كان خلقه القرآن
كان خلقه القرآن
قال تعالى : ( و إنك لعلى خلق عظيم ) }القلم : 4 { .
- عن سعد بن هشام قال : سألت عائشة رضي الله عنها فقلت أخبريني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقالت : كان خلقه القرآن. رواه مسلم.
- قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسير الآية السابقة : أي عالياً به، مستعلياً بخلقه الذي مَنَّ الله عليك به ، و حاصل خُلقه العظيم ما فسرته به أم المؤمنين رضي الله عنها لمن سألها عنه ، فقالت : (كان خلقه القرآن ) و ذلك نحو قوله تعالى له : ( خذ العفو و أمر بالعرف و أعرض عن الجاهلين ) [الأعراف : 199 ] و قال الله تعالى: ( فبما رحمة من الله لنت لهم ) [ آل عمران :159 ] و قال الله تعالى : ( لقد جآءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم ) [ التوبة: 128 ] و ما أشبه ذلك من الآيات الدالات على اتصافه صلى الله عليه و سلم بمكارم الأخلاق ، و الآيات الحاثات على الخلق العظيم ، فكان له منها أكملها و أجلها، و هو في كل خصلة منها في الذروة العليا ، فكان صلى الله عليه وسلم سهلاً ليناً ، قريباً من الناس مجيب لدعوة من دعاه قاضياً لحاجة من استقضاه ، جابراً لقلب من سأله ، لا يحرمه ، و لا يرده خائباً ، و إذا أراد أصحابه من أمراً وافقهم عليه ، و تابعهم فيه إذا لم يكن فيه محذور، و إن عزم على أمر لم يستبد به دونهم ، بل يشاورهم ، و كان يقبل من محسنهم، و يعفو عن مسيئهم ، و لم يكن يعاشر جليساً له إلا أتم عشرة و أحسنها ، فكان لا يعبس في وجهه ، و لا يغلظ عليه في مقاله ، و لا يطوي عنه بشره ، و لا يمسك عليه فلتات لسانه ، و لا يؤاخذه بما يصدر منه من جفوة بل يحسن إلى عشيره غاية الإحسان ، و يحتمله غاية الاحتمال صلى الله عليه و سلم.