قوجئ (علي) بمشاهدة زوجة في حالة تلبس بجريمة الزنا مع (خلدون) وعندما أراد (علي) اخراج السكين من جيبه لقتل زوجته وشريكها في الزنا , قام خلدون بالدفاع عن نفسه وضؤب (علي) بعصا حديد علي رأسه وقد نجم عن ضربة العصا إيذاء جسيم , وعندما عرضت هذه القضية علي المحكمة حكمت بعدم مسؤليه خلدون كون فعله يعد مباحا لتوافر حالة الدفاع عن النفس
بين فيما اذا كان حكم المحكمه صحيح ام لا مع التعليل ذكر السند القانوني ان وجد؟؟؟؟؟؟؟
الحكم صحيح وذلك لان خلدون كان في حالة دفاع شرعي عن النفس
فتكون مسؤلية عن جريمة الزنا فقط ولا يسأل عن جريمة الضرب
نص المادة 56 من قانون العقوبات
المادة (56): " لا جريمة إذا وقع الفعل إستعمالاً لحق الدفاع الشرعي. ويقوم حق الدفاع الشرعي إذا توافرت الشروط الآتية:
1. إذا واجه المدافع خطراً حالاً من جريمة على نفسه أو ماله أو نفس غيره أو ماله أو أعتقد قيام هذا الخطر وكان أعتقاده مبنياً على أسباب معقولة.
2. أن يتعذر على المدافع الإلتجاء إلى السلطات العامة لاتقاء الخطر في الوقت المناسب.
3. ألا يكون أمام المدافع وسيلة أخرى لدفع هذا الخطر.
4. أن يكون الدفاع لازما لدفع الأعتداء متناسباً معه".
الحكم غير صحيح ومشوب بالخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الجريمة على نحو ما تم شرحه تسري عليها المادة 334 من قانون العقوبات الاتحادي، التي جاء في عاقبتها ما نصّــــه :
"... ولا يجوز استعمال حق الدفاع الشرعي ضدّ من يستفيد هذا العذر."
فيكون "علي" هو المستفيد من العذر، أي؛ وقوع استفزاز خطير عليه، وذلك بتفاجئه بتلبس زوجته بفاحشة الزنا مع آخر حال قيام الزوجيّة، على النحو الذي ارتأى المشرع تخفيف العقوبة بنص خاص خلافا للقاعدة العامة، فالمادة 334 فيما يتعلق بالزوج الجاني، ومعه الزوجة الجانية، نصٌ خاصٌ بإيجاد العذر لهما بما يوجب تخفيف العقوبة خلافا للنص العام (القتل العمد، والاعتداء بدرجاته). بالتالي، ليس لـ "خلدون" أن يستعمل الحق في الدفاع الشرعي ضدّه، فيكون الحكم قد أسس على خلاف القانون بما يوجب نقضه .
كما أنه من المعلوم أن الجاني المُستفِزّ لا يحقّ له استخدام الحق في الدفاع الشرعي ضدّ من قام باستفزازه وباشر في استخدام ذلك الحق، مثال: "س" حاول اغتصاب "ص"، فقامت "ص" بضرب "س"، فلا يحقّ لـ "س" بعد ذلك أن يعتدي على "ص" بحجّة أنه في حالة دفاع شرعي. إذْ لا يتصوّر أن يستفيد الجاني من جنايته على حساب المجني عليه.
الدفاع الشرعي في القانون
بقلم القاضي العسكري / محرز عطياني
ما هو الدفاع الشرعي:
الاصل ان الشخص اذا ما تعرض لأعتداء يمنع القانون علية ان يأخذ حقه بيده , اذ يجب عليه ان يلجأ الى السلطة المختصة لأنصافه . ولكن هذا المبدأ لا يستوي في كل الظروف والاحوال , فأذا ما كان بمقدوره دفع هذا الاعتداء صونا لنفسه وماله فلا مانع من منظور المنطق القانوني ,فالدفاع الشرعي هو حق يمنحه القانون للمدافع بأن يستعمل كل ما هو ضروري من الافعال لرد اعتداء سيقع علي نفسه او ماله او نفس الغير او ماله . ولكن الى اى حد يمكن لهذا الشخص ان يستعمل هذا الحق ؟ .
يتعين على الشخص المدافع الذي منحه القانون هذا الحق ان يعرف ان هناك حدود رسمها القانون له ولهذا الحق وانه اذا تجاوزها قد يتحول فعله الدفاعي الى اعتداء وبالتالي يستحق التجريم , فالقانون وضح شروط الدفاع الشرعي وبين حدوده وهي كالتالي :
اولا: الشروط المتعلقة بالعدوان : ليس كل عدوان او اعتداء يقع على الشخص يقتضي ان يرد بحجة الدفاع الشرعي ,اذ يجب ان تتوافر ثلاثة شروط في العدوان او الاعتداء حتى يمكن القول ان المعتدى عليه حصل على رخصة من القانون لرد الاعتداء , وهذه الشروط هي :
1- ان يكون الفعل الذي سيقع على المعتدى عليه مجرما ويهدد بوقوع خطر سيلحق ضررا على مصلحه يحميها القانون , وهذا يعني ان الدفاع الشرعي يفقد قيمته القانونية ومسوغه اذا تحقق الاعتداء ووقع الخطر , او اذا كان الخطر مشروعا . فالمتهم المتلبس بجريمة لا يجوز له ان يستعمل هذا الحق بوجه ممن يتعقبه من اجل القبض عليه , بحجة ان هذا الفعل يشكل اعتداء ويجب رده .
2- ان يكون الفعل المجرم او الخطر حالا , بمعنى انه على وشك الوقوع او انه وقع وفي حالة الاستمرارية , والمقصود بانه على وشك الوقوع اى انه اقترب من المعتدى علية ولم يعد هناك فاصل سوى افعال الدفاع ذاتها , اى اصبح الخطر محتوما لا مفر منه . اما اذا كان الخطر سيتحقق في المستقبل فلا يمكن القول ان المعتدى عليه في حالة من حالات الدفاع الشرعي . وفي حالة ما اذا انتهى الاعتداء فلا يجوز للمعتدى علية ان يتذرع بهذا الحق ويواصل افعاله ضد المعتدي بحجة ان الخطر وقع ولا بد من الرد
3- ان يقع الاعتداء على النفس او المال او نفس الغير او ماله .
ثانيا : الشروط المتعلقة بأفعال الدفاع :
1- الضرورة واللزوم : بمعنى ان المدافع فقد كل الوسائل الضرورية التي من شأنها ان تدفع الاعتداء عنه ,اى لم يعد بأمكانه اوبأستطاعته ان يتجنب الاعتداء بدون اللجوء الى افعال مجرمة اصلا في القانون .
2- التناسب : بمعنى ان تتناسب افعال الرد على الاعتداء مع الاعتداء نفسه ولا تستغرقه . فاذا بالغ المدافع في رد الفعل واصبح غير متناسب مع الاعتداء فقد يتحول هذا الدفاع الى عدوان مجرم في القانون . اما اذا اخطأ في تقدير جسامة الاعتداء او اخطأ في تقدير فعل الدفاع , فمسؤوليته تنحصر في اطار جريمة الغير عمد . ولكن اذا وقع المدافع في ظروف لم تسمح له بتقدير الخطر ففي هذه الحالة تنتفي عنه المسؤولية .
خلاصة القول :
ان القانون لا يلزم الشخص ان يكون جبان وينتظر السلطة العامة المختصة ان تقتص له اذا ما وقع عليه عدوان , لكن القانون اباح له استعمال كل ما هو ضروري من اجل رد هذا الاعتداء وفق المنطق القانون السليم وفق مفهوم الدفاع لا وفق مفهوم الاجرام . ويتعين عليه ان يسلك الطرق اللازمة وفق القانون لينال حقه , بعيدا عن اى مظهر مظاهر النزعة الاجرامية .
وسيتم متابعة الموضوع بالتفصيل ان شاء الله
المحامي مؤمن صابر هشام
مدير وشريك مكتب الاتفاق للاستشارات القانونية
مستشار التحكيم الدولي
خبير العلاقات الاسرية
خبير الدراسات القانونية