عدالة تقهر الظلم
07-13-2011, 10:31 PM
هيئة المحكمة: الرئيس الحسيني الكناني والمستشاران إمام البدري ومجاهد الحصري.
- 1 -
اعتبار الحكم الصادر بالإعدام مطعونا عليه بالنقض بقوة القانون وموجب المحكمة العليا إعادة بحثه وبيان مدى استيفائه عناصره من حيث الشكل والموضوع دون التقيد بأسباب طعن المحكوم عليه.
- 2 -
موجب النيابة العامة التحقيق باللغة العربية وإلا الاستعانة بمترجم محلف عند جهل المتهم تلك اللغة تفاديا لبطلان التحقيق.
- 3 -
اعتبار الحكم الصادر استنادا إلى اعتراف المتهم الجاهل للغة العربية بمحضر جمع الاستدلالات باطلا.
- 4 -
وجوب صدور حكم الإعدام بمختلف درجات التقاضي بإجماع الآراء وإلا فهو باطل بطلانا مطلقا لتعلقه بالنظام العام.
الوقائع
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه القاضي المقرر وبعد المداولة.
حيث إن الطعون الثلاثة استوفت أوضاعها الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن النيابة العامة اتهمت المحكوم عليهما ...، ... لأنهما في يوم 25/9 / 1992 وتاريخ سابق عليه بدائرة أبوظبي: أولاً : المحكوم عليهما معاً قتلا ... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن عقدا العزم وبيّتا النيّة على قتله وأعدا لذلك آلة حادة (سكين) وتربصا به حال وجوده منفرداً بحانوته وما أن ظفرا به حتى قام المحكوم عليه الأول بتقييده وتكميم فمه من الخلف وقام المحكوم عليه الثاني بطعنه بالآلة سالفة الذكر في رقبته وصدره وبطنه قاصديْن من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت بهذه الجناية جناية أخرى هي أنهما في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر سرقا بطريق الإكراه المبلغ النقدي والملابس والأقمشة المبينّة بالأوراق والمملوكة للمجني عليه سالف الذكر بعد طعنه على النحو المبين سلفاً وذلك على النحو الوارد تفصيلاً بالأوراق. ثانياً: المحكوم عليه الأول أيضاً 1 - سرق المبلغ النقدي المبيّن قدراً بالأوراق والمملوك للمجني عليه سالف الذكر خفية من حرز مثله على النحو المبين بالأوراق.
2 - بصفته أجنبياً ترك العمل لدى كفيله وعمل لدى غير كفيله دون الحصول على موافقته الكتابية وموافقة الجهات المختصة . وطلبت عقابهما طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء والمواد 332/2 ، 333 ، 385 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 والمواد 1، 11/2، 35 من القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 1973 في شأن الهجرة والإقامة . وبجلسة 22/11/1997 قضت محكمة جنايات أبوظبي الشرعية حضورياً بإجماع الآراء بإدانتهما بجريمتي قتل المجني عليه عمداً عدواناً والسرقة ومعاقبتهما عنهما بالقتل قصاصاً بالوسيلة المتاحة وبعدم اختصاصها بنظر الجنحة المتعلقة بأحكام قانون الهجرة والإقامة رقم 6 لسنة 1973 وإحالتها إلى محكمة الجنح المختصة.
فاستأنف المحكوم عليهما والنيابة العامة بالاستئنافات أرقام 685، 686، 697 لسنة 1997 جزائي شرعي أبوظبي.
وبجلسة 16/5 / 1999 قضت محكمة الاستئناف حضورياً بإجماع الآراء بتأييد الحكم المستأنف على أن ينفذ الحكم في حضور أولياء الدم أو من يمثلهم. فطعن عليه المحكوم عليهما والنيابة العامة بالنقض بالطعون أرقام 132، 241 لسنة 21 ق ، 179 لسنة 22 ق. وبجلسة 21/4/2001 قضت المحكمة الاتحادية العليا في الطعون الثلاثة بنقض الحكم المطعون فيه لإخلاله بحق الدفاع وإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف مُصدرة الحكم لنظرها مُجدداً بهيئة 7 لسنة 1997 جزائي شرعي أبوظبي شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء برفضها وتأييد الحكم الم مغايرة . وبجلسة 2/1/2002 قضت محكمة الإحالة بقبول الاستئنافات الثلاثة أرقام 685 ، 686 ، 69ستأنف على أن يتم تنفيذ الحكم بحضور عصبة أولياء الدم أو من يمثلهم . فطعن عليه المحكوم عليهما كلاً بواسطة محاميه المنتدب والنيابة العامة بالنقض بالطعون الثلاثة الماثلة . وقدمت نيابة النقض مذكرة شاطرت فيها النيابة العامة الرأي الذي خلصت إليه في الطعن رقم 12 لسنة 24 ق بإقرار الحكم المطعون فيه ورأت رفض الطعنيْن رقمي 88 ، 165 لسنة 27 ق المقامان من المحكوم عليهما موضوعاً .
أولاً : الطعنان رقما 88 ، 165 لسنة 27 ق : المقامان من المحكوم عليهما .
حيث إنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة وعلى ما جرى به نص المادة 253 من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي الصادر بالقانون رقم 35 لسنة 1992 أن الحكم الصادر بالإعدام يُعتبر مطعوناً عليه بالنقض بقوة القانون ويتعيّن على المحكمة العليا إعادة بحثه وبيان مدى استيفائه عناصره من حيث الشكل والموضوع دون التقيد بأسباب طعن المحكوم عليه وما تضمنه رأي النيابة العامة وتحري أية مُخالفة أو خطأ يشوب الحكم والنظر في مدى موافقته والإجراءات التي بني عليها لأحكام الشريعة الإسلامية والقانون وتُصدر على ضوء ما تسفر عنه دراستها الواقعية حكمها بإقرار الحكم أو بنقضه مع الإحالة لإعادة محاكمة الجاني من جديد.
وكان النص في المادة 70 من ذات القانون من أنه ( يجري التحقيق باللغة العربية و إذا كان المتهم أو الخصوم أو الشهود أو غيرهم ممن ترى النيابة العامة سماع أقوالهم يجهل اللغة العربية فعلى عضو النيابة العامة أن يستعين بمترجم بعد أن يحلف يميناً بأن يؤدي مُهمته بالأمانة والصدق ) يَدُل على أن المشرع قد أوجب إجراء التحقيق باللغة العربية كما أوجب على الجهة المنوط بها إجراؤه إذا كان المتهم يجهل اللغة العربية أن تستعين بمترجم لأخذ أقواله بعد تحليف هذا المترجم أمامها يميناً بأن يؤدي مُهمته بالأمانة والصدق ما لم يكن قد حلفها من قبل عند تعيينه أو الترخيص له بمزاولة مهنة الترجمة وهو إجراء جوهري لازم يتعين تحققه قبل استجواب المتهم الأجنبي وإلاّ كان التحقيق باطلاً ويستطيل هذا البطلان إلى الدليل المستمد منه وهو ما يسري أيضاً على إجراءات الاستدلال
لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن اعتراف المتهم الأجنبي الذي يجهل اللغة العربية بمحضر جمع الاستدلالات الذي أقام عليه الحكم قضاءه دون الاستعانة بمترجم مُحلّف لأخذ أقواله يصم هذا الاعتراف والحكم بالبطلان.
والنص في المادة 218 منه من أنه ( تصدر الأحكام بأغلبية الآراء فيما عدا الأحكام الصادرة بالإعدام فيجب أن تصدر بإجماع الآراء وعند عدم تحققه تُستبدل بعقوبة الإعدام عقوبة السجن المؤبد ) يَدُل على أن المشرع قد أوجب تحقيقاً للعدالة وحمايةً لمصلحة المحكوم بإعدامه أن يصدر حكم الإعدام بمختلف درجات التقاضي بإجماع الآراء وأن خُلو الحكم الصادر بالإعدام من النص بمنطوقه على صدوره بإجماع الآراء يبطله بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام لمخالفته قاعدة جوهرية من قواعد إصدار الأحكام المتعلقة بعقوبة الإعدام التي أحاطها المشرع بعناية خاصة صوناً للنفس .
لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه عّول في قضائه بإدانة الطاعنيْن على اعترافهما بمحضر جمع الاستدلالات قبل أن يقف على ما إذا كان المترجم موسى شريف الذي قام بترجمة أقوالهما إلى اللغة العربية التي يجهلانها لكونهما أجنبيان ويحملان الجنسية الهندية قد رُخص له بوجه رسمي بمزاولة مهنة الترجمة وحلف اليمين القانونية قبل قيامه بأعمال الترجمة من عدمه لما لذلك من أثر في مدى صحة هذا الاعتراف أو بطلانه وذلك لخلو المحضر المشار إليه من استجلاء هذا الأمر ولقيام النيابة العامة حين استعانت بهذا المترجم بتحليفه اليمين القانونية أمامها قبل قيامه بأعمال الترجمة وفقاً للثابت بجلسات 3/10/1992 ، 7/4 / 1993 ، 18/5 / 1993 من تحقيقات النيابة العامة وما يُلقيه هذا التصرف منها من ظلال من الشك حول سبق الترخيص له بمزاولة مهنة الترجمة أو حلفه اليمين القانونية على أدائها بالأمانة والصدق قبل قيامه بترجمة أقوال الطاعنيْن بمحضر جمع الاستدلالات مما يصم هذا الحكم بالقصور المبطل في التسبيب والفساد في الاستدلال. كما أن الثابت من مدونات الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه قد أُثبت بمنطوقه أنه صدر بإجماع الآراء رغم وجود رأي مُخالف لعضو يسار الدائرة القاضي ... انتهى فيه إلى عدم جواز استيفاء حكم القصاص قبل بلوغ الابن القاصر للمجني عليه لكونه من بيْن الورثة وله مثل غيْره حق الاختيار ويرث جزءاً من الديّة عند فوات القصاص وفقاً لمذهب الشافعية والحنابلة الذي يرى الأخذ به لما فيه من المصالح . ومن ثم يكون هذا الحكم قد صدر في حقيقته بأغلبية الآراء وليس بالإجماع كما جاء في منطوقه بالمخالفة لما توجبه المادة 218 من قانون الإجراءات الجزائية المار ذكرها مما يصمه بالبطلان المطلق المتعلق بالنظام العام لخرقه قاعدة جوهرية من قواعد إصدار الأحكام المتعلقة بعقوبة الإعدام واستطالة هذا البطلان إلى الحكم المطعون فيه الذي قضى بتأييده رغم بطلانه . لما كان ما تقدم كله فإن الحكم المطعون فيه يكون فوق قصوره المبطل في التسبيب والفساد في الاستدلال قد شابه البطلان المتعلق بالنظام العام بما يعيبه ويُجب نقضه دون حاجة لبحث أسباب الطعنيْن على أن يكون مع النقض الإحالة اعتبارا بأن النقض الماثل لسببٍ شكلي مُغاير لسبب النقض السابق.
ثانياً: الطعن رقم 12 لسنة 24 ق: المقام من النيابة العامة.
حيث إنه لما كان هذا الطعن مُرتبطاً بالطعنيْن رقمي 88 ، 165 لسنة 27 ق لوحدة الخصوم ولوروده عن ذات الحكم المطعون فيه . وكانت المحكمة قد خلصت بقضائها في الطعنيْن الأخيريْن إلى نقض ذلك الحكم وهو ما يستتبع بحكم اللزوم نقض الحكم أيضاً في الطعن الماثل مع الإحالة دون حاجة لبحث أسبابه.
لذلك،
حكمت المحكمة في الطعون أرقام 12 لسنة 24 ق ، 88 ، 165 لسنة 27 ق شرعي جزائي بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف مُصدرة الحكم لنظرها مُجدداً بهيئة مُشكلة من قضاةٍ آخرين وقدرت مبلغ ألفيْن وخمسمائة درهم مقابل أتعاب محاماة لكل محامٍ من المحاميْن المنتدبيْن في الطعنيْن الأخيريْن تُصرف لهما من خزانة وزارة العدل.
- 1 -
اعتبار الحكم الصادر بالإعدام مطعونا عليه بالنقض بقوة القانون وموجب المحكمة العليا إعادة بحثه وبيان مدى استيفائه عناصره من حيث الشكل والموضوع دون التقيد بأسباب طعن المحكوم عليه.
- 2 -
موجب النيابة العامة التحقيق باللغة العربية وإلا الاستعانة بمترجم محلف عند جهل المتهم تلك اللغة تفاديا لبطلان التحقيق.
- 3 -
اعتبار الحكم الصادر استنادا إلى اعتراف المتهم الجاهل للغة العربية بمحضر جمع الاستدلالات باطلا.
- 4 -
وجوب صدور حكم الإعدام بمختلف درجات التقاضي بإجماع الآراء وإلا فهو باطل بطلانا مطلقا لتعلقه بالنظام العام.
الوقائع
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه القاضي المقرر وبعد المداولة.
حيث إن الطعون الثلاثة استوفت أوضاعها الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن النيابة العامة اتهمت المحكوم عليهما ...، ... لأنهما في يوم 25/9 / 1992 وتاريخ سابق عليه بدائرة أبوظبي: أولاً : المحكوم عليهما معاً قتلا ... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن عقدا العزم وبيّتا النيّة على قتله وأعدا لذلك آلة حادة (سكين) وتربصا به حال وجوده منفرداً بحانوته وما أن ظفرا به حتى قام المحكوم عليه الأول بتقييده وتكميم فمه من الخلف وقام المحكوم عليه الثاني بطعنه بالآلة سالفة الذكر في رقبته وصدره وبطنه قاصديْن من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت بهذه الجناية جناية أخرى هي أنهما في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر سرقا بطريق الإكراه المبلغ النقدي والملابس والأقمشة المبينّة بالأوراق والمملوكة للمجني عليه سالف الذكر بعد طعنه على النحو المبين سلفاً وذلك على النحو الوارد تفصيلاً بالأوراق. ثانياً: المحكوم عليه الأول أيضاً 1 - سرق المبلغ النقدي المبيّن قدراً بالأوراق والمملوك للمجني عليه سالف الذكر خفية من حرز مثله على النحو المبين بالأوراق.
2 - بصفته أجنبياً ترك العمل لدى كفيله وعمل لدى غير كفيله دون الحصول على موافقته الكتابية وموافقة الجهات المختصة . وطلبت عقابهما طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء والمواد 332/2 ، 333 ، 385 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 والمواد 1، 11/2، 35 من القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 1973 في شأن الهجرة والإقامة . وبجلسة 22/11/1997 قضت محكمة جنايات أبوظبي الشرعية حضورياً بإجماع الآراء بإدانتهما بجريمتي قتل المجني عليه عمداً عدواناً والسرقة ومعاقبتهما عنهما بالقتل قصاصاً بالوسيلة المتاحة وبعدم اختصاصها بنظر الجنحة المتعلقة بأحكام قانون الهجرة والإقامة رقم 6 لسنة 1973 وإحالتها إلى محكمة الجنح المختصة.
فاستأنف المحكوم عليهما والنيابة العامة بالاستئنافات أرقام 685، 686، 697 لسنة 1997 جزائي شرعي أبوظبي.
وبجلسة 16/5 / 1999 قضت محكمة الاستئناف حضورياً بإجماع الآراء بتأييد الحكم المستأنف على أن ينفذ الحكم في حضور أولياء الدم أو من يمثلهم. فطعن عليه المحكوم عليهما والنيابة العامة بالنقض بالطعون أرقام 132، 241 لسنة 21 ق ، 179 لسنة 22 ق. وبجلسة 21/4/2001 قضت المحكمة الاتحادية العليا في الطعون الثلاثة بنقض الحكم المطعون فيه لإخلاله بحق الدفاع وإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف مُصدرة الحكم لنظرها مُجدداً بهيئة 7 لسنة 1997 جزائي شرعي أبوظبي شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء برفضها وتأييد الحكم الم مغايرة . وبجلسة 2/1/2002 قضت محكمة الإحالة بقبول الاستئنافات الثلاثة أرقام 685 ، 686 ، 69ستأنف على أن يتم تنفيذ الحكم بحضور عصبة أولياء الدم أو من يمثلهم . فطعن عليه المحكوم عليهما كلاً بواسطة محاميه المنتدب والنيابة العامة بالنقض بالطعون الثلاثة الماثلة . وقدمت نيابة النقض مذكرة شاطرت فيها النيابة العامة الرأي الذي خلصت إليه في الطعن رقم 12 لسنة 24 ق بإقرار الحكم المطعون فيه ورأت رفض الطعنيْن رقمي 88 ، 165 لسنة 27 ق المقامان من المحكوم عليهما موضوعاً .
أولاً : الطعنان رقما 88 ، 165 لسنة 27 ق : المقامان من المحكوم عليهما .
حيث إنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة وعلى ما جرى به نص المادة 253 من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي الصادر بالقانون رقم 35 لسنة 1992 أن الحكم الصادر بالإعدام يُعتبر مطعوناً عليه بالنقض بقوة القانون ويتعيّن على المحكمة العليا إعادة بحثه وبيان مدى استيفائه عناصره من حيث الشكل والموضوع دون التقيد بأسباب طعن المحكوم عليه وما تضمنه رأي النيابة العامة وتحري أية مُخالفة أو خطأ يشوب الحكم والنظر في مدى موافقته والإجراءات التي بني عليها لأحكام الشريعة الإسلامية والقانون وتُصدر على ضوء ما تسفر عنه دراستها الواقعية حكمها بإقرار الحكم أو بنقضه مع الإحالة لإعادة محاكمة الجاني من جديد.
وكان النص في المادة 70 من ذات القانون من أنه ( يجري التحقيق باللغة العربية و إذا كان المتهم أو الخصوم أو الشهود أو غيرهم ممن ترى النيابة العامة سماع أقوالهم يجهل اللغة العربية فعلى عضو النيابة العامة أن يستعين بمترجم بعد أن يحلف يميناً بأن يؤدي مُهمته بالأمانة والصدق ) يَدُل على أن المشرع قد أوجب إجراء التحقيق باللغة العربية كما أوجب على الجهة المنوط بها إجراؤه إذا كان المتهم يجهل اللغة العربية أن تستعين بمترجم لأخذ أقواله بعد تحليف هذا المترجم أمامها يميناً بأن يؤدي مُهمته بالأمانة والصدق ما لم يكن قد حلفها من قبل عند تعيينه أو الترخيص له بمزاولة مهنة الترجمة وهو إجراء جوهري لازم يتعين تحققه قبل استجواب المتهم الأجنبي وإلاّ كان التحقيق باطلاً ويستطيل هذا البطلان إلى الدليل المستمد منه وهو ما يسري أيضاً على إجراءات الاستدلال
لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن اعتراف المتهم الأجنبي الذي يجهل اللغة العربية بمحضر جمع الاستدلالات الذي أقام عليه الحكم قضاءه دون الاستعانة بمترجم مُحلّف لأخذ أقواله يصم هذا الاعتراف والحكم بالبطلان.
والنص في المادة 218 منه من أنه ( تصدر الأحكام بأغلبية الآراء فيما عدا الأحكام الصادرة بالإعدام فيجب أن تصدر بإجماع الآراء وعند عدم تحققه تُستبدل بعقوبة الإعدام عقوبة السجن المؤبد ) يَدُل على أن المشرع قد أوجب تحقيقاً للعدالة وحمايةً لمصلحة المحكوم بإعدامه أن يصدر حكم الإعدام بمختلف درجات التقاضي بإجماع الآراء وأن خُلو الحكم الصادر بالإعدام من النص بمنطوقه على صدوره بإجماع الآراء يبطله بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام لمخالفته قاعدة جوهرية من قواعد إصدار الأحكام المتعلقة بعقوبة الإعدام التي أحاطها المشرع بعناية خاصة صوناً للنفس .
لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه عّول في قضائه بإدانة الطاعنيْن على اعترافهما بمحضر جمع الاستدلالات قبل أن يقف على ما إذا كان المترجم موسى شريف الذي قام بترجمة أقوالهما إلى اللغة العربية التي يجهلانها لكونهما أجنبيان ويحملان الجنسية الهندية قد رُخص له بوجه رسمي بمزاولة مهنة الترجمة وحلف اليمين القانونية قبل قيامه بأعمال الترجمة من عدمه لما لذلك من أثر في مدى صحة هذا الاعتراف أو بطلانه وذلك لخلو المحضر المشار إليه من استجلاء هذا الأمر ولقيام النيابة العامة حين استعانت بهذا المترجم بتحليفه اليمين القانونية أمامها قبل قيامه بأعمال الترجمة وفقاً للثابت بجلسات 3/10/1992 ، 7/4 / 1993 ، 18/5 / 1993 من تحقيقات النيابة العامة وما يُلقيه هذا التصرف منها من ظلال من الشك حول سبق الترخيص له بمزاولة مهنة الترجمة أو حلفه اليمين القانونية على أدائها بالأمانة والصدق قبل قيامه بترجمة أقوال الطاعنيْن بمحضر جمع الاستدلالات مما يصم هذا الحكم بالقصور المبطل في التسبيب والفساد في الاستدلال. كما أن الثابت من مدونات الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه قد أُثبت بمنطوقه أنه صدر بإجماع الآراء رغم وجود رأي مُخالف لعضو يسار الدائرة القاضي ... انتهى فيه إلى عدم جواز استيفاء حكم القصاص قبل بلوغ الابن القاصر للمجني عليه لكونه من بيْن الورثة وله مثل غيْره حق الاختيار ويرث جزءاً من الديّة عند فوات القصاص وفقاً لمذهب الشافعية والحنابلة الذي يرى الأخذ به لما فيه من المصالح . ومن ثم يكون هذا الحكم قد صدر في حقيقته بأغلبية الآراء وليس بالإجماع كما جاء في منطوقه بالمخالفة لما توجبه المادة 218 من قانون الإجراءات الجزائية المار ذكرها مما يصمه بالبطلان المطلق المتعلق بالنظام العام لخرقه قاعدة جوهرية من قواعد إصدار الأحكام المتعلقة بعقوبة الإعدام واستطالة هذا البطلان إلى الحكم المطعون فيه الذي قضى بتأييده رغم بطلانه . لما كان ما تقدم كله فإن الحكم المطعون فيه يكون فوق قصوره المبطل في التسبيب والفساد في الاستدلال قد شابه البطلان المتعلق بالنظام العام بما يعيبه ويُجب نقضه دون حاجة لبحث أسباب الطعنيْن على أن يكون مع النقض الإحالة اعتبارا بأن النقض الماثل لسببٍ شكلي مُغاير لسبب النقض السابق.
ثانياً: الطعن رقم 12 لسنة 24 ق: المقام من النيابة العامة.
حيث إنه لما كان هذا الطعن مُرتبطاً بالطعنيْن رقمي 88 ، 165 لسنة 27 ق لوحدة الخصوم ولوروده عن ذات الحكم المطعون فيه . وكانت المحكمة قد خلصت بقضائها في الطعنيْن الأخيريْن إلى نقض ذلك الحكم وهو ما يستتبع بحكم اللزوم نقض الحكم أيضاً في الطعن الماثل مع الإحالة دون حاجة لبحث أسبابه.
لذلك،
حكمت المحكمة في الطعون أرقام 12 لسنة 24 ق ، 88 ، 165 لسنة 27 ق شرعي جزائي بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف مُصدرة الحكم لنظرها مُجدداً بهيئة مُشكلة من قضاةٍ آخرين وقدرت مبلغ ألفيْن وخمسمائة درهم مقابل أتعاب محاماة لكل محامٍ من المحاميْن المنتدبيْن في الطعنيْن الأخيريْن تُصرف لهما من خزانة وزارة العدل.