مصرفيون: مخـــاطر بطاقات الائتمان العالية تزيد نسبة الفوائـــد
الاكتفاء بسداد الحد الأدنى يضاعف مديونيتها على متعاملين
مصرفيون: مخـــاطر بطاقات الائتمان العالية تزيد نسبة الفوائـــد
المصدر: حسام عبدالنبي - دبي ــ أمل المنشاوي - أبوظبي - التاريخ: 02 يناير 2012
42.5٪ سنوياً نسبة الفائدة على مشتريات بطاقات الائتمان في حال عدم سداد المبلغ كاملاً في فترة السماح المحددة. تصوير: أشوك فيرما
أفادحمَلة بطاقات ائتمانية، بأن زيادة الفوائد على المبالغ المستحقة على بطاقاتهم، جعلهم يسددون مبالغ شهرية كبيرة طوال سنوات عدة، من دون أن تخفض عملية السداد الرصيد الكلي المستحق على البطاقة.
وقالوا إن «المبالغ المستحقة عليهم تراكمت، إلى أن وصلت إلى أضعاف الحد الائتماني للبطاقة، على الرغم من سدادهم مبالغ تصل قيمتها إلى أصل الدين»، لافتين إلى أن «تنبيه حمَلة البطاقات بالمبالغ المستحقة على بطاقاتهم أولاً بأول عبر رسائل نصية قصيرة، يمكن أن يجنبهم سداد الغرامات وفوائد التأخير».
بدورهم، أرجع مصرفيون زيادة فوائد البطاقات الائتمانية، لكونها نوعاً من الائتمان عالي المخاطر، إذ يحصل المتعامل عليها بأقل الضمانات، ما يجعل البنوك تمنحها بأسعار فوائد عالية.
ووصفوا اتهام البنوك بالتضليل والمبالغة في الفوائد وغرامات التأخير، بأنه باطل، نظراً إلى أن تلك الفوائد معلنة في كتيبات توضيحية مرفقة مع البطاقات، ويتسلمها صاحب العلاقة، فضلاً عن نشرها عبر المواقع الإلكترونية للبنوك.
وأوضحوا أن «سبب زيادة حالات التعثر، عدم قدرة المتعاملين على إدارة شؤونهم المالية، إذ يلجؤون إلى إصدار بطاقات لأهداف لا تتناسب مع الهدف الصحيح لاقتنائها، ويتجاهلون أن هناك حلولاً مصرفية أخرى قد تلبي متطلباتهم بشكل أفضل».
شكاوى متعاملين
أسعار الفائدة في دول الخليج
أظهرت تقارير صحافية نشرتها مواقع اقتصادية عدة، أن الإمارات تتصدر دول المنطقة من حيث ارتفاع نسب الفائدة على مشتريات بطاقات الائتمان، إذ تراوح في الإمارات بين 2.2 و2.99٪، وفي السعودية بين 1.6 و2٪، وفي قطر 1.5٪، وفي البحرين بين 1.74 و1.83٪، وفي الكويت 1.5٪، وفي عُمان 1.5٪.
الفائدة على المشتريات
قال مصرفيون لـ«الإمارات اليوم»، سابقاً، إن نسبة الفائدة على مشتريات بطاقات الائتمان تصل إلى 42.5٪ سنوياً، في حال عدم التزام المتعامل بسداد كامل المبلغ في فترة السماح المحددة مسبقاً من قبل البنك، أي أن كل 100 درهم لا تسدد خلال الفترة المذكورة ينتج عنها 42.5 درهماً فوائد. وأرجعوا ارتفاع النسبة إلى أن عدداً كبيراً من المستخدمين يفضلون سداد الحد الأدنى من قيمة ما استخدموه من بطاقاتهم، والبالغ 5٪، ما يتيح للبنك فرض فائدة على المبلغ المتبقي.
وأكدوا أن الفوائد على بطاقات الائتمان محلياً تعد الأعلى في المنطقة، لكن عدم اهتمام المتعامل بمعرفة كيفية احتسابها قبل التعاقد، فضلاً عن إمكانية الحصول على بطاقة بقيمة تعادل أضعاف الراتب، يؤديان إلى زيادة الفائدة عليها، مشيرين إلى أن أحد الأسباب التي تدفع البنوك إلى وضع نسب فائدة عالية على بطاقات الائتمان، هو مخاطر التعثر أو التوقف عن السداد المرتبطة بها، كونها لا تتطلب ضمانات وملاءة مالية، مثل أنواع القروض الأخرى. وأوضحوا أن كل بنك يحدد نسبة فائدة على البطاقات التي يمنحها للمتعاملين معه، بحسب سياسته الداخلية، لا تجاوز غالباً 2.99٪ على المشتريات، وتحتسب شهرياً معدلاً ثابتاً على الرصيد المستخدم من البطاقة، لافتين إلى أن توقّف المتعامل عن سداد دفعة الحد الأدنى الشهرية، يعرضه لغرامات تأخير وارتفاع في نسب الفوائد، تضاف جميعها إلى أصل المبلغ، الذي تحتسب على أساسه الفائدة، وهو ما يعرف بـ«الفائدة المركبة». وشددوا على أن من أكبر الأخطاء في التعامل مع البطاقات الائتمانية، استخدامها في السحب النقدي عبر أجهزة الصراف الآلي، إذ تراوح نسبة الفائدة المترتبة على هذا الإجراء بين 40 و45٪ سنوياً، ما يجعلها مدخلاً لتعثر العديدين.
وتفصيلاً، قال المواطن سالم أحمد إبراهيم، إن «مبالغة البنوك في فرض الفوائد على البطاقات الائتمانية أدى إلى تراكم المستحقات المالية، لتصبح مشكلة تهدد استقرار المجتمع وأمنه الاجتماعي، لاسيما أن نسبة كبيرة من المواطنين تعثرت بسبب البطاقات».
وأفاد بأنه حصل على بطاقة ائتمانية في عام 2007 بحد ائتماني بلغ 70 ألف درهم»، لافتاً إلى أنه «يسدد 8000 درهم شهرياً منذ أربع سنوات من دون أن يغلق المديونية المترتبة عليه».
وأوضح أن «البنوك تتعامل بازدواجية في تحصيل مستحقات البطاقات، إذ تهدد المواطن بالتشهير به، وملاحقته قانونياً، مستغلة شيك الضمان الذي وقعه، كما أنها ترفض التنازل عن أي جزء من الفوائد المستحقة على البطاقة، في حين تقبل بجدولة ديون الوافد، وتتنازل عن جزء من الفوائد المستحقة على البطاقة»، معتبراً عدم تحرك المصرف المركزي، ساعد البنوك على التمادي في ما أسماه ظلم وتهديد حمَلة البطاقات.
بدوره، قال الموظف في شركة خاصة، أشرف طه، إن «الفوائد التي تفرضها البنوك على البطاقات الائتمانية غير منطقية ومدمرة لميزانية الفرد والأسرة».
وأضاف أنه «حصل على بطاقة ائتمانية من بنك أجنبي في الدولة منذ ست سنوات، بحد ائتماني بلغ 3400 درهم»، لافتاً إلى أن عدم انتظامه في السداد راكم المبالغ المستحقة عليه، لتصل إلى 7000 درهم.
من جانبه، تساءل المواطن خالد محمد، عن منطقية فرض بنك تجاري غرامة شهرية تبلغ 149 درهماً لتأخره عن سداد ثمانية دراهم مستحقة على بطاقة ائتمانية يحملها، مشيراً إلى أن تنبيه حمَلة البطاقات بالمبالغ المستحقة على بطاقاتهم عبر رسائل نصية قصيرة، يمكن أن يجنبهم سداد الغرامات وفوائد التأخير، لاسيما في حالات السهو غير المتعمد أو عدم معرفة نظام عمل البطاقة.
بدوره، ذكر الموظف في شركة مقاولات، محمد العامري، أنه «حصل على بطاقة ائتمانية حدها الائتماني يبلغ 14 ألف درهم منذ أربع سنوات، وكان يسدد الحد الأدنى المطلوب للسداد بنسبة 5٪، ظناً منه أن ذلك يجنبه تحمّل الفوائد، ليكتشف أخيراً أن المبلغ المستحق على البطاقة بلغ 20 ألف درهم».
وقال إن «البنك عرض عليه بطاقة جديدة، لتتكرر المسألة ويصل حجم الدين إلى 60 ألف درهم»، مبيناً أنه «توصل إلى تسوية مع البنك منذ عام ونصف العام، تقضي بسداد 1160 درهماً شهرياً، لكنه لا يعرف قيمة المبلغ المستحق عليه حالياً».
واعتبر العامري البطاقات الائتمانية منتجاً مصرفياً، لا يعرف حاملها حجم المبالغ المستحقة عليه، أو متى ينتهي من سدادها، بعكس القرض الشخصي الذي يكون محدد المدة والفائدة والدفعات الشهرية المستحقة.
المواطن (أبومحمد)، عرض تجربته مع البطاقة الائتمانية، قائلاً إن البنك فتح بلاغاً ضده في قسم الشرطة بسبب عدم سداد مستحقات البطاقة الائتمانية، مستخدماً شيك ضمان وقعه، ويطالبه بسداد الحد الائتماني للبطاقة البالغ 25 ألف درهم.
وأشار إلى أنه «اكتشف عند مراجعة المبالغ التي سددها، أنه دفع نحو 47 ألف درهم، ومع ذلك فإنه لايزال ملاحقاً قانونياً، مستدركاً أن البنك رفض تسوية المديونية للتنازل عن البلاغ، واشترط سداد المبالغ المستحقة والفوائد كاملة».
أما المواطن عادل محمد، فذكر أنه «حصل على بطاقة من بنك وطني منذ عامين، والتزم بالسداد بنسبة 100٪ تجنباً للفوائد، حتى اضطرته ظروف قاهرة إلى السداد بنسبة 50٪ أو أقل، لتبدأ رحلته مع الفوائد المتراكمة، حتى تضاعف المبلغ المستحق على البطاقة».
في السياق ذاته، قال الموظف عبدالرحمن عزت، إنه «دفع حتى الآن ما يزيد على نصف الحد الائتماني لبطاقته البالغ خمسة أضعاف راتبه، فوائد».
وعبّر عن رغبته في إغلاق البطاقة، إلا أن قيمة الفوائد نفسها تصل إلى 25 ألف درهم، مطالباً المصرف المركزي بوضع ضوابط على أسعار الفائدة.
وذكرت الموظفة سوسن أحمد، أنها اكتشفت أن نصف المبلغ الذي تسدده شهرياً يذهب إلى الأرباح، ما دفعها إلى إغلاق البطاقة.
من جانبها، قالت المواطنة هدى محمد، إن «لديها بطاقة حدها الائتماني 80 ألف درهم، وصل مع الفوائد بعد ثمانية أشهر إلى 120 ألف درهم، نتيجة الاكتفاء بسداد نسبة الحد الأدنى وهي 5٪».
ولفتت إلى أن «امتلاك بطاقة ائتمان بمبلغ كبير يغري كثيراً على استخدامها في المشتريات، على الرغم من فوائدها في خدمات الحجوزات».
مشكلة احتساب الفوائد
مصرفياً، قال الخبير المصرفي، غسان ماهر، إن «البنوك المحلية لم تبتكر الفوائد على البطاقات الائتمانية، وإنما هي أمر تقره المؤسسات المالية العالمية التي تدير شبكات الدفع حول العالم».
وأضاف أن «اتهام البنوك بتضليل المتعاملين، والمبالغة في فرض فوائد وغرامات تأخير، اتهام باطل لأن تلك الفوائد ليست سراً خافياً على أحد، إذ إنها معلنة في كتيبات خاصة مرفقة مع البطاقات، ويتسلمها صاحب العلاقة، فضلاً عن أنها منشورة في المواقع الإلكترونية للبنوك».
وأوضح أن «المشكلة تتمثل في عدم معرفة حمَلة البطاقات لطريقة احتساب الفوائـد وغرامات التأخير، وتالياً، فإن صاحب البطاقـة يعتقد أنه يجب على البنوك أن تخصم كل مبلغ يسدده من أصل المبلغ المستحق عليه، بخلاف الحقيقة، وهي أن البنك يحتسب فوائد شهرية على الرصيد المستحق مضافاً إليه فوائد وغرامات التأخير».
وأشار إلى أنه «يمكن للمتعاملين الذين لا يعرفون طريقة حساب الفوائد، اقتناء البطاقات التي تصدرها المصارف الإسلامية، والتي تكون برسوم شهرية، ورسوم سداد متأخر واضحة ومعلنة بصرف النظر عن قيمة المبلغ المسحوب»، لافتاً إلى أنه «يمكن للمتعثرين تجنب تراكم الفوائد من خلال مطالبة البنوك بتحويل الرصيد المستحق على البطاقة إلى قرض شخصي بالمبلغ ذاته، إذا حققوا الاشتراطات اللازمة، وهنا ستكون الأقساط الشهرية محددة القيمة، وتاريخ السداد والمبلغ المتبقي معروف لهم».
منتج عالي الخطورة
إلى ذلك، قال رئيس الخدمات المصرفية للأفراد في مصرف الهلال، محمد زقوت، إن «بطاقات الائتمان منتج عالي الخطورة بالنسبة للبنوك، كونه يعطى بأقل الضمانات، ما يجعل البنوك تمنحها بأسعار فوائد عالية».
وأضاف أن «هناك بنوكاً تسرف في تسعير هذه المنتجات المصرفية بسبب العائدات المجزية التي تحققها من ورائها، إضافة إلى قلة كلفتها، وسهولة بيعها وتسويقها، وكثرة انتشارها في كثير من المعاملات اليومية من حجوزات ومشتريات».
وأوضح أن «نسب الفائدة على بطاقات الائتمان تتأثر بالرصيد اليومي وبدفعات السحوبات، ناصحاً المتعاملين بعدم الاكتفاء بدفعة الحد الأدنى، وهي 5٪ فقط، لأن ذلك يقلل نسب الفائدة المستقطعة شهرياً. وأكد أن «المتعامل الذي يسدد مبلغ 500 درهم مثلاً نسبة للحد الأدنى، يحب أن يدرك أن 200 درهم منها تذهب للفائدة، والباقي يتاح له للاستخدام ثانية».
وشدد زقوت على عدم استخدام البطاقة في السحب النقدي، نظراً لعدم وجود فترة سماح في هذه الحالة، إذ تخصم الفائدة فور السحب، بعكس المشتريات التي تتميز بوجود فترة سماح غالباً ما تدور حول فترة 50 يوماً لدى معظم البنوك.
إدارة الشؤون المالية
من جانبه، اعتبر مدير عام الخدمات المصرفية للأفراد في مصرف إسلامي، طلب عدم ذكر اسمه، أن تراكم الفوائد ليست سبباً في تعثر حمَلة البطاقات الائتمانية، وإنما عدم قدرتهم على إدارة شؤونهم المالية.
وفسر ذلك بالقول إن «بعض المتعاملين يلجؤون إلى إصدار بطاقات ائتمان لأهداف لا تتناسب مع الهدف الصحيح لاقتناء بطاقة ائتمانية، إذ يكون عدد كبير منهم في حاجة إلى سيولة نقدية ليست كبيرة لمدة معينة، من دون أن يدرك أنه أوقع نفسه في ورطة»، موضحاً أن مثل هذا الشخص مطالب بسداد رسوم للسحب النقدي بنسبة محددة، فضلاً عن تحمّل فوائد البطاقة التي تصل إلى نحو 35٪ سنوياً، في حين أنه كان يمكن تدبير ذلك المبلغ بفائدة أقل من خلال الحصول على قرض شخصي.
وأرجع زيادة الفوائد على البطاقات إلى أنها نوع من الائتمان عالي المخاطرة، يحصل المتعامل عليها من دون تقديم ضمانات فعلية. وتابع «من المعروف أن الفائدة ترتبط بعلاقة طردية، فإذا ازدادت المخاطرة ازدادت الفائدة المطلوبة»، لافتاً إلى أن «هناك بنوكاً لا تحتسب الفوائد على البطاقات إلا في حال استخدامها بواسطة حاملها، ويمكن كذلك عدم دفع أي فوائد أو غرامات تأخير على البطاقة في حال معرفة عدد الأيام التي يحق لحاملها الدفع فيها من تاريخ كشف الحساب».