الطعن رقم 35 لسنة 29 القضائية ـ مدني
الطعن رقم 35 لسنة 29 القضائية ـ مدني
في الجلسة العلنية المنعقدة يوم الثلاثاء الموافق 26/6/2007
برئاسة القاضي منير توفيق صالح رئيس الدائرة
وعضوية السادة القضاة مصطفى جمال الدين و عبد الله امين عصر
المبدأ القانوني :-
انه ولئن كانت المادة 61/3 من قانون الاجراءات المدنية توجب تدخل النيابة العامة في الدعاوي الخاصة بناقصي الاهلية و الا كان الحكم باطلا بما مؤداه يتعين تمثيل النيابة العامة في تلك الدعاي واغفال هذا الاجراء يترتب عليه بطلان الاحكام الصادرة فيها ، الا انه يتعين التفرقة بين حالتين الاولى حالة اذا كان التدخل مقصودا به حملة مصلحة عامة كالدعاوي الجزائية ودعاوي الولاية على عديمي الاهلية وناقصيها فان البطلان المترتب على عدم تدخل النيابة العامة هو بطلان متعلق بالنظام العام فيجوز ابداؤه في اية حالة تكون عليها الدعوى وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ، اما اذا كان التدخل مقررا لصالح احد الخصوم كما اذا اختصم ناقص الاهلية في دعوى مدنية فلا يجوز التمسك بالبطلان الا منه ولا يجوز للخصم ان يحتج به ولا تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها .
بعد الاطلاع على الاوراق وتلاوة تقرير التلخيص و المداولة ،،،
حيث ان الطعن استوفى اوضاعه الشكلية ،،،
وحيث ان الوقائع ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الاوراق ـ تتحصل في ان الورثة المطعون ضدهم اقاموا الدعوى 60/2001 مدني كلي ابوظبي على الهيئة الطاعنة بطلب الحكم بالزامها بان تؤدي لهم مبلغ 500.000 درهم تعويضا عما لحقهم من اضرار مادية ومعنوية وموروثه لحقت بهم جراء وفاة مورثهم اثناء قيامه باصلاح عطل شبكة الكهرباء التابعة للطاعنة ، ومحكمة اول درجة قضت بالزام الطاعن بان تؤدي للمطعون ضدهم مبلغ 150.000 درهم توزع بينهم حسب الفريضة الشرعية ورفضت ماعدا ذلك من طلبات ، استأنفت الطاعنة و المطعون ضدهم هذا الحكم بالاستئنافين 930 ، 970/2001 ابوظبي على التوالي ، ومحكمة الاستئناف قضت في 26/3/2002 برفض الاستئناف الاخير وفي الاستئناف الاول بالغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى ، طعن الورثة المطعون ضدهم في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 399/204 ق حيث قضى بنقضه و الاحالة ، ومحكمة الاحالة قضت في 19/12/2005 في الاستئناف رقم 970/2001 بتعديل الحكم المستأنف والزام المستأنف ضدها ـ الطاعنة ـ بان تؤدي للمستأنفين ـ المطعون ضدهم ـ مبلغ 350.000 درهم ، وفي الاستئناف رقم 930/2001 ابوظبي برفضه فكان الطعن .
وحيث ان الطعن اقيم على خمسة اسباب تنعى الطاعنة بالسبب الاول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون اذ لم تخطر محكمة الاحالة النيابة العامة للتدخل في الدعوى لوجود قاصر فيها عملا بالمادتين 61/3 ، 65 من قانون الاجراءات المدنية بما يعيب حكمها بالبطلان ويستوجب نقضه .
وحيث ان هذا النعي غير سديد ذلك انه ولئن كانت المادة 61/3 من قانون الاجراءات المدنية توجب تدخل النيابة العامة في الدعاوي الخاصة بناقصي الاهلية و الا كان الحكم باطلا بما مؤداه يتعين تمثيل النيابة العامة في تلك الدعاي واغفال هذا الاجراء يترتب عليه بطلان الاحكام الصادرة فيها ، الا انه يتعين التفرقة بين حالتين الاولى حالة اذا كان التدخل مقصودا به حملة مصلحة عامة كالدعاوي الجزائية ودعاوي الولاية على عديمي الاهلية وناقصيها فان البطلان المترتب على عدم تدخل النيابة العامة هو بطلان متعلق بالنظام العام فيجوز ابداؤه في اية حالة تكون عليها الدعوى وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ، اما اذا كان التدخل مقررا لصالح احد الخصوم كما اذا اختصم ناقص الاهلية في دعوى مدنية فلا يجوز التمسك بالبطلان الا منه ولا يجوز للخصم ان يحتج به ولا تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ، لما كان ذلك وكانت الدعوى المطروحة ليست من الدعاوي الجزائية او دعاوي الولاة على عديمي الاهلية وناقصيها وانما هي دعوى مدنية استهدف به المطعون ضدهم التعويض عن وفاة مورثهم وقد صدر الحكم فيها لصالحهم ومن بينهم ناقصوا الاهلية فانه لا يجوز للطاعنة ان تحتج قبلهم ببطلان الحكم لعدم تدخل النيابة العامة في الدعوى .
وحيث ان الطاعنة تنعي بباقي اسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون و القصور في التسبيب و الفساد في الاستدلال و الاخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالاوراق اذ استند في قضائه بالزامها بمبلغ 350.000 درهم تعويضا للورثة المطعون ضدهم الى ان الطاعنة لم تتمكن من نفي خطئها وانها لم تقدم مذكرة باسباب استئنافها ولم يقم دليل قاطع على اهمال مورث المطعون ضدهم بعدم ارتدائه القفازات العازلة ، وان خطأ الطاعنة يتمثل في استمرار التيار الكهربائي باحد الخطوط رغم فصله من الشبكة وهو السبب المباشر لوقوع الحادث رغم تقديم الطاعنة مذكرة شارحة باسباب استئنافها ، وان الحادث وقع بسبب اهمال المورث بعدم ارتدائه القفازات و الحزام العازل للكهرباء وهو ما ثبت من تحقيقات النيابة العامة وانها لم تكلف المورث بالاعمال التي اودت بحياته ، ولم يبين الحكم عناصر التعويض و اسس تقديره وان مسئولية حارس الاشياء هي مسئولية تقصيرية واجبة الاثبات وليست مفترضة ولم يصدر منها ثمة خطأ بما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث ان هذا النعي مردود ذلك من المقرر ان النص في المادة 316 من قانون المعاملات المدنية على "ان كل من كان تحت تصرفه اشياء تتطلب عناية خاصة للوقاية من ضررها او آلات ميكانيكية يكون ضامنا لما تحدثه هذه الاشياء او الآلات من ضرر الا مالا يمكن التحرز منه" يدل على ان الحراسة الموجبة للمسئولية طبقا لهذا النص انما تتحقق بسيطرة الشخص الطبيعي او المعنوي على الشيء سيطرة فعلية في الاستعمال و التوجيه و الرقابة لحساب نفسه وان الشيء في حكم هذه المادة هو ما تقتضي حراسته عناية خاصة اذا كان خطرا بطبيعته او كان خطرا بظروفه وملابساته بان يصبح في وضع او في حالة تسمح عادة بان يحدث الضرر و المسئولية المقررة تقوم على ان ما يحدث الشيء من الضرر يكون من قبيل المباشر و المباشرة لا يشترط التعدي ويضاف ما يحدث من الشيء الى من هو تحت تصرفه فضلا عن قاعدة (الغرم و الغنم) ونحوها ، ولا تنتفي مسئولية حارس الشئ الا اذا اثبت ان وقوع الضرر كان بسبب لا يمكن التحرز منه ، لما كان ذلك وكان استخلاص علاقة السببية بين الخطأ و الضرر او انقطاعها وتقدير عناصر الضرر الموجب للتعويض من مسائل الواقع التي تقدرها محكمة الموضوع دون رقابة عليها منمحكمة النقض متى اقامت قضاءها على اسباب سائغة وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من الاوراق و المستندات توافر مسئولية الطاعنة عن حادث وفاة مورث المطعون ضدهم نتيجة صعقة كهربائية باعتبار الحارسة على شبكة وهي المكلفة بصيانتها وتأمين سلامة العمال اثناء اتصالهم بها وان وفاة المورث بسبب خطأ في التوصيلات الكهربائية حيث استمرار التيار الكهربائي في احد الخطوط رغم فصله في الشبكة وكان ذلك وهو السبب المباشر في دفوع الحادث وحصول الضرر الذي اودى بحياته ولم تتمكن الطاعنة من نفي ذلك الخطأ وان ما تقوله عن اهمال مورث المطعون ضدهم بعدم او ارتدائه القفازات العازلة لم يقم عليه دليل قاطع في الاوراق وقضي الحكم الورثة بدية شرعية عن وفاة مرورثهم باعتبارها ترضية لهم عما اصابهم من الآم نفسية بقتل مورثهم خطأ مقدارها 200.000 درهم توزع على الورثة حسب الفريضة الشرعية وقضي لهم بمبلغ 150.000 درهم تعويضا ماديا حيث ان المورث ترك زوجة وستة ابناء قصر ووالديه ويحتاجون الى نفقات اعالة واجبة شرعا على مورثهم وفقدوها بموته وكانوا يأملون في ان يستظلوا بظله في قابل ايامهم وكان دخله من عمله هو مصدر رزقهم الوحيد وهم عاجزون عن الكسب ويحتاجون الى المال لتعليمه وتزويجهم ورعاية صحة الوالدين في الكبر وكان هذا الاستخلاص سائغا وله اصله الثابت بالاوراق بما يكفي لحمله ولا ينال منه ما ادعته الطاعنة من انها لم تكلفه بالاعمال التي اودعت بحياته اذ ان الثابت من تحقيقات النيابة ان وفاة حدثت اثناء وبسبب عمله في انزال كيبل الخط الهوائي العلوي ومن ثم فان النعي لا يعدو ـ في حقيقته ـ ان يكون مجرد جدل فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقدير الادلة الدعوى مما لا يجوز اثارته امام هذه المحكمة .
وحيث انه ولما تقدم يتعين رفض الطعن .
حكمت المحكمة برفض الطعن .
مجلة الشريعة والقانون ـ العدد الخامس و الثلاثين ـ رجب 1429 ـ يوليو 2008
بناء الإنسان هو الهدف الأسمى الذي نبذل كل جهد من أجل تحقيقه
سيدي صاحب السمو الشيخ
خليفه بن زايد ال نهيان
رئيس دولة الامارات العربية المتحدة
حفظه الله ورعاه