logo

 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 03-10-2010, 01:35 PM
  #1
محمد ابراهيم البادي
نائب المدير العام
 الصورة الرمزية محمد ابراهيم البادي
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
الدولة: دولة الامارات العربية المتحدة ـ دبي
المشاركات: 15,606
افتراضي الاحصان في التشريع الجنائي الاسلامي

الاحصان في التشريع الجنائي الاسلامي

د. محمد فاروق النبهان
الحصن هو المنع , يقال : مكان حصين , والحصن بالكسر – كل موضع حصين , والدرع الحصين هو الدرع المحكمة , وامرأة حصان هي المرأة العفيفة أو المتزوجة , ويقال أيضاً , حصّنها البعل وأحصنها , وأحصنه التزوج , وتأتي أحصن بمعنى تزوج .
وقد استعملت كلمة الاحصان في القرآن في مواطن متعددة وفي معان مختلفة , وكلها تشير الى الزواج أو العفة , قال تعالى : " والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا باربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة " ( سورة النور ) وقال أيضاً : " والمحصنات من النساء الا ما ملكت أيمانكم " ( النساء / 24 ) وكأن الزواج يمنع الانسان من الانحراف والزلل لأنه يحصنه .
والمراد بالمحصن هنا هو المتزوج بزواج صحيح , وتختلف عقوبة الزاني المحصن عن عقوبة الزاني غير المحصن , فعقوبة الزاني المحصن أقسى وأشد لأن المفروض ان الزواج قد حصّنه ضد الفاحشة ومنعه من ارتكابها , ولهذا فانه يستحق عقوبة مشددة بخلاف غير المحصن فانه يستحق العقوبة أيضاً الا أن عقوبته أخف من عقوبة المحصن .
شروط الاحصان :
يشترط في الوطء الذي يجعل الشخص محصناً أن يتم هذا الوطء في نكاح صحيح , وأن يكون الواطىء والموطوءة بالغين عاقلين , لأن ذلك يؤدي الى كمال الاتصال الجنسي .
ويمكننا أن نفصل هذه الشروط بما يلي :
1- الوطء في القبل , وعلى هذا فان الوطء في غير القبل لايجعل الشخص محصناً , لأن الثيابه لاتحصل الا بالوطء في القبل ¸وعلى هذا لو تزوج شخص ولم يطأ زوجته في مكان الوطء الطبيعي , وانما وطئها في الدبرأو وطئها فيما دون الفرج فان هذا لايجعله محصناً .
2- الزواج الصحيح : وعلى هذا الشرط في الوطء الذي يجعل الانسان محصناً أن يتم في عقد صحيح , فلو تم الوطء كاملاً في غير عقد كالزنا , أو في عقد فيه شبهة , أو في نكاح فاسد , فان مثل هذا الوطء لايحصن , وروي عن أبي ثور بأن الاحصان يحصل بالوطء في نكاح فاسد , وحكي هذا الرأي أيضاً عن الليث والاوزاعي , لأن الصحيح والفاسد سواء في أكثر الاحكام , الا أن جمهور الفقهاء ومنهم مالك والشافعي وأصحاب الرأي وأحمد يشترطون أن يكون النكاح صحيحاً , لأن الوطء في نكاح فاسد هو وطء في غير ملك , ولايحصل به الاحصان كوطء الشبهة .
3- البلوغ والعقل : ويشترط في الوطء لكي يجعل الانسان محصناً أن يصدر منه بعد البلوغ وهو عاقل , فلو تم الوطء كاملاً من صغير أو مجنون , فان هذا الوطء لايجعل من الواطي محصناً , وبالتالي اذا زنى بعد ذلك ولو كان هذا الزنا بعد بلوغه وعقله فانه فانه لايعتبر محصناً , لأن الوطء الذي قام به لم يجعله محصناً , لأنه لم تتوفر فيه عند الوطء شرائط الاحصان كاملة , ومنها البلوغ والعقل . وذهب بعض أصحاب الشافعي الى عدم اشتراط العقل والبلوغ , وبالتالي فان الوطء الذي يقع من الانسان في حالة الجنون أو الصغر يجعله محصناً , لأن نكاح الصغير والمجنون صحيح , وبالتالي فان هذا النكاح يجعلهما محصنين . الا ان جمهور الفقهاء لم يسلموا بهذا الرأي , وحجتهم في ذلك أن الاحصان لا يتم إلا بعد البلوغ ومع العقل , ولو تم الاحصان قبل البلوغ لوجب رجم الصغير والمجنون .
4- توافر شروط الاحصان في الطرفين :
وهذا الشرط يقضي بأن يكون كل من الواطىء والموطوءة قد توافرت فيهما شروط الاحصان من حيث العقل والبلوغ, وعلى هذا فلا يكفي أن يكون الواطىء عاقلاً بالغاً , بل يشترط أن تكون الموطوءة أيضاً عاقلة وبالغة , فمن تزوج بصغيرة أو مجنونة فلا يمكن اعتباره محصناً .
وهذا هو رأي أحمد وأبي حنيفة , وحجتهما في ذلك كما يقول الكاساني : " وما اعتبار اجتماع هذه الصفات في الزوجين جميعاً فلأن اجتماعها فيهما يشعر بكمال حالهما وذا يشعر بكمال اقتضاء الشهوة في الجانبين , لأن قضاء الشهوة بالصبية والمجنونة قاصر . أما ابن قدامة فيدافع عن هذا الرأي بقوله : انه وطء لم يحصن به أحد المتواطئين فلم يحصن الآخر , كالتسري ولأنه متى كان أحدهما ناقصاً لم يكمن الوطء , فلا يحصل به الاحصان , وكما لو كانا غير كاملين .
أما الامام مالك فيرى أنه لايشترط أن تتوفرشروط الاحصان في كل من الزوجين ويكفي أن تتوفر هذه الشروط في أحد الزوجين , فلا يشترط لكي يكون الزوج محصناً أن تكون زوجته عاقلة بالغة , اذ يكتفي أن تكون مطيقة للوطء , ولو لم تكن عاقلة أو بالغة , وقد روي هذا الرأي أيضاً عن الشافعي في احدى الروايتين عنه , أما الرواية الثانية فيؤيد فيها رأي ابي حنيفة وأحمد.
5- الاسلام :
يعتبر الاسلام شرطاً من شروط الاحصان عند ابي حنيفة ومالك , وقد وافقهما على ذلك هذا الرأي كل من عطاء والنخعي والشعبي ومجاهد والثوري , وحجتهم في ذلك أن الذمية لاتحصن مسلماً , لما روي عن ابن عمر أن النبي ( ص ) قال : من أشرك بالله فليس بمحصن , ولأن المسلم قد تنفر نفسه من غير المسلمة , وبالتالي فلا يمكن اعتباره محصناً, فلو زنى فلا يرجم , الا أن الامام مالك يعتبره محصناً بناء على أصله في أنه لايعتبر الكمال في الزوجين . ولايشترط الشافعي واحمد والزهري وأبو يوسف الاسلام في الاحصان , فلو تزوج مسلم من ذمية فانه يعتبر محصناً , وبالتالي فانه يرجم في حالة ارتكابه لجريمة الزنا , وحجتهم في ذلك أن الرسول الكريم قد رجم يهوديين لما احتكم اليهود اليه فيهما .
( والرأي الثاني أقرب الى الصواب اذ لايمكن اعتبار الاسلام شرطاً من شروط الاحصان, اذ يستوي الزواج سواء كانت الزوجة مسلمة أو ذمية , كما تستوي المتعة والكفاية , واذا قلنا بأن الذمية لا تحصن المسلم فاننا بذلك نعفي من يتزوج من الذمية من عقوبة الرجم , وكأننا نكافئه على هذا الزواج , وعندها يصبح الزواج طريقاً للخلاص من عقوبة الرجم .
المصدر : مباحث في التشريع الجنائي الاسلامي .
بناء الإنسان هو الهدف الأسمى الذي نبذل كل جهد من أجل تحقيقه



سيدي صاحب السمو الشيخ


خليفه بن زايد ال نهيان

رئيس دولة الامارات العربية المتحدة
حفظه الله ورعاه
محمد ابراهيم البادي غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:26 PM.