في الطعن بالتمييز رقمي 216 ـ 229 لسنة 2003 جزاء
في الطعن بالتمييز رقمي 216 ـ 229 لسنة 2003 جزاء
في الجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الموافق 25/10/2003
برئاسة محمد محمود راسم رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة الدكتور علي ابراهيم الامام و صلاح محمد احمد و محمد نبيل محمد رياض و احمد فرحات
موجز القاعدة
(1) مسئولية "مسئولية جنائية" .
المرض العقلي التي تنعدم به المسئولية ، المادة 60 من قانون العقوبات و المرض النفسي الذي يوجب ايداع المتهم مأوى علاجي ، المادة 133 من قانون العقوبات ماهية كل منها ، الامراض النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وادراكه لا تعد سببا لانعدام المسئولية .
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير حالة المتهم العقلية" .
تقدير حالة المتهم العقلية من سلطة محكمة الموضوع .
(3) خبرة . محكمة الموضوع ـ سلطتها في تقدير تقرير الخبير .
تقدير اراء الخبراء من سلطة محكمة الموضوع ، عدم التزامها بندب خبير ولا باعادة المأمورية الى ذات الخبير او دعوة الخبير لمناقشته لها ان تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره طالما ان الرأي الذي انتهت اليه لا يجافي العقل و المنطق .
(4) قصد جنائي . حريق .
القصد الجنائي في جريمة الحريق ، المادة 304 من قانون العقوبات مناط تحققه ـ عدم اشتراط تعمد قتل شخص او اكثر او العلم بوجود اشخاص في المكان الذي ارتكبت فيه الجريمة لتطبق حكم المادة 308 من قانون العقوبات ، علة ذلك .
(5) اشتراك .
الاشتراك بالاتفاق مناط تحققه ، اتحاد نية اطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه ، النية امر داخلي لا يقع تحت الحواس .
(6) اشتراك .
الاشتراك بالاتفاق ، جواز استدلال القاضي الجنائي عليه بان دليل مباشر او بطريق الاستنتاج او من فعل لاحق للجريمة .
(7) اثبات "اعتراف" . محكمة الموضوع سلطتها في تقدير اعتراف المتهم .
الاخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين ولو لم يكن معززا بدليل آخر من سلطة محكمة الموضوع متى اطمأنت الى صحته ومطابقته للواقعة و الحقيقة ، عدم التزامها بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي .
المبدأ القانوني
[1] من المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ان المرض العقلي الذي يوصف بانه جنون او عاهة في العقل وتنعدم به المسئولية قانونا طبقا لنص المادة 60 من قانون العقوبات هو ذلك المرض الذي من شأنه ان يعدم الشعور و الادراك .
[2] من المقرر ان تقدير حالة المتهم العقلية من الامور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها مادامت تقيم تقديرها على اسباب سائغة .
[3] من المقرر ان تقدير اراء الخبراء و الفصل فيما يوجه الى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه الى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم لها دون ان تلتزم بندب خبير ولا باعادة المأمورية ذات الخبير او دعوة الخبير لمناقشته ، كما ان لها ان تجزم به الخبير في تقريره مادام ان الرأي الذي انتهت اليه لا يجافي العقل و المنطق .
[4] لما كانت المادة 304 تنص على انه يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن سبع سنوات كل من اضرم النار عمدا في ابنية مسكونة او معدة للسكن ، كما نصت المادة 308 من ذات القانون على انه اذا نجم عن الحريق وفاة انسان عوقب مضرم النار بالاعدام في الحالات التي نصت عليها المادة 304 سالفة البيان ويتحقق القصد الجنائي في الجريمة المنصوص عليها في المادة 304 سالفة البيان بمجرد وضع الجاني النار في المسكون او المعد للسكن او احد ملحقاته و العمد في مفهوم هذه المادة هو اتجاه الارادة اختيارا الى وضع النار ايا كان الباعث عليه ولا يشترط لتطبيق حكم المادة 308 ان يكون الجاني قد تعمد قتل شخص او اكثر ولا يكون قد علم بوجود اشخاص في المكان الذي ارتكب فيه جريمة الحريق ذلك ان القانون قد اخذ في هذا الصدد بنظرية القصد الاحتمالي فجعل الجاني مسئولا عن وفاة الاشخاص الذي ينجم عن الحريق باعتبار انه كان يتعين عليه ان يتوقع هذه النتيجة ولو لم يتوقع هذه النتيجة ول يتوقعها بالفعل وبالتالي فان الجاني مضرم النار يكون مسئولا عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الاجرامي ولو وجدت عوامل اخرى تعاونت بطريق مباشر او احداث الوفاة مادامت لم تتدخل عوامل غير مألوفة وتقطع رابطة السببية بين فعل الجاني و النتيجة وفقا للمجرى العادي للامور فيكون الجاني مسئولا عن النتائج المحتملة لجريمته الاصلية متى كان في مقدوره او كان من واجبه ان يتوقع حدوثها كما في الدعوى الراهنة .
[5] من المقرر ان الاشتراك بالاتفاق يتحقق باتحاد نية اطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية امر داخلي لا يقع تحت الحواس وليست لها علامات مادية ظاهرة .
[6] من المقرر ان القاضي الجنائي من سلطته تكوين عقيدته من أي مصدر شاء وله ان لم يقم على هذا الاشتراك دليل مادي مباشر من اعتراف او شهادة شهود او غيره ان يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه مادام هذا الاستدلال سائغا مستمدا من الظروف و الملابسات ، كما له ان يستدل عليه من فعل لاحق للجريمة واذ استخلص الحكم الابتدائي المؤيد لاسبابه بالحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى بما لها اصل صحيح في الاوراق وتؤدي الى ما قصده الحكم منها ان اتفاقا مسبقا بين الطاعن وباقي المتهمين على اشعال الحريق بتوقيف مركز الشرطة وما نتج عنه من وفاة المجني عليهم اخذا باعتراف المتهمين الاول و الثاني والخامس والسادس وما اقر به الطاعن من تصرف لاحق لاشعال الحريق وقاية لنفسه فان هذا حسبه ان يستقيم قضاؤه .
[7] من المقرر ان لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في الاخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين متى اطمأنت الى صحته ومطابقته للواقع والحقيقة ولو لم يكن معززا بدليل اخر وهي من بعد غير ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها و الرد على ذلك مستفاد ضمنا من القضاء بالادانة استنادا الى الادلة التي اوردها الحكم .
حكم المحكمة
بعد الاطلاع على الاوراق و تلاوة تقرير التلخيص الذي اعده السيد القاضي محمد نبيل محمد رياض و سماع المرافعة والمداولة قانونا ،،،
حيث ان الطعنين استوفيا الشكل المقرر في القانون ،،،
وحيث ان النيابة العامة اتهمت (1) ----------- (2) ------------- (3) -------------- (4) ------------- (5) -------------- (6) ------------ في الجناية رقم 11926/2001 بانهم في يوم 29/10/2002 بدائرة مركز شرطة بر دبي
أولاً: المتهم الاول: اضرم النار عمدا في توقيف مركز شرطة بر دبي في العنبر المخصص للاحداث سابقا وذلك بان قام باستخدام مواد قابلة للاشتعال (بطانيات ومراتب اسرة) بمصدر حراري عن ولاعة اضرم بها النار في المواد المذكورة مما ادى الى وفاة اربعة عشر شخصا كانوا في الحبس الاحتياطي على النحو الثابت بالاوراق .
ثانياً: المتهمون من الثاني للسادس: اشتركوا مع المتهم بطريق التحريض و الاتفاق و المساعدة في اضرام النار عمدا في توقيف مركز شرطة بر دبي في العنبر المخصص للاحداث سابق بان بيتوا النية معه وقاموا بدور المراقبة بعد ان زودهم المتهم الرابع بالولاعة التي استخدمها في اضرام النار فوقعت الجريمة بناء على ذلك التحريض وتلك المساعدة و الاتفاق .
ثالثاً: المتهمون جميعاً: التفوا عمدا جدران الزنزانات ومحتوياتها من اسرة ومستلزماتها و انطمة مكبرات الصوت في مبنى عام مخصص لاحدى الدوائر الحكومية (مركز شرطة بر دبي) وترتب على ذلك تعطيل العمل بهذا المكان من المبنى وجعل حياة من كان به من الموقوفين الآخرين في خطر على النحو الثابت بالاوراق .
وطلبت عقابهم بالمواد 5 ، 44/1-2-3 ، 46 ، 47 ، 190/1-2-5 ، 304 ، 308 عقوبات ، وبتاريخ 9/4/2003 حكمت محكمة الجنايات :-
اولا وباغلبية الاراء بمعاقبة كا من المتهمين الثاني و السادس و ------------ بالسجن المؤبد .
ثانياً معاقبة كل من باقي المتهمين ---------- و ----------- و ----------- و ------------- بالسجن المؤبد .
ثالثا بالزام المتهمين جميعا و على سبيل التضامن باداء مبلغ 209838 درهما وعشرة فلوس قيمة ما تم اتلافه بعد ان اعملت المحكمة المادة 88 عقوبات بشأن الارتباط بين الجرائم المسندة للمتهمين و اعمال عذر حداثة السن بالنسبة للمتهمين الاول و الثالث و الرابع و الخامس وعدم تحقق اجماع القضاة على توقيع عقوبة الاعدام بالنسبة للمتهمين الثاني و السادس .
لم يرتض المحكوم عليهم هذا الحكم فطعن عليه المتهم الرابع ------------- بالاستئنافين رقمي 1242، 1309/2003 ، وطعن عليه المتهم الاول ------------ بالاستنئافين رقمي 1269 ، 1305/2003 وطعن عليه المتهم الثاني -------------------- بالاستئناف رقم 1304/2003 وطعن عليه المتهم الثالث ------------------ بالاستئناف رقم 1307/2003 وطعن عليه المتهم السادس ---------------- بالاستئناف رقم 1308/2003 وطعن عليه المتهم الخامس ------------------ بالاستئناف رقم 1310/2003 ، وبتاريخ 8/6/2003 حكمت المحكمة برفضها و تأييد الحكم المستأنف .
طعن المتهم الاول ---------------- في هذا الحكم بالتمييز رقم 216/2003 بموجب تقرير مؤرخ 29/6/2003 مرفق به مذكرة باسباب الطعن موقع عليها من محاميه الموكل طلب فيها نقضه ، كما طعن عليه المتهم الثالث ------------------ بالتمييز رقم 229/2003 بموجب تقرير مؤرخ 7/7/2003 مرفق به مذكرة باسباب الطعن موقع عليها من محاميه الموكل طلب فيها نقضه وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعنين .
وحيث ان المحكمة امرت بضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد .
أولاً: الطعن رقم 216/2003 المقام من المحكوم عليه --------------- .
حيث ان الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب و الفساد في الاستدلال و الخطأ في تطبيق القانون ذلك ان الحكم المطعون فيه لم يرد على دفاع الطاعن بخصوص مسئوليته الجنائية اذ ان التقرير الطبي لم يجزم بحالته العقلية والنفسية وقت الحادث والى انه مصاب باكتئاب تفاعلي و استدل الحكم على ذلك باعتراف الطاعن امام سلطة التحقيق حالة ان ذلك لا يتأدى منه انه لم يكن مريضا وقت وقوع الحادث وكان يتعين استدعاء معد التقرير لمناقشته وما ساقه الحكم لادانة الطاعن لا يتوافر به الدليل القاطع ولم يثبت توافر العمد ، كما ان ما نتج عن الحريق لا يسأل عنه المتهم وكان الامكان السيطرة عليه اذ اهمل رجال الشرطة في اداء واجبهم اذ كان يتعين عليهم فتح ابواب الزنزانات المغلقة فضلا عن اجهزة اطفاء الحريق كانت داخل غرفة مغلقة واذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فانه يكون معيبا بما يستوجب نقضه .
وحيث ان الحكم الابتدائي المؤيد لاسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما و اورد على ثبوتهما في حقه ادلة سائغة لها معينها الصحيح من اوراق الدعوى ومن شأنها ان تؤدي الى ما رتبه الحكم عليها مستمدة مما شهد به عدد من الموقوفين بمركز الشرطة وهم --------------- و ---------------- و ---------------- و ------------------ وما شهد به خبير الحرائق ------------------ والطبيب الشرعي ---------------- بتحقيقات النيابة العامة واعتراف المتهم الطاعن بالتحقيقات وبجلسة المحاكمة وما قرره باقي المتهمين من الثاني حتى السادس بتلك التحقيقات واعتراف الاخير بذلك وما اثبتته التقارير الطبية الشرعية و المختبر الجنائي ومعاينة النيابة العامة لمكان الحادث وكتاب الادارة العامة للخدمات و التجهيزات الذي قدر تكلفة اصلاح الاضرار الناتجة عن الحريق بمبلغ 209838 وعشرة فلوس ، لما كان ذلك وكان من المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ان المرض العقلي الذي يوصف بانه جنون او عاهة في العقل وتنعدم به المسئولية قانونا طبقا لنص المادة 60 من قانون العقوبات هو ذلك المرض الذي من شأنه ان يعدم الشعور و الادراك ، كما ان المرض النفسي الذي يوجب ايداع المتهم مأوى علاجيا عملا بالمادة 133 من قانون العقوبات فهو الذي يفقد الشخص التحكم في تصرفاته بصفة مطلقة اما الامراض النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره او ادراكه فلا تعد سببا لانعدام المسئولية ، لما كان ذلك وكان من المقرر ان تقدير حالة المتهم العقلية من الامور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها مادامت تقيم تقديرها على اسباب سائغة ، وكان من المقرر ان تقدير اراء الخبراء و الفصل فيما يوجه الى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه الى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم لها دون ان تلتزم بندب خبير ولا باعادة المأمورية ذات الخبير او دعوة الخبير لمناقشته ، كما ان لها ان تجزم به الخبير في تقريره مادام ان الرأي الذي انتهت اليه لا يجافي العقل و المنطق ، لما كان ذلك وكان الحكم بالابتدائي المؤيد لاسبابه بالحكم المطعون فيه قد استخلص من ظروف الحال وملابسات الواقعة المسندة الى الطاعن باضرام النار في مكان الحادث وتصرفاته بصدد ارتكاب هذا الفعل سواء ما كان منها سابقا باتفاقه مع باقي المتهمين و التخطيط لارتكاب الجريمة واختيار التوقيت لارتكابها وتحديد مكانها و الكيفية التي قام بواسطتها تنفيذ الجريمة على النحو الذي استخلصته المحكمة واعترافه امام سلطة التحقيق تفصيلا بالجرم المسند اليه واجباته عن الاسئلة التي وجهت اليه في هدوء واتزان وادراك كامل مصورا الواقعة ودور كل من المتهمين واستدلت بذلك على سلامة قواه العقلية وتمتعه بكامل الشعور و الادراك فضلا عملا افاد به كتاب قسم الامراض النفسية بمستشفى راشد من انه مصاب باكتئاب تفاعلي ولا توجد لديه اعراض ذهانية او هلاوس واطرحت دفاع الطاعن في هذا الشأن واذ كان هذا الذي خلصت اليه محكمة الموضوع بثبوت مسئولية الطاعن عما اسند اليه على النحو الذي اوردته كافيا لاطراحه بما يتفق مع العقل و المنطق ومن ثم يكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد غير سديد ، لما كانت المادة 304 تنص على انه يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن سبع سنوات كل من اضرم النار عمدا في ابنية مسكونة او معدة للسكن ، كما نصت المادة 308 من ذات القانون على انه اذا نجم عن الحريق وفاة انسان عوقب مضرم النار بالاعدام في الحالات التي نصت عليها المادة 304 سالفة البيان ويتحقق القصد الجنائي في الجريمة المنصوص عليها في المادة 304 سالفة البيان بمجرد وضع الجاني النار في المسكون او المعد للسكن او احد ملحقاته و العمد في مفهوم هذه المادة هو اتجاه الارادة اختيارا الى وضع النار ايا كان الباعث عليه ولا يشترط لتطبيق حكم المادة 308 ان يكون الجاني قد تعمد قتل شخص او اكثر ولا يكون قد علم بوجود اشخاص في المكان الذي ارتكب فيه جريمة الحريق ذلك ان القانون قد اخذ في هذا الصدد بنظرية القصد الاحتمالي فجعل الجاني مسئولا عن وفاة الاشخاص الذي ينجم عن الحريق باعتبار انه كان يتعين عليه ان يتوقع هذه النتيجة ولو لم يتوقع هذه النتيجة ول يتوقعها بالفعل وبالتالي فان الجاني مضرم النار يكون مسئولا عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الاجرامي ولو وجدت عوامل اخرى تعاونت بطريق مباشر او احداث الوفاة مادامت لم تتدخل عوامل غير مألوفة وتقطع رابطة السببية بين فعل الجاني و النتيجة وفقا للمجرى العادي للامور فيكون الجاني مسئولا عن النتائج المحتملة لجريمته الاصلية متى كان في مقدوره او كان من واجبه ان يتوقع حدوثها كما في الدعوى الراهنة ، لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع قد انتهت في منطق سائغ وسليم الى مسئولية الطاعن وباقي المتهمين عن وفاة اربعة عشر شخصا من الموقوفين بمركز الشرطة وانه بفرض وقع اهمال من رجال الشرطة فانها لا تقطع رابطة السببية بين الفعل الذي قارفه المتهم ووفاة هؤلاء الاشخاص نتيجة استنشاق غاز اول اكسيد الكربون السام الناتج عن الحريق حسبما شهد به الطبيب الشرعي و اثبته في تقريره وهي اسباب سائغة لها معينها الصحيح في الاوراق ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد ، لما كان ما تقدم فان الطعن برمته يكون على غير اساس متعين الرفض موضوعا .
ثانياً: الطعن رقم 229/2003 المقام من المحكوم عليه ---------------- .
حيث ان الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب و الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالاوراق و الخطأ في تطبيق القانون وذلك لتخلف اركان الاشتراك في الجريمة ذلك ان الثابت ان هناك اتفاق على ارتكاب الحادث بين ثلاثة متهمين فقط وهم الاول والرابع والسادس ولم يكن للطاعن أي دور في الجريمة من تحريض او اتفاق او مساعدة ولم يقم باي عمل يدخله في مفهوم الاشتراك فيه وليس في الاوراق ما يفيد مساهمته سوى اقوال المتهم الاول التي جاءت مرسلة وغير مؤيدة بدليل آخر ولا يغير من ذلك وجود الطاعن مع المتهم الاول في غرفة واحدة ، كما ان اقوال المتهم الاول والسادس على الطاعن تفتقد الى المصداقية وجاءت اقوال الشاهد ----------------- خالية من دليل قبل الطاعن وكذا اقوال --------------- و ------------------- كما ان تصرفات رجال الشرطة استغرقت خطأ المتهمين ساهمت في احداث النتيجة المتمثلة في وفاة المجني عليهم ، كما ان ظروف الحادث كانت تستدعي اخذ المتهم بالرأفة مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث ان الحكم الابتدائي المؤيد لاسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما و اورد على ثبوتهما في ادلة سائغة لها معينها الصحيح من اوراق الدعوى ومن شأنها ان تؤدي الى ما رتبه الحكم عليها مستمدة مما شهد به بعض الموقوفين بمركز الشرطة وهم ---------------- و ---------------- و ---------------- و ---------------- وما شهد به خبير الحرائق و الطبيب الشرعي و اعتراف المتهمين الاول والسادس وما قرره باقي المتهمين وما اثبته التقارير الطبية الشرعية و المختبر الجنائي ومعاينة النيابة العامة ، لما كان ذلك وكان من المقرر ان الاشتراك بالاتفاق يتحقق باتحاد نية اطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية امر داخلي لا يقع تحت الحواس وليست لها علامات مادية ظاهرة ، ومن المقرر ان القاضي الجنائي من سلطته تكوين عقيدته من أي مصدر شاء وله ان لم يقم على هذا الاشتراك دليل مادي مباشر من اعتراف او شهادة شهود او غيره ان يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه مادام هذا الاستدلال سائغا مستمدا من الظروف و الملابسات ، كما له ان يستدل عليه من فعل لاحق للجريمة واذ استخلص الحكم الابتدائي المؤيد لاسبابه بالحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى بما لها اصل صحيح في الاوراق وتؤدي الى ما قصده الحكم منها ان اتفاقا مسبقا بين الطاعن وباقي المتهمين على اشعال الحريق بتوقيف مركز الشرطة وما نتج عنه من وفاة المجني عليهم اخذا باعتراف المتهمين الاول و الثاني والخامس والسادس وما اقر به الطاعن من تصرف لاحق لاشعال الحريق وقاية لنفسه فان هذا حسبه ان يستقيم قضاؤه ، ذلك انه ليس على المحكمة ان تدلل على حصول الاشتراك بادلة مادية محسوسة بل يكفي للقول بيام الاشتراك ان تستخلصه المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد ، ومن المقرر ان لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في الاخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين متى اطمأنت الى صحته ومطابقته للواقع والحقيقة ولو لم يكن معززا بدليل اخر وهي من بعد غير ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها و الرد على ذلك مستفاد ضمنا من القضاء بالادانة استنادا الى الادلة التي اوردها الحكم ولما كان الحكم المطعون فيه قد اطمأن الى اعتراف المتهمين الاول و الثاني و الخامس و السادس على الطاعن فضلا عما اورده من قرائن اخرى فان ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل الى جدل موضوعي يهدف الى التشكيك فيما خلصت اليه المحكمة في تدليل سائغ وهو مالا يجوز اثارته امام محكمة التمييز ، لما كان ذلك وكان منعى الطاعن بمسئولية رجال الشرطة عن الحادث وانقطاع رابطة السببية بين اشعال المتهمين للحريق ووفاة المجني عليهم وبين تصرف رجال الشرطة ومدى مسئولية المتهمين فقد سبق الرد عليه في الطعن السابق رقم 216/2003 المقام من المتهم الاول مما لا ترى معه المحكمة محلا لترديده في الطعن ، لما كان ذلك وكان الثابت ان الحكم المطعون فيه قد اعمل عذر حداثة السن بالنسبة للطاعن وكان من المقرر ان تقدير العقوبة في الحدود المقررة وتقدير مناسبة العقوبة بالنسبة لكل متهم هو من اطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون ان تسأل حسابا عن الاسباب التي من اجلها اوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته في حدود القانون ومن ثم فان ما يثيره الطاعن عن مقدار العقوبة التي اوقعها الحكم عليه لا يكون مقبولا ، لما كان ما تقدم فان الطعن برمته يكون على غير اسا متعين الرفض موضوعا .
حكمت المحكمة برفض الطعنين رقمي 216 ، 229/2003
بناء الإنسان هو الهدف الأسمى الذي نبذل كل جهد من أجل تحقيقه
سيدي صاحب السمو الشيخ
خليفه بن زايد ال نهيان
رئيس دولة الامارات العربية المتحدة
حفظه الله ورعاه