إحالة والديّ «مريم» إلى النيابة
شرطة أبوظبي: ترك الأبناء بمفردهم في المنزل خطر محقق
إحالة والديّ «مريم» إلى النيابة
المصدر: أبوظبي ــ الإمارات اليوم - التاريخ: 03 فبراير 2012
المكان الذي سقطت فيه الطفلة من الطابق الخامس. من المصدر
أحالت شرطة أبوظبي والديّ الطفلة مريم، التي توفيت الثلاثاء الماضي إثر سقوطها من شرفة منزل ذويها، إلى النيابة العامة، بشبهة تعريض حياة آخرين للخطر، وفق مدير مديرية شرطة العاصمة، العميد مكتوم الشريفي، الذي أكد أن «ترك الأبناء بمفردهم في المنزل، من دون رقابة، يشكل خطراً على حياتهم».
وقال إن «الشرطة لا يمكنها أن تضع شرطياً على نافذة كل منزل لضمان سلامة الأطفال، فهذه مسؤولية الأسرة بالدرجة الأولى»، مشيراً إلى تكرار ظاهرة سقوط الأطفال، على الرغم من التحذيرات المستمرة للأسر من خطورتها عبر وسائل الإعلام، وحثها على رقابتهم، وتأمين المساكن على نحو يحول دون وقوع هذا النوع من الحوادث.
ودعا الشريفي الأسر إلى عدم السماح للأطفال بالجلوس على النوافذ، وعدم تفضيل الأمور الأخرى على رعايتهم، بوصفها أولوية لا يجوز التهاون فيها، مضيفاً أن «توفير الرعاية الكاملة للنشء من أهم الواجبات التي يحثّ عليها شرعنا الحنيف، وقيمنا النبيلة، قبل أيّ قانون».
وكانت طفلة في الثالثة من عمرها، مصرية، توفيت إثر سقوطها من شرفة منزل ذويها في الطابق الخامس، من إحدى البنايات في شارع المطار في أبوظبي، بعد أقلّ من شهر على إنقاذها من السقوط من قبل عناصر شرطة في حادثة مشابهة.
وقال مدير مكتب ثقافة احترام القانون في الأمانة العامة لمكتب سمو نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، المقدم الدكتور صلاح الغول، إن المبادئ القانونية العامة تفرض على الآباء والأمهات العناية بأطفالهم، وبذل الجهد اللازم لحمايتهم من الأخطار التي لا يدركونها بحكم سنهم؛ وعليه فإن إثبات إهمال الآباء لأبنائهم أو تركهم دون رقابة يوجب مسؤوليتهم عن النتيجة التي لحقت بالطفل، نتيجة عدم قيامهم بواجبهم القانوني تجاه هذا الابن.
وأوضح أن «المادة (394) من قانون العقوبات الاتحادي نصت على أنه يُعاقب بالحبس مدة تراوح بين شهر وسنتين كل من عرّض للخطر، سواء بنفسه أو بوساطة غيره، حدثاً لم يتم 15 سنة أو شخصاً عاجزاً عن حماية نفسه، بسبب حالته الصحية، أو العقلية، أو النفسية».
ووفقاً للمادة نفسها «تُشَدد العقوبة لتصبح الحبس من شهر إلى ثلاث سنوات؛ إذا وقعت الجريمة بطريق ترك الحدث أو العاجز في مكان خالٍ من الناس، أو وقعت من قبل أحد من أصول المجني عليه، أو من هو مكلف بحفظه أو رعايته».
وحسب القانون، فإن محكمة الموضوع هي المختصة بتحديد مسؤولية الآباء عن الأذى الذي يلحق بأطفالهم، وفيما إذا كان هناك إهمال من طرفهم، وعن توافر علاقة السببية بين النتيجة التي لحقت بالطفل والسلوك السلبي للأهل من إهمال أو ترك، ثم تحديد طبيعة الجرم المرتكب والنص القانوني الذي يحكم الواقعة، وذلك حسب ملابسات وظروف كل حالة.
وقال مدير إدارة الشرطة المجتمعية في شرطة أبوظبي المقدم مبارك بن محيروم، إن الإدارة نظمت كثيراً من البرامج التوعوية الخاصة بحماية الأطفال والعناية بهم، مؤكداً أهمية الدور الوقائي للأب والأم في مراقبة الأبناء، ومراقبة تحركاتهم من العبث بالنوافذ، أو مفاتيح الكهرباء واسطوانات الغاز، والحرص على الاهتمام بما حول الطفل، وعدم ترك الأطفال دون صحبة ثقة، سواء داخل البيت أم خارجه.
ودعا الآباء إلى إغلاق النوافذ بإحكام من أجل سلامة الأطفال، وعدم تركهم في شرفات الشقق السكنية وحدهم دون رقابة، مطالباً بتطبيق المعايير الكفيلة بتحقيق الأمن والسلامة لقاطني البنايات السكنية.
وأكد خبيران في شؤون الأسرة والتربية أن رعاية الأسرة للطفل تتنوع بين توفير حاجياته والاهتمام بسلامته ومسؤولية تربيته تربية فطرية، إذ قال خبير شؤون الأسرة، الدكتور عبداللطيف العزعزي، إن دور الأسرة لا ينحصر فقط في توفير المأكل والملبس والتعليم والصحة، فالطفل يحتاج إلى الرعاية والاهتمام مثل حاجته للحب والحنان، مضيفاً أن الرعاية تأخذ مناحي عدة، من ضمنها الاهتمام بسلامة الطفل وأمنه، ويتجسد جزء من هذا الاهتمام بالثقافة الأمنية للطفل، بحيث لا نكتفي بحمايته فقط، بل تعليمه كيف يحافظ على نفسه من المخاطر.
وتابع أن الحوادث التي وقعت في الفترة السابقة تؤكد أن «حماية الطفل في حدود وجود والديه فقط لا تكفي، فماذا سيحدث إذا غابا عنه؟ لهذا الأمر لابد من منحه القدرة البسيطة لاستيعاب ما قد يحدث له من خطر».
ونصح الأسر بتوفير الإجراءات الوقائية لمنع سقوط الأطفال من الشرفات بتركيب سياج حديدي وإقفالها، وألا تكون الشرفات مساحة للتنزه، وعدم ترك أشياء مرتفعة على الشرفات والنوافذ لتجنيب الطفل الصعود عليها وتعرضه للسقوط.
أما الخبير التربوي الدكتور يوسف علقم، فرأى أن مسؤولية الوالدين في تربية أبنائهم هي مسؤولية فطرية، قائلاً إنهم يتطلعون إلى تنشئتهم بطريقة سليمة، لكن تمرّ على الآباء حالات اجتماعية واقتصادية تقلل من درجة اهتمامهم بأبنائهم، وقد تؤثر الظروف القاهرة في تربية الأبناء، ما يعرضهم للخطر.
وأضاف أن تكرار حوادث سقوط الأطفال يستدعي أخذ أعلى درجات الحذر والحيطة من الأهل، وعدم ترك الأطفال في سنّ مبكرة وحدهم في المنزل، مع تخصيص وقت كافٍ للجلوس معهم، ومتابعتهم والتركيز على تعريفهم بالمخاطر التي تحدق بهم، إضافة إلى التأكد من توافر شروط الأمن والسلامة العامة قبل السكن في المنزل