المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل حان الوقت لتجريد الشيك من قوته الجزائية؟


محمد ابراهيم البادي
07-17-2011, 01:25 PM
مع وجود أكثر من 1.5 مليون شيك مرتجع وامتلاء السجون بالمعسرين
هل حان الوقت لتجريد الشيك من قوته الجزائية؟

1
تحقيق: محمد هيبة طارق زياد



هل حان الوقت لتجريد الشيك من قوته الجزائية، سؤال يثير الجدل ما بين مؤيد ومعارض، في الوقت الذي بلغ فيه عدد الشيكات المرتجعة 1،5 مليون شيك بقيمة تتجاوز 50 مليار درهم في سنة واحدة فقط، الأمر الذي ألقى بالعديد من مصدري تلك الشيكات من المعسرين في السجون التي امتلأت بمعظمهم . مع العلم أن عدد الشيكات المصدرة خلال النصف الأول من 2011 بلغ 3 .14 مليون شيك .

في حين رأى بعض المصرفيين والاقتصاديين أن إلغاء الشق الجزائي وتجريد الشيك من حصانته الجزائية قد يدفع العديد من ذوي النفوس الضعيفة إلى إصدار شيكات من دون رصيد ما يخل بالمنظومة الاقتصادية برمتها .

وأكدوا أن البنوك تعاني حالياً تفاقم عدد الشيكات المرتجعة رغم تطبيق الشرط الجزائي، فما سيكون الحال إذا تم إلغاء ذلك الشرط وتجريد الشيك من قوته الجزائية .

وعلى الجانب الآخر قال المؤيدون لفكرة إلغاء الشق الجزائي إن بعض دول الخليج مثل الكويت وسلطنة عمان أرست أخيراً مبدأ قانونياً جديداً يقضي بإلغاء الجانب الجزائي للشيك في حالة توافر حسن النية عند الاصدار .

إلغاء الحماية الجزائية للشيكات يثير الجدل



تباينت آراء المصرفيين والخبراء والقضاة والمحامين والعملاء حول إعادة النظر في الشق الجزائي للشيك من دون رصيد خاصة بعد أن ارتفع عدد الشيكات المرتجعة في 6 أشهر إلى 800 ألف شيك بقيمة 26 مليار درهم، حيث رأى بعض المصرفيين والاقتصاديين أن إلغاء الشق الجزائي وتجريد الشيك من حصانته الجزائية قد يدفع بالعديد من ذوي النفوس الضعيفة إلى إصدار شيكات من دون رصيد ما يخل بالمنظومة الاقتصادية برمتها ويعوق عمل البنوك بانعكاساته السلبية مؤكدين أن البنوك تعاني حالياً تفاقم عدد الشيكات المرتجعة في ظل تطبيق الشرط الجزائي، فماذا سيكون الوضع في حال تم إلغاء الشق الجزائي؟



في حين رأى الرافضون أنه يجب إلغاء الشق الجزائي للشيكات من دون رصيد والاكتفاء فقط بتطبيق الشق المدني على غرار الدول المتقدمة، وتابعوا: إن بعض دول الخليج الكويت وسلطنة عمان أصدرت أخيراً مبدأ قانونياً جديداً يقضي بتجريد الشيك من حصانته الجزائية إن كانت دوافعه حسن النيات ورغم أن الموضوع ما زال محل خلاف كبير بين مؤيد ومعارض إلا أننا لا نستبعد أن تنتقل الظاهرة إلى الإمارات وبقية دول الخليج التي تعاني مشكلة الشيكات المرتجعة من دون رصيد مؤكدين أن الدول الصناعية المتقدمة والعريقة في الخدمات المصرفية مثل بريطانيا وسويسرا والولايات المتحدة وألمانيا وغيرها تأخذ بهذا النظام ولا تفرض عقوبة جنائية على محرر الشيك من دون رصيد .


المؤيدون: الشق الجزائي يوفر الأمان في المعاملات ويضمن الحقوق


ومن جانبهم قال مصرفيون وخبراء إن الشيك المتعارف عليه في الإمارات هو أداة ضمان وليس أداة دفع وإن معظم الدول تلجأ إلى الكمبيالات كأداة ضمان كما في مصر والأردن مثلاً أما في الإمارات فإن الكمبيالات غير متعارف عليها ولذلك فإن الشيك يحل محلها كأداة ضمان أما إذا تم تحويله كأداة دفع فقط مع وجود أداة مالية أخرى تستخدم كأداة ضمان فلايوجد أي مانع من إلغاء الشق الجزائي المرتبط به مؤكدين أنه يجب الأخذ في الاعتبار أن الدول المتقدمة التي لاتفرض عقوبة جنائية ولا تطبق الشرط الجزائي على الشيك بافتراض حسن النيات والثقة القائمة بين المتعاملين بالأسواق فإن أنظمتهم النقدية والمصرفية تختلف عن أنظمتنا كما أن مفهوم حسن النيات يختلف عن مفهومه عندنا، وبالتالي فإن عدم وجود الشق الجنائي على محرر الشيك من دون رصيد عند الدول المتقدمة يأتي في سياق أنظمة وتشريعات وقوانين اقتصادية ونقدية ومصرفية وتجارية ومعاملات قائمة على الثقة العالية واحترام الأمانة وضامنة لحقوق الأشخاص المتعاملين بالأسواق كافة، حيث يلتزم المتعاملون بسداد كل المديونيات التي عليهم بقوة القانون وفي الوقت الذي يحدده القانون وتعويض البنك المتضرر عن كل ما لحق به من خسائر حيث يشمل التعويض الفوائد المصرفية عن مدة تأخير سداد الدين والتعويضات النفسية والاجتماعية والإدارية وتكلفة الوقت الضائع والجهد الضائع والسمعة المتأثرة وتكلفة الفرصة البديلة وأنواع التكاليف المباشرة وغير المباشرة كافة التي قد تلحق بالدائن الذي تسلم شيكاً محرراً من دون رصيد وتجبر الدول المتقدمة محرر الشيك من دون رصيد على سداد قيمته للدائن خلال فترة وجيزة جداً .

التقت “الخليج” بعدد من القانونيين للوقوف على حقيقية إمكان نظر قضايا الشيكات كمدنية في الدولة، والعقبات التي تحد من ذلك، وللاطلاع على سلبيات وإيجابيات نظر الشيكات بالشقين المدني والجزائي .

وقال محمود هادي، الرئيس التنفيذي للعمليات في بنك دبي التجاري، إن أغلب الدول لديها أدوات مالية كضمان بخلاف الشيك مثل الكمبيالات مثل مصر والأردن مثلاً وبذلك فإن الشيك هنا يتحول إلى أداة دفع وليس أداة ضمان، أما في الإمارات فإن الشيك يستخدم كأداة ضمان وليس كأداة دفع ومن هذا المبدأ فإنه لا يجوز إلغاء الشق الجزائي للشيك المرتجع إلا في حال تحوله إلى أداة دفع فقط وليس أداة ضمان أيضاً .

وأضاف أن الإحصاءات تشير إلى أن أكثر من 80% من حجم التجارة المحلية في دول الخليج التي لا تتم عن طريق الدفع النقدي يتم دفعها بالشيكات فالشيك يستخدم أداة دفع ووسيلة ضمان للمدفوعات الفورية والآجلة معاً .

وأوضح أن القيمة الإجمالية للشيكات التي تمت مقاصتها في الدولة ارتفعت بنحو 9،5 مليار درهم بنسبة نمو بلغت 10% خلال شهر مايو/ أيار الماضي لتصل إلى 104،8 مليار درهم مقارنة ب95،3 مليار درهم خلال إبريل ،2011 حسب البيانات الصادرة عن المصرف المركزي وازداد عدد الشيكات التي وصلت للمقاصة بنسبة 10،3% خلال الشهر الماضي بعدد بلغ 240 ألف شيك إضافي ليرتفع إجمالي عدد الشيكات التي تمت مقاصتها إلى 2،57 مليون شيك مقارنة ب2،33 مليون شيك تمت مقاصتها خلال شهر إبريل الذي سبقه وأن عدد الشيكات المرتجعة ارتفع خلال شهر مايو الماضي بنسبة 3،38% إلى 134،3 ألف شيك مقارنة ب129،9 ألف شيك في إبريل ،2011 لكن نسبة الشيكات المرتجعة إلى إجمالي عدد الشيكات انخفضت بشكل طفيف لتبلغ 5،23% في مايو مقارنة ب5،56% في إبريل، أما قيمة الشيكات المرتجعة فقد ازدادت بنسبة 23،7% تعادل نحو 950 مليون درهم لتبلغ 4،95 مليار درهم في مايو مقارنة بنحو 4 مليارات درهم في إبريل، وبلغ عدد الشيكات المرتجعة في النصف الأول من 2011 حوالي 800 ألف شيك بقيمة 26 مليار درهم .

ويتضح من هذه الأرقام أن الإمارات تعتمد في أغلب معاملتها على الشيكات كما يتضح أيضاً وجود زيادة في عدد الشيكات المرتجعة في الوقت الذي يتم فيه تطبيق الشق الجزائي، فماذا سيكون وضع الشيكات المرتجعة في حال عدم تطبيقه؟

وقال فيصل عقيل، مدير عام الخدمات المصرفية للأفراد في مصرف الإمارات الإسلامي، لاشك في أن معظم الدول المتقدمة لاتطبق الشرط الجزائي على الشيكات المرتجعة ولكن يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن الأنظمة المصرفية والآليات التي تحكمها وكذلك القوانين والتشريعات الاقتصادية تختلف عن تلك المطبقة في دولتنا، فلكل دولة تشريعاتها المصرفية الخاصة بها والتي تختلف من دولة إلى أخرى، مؤكداً أن الشيك في دولة الإمارات يستعمل كأداة ضمان، إضافة إلى أنه أداة نقد وبذلك يلزم أن يطبق عليه الشق الجزائي وإلا سيستهوي إلغاءه العديد من ذوي النفوس الضعيفة إلى تحرير شيكات من دون رصيد الأمر الذي سيعمل على زيادة قياسية في نسبة وأعداد الشيكات المرتجعة التي تضر بالقطاع المصرفي ومسيرة البنوك إذا كان هذا الشيك يحق لبنك كما في حالات التمويل المصرفي أو قد تضر بمصلحة التجار إذا كان هذا الشيك يحق لتاجر، الأمر الذي قد يحدث خللاً بالمنظومة الاقتصادية ويضر بمصلحة الاقتصاد .


الحماية الجزائية


يرى المحامي محمد رضا ضرورة أن تبقى قضايا الشيكات ضمن الشق الجزائي إلا في حال اتفق الطرفان “الساحب والمستفيد” على انحسار الحماية الجنائية على الشيك، مطالباً بضرورة سن نص تشريعي يوفر الحق للأطراف بانحسار الدعوى الجزائية في قضاياهم .

وشدد على ضرورة أن تحدد البنوك القيمة المسموح إصدار الشيك بها لكل عميل، وأن تكون ضمن حدود معقولة، مشيراً إلى أن البنوك تقع في خطأ كبير يتمثل في أن القانون أعطى حقاً للساحب في حال عدم وجود رصيد كافٍ أن يطلب الرصيد المتوفر، ويعطي البنك إفادة بالمبلغ المسحوب والمتبقي إلا أن البنوك عندما تقيد الشيك لا تبين قيمة الرصيد المتوفر، وهذا خطأ قانوني، وعلى الجهات الرسمية والمصرف المركزي أن يتخذ إجراءات ضد البنوك التي لا تلتزم بنصوص القانون .

وشدد على ضرورة أن يبلغ البنك بالرصيد الموجد لساحب الشيك، وتوفير الفرص للمستفيد من الشيك من الحصول على جزء من حقه . وأضاف: القانون يعاقب مظهر الشيك لعدم وجود رصيد كافٍ، والمصرف المركزي لا يعاقب البنك في حال عدم اتخاذه الإجراء القانوني السليم في حجز المبلغ المتوفر بدعوى أن هذه الأموال سرية، ويجب الإخطار بالمبلغ المتوافر في رصيد ساحب الشيك .

ودعا رضا إلى ضرورة أن يتخذ المصرف المركزي إجراءات صارمة للتقليل من عدد الشيكات التي تسلم للعملاء، والسماح بالتصريح عن المال المتوافر في حساب ساحب الشيك لما لذلك من خدمة للمستفيد من الشيك .


وظيفة الشيك


أكد القاضي الدكتور جمال السميطي مدير معهد دبي القضائي أن البيئة التجارية للشيك هي من تحدد الغرض كونه إما أداة وفاء أو ائتماناً، مشيراً إلى أن وظيفته شهدت في الفترة الحالية تراجعاً في وظيفته من أداة وفاء إلى وظيفة ثانوية وهي الائتمان .

وأضاف أن مفهوم أداة وفاء يعني أنه يحق للمستفيد صرفه فور تحريره، أما أداة ائتمان فيعني أنه يصرف في وقت يستحق لاحقاً، مؤكداً أن حدوث تغييرات في وظيفة الشيك، يقتضي إعادة النظر في الحماية الجنائية للشيك،

وأوضح أن هناك اتجاهات حديثة في مدن أوروبية كفرنسا لتحويل قضايا الشيك إلى قضايا مدنية، وأن هناك قراراً في بريطانيا يشير إلى أنه بحلول عام 2018 لن يكون هناك تعامل بالشيكات، وذلك لوجود الوسائل البديلة الإلكترونية على اعتبار أن المُشرع الإماراتي تعامل مع الأدلة الإلكترونية، كمعاملته مع الأدلة الورقية التقليدية، وذلك وفقاً لقانون التجارة الالكترونية وقانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية .

وأشار القاضي السميطي إلى أنه مع طرح تغيير التعامل مع قضايا الشيكات بالشق الجزائي، وذلك لأن الإحصاءات تبين أن معظم القضايا الجزائية تتعلق بالشيكات، وتحويل الشيكات من قضايا جزائية إلى مدنية يقلل عددها . وأوضح أن بموجب قانون الإجراءات المدنية، بإمكان صاحب الشيك أن يحصل على حقه بالتوجه إلى قاضي الأمور المستعجلة بدلاً من الذهاب إلى قاضي الموضوع العادي، والخطوة ستوفر عليه الوقت، والحصول على حقوقه خلال أسبوعين .


صلاحيات القاضي


بين سيف أن القانون يخول القاضي صلاحية معاقبة ساحب الشيك بالحبس أو الغرامة، وذلك وفقاً لنص المادة 401 من قانون العقوبات: “يعاقب بالحبس أو بالغرامة من أعطى بسوء نية صكاً “شيكاً” ليس له قابل وفاء كافٍ قائم، وقابل للسحب، أو استرد بعد إعطائه الصك كل مقابل، أو بعضه بحيث لا يفي الباقي بقيمة الصك، أو أمر المسحوب عليه بعدم صرفه، أو كان قد تعمد تحريره أو توقيعه بصورة تمنع من صرفه . . .” .

ويضيف: يقدر القاضي العقوبة حسب ظروف واقعة الشيك، وجريمة الشيك تقع بمجرد أن يوقع الساحب عليه، ويسلمه للمستفيد ويتخلى عنه، ويتضح عدم وجود رصيد بتاريخ الاستحقاق، أو رصيد غير قابل للسحب أو هناك رصيد مع عدم إمكان الصرف .

وشدد على أن القضاء الجزائي لا ينظر في سبب تحرير الشيك بل كل ما يعنيه أن هناك شيكاً تم توقيعه وتسليمه ولم يصرف لأن القاضي الجزائي غير مطالب بالبحث في أسباب الشيك، فهو يحمي التعامل بالشيك، والقانون فرض حمايته لإعطائه الثقة خلال التعامل .

وأوضح أن أسباب إصدار الشيك يبحث فيها القاضي في المحكمة المدنية لدى عرضها عليه، مبيناً أن الحالة الوحيدة التي لا يعاقب فيها شخص على إصدار شيك تتمثل في أن يكون الشيك متحصلاً من جريمة كالسرقة، أو الاحتيال، أو ضياعه، ولكن يجب على الساحب أن يثبت ذلك أمام القاضي .

وأشار إلى أن القاضي يحكم بالغرامة فقط لحماية الشيك، عندما يثبت المتهم أن قيمته غير مستحقة للمستفيد، وهنا يستخدم القاضي سلطته التقديرية ويعطي حكماً بالغرامة بدل الحبس، موضحاً أن الغرامة قد تصل بين ألف إلى 30 ألف درهم .

وقال: يحق للمجني عليه أن يدعي بالحق المدني أمام المحكمة الجزائية، وتكون تدخلاته في القضية بما يتعلق بالشق المدني فقط، وفقاً للمادة 117 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص: “لا يقبل من المجني عليه وأن المدعي بالحق المدني طلب حبس المتهم، ولا تسمع منه أقوال في المناقشات المتعلقة بالإفراج عنه” .

وفي السياق ذاته، بين سيف أن هناك سلبيات في ما يتعلق بنظر قضايا الشيكات بشقها الجزائي، تتمثل في أن هناك حالات تكون غير مستحقة لقيمة الشيك، لكن الجريمة تقع، ويحبس الشخص في دين غير مستحق عليه . لكن القاضي بين أن القانون يساعد المتهم في حال أحضر تنازل أثناء نظر القضية، حيث تنقضي الدعوى الجزائية من دون عقوبة، وفي حال صدر حكم يتم إلغاؤه بعد تسليم القاضي التنازل، مشيراً إلى أن هدف المشرع من القانون أن يأخذ الناس حقوقهم .


إعادة النظر في الشق الجزائي


قال الدكتور أحمد البنا، خبير اقتصاد، إن معظم الدول تقوم بالفصل بين الشق الجزائي والشق المدني المطبقين على الشيكات المرتجعة فمعظم الدول قامت بإعادة النظر في الشق الجزائي وقامت بإلغائه والاكتفاء بالشق المدني الذي يتم من خلاله تسديد المبلغ، ليس هذا فحسب بل أيضاً يتم تعويض الدائن إذا تضرر من تأخير سداد الدين .

وأوضح أنه يجب فعلياً إعادة النظر في القوانين المفروضة على الشيكات المرتجعة من دون رصيد وبخاصة تلك المتعلقة بالشق الجزائي، ولكن يجب فى الوقت نفسه عدم السماح لضعفاء النفوس باستغلال هذه التغيرات في القوانين بالتلاعب وتوقيع شيكات من دون رصيد بما يضر بعمليات الدفع وينعكس سلباً على الاقتصاد الوطني .


“شيك على بياض”


ينتشر في أروقة المحاكم عدد كبير من قضايا الشيكات المرتبطة بالبطاقات الائتمانية، والتي تطالب البنوك فيها عملاءها بمبالغ قد تفوق المستحق بدعوى أنها فوائد، وحول هذه القضية يشير القاضي سيف إلى أن الإشكالية تتمثل في أن الناس يوقعون على الأوراق المقدمة من البنك من دون قراءتها، ويزودون البنك بشيك على بياض، موضحاً أن الشيك على بياض يعني تفويض البنك بكتابة قيمة الشيك دون حدود .

وأوضح أن البنوك تضع في بنود الاتفاقية الموقعة مع العميل شرطاً يتضمن أن العميل مسؤول عن قيمة المبلغ المسحوب وفوائده، ومن هنا يتمكن البنك من أن يضع قيمة الشيك التي يراها بدعوى أنه من مستحقاته، مؤكداً أن الحل لهذه الحالة يتمثل في أن يطلب العميل تعديل هذا البند، ووضع قيمة عليا للفوائد محددة مثلاً مبلغ 16 ألف درهم لمنع أن تكون قيمة الشيك على بياض أعلى من 16 ألف درهم، ويثبت للقاضي أن مبلغ الشيك في حدود معينة .

وشدد على ضرورة أن يقرأ العميل الاتفاقية مع البنك قبل التوقيع عليها، مشيراً إلى أن “العقد شريعة المتعاقدين”، وموضحاً أن بعض البنوك تستغل الشق الجزائي في تهمة تحرير شيك من دون رصيد من أجل الضغط على الساحب، والحل يتمثل في أن يودع الساحب المبلغ المستحق في خزينة المحكمة أو النيابة لمصلحة الجهة المشتكية بقيمة الشيك حتى يتجنب الحكم بحبسه، وينال حكماً بانقضاء الدعوى .


حق التشريع


أكد القاضي أحمد سيف رئيس المحكمة الجزائية في دبي، أن المشرع هو صاحب الحق في إصدار قانون يحاسب ساحب الشيك “مصدر الشيك” سواء بالشق الجزائي أو المدني، فلو ألغى الشق الجزائي سيكون له آثار سلبية وأخرى إيجابية، ولو رأى تطبيق الشق المدني فقط، فالمحاكم ليس عليها سوى تطبيق القانون بحذافيره .

وأشار إلى أنه ليس كل قانون يطبق في دولة ما يصلح لأن يطبق في الإمارات، مضيفاً أن تطبيق دولة أوروبية مبدأ النظر في قضايا الشيكات كقضايا مدنية لا يعد مثالاً يجب أن يحتذى به، فمعظم سكان الدولة الأوروبية من جنسية واحدة فيما الإمارات فيها تعدد للجنسيات .

وأوضح أن القانون يحمي الشيك في التعامل، وأن عدم توفير حماية للشيك سيسهل عملية إصداره من قبل الساحب، إضافة إلى أن التجار لن يقبلوا الحصول على الشيكات في تعاملاتهم ما لم يكن هناك رادع يحمي حقوقهم .

وأكد أن التاجر لن يثق بشخص أجنبي في تعاملاته التجارية، لأنه قد يحرر له شيكاً، ويغادر البلد من دون أن يحصل على حقوقه، موضحاً أن نظر المحكمة للشيك كقضية جزائية يمكن إعداد ملف استرداد بحق المدان حال هروبه من الدولة، فيتم التعميم عليه عن طريق الإنتربول وجلبه، أما لو نظر الشيك بشقه مدني فقط فلن يستطيع أحد ملاحقة الهارب .




المركزي يحسم قضية الشيك على بياض


بعد منازعات مطولة بين البنوك وعملائها الدائنين امتدت إلى أروقة المحاكم بشأن الشيك على بياض قام المصرف المركزي بحسم هذه القضية نهائياً من خلال النظام الجديد للقروض الشخصية والخدمات المقدمة للعملاء للأفراد بإلزامه جميع البنوك وشركات التمويل العاملة في الدولة بأخذ شيك على بياض من عملائها مقابل منح أي قروض أو تسيهلات السحب على المكشوف وكذلك بطاقات الائتمان . وكانت بعض البنوك لجأت إلى تحرير شيكات بمبالغ تفوق القيمة المتبقية على العملاء من مستحقاتهم في محاولات للضغط عليهم لسداد المبالغ المتبقية الأمر الذي دفع العملاء إلى اللجوء للقضاء لتسوية مشكلاتهم .


توقيت الإجراء


يرى المحامي عبد الله مدني أن الإشكالية في قضايا الشيكات تتمثل في البلاغات المقدمة وإجراءات التقاضي حيث تأخذ وقتاً طويلاً مشيراً إلى أن أمر الأداء “أي الإنذار العدلي”، الذي يجب أن ينشر في الصحف يعطي مهلة خمسة أيام في السداد وهذا يمكن ساحب الشيك من الهرب، مشيراً إلى أن معظم الشيكات لا يحصل المستفيد فيها على المال لأن محرر الشيك هرب .

وأكد أن أبرز أسباب ارتفاع قضايا الشيكات تتمثل في إعطاء البنوك الشيكات لعملائه من دون النظر للجوانب الأخرى المتعلقة بوضع المستفيد حيث إن هدف البنوك الاستفادة من ساحب الشيك قدر المستطاع، مشيراً في الوقت ذاته إلى ضرورة تطبيق الشق الجزائي من القضية لأنه يُحدث نوعاً من الضغط على الساحب من أجل الإيفاء بالتزاماته المالية .


صحيفة الخليج ـ الاقتصادي

محمد ابراهيم البادي
07-17-2011, 01:27 PM
قبل ان يكون خبر منشور في صحيفة او صحف الدولة

فهو موضوع شيق للنقاش
من المؤيدين او المعارضين لوقف الشق الجزائي للشيك
التمس من الجميع المشاركة فيه وابداء رأيه من الناحيتين واسبابه في ذلك

بني ياسي
07-17-2011, 07:12 PM
الله يحييك يا شيخي محمد ابراهيم البادي



من وجهة نظري فإن المشرع بادئ الأمر إنما وضع الجانب الجزائي ليخوف من تغريه نفسه على خوض تجربة كتابة الشيك بدون رصيد . وأنا من المؤيدين بل وأشدهم على الحفاظ على الجانب الجزائي في قضية الشيك بلا رصيد , وهي في النهاية حماية للتجارة وعلاقة الدائنية والمديونية بين التجار.

قانونية وافتخر
07-18-2011, 12:14 AM
up ^^

...........