و هو مانع للميراث من الجانبين ، فلا توارث بين حر و رقيق ، و عدم التوارث بينهما ناتج من أن الحر لا يرث الرقيق لأنه لا مال له لأن العبد و ما ملكت يداه ملك لسيده ، لقول رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ : ((من باع عبدا له مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع )) . و دل هذا الحديث على أن العبد لا يملك شيئا و أن اسم ماله إنما هو إضافة المال إليه.
أما الرقيق فعدم ميراثه للحر ناتج من أنه لو ورث فإن ميراثه سينتقل إلى سيده و بالتالي يعتبر قد ورث شخصا آخر أجنبي عن التركة ، و يعتبر توريثا للسيد بغير سبب للميراث و هو غير مشروع . أ ـ الرق لغة : العبودية و الضعف. ب ـ الرق شرعا : هوعجز حكمي يتصف به الشخص ، و العجز الحكمي معناه أن الشارع حكم بعدم نفاذ تصرفه ، لذا فلا يملك و لا يولى أمرا و لا تقبل شهادته ، باعتبار هذه الأمور تصرفات . و لقد وضح لنا ذلك القرآن الكريم في قوله تعالى : (( ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء )) النحل 75 و المقدرة المقصودة هنا هي المقدرة الشرعية ( التملك و التصرف ) ، و هي منفية على الرقيق . ج ـ أنواع الرق : 1-رقيق كامل الرق : و هو ما يسمى بالقن، و هذا لا يرث و لا يورث بالإجماع . 2- رقيق ناقص الرق : كأم الولد . 3- رقيق مكاتب : و هو من توفي و ترك مالا فيه الكفاية للوفاء بكتابته وزيادة ، فيسدد من تركته ما بقي عليه من الكتابة ، و الباقي يورث عنه من طرف ورثته ،و هذا ما قال به مالك و أبي حنيفة . ملاحظة : إن أسباب الرق قد زالت في نظرالإسلام منذ زمن بعيد و يعتبر حكما تاريخيا . المانع الثاني : القتل القتل هو إزهاق روح إنسان معصوم الدم عن طريق مباشر أو بالتسبب ، والقتل إما أن يكون عمدا عدوانا و إما أن يكون غير ذلك .
و اختلف الفقهاء في ميراث القاتل إلى أربعة أقوال : القول الأول : الشافعية : منعوا القاتل من الميراث مهما كان نوع القتل عمدا أو خطأ ، ومهما كانت طبيعته مباشرة أو بالتسبب ، و المنع منصب على الدية و التركة ، مستنتج من عموم حديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( ليس للقاتل شيء))
القول الثاني : الخوارج : ورثوا القاتل مطلقا بحجة عدم ورود نص في القرآن الكريم يمنع ذلك، و لكن مردود عليهم بما ورد من أحاديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
القول الثالث : الحنفية و الحنابلة : يقترب المذهبان من بعضهما البعض في هذه المسألة .
فالحنفية : يرون أن القتل المانع من الميراث هو كل قتل موجب للقصاص أو الكفارة ، فالموجب للقصاص هو القتل العمد العدوان ، و الكفارة تكون في القتل شبه العمد ـ حيث يتعمد الشخص الفعل و لم يتعمد حدوث النتيجة كمن يضرب آخر بعصا صغيرة فيتوفى ـ ، كما تكون في القتل الخطأ ، فهذه الصور من القتل موجبة للقصاص و الكفارة و بالتالي مانعة من الميراث شريطة أن يكون القتل مباشرا دون تسبيب . أما القتل غير الموجب للكفارة كالقتل دفاعا عن النفس أو العرض أو المال فإنه يعتبر قتل بحق و بالتالي لا قصاص فيه و لا كفارة ، و من ثم لا مانع . أما الحنابلة : فإن القتل المانع للميراث هو القتل الموجب للقصاص أو الكفارة أو الدية ، فالإمام أحمد ـ رحمه الله ـ جعل المناط في القتل الموجب للحرمان هو تقرير الشارع العقاب عليه سواء أكان مباشرا أو غير مباشر اعتبر مانعا من الميراث
القول الرابع : المالكية : يرون أن القتل الذي يمنع من الميراث هو القتل العمد العدوان فقط سواء كان مباشرا ـ كالقتل بالحاد كالسكين أو السيف ، أو القتل بالراض كالحجر أوالعصا ـ أو بالتسبب كشهادة زور أدت إلى تنفيذ الحكم بالقتل أو التحريض أو مشاركة القاتل برأي ، أو حفر جب ليقع فيه المجني عليه سواء كان القاتل فردا أو جماعة . ولو كان القتل عمدا لكن بحق كمن قتل ابنه في قصاص أو زوجته في زناها فإنه لا يمنع من الميراث .
أما الخطأ فإنه لا يمنع الميراث من المال عكس الدية حتى لا يرث الشخص مال نفسه ، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (( ليس للقاتل شيء)) النسائي . عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم قام يوم فتح مكة فقال : (( لا يتوارث أهل ملتين ، والمرأة ترث من دية زوجها وماله وهو يرث من ديتها ومالها ما لم يقتل أحدهما صاحبه ، فإن قتل صاحبه خطأ ورث من ماله ولم يرث من ديته )) ابن ماجة . و لكن مع هذا كله لا بد من ملاحظة أن القتل العمد لا يمنع ميراث الولاء لذا فمن قتل مورثه ، و لذلك المورث ولاء عتيق فإن القاتل يرث ما للمقتول من ولاء . يقول صاحب " النيل الفائض " : وقاتل العمد مع العـــــدوان **** لم ير في الإرث سوى الحرمان غير الولاء لأنه كـالنســـــب **** ولا لأنه يـرفــــــــــــع أي سـبـب والقتل إن عمدا ولا عدوانا **** يـرثـــــــــــــــه الـوارث أيـا كـان
المانع الثالث : إختلاف الدين فلا يرث المسلم الكافر , ولا يرث الكافر المسلم .
إن عدم إرث الكافر للمسلم فبالإجماع وأما عكسه فعند الجمهور لا يرث . خلافا لمالك ومعاوية ومن وافقهما وسواء أسلم قبل القسمة أم لا . وسواء بالقرابة أو النكاح أو الولاء
خلافا لأحمد حيث قال : إن أسلم قبل قسمة التركة فإنه يرث ترغيبا له في الإسلام . والكفار يتوارثون فيما بينهم لأن الكفر كله ملة واحدة هذا عند الشافعي وعند الحنفية بدليل قوله تعالى : " فماذا بعد الحق إلا الضلال . " أما مالك وأحمد : اليهودية ملة , والنصرانية ملة , وعداهما ملة ودليلها قوله تعالى : (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً)