نائب المدير العام
تاريخ التسجيل: Oct 2009
الدولة: دولة الامارات العربية المتحدة ـ دبي
المشاركات: 15,606
شرح اسماء الله الحسنى
شرح اسماء الله الحسنى
الأول
الآخر
الظاهر
الباطن
قال الله تعالى : ( هو الأول والآخر والظاهروالباطن ) هذه الأسماء الأربعة المباركة قدفسرها النبي صلى الله عليه وسلمتفسيراً جامعاً واضحاً فقال يخاطب ربه : ( اللهم أنتالأول فليس قبلك شئ ،وأنت الآخر فليس بعدك شئ ، وأنت الظاهر فليس فوقك شئ ،وأنت الباطن فليسدونك شئ ) .. الخ . ففسر كل اسم بمعناه العظيم ونفى عنه مايضاده وينافيه . فتدبر هذه المعاني الجليلة الدالة على تفرد الرب العظيم بالكمال المطلقوالإحاطة المطلقة الزمانية في قوله : ( الأول والآخر ) والمكانية في (الظاهروالباطن) .فالأول يدل على أن كل ما سواه حادث كائن بعد أن لم يكن ،ويوجب للعبدأن يلحظ فضل ربه في كل نعمة دينية أو دنيوية ، إذ السببوالمسبب منه تعالى ..
والآخر يدل على أنه هو الغاية ، والصمد الذي تصمدإليه المخلوقات بتألهها ن ورغبتها، ورهبتها ، وجميع مطالبها ، والظاهر يدلعلى عظمة صفاته واضمحلال كل شئ عندعظمته من ذوات وصفات على علوه ، والباطنيدل على إطاعته على السرائر ، والضمائر ، والخبايا ، والخفايا ، ودقائقالأشياء ، كما يدل على كمال قربه ودنوه . ولا يتنافىالظاهر والباطن لأنالله ليس كمثله شئ في كل النعوت .
العلي
الأعلى
المتعال
قال الله تعالى ( ولا يئوده حفظهماوهو العلي العظيم ) وقال تعالى ( سبح اسم ربكالأعلى ) وقال تعالى ( عالمالغيب والشهادة الكبير المتعال ) وذلك دل على أن جميعمعاني العلو ثابتةلله من كل وجه ، فله علو الذات ، فإنه فوق المخلوقات ، وعلىالعرض استوى أيعلا وارتفع ، وله علو القدر وهو علو صفاته وعظمتها فلا يماثله صفةمخلوق ،بل لا يقدر الخلائق كلهم أن يحيطوا ببعض معاني صفة واحدة من صفاته ، قالتعالى : ( ولا يحيطون به علماً ) . وبذلك يعلم أنه ليس كمثله شئ في كلنعوته ، ولهعلو القهر ، فإنه الواحد القهار الذي قهر بعزته وعلوه الخلقكلهم ، فنواصيهم بيده ،وما شاء كان لا يمانعه فيه ممانع ، وما لم يشأ لميكن ، فلو اجتمع الخلق على إيجاد مالم يشأه الله لم يقدروا ، ولو اجتمعواعلى منع ما حكمت به مشيئته لم يمنعوه ، وذلكلكمال اقتداره ، ونفوذ مشيئته، وشدة افتقار المخلوقات كلها إليه من كل وجه .
الكبير
وهوسبحانه وتعالى الموصوف بصفات المجد ، والكبرياء ، والعظمة ، والجلال ، الذيهو أكبر من كل شئ ، وأعظم من كل شئ ، وأجل وأعلى . وله التعظيم والإجلال ،فيقلوب أوليائه وأصفيائه . قد ملئت قلوبهم من تعظيمه ، وإجلاله ، والخضوعله ، والتذلللكبريائه ، قال الله تعالى ( ذلك بأنه إذا دعى الله وحدهكفرتم وإن يشرك به تؤمنوافالحكم لله العلي الكبير )
السميع
قال الله تعالى : ( وكان الله سميعاً بصيراً ) . وكثيراًما يقرن الله بين صفة السمع والبصر فكل من السمع والبصر محيط بجميعمتعلقاته الظاهرة ، والباطنة فالسميع الذي أحاط سمعه بجميع المسموعات ، فكلما في العالم العلوي والسفلي من الأصوات يسمعهاسرها وعلنها وكأنها لديهصوت واحد ، لا تختلط عليه الأصوات ، ولا تخفى عليه جميعاللغات ،والقريبمنها والبعيد والسر والعلانية عنده سواء ( سواء منكم من أسر القولومن جهربه ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار ) ، ( وقد سمع الله قول التيتجادلكفي زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير) . قالتعائشة رضي الله عنها : تبارك الذي وسع سمعه الأصوات ، لقد جاءتالمجادلة تشتكيإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا في جانب الحجرة ،وإنه ليخفى علي بعضكلامها ، فأنزل الله : ( لقد سمع الله قول التي تجادلكفي زوجها ) . وسمعه نوعان :
أحدهما : سمعه لجميع الأصوات الظاهرة والباطنةالخفية والجلية ، وإحاطته التامة بها .
الثاني : سمع الإجابة منه للسائلينوالداعين والعابدين فيجيبهم ويثيبهم ، ومنـــه قولهتعالى : ( إن ربي لسميعالدعاء ) . وقول المصلي (سمع اله لمن حمده) أي استجاب .
البصير
الذي أحاط بصره بجميع المبصرات في أقطار الأرضوالسماوات ، حتى أخفى ما يكونفيها فيرى دبيب النملة السوداء على الصخرةالصماء في الليلة الظلماء ، وجميعأعضائها الباطنية والظاهرة وسريان القوتفي أعضائها الدقيقة ، ويرى سريان المياهفي أغصان الأشجار وعروقها وجميعالنباتات على اختلاف أنواعها وصغرها ودقتها ،ويرى نياط عروق النملةوالنحلة والبعوضة وأصغر من ذلك . فسبحان من تحيرت العقولفي عظمته ، وسعةمتعلقات صفاته ، وكمال عظمته ، ولطفه ، وخبرته بالغيب ،والشهادة ، والحاضروالغائب ، ويرى خيانات الأعين وتقلبات الأجفان وحركات الجنان .
قال تعالى : (الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين إنه هو السميع العليم) ( يعلمخائنة الأعين وما تخفي الصدور ) . ( والله على كل شئ شهيد ) ، أي مطلعومحيط علمهوبصره وسمعه بجميع الكائنات .
العليمالقدير
قال الله تعالى ( وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير ) . ( إنالله بكل شئ
عليم ) . فهو العليم المحيط علمه بكل شئ : بالواجبات ،والممتنعات ، والممكنات ، فيعلمتعالى نفسه الكريمة ، ونعوته المقدسة ،وأوصافه العظيمة ، وهي الواجبات التي لايمكن إلا وجودها ، ويعلم الممتنعاتحال امتناعها ، ويعلم ما يترتب على وجودها لووجدت ، كما قال تعالى : ( لوكان فيهما إلهة إلا الله لفسدتا) وقال تعالى : ( ما أتخذالله من ولد وماكان معه من إله إذاً لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض).
فهذاوشبهه من ذكر علمه بالممتنعات التي يعلمها ، وإخباره بما ينشأ عنها لو وجدتعلى وجه الفرض والتقدير ، ويعلم تعالى الممكنات ، وهي التي يجوز وجودهاوعدمهاما وجد منها وما لم يوجد مما لم تقتض الحكمة إيجاده ، فهو العليمالذي أحاط علمهبالعالم العلوي والسفلي لا يخلو عن علمه مكان ولا زمانويعلم الغيب والشهادة ،والظواهــر والبواطــن ، والجلي والخفي ، قال اللهتعالى : ( إن الله بكل شئ عليم)
والنصوص في ذكر إحاطة علم الله وتفصيلدقائق معلوماته كثيرة جداً لا يمكن حصرهاوإحصاؤها ، وأنه لا يعزب عنهمثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلكولا أكبر ، وأنه لا يغفلولا ينسى ، وأن علوم الخلائق على سعتها وتنوعها إذا نسيتإلى علم اللهاضمحلت وتلاشت ، كما أن قدرهم إذا نسبت إلى قدرة الله لم يكن لها نسبةإليها بوجه من الوجوه ، فهو الذي علمهم ما لم يكونوا يعلمون ، وأقدرهم علىما لميكونوا عليه قادرين . وكما أن علمه محيط بجميع العالم العلوي والسفلي، وما فيه منالمخلوقات ذواتها ، وأوصافها ، وأفعالها ، وجميع أمورها ،فهو يعلم ما كان ومايكون في المستقبلات التي لا نهاية لها ، وما لم يكن لوكان كيف كان يكون ، ويعلماحوال المكلفين منذ أنشأهم وبعد ما يميتهم وبعد مايحييهم ، قد أحاط علمه بأعمالهمكلها خيرها وشرها وجزاء تلك الأعمالوتفاصيل ذلك في دار القرار. والخلاصة أن اللهتعالى هو الذي أحاط علمهبالظواهر والبواطن ، والأسرار والإعلان ، وبالواجبات ،
والمستحيلات ،والممكنات ، وبالعالم العلوي ، والسفلي ، وبالماضي ، والحاضر ،والمستقبل ،فلا يخفى عليه شئ من الأشياء.
العزيز القدير القادر المقتدر القوي المتين
هذه الأسماء العظيمة معانيها متقاربة ، فهو تعالى كامل القوة ، عظيم القدرة، شاملالعزة ( إن العزة لله جميعاً ) وقال تعالى : ( إن ربك هو القويالعزيز ) فمعاني العزةالثلاثة كلها كاملة لله العظيم . 1ـ عزة القوة الدالعليها من أسمائه القوى المتين ، وهيوصفة العظيم الذي لا تنسب إليه قوةللمخلوقات وإن عظمت ، قال تعالى ( إن الله هوالرزاق ذو القوة المتين ) وقال ( والله قدير والله غفور رحيم ) وقال عز وجل ( قل هوالقادر على أنيبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعاًويذيق بعضكمبأس بعض ) وقال تعالى ( وكان الله على كل شئ مقتدراً) وقال عز وجل ( إنالمتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر ) . 2ـ وعزة الامتناع فإنههو الغني بذاته ، فلا يحتاج إلى أحد ولا يبلغ العباد ضره فيضرونه ، ولانفعه فينفعونه، بل هو الضار النافع المعطي المانع . 3ـ وعزة القهر والغلبةلكل الكائنات فهي كلهامقهورة لله خاضعة لعظمته منقادة لإرادته ، فجميعنواصي المخلوقات بيده ، لا يتحركمنها متحرك ولا يتصرف متصرف إلا بحولهوقوته وإذنه ، فما شاء الله كان وما لم يشأ لميكن ، ولا حول ولا قوة إلابه . فمن قوته واقتداره أنه خلق السماوات والأرض ومابينهما في ستة أيام ،وأنه خلق الخلق ثم يميتهــم ثم يحييهم ثم إليه يرجعون ( ما خلقكمولا بعثكمإلا كنفس واحدة ) . ( وهو الذي يبدؤا الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه ) . ومنآثار قدرته أنك ترى الأرض هامدة ، فإذا أنزل عليها الماء اهتزت وربت وانبتتمن كلزوج بهيج ، ومن آثار قدرته ما أوقعه بالأمم المكذبين والكفارالظالمين من أنواعالعقوبات وحلول المثلات ، وأنه لم يغن عنهم كيدهم ومكرهمولا أموالهم ولا جنودهم ولاحصونهم من عذاب الله من شئ لما جاء أمر ربك ،وما زادوهم غير تتبيب ، وخصوصاًفي هذه الأوقات ، فإن هذه القوة الهائلةوالمخترعات الباهرة التي وصلت إليها مقدرةهذه الأمم هي من أقدار الله لهموتعليمه لهم ما لم يكونوا يعلمونه ، فمن آيات الله أنقواهم وقدرهمومخترعاتهم لم تغن عنهم شيئاً في صد ما أصابهم من النكباتوالعقوباتالمهلكة ، مع بذل جدهم واجتهادهم في توقي ذلك ، ولكن أمر الله غالبوقدرتهتنقاد لها عناصر العالم العلوي والسفلي . ومن تمام عزته وقدرته وشمولهما أنه
كما أنه هو الخالق للعباد فهو خالق أعمالهم وطاعاتهم ومعاصيهم ، وهي أيضاً
أفعالهم ، فهي تضاف إلى الله خلقاً وتقديراً وتضاف إليهم فعلاً ومباشرة علىالحقيقة، ولا منافاة بين الأمرين ، فإن الله خالق قدرتهم وإرادتهم ، وخالقالسبب التام خالقللمسبب ، قال الله : ( والله خلقكم وما تعملون ) . ومنآثار قدرته ما ذكره في كتابه مننصره أولياءه ، على قلة عددهم على أعدائهمالذي فاقوهم بكثرة العدد والعدة ، قالالله تعالى : ( كم من فئة قليلة غلبتفئة كثيرة بإذن الله ) . ومن آثار قدرته ورحمته مايحدثه لأهل النار وأهلالجنة من أنواع العقاب وأصناف النعيم المستمر الكثير المتتابعالذي لاينقطع ولا يتناهى . فبقدرته أوجد الموجودات ، وبقدرته دبرها ، وبقدرته سواهاوأحكمها ، وبقدرته يحيى ويميت ، ويبعث العباد للجزاء ، ويجازي المحسنبإحسانهوالمسيء بإساءته ، وبقدرته يقلب القلوب ويصرفها على ما يشاء الذيإذا أراد شيئاً
قال له (كن فيكون) قال تعالى ( أين ما تكونوا يأت بكم اللهجميعاً إن الله على كل
شئ قدير ) .
الغني
قالالله تعالى : ( وأنه هو الغني وأقنى) . وقال الله تعالى : ( يا أيها الناس أنتم
الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد ) فهو تعالى (الغني) الذي له الغنىالتام المطلقمن كل الوجوه لكماله وكمال صفاته التي لا يتطرق إليها نقصبوجه من الوجوه ، ولايمكن أن يكون إلا غنياً فإن غناه من لوازم ذاته ، كمالا يكون إلا محسناً ، جواداً ، براًرحيماً كريماً ، والمخلوقات بأسرها لاتستغني عنه في حال من أحوالها ، فهي مفتقرةإليه في إيجادها ، وفي بقائها ،وفي كل ما تحتاجه أو تضطر إليه ، ومن سعة غناهأن خزائن السماوات والأرضوالرحمة بيده ، وأن جوده على خلقه متواصل في جميعالأوقات ، وأن يده سخاءالليل والنهار ، وخيره على الخلق مدرار . ومن كمال غناهوكرمه أنه يأمرعباده بدعائه ، ويعدهم بإجابة دعواتهم وإسعافهم بجميع مراداتهم ،ويؤتيهممن فضله ما سألوه وما لم يسألوه ، ومن كمال غناه أنه لو اجتمع أول الخلقوأخرهم في صعيد واحد فسالوه ، فأعطى كلاً منهم ما سأله وما بلغت أمانيه مانقصمن ملكه مثقال ذرة ، ومن كمال غناه وسعة عطاياه ما يبسطه على أهل داركرامته منالنعيم واللذات المتتابعات ، والخيرات المتواصلات ، مما لا عينرأت ، ولا أذن سمعت ،
ولا خطر على قلب بشر. ومن كمال غناه أنه لم يتخذصاحبة ، ولا ولداً ، ولا شريكاً فيالملك ، ولا ولياً من الذل ، فهو الغنيالذي كمل بنعوته وأوصافه ، المغني لجميعمخلوقاته . والخلاصة أن الله الغنيالذي له الغنى التام المطلق من كل الوجوه وهوالغني جميع خلقه ، غنى عاماً، والغني لخواص خلقه ، بما أفاض على قلوبهم ، منالمعارف الربانية ،والحقائق الإيمانية .
الحكيم
قال الله تعالى : ( وهو القاهرفوق عباده وهو الحكيم الخبير ) . هو تعالى (الحكيم) الموصوف بكمال الحكمةوبكمال الحكم بين المخلوقات ، فالحكيم هو واسع العلموالإطلاع على مبادئالأمور وعواقبها ، واسع الحمد ، تام القدرة ، عزيز الرحمة فهوالذي يضعالأشياء مواضعها ، وينزلها منازلها اللائقة بها في خلقه وأمره ، فلا يتوجهإليه سؤال ، ولا يقدح في حكمته مقال. وحكمته نوعان : أحدهما : الحكمة فيخلقه ،فإنه خلق الخلق بالحق ومشتملاً على الحق ، وكان غايته والمقصود بهالحق ، خلقالمخلوقات كلها بأحسن نظام ، ورتبها أكمل ترتيب ، وأعطى كلمخلوق خلقه اللائقبه . بل أعطى كل جزء من أجزاء المخلوقات وكل عضو منأعضاء الحيوانات خلقتهوهيئته ، فلا يرى أحد في خلقه خللاً ، ولا نقصاً ،ولا فطوراً ، فلو اجتمعت عقول الخلقمن أولهم إلى آخرهم ليقترحوا مثل خلقالرحمن أو ما يقارب ما أودعه في الكائنات منالحسن والانتظام والإتقان لميقدروا ، وأنى لهم القدرة على شئ من ذلك وحسب العقلاءالحكماء منهم أنيعرفوا كثيراً من حكمه ، ويطلعوا على بعض ما فيها من الحسنوالإتقان . وهذاأمر معلوم قطعاً بما يعلم من عظمته وكمال صفاته وتتبع حكمه فيالخلق والأمر، وقد تحدى عباده وأمرهم أن ينظروا ويكرروا النظر والـتأمل هل يجدونفيخلقه خللاً أو نقصاً ، وأنه لا بد أن ترجع الأبصار كليلة عاجزة عن الانتقاد على شئمن مخلوقاته. النوع الثاني : الحكمة في شرعه وأمره ، فإنه تعالى شرعالشرائع ،وأنزل الكتب ، وأرسل الرسل ليعرفه العباد ويعبدونه ، فأي حكمةأجل من هذا ، وأيفضل وكرم أعظم من هذا ، فإن معرفته تعالى وعبادته وحده لاشريك له ، واخلاصالعمل له وحده لا شريك له ، واخلاص العمل له وحمده ،وشكره والثناء عليه أفضلالعطايا منه لعباده على الإطلاق ، وأجل الفضائللمن يمن الله عليه بها . وأكمل سعادةوسرور للقلوب والأرواح ، كما أنها هيالسبب الوحيد للوصول إلى السعادة الأبديةوالنعيم الدائم ، فلو لم يكن فيأمره وشرعه إلا هذه الحكمة العظيمة التي هي أصل
الخيرات ، وأكمل اللذات ،ولأجلها خلقت الخليقة وحق الجزاء وخلقت الجنة والنار ، لكانتكافية شافية . هذا وقد اشتمل شرعه ودينه على كل خير فأخباره تملأ القلوب علماً ،ويقيناً،وإيماناً ، وعقائد صحيحة ، وتستقيم بها القلوب ويزول انحرافها ، وتثمر كلخلق جميل وعمل صالح وهدى ورشد . وأوامره ونواهيه محتوية على غاية الحكمةوالصلاح والإصلاح للدين والدنيا ، فإنه لا يأمر إلا بما مصلحته خالصة أوراجحة ، ولاينهي إلا عما مضرته خالصة أو راجحة . ومن حكمه الشرع الإسلاميأنه كما أنه هو الغاية لصلاح القلوب ، والأخلاق ،والأعمال ، والاستقامة علىالصراط المستقيم ، فهو الغاية لصلاح الدنيا ، فلا تصلح أمور الدنيا صلاحاًحقيقياً إلا بالدين الحق الذي جاء بهمحمد صلى الله عليه وسلم وهذا مشاهدمحسوس لكل عاقل ، فإن أمة محمد لما كانوا
قائمين بهذا الدين أصوله وفروعهوجميع ما يهدي ويرشد إليه ، كانت أحوالهم فيغاية الاستقامة والصلاح ، ولماانحرفوا عنه وتركوا كثيراً من هداه ولم يسترشدوابتعاليمه العالية ، انحرفتدنياهم كما أنحرف دينهم . وكذلك نظر إلى الأمم الأخرى التيبلغت في القسوة، والحضارة ، والمدنية مبلغاً هائلاً ، ولكن لما كانت خالية من روحالدينورحمته وعدله ، كان ضررها أعظم من نفعها ، وشرها اكبر من خيرها ، وعجزعلماؤها وحكماؤها وساستها عن تلافي الشرور الناشئة عنها ، ولن يقدروا علىذلكما داموا على حالتهم . ولهذا كان من حكمته تعالى أن ما جاء به محمد صلىالله عليهوسلم من الدين والقرآن أكبر البراهين على صدقه وصدق ما جاء به ،لكونه محكماًكاملاً لا يحصل إلا به. وبالجملة فالحكيم متعلقاته المخلوقاتوالشرائع ، وكلها في غايةالأحكام ، فهو الحكيم في أحكامه القدرية ،وأحكامه الشرعية ، وأحكامه الجزائية ،والفرق بين أحكام القدر وأحكام الشرعأن القدر متعلق بما أوجده وكونه وقدره ، وأنهما شاء كان وما لم يشأ لم يكن . وأحكام الشرع متعلقة بما شرعه . والعبد المربوب لايخلو منهما أو منأحدهما ، فمن فعل منهم ما يحبه الله ويرضاه فقد اجتمع فيه الحكمان، ومنفعل ما يضاد ذلك فقد وجد فيه الحكم القدري ، فإن ما فعله واقع بقضاء اللهوقدره ولم يوجد في الحكم الشرعي لكونه ترك ما يحبه الله ويرضاه . فالخيروالشروالطاعات ، والمعاصي كلها متعلقة وتابعة للحكم القدري ، وما حبهالله منها هو تابعالحكم الشرعي ومتعلقه والله أعلم .
العفو الغفورالغفار
قال الله تعالى : ( إن الله لعفو غفور) الذي لم يزل ، ولا يزالبالعفو معروفاً ، وبالغفرانوالصفح عن عباده ، موصوفاً . كل أحد مضطر إلىعفوه ومغفرته ، كما هو مضطر إلىرحمته وكرمه . وقد وعد بالمغفرة والعفو ،لمن أتى بأسبابها ، قال تعالى : ( وإنيلغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثماهتدى ) . والعفو هو الذي له العفو الشامل الذيوسع ما يصدر من عباده منالذنوب ، ولا سيما إذا أتوا بما يسبب العفو عنهم منالاستغفار ، والتوبة ،والإيمان ، والأعمال الصالحة فهو سبحانه يقبل التوبة ، والإيمان ،والأعمالالصالحة فهو سبحانه يقبل التوبة من عباده ويعفو عن السيئات ، وهو عفو يحبالعفو ويحب من عباده أن يسعوا في تحصيل الأسباب التي ينالون بها عفوه : منالسعي في مرضاته ، والإحسان إلى خلقه ، ومن كمال عفوه أنه مهما أسرف العبدعلى نفسه ثم تاب إليه ورجع غفر له جميع جرمه صغيره وكبيره ، وأنه جعلالإسلاميحب ما قبله ، والتوبة تجب ما قبلها . قال تعالى : ( قل يا عباديالذين أسرفوا على
أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوبجميعاً إنه هــو الغفور الرحيم ) وفيالحديث (إن الله يقول) : ( يا ابن آدمإنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لاتشرك بي شيئاً لآتينكبقرابها مغفرة ) . وقال تعالى : ( إن ربك واسع المغفرة ) . وقدفتح الله عزوجل الأسباب لنيل مغفرته بالتوبة ، والاستغفار ، والإيمان ، والعمل الصالح، والإحسان إلى عباد الله ، والعفو عنهم ، وقوة الطمع في فضل الله ، وحسنالظنبالله وغير ذلك مما جعله الله مقرباً لمغفرته .
التواب
قال الله تعالى : ( ألم يعلموا أن الله هو يقبلالتوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الههو التواب الرحيم ) . (التواب) الذيلم يزل يتوب على التائبين ، ويغفر ذنوب المنيبين .
فكل من تاب إلى اللهتوبة نصوحاً ، تاب الله عليه . فهو التائب على التائبين : أولاً
بتوفيقهمللتوبة والإقبال بقلوبهم إليه وهو التائب عليهم بعد توبتهم ، قبولاً لها ، وعفواًعن خطاياهم . وعلى هذا تكون توبته على عبده نوعان : أحدهما : يوقع في قلبعبدهالتوبة إليه والإنابة إليه ، فيقوم بالتوبة وشروطها من الإقلاع عنالمعاصي ، والندمعلى فعلها ، والعزم على أن لا يعود إليها . واستبدالهابعمل صالح . والثاني : توبتهعلى عبده بقبولها وإجابتها ومحو الذنوب بها ،فإن التوبة النصوح تجب ما قبلها .
الرقيب
المطلع على مااكنته الصدور ، القائم على كل نفس بما كسبت . قال تعالى : ( إن اللهكانعليكم رقيباً ) والرقيب هو سبحانه الذي حفظ المخلوقات وأجراها ، على أحسننظام وأكمل تدبير .
الشهيد
أي : المطلع على جميعالأشياء ، سمع جميع الأصوات ، خفيها وجليها . وأبصر جميعالموجودات ،دقيقها وجليلها ، صغيرها وكبيرها ، وأحاط علمه بكل شئ ، الذي شهدلعباده ،وعلى عبادته بما علموه . قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى ( (الرقيب) و(الشهيد) مترادفان ، وكلاهما يدل على إحاطة سمع الله بالمسموعات ،وبصرهبالمبصرات ، وعلمه بجميع المعلومات الجلية والخفية ، وهو الرقيب علىما دار فيالخواطر ، وما تحركت به اللواحظ ، ومن باب أولى الأفعال الظاهرةبالأركان ، قالتعالى ( إن الله كان عليكم رقيباً) ( والله على كل شئ شهيد) ولهذا كانت المراقبة التيهي من أعلى أعمال القلوب هي التعبد لله بأسمهالرقيب الشهيد ، فمتى علم العبد أنحركاته الظاهرة والباطنة قد أحاط اللهبعلمها ، واستحضر هذا العلم في كل أحواله ،أوجب له ذلك حراسة باطنه عن كلفكر وهاجس يبغضه الله وحفظ ظاهره عن كل قول
أو فعل يسخط الله ، وتعبد بمقامالإحسان فعبد الله كأنه يراه ، فإن لم يكن يراه فإنالله يراه . فإذا كانالله رقيباً على دقائق الخفيات ، مطلعاً على السرائر والنيات ، كانمن بابأولى شهيداً على الظواهر والجليات . وهي الأفعال التي تفعل بالأركان أيالجوارح .
الحفيظ
قال الله تعالى : ( إن ربي على كلشئ حفيظ ) (للحفيظ ) معنيان : أحدهما : أنه قدحفظ على عباده ما عملوه منخير وشر وطاعة ومعصية ، فإن علمه محيط بجميعأعمالهم ظاهرها وباطنها ، وقكتب ذلك في اللوح المحفوظ ، ووكل بالعباد ملائكةكراماً كاتبين ويعلمون ماتفعلون ، فهذا المعنى من حفظه يقتضي إحاطة علم اللهبأحوال العباد كلهاظاهرها وباطنها وكتابتها في اللوح المحفوظ وفي الصحف التيفي أيدي الملائكة، وعلمه بمقاديرها ، وكمالها ، ونقصها ، ومقادير جزائها في الثوابوالعقابثم مجازاته عليها بفضله وعدله . والمعنى الثاني : من معنيي (الحفيظ ) أنهتعالى الحافظ لعباده من جميع ما يكرهون ، وحفظه لخلقه نوعان عام وخاص . فالعام : حفظه لجميع المخلوقات بتيسيره لها ما يقيها ويحفظ بنيتها ، وتمشيإلى هدايته وإلىمصالحها بإرشاده وهدايته العامة التي قال عنها : ( أعطي كل شئ خلقه ثم هدى).
أي هدى كل مخلوق إلى ما قدر له وقضى له منضروراته وحاجاته ، كالهداية للمأكل ،والشرب والمنكح ، والسعي في أسباب ذلك، وكدفعه عنهم أصناف المكاره والمضار وهذا يشترك في البر والفاجر بلالحيوانات وغيرها ، فهو الذي يحفظ السماوات والأرضأن تزولا ، ويحفظالخلائق بنعمه ، وقد وكل بالآدمي حفظه من الملائكة الكرام يحفظونهمن أمرالله ، أي يدفعون عنه كل ما يضره مما هو بصدد أمر الله ، ، أي يدفعون عنهكل ما يضره مما هو بصدد أن يضره لولا حفظ الله . والنوع الثاني : حفظهالخاص لأوليائهسوى ما تقدم ، يحفظهم عما يضر إيمانهم أو يزلزل إيقانهم منالشبه والفتن والشهوات، فيعافيهم منها ويخرجهم منها بسلامة وحفظ وعافية ،ويحفظهم من أعدائهم من الجنوالإنس ، فينصرهم عليهم ويدفع عنهم كيدهم ، قالالله تعالى : ( إن الله يدافع عن
الذين آمنوا ) وهذا عام في دفع جميع مايضرهم في دينهم ودنياهم ، فعلى حسب ماعند العبد من الإيـــمان تكون مدافعةالله عنه بلطفه ، وفي الحديث : ( أحفظ اللهيحفظك ) أي أحفظ أوامرهبالامتثال ، ونواهيه بالاجتناب ، وحدوده بعدم تعديها ،يحفظك في نفسك ودينكومالك وولدك ، وفي جميع ما أتاك الله من فضله .
اللطيف
قال الله تعالى ( الله لطيف بعباده يرزق منيشاء وهو القوي العزيز ) وقال تعالى ( لاتدركه الأبصار وهو يدرك الأبصاروهو اللطيف الخبير ) . اللطيف من أسمائه الحسنى ،وهو الذي يتلطف بعبده فيأموره الداخلية المتعلقة بنفسه ، ويلطف بعبده في الأمور الخارجية عنه ،فيسوقه ويسوق إليه ما به صلاحه من حيث لا يشعر . وهذا من آثار علمهوكرمهورحمته ، فلهذا كان معنى اللطيف نوعين : 1ـ أنه الخبير الذي أحاط علمهبالأسرار والبواطن والخبايا والخفايا ومكنونات الصدور ومغيبات الأمور ، ومالطف ودقمن كل شئ . 2ـ النوع الثاني لطفه بعبده ووليه الذي يريد أن يتمعليه إحسانه ،ويشمله بكرمه ويرقيه إلى المنازل العالية فييسره لليسرىويجنبه العسرى ، ويجريعليه اصناف المحن التي يكرهها وتشق عليه وهي عينصلاحه والطريق إلى سعادته ،كما امتحن الأنبياء بأذى قومهم وبالجهاد فيسبيله ، وكما ذكر الله عن يوسف عليهالسلام وكيف ترقت به الأحوال ولطف اللهبه وله بما قدره عليه من تلك الأحوال التيحصل له في عاقبتها حسن العقبى فيالدنيا والآخرة ، وكما امتحن أوليائه بمايكرهونه لينيلهم ما يحبون . فكملله من لطف وكرم لا تدركه الأفهام ، ولا تتصورهالأوهام ، وكم استشرف العبدعلى مطلوب من مطالب الدنيا من ولاية ، أو رياسة ، أوسبب في الأسبابالمحبوبة ، فيصرفه الله عنها ويصرفها عنه رحمة به لئلا تضره فيدينه ، فيظلالعبد حزيناً من جهله وعدم معرفته بربه ، ولو علم ما ذخر له في الغيبوأريدإصلاحه فيه لحمد الله وشكره على ذلك ، فإن الله بعباده رؤوف رحيم لطيفبأوليائه ، وفي الدعاء المأثور ( اللهم ما رزقتني مما أحب فأجعله قوة ليفيما تحب ،وما زويت عني مما أحب فأجعله فراغاً لي فيما تحب)
القريب
قال الله تعالى ( هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيهافاستغفروه ثم توبوا إليه إنربي قريب مجيب ) . ومن أسمائه (القريب) ، وقربهنوعان : 1ـ قرب عام وهو إحاطة علمهبجميع الأشياء ، وهو اقرب إلى الإنسانمن حبل الوريد وهو بمعنى المعية العامة . 2ـوقرب خاص بالداعين والعابدينالمحبين ، وهو قرب يقتضي المحبة ، والنصرة ، والتأييدفي الحركات والسكنات، والإجابة للداعين ، والقبول والإثابة للعابدين ، قال تعالى : ( وإذا سالكعبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ) . وإذا فهم القرب بهذاالمعنى في العموم والخصوص لم يكن هناك تعارض أصلاً بينه وبين ما هو معلوممنجوده تعالى فوق عرشه فسبحان من هو على في دنوه قريب في علوه .
المجيب
من أسمائه تعالى (المجيب) لدعوة الداعينوسؤالالسائلين وعبادة المستجيبين وإجابتهنوعان : 1ـ إجابة عامة لكل من دعاءعباده أو دعاء مسألة ، قال تعالى : ( وقال ربكم أدعوني استجب لكم ) فدعاءالمسألة أن يقول العبد اللهم أعطني كذا أو اللهم أدفععني كذا ، فهذا يقعمن البر والفاجر ، ويستجيب الله فيه لكل من دعاه بحسب الحالالمقتضية وبحسبما تقتضيه حكمته ، وهذا يستدل به على كرم المولى وشمول إحسانهللبر والفاجر، ولا يدل بمجرده على حسن حال الداعي الذي أجيبت دعوته إن لم يقترنبذلك مايدل عليه وعلى صدقه وتعين الحق معه ، كسؤال الأنبياء ودعائهم لقومهموعلىقومهم فيجيبهم الهل ، فإنه يدل على صدقهم فيما أخبروه به وكرامتهم علىربهم، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يدعو بدعاء يشاهد المسلمون
وغيرهم إجابته ، وذلك من دلائل نبوته وآيات صدقه ، وكذلك ما يذكرونه عنكثير منأولياء الله من إجابة الدعوات ، فإنه من أدلة كراماتهم على الله . 2ـ وأما الإجابةالخاصة فلها أسباب عديدة ، منها دعوة المضطر الذي وقع فيشدة وكربة عظيمة ،فإن الله يجب دعوته ، قال تعالى : ( أمن يجيب المضطر إذادعاه ) ، وسبب ذلك شدةالافتقار إلى الله وقوة الانكسار وانقطاع تعلقهبالمخلوقين ، ولسعة رحمة الله التييشمل بها الخلق بحسب حاجاتهم إليها ،فكيف بمن أضطر إليها ، ومن أسباب الإجابةطول السفر والتوسل إلى الله بأحبالوسائل إليه من أسمائه وصفاته ونعمه ، وكذلكدعوة المريض ، والمظلوم ،والصائم والوالد على ولده أو له ، وفي الأوقات والأحوالالشريفة مثل أدبارالصلوات وأوقات السحر ، وبين الآذان والإقامة ، وعند النداء ،ونزول المطرواشتداد البأس ، ونحو ذلك ( إني ربي قريب مجيب ).
الودود
قال تعالى ( واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربيرحيم ودود ) . وقال تعالى : ( وهوالغفور الودود) والود مأخوذ من الود بضمالواو بمعنى خالص المحبة فالودود هو المحبالمحبوب بمعنى واد مودود ، فهوالواد لأنبيائه وملائكته وعباده المؤمنين ، وهوالمحبوب لهم بل لا لشئ أحبإليهم منه ، ولا تعادل محبة الله من أصفيائه محبة أخرى ،لا في أصلها ، ولافي كيفيتها ، ولا في متعلقاتها ، وهذا هو القرض والواجب أن تكونمحبة اللهفي قلب العبد سابقة لكل محبة ، غالبة لكل محبة ويتعين أن تكون بقيةالمحابتبعاً لها . ومحبة الله هي روح الأعمال ، وجميع العبودية الظاهرة والباطنةناشئة عن محبة الله ، ومحبة العبد لربه فضل من الله وإحسان ، ليست بحلولالعبد ولاقوته فهو تعالى الذي أحب عبده فجعل المحبة في قلبه ، ثم لما أحبهالعبد بتوفيقهجازاه الله بحب آخر ، فهذا هو الإحسان المحض على الحقيقة ،إذ منه السبب ومنهالمسبب ، ليس المقصود منها المعاوضة ، وإنما ذلك محبةمنه تعالى للشاكرين من عباده
ولشكرهم ،فالمصلحة كلها عائدة للعبد ، فتباركالذي جعل وأودع المحبة في قلوبالمؤمنين ، ثم لم يزل ينميها ويقويها حتىوصلت في قلوب الأصفياء إلى حالة تضاءلعندها جميع المحاب ، وتسليهم عنالأحباب ، وتهون عليهم المصائب ، وتلذذ لهم مشقةالطاعات ، وتثمر لهم مايشاءون من أصناف الكرامات التي أعلاها محبة الله والفوزبرضاه والإنسبقربه. فمحبة العبد لربه محفوفة بمحبتين من ربه : فمحبة قبلها صار بهامحباً لربه ، ومحبة بعدها شكراً من الله على محبة صار بها من أصفيائهالمخلصين .
وأعظم سبب بكتسب به العبد محبة ربه التي هي أعظم المطالب ،الإكثار من ذكرهوالثناء عليه ، وكثرة الإنابة إليه ، وقوة التوكل عليه ،والتقرب إليه بالفرائض والنوافل، وتحقيق الإخلاص له في الأقوال والأفعال ،ومتابعة النبي صلى الله عليه وسلم ظاهراًوباطناً كما قال تعالى ( قلإنكنتم تحبون الله فأتبعوني يحببكم الله )
الشاكر الشكور
قالالله تعالى ( من تطوع خيراً فإن الله شاكراً عليم ) وقال تعالى : ( إن تقرضوا اللهغرضاً حسناً يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم ) ( وكان الله شاكراًعليما) . منأسمائه تعالى ( الشاكر الشكور ) الذي لا يضيع سعي العاملينلوجهه بل يضاعفهأضعافاً مضاعفة ، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً ،وقد أخبر في كتابه وسنةنبيه بمضاعفة الحسنات الواحدة بعشر إلى سبعمائة إلىأضعاف كثيرة ، وذلك منشكره لعباده ، فبعينه ما يتحمل المتحملون لأجله ومنفعل لأجله أعطاه فوق المزيد ،ومن ترك شيئاً لأجله عوضه خيراً منه ، وهوالذي وفق المؤمنين لمرضاته ثم شكرهم على ذلك وأعطاهم من كراماته ، ما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ،وكل هذا ليس حقاً واجباً عليه، وإنما هو الذي أوجبه على نفسه جوداً منه وكرماً . وليسفوقه سبحانه منيوجب عليه شيئاً قال تعالى ( لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ) فلايجبعليه سبحانه إثابة المطيع ، ولا عقاب العاصي بل الثواب محض فضله وإحسانه ،
والعقاب محض عدله وحكمته ، ولكنه سبحانه الذي أوجب على نفسه ما يشاء فيصير واجباً عليه بمقتضى وعده الذي لا يخلف كما قال تعالى ( كتب ربكم على نفسهأنه منعمل منكم سوءاً بجاهلة ثم تاب من بعده واصلح فإنه غفور رحيم ) وكماقال سبحانه(وكان حقاً علينا نصر المؤمنين ) . ومذهب أهل السنة أنه ليسللعباد حق واجب على اللهوأنه مهما يكن من حق فهو الذي أحقه وأوجبه ولذلكلا يضيع عنده عمل قام علىالإخلاص والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلمفإنهما الشرطان الأساسيان لقبولالأعمال فما أصاب العباد من النعم ودفعالنغم فإنه من الله تعالى فضلاً منه وكرماً وإننعمهم فبفضله وإحسانه وإنعذبهم فبعدله وحكمته وهو المحمود على جميع ذلك .
السيد الصمد
قال تعالى ( قل هو الله أحد الله الصمد ) وقال النبي صلى الله عليهوسلم (السيد اللهتبارك وتعالى ) والسيد يطلق على الرب ، والمالك ، والشريف، والفاضل ، والكريم ،والحليم ، والرئيس ، والزوج ، ومتحمل أذى قومه واللهعز وجل هو السيد الذي يملكنواصي الخلق ويتولاهم فالسؤدد كله حقيقة اللهوالخلق كلهم عبيده . وهذا لا ينافىالسيادة الإضافية المخصوصة بالأفرادالإنسانية فسيادة الخالق تبارك وتعالى ليستكسيادة المخلوق الضعيف . (الصمد) المعنى الجامع الذي يدخل فيه كل ما فسر به هذاالاسم الكريم ، فهوالصمد الذي تصمد إليه أي تقصده جميع المخلوقات بالذل والافتقار ،ويفزعإليه العالم بأسره ، وهو الذي قد كمل في علمه ، وحكمته ، وحلمه ، وقدرته ،وعظمته ، ورحمته ، وسائر أوصافه ، فالصمد هو كامل الصفات ، وهو الذي تقصدهالمخلوقات في كل الحاجات . فهو السيد الذي قد كمل في سؤدده ، والعليم الذيقدكمل في علمه ، والحليم الذي قد كمل في حلمه ، والغني قد كمل في غناه ،والجبار الذي قد كمل في جبروته ، والشريف الذي قد كمل في أنواع الشرفوالسؤدد وهو اللهعز وجل هذه صفته لا تنبغي إلا له ليس له كفء وليس كمثلهشئ سبحان الله الواحدالقهار
القاهر القهار
قالالله تعالى ( قل الله خالق كل شئ وهو الواحد القهار ) وقال تعالى ( يوم هم
بارزون لا يخفى على الله منهم شئ لمن الملك اليوم لله الواحد القهار ) .وقال عز وجل ( القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير ) . وهو الذي قهر جميعالكائنات ، وذلت له جميعالمخلوقات ، ودانت لقدرته ومشيئته مواد وعناصرالعالم العلوي والسفلي ، فلا يحدثحادث ولا يسكن ساكن إلا بإذنه ، وما شاءكان وما لم يشأ لم يكن ، وجميع الخلقفقراء إلى الله عاجزون ، لا يملكونلأنفسهم نفعاً ، ولا ضراً ، ولا خيراً ولا شراً . وقهرهمستلزم لحياتهوعزته وقدرته فلا يتم قهره للخليقة إلا بتمام حياته وقوة عزته واقتداره .
إذ لولا الأوصاف الثلاثة لا يتم له قهر ولا سلطان
الجبار
قال الله تعالى ( هو الله الذي لا إله هو الملكالقدوس السلام المؤمن المهيمن العزيزالجبار ) للجبار من أسمائه الحسنىثلاث معاني كلها داخلة بأسمه الجبار 1- فهو الذييجبر الضعيف وكل قلب منكسرلأجله فيجبر الكسير ويغني الفقير وييسر على المعسركل عسير ويجبر المصاببتوفيقه بالثبات والصبر ويعوضه على مصابه أعظم الأجر إذاقام بواجبها ويجبرجبراً خاصاً قلوب الخاضعين لعظمته وجلاله . وقلوب المحبين بمايفيض عليهامن أنواع كراماته وأصناف المعارف والأحوال الإيمانية فقلوب المنكسرينلأجلهجبرها دان قريب وإذا دعى الداعي قال اللهم أجبرني فإنه يريد هذا الجبر الذيحقيقته إصلاح العبد ودفع جميع المكاره عنه . 2- المعنى الثاني أنه القهارلكل شئالذي دان له كل شئ وخضع له كل شئ. 3ـ والمعنى الثالث أنه العلي علىكل شئوصار الجبار متضمناً لمعنى الرؤوف القهار العلي . 4ـ وقد يراد بهمعنى رابع وهوالمتكبر عن كل سوء ونقص وعن مماثله مماثلة أحد وأن يكون لهكفؤ أو ضد أو سميأو شريط في خصائصه وحقوقه .
الحسيب
قالالله تعالى ( وكفى بالله حسيباً ) وقال سبحانه ( الا له الحكم وهو اسرعالحاسبين) والحسيب: 1ـ هو الكافي للعباد جميع ما أهمهم من أمر دينهم ودنياهم من حصولالمنافع ودفع المضار . 2ـ والحسيب بالمعنى الأخص هو الكافي لعبده المتقيالمتوكلعليه كفاية خاصة يصلح بها دينه وديناه . 3ـ والحسيب أيضاً هو الذييحفظ أعمالعباده من خير وشر ويحاسبهم إن خيراً فخير وإن شراً فشر . قالتعالى ( يا أيها النبيحسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين ) . أي كافيك وكافيأتباعك وكفاية الله لعبدهبحسب ما قام به من متابعة الرسول صلى اللهعليه وسلم ظاهراً وباطناً وقيامه بعبوديةالله تعالى .
الهادي
قال الله تعالى ( وكفى بربك هادياً ونصيراً ) وقال تعالى ( وإن الله لهادي الذين آمنواإلى صراط مستقيم ) . الهادي أي الذي يهدي ويرشدعباده إلى جميع المنافع وإلىدفع المضار ويعلمهم ما لا يعلمون ويهديهملهداية التوفيق والتسديد ويلهمهم التقوىويجعل قلوبهم منيبة إليه منقادةلأمره والهداية هي دلالة بلطف وهداية الله تعالىللإنسان على أربعة أوجه : الأول : الهداية التي عم بجنسها كل مكلف من العقل والفطنةوالمعارفالضرورية التي أعم منها كل شئ بقدر فيه حسب احتماله كما قال تعالى(ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى ) . الثاني : الهداية التي جعل للناسبدعائهإياهم على ألسنة الأنبياء وإنزال القرآن ونحو ذلك وهو المقصود بقولهتعالى ( وجعلنامنهم أئمة يهدون بأمرنا ). الثالث : التوفيق الذي يختص بهمن اهتدى وهو المعني بقولهتعالى : ( والذين أهتدوا زادهم هدى ) وقولهتعالى : ( ومن يؤمــــن بالله يهدي قلبه)
وقوله : ( إن الذين أمنوا وعملواالصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم ) وقوله : ( والذينجاهدوا فينا لنهدينهمسبلنا ) . الرابع : الهداية في الآخرة إلى الجنة المعني بقوله(سيهديهمويصلح بالهم ) وقوله ( الحمد لله الذي هدانا لهذا ) وهذه الهدايات الأربع مترتبةفإن من لم تحصل له الأولى لا تحصل الثانية بل لا يصح تكليفه ومن لم تحصل لهالثانية لاتحصل له الثالثة والرابعة ومن حصل له الرابع فقد حصل له الثلاثالتي قبلها ومن حصلله الثالث فقد حصل له اللذان قبله ثم ينعكس فقد تحصلالأولى ولا يحصل له الثانية ولايحصل الثالث والإنسان لا يقدر أن يهديأحداً إلا بالدعاء وتعريف الطرق دون سائرأنواع الهدايات وإلى الثانية أشاربقوله : ( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ) وقوله : (
يهدون بأمرنا ) وقوله : ( ولك قوم هاد ) أي داع وإلى سائر الهدايات أشار بقوله : ( إنكلا تهدي منأحببت ) . فهو الذي قوله رشد وفعله كله رشد وهو مرشد الحيران الضالفيهديهإلى الصراط المستقيم بياناً وتعليماً وتوفيقاً فأقواله القدريه التي يوجد بهاالأشياء ويدبر بها الأمور كلها حق لإشتمالها على الحكمة والحسن والإتقانوأقوالهالشرعية الدينية هي أقواله التي تكلم بها في كتبه وعلى ألسنة رسلهالمشتملة علىالصدق التام في الأخبار والعدل الكامل في الأمر والنهي ، فإنهلا أصدق من الله قيلا ولاأحسن منه حديثاً . ( وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً ) . في الأمر والنهي وهي أعظم وأجلما يرشد بها العباد بل لا حصول علىالرشاد بغيرها فمن ابتغى الهدى من غيرها أضلهالله ومن لم يسترشد بها فليسبرشيد . فيحصل بها الرشد العملي وهو بيان الحقائق
والأصول والفروع والمصالحوالمضار الدينية والدنيوية ويحصل بها الرشد العملي فإنهاتذكي النفوس وتطهرالقلوب وتدعو إلى أصلح الأعمال وأحسن الأخلاق وتحث على كلجميل وترهب عن كلذميم رذيل ومن استرشد بها فهو المهتدي ومن لم يسترشد بهافهو ضال . ولميجعل لأحد عليه حجة بعد بعثته للرسل وإنزاله للكتب المشتملة علىالهدىالمطلق فكم هدى بفضله ضالاً وارشد حائراً وخصوصاً من تعلق به وطلب منهالهدى من صميم قلبه وعلم أنه المنفرد بالهداية وكل هداية ذكر الله عز وجلهأنه منعالظالمين الكافرين فهي الهداية الثالثة وهي هداية التوفيق والإلهامالذي يختص بهالمهتدون والرابعة التي هي الثواب في الآخرة وإدخال الجنةكقوله عز وجل ( والله لايهدي القوم الظالمين ) وقوله : ( ذلك بأنهماستحبوا الحياة الدنيا عن الآخرة وأن الله لايهدي القوم الكافرين ) وكلهداية نفاها الله عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن البشرفهي ما عدا المختصمن الدعاء وتعريف الطريق وذلك كإعطاء العقل والتوفيق وإدخالالجنة كقولهتعالى : ( ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء ) . فاسال الله أنيهدينالما يحبه ويرضاه فهو المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله .
الحكم
قال الله تعالى : ( فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خيرالحاكمين ) . وقال تعالى(وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلا لا مبدل لكلماته)وقال تعالى : ( إن الله يأمر بالعدلوالإحسان ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( إن الله هو الحكم وإليه الحكم ) . وقال تعالى : (أفغير الله أبتغي حكماًوهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلاً ) . والله سبحانه هو الذييحكم بينعباده في الدنيا والآخرة بعدله وقسطه فلا يظلم مثقال ذرة ولا يحمل أحد وزرأحد ولا يجازي العبد بأكثر من ذنبه ويؤدي الحقوق إلى أهلها فلا يدعو صاحبحق إلاوصل إليه حقه وهو العدل في تدبيره وتقديره ، وهو سبحانه موصوفبالعدل في فعلهوأفعاله كلها جارية على سنن العدل والاستقامة ليس فيهاشائبة جور أصلاً فهي كلهابين الفضل والرحمة وبين العدل والحكمة كما قدمناوما ينزله سبحانه بالعصاةوالمكذبين من انواع الهلاك والخزي في الدنيا وماأعده لهم من العذاب المهين بالآخرة ،فإنما فعل بهم ما يستحقونه فإنه لايأخذ إلا بذنب ولا يعذب إلا بعد إقامة الحجةوأقواله كلها عدل فهو لايأمرهم إلا بما فيه مصلحة خالصة أو راجحة ولا ينهاهم إلا عنما مضرته خالصةأو راجحة وكذلك حكمه بين عباده يوم فضل القضاء ووزنه لأعمالهمعدل لا جورفيه كما قـــــــــال تعالى : ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ) وهوسبحانهالحكم بالعدل في وصفه وفي فعله وفي قوله وفي حكمه بالقسط وهذا معنىقوله(إن ربي على صراط مستقيم) فإن أقواله صدق وأفعاله دائرة بين العدلوالفضل ، فهيكل أفعال رشيدة وحكمه بين عباده فيما اختلفوا فيه أحكام عادلةلا ظلم فيها بوجه منالوجوه وكذلك أحكام الجزاء والثواب والعقاب .
القدوس السلام
قال الله تعالى : ( هو الله الذي لا إله إلاهو الملك القدوس السلام ) . القدوس السلاممعناهما متقاربان فإن القدوسمأخوذ من قدس بمعنى نزهه وأبعده عن السوء معالإجلال والتعظيم . والسلاممأخوذ من السلامة فهو سبحانه السالم من مماثلة أحد منخلقه ومن النقص ومنكل ما ينافي كماله ، فهو المقدس المعظم ، المنزه عن كل سوءالسالم منمماثلة أحد من خلقه ومن النقصان ومن كل ما ينافي كماله فهذا ضابط ما ينزهعنه ، ينزه عن كل نقص بوجه من الوجوه وينزه ويعظم أن يكون له مثيل أو شبيهأو كفؤ أو سمي أو ند أو مضاد وينزه عن نقص صفة من صفاته التي هي أكملالصفاتوأعظمها وأوسعها ومن تمام تنزييه عن ذلك إثبات صفات الكبرياءوالعظمه له ، فإنالتنزيه مراد لغيره ومقصود به حفظ كماله عن الظنون السيئةكظن الجاهلية الذين يظنونبه ظن السوء ظن غير ما يليق بجلاله وإذا قالالعبد مثنياً على ربه سبحان الله أو تقدسالله أو تعالى الله ونحوها ، كانمثنياً عليه بالسلامة من كل نقص وإثبات كل كمال .
قال الإمام بن القيم رحمهالله تعالى في اسم السلام ( الله أحق بهذا الإسم من كل مسمىبه لسلامتهسبحانه من كل عيب ونقص من كل وجه فهو السلام الحق بكل اعتبار والمخلوق سلامبالإضافة فهو سبحانه سلام في ذاته عن كل عيب ونقص يتخيله وهموسلام فيصفاته من كل عيب ونقص وسلام في أفعاله من كل عيب ونقص وشر وظلموفعل واقععلى غير وجه الحكمة بل هو السلام الحق من كل وجه وبكل اعتبار فعلم أناستحقاقه تعالى لهذا الاسم أكمل من استحقاق كل ما يطلق عليه وهذا هو حقيقةالتنزيهالذي نزه بها نفسه ونزهه به رسوله فهو السلام من الصاحبة والولدوالسلام من النضيروالكفؤ والسمي والمماثل والسلام من الشريك ولذلك إذانظرت إلى أفراد صفات كمالهوجدت كل صفة سلاماً مما يضاد كمالها فحياته سلاممن الموت ومن السنة والنوم وكذلكقيوميته وقدرته سلام من التعب واللغوبوعلمه سلام من عزوب شئ عنه أو عروضنسيان أو حاجة إلى تذكر وتفكر وإرادتهسلام من خروجها عن الحكمة والمصلحةوكلماته سلام من الكذب والظلم بل تمتكلماته صدقاً وعدلاً وغناه سلام من الحاجة إلىغيره بوجه ما بل كل ما سواهمحتاج إليه وهو غني عن كل ما سواه وملكه سلام منمنازع فيه أو مشارك أومعاون مظاهر أو شافع عنده بدون إذنه ، وإلاهيته سلام منمشارك له فيها ، بلهو الله الذي لا إله إلا هو ، وحلمه وعفوه وصفحه ومغفرتهوتجاوزه سلام منأن تكون عن حاجة منه أو ذل أو مصانعة كمايكون من غيره ، بلهو محض جودهوإحسانه وكرمه ، وكذلك عذابه وانتقامه وشدة بطشه وسرعة عقابهسلام من أنيكون ظلماً ، أو تشفياً ، أو غلظة أو قسوة بل هو محض حكمته وعدلهووضعهالأشياء مواضعها ، وهو مما يتحقق عليه الحمد والثناء كما يستحقه على
إحسانه وثوابه ونعمه بل لو وضع الثواب موضع العقوبة لكان مناقضاًلحكمته ولعزته ،فوضعه العقوبة موضعها هو من عدله ، وحكمته وعزته فهو سلاممما يتوهم أعداؤهالجاهلون به من خلال حكمته . وقضاؤه وقدرته سلام من العبثوالجور والظلم ومن توهموقوعه على خلاف الحكمة البالغة ، وشرعه ودينه سلاممن التناقض والاختلافوالاضطراب وخلاف مصلحة العباد ورحمتهم والإحسان إليهموخلاف حكمته بل شرعه كلهحكمة ، ورحمة ، ومصلحة ، وعدل ، وكذلك عطاؤه سلاممن كونه معاوضة أو لحاجةإلى المعطى ، ومنعه سلام من البخل وخوف الإملاق ،بل عطاؤه إحسان محض لالمعاوضة ولا لحاجة ، منعه عدل محض وحكمه لا يشوبهبخل ولا عجز . واستواؤه وعلوهعلى عرشه سلام من أن يكون محتاجاً إلى مايحمله أو يستوى عليه ، بل العرش محتاج
إلى ما يحمله أو يستوي عليه ، بلالعرش محتاج إليه وحملته محتاجون إليه ، فهو الغني عن العرش وعن حملته وعنكل ما سواه ، فهو استواء وعلو لا يشوبه حصر ولاحاجة إلى عرش ولا غيره ولاإحاطة شئ به سبحانه وتعالى ، بل كان سبحانه ولا عرشولم يكن به حاجة إليهوهو الغني الحميد ، بل استواؤه على عرشه واستيلاؤه علىخلقه من موجبات ملكهوقهره من غير حاجة إلى عرش ولا غيره بوجه ما . ونزوله كلليلة إلى سماءالدنيا سلام مما يضاد علوه وسلام مما يضاد غناه ، وكماله سلام من كلمايتوهم معطل أو مشبه ، وسلام من أن يصير تحت شئ أو محصوراً في شئ ، تعالىالله ربنا عن كل ما يضاد كماله . وغناه وسمعه وبصره سلام من كل ما يتخيلهمشبه أويتقوله معطل وموالاته لأوليائه سلام من أن تكون عن ذل كما يواليالمخلوق المخلوق ،
بل هي موالاة رحمة ، وخير وإحسان ، وبر كما قال ( وقلالحمد لله الذي لم يتخذ ولداًولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي منالذل ) . فلم ينف أن يكون له ولي مطلقاًبل نفى أن يكون له ولي من الذل . وكذلك محبته لمحبيه وأوليائه سلام من عوارض محبةالمخلوق للمخلوق من كونهامحبة حاجة إليه أو تملق له انتفاع بقربه ، وسلام مما يتقولهالمعطلون فيها . وكذلك ما أضافه إلى نفسه من اليد فإنه سلام عما يتخيله مشبه أوبتقولهمعطل. فتأمل كيف تضمن اسمه السلام كل ما نزه عنه تبارك وتعالى . وكم ممنحفظ هذا الاسم لا يدري ما تضمنه من هذه الأسرار والمعاني والله المستعان .
الرحمن الرحيم الكريم الأكرم الرؤوف
قال الله تعالى ( الحمدلله رب العالمين الرحمن الرحيم ) وقال تعالى ( ومن شكر فإنمايشكر لنفسهومن كفر فإن ربي غني كريم ) . وقال سبحانه : ( ويحذركم الله نفسهواللهرءوف بالعباد ). قال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه اللهتعالى : الرحمن ، الرحيم ، والبر ، الكريم ، الجواد ، الرءوف ، الوهاب ـهذه الأسماءتتقارب معانيها ، وتدل كلها على إتصاف الرب ، بالرحمة والبروالجود والكرم وعلىسعة رحمته ومواهبه التي عم بها جميع الوجود بحسب ماتقتضيه حكمته ، وخصالمؤمنين منها ، بالنصيب الأوفر ، والحظ الأكمل ، قالتعالى ( ورحمتي وسعت كل شئفسأكتبها للذين يتقون ) . والنعم والإحسان ، كلهمن آثار رحمته وجوده ، وكرمهوخيرات الدنيا والآخرة كلها من آثار رحمته ،وقال بن تيمية رحمه الله في تفسير قولهتعالى : ( اقرأ وربك الأكرم الذيعلم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم ) سمى ووصف نفسهبالمكرم ، وبأنه الأكرمبعد أخباره أنه خلق ليتبين أنه ينعم على المخلوقين ويوصلهمإلى الغاياتالمحمودة كما قال تعالى : ( الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى ) ( ربناالذيأعطى كل شئ خلقه ثم هدى ) ( الذي خلقني فهو يهدين) فالخلق يتضمن الابتداءوالكرم تضمن الانتهاء . كما قال في سورة الفاتحة ( رب العالمين ) ثم قال (الرحمن
الرحيم) ولفظ الكرم جامع للمحاسن والمحامد لا يراد به مجرد الإعطاءمن تمام معناه ،فإن الإحسان إلى الغير تمام المحاسن والكرم كثرة الخيرويسرته .. والله سبحانه أخبر أنه الأكرم بصيغة التفضل والتعريف لها ، فدلعلى أنه الأكرم وحده بخلاف ما لو قال (وربك الأكرم) فإنه لا يدل على الحصر، وقوله (الأكرم) يدل على الحصر ولم يقل (الأكرممن كذا ) بل أطلق الاسمليبين أنه الأكرم مطلقاً غير مفيد فدل على أنه متصف بغايةالكرم الذي لا شئفوقه ولا نقص فيه
الفتاح
قال الله تعالى ( قل يجمع بينناربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم ) . الفاتح : الحاكم والفتاحمن أبنية المبالغة . فالفتاح هو الحكم المحسن الجواد ، وفتحه تعالىقسمان : 1ـ أحدهما : فتحه بحكمه الديني وحكمه الجزائي . 2ـ والثاني : الفتاح بحكمهالقدري ، ففتحه بحكمه الديني هو شرعه على ألسنة رسله جميع ما يحتاجهالمكلفون ،ويستقيمون به على الصراط المستقيم ، وأما فتحه بجزائه فهوفتحه بين أنبيائهومخالفتهم وبين أوليائه وأعدائه بإكرام الأنبياء واتباعهمونجاتهم ، وبإهانة أعدائهوعقوباتهم وكذلك فتحه يوم القيامة وحكمه بينالخلائق حين يوفى كل عامل ما عمله .
وأما فتحه القدري فهو ما يقدره علىعباده من خير وشر ونفع وضر وعطاء ومنع ،
قال تعالى : ( ما يفتح الله للناسمن رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له منبعده وهو العزيز الحكيم ) .فالرب تعالى هو الفتاح العليم الذي يفتح لعباده الطائعينخزائن جوده وكرمه، ويفتح على أعدائه ضد ذلك ، وذلك بفضله وعدله.
الرزاقالرازق
وهو مبالغة من : رازق للدلالة على الكثرة والرزاق من أسمائه سبحانه . قال تعالى : ( إنالله هو الرزاق ) ( وما من دابة في الأرض إلا على اللهرزقها ) وقال صلى الله عليه وسلم ( إن الله هو المسعر القابض الباسط ،الرازق ) ورزقه لعباده نوعان : عام وخاص . 1ـفالعام إيصاله لجميع الخليقةجميع ما تحتاجه في معاشها وقيامها ، فسهل لها الأرزاق، ودبرها في أجسامها، وساق إلى كل عضو صغير وكبير ما يحتاجه من القوت ، وهذاعام للبر والفاجروالمسلم والكافر ، بل للآدميين والملائكة والحيوانات كلها . وعام أيضاًمنوجه آخر في حق المكلفين ، فإنه يكون من الخلال الذي لا تبعة على العبد فيه ،وقد يكون من الحرام ويسمى رزقاً ونعمة بهذا الاعتبار ، ويقال (رزقه الله ) سواء ارتزقمن حلال أو حرام وهو مطلق الرزق . 2ـ وأما الرزق المطلق فهوالنوع الثاني ، وهو الرزق الخاص ، وهو الرزق النافع المستمر نفعه في الدنياوالآخرة ، وهو الذي على يد
الرسول صلى الله عليه وسلم وهو نوعان : أ ـ رزقالقلوب بالعلم والإيمان وحقائق ذلك ،فإن القلوب مفتقرة غاية الافتقار إلىأن تكون عالمة بالحق مريدة له متأهلة لله متعبدة، وبذلك يحصل غناها ويزولفقرها . ب ـ وزرق البدن بالرزق الحلال الذي لا تبعة فيه ،فإن الرزق الذيخص به المؤمنين والذي يسألونه منهم شامل للأمرين ، فينبغي للعبدإذا دعاربه في حصول الرزق أن يستحضر بقلبه هذين الأمرين ، فمعنى (اللهم أرزقني) يما يصلح به قلبي من العلم والهدى والمعرفة ومن الإيمان الشامل لكل عمل صالحوخلق حسن ، وما به يصلح بدن من الرزق الحلال الهني الذي لا صعوبة فيه ولاتبعةتعتريه .
الحي القيوم
قال الله تعالى : ( الله لا إلهإلا هو الحي القيوم ) وقال سبحانه ( ألم الله لا إله إلا هوالحي القيوم ) وقال عز وجل وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلماً .وهمامن أسماءالله الحسنى ، والحي القيوم جمعها في غاية المناسبة كما جمعها الله فيعدةمواضع في كتابه ، وذلك أنهما محتويان على جميع صفات الكمال ، فالحي هوكاملالحياة ، وذلك يتضمن جميع الصفات الذاتية لله كالعلم والعزة والقدرة والإرادةوالعظمة والكبرياء وغيرها من صفات الذات المقدسة والقيوم هو كامل القيوميةولهمعنيان : 1ـ هو الذي قام بنفسه ، وعظمت صفاته واستغنى عن جميع مخلوقاته . 2ـوقامت به الأرض والسماوات وما فيهما من المخلوقات ، فهو الذي أجدهاوأمدهاوأعدها لكل ما فيه بقاؤها وصلاحها وقيامها ، فهو الغني عنها من كلوجه وهيالتي افتقرت إليه من كل وجه ، فالحي والقيوم من له صفة كل كمال وهوالفعال لمايريد .
الرب
قال الله تعالى : ( قل أغيرالله ابغي رباً وهو رب كل شئ ) . هو : المربي جميع عباده، بالتدبير ،وأصناف النعم ، وأخص من هذا ، تربيته لأصفيائه ، بإصلاح قلوبهم ،وأرواحهموأخلاقهم . ولهذا كثر دعاؤهم له بهذا الاسم لأنهم يطلبون من هذه التربيةالخاصة .
نورالسموات والأرض
قال تعالى ( الله نورالسموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح في زجاجة
الزجاجة كأنها كوكبدري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد
زيتها يضئ ولو لمتمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء) . وقال لى اللهعليه وسلم : ( اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن ..) . وقال صلى اللهعليه وسلم ( إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسطويرفعه يرفع إليهعمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليلحجابه النور لو كشفه لأحرقتسبحانه وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ) . قال العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعديرحمه الله : من أسمائه جل جلاله ومنأوصافه (النور) الذي هو وصفه العظيم ، فإنه ذو الجلال والإكرام وذو البهاءوالسبحات الذي لو كشف الحجاب عن وجهه الكريم لأحرقتسبحانه ما انتهى إليهبصره من خلقه ، وهو الذي استنارت به العوالم كلها ، فبنوروجهه أشرقتالظلمات ، واستنار به العرش والكرسي والسبع الطباق وجميع الأكوان .
والنورنوعان : 1ـ حسي كهذه العوالم التي لم يحصل لها نور إلا من نوره . 2ـ ونورمعنوي يحصل في القلوب والأرواح بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من كتاباللهوسنة نبيه ، فعلم الكتاب والسنة والعمل بهما ينير القلوب والأسماعوالأبصار ، ويكوننوراً للعبد في الدنيا والآخرة (يهدي الله لنوره من يشاء ) لما ذكر أنه نور السماواتوالأرض وسمى الله كتابه نوراً ورسوله نوراً. ثمأن ابن القيم رحمه الله حذر من اغترار مناغتر من أهل التصوف ، الذين لميفرقوا بين نور الصفات وبين أنوار الإيمان والمعارف ،فإنهم لما تألهواوتعبدوا من غير فرقان وعلم كامل ، ولاحت أنوار التعبد في قلوبهم ،لأنالعبادات لها أنوار في قلوبهم ، لأن العبادات لها أنوار في القلوب فظنوا هذا النورهو نور الذات المقدسة ، فحصل منهم من الشطح والكلام القبيح ما هو أثر هذاالجهلوالاغترار والضلال ، وأما أهل العلم والإيمان والفرقان فإنهم يفرقونبين نور الذاتوالصفات وبين النور المخلوق الحسي منه والمعنوي ، فيعترفونأن نور أوصاف البارئملازم لذاته لا يفارقها ولا يحل بمخلوق ، تعالى اللهعما يقول الظالمون علواً كبيراً ،وأما النور المخلوق فهو الذي تتصف بهالمخلوقات بحسب الأسباب والمعاني القائمة بها
والمؤمن إذا كمل إيمانه أنارالله قلبه ، فانكشفت له حقائق الأشياء ، وحصل له فرقانيفرق به بين الحقوالباطل ، وصار هذا النور هو مادة حياة العبد وقوته على الخير علماًوعملاً، وانكشفت عنه الشبهات القادحة في العلم واليقين ، والشهوات الناشئة عنالغفلة والظلمة ، وكان قلبه نوراً وكلامه نوراً وعمله نوراً ، والنور محيطبه من جهاته ،والكافر ، أو المنافق ، أو المعارض ، أو المعرض الغافل كلهؤلاء يتخبطون فيالظلمات ، كل له من الظلمة بحسب ما معه من موادهاوأسبابها والله الموفق وحده الله هو المألوه المعبود ، ذوالألوهية والعبودية على خلقه أجمعين ، لما اتصف به من صفاتالألوهية التيهي صفات الكمال .
الملك المليك مالك الملك
قال الله تعالىفتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ) . وقال تعالى : في مقعد صدق عند مليك مقتدر ) ( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزعالملك ممن تشاء وتعز من نشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شئ قدير) فهو الموصوف ، بصفة الملك ، وهي صفات العظمة والكبرياء ، والقهر والتدبير، الذي لهالتصرف المطلق ، في الخلق والأمر والجزاء . وله جميع العالم ،العلوي والسفلي ، كلهمعبيد ومماليك ، ومضطرون إليه . فهو الرب الحق ،الملك الحق ، الإله الحق ، خلقهمبربوبيته ، وقهرهم بملكه ، واستعبدهمبالإهيته فتأمل هذه الجلالة وهذه العظمة التيتضمنتها هذه الألفاظ الثلاثةعلى أبدع نظام ، وأحسن سياق ، رب الناس ملك الناس إلهالناس وقد اشتملت هذهالإضافات الثلاث على جميع قواعد الإيمان وتضمنت معانيأسمائه الحسنى ، أماتضمنها لمعاني أسمائه الحسنى فإن (الرب) : هو القادر ، الخالق
، البارئ ،المصور ، الحي ، القيوم ، العليم ، السميع ، البصير ، المحسن ، المنعم ،الجواد ، المعطي ، المانع ، الضار ، النافع ، المقدم المؤخر ، الذي يضل منيشاء ،ويهدي من يشاء ، ويسعد من يشاء ، ويشقى ويعز من يشاء ، ويشقى ويعزمن يشاء، ويذل من يشاء ، إلى غير ذلك من معاني زبوبيته التي له منها مايستحقه من الأسماءالحسنى . وأما (الملك ) فهو الأمر ، الناهي ، المعز ،المذل ، الذي يصرف أمور عبادهكما يجب ، ويقلبهم كما يشاء ، وله من معنىالملك ما يستحقه من الأسماء الحسنىكالعزيز ، الجبار ، المتكبر ، الحكم ،العدل ، الخافض ، الرافع ، المعز ، المذل ، الخافض، الرافع ، المعز ،المذل ، العظيم ، الجليل ، الكبير ، الحسيب ، المجيد ، الوي ،المتعالي ،مالك الملك ، المقسط ، الجامع ، إلى غير ذلك من الأسماء العائدة إلى الملك .
وأما (الإله) : فهو الجامع لجميع صفات الكمال ونعوت الجلال فيدخل في هذاالاسم جميعالأسماء الحسنى ولهذا كان القول الصحيح إن الله أصله الإلهكما هو قول سيبويهومهور أصحابه إلا من شذ منهم وإن اسم الله تعالى هوالجامع لجميع معاني الأسماءالحسنى والصفات العلى فقد تضمنت هذه الأسماءالثلاثة جميع معاني أسمائه الحسنىفكان المستعيذ بها جديراً بأن يعاذ ويحفظويمنع من الوسواس الخناس ولا يسلط عليه .
وإذا كان وحده هو ربنا ، وملكنا ،وإلهنا ، فلا مفزع لنا من الشدائد سواء ، ولا ملجأ لنامنه إلا إليه ، ولامعبود لنا غيره فلا ينبغي أن يدعى ، ولا يخاف ، ولا يرجى ، ولا يحبسواء ،ولا يذل لغيره ، ولا يخضع لسواء ، ولا يتوكل إلا عليه لأن من ترجوه ، وتخافه ،وتدعوه ، وتتوكل عليه إما أن يكون مربيك والقيم بأمورك ومتولي شأنك وهو ربكفلارب سواه ، أو تكون مملوكه وعبده الحق فهو ملك الناس حقاً وكلهم عبيدهومماليكه ،أو يكون معبودك وإلهك الذي لا تستغني عنه طرفه عين بل حاجتكإليه أعظم منحاجتك إلى حياتك ، وروحك ، وهو الإله الحق إله الناس الذي لاإله لهم سواه فمن كانربهم وملكهم ، وإلههم فهم جديرون أن لا يستعيذوابغيره ، ولا يستنصروا بسواه ، ولايلجؤا إلى غير حماه فهو كافيهم ، وحسبهم، وناصرهم ووليهم ، ومتولي أمورهمجميعاً بربوبيته ، وملكه ، وإلهيته لهم . فكيف لا يلتجئ العبد عند النوازل ونزول عدوهبه إلى ربه ومالكه وإلهه .
الخالق البارىء المصور الخلاّق خلق جميع الموجودات وبرأها ،وسواها بحكمته ، وصورها بحمده وحكمته ،الذي قالوهو لم يزل ولا يزال علىهذا الوصف العظيم . الله تعالى : ( هو الله الخالق البارئالمصور لهالأسماء الحسنى ) ( إن ربك هو الخلاق العليم المؤمن الذي أثنىعلى نفسه بصفات الكمال ، وبكمال الجلال والجمال ، الذي أرسل رسله ،وأنزلكتبه بالآيات والبراهين ، وصدق رسله بكل آية وبرهان ، يدل على صدقهم وصحةما جاءوا به .
المهيمن
المطلع على خفايا الأمور ، خباياالصدور ، الذي أحاط بكل شئ علماً ، وقال البغوي : الشهيد على عبادهبأعمالهم وهو قول ابن عباس ومجاهد وغيرهما يقال : هيمن يهيمنفهو مهيمن إذاكان رقيباً على الشي .
المحيط
قال الله تعالى : ( ولله ما فيالسموات وما في الأرض بكل شئ محيطاً) وقال عز وجل(وإن تصبروا وتتقوا لايضركم كيدهم شيئاً إن الله بما يعملون محيط ) . وهو الذي أحاطبكل شئ علماً، وقدره ورحمة،وقهراً وقد أحاط علمه بجميع المعلومات ، وبصره بجميعالمبصرات ، وسمعه بجميع المسموعات ، ونفذت مشيئته وقدرته بجميع الموجودات ،ووسعت رحمته أهل الأرض والسموات ، وقهر بعزته كل مخلوق ودانت له جميعالأشياء .
المقيت
قال الله تعالى : ( وكان الله على كل شئ مقيتاً ) فهو سبحانه الذي أوصل إلى كلموجود ما به يقتات ، وأوصل إليها أرزاقهاوصرفها كيف يشاء ، بحكمته وحمده . قالالراغب الأصفهاني : القوت ما يمكنالرمق وجمعه: أقوات قال الله تعالى : ( وقدر فيهاأقواتها ) وقاته يقوتهقوتاً : أطعمه قوته ، وأقاته يقته جعل له ما يقوته وفي الحديث (كفى بالمرءإثماً أن يضيع من يقوت) قال تعالى : ( وكان الله على كل شئ مقيتاً) قبل : مقتدراً ، وقيل : شاهداً ، وحقيبته قائماً عليه يحفظه ويقيته ، وقال في القاموسالمحيط : المقت : الحافظ للشئ ، والشاهد له والمقتدر ، كالذي يعطي كل أحدقوته ،وقال بن عباس رضي الله عنهما : مقتدراً أو مجازياً ، وقال مجاهد : شاهداً وقال قتادةحافظاً وقيل : معناه على كل حيوان مقيتاً : أي يوصلالقوت إليه ، وقال ابن كثير(وكان الله على كل شئ مقيتاً ) أي حفيظاً ،وقال مجاهد : شهيداً ، وفي رواية عنه : حسيباً ، وقيل : قديراً ، وقيل : المقيت الرازق ، وقيل مقيت لكل إنسان بقدر عمله .
الوكيل
قال الله تعالى : ( الله خالق كل شئ وهو على كل شئوكيل ) فهو سبحانه المتوليلتدبير خلقه ، بعلمه ، وكمال قدرته ، وشمولحكمته ، الذي تولى أوليائه ، فيسرهملليسرى ،وجنبهم العسرى ، وكفاهمالأمور . فمن اتخذه وكيلاً كفاه ( الله ولي الذينآمنوا يخرجهم من الظلماتإلى النور) ..
ذو الجلال والإكرام
أي : ذو العظمة والكبرياء ،وذو الرحمة ، والجود ، والإحسان العام والخاص. المكرملأوليائه وأصفيائه ،الذين يجلونه ، ويعظمونه ، ويحبونه ، قال الله تعالى : ( تبارك اسمربك ذيالجلال والإكرام) .
جامع الناس ليوم لاريب فيه
قال الله تعالى : (ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد) فاللهسبحانه وتعالى هو جامع الناس وجامع أعمالهم وأرزاقهم ، فلا يترك منها صغيرةولاكبيرة إلا أحصاها . وجامع ما تفرق واستحال من الأموات الأولين والآخرين، بكمالقدرته ، وسعة علمه .
الحق
الله عز وجل هو الحق فيذاته وصفاته . فهو واجب الوجود ، كامل الصفات والنعوت ،وجوده من لوازمذاته . ولا وجود لشئ من الأشياء إلا به فهو الذي لم يزال ، بالجلال ،والجمال ، والكمال موصوفاً . ولم يزل ولا يزال بالإحسان معروفاً . فقوله حق، وفعله ،حق ، ولقاؤه حق ، ورسله حق ، وكتبه حق ، ودينه هو الحق ، وعبادتهوحده لا شريكله ، هي الحق ، وكل شئ ينسب إليه ، فهو حق . (ذلك بأن الله هوالحق وأن ما يدعونمن دونه هو الباطل ، وأن الله هو العلي الكبير) . ( وقلالحق من ربكم ، فمن شاءفليؤمن ومن شاء فليكفر ) (فذلكم الله ربكم الحقفماذا بعد الحق إلا الضلال ) (وقل جاءالحق وزهق الباطل ، إن الباطلكان زهوقاً) وقال الله تعالى ( يومئذ يوفيهم الله دينهمالحق ويعلمون أنالله هو الحق المبين) فأوصافه العظيمة حق ، وأفعاله هي الحق ،وعبادته هيالحق ، ووعده حق ، ووعيده وحسابه هو العدل الذي لا جور فيه .
الجميل
صلى الله عليه وسلم ( إن الله جميل يحب الجمال) فهوسبحانه جميل بذاته ، وأسمائه ،وصفاته ، وأفعاله ، فلا يمكن مخلوقاً أنيعبر عن بعض جمال ذاته ، حتى أن أهلالجنة مع ما هم فيه من النعيم المقيمواللذات والسرور والأفراح التي لا يقدر قدرها إذارأوا ربهم وتمتعوا بجمالهنسوا ما هم فيه من النعيم ، وتلاشى ما هم فيه من الأفراح ،وودوا أن لوتدوم هذه الحال ، واكتسبوا من جماله ونوره جمالاً إلى جمالهم ، وكانتقلوبهم في شوق دائم ونزوع إلى رؤية ربهم ويفرحون بيوم المزيد فرحاً تكادتطير لهالقلوب ، وكذلك هو الجميل في أسمائه ، فإنها كلها حسنى بل أحسنالأسماء علىالإطلاق وأجملها ، قال تعالى ( ولله الأسماء الحسنى فأدعوه بها ) وقال تعالى (هلتعلم له سمياً ) فكأنها دالة على غاية الحمد والمجدوالكمال ، لا يسمى باسم منقسم إلى
كمال وغيره ، وكذلك هو الجميل في أوصافه، فإن أوصافه كلها أوصاف كمال
ونعوت ثناء وحمد ، فهي أوسع الصفات وأعمهاوأكثرها تعلقاً ، خصوصاً أوصاف
الرحمة ، والبر ، والكرم ، والجود ، وكذلكأفعاله كلها جميلة ، فإنها دائرة بين أفعالالبر والإحسان التي يحمد عليهاويثني عليه ويشكر ، وبين أفعال العدل التي يحمدعليها لموافقتها للحكمةوالحمد ، فليس في أفعاله عبث ، ولا سفه ، ولا سدى ، ولا ظلم، كلها خير، وهدى ورحمة ، ورشد ، وعدل ( إن ربي على صراط مستقيم) فلكماله الذيلايحصى أحد عليه به ثناء كملت أفعاله كلها فصارت أحكامه من أحسن الأحكام ،وصنعه وخلقه أحسن خلق وصنع : أتقن ما صنته (صنع الله الذي أتقن كل شئ) وأحسنما خلقه (الذي أحسن كل شئ خلقه) ( ومن أحسن من الله حكماً لقوميوقنون) والأكوانمحتوية على أصناف الجمال ، وجمالها من الله تعالى فهوالذي كساها الجمالوأعطاها الحسن ، فهو أولى منها لأن معطي الجمال أحقبالجمال ، فكل جمال فيالدنيا والآخرة باطني وظاهري خصوصاً ما يعطيه المولىلأهل الجنة من الجمال المفرط
في رجالهم ونسائهم ، فلو بدأ كف واحدة منالحور العين إلى الدنيا ، لطمس ضوءالشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم ، أليسالذي كساهم ذلك الجمال الذي ليس كمثلهشئ فهذا دليل عقلي واضح مسلمالمقدمات على هذه المسألة العظيمة وعلى غيرها منصفاته ، قال تعالى (وللهالمثل الأعلى) فكل ما وجد في المخلوقات من كمال لا يستلزمنقصاً ، فإنمعطيه وهو الله أحق به من المعطي بما لا نسبة بينه وبينهم ، كما لا نسبةلذواتهم إلى ذاته وصفاتهم إلى صفاته ، فالذي أعطاهم السمع والبصر والحياةوالعلموالقدرة والجمال أحق منهم بذلك ، وكيف يعبر أحد عن جمــاله وقــدقال أعلم الحق به :
(لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنين على نفسك) . (وقالصلى الله عليه وسلم وحجابهالنور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليهبصره من خلقه) فسبحان الله وتقدسعما يقولوه الظالمون النافون لكماله علواًكبيراً ، وحسبهم مقتاً وخساراً أنهم حرموا منالوصول إلى معرفته والابتهاجبمحبته . قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح (لا أحد أصبر على أذىسمعه من الله ، يجعلون له الولد وهو يعافيهم ويرزقهم) وقالأيضاً في الصحيح : قال الله تعالى : ( كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك . وشتمني ابن آدمولميكن له ذلك ، فأما تكذيبه إياي فقوله : لن يعيدني كما بدأني ، وليس أول الخلقبأهون على من إعادته ، وأما شتمه إياي فقوله إن لي ولداً وأنا الأحد الصمدالذي لميلد ولم يولد ولم يكن له كفؤاً أحد ) . فالله تعالى يدر على عبادهالأرزاق المطيع منهموالعاصي ، والعصاة لا يزالون في محاربته وتكذيبهوتكذيب رسله والسعي في إطفاءدينه ، والله تعالى حليم على ما يقولون ومايفعلون ، يتتابعون في الشرور وهو يتابععليهم النعم وصبره أكمل صبر لأنه عنكمال قدرة وكمال غنى عن الخلق وكمال رحمةوإحسان ، فتبارك الرب الرحيم الذيليس كمثله شئ الذي يحب الصابرين ويعينهم فيكل أمرهم
الحميد
قال الله تعالى : ( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هوالغني الحميد) . ذكر ابنالقيم رحمه الله أن الله حميد من وجهين : أحدهما : أن جميع المخلوقات ناطقة بحمده ،فكل حمد وقع من أهل السموات والأرضالأولين منهم والآخرين ، وكل حد يقع منهم فيالدنيا والآخرة ، وكل حد لميقع منهم بل كان مفروضاً ومقدراً حيثما تسلسلت الأزمانواتصلت الأوقات ،حمداً يملأ الوجود كله العالم العلوي والسفلي ، ويملأ نظير الوجود منغيرعد ولا إحصاء ، فإن الله تعالى مستحقة من وجوه كثيرة : منها أن الله هو الذيخلقهم ، ورزقهم ، وأسدى عليهم النعم الظاهرة والباطنة ، الدينية والدنيوية، وصرفعنهم النقم والمكاره ، فما بالعباد من نعمة فمن الله ، ولا يدفعالشرور إلا هو ،فيستحق منهم أن يحمدوه في جميع الأوقات ، وأن يثنوا عليهويشكروه بعدداللحظات . الوجه الثاني : أنه يحمد على ما له من الأسماءالحسنى والصفات الكاملةالعليا والمدائح والمحامد والنعوت الجليلة الجميلة، فله كل صفة كمال وله من تلك الصفةأكملها وأعظمها ، فكل صفة من صفاتهيستحق عليها أكمل الحمد والثناء ، فكيفبجميع الأوصاف المقدسة ، فله الحمدلذاته ، وله الحمد لصفاته ، وله الحمد لأفعاله ، لأنهادائرة بين أفعالالفضل والإحسان ، وبين أفعال العدل والحكمة التي يستحق عليهاكمال الحمد ،وله الحمد على خلقه ، وعلى شرعه ، وعلى أحكامه القدرية ، وأحكامهالشرعية ،وأحكام الجزاء في الأولى والآخرة ، وتفاصيل حمده وما يحمد عليه لا تحيطبهاالأفكار ، ولا تحصيها الأقلام
الحليم
قال الله تعالى : (واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أن الله غفورحليم ) . الذي يدر على خلقه ، النعم الظاهرة الباطنة ، مع معاصيهم وكثرة زلاتهم ،فيحلم عن مقابلة العاصين بعصيانهم . ويستعتبهم كي يتوبوا ، ويمهلهم كيينيبوا وهوالذي له الحلم الكامل الذي وسع أهل الكفر والفسوق ،والعصيان حيثأمهلهم ولميعاجلهم بالعقوبة ليتوبوا ولو شاء لأخذهم بذنوبهم فور صدورهامنهم ، فإن الذنوبتقتضي ترتب آثارها عليها من العقوبات العاجلة المتنوعةولكن حلمه سبحانه هو الذياقتضى إمهالهم كما قال تعالى ( ولو يؤاخذ اللهالناس بما كسبوا ما ترك على ظهرهامن دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذاجاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا).
وقال تعالى : ( ولو يؤاخذ اللهالناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلىأجل مسمى فإذا جاءأجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) .
البر الوهاب
قالالله تعالى ( إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم ) وقال سبحانه ( ربنا لا تزغقلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ) . من أسمائهتعالى (البرالوهاب) الذي شمل الكائنات بأسرها ببره وهباته وكرمه ، فهومولى الجميل ودائمالإحسان وواسع المواهب ، وصفة البر وآثار هذا الوصف جميعالنعم الظاهرة والباطنة ،فلا يستغني مخلوق عن إحسانه وبره طرفة عين . وإحسانه عام وخاص : 1ـ فالعامالمذكور في قوله : ( ربنا وسعت كل شئ رحمةوعلماً ) ( ورحمتي وسعت كلشئ) وقال تعالى : ( وما بكم من نعمة فمن الله ) وهذا يشترك فيه البر والفاجر وأهل السماءوأهل الأرض والمكلفون وغيرهم . 2ـوالخاص رحمته ونعمه على المتقين حيث قال : ( فسأكتبها للذين يتقون ويؤتونالزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذي يتبعون الرسولالنبي الأمي) وقال ( إن رحمة الله قريب من المحسنين) وفي دعاء سليمان ( وأدخلنيبرحمتك فيعبادك الصالحين ) وهذه الرحمة الخاصة التي يطلبها الأنبياء واتباعهم ،تقتضي التوفيق للإيمان ، والعلم والعمل ، وصلاح الأحوال كلها ، والسعادةالأبدية ،والفلاح والنجاح ، وهي المقصود الأعظم لخواص الخلق ، وهو سبحانهالمتصف بالجود ،وهو كثرة التفضل والإحسان ، وجوده تعالى أيضاً نوعان: 1ـجود مطلق عم جميعالكائنات وملأها من فضله وكرمه ونعمه المتنوعة. 2ـ وجودخاص بالسائلين بلسانالمقال أو لسان الحال من بر وفاجر ومسلم وكافر ، فمنسال الله أعطاه سؤله وأنالهما طلب فإنه البر الرحيم ( وما بكم من نعمة فمنالله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجئرون) . ومن جوده الواسع ما أعده لأوليائهفي دار النعيم مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولاخطر على قلب بشر.
الواحد الأحد
قال الله تعالى : ( قل هو الله أحد ) وقالسبحانه ( قل الله خالق كل شئ وهو الواحدالقهار ) . وهو الذي توحد بجميعالكمالات ، بحيث لا يشاركه فيه مشارك . ويجب علىالعبد توحيده ، عقداًوقولاً وعملاً ، بأن يعترفوا بكماله المطلق وتفرده بالوحدانيةويفردوهبأنواع العبادة . والأحد ، يعني : الذي تفرد بكل كمال ، ومجد وجلال وجمالوحمد وحكمه ورحمة وغيرها من صفات الكمال . فليس له فيها مثيل ولا نظير ،ولامناسب بوجه من الوجوه ، فهو الأحد في حياته وقيوميته ، وعلمه وقدرته ،وعظمتهوجلاله ، وجماله وحمده ، وحكمته ، ورحمته ، وغيرها من صفاته ، موصوفبغايةالكمال ونهايته ، من كل صفة من هذه الصفات . ومن تحقيق أحديته وتفردهبها أنه (الصمد) أي : الرب الكامل ، والسيد العظيم، الذي لم يبق صفة كمالإلا اتصف بها ،ووصف بغايتها وكمالها ، بحيث لا تحبط إلا اتصف بها ،ووصف بغايتها وكمالها ، بحيثلا تحيط الخلائق ببعض تلك الصفات بقلوبهم ، ولاتعبر عنها ألسنتهم.
المتكبر
قال الله تعالى : ( هو الله الذي لا إلهإلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيزالجبار المتكبر سبحانالله عما يشركون ) . فهو سبحانه المتكبر عن السوء ، والنقصوالعيوب ،لعظمته وكبريائه .
الكافي
قال الله تعالى ( أليس الله بكافعبده) . فهو سبحانه الكافي عباده جميع ما يحتاجونويضطرون إليه . الكافيكفاية خاصة ، من أمن به ، وتوكل عليه ، واستعد منه حوائجدينه ودنياه .
الواسع
قال الله تعالى ( والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً واللهواسع عليم) فهو سبحانه وتعالىواسع الصفات ، والنعوت ، ومتعلقاتها ، بحيثلا يحصي أحد ثناء عليه ، بل هو كماأثنى على نفسه . واسع العظمة ، والسلطان، والملك ، واسع الفضل ، والإحسان ،عظيم الجود والكرم
الإله
هو الجامع لجميع صفات الكمال ونعوت الجلال ، فق دخل فيهذا الاسم جميع الأسماءالحسنى ، ولهذا كان القول الصحيح أن (الله) أصله (الإله) وأن اسم (الله) هو الجامعلجميع الأسماء الحسنى والصفات العلىوالله أعلم . قال الله تعالى ( إنما الله إله واحدسبحانه أن يكون له ولدله ما في السموات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا)
بناء الإنسان هو الهدف الأسمى الذي نبذل كل جهد من أجل تحقيقه
سيدي صاحب السمو الشيخ
خليفه بن زايد ال نهيان
رئيس دولة الامارات العربية المتحدة
حفظه الله ورعاه