الجريمة الإلكترونية والقوانين[سباق الأرنب والسلحفاة]
الجريمة الإلكترونية والقوانين[سباق الأرنب والسلحفاة]
ولاء حنفي
القوانين لا تزال عاجزة عن وقف الجريمة الإلكترونية
"لا تزال القوانين تسير بخطا السلحفاة، بينما التكنولوجيا تهرول كالأرنب".. هذه العبارة التي قالها الخبير القانوني د. عمرو عبد المتعال بالمؤتمر الأول للجريمة الإلكترونية الذي عقد بالقاهرة يومي 26 و27 نوفمبر 2007، تلخص إلى حد كبير الهدف الذي أقيم المؤتمر من أجله.
فالجريمة الإلكترونية، كما قال د. عبد المتعال، أضحت مصطلحا جديدا بدأ يتكرر سماعه مع انتشار وتوغل وسائل التكنولوجيا والاتصال في حياتنا اليومية، ومع التطور المتسارع بتلك الوسائل لا تزال القوانين اللازمة لمواجهتها لا تتطور بالشكل المناسب.
ورغم هذه الصلة بين القانون والتكنولوجيا التي بدت في كلمة د. عبد المتعال، فإن الشق العلمي والتكنولوجي، والذي يعتبر هو الفارق بين الجريمة الإلكترونية والعادية، كان غائبا، فركزت أغلب الأوراق المقدمة على الشق القانوني والجنائي للقضية، واتفق أغلبها على قصور التشريعات الحالية سواء محليا أو دوليا. وعلى أهمية المضي بشكل أسرع لإقرار مثل تلك القوانين، خاصة مع اتجاه أغلب الدول لاستخدام البطاقات الإلكترونية الذكية سواء في بطاقات الهوية أو المبادلات الاقتصادية.
وأشار د.رفعت عبد المجيد، نائب رئيس محكمة النقد المصرية، إلى أن هناك حاجة إلى تعديل القوانين القائمة، وليس فقط وضع قوانين جديدة، لتكتمل منظومة المواجهة للجرائم الإلكترونية باختلاف أشكالها وأنواعها.
شراكة القطاع العام والخاص
ورغم أهمية الجانب القانوني في المواجهة، كما بدا من حديث د. عبد المجيد، فإن د. عبد المتعال أضاف إليه أهمية التعاون بين القطاع العام والخاص لمكافحة ومواجهة الجريمة الإلكترونية. وأشار إلى أن نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص كأسلوب لتمويل وإدارة المشروعات من خلال منظومة متكاملة هو نموذج مقترح لحل المصاعب التمويلية والفنية والإدارية في مكافحة جرائم الفضاء المعلوماتي، وذلك لمساعدة الدول ورفع الأعباء المالية عن كاهلها.
وذكر بورقته بعض المجالات التي يمكن التعاون فيها بين القطاعين، وهي:متابعة ومراقبة أنشطة جرائم الفضاء المعلوماتي، وإنشاء شراكة في حقول البحث والتطوير، وفي مجال جمع البيانات والأدلة الجنائية، وتمويل وإنشاء وإدارة المنشآت الخاصة بأمن المعلومات والاتصالات والأدلة الجنائية بما يسمح باستغلال إمكانات كل قطاع لتوفير أكبر قدر من الأمن المعلوماتي.
الوقاية خير من العلاج
وإذا كانت وسائل المواجهة التي طالبت بها الآراء السابقة تأتي بعد وقوع الجريمة الإلكترونية، فإن شركة مايكروسوفت الراعية للمؤتمر من منطلق مبدأ "الوقاية خير من العلاج"، طالبت إلى جانب هذه الوسائل بتعليم الأبناء والآباء والمعلمين التعامل السليم مع الإنترنت، حتى لا يكونوا صيدا سهلا لمحترفي الجريمة.
وعرضت الشركة في هذا الإطار لبرنامجها “Know IT All ” الذي أسسته ببريطانيا بالتعاون مع شبكة الأطفال الدولية وما يسمى بـ " القوات الدولية الافتراضية " Virtual Global Taskforce " من الولايات المتحدة وكندا وأستراليا والإنتربول، ويهدف لتعليم التعامل السليم مع الإنترنت، وهو متاح مجانا على شبكة الإنترنت كما أنه مترجم لتسع لغات من بينها العربية والأردية.
ويدعم حركة مايكروسوفت في هذا الاتجاه ما أشار إليه أحدث تقرير ببريطانيا إلى أن ½ المستهلكين عبر الإنترنت لا يستوثقون من أمن وسلامة المواقع عند التسوق على الإنترنت،
وبسبب ضعف الوعي بالمخاطر على الإنترنت، فإن أغلب مستخدميه لا يدركون أنهم وقعوا ضحايا للجرائم الإلكترونية، وبالتالي لا يتمكنون من اتخاذ إجراء سريع لحماية أنفسهم أو اتخاذ أي إجراء قانوني، فعلى سبيل المثال أي مستخدم يسرق منه بريده الإلكتروني لا يعلم أن هذه عملية احتيال وبناء عليه فأول خطوة هي تعليم المستخدم كيفية التعامل مع الإنترنت ومعرفة المخاطر المحتملة.
التكلفة الاقتصادية
وللتأكيد على أهمية وسائل المواجهة سواء كانت قبل أوبعد وقوع الجريمة، أكد المشاركون أن الجريمة الإلكترونية أصبحت واقعا له تداعياته السلبية على الاقتصاد.
وكانت حادثة ضياع القرصين المدمجين المسجل عليهما بيانات25 مليون ممول ضرائب بإنجلترا المثال الأوضح في أغلب كلمات وتعليقات الحضور بالمؤتمر للتدليل على ما يمكن أن يسببه غياب أمن المعلومات من خلال الضياع أو الجريمة من خسائر بالغة.
وذكر د. فؤاد جمال، أمين عام مركز دراسات الملكية الفكرية بالقاهرة، في ورقته العديد من النماذج التي توضح الخسائر الضخمة التي يمكن أن تتسبب بها الجريمة الإلكترونية، منها ما ورد بمجلة لوس أنجلوس تايمز في عددها الصادر 22 مارس 2000، حيث أشارت إلى أن خسارة الشركات الأمريكية وحدها من جراء الممارسات التي تتعرض لها والتي تندرج تحت بند الجريمة الإلكترونية حوالي 10 مليارات دولار سنويا، ونسبة 62% من تلك الجرائم تحدث من خارج المؤسسة وعن طريق شبكة الإنترنت، بينما تسبب ممارسات تحدث داخل المؤسسات ذاتها النسبة الباقية من تلك الخسائر.
وضرب د. أمين مثالا آخر، وهو قيمة ما تسبب فيه أحد الفيروسات ويدعى " WS32.SOBIG" من خسائر بلغت ما يقارب من 50 مليون دولار أمريكي داخل الولايات المتحدة نفسها.
إذن فالقضية أشبة بمعادلة معطياتها جريمة أضحت واقعا ووسائل متوفرة للمواجهة، وخسائر اقتصادية تقع بسبب عدم استخدام هذه الوسائل.. الحل على ما يبدو صار معروفا.. فقط مطلوب الإسراع به حتى لا تتفاقم الخسائر.
منقووووووووول