتهمه ، ولا يستمر الحبس أكثر من شهر .
تعريف الحبس الاحتياطي وضرره :
يقول المستشار محمد محمود منصور رئيس محكمة استئناف القاهرة الأسبق :
الحبسالاحتياطي هو سلب حرية المتهم مدة من الزمن تسمح بها مقتضيات التحقيق ومصلحته وفقضوابط معينة .
وللتوسع في الحبس الاحتياطي ضرره فهو يناقض قرينة البراءةباعتباره ينزل بالمتهم إيلاما في وقت لم تثبت فيه إدانته ، ويفصم صلته بعائلته،ويوقف نشاطه المهني ويعرضه لأضرار يصعب وقد يستحيل فيما بعد إصلاحها .
وأماعن ضوابط الحبس الاحتياطي فيقول الدكتور أنور دبور أستاذ الشريعة الإسلامية بكليةالحقوق جامعة القاهرة :
القاعدة في الإسلام هي براءة الذمة ومنها أخذ مبدأالمتهم بريء حتى تثبت إدانته ، ومن هنا ما لم تثبت إدانة الشخص ، فهو معصوم كرامتهمصانة ، ولا يجوز بحال إهدار هذه الكرامة .
والحبس الاحتياطي له أسباب ترجعللجريمة وللشخص فما يرجع للجريمة يتلخص في وجود شبهة قوية ، يحد معها تعزيرا إن لمتثبت عليه الجريمة ، ولا يكون الحبس الاحتياطي لمدي بعيد فقد حدده العلماء بشهر ،ولا تمارس فيه أي وسائل ضغط . أما في الشبهة الضعيفة فلا يجوز الحبسالاحتياطي.
وما يرجع للشخص فيتلخص في حال الشخص نفسه ، فإن كان ظاهر حاله الصلاحفلا يعزر بدون تهمة بل يعزر من اتهمه . وإن كان مجهول الحال ، فيجوز حبسه إلى أنيتبين حاله . والمشهور بالفجور والفسق وارتكاب الجرائم يحبس ويعزر .انتهى
ولمزيد من التـاصيل الشرعي فقد جاء في الموسوعة الفقهية الصادرة عنوزارة الأوقاف الكويتية:
الحبس مشروع بالقرآن والسنة والعقل وإجماع الصحابة :
أولا : من القرآن الكريم :
اتفق الفقهاء على مشروعية الحبس للنصوصوالوقائع الواردة في ذلك , وإن كان قد نقل عن بعضهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لميسجن أحدا . واستدل المثبتون بقوله تعالى : { واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكمفاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أويجعل الله لهن سبيلا } . وللعلماء أقوال في نسخ هذه الآية منها : أن الحبس نسخ فيالزنى فقط بالجلد والرجم وبقي مشروعا في غير ذلك .
واستدلوا أيضا بقولهتعالى : { أو ينفوا من الأرض } . وبقوله أيضا : { تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمانبالله } ففي هذه الآية إرشاد إلى حبس من توجب عليه الحق حتى يؤديه . والآية غيرمنسوخة لعمل أبي موسى الأشعري بها في الكوفة زمن إمارته وفي الحبس جاء قوله تعالى : { وخذوهم واحصروهم } . و الحصر هو الحبس , والآية ليست منسوخة , وإلى مشروعية الأسرذهب الفقهاء .
بل إن الأسير يسمى مسجونا . وفي آية أخرى : { حتى إذاأثخنتموهم فشدوا الوثاق } وهي محكمة غير منسوخة عند المحققين , وفيها الأمر بتقييدالأسير , وهو في الحقيقة محبوس ومسجون .
ثانيا : من السنة المشرفة :
ومما يدل على مشروعية الحبس في السنة حديث : { لي الواجد يحل عرضه وعقوبته } ويقصد بحل العرض : إغلاظ القول والشكاية , وبالعقوبة : الحبس . وهذا قول جماعة منفقهاء السلف منهم : سفيان ووكيع وابن المبارك وزيد بن علي . وروي عن النبي صلى اللهعليه وسلم أنه قال : { إذا أمسك الرجل , الرجل , وقتله الآخر , فيقتل الذي قتلويحبس الذي أمسك } . وبنحوه قضى علي رضي الله عنه حين أمر بقتل القاتل وحبس الممسكفي السجن حتى يموت . ويعرف هذا بالقتل صبرا أي الحبس حتى الموت , وبه عمل النبي صلىالله عليه وسلم حين أمر بقتل القاتل وصبر الصابر . وروي { أن النبي صلى الله عليهوسلم حبس رجلا في تهمة } , وفيه مشروعية الحبس ولو بتهمة . وروي { أن النبي صلىالله عليه وسلم حبس أحد رجلين من غفار اتهما بسرقة بعيرين , وقال للآخر : اذهبفالتمس , فذهب وعاد بهما } .
ثالثا : إجماع الصحابة على جواز الحبس :
وأجمع الصحابة ومن بعدهم على مشروعية الحبس , وقد حبس الخلفاء الراشدونوابن الزبير والخلفاء والقضاة من بعدهم في جميع الأعصار والأمصار من غير إنكار , فكان ذلك إجماعا .
رابعا: الدليل على الحبس من العقل :
وتدعو الحاجة - عقلا - إلى إقرار الحبس , للكشف عن المتهم . ولكف أهل الجرائم المنتهكين للمحارم , الذين يسعون في الأرض فسادا ويعتادون ذلك , أو يعرف منهم , ولم يرتكبوا ما يوجبالحد والقصاص.
مدة الحبس الاحتياطي :
وقال الإمام الماوردي من فقهاءالشافعية في كتابه الأحكام السلطانية:
للأمير أن يجعل حبس المتهم للكشفوالاستبراء . واختلف في مدة حبسه لذلك , فذكر عبد الله الزبيري من أصحاب الشافعي أنحبسه للاستبراء والكشف مقدر بشهر واحد لا يتجاوزه . وقال غيره : بل ليس بمقدر وهوموقوف على رأي الإمام واجتهاده وهذا أشبه وليس للقضاة أن يحبسوا أحدا إلا بحقوجب.
ويقول ابن فرحون الفقيه المالكي في تبصرة الحكام:
وأما قدر مدةالحبس فيختلف باختلاف أسبابه و موجباته , فحبس التعزير راجع إلى اجتهاد الحاكم بقدرما يرى أنه ينزجر به وفي مختصر الأحكام السلطانية والحبس في التعزير قد يكون يوما , ومنهم من يحبس أكثر .
بناء الإنسان هو الهدف الأسمى الذي نبذل كل جهد من أجل تحقيقه
سيدي صاحب السمو الشيخ
خليفه بن زايد ال نهيان
رئيس دولة الامارات العربية المتحدة
حفظه الله ورعاه