logo

إضافة رد
قديم 11-15-2011, 08:00 PM
  #1
أحب الامارات
عضو متفاعل
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 45
Thumbs Up ورحلت سارة ..

لقد آن للجسد الـمُنهك أن يرتاح.

رحلت «سارة» بعد أن ظهر فيها المرض فجأة وصاحَبها على مدى ثلاثة أشهر؛ فشلت معها مساعي الأطباء أن تنقذها من القدر المحتوم الذي لا مفرَّ منه.

قل للطبيب تخطَّفته يدُ الرَّدى من يا طبيبُ بطبِّه أرداكا
أسأل الله أن يسبغ عليه وابل الرحمة والغفران، وأن يجعل قبرها روضة من رياض الجنة، وأنْ يعاملها ببره ولطفه وإحسانه.
كانت قويةً رغم شدة المرض، وتلقَّت قضاء الله بالصبر والقبول والتسليم، فلم تضجر بسبب ما حلَّ بها من البلاء، ولم تعترض على ما قدَّره الله وقضاه.
جعلت جُلَّ وقتها بالذكر والتسبيح، حريصة على صلاتها والسؤال عن أحكام المريض، وكيفية صلاة المريض وطهارته، لأنها لم تعد قادرة على مغادرة سريرها الأبيض.

ورغم الألم الشديد الذي كان يعتريها؛ وضيق النَّفَس، كانت صابرة محتسبة.
لقد كانت ابنة أخي «سارة» حالة مختلفة عن بنات جنسها منذ أن كانت صغيرة، حملت بين جوانحها قلباً أبيض لا يعرف الحقد، وابتسامة ناصعة بريئة، وتفاؤلاً رغم ما يعتري الحياة من ذبول قاتل.

وحتى وهي في شدَّة ألمها، ومع تقرير الأطباء أن حياتها لن تستمر طويلاً, وأنها في تدرُّجٍ نحو الأفول، إلا أنَّ الابتسامة لـم تفارق محياها، وذلك المزاح البريء لم يزل هو طبعها، رغم الألم.
لا زلت أتذكر تلك الطفلة الصغيرة التي كنت أحملها بين ذراعيَّ بفرحة غامرة، تضحك بين يديَّ-وقد كنت صغيراً- فيُخيَّل إليَّ أنَّ الدنيا تبتسم بابتسامتها وتردد صدى ضحكاتها.

وكبرت «سارة»، ولم تزل تلك الطفلة البريئة، تعاني وتصبر، وتُنحت كالجبل فتزداد صلابة، وحتى وهي تتألم من شدة الألم كانت تُخفي ألمها حتى لا تُحزن محبيها.
ليس غريباً أن يفكر المرء في غيره حال عافيته، ولكن منتهى العظمة أن يتحسَّس المرء أحوال غيره، ويفرح لاجتماعهم حوله، وهو في منتهى الألم، والمرض قد أنهك قُواه.

وهكذا كانت «سارة».
فعلى الرغم من شدة الألم الذي كانت يمزق أشلاءها، إلا أنها كانت تُبدي سعادتها باجتماع «أعمامها وأخوالها» حولها، وكأنَّ لسان حالها يقول: لقد اشتقت لمنظر اجتماعكم حولي الذي افتقدته بسبب تفرق البلدان ومشاغل الحياة ولو كان الثمن مرضي.
وربما همست في أذن بعض محبيها بهذا الشعور.
كانت تسأل عن هذا، وتطْمئنُّ على ذاك، فعاشت لغيرها حتى آخر لحظة.
والحمد لله الذي جمَّلها بالصبر.

فلا أذكر أنني زرتها في المستشفى وسألتها عن حالها فاشتكت إليَّ أنَّ هذا الموضع يؤلمها، بل كان جوابها دائماً: «الحمد لله أنا بخير».
لقد كانت «سارة» منذ صغرها فتاة صالحة -ولا أزكي على الله أحداً-، اهتمت بلباسها الشرعي ديانة لله وإذعاناً لأحكام الشريعة.
وحرصت مذ كانت صغيرة على الصحبة الطيبة في مدرستها، فلم تكن تصاحب إلا الخيِّرات، ولطالما كانت تحدثني -وهي في المرحلة المتوسطة- عن صديقاتها الصالحات «آسيا، عذاري، و..و..»، وما يبذلنه من جهود لإقامة المحاضرات الدينية في مدرستهن.
كانت تخبرني بذلك وهي تريد أن تحفزني لألقي محاضرة في مدرستها، وقد كان ذلك، وهي من أول المحاضرات التي ألقيتها في المدارس، فأسأل الله أن لا يضيع أجرها ومَن سعى في ذلك من أخواتها.

وكبرت «سارة»، أصبحت أمًّا، ولم تزل بنقاء الطفولة.
وفجأة وبلا مقدِّمات، دهمها المرض وهي في ريعان شبابها، وتخلَّل أجزاء جسمها، وسارع في الانتشار في جسدها حتى بدا وكأنه يسابق اللحظات والثواني، حتى توفاها الله تعالى فجر الاثنين 9شعبان 1432هـ ، الموافق 11/7/2011م.
وكان مما هوّن المُصاب على شدته أنَّ الله تعالى لعظيم جوده وفضله ورحمته قبضها وهي مشيرة بأصبعها السبَّابة بشهادة التوحيد، فأسأل الله أن يكون لها أوفر النصيب من قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة»، وأسال الله تعالى أن يكون ما أصابها كفارة لها، وأن يعاملها بفضله ورحمته وبما هو أهله، إنه هو أهل التقوى وأهل المغفرة.
إنَّ القلب ليحزن، وإنَّ العين لتدمع، ولا نقول إلا ما يُرضي ربَّنا، وإنا بفراقك يا «سارة» لمحزونون.
وإنا الله وإنا إليه راجعون..
أفَلَت شموس أحبتي وترحَّلوا
واستوحشتْ دارٌ تئن ومنزلُ
كانوا هنا بين العيون ورمشِها
حَلُّوا ومن بعد الـمُقام تحوّلوا
هذي الحياةُ وإن تطاول عمرها
وكذا الزمان توقُّفٌ وترجُّلُ
ودوام أحوال الزمان خديعةٌ
والمرء يرغب في السرور ويأملُ
لكنه وهمٌ كبيرٌ ضائعٌ
والهمُّ يفتك بالقلوب ويقتلُ
والمرءُ يطمع في الحياة لعله
يحيى سعيداً في الحياة ويرفُلُ
يسعى حثيثاً علَّه يجد الهنا
وكأنه لشقائه يتعجَّلُ
عجباً لمن رام الحياة هنيئةً
كلَّفْت قلبك فوق ما يتحمَّلُ
لو دامت الأيامُ صفواً لامرئٍ
أو في السرور لما شكاها الأولُ
فالبدر ينقص إنْ رأيتَ تمامَه
والزرع من بعد اخضرارٍ يذبَلُ
وانظر إلى من جرّب الدنيا وقد
سئم الحياةَ فإذْ به يتململُ
فانهض وحثَّ السير في طلب العلا
واحذر إذا جاء العذول يخذِّلُ
واعلم بأنَّ العمرَ حُلْمٌ زائرٌ
والمرءُ يجمع في الحياة ويرحلُ
والموتُ بين الناس أعظمُ واعظٍ
أين الذي يزنُ الأمورَ ويعقلُ
فالْـحَقْ بركب الصالحين ولا تكن
بنجاةِ نفسك قدْ تضن وتبخلُ
والعمرُ ماضٍ فاغتنم أيامَه
واللهُ يقضي ما يشاءُ ويفعلُ
9شعبان1432هـ ، 11/7/2011م
الشيخ سالم العجمي
أحب الامارات غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 11-16-2011, 08:44 AM
  #2
قانونية وافتخر
مشرفة منتدى الاخبار المحلية
 الصورة الرمزية قانونية وافتخر
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
الدولة: U.A.E
المشاركات: 4,147
افتراضي

لا حول ولا قوة إلا بالله..

إنا لله وإنا غليه راجعون..

الله يرحمها برحمته وجعل مثواها الجنة..

ألف شكر أختي ع الطرح..
،

قانونية وافتخر غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 11-16-2011, 12:36 PM
  #3
محمد حسين إدريس أحمد
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
المشاركات: 1,024
افتراضي

كل من عليها فان ويبقى وجه ربك زى الجلال والاكرام.....انا لله وانا اليه راجعون.....اللهم اغفر لها وسامحها اللهم ان كانت محسنة فزد فى احسانها وان كانت مسيئة فتجاوز عن سيئاتها.....امين يارب العالمين......واحسن الله عزاكم(يامن احب الامارات)
محمد حسين
مستشار قانونى
عضو اتحاد المحامين العرب
محمد حسين إدريس أحمد غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 11-19-2011, 05:43 PM
  #5
محمد ابراهيم البادي
نائب المدير العام
 الصورة الرمزية محمد ابراهيم البادي
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
الدولة: دولة الامارات العربية المتحدة ـ دبي
المشاركات: 15,606
افتراضي

التي تتحدث عن رحيلها اخي هي ابنة اخ لك وتعشقها ودعائي لها بالراحة في مثواها ومقابلة ربها الكريم بسعادة
وان يلهمكم الصبر والسلوان

فان تحدثت انا فسوف اقول الكثير والكثير لفقدي ابني

رحم الله السلف وغفر للخلف والهمنا الصبر و السلوان
بناء الإنسان هو الهدف الأسمى الذي نبذل كل جهد من أجل تحقيقه



سيدي صاحب السمو الشيخ


خليفه بن زايد ال نهيان

رئيس دولة الامارات العربية المتحدة
حفظه الله ورعاه
محمد ابراهيم البادي غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 11-19-2011, 09:40 PM
  #6
محمد حسين إدريس أحمد
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
المشاركات: 1,024
افتراضي

كل من عليها فان ويبقى وجه ربك زى الجلال والاكرام واحسن الله عزاكم استاذ البادى
محمد حسين
مستشار قانونى
عضو اتحاد المحامين العرب
محمد حسين إدريس أحمد غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-04-2011, 12:49 AM
  #7
صريحه
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
الدولة: uae
المشاركات: 354
افتراضي

الله يرحم المسلمين والمسلمات اجمعين
كل منا فقد غاليا على قلبه ولكن الصبر موجود
لااله الا الله
ليكن لباسك في الحياه هي القناعه
قال علي رضي الله عنه: ((ارضى بالقليل يأتيك الكثير))
ربي كريم دائما مع عباده والرزق بيده فلاتخف
صريحه غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-04-2011, 02:04 PM
  #8
أحب الامارات
عضو متفاعل
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 45
افتراضي

بارك الله فيكم أخواني الكرام

أشكركم على الأحساس الذي تحملونه في قلوبكم

الله يحفظكم من كل شر
أحب الامارات غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-04-2011, 03:03 PM
  #9
محمد حسين إدريس أحمد
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
المشاركات: 1,024
افتراضي

امييييييييييين يارب ويحفظك من كل شر
محمد حسين
مستشار قانونى
عضو اتحاد المحامين العرب
محمد حسين إدريس أحمد غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:04 PM.