عرض مشاركة واحدة
قديم 01-27-2011, 03:48 PM
  #1
القانونية ندى
مشرفة منتدى الدراسات القانونية
 الصورة الرمزية القانونية ندى
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: عجمان(دار الأمان)
المشاركات: 1,404
افتراضي الأدب والمحاماة

الأدب والمحاماة


ليس من المصادفة أن يتعانق الأدب بالمحاماة ‏,‏ فبينهما علاقة حميمة وتأثير متبادل يصل إلي حد الاندماج‏ ,‏ كلاهما يأخذ من الآخر ويعطيه‏ لذلك ظلت المحاماة علي صلة دائمة لم تنقطع أبداً بالأدب والفكر والثقافة‏ .‏

وارتفع إلي قمة الأدب قمم في المحاماة ‏,‏ وسطر عمالقة في المحاماة صفحات رائعة في الآداب والفكر والثقافة ‏,‏ حتى بات عسيراً أن تفرق بينهما ، فقد عرف الأدب والفكر الدكتور محمد حسين هيكل وهو رجل من رجال القانون ومن مؤلفاته (فيلم زينب) أول رواية مصرية و (حياة محمد) و(الفاروق عمر) وكذلك الفيلسوف جان جاك روسو كان محامياً وأديباً ، وكذلك الأديب توفيق الحكيم الذي كانت أولي إلهاماته في عالم الأدب مستوحاة من تجربته في ساحة القضاء (صاحب رواية : يوميات نائب في الأرياف‏ ) وعرفت الحياة الأدبية يحيي حقي خريج ذات دفعة توفيق الحكيم سنة ‏1925‏ بمدرسة الحقوق الملكية آنذاك ‏,‏ وقليلون من يعرفون أن الدكتور محمد مندور أستاذ النقد والنقاد وصاحب كتاب النقد المنهجي عند العرب وتصانيف نقد الشعر والمسرح والأدب‏,‏ خريج حقوق القاهرة دفعة‏1930‏ وكذلك من مؤلفاته القانونية كتابة‏:‏ في جرائم النشر ,‏ وقاسم أمين صاحب كتابي‏:‏ تحرير المرأة والمرأة الجديدة‏:‏ ومصطفي مرعي وغيرهم من حبات هذا العقد الذين ازدانت بهم صفحات الفكر والأدب مثلما ازدانت صفحات المحاماة‏.‏

يبدو أن فنون المرافعات‏,‏ الشفوية والمكتوبة‏,‏ هي التي أقامت صلة متينة بين الأدب والمحاماة فجوهر المحاماة أنها رسالة إقناع‏..‏ شحنة من الحجج والبراهين‏,‏ يعرضها المحامي علي قضاته‏..‏ شفاهة في الأصل‏,‏ وكتابة إذا لزم الأمر‏..‏ فدور المحامي فيها أشبه بدور الداعية‏,‏ ولعله أصعب ‏,‏ فتراه مناوئ للنيابة العامة من ناحية‏,‏ ولخصومة زميله المحامي من ناحية أخري‏..‏ وهو مطالب وسط هذه الظروف بالغة العسر أن يصل بحديثه وبيانه وحججه إلي وجدان وعقيدة المحكمة‏..‏ أن يشكل لديها رؤية قد تستلزم أن يزيل لديها رؤية سبقت‏..‏ وأداة المحامي في هذه الرسالة الرفيعة ـ فضلا عن علمه ودراسته ـ لغته وبيانه وحجته‏..‏ ولذلك لم تكن المصنفات الأدبية الصرفة هي المظهر الوحيد لالتحام أدب الكلمة بالمحاماة وإنما راجت أصداء هذا الالتحام في المرافعات والمذكرات والمقالات‏,‏ مثلما راجت في خطب من اشتغل منهم ـ وهم كثر ـ بالعمل الوطني والسياسي‏..‏ فلا تزال خطب مصطفي كامل وسعد زغلول التي أيقظت وألهبت الشعور الوطني ـ قطعا أدبية تدرس للآن كنموذج للخطب الوطنية‏,‏ ولا تزال أجيال إلي الآن تستشهد بكلمات مكرم عبيد وتشدو بقطع من مرافعاته البليغة‏,‏ يذكرون فيما يذكرون له مقالته حين وقف يدافع عن حسن النحاس

وإن كانت الصحافة شكل من أشكال الأدب فإن المصاهرة موصولة بينها وبين المحاماة ‏,‏ فإلي جوار هيكل ولطفي السيد والحكيم وحقي ـ خاض غمار الصحافة محمد التابعي مؤسس الصحافة المصرية الحديثة ‏,‏ وفكري أباظة‏,‏ وإحسان عبد القدوس الذي جمع في منظومة رائعة بين الكتابة الأدبية والروائية وبين الكتابة السياسية‏,‏ وعبد القادر حمزة‏,‏ وأحمد بهاء الدين‏,‏ وثروت أباظة‏,‏ وإبراهيم نافع‏,‏ وأحمد رجب‏,‏ فضلا عن الكاتب المؤرخ عبد الرحمن الرافعي الذي كان نقيبا للمحامين وجميعهم كانت بدايتهم رجالاً للقانون‏.‏




(‏ جزء من مقال للمحامي / رجائي عطية )
القانونية ندى غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس