بلغني أيها الملك السعيد
ما يهمنا هنا ليس ما تقوله شهرزاد!
إنما الكلمة الاولى من كل حكاية ،(بلغني )وهي كلمة قد لا تثير انتباه أحد، فكاتب ألف ليلة وليلة يعرفنا بشهرزاد كونها ابنة وزير وهذا ما سهّل مهمتها لان تكون مثقفة فموقعها الإجتماعي هو الذي أتاح لها الفرصة لأن تتعلم وتكون المحور في ألف ليلة وليلة وينصت إليها شهريار، فإذن : شهزاد تبلغ رسالة معينة إلى شهريار عبر حكايتها وفي بلاغها هذا ؟ تجتهد لأن يكون قولها نافذاً، وبذلك تظهر بلاغتها مؤثرة ومحققة لما تريد ، ولعلها تمارس في إجرائها بلاغات معينة عندما تواجه شهريار ، أي تحاصره وتاسره ببلاغتها ، فتظهر له ما تريد لتمتلكه بشخصها ، فتكون داهية في عملية التبليغ الحكائية تلك !
إنه البلاغ البيان الذي تواجه به شهرياراً ، شهريارها الذي يشكل العدو الألد لبنات جنسها ..........لمثيلاتها
والبلاغة تصّد الاذى ، تصّد ما من شأنه الإيقاع بها ، أي قتلها ، إنها تمارس في كل ليلة مهمتها التبليغية ، تمارس ما هو قادر على ضبط العنف الشهرياري.
ويبدو أن من يمتلك الماضي بوسعه امتلاك الحاضر وذلك عندما يتم استثماره ،ولعل شهرزاد استطاعت أن تحيل الماضي الذي استوعبته بأحداثه الكبرى ومشاهده الساخنة إلى حكايا ، إلى بلاغات متواصلة
فيفقد شهريار سلطته عليها وذلك عندما أحالته إلى مجرد مستمع ووضعته في حدوده الطبيعية
حيث جردته من كل قوة ، حين جعلت وظيفته إنصاتية فقط فأصبح متلقياً ونال كفايته منها .
فما رأيكم بشهرزاد وشهريار في هذا الزمان ؟