ثمرات الخوف 3 (عباد الله )
عباد الله
أخبر الحق سبحانه عن حال الخائفين وقد اصبحوا في الجنة وهم يذكرون حالهم في الدنيا: ((وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم )) الطور 25-26-27
.الخائفون هم أهل القلوب الوجلةقال تعالى: ((الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم )) الحج:35
الخائفون هم أهل الخشيةقال تعالى : ((الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله )) الزمر:23. قال ابن كثير: هذه صفة الأبرار عند سماع كلام الجبار لما ينهون من الوعد والوعيد، وقال: صلى الله عليه وسلم ((إذا قشعر جلد العبد من خشية الله تحاتت عنه خطاياه كما يتحات من الشجرة ورقها)) الطبراني.
الخائفون هم أهل البكاء
: ((قال عقبة بن عامر: ما النجاة يا رسول الله؟ قال: أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك وابك على خطيئتك)).
والبكاء من خشية الله سمة العارفين قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه : لأن أدمع دمعة من خشية الله أحب إلي من أن أتصدق بمئة ألف درهم.وقد بين صلى الله عليه وسلم أن من بكى من خشية الله فأن الله يظله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله فقال ((...ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه)) بل حرم الله النار على من بكى من خشيته قال صلى الله عليه وسلم: ((لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع))، وفي رواية قال: ((حرمت النار على عين دمعت أو بكت من خشية الله)) وكلا الحديثين صحيح.وفي الأثر الإلهي: ((ولم يتعبد إلي المتعبدون بمثل البكاء من خشيتي)).
الخائفون هم أهل الهمّة في الطاعة
فهذا عمر رضي الله عنه كان في وجهه خطان أسودان من الدموع وكان يأخذ تبنة من الأرض ويقول: (يا ليتني كنت هذه التبنة، يا ليتني لم أك شيئا مذكورا). وهذا أبو عبيدة بن الجراح يقول: (وددت أني شاة فيذبحني أهلي فيأكلون لحمي ويحتسون مرقي).
وهذا عبد الله بن المبارك يقول: (لو أن رجلا وقف على باب المسجد ونادى ليخرج شر الناس لما سبقني إليه إلا رجل أوتي أكثر مني قوة أو سمعا).
ايها المسلمون لماذا اولائك خافوا
أنهم خافوا من الله لاسباب
أولاً معرفتهم بالله تعالى قال تعالى: ((وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون )) الزمر:67.
يقول عبد الواحد المقدسي: ركبنا البحر فألقتنا السفينة إلى جزيرة فرأينا رجلا يعبد وثنا، قلنا له: ما تعبد؟ فأشار إلى الوثن، قال: وأنتم ما تعبدون؟ قلنا نعبد الله، قال: ومن الله؟ قلنا: الذي في السماء عرشه وفي الأرض سلطانه وفي الناس قضاؤه، قال: وما أعلمكم به ؟ قلنا: رسول الله من عند الملك، قال: فأين الرسول ؟ قلنا: مات، قال: فهل ترك من علامة ؟ قلنا: كتاب من عند الملك، قال: ينبغي أن تكون كتب الملوك حسانا، أئتوني به، فجئناه بالقرآن الكريم فقرأنا عليه فبكى ثم قال: ما يصنع من أراد الدخول في دينكم؟، قلنا: يغتسل ويتوضأ ويقول كلمة التوحيد ويصلي. فاغتسل وقال كلمة التوحيد وصلى فلما جن علينا الليل أخذنا مضاجعنا، قال: أسألكم الإله الذي دللتموني عليه إذا جنه الليل ينام؟، قلنا: لا بل هو حي قيوم لا ينام، قال: بئس العبيد أنتم تنامون وربكم لا ينام)).
وأما سبب أمننا لجهلنا بالله وصفاته وعظيم قدره وللأثر ((يأتي على الناس زمان يجتمعون في مساجدهم ويصلون وليس فيهم مؤمن)).
ثانيا حبهم لله سبحانه: فملك عليهم قلوبهم يقول ابن القيم: (من عرف ربه أحبه) كيف لا ومصدر النعمة هو الله: ((وما بكم من نعمة فمن الله )) النحل:53. ((وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها )) إبراهيم:34
وإليه شكواك ونجواك: ((إنما أشكو بثي وحزني إلى الله )) يوسف:86. وإليه وحده تلجأ عند بلواك: ((وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو )) الأنعام:17. فأي حب ينبغي أن يكون.
لقد أصبح من البداهة أن نسمع من يبذل ماله لعاهرة أو ينتحر لأجل لعوب ضاربا مثلا حقيرا لسالكي دربه، وأصبح من النادر أن نجد من يبذل ماله ونفسه لربه. رحم الله عمر رضي الله عنه وقد سئل: أي شيء أحب إليك، قال: صوم في الصيف وضرب بالسيف.
وهذه رابعة تناجي ربها فتقول: إلهي غارت النجوم ونامت العيون وأنت الحي القيوم، إلهي خلا كل حبيب بحبيبه وأنت حبيب المستأنسين وأنيس المستوحشين، إلهي إن طردتني عن بابك فباب من أرتجي وإن قطعتني عن خدمتك فخدمة من أرتجي، وأما سبب أمننا فهو انحرافنا في حبنا ولمن يكون، فمنا المحب للمال وللنساء والمنصب وهي فتن على الطريق للحديث: ((تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار))
ثالثا هم خافوا من الله لانهم أمتلأوا يقيناً واليقين عباد الله هو كمال التصديق والرسوخ بوجود الله والجنة والنار والحساب، يرى رسول الله أحد الأصحاب فيقول له: ((كيف أصبحت؟، فيقول: أصبحت مؤمنا حقا، فيقول المصطفى: وما حقيقة إيمانك؟، فيقول: أصبحت أرى عرش ربي بارزا، وأصبحت أرى أهل الجنة وهم يتزاورون، وأهل النار وهم يتعاوون فقال صلى الله عليه وسلم: عرفت فالزم))وأما أسباب أمننا فضعف اليقين والثقة بالله وما أخبر عنه فخسرنا أنفسنا وخسرنا ديننا.
نرقع دنيانا بتمزيق ديننا *** فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع
أسأل الله جل وعلا أن يقوي إيماننا وأن يرفع درجاتنا اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا
هذا وصلوا وسلموا على المصطفى محمد صلى الله عليه وعلى اله فمن صلى عليه صلاة صلى الله عليه بها عشرا
للأمانة منقوووول