ماما كيلا رددها ابني أمامي وهو ينادي الخادمة التي تعمل لدينا منذ سنوات وتدعى شكيله وهو أبن السنتين ، لم أكن أركن للخادمات دائما في تربيه أبنائي إلا في وقت الضرورة التي تشغلني عن متابعتهم بسبب ذهابي للعمل صباحا ورجوعي عند الساعة الثانية والنصف ظهرا متعبه لأنام بعض الوقت ،ثم استيقض لمتابعة الأبناء في مذاكرتهم اليومية،وبعد ذلك أقوم بتأدية أعمالي المدرسية التي لا تنتهي والتي تزيد أعبائها يوما بعد يوم وتتضاعف عند الامتحانات ،أو عند خروجي للحفلات والعزائم أو الزيارات الاجتماعية.
لم أتوقع من صغيري أن ينادي الخادمة بماما ولم أنتبه أنه لا يناديني على الإطلاق وكأنني غير موجودة ،و من فورة انشغالي عنه تعلق بها وأصبح لا يفارقها وحتى أنه في بعض الأحيان ينام بغرفتها وعلى سريرها فهي لا تحضره إلي إلا ليلا لينام عندي ويكون التعب قد أخذ مني كل مأخذ.
وهكذا تنطوي الأيام وأبني بعيد عني ولكنه قريب من الخادمة ويتآلف معها، حتى بدأت ألاحظ عليه عندما يتكلم عدم النطق الصحيح للكلمات وتكسر مخارج الحروف لديه وكأنه طفل أجنبي يحاول التكلم باللغة العربية .
هزني ذلك من الداخل ولاطمتني حميه العروبة ، وصممت على أن أجنب أبني مستقبلا سخريه واستهزاء أقرانه ، فأخذته في أحضاني ،وفرغت نفسي له في عطل نهاية الأسبوع ، أجلسه بجانبي عندما أستذكر لأخوته وأضع أمامه قصص مصورة لأعلمه كيفيه استخدام لسانه في النطق الصحيح لمخارج الحروف ، وخصصت وقتا للجلوس والحديث معه وضممته في حضني الذي أنشغل عنه طويلا لأعطيه الحب و الحنان والدفء،وأنام بجانبه ليشعر قبل فوات الأوان أنني أمه وأتدارك ما ارتكبت من إهمال في حقه كاد أن يضيع مني أبني العربي.
قرار حازم اتخذته بتقديم استقالتي من عملي بسبب قرار أطالة فترة الدوام المدرسي ، و تفضيل الجلوس مع أبني حتى لا يتغرب عني مرة أخرى .
فكل ما حولنا ينادي بالتغريب و نسيان لغتنا الجميلة لغة القرآن الكريم التي لن تسلم من عنصر التحديث وإدخال المفردات الأجنبية لتماشي روح التطور والتجديد كما يزعم البعض ،أو كما ينادي البعض الأخر ،وكأنها لم يكفيها عوجا اللسان لنضيف لها عوج البيان.
ألم يتعلموا نطقها وقراءة أحرفها حتى وصلوا إلى المراكز التي أباحوا من خلاله الحكم ..... بإعدامها.