المحامي مؤمن صابر هشام
06-20-2011, 03:18 PM
أولاً: تعريف عقد المقاولة:
المقاولة عقد اتفاق بين طرفين يتعهد احدهما بأن يقوم للآخر بعمل معين بأجر محدد فى خلال مدة معينه .وعقد المقاولة عرفه القانون المدني القطـــري رقم (22) لسنة 2004م بأنه: "عقد يلتزم بمقتضاه أحد الطرفين أن يصنع شيئاً أو أن يؤدي عملاً للطرف الآخر لقاء أجر، دون أن يكون تابعاً لهذا الطرف أو نائباً عنه". إلا أنه يلاحظ على هذا التعريف أنه لا يبرز الخاصية الأساسية في عقد المقاولة، وهي أن المقاول يقوم بالعمل الذي عهد إليه في استقلال كامل ودون تبعية لرب العمل. وعليه يمكن تعريف عقد المقاولة بأنه "عقد يكلف بمقتضاه أحد الأشخاص المقاول بأن يصنع له شيئاً أو أن يؤدي له عملاً في استقلال كامل ودون أن يخضع لرقابته أو إشرافه وذلك في مقابل أجر"[1] (http://arabconstructionlaw.com/index.php?action=pages&id=22#_ftn1). والمقاول هو من يتعهد بالقيام بعمل معين مستكمل لشروط خاصه كبناء بيت أو إصلاح طريق، وتوضع التفصيلات له فى عقد يوقعه المتعاقدان .
ثانياً: الايجاب والقبول فى عقد المقاولة:
أن خصائص الإيجاب تكون فى ضرورة أن يكون الإيجاب جازما، أى صادرا عن نيه قاطعه فى التعاقد، وأن يكون كاملا متضمنا كافة العناصر اللازمة لإبرام العقد باستثناء القبول، بحيث إذا اقترن بالقبول اكتملت أركان العقد واضحى مبرما. والقاعده أنه لا يشترط أن يوجه الإيجاب إلى شخص أو أشخاص معينين بالذات، بل يصح توجيهه إلى جميع الناس – ومع ذلك فإن العرض الموجه إلى الجمهور لا يعتبر إيجابا فى حالات خاصة، كحالة العقود التى تقدم على الاعتبار الشخصى. ويترتب على القبول فى المقابل انعقاد العقد، إذ بصدور القبول توجد الإرادتان اللازمتان لانعقاد العقد، بشرط أن يكون القبول قد صدر والإيجاب قائم لم يسقط، وأن يتطابق القبول والإيجاب، وأن يتصل القبول بعلم الموجب لكى ينتج القبول أثره وهو انعقاد العقد .وتتبدى أهميته تحديد وقت انعقاد العقد فى عدة نواح أهمها :
1. أن العقد يبدأ فى إنتاج أثره بمجرد انعقاده، ولذلك من الأهمية تحديد زمن ذلك الانعقاد حتى يمكن تحديد الوقت الذى تنتج من لحظته آثار العقد .
2. أن آثار استحالة تنفيذ الالتزامات المتولده عن العقد تختلف تبعا لما إذا كانت هذه استحالة تنفيذ ألالتزامات المتولده عن العقد تختلف تبعا لما إذا كانت هذه الاستحالة تمت قبل انعقاد العقد أم بعد ذلك .
نطاق سريان القوانين الجديدة على العقود يتوقف على تحديد تاريخ ابرامها. فالعقود التى تبرم بعد العمل بالقانون الجديد تخضع له، أما العقود التى تبرم قبل العمل بالقانون الجديد، فلا تخضع له فيما يتعلق بشروط انعقادها، صحتها، أو آثارها التى لا تتصل بالنظام العام
وفي العقود الإدارية التي تقوم بعقدها الجهات الحكومية والمؤسسات العامة عادة عن طريق المناقصات العامة، يعتبر أن تقديم العطاءات من قبل المقاولين هو الإيجاب، وأن القبول يتم بمجرد إخطار مقدم العطاء بقبول عطائه وبذلك يصبح التعاقد تاما بينه وبين جهة الإدارة. وقد استقر الفقه القضائي على إعتبار أن التوقيع على مستندات التعاقد ودفع التأمين النهائي وغيره من المستندات الواجب تقديمها، تـُعد عبارة عن ضمان لتنفيذ التعاقد ولا تعد ركنا من أركان العقد.
ثالثا: أركان عقد المقاولة:
عقد المقاولة مثل سائر العقود المدنية الأخرى يقوم على توافق إرادتين على إنشاء التزام أو أكثر. ومن ذلك يتضح أن عقد المقاولة يستلزم لقيامه عدة أركان، وهى ذات الأركان التى يجب توافرها فى سائر العقود، وهى الرضا أو التراضى والمحل والسبب.
اولا : التراضى فى عقد المقاولة:
ولما كان تعريف عقد المقاولة هو "عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يضع شيئا أو أن يؤدى عملا لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الآخر" . ومفاد ذلك أنه لا نعقاد عقد المقاولة يجب أن يتطابق الإيجاب والقبول على عناصره - فيتم التراضى بين صاحب العمل والمقاول الذى يُعهد له بالعمل المنوط القيام به من حيث ماهيته ونوعيته، والأجر الذى يتقضاه المقاول من رب العمل. والرضا فى عقد المقاولة يجوز التعبير عنه صراحة أو ضمنا، ولا يشترط فيه شكل خاص لأنه عقد من عقود التراضى كما أوضحنا سابقا .
ونسبة إلى أن الإرادة حالة نفسيه، فإنها لا تقوم بدورها فى ميلاد العقد إلا إذا كان لها مظهر خارجى بحيث يمكن ادراك وجودها، ويتحقق ذلك بالتعبير عنها. والقول بانعقاد عزم شخص على إبرام عقد المقاولة، وبالتالى توافر الإرادة لديه يستدعى أن يكون هذا الشخص مدركا لما هو مقدم عليه، وبالتالى لا بد من اشتراط التميز لدى المتعاقد وذلك لتوافر الادراك، وبالتالى لوجود الإرادة. إذ أن الشخص غير المميز لا إرادة له قانونا، ومن ثم فإن إرادته لا تصلح لإنشاء العقود جميعا على اختلاف أنواعها . والإرادة اللازمة هى إرادة المتعاقد. أى الشخص الذى قصد ابرام العقد وإضافة ما يترتب من آثار إلى نفسه. وذلك سواء كان لحسابه الخاص أو لحساب غيره، بحيث ينعقد العقد بإرادته ولكن آثاره تنصرف إلى شخص غيره. وبالتالى يصح صدور الإيجاب أو القبول أو كلاهما من نائب يعمل لمصلحة المتعاقد، ولا يمنع ذلك من اعتبار المتعاقد لا نائبه طرفا فى العقد. ومرد ذلك أن القاعده العامة هى أن كل عقد يجوز للشخص أن يبرمه بنفسه يجوز له إبرامه بواسطة نائب، بل إن النيابة فى بعض الحالات تكون أمرا مفروضا بقوة القانون كالتعاقد مع الشخص غير كامل الأهليه والتعاقد مع الولى أو الوصى.
ثانيا محل عقد المقاولة:
كما سبق الإشارة إلى أن العقد هو توافق إرادتين على إنشاء التزامات متقابلة، ومن ثم فإن إنشاء الالتزامات يعتبر هو محل العقد – والالتزام بدورة لا ينشأ إلا إذا كان له محل. ومن ذلك فوجود الالتزام يعتبر شرطا لنشأة الالتزام وبالتالى لوجود محل العقد، ومن ثم يجوز أن يعتبر محل الالتزام فى نفس الوقت محل العقد فى ذاته. والواقع أن المحل فى عقد المقاولة ينصرف إلى:-
أ. التزامات المقاول بالعمل الذى تم التعاقد بشأنه مع رب العمل.
ب. التزامات رب العمل بسداد الأجر الذى تعهد به للمقاول.
ويشترط فى محل الالتزام ثلاثة شروط:
1. أن يكون معينا تعيينا كافيا أو على الأقل قابلا للتعيين.
2. أن يكون مشروعا.
3. أن يكون ممكنا.
1 / أن يكون محل الالتزام معينا أو قابلا للتعيين:
الالتزام يوجب على المدين القيام بأداء عمل معين لمصلحة الدائن بحيث يجبره على أدائه إذا امتنع عن القيام به اختيارا. ومن ثم يجب أن يكون الأداء المطلوب من المدين معينا، وإلا تعذر على الدائن إلزامه بالقيام بأداء عمل لا يعرف ماهيته أو طبيعته أو مداه. إذا يجب فى عقد المقاولة تعيين طبيعة وماهية ومدى العمل المطلوب أداؤه. أما بالنسبه لرب العمل فإن محل الالتزام يكون سداد مبلغ من النقود للمقاول، بمعنى أن محل الالتزام بالنسبة لرب العمل هو النقود. ومع ذلك يمكن أن ينشأ الالتزام دون تعيين محله، بشرط أن يكون هذا المحل قابلا للتعيين فيما بعد، كما يكفى أن يكون المحل معينا بنوعه فقط إذا تضمن العقد ما يستطاع به تعيين مقداره، كما إذا لم يتفق المتعاقدان على درجة الشىء من حيث الجودة، ولم يمكن استخلاص ذلك العقد أو فى ظروف وملابسات العقد التزم المدين بأن يسلم شيئا من صنف متوسط.
وجريا على القاعدة العامة فإنه إذا لم يعين محل الالتزام فى العقد، ولم يتضمن العقد الأسس التى تسمح بتعيينه لاحقا (مستقبلا)، فإن العقد يقع باطلا بطلانا مطلقا. ومرد ذلك أنه بدون تعيين محل العمل (الالتزام)، لا يمكن التحقق من تطابق التعبير عن إرادتى العاقدين بشأن هذا العمل.
وخلاصة القول أنه يجب أن يكون العمل فى عقد المقاولة معينا أو قابلا للتعيين، ويكون العمل معينا طالما أُشير فى العقد إلى طبيعته وماهيته ومداه وأوصافه، بحيث يتعين العمل دون لبس أو غموض.
2 / أن يكون محل العقد مشروعا:
يجب أن يكون محل الالتزام مشروعا، فإذا كان مخالفا للنظام العام أو الآداب كان العقد باطلا وفقا لنص المادة (151) من القانون المدني القطري.
3 / أن يكون محل العقد ممكنا:
لا يشترط لنشؤ الالتزام أن يكون الشىء موجودا وقت ابرام العقد، بل يكفى أن يكون من الممكن وجوده فى المستقبل. وتجدر الإشارة الى ان الاعمال التى قد يتضمنها عقد المقاولة إما أن تكون أعمالا مادية مثل الإنشاءات المتعددة كتشييد العقارات أو الجسور أو المدن السكنية، وإما أن تكون أعمالا عقليه، كالتعاقد مع محامى، أو أن تكون أعمالا فنية كما هو الشأن فى التعاقد مع مهندس معمارى لوضع الرسومات والتصميمات، والإشراف على إقامة المبانى. كما تنقسم أعمال المقاولات إلى مقاولات كبيره مثل تشييد مبانى الجامعات أو مقاولات صغيرة كالمقاولة مع النجار لصنع أثاث، أو أى أعمال عامة تتعلق بالمرافق العامة والأشغال العامة وقطاع الاعمال، او اعمال خاصة وهى التى تتعلق بالافراد او الشركات الخاصة المملوكه للأفراد.
ومحل التزام رب العمل في عقد المقاولة هو الأجر الذى يلتزم بسداده للمقاول، ويشترط فيه أن يكون موجودا ومعينا أو قابلا للتعيين ومشروعا. هذا ويشترط أن يتضمن عقد المقاولة شرط الأجر وإلا أضحى من عقود التبرع. والأجر وإن كان ركنا فى عقد المقاولة إلا أنه ليس بشرط أن يتم ذكره فى العقد، أو أن يحدده العاقدان، فإذا لم يحدداه تكفل القانون بتحديده. وقد يتم تحديد الأجر فى عقود المقاولة الخاصة بالمباني بأحد طريقين:
أ / تحديد الاجر على أساس وحدة القياس (تحديد الثمن بالوحده):
وهذا يتطلب عمل مقايسه يوضح بها كافة الاعمال المطلوبه تفضيلا، والمواد اللازمة وأسعارها، وأجر وحدة العمل، وعدد الأمتار من المبانى المطلوبه، وسعر كل متر، وعدد وحدات النوافذ والمطلات ونوعها، وماهية المواد المصنعه منها، وسعر المتر منها، والأدوات الصحيه المستعمله ونوعيتها وماركتها والوانها .. الخ، وحديد التسليح ونوعه وقطره .. الخ وسعره، وكميات الأسمنت ونوعها، الزلط، الرمل وكمياتها ونوعها .. الخ، من المواد المستخدمه فى البناء. ويجوز لرب العمل إزاء هذه الطريقة الزيادة فى مقدار الأعمال أو نقصها، أو الاتفاق على مقدار الزيادة أو النقص مقدما. وبهذه الطريقة لا يكون الأجر محددا مقداره مقدما بل يجب الانتظار حتى تنتهى جميع الاعمال وحسابها وفقا للمقايسة التى تتم بنهاية الأعمال.
ب / تحديد الأجر على أساس أجر إجمالي وأجر جزافي:
وهذا يتطلب تحديد ثمن كل نوع من الأعمال التي تندرج في أعمال التشييد والبناء. وتبعا لانتهاء المقاول من الأعمال تقاس تلك الأعمال على الطبيعة وتحدد جملة كل منها ثم تضرب في الثمن المتقدم الإشارة إليه لمعرفة القيمة الإجمالية لكل عمل من الأعمال، حيث يتم الجمع لتحديد أجر المقاول الإجمالي. وعادة يلجأ رب العمل إلى طريقة الأجر الاجمالي أو الأجر الجزافي، فيتفق مع المقاول على مبلغ إجمالي يقدر مقدما عند إبرام العقد. ويعيب هذه الطريقة أن المقاول يسعى جاهدا إلى تقليل التكاليف ليضمن ربحا أكبر قدرا.
ثالثا : السبب في عقد المقاولة:
سبب الالتزام هو الغرض أو القصد الذي استهدفه المتعاقد من وراء التزامه. ولا شك ببطلان العقد إذا كان سبب الالتزام مخالفا للنظام العام أو الآداب. ولا يمكن القول بأن المقصود بسبب الالتزام هنا القصد أو الغاية من الالتزام لأن هذا القصد دائما يكون مشروعا، وبالتالي فإن المقصود بوجوب أن يكون السبب غير مخالف للنظام العام والآداب هو السبب بمعنى الباعث على التعاقد. الذي دفع المتعاقد إلى قبول العقد، وإذا حدث وانتهى هذا السبب، فإن ذلك يعنى انتفاء الإرادة الجادة، وبالتالي انعدام تحقق الرضا، وبالتالي أيضا عدم انعقاد العقد ليس لانتفاء الباعث وإنما لعدم تحقق التراضي أو الرضا.
وإذا ادعى المدين أنه ليس لالتزامه سبب، تعين عليه إثبات ذلك، ويمكنه إثبات ذلك بالاستعانة بالطرق الآتية :-
أ. إذا كان العقد محررا متضمنا سبب الالتزام، فإذا ذكر المدين أن السبب المذكور في العقد سبب صوري، وجب عليه إثبات هذه الصورية بالكتابة عملا بالقاعدة "لا يجوز إثبات ما يخالف الكتابه إلا بالكتابة"، إذ يعد السبب المصرح به صحيحا إلى أن يثبت العكس. ما لم يتعلق الالتزام بعمل تجارى فهنا يكون من الجائز إثبات انعدام السبب بكل طرق الإثبات .
ب. إذا كان العقد غير مثبتا في محرر أو كون المحرر المثبت للعقد غير متضمنا لسبب الالتزام، فيجوز للمدين إثبات انتفاء السبب بكافة طرق الإثبات .
فإذا تبين أنه ليس للالتزام سبب فإن الالتزام لا ينشأ والعقد لا ينعقد، بمعنى أن العقد يقع باطلا بطلانا مطلقا، ولكي ينطبق هذا الجزاء يلزم أن يكون انتفاء السبب معاصرا للحظة إبرام العقد، بحيث إذا توافر السبب في هذه اللحظة ثم زال بعد ذلك، فإن زواله لا يؤثر على انعقاد العقد، ويؤدى زوال السبب بعد انتفاء العقد إلى فسخ العقد وليس إلى بطلانه.
رابعا: الخصائص العامة لعقد المقاولة:
اصطلاح المقاولات أصبح معروفا باسم خاص لانتشاره في كثير من التعاملات، فهنالك مقاولات البناء وهى من الانتشار بحيث إذا أطلقت كلمة "مقاولة" انصرفت إليها الأذهان. ولعقد المقاولة سمات عامه تميزه نجملها في الآتي:-
:
1. أن عقد المقاولة من العقود المسماة، أي أن المشرع وضع له اسما خاصا، وتكفل ببيان القواعد المنظمة له. فالعقد المسمى يخضع للقواعد القانونية التي نص عليها المشرع – وهى غالبا تكون قواعد مكملة لإرادة المتعاقدين، لا تطبق إلا إذا لم يتفق المتعاقدان على خلافها .
2. عقد المقاولة عقد رضائي، أي أنه يكفى لانعقاده توافق إرادتين إلى إنشائه دون حاجة إلى أي إجراء آخر، ودون حاجة إلى إفراغ التراضي في شكل خاص .
3. عقد المقاولة من عقود المعاوضة، أى أنه العقد الذى يحقق منفعة لجميع أطرافه، بحيث يأخذ كل منهم مقابلا لما يقدمه، و ذلك على اعتبار أن التراضى فى عقد المقاولة يقع على عنصرين جوهريين:
أولهما: الشىء المطلوب صنعه، أو العمل المطلوب تأديته من المقاول .
وثانيها: الأجر الذى يتعهد به رب العمل
4. عقد المقاولة عقد لازم، أى أنه لا يجوز لأحد طرفيه أن يتحلل منه بدون رضاء الطرف الآخر، واعتبار العقد لازما لا يحتاج إلى تقرير صريح من القانون بذلك، أما اعتبار العقد غير لازم، فلا يكون إلا بنص صريح فى القانون أو باتفاق الطرفين .
5. عقد المقاولة عقد فردى، إذ لا تنصرف آثاره لغير المتعاقدين الذين تراضيا عليه، و لا ينشىء حقا كما ولا يرتب حقا أو التزاما إلا على عاتق من كان طرفا فيه .
6. عقد المقاولة عقد تبادلى، إذ أنه يرتب منذ إبرامه التزامات متقابله تقع على عاتق كلا المتعاقدين، بحيث يكون كل منهما بدءا دائنا ومدينا فى ذات الوقت .
7. عقد المقاولة عقد محدد، أى أنه يمكن لكل من طرفيه أن يحدد وقت التعاقد قيمه المنفعه التى يقدمها إلى المتعاقد الآخر، وقيمة المنفعه التى سيأخذها منه .
خامسا: التميز بين عقد المقاولة والعقود الأخرى الواردة على العمل
1/ التمييز بين عقد المقاولة عقد الوكالة:-
عقد المقاولة نجده يختلط في بعض الفروض مع غيره من العقود وخاصة في العقود التي تولد التزاماً بعمل على عاتق أحد طرفي العقد. كما أن هذا الخلط أيضاً نجده يثور مرة أخرى إذا التزم المقاول باستصناع شي أو قام بتوريده أو تركيبه مما هو متعلق بمجال الإنشاءات المعمارية [2] (http://arabconstructionlaw.com/index.php?action=pages&id=22#_ftn2).
وتشترك المقاولة مع الوكالة في أن كلا منهما يلزم المدين بالقيام بعمل. كما أن الوكالة والمقاولة تفترض الثقة في شخص المقاول والوكيل، ووفقاً للتصور التقليدي فإن المقاولة ترد على الأعمال المادية دون الأعمال المعنوية، إلا أن ذلك غير صحيح إذ أن هناك فروق جوهرية بين الوكالة والمقاولة. فالوكالة لا ترد إلا على الأعمال القانونية دون المادية، حيث أن الوكيل يمثل موكله ويقوم بإبرام التصرفات باسمه ولحسابه، فهو مجرد وسيط. أما في المقاولة فإن المقاول ينفذ العمل استقلالا عن رب العمل. فالمهندس الإستشاري يعتبر مقاولاً في التزامه بوضع الرسوم والتصميمات الهندسية للأعمال الإنشائية، إلا أنه قد يكلف من رب العمل بالإضافة لوظيفته التقليدية للإشراف على أعمال البناء [3] (http://arabconstructionlaw.com/index.php?action=pages&id=22#_ftn3) واقتراح ما يلزم إدخاله من تعديلات، وقد يكون وكيلاً عن رب العمل في تصفية الحسابات مع المقاولين، وإعطائهم مخالصات بشأن ما نفذوه من أعمال. وفي هذه الحالة يخضع المهندس الإستشاري لأحكام عقدي الوكالة والمقاولة، إذ لا تعارض بين الوكالة والمقاولة. فوجود عقد المقاولة لا يستبعد بالضرورة وجود عقد الوكالة.
غير أن الوكالة عقد غير ملزم لطرفيه وذلك خلافاً للمقاولة، فللموكل القيام بعزل الوكيل في أي وقت، كما أن للوكيل أن يتنازل عن الوكالة متى أعلن موكله بذلك في وقت مناسب. وذلك خلافاً للمقاولة التي تلزم طرفيها بما ورد فيها من شروط. وأخيراً فإن الوكالة تنتهي بموت أحد طرفيها أما المقاولة لا تنتهي بموت المقاول إلا إذا كانت شخصية المقاول محل اعتبار عند التعاقد، وهو ما يبرز الإعتبار الشخصي في كلا العقدين وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة [4] (http://arabconstructionlaw.com/index.php?action=pages&id=22#_ftn4).
وتتفق المقاولة والوكالة فى أن كلاهما عقد يرد على العمل، وهذا العمل يؤديه المقاول أو الوكيل لمصلحة الغير، ولكنهما يختلفان فى أن العمل فى عقد المقاولة هو عمل مادي، أما العمل فى عقد الوكالة فهو تصرف قانونى. وهكذا نجد أن المقاول وهو يقوم بالعمل المادى لمصلحة رب العمل، فإنه لا ينوب عنه وإنما يعمل مستقلا، أما الوكيل وهو يقوم بالتصرف القانونى لمصلحة موكله فإنه يكون نائبا عنه، ويمثله فى التصرف الذى يقوم به بحيث ينصرف أثر هذا التصرف الى موكله. وللتمييز بين عقد الوكالة وعقد المقاولة أهمية قصوى يمكن تلخيصها فى الآتى :
1) أن المقاول لا ينوب عن رب العمل، ومن ثم فإن التصرفات التى يجريها لا ينصرف أثرها الى رب العمل، أما الوكيل فينوب عن الموكل ، فإنه يلزمه بتصرفاته، وينصرف أثر هذه التصرفات مباشرة إلى الموكل ولا شىء منها ينصرف إلى الوكيل .
2) أن المقاولة دائما تكون مأجورة، ومتى عين الأجر فإن القاضى لا يستطيع تعديله، أما الوكالة فقد تكون مأجورة أو غير مأجورة، وإن كان الأصل فيها أن تكون بغير أجر، فأن كانت مأجورة كان الأجر خاضعا لتقدير القاضى .
3) فى حالة كون أن المقاول يعمل مستقلا عن رب العمل، فهو لا يخضع لاشرافه ولا يكون تابعا له، ومن ثم لا يكون رب العمل مسئولا عن المقاول مسئولية المتبوع عن التابع. أما الوكيل فيعمل فى كثير من الأحيان بإشراف الموكل، وفى هذه الحالة يكون تابعا له ويكون الموكل مسئولا عنه مسئولية المتبوع عن التابع .
4) أن المقاول مضارب، معرض للكسب و الخسارة. وإذا أصيب بضرر بسبب تنفيذ العمل فلا شأن لرب العمل بذلك، إذ يتحمل وحده هذا الضرر. أما الوكيل فهو غير مضارب فهو إما أن يقوم بعمله متبرعا، أو أنه يأخذ أجرا على عمله، وإذا أصيب بضر بسبب تنفيذ وكالته فإن الموكل يكون مسئولا عما أصاب الوكيل .
5) المقاولة فى الأصل عقد لازم، أما الوكالة فهى فى الأصل عقد غير لازم ويجوز عزل الوكيل أو تنحيته فى أى وقت بواسطة الموكل .
6) لا تنتهى المقاولة بموت رب العمل أو بموت المقاول إلا إذا كانت شخصية أياً منهما محل اعتبار. أما الوكالة فتنتهى بموت الموكل أو الوكيل .
7) إذا تعدد المقاولين فإنهم لا يكونون مسئولين بالتضامن إلا إذا اتفق على ذلك، أما إذا تعدد الوكلاء كانوا مسئولين بالتضامن .
8) إذا تعدد أرباب العمل فلا يكونون متضامنين قبل المقاول إلا باتفاق خاص، أما إذا تعدد الموكلون كانوا متضامنين قبل الوكيل فى تنفيذ الوكالة .
9) للموكل ولنائب الوكيل أن يرجع كل منهما مباشرة على الآخر، أما رب العمل والمقاول من الباطن فلا رجوع لأحد منهما مباشرة على الآخر، فيما عدا أن المقاول من الباطن له الرجوع مباشرة على رب العمل بما لا يجاوز القدر الذى يكون به رب العمل مدينا به للمقاول الأصلى .
وقد قصدنا من توضيح هذه الفروق بين عقد الوكالة وعقد المقاولة لتوضيح اللبس الذى قد يقع فيه البعض عن التكييف القانونى لعقد الوكالة، وقد نتج ذلك اللبس مماجرى عليه القضاء الفرنسى منذ عهد بعيد على اعتبار هذه العقود(العقود التى تبرم مع أصحاب المهن الحرة كالطبيب والمحامى والمحاسب والمهندس) عقود وكالة، لا عقود مقاولة أو عمل، وهو ما يخلق كثير من التعقديدات في صناعة البناء والتشييد خصوصا في التكييف القانوني لعقد المهندس الاستشاري ورب العمل. فالعقد مع المهندس المعمارى يتضمن خليطا من الأعمال المادية والتصرفات القانونية ومن ثم يجمع بين أحكام عقد المقاولة وأحكام عقد الوكالة، ومع ذلك فإن عنصر المقاولة فى عقد المهندس هو الغالب ومن ثم إذا تعارضت الأحكام بين الوكالة والمقاولة وجب تطبيق أحكام المقاولة.
فمهمة المهندس الاستشاري تقوم على تصور للمشروع الإنشائي، ووضع هذا التصور فيما يقوم به من تصميمات موضع التنفيذ. وعلى هذا فالاستشاري هو مهني متخصص يمتلك قدراً من المعرفة الفنية يعاون العميل على اتخإذ قراره، حيث يقدم خبرته ودرايته في شكل أدوات ذات طبيعة ذهنية وعقلية، فهو ليس مجرد عامل على آلة أو فني يطبق نظريات فنية معينة، وإنما هو نتاج عقل بشري وخبرة إنسان.
وأهم الاعمال المادية التى يقوم بها المهندس هى وضع التصميمات والرسومات، وعمل المقايسات، والإشراف على التنفيذ، ومن الأعمال القانونية محاسبه المقاول وإقرار الحساب، وتسلم العمل من المقاول بعد انجازه، والتى يكون فيها نائبا عن رب العمل ومن ثم تسرى أحكام عقد الوكالة عليها.
وعليه، وبناءً على ما تقدم، فيمكن أن يكون عقد الاستشارات الهندسية ـ على اعتباره عقد إجارة أعمال ـ هو عقد مقاولة وذلك أن المهندس الاستشاري كمقاول لا يخضع في تنفيذه لذلك العقد لرقابة وتوجيه رب العمل، وإنما يمارس مهنته مستقلاً عن رب العمل حيث لا يخضع عند أدائه لمهنته لإشرافه أو توجيهه، وبإعتبار عقد الإستشارة الهندسية عقد مقاولة تترتب على ذلك النتائج التالية:
· أن رب العمل غير مسئول عن الأخطاء التي يقترفها الإستشاري الهندسي تجاه الغير.
· أن المعرفة التي يقدمها الاستشاري لرب العمل، والتي تتمثل في دراساته وتصاميمه، محصلة نتاجه الذهني، يعتد بها هنا بجانب الأعمال المادية.
· أن رب العمل يلتزم بتعويض المهندس الإستشاري عن المجهود الذي بذله في سبيل انجاز المهمة المكلف بها، والدراسة التي قام بها ورسوم التصميمات التي يكون قد بدأ في وضعها ـ وذلك في حاله إنهاء العقد من طرف رب العمل ـ إذ ليس من العدالة ألا يبرم العقد في وقت غير مناسب أو يعدل عنه، وإلا كان ملتزماً بالتعويض نتيجة ما تسبب له من ضرر مادي أو ضرر أدبي قد يصيب سمعته وشهرته[5] (http://arabconstructionlaw.com/index.php?action=pages&id=22#_ftn5).
· من حق رب العمل أيضاً أن يطلب التعويض في حالة ما لو أنهى المستشار الهندسي العقد من جانبه دون أن يستمر في تنفيذه، عما لحق رب العمل من أضرار.
· من المسلم به أن الخدمات الأساسية التي يقوم بها الإستشاري ذات طبيعة ذهنية وعقلية مرتبطة بالثقة بين المهني من ناحية ومن العميل من ناحية أخرى، أي أن شخص الإستشاري موضع إعتبار خاص في العقد، وهذا هو الذي يميز النشاط المهني الحر القائم على اعتبارات الثقة والأمانة عن النشاط التجاري الذي لا يهتم إلا بتحقيق الربح بالدرجة الأولى. وعليه فمن البديهي وبالنظر للثقة التي يوليها العميل للإستشاري فلا بد أن يكون شخصاً طبيعياً، مما يترتب عليه أنه في حالة موته أو فقد أهليته فإن العقد المبرم بينه وبين العميل ينفسخ بقوة القانون، ولا ينتقل العقد إلى الورثة. إلا أنه وفي الحالة التي يتم تقديم الإستشارات عن طريق المكاتب الإستشارية (تضم أكثر من إستشاري في تخصصات مختلفة ضمن منظومة عمليات البناء والتشييد)، فإن العلاقة والرابطة الشخصية تقوم في هذه الحالة بين العميل من ناحية، وبين من يمثل الشخص المعنوي (المكتب الإستشاري) أما الغير من ناحية أخرى، وتمنح الثقة في هذه الحالة بطبيعة الحال للمكتب الإستشاري (كشخص إعتباري) متمثلاً في شخص مديره الذي يمثله قانوناً أما الغير [6] (http://arabconstructionlaw.com/index.php?action=pages&id=22#_ftn6)
2/ التمييز بين عقد المقاولة وعقد العمل:
عقد المقاولة يتفق مع عقد العمل في أن الأداء الرئيسي في كل منهما هو القيام بعمل معين، والرأي الراجح والمسلم به في الوقت الحاضر هو أن عقد العمل يتميز عن عقد المقاولة، بأنه يخول رب العمل سلطة توجيه ما يؤدى له من خدمات، بحيث يقوم العامل بأداء ما هو مكلف به تحت إدارة وإشراف رب العمل، أم في المقاولة فان المقاول يقوم بالعمل المعهود به إليه استقلالاً، فلا يخضع في تنفيذه لأي إشراف أو توجيه من قبل رب العمل، فهو الذي يختار وسائل التنفيذ ووقته، وما دام أن عمله مطابقاً لما هو متفق عليه في العقد ووفق ما تفرضه عليه الأصول الفنية لمهنته، فلا يجوز لرب العمل أن يتدخل في تنفيذ العمل. فعلاقة التبعية بين العامل ورب العمل، هي التي تميز عقد العمل عن عقد المقاولة، إذ لا تتوفر هذه التبعية في علاقة المقاول برب العمل [7] (http://arabconstructionlaw.com/index.php?action=pages&id=22#_ftn7).
سادسا: إلتزامات أطراف عقد المقاولة
يفرض عقد المقاولة إلتزامات متعددة على طرفيه الأساسيين وهما رب العمل والمقاول، وأهم هذه الالتزامات هي:-
اولا : التزامات المقاول
أهم هذه الالتزامات هى:
1. انجاز العمل المتفق عليه عقديا (محل عقد المقاولة).
2. تسليم العمل محل عقد المقاولة.
3. الضمان للأعمال محل عقد المقاولة.
اولا : انجاز المقاول للعمل محل عقد المقاولة:
وهو ذلك الالتزام الرئيسى الذى يجب على المقاول القيام به شريطه مباشرة العمل بالطريقة التى تتفق مع أصول مهنته وصناعته. وبالاسلوب الواجب اتباعه سواء قدمت له المواد من رب العمل أو من طرفه. وأن يبذل فى انجاز العمل العناية اللازمة متمماً العمل فى المدة المتفق عليها. ومن ذلك فالمقاول ملزم بأن ينجز العمل محل عقد المقاولة بالطريقه المتفق عليها فى العقد وطبقا للشروط التى يتضمنها –مراعيا فى ذلك كافة الشروط الواردة بدفتر المواصفات – فإذا لم يكن هنالك ثمة شروط متفق عليها وجب إعمال العرف، خاصة فيما يتعلق بأعمال أصول الفن والصناعة الخاصة بالعمل محل عقد المقاولة. ولا يُسأل المقاول إلا إذا ثبت ثبوتا ظاهرا وبصفه قاطعه لا احتماليه أنه ارتكب خطأً أو عيبا لا يأتيه من له إلمام بهذا اللون من الفن أو الصناعة. وعلى ذلك إذا خالف الشروط والمواصفات المتفق عليها، وأثبت رب العمل ذلك، أصبح المقاول مُخلا لالتزامه واستوجب الأمر إلزامه بجبر الضرر عن رب العمل. دون حاجه لإثبات رب العمل ثمة خطأ من جانب المقاول، باعتبار أن مخالفة تلك الشروط والمواصفات فى حد ذاتها هي الخطأ المستوجب للجزاء، وحينها لا يستطيع المقاول التخلص من تلك المسئولية إلا بإثبات السبب الاجنبي أو خطأ رب العمل نفسه، إذ أن المعيار العام فى قياس خطأ المقاول هو معيار سلوك مرتكب الفعل الضار، وبهذا السلوك مع مراعاة الظروف الخارجيه التى أحاطت به، فإذا انحرف عن سلوك الرجل العادى فإن هذا يُعد خطأ. أما بالنسبة للخطأ الفنى فإن السلوك المهنى لمرتكب الفعل الضار يقاس بالسلوك الفنى المألوف من شخص وسط من نفس المهنة والمستوى، أى بما يتمتع به من علم وكفاية وعناية وانتباه على ضوء الظروف الخارجيه التى أحاطت به .
ومن ذلك أيضا أن مواد و آليات ومهمات انجاز العمل تكون على المقاول دون حاجه إلى اشتراط ذلك فى العقد، إذا لم يقضى الاتفاق او العرف بغير ذلك. بما فى ذلك ما يحتاج إليه المقاول من أيدي عاملة لمعاونته فى أداء أو تنفيذ العمل محل عقد المقاولة.
وخلاصة القول أن المقاول يكون مسئولا عن خطئه في تنفيذ عقد المقاولة مسئولية عقدية، ويثبت بالتالى فى جانبه الخطأ ومن ثم تتحقق مسئوليته إذا هو :
1. خالف الشروط والمواصفات المتفق عليها، أو المواعيد التى ألزمه بها العقد لتسليم العمل محل العقد.
2. انحراف عن أصول مهنته وصناعته واعرافها وتقاليدها.
3. أساء اختيار المادة التى قدمها هو لرب العمل للإنجاز العمل محل العقد.
4. نزل عن عناية الشخص المعتاد فى المحافظة على المادة التى قدمها له رب العمل.
5. ثبت أنه غير كفء مهنيا، وخالف واجبا من واجباته المهنية.
6. استعان بشخص أو أشخاص يساعدونه فى تنفيذ محل عقد المقاولة، وأخل ذلك الشخص بواجباته، فإنه يكون مسئولا عنه مسئوليه المتبوع عن تابعه ولكنها هنا ليست مسئولية تقصيرية وإنما مسئوليه عقدية كما هو الحال في عقد المقاولة الباطن.
الإخلال بالتزام انجاز العمل محل عقد المقاولة:
طالما أخل المقاول بالتزاماته المنصوص عليها بعقد المقاولة، كان لرب العمل إعمالا للقواعد العامة، أن يطلب التنفيذ العينى، أو أن يطلب الفسخ، مع التعويض فى الحالتين إن كان له مقتضى، شريطة أن يقوم رب العمل بإعذار المقاول طبقا للقواعد العامة وفقا للآتي:-
1 / طلب رب العمل التنفيذى العينى:-
يشترط لطلب رب العمل التنفيذى العينى، أن يكون ذلك ممكنا. فإن كان العمل المطلوب انجازه عملا روعيت فيه شخصيه المقاول، وأصر المقاول على الامتناع عن التنفيذ جاز لرب العمل الاتجاه إلى طريقة التهديد المالى بفرض غرامات التأخير وغيرها إذا كانت مجديه. وإلا لم يبق أمامه إلا الفسخ والمطالبة بالتعويض. أما إذا كان العمل المطلوب انجازه ليس لشخصية المقاول ثمة اعتبار، جاز لرب العمل أن يطلب ترخيصا من القضاء لتنفيذ الالتزام بواسطة مقاول آخر على نفقة المقاول الأول إذا كان ذلك التنفيذ ممكنا.
قد يضمن رب العمل عقد المقاولة شرطا مفاده أن له الحق فى فسخ العقد إذا رأى أن المقاول متأخر في انجازه لمحل عقد المقاولة، وفى هذه الحاله يكون تقدير أمر التأخير راجعا لرب العمل، ولا يكون مسئولا عن الاضرار التي تصيب المقاول إلا إذا تعسف فى التقدير، وعلى المقاول حينئذ عبء إثبات هذا التعسف.
رب العمل ليس مضطرا إلى الانتظار إلى نهاية المدة حتى يستعمل حقه فى طلب التنفيذ العينى أو الفسخ مع التعويض فى الحالتين. بل أنه متى رأى منذ البداية أن المقاول يقوم بالعمل على نحو معيب أو مناف لشروط العقد، أو أنه تأخر فى البدء فيه، أو تأخر فى انجازه على نحو لا يرجى معه مطلقا أن ينجز العمل فى الميعاد المحدد، له أن يتخذ من الاجراءات ما يكفل له توقيع الجزاء دون أن يمهل المقاول إلى نهاية المدة. ومفاد ذلك أن لرب العمل أن يتابع العمل وهو فى يد المقاول ليراقب عن كثب ما إذا كان يجرى التنفيذ طبقا للمواصفات والشروط المتفق عليها من عدمه، وأنه ينفذ العمل طبقا لأصول الفن والصناعة وعرف أهل المهنه، وهنا يجب التفريق بين أمرين :-
أ / حالة استحالة اصلاح العيوب فى تنفيذ المقاول للعمل محل عقد المقاولة: وهنا يكون لرب العمل – طلب فسخ العقد لمخالفة المقاول للشروط المتفق عليها. وللقاضى تقدير ذلك، فله أن يقضى بالفسخ والتعويض أو ألزام المقاول بإصلاح العيب على نفقته.
ب / حالة إمكانية إصلاح عيوب طريقة تنفيذ المقاول للعمل محل عقد المقاولة: وهنا يجب على رب العمل إعذار المقاول ليصلح من طريقة التنفيذ، وليس له المبادرة إلى طلب الفسخ لأن العيب يمكن إصلاحه، فإذا قام المقاول بإصلاح العيب كان له المضى فى العمل على الوجه الصحيح ولا سبيل لرب العمل عليه. أما إذا نازع المقاول فيما تقدم به رب العمل وادعى أن العمل غير معيب، أوسلم بالعيب ولكنه لو يبادر إلى إصلاحه فى الأجل المحدد، فإن لرب العمل فى الحالتين أن يرفع الأمر إلى القضاء دون انتظار لانجاز العمل على نحو معيب أو مناف للعقد، أو دون ان ينتظر انتهاء الأجل المحدد ، طالبا الفسخ أو التنفيذ العينى، وللقاضى أن يقدر طلبه فيقضى بالفسخ والتعويض إذا كان له مقتضى. أو يقدر أنه لا محل للفسخ فيقضى على المقاول –أن رأى أن عمله معيب– باصلاح العيب على نفقته وبالتعويض إن كان له مقتضى.
ولرب العمل أن يطلب من القضاء ترخيصا فى إصلاح العيب إو إنجاز العمل كله على الوجه الصحيح بواسطة مقاول آخر على نفقة المقاول الأول إذا كان ذلك ممكنا، وله أن يطلب اضافة إلى ذلك إلي التعويض الذي يطالب به إن كان له محل. وإن كان العمل مستعجلا لا يحتمل الإبطاء باللجوء إلى القضاء، فلرب العمل أن يلجأ إلى مقاول آخر يقوم بالعمل على الوجة المطلوب على نفقة المقاول الأول وذلك دون ترخيص القضاء، وللقاضى بعد ذلك أن يبت فى مدى حق رب العمل فيما ذهب .
ثانيا : تسليم العمل فى عقد المقاولة :
لا شك أن العمل المطلوب انجازه –محل عقد المقاولة– هو ذات المحل الذى يقع عليه التسليم. سواء كان المقاول هو مقدم المواد أو كانت مقدمه رب العمل، ففى الحالتين يجب تسليم المقاول محل عقد المقاولة لرب العمل بموجب التزامه بالتسليم بموجب عقد المقاولة. ويكون التسليم بوضع المحل تحت تصرف رب العمل بحيث يضمن له الاستيلاء عليه والانتفاع به. كما أن التسليم يتم فى المكان المتفق عليه، فإن خلا عقد المقاولة من تحديد مكان التسليم أضحى مكان التسليم هو ذات المكان الذى يحدده عرض الصنعه أو الحرفه، وإذا انصرف التسليم إلى عقار كان التسليم فى مكان العقار. فإذا كان منقولا كان التسليم فى مكان وجود المنقول.
ويلزم أيضا التسليم فى الموعد المتفق عليه لانجاز العمل محل عقد المقاولة، فإذا لم يكن هناك ميعاد متفق عليه، ففى الميعاد المعقول لانجازالعمل وفقا لطبيعة التعامل ولعرف الحرفة أو الصنعة. وإذا حل ميعاد التسليم وكان للمقاول أجر مستحق فى ذمة رب العمل حبس العمل حتى يستوفى أجره إعمالا للقواعد العامة فى الحبس ،وينتفى حق المقاول فى الحبس إذا استوفى أجره، أو إذا قام رب العمل بتقديم تأمين كاف للوفاء بالأجر.
خيارات المقاول إذا لم يوف رب العمل بالتزامه بدفع الأجر :-
فى حال ان لم يوف رب العمل بدفع الاجر بصفه عامه، او عدم دفعه لهذا الاجر فى المكان المحدد، او اخلاله باى التزام من التزاماته المتعلقة بدفع الاجر، فللمقاول أن يطلب ثمة جزاء مما تقضى به القواعد العامه:-
1. للمقاول أن يطلب التنفيذ العينى، فيستصدر حكما على رب العمل بالأجر المستحق. كما له أن يطلب تعويضا عن جميع ما أصابه جراء إخلال رب العمل بالتزامه وله أن يتقاضى فوائد عن الأجر بالسعر القانونى منذ المطالبة القضائية.
2. للمقاول أن يطلب فسخ عقد المقاولة وللقاضى أن يجيبه إليه إن وجد مبررا لذلك فيقضى بالفسخ وبالتعويض إن كان له مقتضى. أو أن يرى القاضى ألا مبرر لإجابه المقاول إلى طلبه، وفى هذه الحاله لا يحكم بالفسخ، وللقاضى أن يمهل رب العمل حتى يقوم بوفاء التزامه كاملا من دفع الأجر.
3. للمقاول حبس العمل حتى يستوفى اجره.
جزاء عدم تسليم المقاول لرب العمل :
لا شك فى أن المقاول حينئذ يكون قد أخل بالتزامه بالتسليم إذا لم يقم بتسليم العمل كاملا لرب العمل فى الزمان والمكان المحددين، فيكون لرب العمل إما طلب التنفيذ العينى أو طلب الفسخ مع التعويض، مع توافر المقتضى شريطة مبادرة رب العمل إلى إعذار المقاول بالتسليم بدءا. وللمقاول أن ينفى مسئوليته إذا كان التأخر فى التسليم راجع إلى القوه القاهرة أو حادث فجائى، أو سبب أجنبي وعليه عبء إثبات ذلك.
ثالثا : أحكام ضمان المقاول:-
إذا تعهد المقاول بتقديم مادة العمل كان مسئولا عن جودتها وعليه ضمانها لرب العمل.
اما إذا كان رب العمل هو مقدم المادة فبالطبع لا يكون المقاول ضامنا لعيوبها الخفيه، لكن إذا كان المقاول قد اكتشف بما له من خبره ومعرفه أثناء عمله، عيوبا فى المادة التى قدمها رب العمل، وكونها لا تصلح للغرض المقصود لتنفيذ محل عقد العمل، وجب عليه إخطار رب العمل فورا وإلا أضحى مسئولا عن كل ما يترتب على إهماله من نتائج.
كما أن المقاول يكون مسئولا عن جودة العمل الذى يتولى تنفيذه، وملزما بانجازه بالطريقة المتفق عليها فى عقد المقاولة طبقا للعقد أو للعرف، وإلا أضحى مسئولا عن عيوب الصنعة.
ولا بد من التفريق بين أمرين :-
أ- حال اكتشاف رب العمل العيب قبل أن يتسلم العمل، فإن لرب العمل طلب التنفيذ العينى لإصلاح العيب، أو طلب الفسخ مع التعويض فى الحالتين.
ب- حال تسلم رب العمل الشىء أو تقبل العمل قبل اكتشاف العيب، ثم تم اكتشافه فيما بعد، ففى هذه الحالة لا بد من إعمال القواعد العامة على النحو الآتى – بعد التفريق بين أمور ثلاث:-
1. كون العيب فى الصنعه من الوضوح بمكان بحيث يمكن للشخص اكتشافه إذا عاينه، ويفترض فى هذه الحالة أن رب العمل قد تسلم الشىء وتقبل العمل معيبا، وأنه نزل عن حقه فى الرجوع على المقاول بصدد هذا العيب. إذ أن رب العمل كان يمكنه اكتشاف ذاك العيب لو بذل عناية الرجل العادى، وهكذا ينقضى ضمان المقاول للعيب بمجرد تسلم رب العمل الشىء أو تقبله العمل.
2. كون المقاول قد سعى على نحو معين لإخفاء العيب غشاً فى الشىء أو العمل، وحينئذ يكون المقاول مسئولا عن غشه، فبمجرد أن يكتشف رب العمل العيب يكون له الحق فى الرجوع على المقاول بالضمان، أى بإصلاح العيب مع التعويض وذلك خلال ثلاث سنوات وذلك لأن مسئولية المقاول مسئولية تقصيرية، ودعوى المسئولية تسقط بالتقادم بثلاث سنوات من وقت علم المضرور بوقوع الضرر. وتسقط فى كل الأحوال بانقضاء خمس عشره سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع، أى من يوم إخفاء العيب.
3. كون العيب ليس من الوضوح بحيث لا يمكن كشفه وقت التسليم أو تقبل العمل، ولم يخفه المقاول غشاً لرب العمل، وفى هذه الحالة يبقى المقاول ضامنا للعيب المدة القصيرة التى يقضى بها عرف الحرفه أو الصنعه، وذلك لأن العرف فى عقد المقاولة مكمل للقانون.
ومن المتفق عليه أن الأحكام السابقه ليست من النظام العام ومن ثم يجوز الاتفاق على ما يخالفها، فيجوز الاتفاق على تشديد ضمان المقاول أو تخفيفه اأو الإعفاء منه. ولكن لا يجوز الاتفاق على الإعفاء من الضمان إذا كان العيب راجعا إلى غش المقاول أو إلى خطأ جسيم منه.
ضمان المهندس المعمارى والمقاول لعيوب البناء:-
لا مراء أن الذى يطالب بالضمان هو رب العمل فى عقد المقاولة، على اعتبار كونه المصاب بالضرر من جراء تهدم البناء، أو ظهور عيوب فى المنشآت الثابتة من شأنه أن يتهدد سلامتها، فيرجع بالضمان على المهندس أو المقاول أو عليها متضامنين. ومفاد ذلك أنه يلزم لتحقيق الضمان وجود عقد مقاولة محل منشآت أو مبان ثابته، فالإخلال فى كل ذلك يجوز أن يتحقق في مقاولات الضمان، شريطة أن يكون البناء مستقرا ثابتا فى مكانه ولا يمكن نقله دون هدمه، ومن ثم، فتلك الأكشاك والمنازل التى يتم إنشائها بالألواح سابقه التجهيز أو الكرافانات والتى تكون قابلة للفك والتركيب وبالتالى للنقل من مكان لآخر لا تندرج فى مواد المنشآت، وبالطبع تخرج من ذلك النطاق كافة المنقولات كالسفن والعوامات والسيارات والناقلات ...الخ فهذه لا تعتبر منشآت إذ أنها ليست بعقارات. ولا تندرج ضمنها أعمال البياض، والزخرفة، والدهان، والملصقات، الورقية والديكور .. الخ، إذ أن هذه الأعمال ليس من شأنها تهديد سلامة البناء أو متانته.
ويلزم أن يكون العقد الواقع على المنشآت الثابتة هو عقد مقاولة بشروطه المتعارف عليها، فإذا خرج عن كونه عقد مقاولة سرت فى شأنه القواعد العامة، ويستوى فى ذلك إذا كان عقد المقاولة كونه مقدرا جزاما أو مقدرا بسعر الوحدة.
وتختلف مدة الضمان من دولة إلى أخرى، ففى البعض تكون عشر سنوات كما في قطر ومصر، والبعض الآخر خمس سنوات كما فى لبنان والعراق. وتسرى مدة الضمان من تاريخ تسليم المبانى لرب العمل، ويكون المدين بالضمان هو المهندس المعمارى والمقاول فى عقد المقاولة، فالمهندس المعمارى هو الذى يعهد إليه بوضع التصميمات والرسومات، وقد يعهد إليه للإشراف على تنفيذ الأعمال، ومراجعة حسابات المقاول، وصرف المبالغ المستحقة له، وإذا تعدد المهندسون المعماريون كان كل منهم ملتزما بالضمان فى حدود العمل الذى أُوكل إليه، وبالتالى قام به وباشره. وكذلك إذا تعدد المقاولون كان كل منهم ملتزم بالضمان فى حدود العمل الذى أُوكل إليه وبالتالى قام به وباشره. وإذا استخدم المقاول مساعدين يعاونوه فيما يقوم به من أعمال كان مسئولا عن أعمالهم، ويلتزم بضمان هذه الأعمال كما لو كان هو الذى باشرها بذاته.
وينتقل الضمان بانتقال العقار من رب العمل إلى خلفه من الورثه، أو إلى خلفه الخاص من المشترين أو الموهوب لهم إعمالا لنظرية الاستخلاف فى الحقوق والالتزامات، كما يجوز للمشترى الرجوع إلى بائع المنشأة مباشرة بضمان العيب، وحينئذ يكون لرب العمل (بائع المنشأة) الرجوع على المهندس والمقاول بالضمان. إلا أن رب العمل لا يكون دائنا بالضمان إذا كان مقاولا أصليا تعاقد مع مقاول من الباطن، وتسلم الاعمال من المقاول من الباطن، وبذلك لا يكون المقاول من الباطن ملتزما بالضمان نحو المقاول الأصلى أو رب العمل إلا بمقدار ما تقضى به القواعد العامة.
ولقيام المسئولية العشرية لا يشترط تهدم البناء كله أو بعضه، بل يكفى أن يظهر ثمة عيب يترتيب عليه الضمان، و يمكن أن يكون العيب نتيجة لعدم اتخإذ الإجراءات التى تمليها أصول صناعة البناء وحرفيتها. وسواء كان العيب قد لحق بالمواد المستحقه فى اإقامه المنشآت ، أو اتخذت أساليب لا تتفق مع أصول الفن والصناعه والحرفة، فالواجب لقيام الضمان توافر ما يلى:-
أ / كون العيب من الخطورة بحيث يهدد سلامة البناء أو متانته .
ب / كون العيب خفيا، فإذا كان ظاهرا بحيث يمكن اكتشافه بمجرد الفحص المعتاد وتسلم رب العمل للعمل محل عقد المقاولة دون اعتراض منه، يعتبر نزولا منه عن الضمان طالما كان التسليم نهائيا.
وبداهة إذا كان المهندس المعمارى قد اقتصر عمله على الرسومات والتصميمات فقط دون الإشراف على تنفيذ الاعمال بواسطة المقاول، فإنه يكون ملزما بالضمان عن العيوب التى تأتى من التصميم أو العيب الذى يظهر فى الرسم الهندسى .
اقتسام المسئولية بين المهندس والمقاول:-
يجب أن يراعى ما ينسب إلى كل منهما من خطأ، فإذا كان الخطأ هو خطأ المقاول وحده، كان المهندس متضامنا معه طالما كان هو الذى أشرف على التنفيذ. وإذا كان الخطأ هو خطأ المهندس، كما إذا كان الضرر يرجع إلى عيب فى الأرض وكان المهندس دون المقاول هو الذى يستطيع كشف العيب، رجع المقاول على المهندس بكل التعويض الذى حكم به عليه. أما إذا كان الضرر يرجع الى عيب فى المواد التى وردها المقاول وكان المهندسس مشرفا على التنفيذ، فمن حكم عليه بالتعويض كاملا يرجع على الآخر بنسبة جسامة خطئه، وفى هذه الحالة عادة يكون خطأ المقاول أكثر جسامة من المهندس، وقد يتساوى الخطأآن، فيتحمل كل منهما نصف التعويض .
المسئولية نحو الغير:-
أساس دعوى الضمان هو المسئولية العقدية فيما بين رب العمل من جهة، والمهندس أو المقاول من جهة اخرى. أما بالنسبة للغير فليست هنالك رابطة عقدية، ومن ثم إذا انهدم البناء وأصيب أحد المارة بضرر، كان للمصاب الرجوع بالتعويض على حارس البناء (رب العمل)، بموجب المسئولية التقصيرية الناجمة عن حراسة البناء وهى قائمة على خطأ مفترض. كما يمكن للمتضرر الرجوع بالتعويض أيضا على المقاول أو المهندس، ولكن بشرط أن يثبت فى جانب المسئول ثمة خطأ تقدم عليه المسئولية التقصيرية، وإذا رجع على رب العمل، كان لرب العمل الرجوع على المقاول والمهندس بدعوى الضمان بشرط أن يحصل التهدم خلال مدة الضمان.
وقد يكون المقاول أو المهندس مسئولا نحو الغير باعتباره حارس البناء على أساس خطأ مفترض، إذا كان البناء لازال تحت يد المقاول أو المهندس قبل تسليمه لرب العمل. وينتفى الالتزام بالضمان إذا اثبت المهندس او المقاول أن تهدم البناء أو وجود العيب يرجع إلى قوة قاهرة، وهو لا ينفى بذلك وجود الخطأ، ولكن ينفى علاقة السببية بين الخطأ والضرر. كما أن خطأ رب العمل ينفى علاقة السببيه، فلا يلتزم المهندس أو المقاول بالضمان.
مدى إمكانية الاتفاق على إعفاء المقاول أو المهندس من الضمان أو الحد منه:-
وفقا لنص المادة (259) من القانون القطرى يجوز الاتفاق على إعفاء المدين من أية مسئولية تترتب على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي أو على التأخير في تنفيذه، إلا ما ينشأ عن غشه أو خطئه الجسيم كما يجوز الاتفاق على إعفاء المدين من المسئولية عن الغش أو الخطأ الجسيم الذي يقع من أشخاص يستخدمهم في تنفيذ التزامه.
ولكن عبر الأحكام الخاصة بتنظيم مقاولات البناء والتشييد فقد نص القانون المدني القطري في المادة (711) أن يضمن المقاول والمهندس متضامنين ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم أو خلل كلي أو جزئي فيما شيداه من مبان أو أقاماه من منشآت ثابتة، وذلك ولو كان التهدم أو الخلل ناشئاً عن عيب في الأرض ذاتها، أو كان رب العمل قد أجاز المباني أو المنشآت المعيبة، ويشمل هذا الضمان ما يظهر في المباني أو المنشآت من عيوب يترتب عليها تهديد متانتها وسلامتها وإذا قصد المتعاقدان أن تبقى المباني أو المنشآت مدة أقل من عشر سنوات سرى الضمان خلال المدة الأقل، وتبدأ المدة في جميع الأحوال من تاريخ تسلم العمل
وبموجب نص المادة (715) كل شرط يقصد به إعفاء المهندس أو المقاول من الضمان أو الحد منه يكون باطلاً.
ولكن ليس هنالك ما يحول قانونا دون تشديد الضمان على اعتبار أن اشتراط المشرع الضمان إنما قصد به حماية رب العمل، فيجوز الاتفاق على اشتراط الضمان لمدة تزيد عن عشر سنوات بحسب جسامة المنشآت. كما يجوز الاتفاق على قيام الضمان واشتمال العيوب الظاهرة لمدة عشر سنوات أو أقل أو أكثر، بل يجوز الاتفاق على ضمان المهندس أو المقاول للقوة القاهرة.
وإذا كان بموجب القانون أنه من غير الجائز نزول رب العمل عن الضمان فى اتفاق سابق على تحقق سبب الضمان، فإنه بعد تحققه وبعد ثبوت حقه فى الضمان، أن ينزل عنه كله أو بعضه نزولا صريحا أو ضمنيا. إذ يعتبر ضمان المقاول أو المهندس واحكامة من النظام العام، ومن ثم لا يجوز الاتفاق على محوها أو التخفيف عنها. وتسلم العمل من المقاول أو المهندس لا يعفى من الضمان إلا عن العيوب الظاهرة، أما العيوب الخفية فلايجوز الإعفاء عنها .
ثانيا : التزامات رب العمل
يستتبع عقد المقاولة التزام رب العمل بعدة التزامات أهمها:-
اولا : التزام رب العمل بالتيسير على المقاول لتمكينه من إنجاز العمل محل عقد المقاولة.
ثانيا : التزام رب العمل باستلام الأعمال محل عقد المقاولة.
ثالثا : التزام رب العمل بسداد اجر المقاول.
أولاً : التزام رب العمل بتسير مهمة المقاول وتمكينه من انجاز العمل المعهود إليه:-
وهو الالتزام الأول الذى يقع على عاتق رب العمل، وذلك ببذل كل ما فى وسعة لتيسير مهمة المقاول، وبالتالى تمكينه فعلا ووفقا فى البدء فى تنفيذ العمل محل عقد المقاولة. فعلى رب العمل إعداد الرسومات والبيانات والمواصفات الملزم بها، واستخراج تراخيص البناء وكافة التراخيص الإدارية الأخرى، والحصول عليها وتقديمها للمقاول فى الميعاد المناسب دون ابطاء، وذلك حتى لا يتأخر المقاول فى اتخإذ الاجراءات التنفيذية الفعلية لتنفيذ العمل محل عقد المقاولة. وإذا كان رب العمل ملزما بتوفير كافة المواد التى تستخدم فى التنفيذ والآليات، فهو ملزم بتوفيرها بذات القدر.
كما يلزم رب العمل أيضا بإنهاء وتصفية كافة النزاعات التى قد تثور بينه وبين جيرانه بشأن حقوق الارتفاق، أو المرور، أو غيرها، والتى عساها تتصل بحقوق جيرانه بشأن المبانى المزمع إقامتها، وتسليم موقع العمل كاملا للمقاول.
ولا شك فى أن عدم قيام رب العمل بالتزاماته المتفق عليها فى عقد المقاولة يستتبع إمكانية طلب المقاول التنفيذ العيني، كأن يستحضر على نفقة رب العمل المواد والمعدات اللازمة لانجاز الأعمال محل العقد، وذلك بعد الرجوع للقضاء. ويجوز للمقاول طلب التعويض فى كافة الحالات عن الضرر الذى عساه يكون قد لحق به من جراء عدم قيام رب العمل بالتزاماته أو حال تأخره فى القيام بها. كما للمقاول طلب فسخ عقد المقاولة مع التعويض إن كان له مقتضى، وللقضاء تقدير هذا الطلب، فإذا انتهى إلى ثمة مبرر له، قضت بفسخ العقد مع التعويض وإلا أمهل رب العمل حتى يقوم بالتنفيذ.
ثانيا : التزام رب العمل باستلام الاعمال محل العقد بعد انجازها:-
يلتزم رب العمل بتسلم العمل محل عقد المقاولة بعد انجازه، وهذا التسلم يعنى الاستيلاء بمعرفة رب العمل على العمل محل العقد عقب أن يضعه المقاول تحت تصرفه حيث ينعدم العائق من الاستيلاء عليه من جهة، ومن جهة أخرى يتقبله رب العمل ويوافق عليه ويعتمد فحصه ومعاينته للتأكد من مطابقته للشروط المتفق عليها أو لأصول المهنة والصناعة المتعارف عليها.
على أن التزام رب العمل بتسلم محل العقد بعد انجازه، يستوجب كون العمل موافقا للشروط الموضوعة، فإذا لم تكن هنالك شروط سبق الاتفاق عليها أو كانت الشروط غير كاملة، فالمرجع هو ما تقتضى به أصول الفن والصناعة تبعا لنوع العمل فى عقد المقاولة حيث يتم إعمالها حال الشروط غير المتفق عليها أو تكملتها حال كونها ناقصة.
ويجوز لكل طرف الطلب من المحكمة إثبات حالة محل العقد، وذلك إذا ثار خلاف حول موافقة المحل لشروط محل العقد المنصوص عليها بعقد المقاولة، ومن ثم رفع الأمر للقضاء مع طلب ندب خبير على نفقة الطالب لاجراء المعاينة على الطبيعة وفحص مدى تحقق الشروط المتفق عليها موضوع عقد المقاولة من عدمه، وحالة البناء وخلافه، لحين أن يصدر القضاء حكمه تبعا لما ينتهى إليه تقرير الخبير وظروف الدعوى وملابساتها.
ويجب أن تكون المخالفات المانعه لرب العمل من تسلم العمل من المقاول، مخالفات للشروط أو لأصول الفن والصناعة تبلغ حدا كبيرا من الجسامة بحيث تحول دون التسلم وتتضمن الإجحاف، وبالتالى لا يجوز عدلا الزامه بالتسلم خاصة إذا كان العمل الذى تم انجازه موضوع عقد المقاولة غير صالح للغرض المقصود منه. أما إذا كانت المخالفه لم تبلغ هذا الحد من الجسامة، أضحى لزاما على رب العمل تسلم العمل، وفقط يكون له الحق فى طلب تخفيض قيمه المقاولة بما يتناسب مع ماهية المخالفة وطبيعتها، أو فى طلب التعويض عن الضرر الذى لحق به من جراء تلك المخالفات.
وأإزاء كافة الافتراضات المشار إليها يجوز للمقاول أن يسارع إلى إصلاح العمل طالما كان عليه إصلاحه فى مدة مناسبة، أو يجوز لرب العمل إلزام المقاول بذلك الإصلاح طالما كان لا يتكلف نفقات باهظة.
مكان وزمان التسليم والتسلم :-
يكون التسلم فى الميعاد المتفق عليه أو الميعاد المعقول لإنجاز العمل تبعا لطبيعته وعرف المهنة والحرفة. ويلتزم رب العمل بالتسلم والتقبل حال تمام المقاول للعمل المنوط به أوانه، ووضعه تحت تصرف رب العمل.
وبالطبع يكون مكان التسلم فى مكان التسليم – والتسليم يكون فى المكان المتفق عليه. فإذا لم يكن هناك اتفاق ففى المكان الذى يحدده عرف المهنة او الصنعة او الحرفة. ففى العقارات يكون التسليم والتسلم عادة فى مكان العقار، ويكون التسلم باستيلاء رب العمل عليه وفقا لطبيعته.
ويستتبع التسلم والتقبل عدة نتائج أهمها :-
1. انتقال ملكية الشىء موضوع ومحل عقد المقاولة إلى رب العمل من لحظة التقبل.
2. التزام رب العمل بدفع الأجر طالما تم تقبل العمل، إلا إذا كان الاتفاق أو العرف يقضيان بغير ذلك.
3. انتقال تبعة العمل من عاتق المقاول إلى عاتق رب العمل من لحظة التقبل، ومن ثم يكون المقاول غير ضامن للعيوب الظاهرة التى كان بالإمكان اكتشافها لحظة التسلم.
ومتى اأتم المقاول العمل محل عقد المقاولة ووضعه تحت تصرف رب العمل وجب على رب العمل أن يبادر إلى تسلمه فى أقرب وقت ممكن، فإذا امتنع دون سبب مشروع عن التسلم وجب على المقاول إعذار رب العمل باإنذار رسمى، فإذا تباطأ الأخير فى معاينة العمل استعدادا لتسلمه وبالتالى تقبله فى الميعاد الوارد بالإنذار الرسمى المرسل له، اعتبر رب العمل قد تسلم العمل حكما، ويترتب على ذلك كافة النتائج التى تترتب على التسلم الحقيقى من انتقال الملكية، واستحقاق دفع الأجر، وانتقال تحمل التبعية إلى رب العمل، وتبرأ ذمة المقاول من العيوب الظاهرة.
ثالثا : التزام رب العمل بسداد أجر المقاول:-
لابد من وجود الأجر فى عقد المقاولة وإلا أضحى من عقود التبرع، إلا أنه ليس هنالك ما يحول دون قيام عقد المقاولة دون أن يتضمن الأجر ذاته، أو ألا يكون هناك ثمة اتفاق صريح على مقدار الأجر، وحينها سوف يتولى القانون (القضاء) مقدار تحديد هذا الأجر. ويتعين مقدار الأجر بين المقاول ورب العمل عادة عبر عنصرين هما:-
أ / قيمه العمل الذى باشر المقاول تنفيذه.
ب / ما تكبده المقاول من نفقات فى سبيل انجاز العمل.
وذلك مع الاسترشاد بالعرف التجارى وما جرى عليه الأمر فى الصنعة فى تحديد قيمة العمل. كما أن للمقاول الحق فى تقاضى فوائد عن الجزء من الأجر المقابل للعمارة التي قدمها من وقت إعذار رب العمل بدفع الأجر المستحق وفوائده. ومن ثم توابع الأجر الإكراميات التى يعد بها رب العمل المقاول أو الصانع بالإضافة إلى الأجر في حال الإسراع والتعجيل بالتنفيذ.
كما يجوز تعديل الاجر المتفق عليه بين المقاول ورب العمل دون حاجه لاتفاق الطرفين وذلك بالزيادة أو النقصان فى الأحوال الآتية :-
أ / حالة الاتفاق على أجر بموجب مقايسة أساس الوحدة:
وفى حال أن يتبين للمقاول اثناء تنفيذ العمل أنه من الضرورى تنفيذ التصميم المتفق عليه أن يخطر فى الحال رب العمل بمجاوزة المقايسه تجاوزا محسوسا، مبينا مقدار ما يتوقعه من زيادة فى الثمن فإن لم يفعل سقط حقه فى استرداد ما جاوز به قيمة المقايسة، وكان لرب العمل الخيار بين:
1/ التقيد بعقد المقاولة بأن يطلب من المقاول إتمام العمل وفى هذه الحالة يزيد الأجر بما يتناسب مع الزيادة الجسيمة.
2/ التحلل من المقاول بأن يطلب من المقاول وقف العمل، على أن يكون ذلك الطلب دون إبطاء، مع دفع قيمة ما تم إنجازه فعلا من أعمال أو خدمات.
ب / حالة الاتفاق أجر اجمالى لتنفيذ المقاول لتصميم معين:-
إذا ابرم العقد بأجر اجمالى على أساس لتصميم اتفق عليه مع رب العمل فليس للمقاول أن يطالب بأية زيادة فى الأجر ولو حدث فى التصميم تعديل أو أضافه ألا يكون ذلك راجعا إلى خطأ من رب العمل أو يكون مأذونا به. وليس للمقاول إذا ارتفعت أسعار المواد الأوليه أو أجور الأيدى العامله أو غيرها من التكاليف أن يستند إلى ذلك ليطلب زيادة أجره وفقا لنص المادة (700) من القانون المدني القطري.
صرف إستحقاقات المقاول في مواعيدها: -
المقاول عندما يقبل على الإشتراك في المناقصة إنما يهدف أصلاً إلى تحقيق الربح، ولولا هذا المقابل الذي يعتبر ركناً أساسياً في هذا العقد لما حصل أي تنافس على المناقصة، ولا أقبل أي فرد أو أية مؤسسة على التعاقد مع رب العمل. وعادة ما تقتضي طبيعة المشروع الإنشائي تنفيذ الأعمال على مراحل حسب برنامج العمل من خلال المدة المحددة بالعقد، وهذا يتطلب أن يتم دفع المقابل على مراحل يطلق عليها "دفعات". وهي تنظم بموجب كشوفات شهرية على نموذج محدد يقرره المهندس ويمثل هذا الكشف مرحلة إنجاز معينة من مراحل المشروع. وينص العقد على حد أدنى لقيمة الدفعة المقدّمة للصرف، بحيث لا يجوز أن يقل صرف الدفعة عن هذا الحد . ويجب أن يصدّق المهندس على القيمة المطلوبة بالكشف، ويقرّ بأنها تمثل العمل المنجز، وأن هذا العمل ضمن البرنامج المقدّم أصلاً من المقاول.
وبعد تصديق المهندس على الكشف، يقوم برفع المطالبة المالية لصاحب العمل، الذي يلتزم بدوره بصرف هذه القيمة بإصدار شك بإسم الشركة المنفّذة، أو باسم المفوض الذي يحدد مسبقاً. وتختلف مواعيد صرف الدفعات باختلاف طبيعة تلك الدفعات ونوعية تمويل المشروع وشروط التعاقد، فالكشف (الفاتورة – المطالبة) يقدم عادة شهرياً بعد المصادقة عليه. ويلتزم رب العمل بالنسبة للدفعات العادية بصرف قيمتها عادة خلال (30) يوماً، أما بالنسبة للدفعة النهائية فتصرف عادة خلال (30) يوماً. أما في المشاريع الممولة بقروض من مؤسسات التمويل فيتم الصرف عادة خلال (45) يوماً.
وتعد الدفعات الشهرية بمثابة شريان الحياة للمشروع، وتهدف إلى تسهيل ثلاث غايات:
1. تسهيل أعمال المقاول من خلال إيجاد السيولة النقدية بين يديه.
2. الإسراع في إنجاز باقي المراحل.
3. الحرص على مساعدة المقاول لتسلم الأعمال في موعدها المحدد بالعقد.
ويترتب على تأخير صرف الدفعات عدة نتائج تتمثل أهمها فيما يلي:-
- التأخر في إنجاز العمل عن موعده المحدد بالعقد.
- تأخير تحقيق الفوائد المرجوة من المشروع، سواء كانت إجتماعية أو اقتصادية أو علمية أو سياسية أو غيرها.
- منح مدد إضافية عن تأخير صرف الدفعة، وهي في هذه الحالة من المدد المبررة.
- دفع قيمة الفوائد المترتبة على التأخير.
- صرف قيمة الدفعة في نهاية الأمر كما هي، مضافاً إليها قيمة الفوائد المستحقة على التأخير، وبالتالي لا ينال رب العمل إلا مزيداً من الخسائر المؤثرة والسلبيات الأخرى المتعددة الجوانب.
فإذا كان على المقاول أن يلتزم بمدة العقد وإنجاز الأعمال بدقة، متقيداً بكافة الشروط المطلوبة منه، وألا يخالف ذلك لئلا توقع عليه غرامات التأخير والتعويضات الأخرى، فإن على رب العمل أن يلتزم هو أيضاً بالمدد المقررة والمحددة لصرف قيمة الفواتير، تحقيقاً للمصلحة المشتركة وحفاظاً على الانتهاء من المشروع في الوقت المحدد تعاقديا. فكلُ من الطرفين يعتبر مخلاً بضمانات المشروع عند تأخره، لأنه سوف يلحق خسارة، ويفوت ربحاً، ويعطل تحقيق الغايات الجوهرية لهذا المشروع.
ويترتب على تمام عقد المقاولة وإنهاء العمل محل العقد الوفاء بالأجر نهائيا. على أن دفع الأجرة عند تسلم العمل مشروط فيه أن يكون محل العقد قد تم طبقا للمواصفات والشروط المتفق عليها ولأصول الفن والصناعه لهذا النوع من العمل.
ولرب العمل الحق فى حبس الأجر حتى اتمام المقاول إصلاح كافه العيوب التى شابت العمل بعد نهايته. وكذلك يجوز لرب العمل الامتناع عن دفع الأجر رغم حلول الميعاد المتفق عليه للدفع إذا كان المقاول قد تأخر فى تسليم العمل المنوط به تنفيذه فى خلال الفتره المعنيه.
مكان دفع الأجر :-
سابعا: إنتهاء عقد المقاولة وزواله
تتعدد أسباب زوال وانتهاء عقد المقاول ومنها:-
أولا : الانتهاء المعتاد بتنفيذ عقد المقاولة.
ثانيا : زوال عقد المقاولة قبل التنفيذ.
ثالثا : تحلل رب العمل من ذات عقد المقاولة.
رابعا : وفاة المقاول .
اولا : الانتهاء المعتاد لعقد المقاولة :
لاشك أن تنفيذ عقد المقاولة يستتبع الانتهاء المعتاد منه حيث ينفذ رب العمل التزاماته التى اوردناها سابقا، كما ينفذ المقاول التزاماته والتى ايضا فصلناها سابقا، فإذا تحقق ذلك فلا يبقى إلا التزام المقاول بضمان عيوب الصنعة والعيوب الخفية فى المادة التى قدمها.
والمدة فى عقد المقاولة تعد عنصرا أساسيا، وذلك إذا اقترن عقد المقاولة بمدة معينة يتم انجاز العمل خلالها، وهكذا تضحى المدة عنصرا أساسيا فى عقد المقاولة بحيث تجعلها عقدا زمنيا. فيكون الزمن عنصرا جوهرياً فى عقد المقاولة، ومن ثم يزول وينتهى بانقضاء المدة المتفق عليها.
ثانيا زوال عقد المقاولة قبل التنفيذ:-
قد ينتهى عقد المقاولة قبل تنفيذه انتهاء غير مألوفا، ومن أسباب انتهاء عقد المقاولة قبل تنفيذه هى استحالة التنفيذ، الفسخ، التقايل.
فإذا اأثبت المقاول أن العمل الذى عَهَد به إليه رب العمل قد أصبح مستحيلا بسبب أجنبى، وبالتالي ينفسخ العقد.
أما فى حالة الاستحالة التى مرجعها المقاول، فيجوز لرب العمل أن يطلب فسخ العقد مع التعويض، إذا كان له مقتضى. أو أن يطلب التنفيذ عن طريق التعويض لاستحالة التنفيذ العينى. أما إذا كانت الاستحاله بسبب من رب العمل، فيكون فى حكم من تحلل العقد بإرادته المنفردة، فيجوز للمقاول أن يطلب التعويض إن كان له مقتضى. ولا يعتبر إفلاس أحد الطرفين قوه قاهرة تمنع تنفيذ العمل، فيجوز لحين التفليسة تنفيذ العقد، وإذا امتنع أمين التفليسة عن تنفيذ العقد جاز للطرف الآخر أن يطلب فسخ العقد مع التعويض، وإذا أفلس المقاول وكان هو الذى قدم المادة التى استخدمها فى العمل ولم يتم العمل قبل الافلاس، فإنها تبقى ملكاً للمقاول، ولا يجوز لرب العمل أن يستردها من التفليسة حتى ولو كان دفع الأجر كله مقدما.
زوال عقد المقاولة بالفسخ والتقابل:
لا شك أن الفسخ كالانفساخ، يستتبع إنهاء وزوال عقد المقاولة قبل التنفيذ، ويجوز طلب فسخ عقد المقاولة إذا أخل أحد المتعاقدين بتنفيذ التزاماته، وفقا للقواعد المقررة فى فسخ العقود الملزمة للجانبين. فإذا أخل المقاول بأحد التزاماته، جاز لرب العمل أن يطلب فسخ العقد، فإذا أجيب إلى طلبه فسخ عقد المقاولة، واعتبر كأن لم يكن كذلك إذا أخل رب العمل بأحد التزاماته، جاز للمقاول أيضا طلب فسخ العقد. والحكم بفسخ عقد المقاولة ينبني عليه انحلاله واعتباره كأن لم يكن.
كما ينتهى عقد المقاولة قبل تنفيذه بالتقايل، حيث يتفق المقاول ورب العمل على أن يتحلحل كل منهما من العقد بإرادتهما المشتركه، فكما انعقدت المقاولة بتراضى الطرفين فإنها تنتهى كذلك بتراضيهما. ويغلب أن يسوى المتعاقدان الحساب فيما بينهما باتفاق يضمنانه التقايل.
ثالثا: تحلل رب العمل من عقد المقاولة بإرادته المنفردة:
المادة (707) من القانون أجازت لرب العمل أن يتحلل بإرادته المنفردة من عقد المقاولة، وهو عقد ملزم له، وهو مبدأ يخرج عن القواعد العامة ويتعارض مع القاعدة العامة (العقد شريعة المتعاقدين فلايجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاق الطرفين). ولم يجيز القانون للمقاول أن يتحلل من عقد المقاولة بإرادته المنفردة، بل جعل لرب العمل الحق فى إجبار المقاول على التنفيذ العينى دون أن يقتصر على التنفيذ بطريق التعويض، إلا أن القانون قد أورد شروط إمكانية التحلل من عقد المقاولة بإرادة رب العمل المنفردة وهى:
1-عدم تمام العمل محل عقد المقاولة: فإذا كان العمل محل العقد قد تم، ولم يعد هناك ثمة فائدة من إمكان التحلل من عقد المقاولة، لأن رب العمل إذ ذاك يلتزم بدفع الأجر كاملا على سبيل التعويض له. ويثبت الحق فى التحلل من المقاول منذ إبرام العقد، حتى ولو لم يبدأ العمل. بل إن التحلل قبل البدء فى العمل أيسر على رب العمل على اعتبار أن التعويض المستحق للمقاول سوف يكون أقل. ويبقى الحق فى التحلل قائما حتى البدء فى العمل والمضى فيه إلى ما قبل اتمامه. فإذا أتمه المقاول وأعذر رب العمل بتسلمه، انقطع بالطبع حق رب العمل فى التحلل من المقاولة بعد هذا الإعذار.
2-كون أن الطرف الذى يتحلل من عقد المقاولة هو رب العمل: فالمقاول ليس له الحق فى التحلل من عقد المقاولة بارادته المنفرده، بل يبقى ملزما بتنفيذه حتى النهاية ويجوز لرب العمل اجباره على التنفيذ العينى دون أن يقتصر على مطالبة بالتعويض. إذ أن رب العمل لم يبرم عقد المقاولة إلا للحصول على هذا التنفيذ. وعلى ذلك فرب العمل هو وحده الذى يملك الحق فى التحلل من العقد، فى مواجهة المقاول أو ورثته، وهو حق شخصى متروك لمحض تقديره ولا يجوز لدائنه استعماله باسمه. ومع ذلك فهو حق ينتقل من رب العمل إلى الخلف العام والخلف الخاص، فلورثة رب العمل بعد موته استعمال هذا الحق. وكذلك للمتنازل له عن المقاولة فى استعمال حق التحلل من هذا العقد.
3-أن يكون تحلل رب العمل من المقاولة راجعا إلى مشيئته هو لا إلى خطأ المقاول: فالمقاول إذا ارتكب ثمة خطأ، فسبيل رب العمل ليس التحلل من المقاولة بل طلب فسخها إذا كان هذا الخطأ يبرر الفسخ، وفى هذه الحاله يكون المقاول هو المسئول عن تعويض رب العمل عن الضرر الذى أصابه بسبب الفسخ، ولا يرجع المقاول على رب العمل بالتعويض الكامل، كما لو أن رب العمل تحلل بإرادته المنفردة، بل يرجع عليه بمبدأ الاثراء بلا سبب. فضلا عن أن رب العمل يجوز له فى حالة خطأ المقاول، أن يطلب التنفيذ العينى، فيجبر المقاول على إصلاح خطأه عينا مع المضى فى التنفيذ، إلى جانب تعويض رب العمل عن الضرر الذى أصابه بسبب الخطأ.
4-عدم اشتراط المقاول على رب العمل عدم جواز التحلل من العقد: ولما كان حق رب العمل فى التحلل من العقد ليس من النظام العام، فإنه يجوز الاتفاق على ما يخالف هذه القاعده، أى يجوز الاتفاق على عدم جواز تحلل رب العمل من العقد، وفى هذه الحاله لا يجوز له التحلل بارادته المنفرده، بل يستطيع المقاول أن يلزمه بالمضى فى تنفيذ المقاولة إلى أن يتم جميع مراحلها، كما يجوز الاتفاق أيضا على أن يكون لرب العمل التحلل من المقاولة دون التزام بدفع أى تعويض للمقاول، أو دون أن يدفع تعويضا كاملا. وإذا توافرت الشروط السابقه، كان لرب العمل أن يتحلل من المقاولة بارادته المنفرده، ويستوى فى ذلك أن كانت المقاولة بأجر إجمالى جزائى أو مقدرة بسعر الوحدة. ويستوى أيضا أن يكون التحلل من عقد المقاولة أو من عقد مقاولة من الباطن، فيجوز للمقاول الأصلى، باعتباره رب العمل، أن يتحلل من المقاولة من الباطن قبل اتمام العمل. ولا فرق بين إذا ما كان رب العمل هو الذى قدم المواد التى تستخدم فى تنفيذ محل عقد المقاولة، أو إذا كان قدمها المقاول، فى ثبوت حق رب العمل فى التحلل من المقاولة، فإذا كان المقاول هو من قدم المواد، فيثبت له الحق فى المطالبة بالتعويض عنها بعد أن يسلمها لرب العمل، فإن احتفظ بها المقاول فلا يتقاضى عنها تعويضا حينئذ.
غير أنه إذا ثبت أن رب العمل قد تعسف فى استعمال حقه فى التحلل من عقد المقاولة، كأن قصد من وراء هذا التحلل أن ينال من سمعه المقاول الأدبية، جاز للمقاول أن يرجع على رب العمل بالتعويض طبقا للقواعد المقررة فى التعسف فى استعمال الحق.
كما يقع التحلل من عقد المقاولة باخطار يصدر من رب العمل يوجه إلى المقاول يتضمن رغبته فى التحلل من عقد المقاولة. ويجوز أن يكون شفاهة، إلا أن عبء إثبات هذا الاخطار يقع على عاتق رب العمل.
يستتبع إخطار رب العمل للمقاول بالتحلل من عقد المقاولة نتائجا أهمها:-
1-انتهاء عقد المقاولة، فيضحى رب العمل غير ملزم بدفع الأجر، والمقاول غير ملزم بانجاز العمل محل عقد المقاولة.
2-التزام رب العمل بتعويض المقاول عن جميع ما أنفقه من مصرفات، وما أنجزه من أعمال، وما كان يستطيع كسبه لو أنه أتم العمل، وعما عسى أن يكون قد أصابه من ضرر أدى من جرائه منعه من إتمام العمل.
رابعا : وفاة المقاول:
لا شك بانقضاء عقد المقاولة حال وفاة المقاول، إذا كانت مؤهلات الشخصية محل اعتبار شخصى فى التعاقد، فإذا لم تكن محل اعتبار فلا ينتهى العقد من تلقاء نفسه، ولايجوز لرب العمل فسخه الا فى حالات محددة نتناولها لاحقا. ويلحق بوفاة المقاول حالة صيرورته عاجزا عن إتمام العمل محل عقد المقاولة بسبب لا يد له فيه، فإن المقاولة تنفسخ بموته، ويضحى العجز شأنه شأن الموت.
حالة كون مؤهلات المقاول الشخصية ليست محل اعتبار لدى رب العمل، فإذا لم تتوافر فى ورثة المقاول الضمانات الكافية لحسن تنفيذ العمل، ففى هذه الحالة لا ينفسخ العقد من تلقاء نفسه، ولكن يمكن لرب العمل طلب فسخه. وللقاضى تقدير ذلك، أما إذا أصر رب العمل على ورثة المقاول تنفيذ العمل ولم يكن بين الورثة من يحترف حرفة مورثهم، جاز لهم أن يطلبوا فسخ العقد، وللمحكمة تقدير ذلك الطلب، فتحكم به أو ترفضه. أما إذا توافرت فى ورثة المقاول الضمانات الكافية لحسن تنفيذ العمل، ففى هذه الحالة لا يمكن أن يجاب طلب الفسخ القائم، لا من رب العمل ولا من ورثة المقاول، ومن ثم يبقى عقد المقاولة قائما بالرغم من موت المقاول. ويبقى الورثة ملزمين بالمضى فى العمل حتى تمام انجازه حيث تنتقل إليهم حقوق مورثهم والتزاماته، ولكن هذا لا يمنع حق رب العمل فى التحلل من العقد بارادته المنفردة .
وفاة رب العمل:
ولما كانت فى العادة شخصية رب العمل محل اعتبار فى التعاقد فإن وفاة رب العمل لا تنهى التعاقد، بل يبقى العقد قائما بين ورثة رب العمل والمقاول قائما بكامل حقوقه والتزاماته، ويبقى لورثة رب العمل الحق فى التحلل من عقد المقاولة بإرادتهم المنفردة، على أن يعوضوا المقاول من أموال التركة عن جميع ما أنفقه من مصروفات، وتكاليف ما أنجزه من أعمال، وما كان يستطيع كسبه لو أنه أتم العمل.
[1] (http://arabconstructionlaw.com/index.php?action=pages&id=22#_ftnref1) د. أحمد عبد العال أبو قرين: المرجع السابق، ص 8
[2] (http://arabconstructionlaw.com/index.php?action=pages&id=22#_ftnref2) د. أحمد عبد العال أبو قرين : الأحكام العامة لعقد المقاولة، دار النهضة العربية، الطبعة الأولى،2003،ص 16
[3] (http://arabconstructionlaw.com/index.php?action=pages&id=22#_ftnref3) د. عبد الرزاق حسين يسن: المسئولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء، بدون، الطبعة الأولى ، 1987،ص104
[4] (http://arabconstructionlaw.com/index.php?action=pages&id=22#_ftnref4) د. أحمد عبد العال أبو قرين: مرجع سابق، ص 17
[5] (http://arabconstructionlaw.com/index.php?action=pages&id=22#_ftnref5) د. سمير عبدالسميع الأودن: مرجع سابق ، ص 18
[6] (http://arabconstructionlaw.com/index.php?action=pages&id=22#_ftnref6) د. سمير عبدالسميع الأودن: مرجع سابق ، ص 22
[7] (http://arabconstructionlaw.com/index.php?action=pages&id=22#_ftnref7) د. محمد لبيب شنب : شرح أحكام عقد المقاولة في ضوء الفقه والقضاء، منشأة المعارف بالإسكندرية، الطبعة الثانية، 2004، ص 34
موضوع جيد وشكرا للكاتب
المقاولة عقد اتفاق بين طرفين يتعهد احدهما بأن يقوم للآخر بعمل معين بأجر محدد فى خلال مدة معينه .وعقد المقاولة عرفه القانون المدني القطـــري رقم (22) لسنة 2004م بأنه: "عقد يلتزم بمقتضاه أحد الطرفين أن يصنع شيئاً أو أن يؤدي عملاً للطرف الآخر لقاء أجر، دون أن يكون تابعاً لهذا الطرف أو نائباً عنه". إلا أنه يلاحظ على هذا التعريف أنه لا يبرز الخاصية الأساسية في عقد المقاولة، وهي أن المقاول يقوم بالعمل الذي عهد إليه في استقلال كامل ودون تبعية لرب العمل. وعليه يمكن تعريف عقد المقاولة بأنه "عقد يكلف بمقتضاه أحد الأشخاص المقاول بأن يصنع له شيئاً أو أن يؤدي له عملاً في استقلال كامل ودون أن يخضع لرقابته أو إشرافه وذلك في مقابل أجر"[1] (http://arabconstructionlaw.com/index.php?action=pages&id=22#_ftn1). والمقاول هو من يتعهد بالقيام بعمل معين مستكمل لشروط خاصه كبناء بيت أو إصلاح طريق، وتوضع التفصيلات له فى عقد يوقعه المتعاقدان .
ثانياً: الايجاب والقبول فى عقد المقاولة:
أن خصائص الإيجاب تكون فى ضرورة أن يكون الإيجاب جازما، أى صادرا عن نيه قاطعه فى التعاقد، وأن يكون كاملا متضمنا كافة العناصر اللازمة لإبرام العقد باستثناء القبول، بحيث إذا اقترن بالقبول اكتملت أركان العقد واضحى مبرما. والقاعده أنه لا يشترط أن يوجه الإيجاب إلى شخص أو أشخاص معينين بالذات، بل يصح توجيهه إلى جميع الناس – ومع ذلك فإن العرض الموجه إلى الجمهور لا يعتبر إيجابا فى حالات خاصة، كحالة العقود التى تقدم على الاعتبار الشخصى. ويترتب على القبول فى المقابل انعقاد العقد، إذ بصدور القبول توجد الإرادتان اللازمتان لانعقاد العقد، بشرط أن يكون القبول قد صدر والإيجاب قائم لم يسقط، وأن يتطابق القبول والإيجاب، وأن يتصل القبول بعلم الموجب لكى ينتج القبول أثره وهو انعقاد العقد .وتتبدى أهميته تحديد وقت انعقاد العقد فى عدة نواح أهمها :
1. أن العقد يبدأ فى إنتاج أثره بمجرد انعقاده، ولذلك من الأهمية تحديد زمن ذلك الانعقاد حتى يمكن تحديد الوقت الذى تنتج من لحظته آثار العقد .
2. أن آثار استحالة تنفيذ الالتزامات المتولده عن العقد تختلف تبعا لما إذا كانت هذه استحالة تنفيذ ألالتزامات المتولده عن العقد تختلف تبعا لما إذا كانت هذه الاستحالة تمت قبل انعقاد العقد أم بعد ذلك .
نطاق سريان القوانين الجديدة على العقود يتوقف على تحديد تاريخ ابرامها. فالعقود التى تبرم بعد العمل بالقانون الجديد تخضع له، أما العقود التى تبرم قبل العمل بالقانون الجديد، فلا تخضع له فيما يتعلق بشروط انعقادها، صحتها، أو آثارها التى لا تتصل بالنظام العام
وفي العقود الإدارية التي تقوم بعقدها الجهات الحكومية والمؤسسات العامة عادة عن طريق المناقصات العامة، يعتبر أن تقديم العطاءات من قبل المقاولين هو الإيجاب، وأن القبول يتم بمجرد إخطار مقدم العطاء بقبول عطائه وبذلك يصبح التعاقد تاما بينه وبين جهة الإدارة. وقد استقر الفقه القضائي على إعتبار أن التوقيع على مستندات التعاقد ودفع التأمين النهائي وغيره من المستندات الواجب تقديمها، تـُعد عبارة عن ضمان لتنفيذ التعاقد ولا تعد ركنا من أركان العقد.
ثالثا: أركان عقد المقاولة:
عقد المقاولة مثل سائر العقود المدنية الأخرى يقوم على توافق إرادتين على إنشاء التزام أو أكثر. ومن ذلك يتضح أن عقد المقاولة يستلزم لقيامه عدة أركان، وهى ذات الأركان التى يجب توافرها فى سائر العقود، وهى الرضا أو التراضى والمحل والسبب.
اولا : التراضى فى عقد المقاولة:
ولما كان تعريف عقد المقاولة هو "عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يضع شيئا أو أن يؤدى عملا لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الآخر" . ومفاد ذلك أنه لا نعقاد عقد المقاولة يجب أن يتطابق الإيجاب والقبول على عناصره - فيتم التراضى بين صاحب العمل والمقاول الذى يُعهد له بالعمل المنوط القيام به من حيث ماهيته ونوعيته، والأجر الذى يتقضاه المقاول من رب العمل. والرضا فى عقد المقاولة يجوز التعبير عنه صراحة أو ضمنا، ولا يشترط فيه شكل خاص لأنه عقد من عقود التراضى كما أوضحنا سابقا .
ونسبة إلى أن الإرادة حالة نفسيه، فإنها لا تقوم بدورها فى ميلاد العقد إلا إذا كان لها مظهر خارجى بحيث يمكن ادراك وجودها، ويتحقق ذلك بالتعبير عنها. والقول بانعقاد عزم شخص على إبرام عقد المقاولة، وبالتالى توافر الإرادة لديه يستدعى أن يكون هذا الشخص مدركا لما هو مقدم عليه، وبالتالى لا بد من اشتراط التميز لدى المتعاقد وذلك لتوافر الادراك، وبالتالى لوجود الإرادة. إذ أن الشخص غير المميز لا إرادة له قانونا، ومن ثم فإن إرادته لا تصلح لإنشاء العقود جميعا على اختلاف أنواعها . والإرادة اللازمة هى إرادة المتعاقد. أى الشخص الذى قصد ابرام العقد وإضافة ما يترتب من آثار إلى نفسه. وذلك سواء كان لحسابه الخاص أو لحساب غيره، بحيث ينعقد العقد بإرادته ولكن آثاره تنصرف إلى شخص غيره. وبالتالى يصح صدور الإيجاب أو القبول أو كلاهما من نائب يعمل لمصلحة المتعاقد، ولا يمنع ذلك من اعتبار المتعاقد لا نائبه طرفا فى العقد. ومرد ذلك أن القاعده العامة هى أن كل عقد يجوز للشخص أن يبرمه بنفسه يجوز له إبرامه بواسطة نائب، بل إن النيابة فى بعض الحالات تكون أمرا مفروضا بقوة القانون كالتعاقد مع الشخص غير كامل الأهليه والتعاقد مع الولى أو الوصى.
ثانيا محل عقد المقاولة:
كما سبق الإشارة إلى أن العقد هو توافق إرادتين على إنشاء التزامات متقابلة، ومن ثم فإن إنشاء الالتزامات يعتبر هو محل العقد – والالتزام بدورة لا ينشأ إلا إذا كان له محل. ومن ذلك فوجود الالتزام يعتبر شرطا لنشأة الالتزام وبالتالى لوجود محل العقد، ومن ثم يجوز أن يعتبر محل الالتزام فى نفس الوقت محل العقد فى ذاته. والواقع أن المحل فى عقد المقاولة ينصرف إلى:-
أ. التزامات المقاول بالعمل الذى تم التعاقد بشأنه مع رب العمل.
ب. التزامات رب العمل بسداد الأجر الذى تعهد به للمقاول.
ويشترط فى محل الالتزام ثلاثة شروط:
1. أن يكون معينا تعيينا كافيا أو على الأقل قابلا للتعيين.
2. أن يكون مشروعا.
3. أن يكون ممكنا.
1 / أن يكون محل الالتزام معينا أو قابلا للتعيين:
الالتزام يوجب على المدين القيام بأداء عمل معين لمصلحة الدائن بحيث يجبره على أدائه إذا امتنع عن القيام به اختيارا. ومن ثم يجب أن يكون الأداء المطلوب من المدين معينا، وإلا تعذر على الدائن إلزامه بالقيام بأداء عمل لا يعرف ماهيته أو طبيعته أو مداه. إذا يجب فى عقد المقاولة تعيين طبيعة وماهية ومدى العمل المطلوب أداؤه. أما بالنسبه لرب العمل فإن محل الالتزام يكون سداد مبلغ من النقود للمقاول، بمعنى أن محل الالتزام بالنسبة لرب العمل هو النقود. ومع ذلك يمكن أن ينشأ الالتزام دون تعيين محله، بشرط أن يكون هذا المحل قابلا للتعيين فيما بعد، كما يكفى أن يكون المحل معينا بنوعه فقط إذا تضمن العقد ما يستطاع به تعيين مقداره، كما إذا لم يتفق المتعاقدان على درجة الشىء من حيث الجودة، ولم يمكن استخلاص ذلك العقد أو فى ظروف وملابسات العقد التزم المدين بأن يسلم شيئا من صنف متوسط.
وجريا على القاعدة العامة فإنه إذا لم يعين محل الالتزام فى العقد، ولم يتضمن العقد الأسس التى تسمح بتعيينه لاحقا (مستقبلا)، فإن العقد يقع باطلا بطلانا مطلقا. ومرد ذلك أنه بدون تعيين محل العمل (الالتزام)، لا يمكن التحقق من تطابق التعبير عن إرادتى العاقدين بشأن هذا العمل.
وخلاصة القول أنه يجب أن يكون العمل فى عقد المقاولة معينا أو قابلا للتعيين، ويكون العمل معينا طالما أُشير فى العقد إلى طبيعته وماهيته ومداه وأوصافه، بحيث يتعين العمل دون لبس أو غموض.
2 / أن يكون محل العقد مشروعا:
يجب أن يكون محل الالتزام مشروعا، فإذا كان مخالفا للنظام العام أو الآداب كان العقد باطلا وفقا لنص المادة (151) من القانون المدني القطري.
3 / أن يكون محل العقد ممكنا:
لا يشترط لنشؤ الالتزام أن يكون الشىء موجودا وقت ابرام العقد، بل يكفى أن يكون من الممكن وجوده فى المستقبل. وتجدر الإشارة الى ان الاعمال التى قد يتضمنها عقد المقاولة إما أن تكون أعمالا مادية مثل الإنشاءات المتعددة كتشييد العقارات أو الجسور أو المدن السكنية، وإما أن تكون أعمالا عقليه، كالتعاقد مع محامى، أو أن تكون أعمالا فنية كما هو الشأن فى التعاقد مع مهندس معمارى لوضع الرسومات والتصميمات، والإشراف على إقامة المبانى. كما تنقسم أعمال المقاولات إلى مقاولات كبيره مثل تشييد مبانى الجامعات أو مقاولات صغيرة كالمقاولة مع النجار لصنع أثاث، أو أى أعمال عامة تتعلق بالمرافق العامة والأشغال العامة وقطاع الاعمال، او اعمال خاصة وهى التى تتعلق بالافراد او الشركات الخاصة المملوكه للأفراد.
ومحل التزام رب العمل في عقد المقاولة هو الأجر الذى يلتزم بسداده للمقاول، ويشترط فيه أن يكون موجودا ومعينا أو قابلا للتعيين ومشروعا. هذا ويشترط أن يتضمن عقد المقاولة شرط الأجر وإلا أضحى من عقود التبرع. والأجر وإن كان ركنا فى عقد المقاولة إلا أنه ليس بشرط أن يتم ذكره فى العقد، أو أن يحدده العاقدان، فإذا لم يحدداه تكفل القانون بتحديده. وقد يتم تحديد الأجر فى عقود المقاولة الخاصة بالمباني بأحد طريقين:
أ / تحديد الاجر على أساس وحدة القياس (تحديد الثمن بالوحده):
وهذا يتطلب عمل مقايسه يوضح بها كافة الاعمال المطلوبه تفضيلا، والمواد اللازمة وأسعارها، وأجر وحدة العمل، وعدد الأمتار من المبانى المطلوبه، وسعر كل متر، وعدد وحدات النوافذ والمطلات ونوعها، وماهية المواد المصنعه منها، وسعر المتر منها، والأدوات الصحيه المستعمله ونوعيتها وماركتها والوانها .. الخ، وحديد التسليح ونوعه وقطره .. الخ وسعره، وكميات الأسمنت ونوعها، الزلط، الرمل وكمياتها ونوعها .. الخ، من المواد المستخدمه فى البناء. ويجوز لرب العمل إزاء هذه الطريقة الزيادة فى مقدار الأعمال أو نقصها، أو الاتفاق على مقدار الزيادة أو النقص مقدما. وبهذه الطريقة لا يكون الأجر محددا مقداره مقدما بل يجب الانتظار حتى تنتهى جميع الاعمال وحسابها وفقا للمقايسة التى تتم بنهاية الأعمال.
ب / تحديد الأجر على أساس أجر إجمالي وأجر جزافي:
وهذا يتطلب تحديد ثمن كل نوع من الأعمال التي تندرج في أعمال التشييد والبناء. وتبعا لانتهاء المقاول من الأعمال تقاس تلك الأعمال على الطبيعة وتحدد جملة كل منها ثم تضرب في الثمن المتقدم الإشارة إليه لمعرفة القيمة الإجمالية لكل عمل من الأعمال، حيث يتم الجمع لتحديد أجر المقاول الإجمالي. وعادة يلجأ رب العمل إلى طريقة الأجر الاجمالي أو الأجر الجزافي، فيتفق مع المقاول على مبلغ إجمالي يقدر مقدما عند إبرام العقد. ويعيب هذه الطريقة أن المقاول يسعى جاهدا إلى تقليل التكاليف ليضمن ربحا أكبر قدرا.
ثالثا : السبب في عقد المقاولة:
سبب الالتزام هو الغرض أو القصد الذي استهدفه المتعاقد من وراء التزامه. ولا شك ببطلان العقد إذا كان سبب الالتزام مخالفا للنظام العام أو الآداب. ولا يمكن القول بأن المقصود بسبب الالتزام هنا القصد أو الغاية من الالتزام لأن هذا القصد دائما يكون مشروعا، وبالتالي فإن المقصود بوجوب أن يكون السبب غير مخالف للنظام العام والآداب هو السبب بمعنى الباعث على التعاقد. الذي دفع المتعاقد إلى قبول العقد، وإذا حدث وانتهى هذا السبب، فإن ذلك يعنى انتفاء الإرادة الجادة، وبالتالي انعدام تحقق الرضا، وبالتالي أيضا عدم انعقاد العقد ليس لانتفاء الباعث وإنما لعدم تحقق التراضي أو الرضا.
وإذا ادعى المدين أنه ليس لالتزامه سبب، تعين عليه إثبات ذلك، ويمكنه إثبات ذلك بالاستعانة بالطرق الآتية :-
أ. إذا كان العقد محررا متضمنا سبب الالتزام، فإذا ذكر المدين أن السبب المذكور في العقد سبب صوري، وجب عليه إثبات هذه الصورية بالكتابة عملا بالقاعدة "لا يجوز إثبات ما يخالف الكتابه إلا بالكتابة"، إذ يعد السبب المصرح به صحيحا إلى أن يثبت العكس. ما لم يتعلق الالتزام بعمل تجارى فهنا يكون من الجائز إثبات انعدام السبب بكل طرق الإثبات .
ب. إذا كان العقد غير مثبتا في محرر أو كون المحرر المثبت للعقد غير متضمنا لسبب الالتزام، فيجوز للمدين إثبات انتفاء السبب بكافة طرق الإثبات .
فإذا تبين أنه ليس للالتزام سبب فإن الالتزام لا ينشأ والعقد لا ينعقد، بمعنى أن العقد يقع باطلا بطلانا مطلقا، ولكي ينطبق هذا الجزاء يلزم أن يكون انتفاء السبب معاصرا للحظة إبرام العقد، بحيث إذا توافر السبب في هذه اللحظة ثم زال بعد ذلك، فإن زواله لا يؤثر على انعقاد العقد، ويؤدى زوال السبب بعد انتفاء العقد إلى فسخ العقد وليس إلى بطلانه.
رابعا: الخصائص العامة لعقد المقاولة:
اصطلاح المقاولات أصبح معروفا باسم خاص لانتشاره في كثير من التعاملات، فهنالك مقاولات البناء وهى من الانتشار بحيث إذا أطلقت كلمة "مقاولة" انصرفت إليها الأذهان. ولعقد المقاولة سمات عامه تميزه نجملها في الآتي:-
:
1. أن عقد المقاولة من العقود المسماة، أي أن المشرع وضع له اسما خاصا، وتكفل ببيان القواعد المنظمة له. فالعقد المسمى يخضع للقواعد القانونية التي نص عليها المشرع – وهى غالبا تكون قواعد مكملة لإرادة المتعاقدين، لا تطبق إلا إذا لم يتفق المتعاقدان على خلافها .
2. عقد المقاولة عقد رضائي، أي أنه يكفى لانعقاده توافق إرادتين إلى إنشائه دون حاجة إلى أي إجراء آخر، ودون حاجة إلى إفراغ التراضي في شكل خاص .
3. عقد المقاولة من عقود المعاوضة، أى أنه العقد الذى يحقق منفعة لجميع أطرافه، بحيث يأخذ كل منهم مقابلا لما يقدمه، و ذلك على اعتبار أن التراضى فى عقد المقاولة يقع على عنصرين جوهريين:
أولهما: الشىء المطلوب صنعه، أو العمل المطلوب تأديته من المقاول .
وثانيها: الأجر الذى يتعهد به رب العمل
4. عقد المقاولة عقد لازم، أى أنه لا يجوز لأحد طرفيه أن يتحلل منه بدون رضاء الطرف الآخر، واعتبار العقد لازما لا يحتاج إلى تقرير صريح من القانون بذلك، أما اعتبار العقد غير لازم، فلا يكون إلا بنص صريح فى القانون أو باتفاق الطرفين .
5. عقد المقاولة عقد فردى، إذ لا تنصرف آثاره لغير المتعاقدين الذين تراضيا عليه، و لا ينشىء حقا كما ولا يرتب حقا أو التزاما إلا على عاتق من كان طرفا فيه .
6. عقد المقاولة عقد تبادلى، إذ أنه يرتب منذ إبرامه التزامات متقابله تقع على عاتق كلا المتعاقدين، بحيث يكون كل منهما بدءا دائنا ومدينا فى ذات الوقت .
7. عقد المقاولة عقد محدد، أى أنه يمكن لكل من طرفيه أن يحدد وقت التعاقد قيمه المنفعه التى يقدمها إلى المتعاقد الآخر، وقيمة المنفعه التى سيأخذها منه .
خامسا: التميز بين عقد المقاولة والعقود الأخرى الواردة على العمل
1/ التمييز بين عقد المقاولة عقد الوكالة:-
عقد المقاولة نجده يختلط في بعض الفروض مع غيره من العقود وخاصة في العقود التي تولد التزاماً بعمل على عاتق أحد طرفي العقد. كما أن هذا الخلط أيضاً نجده يثور مرة أخرى إذا التزم المقاول باستصناع شي أو قام بتوريده أو تركيبه مما هو متعلق بمجال الإنشاءات المعمارية [2] (http://arabconstructionlaw.com/index.php?action=pages&id=22#_ftn2).
وتشترك المقاولة مع الوكالة في أن كلا منهما يلزم المدين بالقيام بعمل. كما أن الوكالة والمقاولة تفترض الثقة في شخص المقاول والوكيل، ووفقاً للتصور التقليدي فإن المقاولة ترد على الأعمال المادية دون الأعمال المعنوية، إلا أن ذلك غير صحيح إذ أن هناك فروق جوهرية بين الوكالة والمقاولة. فالوكالة لا ترد إلا على الأعمال القانونية دون المادية، حيث أن الوكيل يمثل موكله ويقوم بإبرام التصرفات باسمه ولحسابه، فهو مجرد وسيط. أما في المقاولة فإن المقاول ينفذ العمل استقلالا عن رب العمل. فالمهندس الإستشاري يعتبر مقاولاً في التزامه بوضع الرسوم والتصميمات الهندسية للأعمال الإنشائية، إلا أنه قد يكلف من رب العمل بالإضافة لوظيفته التقليدية للإشراف على أعمال البناء [3] (http://arabconstructionlaw.com/index.php?action=pages&id=22#_ftn3) واقتراح ما يلزم إدخاله من تعديلات، وقد يكون وكيلاً عن رب العمل في تصفية الحسابات مع المقاولين، وإعطائهم مخالصات بشأن ما نفذوه من أعمال. وفي هذه الحالة يخضع المهندس الإستشاري لأحكام عقدي الوكالة والمقاولة، إذ لا تعارض بين الوكالة والمقاولة. فوجود عقد المقاولة لا يستبعد بالضرورة وجود عقد الوكالة.
غير أن الوكالة عقد غير ملزم لطرفيه وذلك خلافاً للمقاولة، فللموكل القيام بعزل الوكيل في أي وقت، كما أن للوكيل أن يتنازل عن الوكالة متى أعلن موكله بذلك في وقت مناسب. وذلك خلافاً للمقاولة التي تلزم طرفيها بما ورد فيها من شروط. وأخيراً فإن الوكالة تنتهي بموت أحد طرفيها أما المقاولة لا تنتهي بموت المقاول إلا إذا كانت شخصية المقاول محل اعتبار عند التعاقد، وهو ما يبرز الإعتبار الشخصي في كلا العقدين وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة [4] (http://arabconstructionlaw.com/index.php?action=pages&id=22#_ftn4).
وتتفق المقاولة والوكالة فى أن كلاهما عقد يرد على العمل، وهذا العمل يؤديه المقاول أو الوكيل لمصلحة الغير، ولكنهما يختلفان فى أن العمل فى عقد المقاولة هو عمل مادي، أما العمل فى عقد الوكالة فهو تصرف قانونى. وهكذا نجد أن المقاول وهو يقوم بالعمل المادى لمصلحة رب العمل، فإنه لا ينوب عنه وإنما يعمل مستقلا، أما الوكيل وهو يقوم بالتصرف القانونى لمصلحة موكله فإنه يكون نائبا عنه، ويمثله فى التصرف الذى يقوم به بحيث ينصرف أثر هذا التصرف الى موكله. وللتمييز بين عقد الوكالة وعقد المقاولة أهمية قصوى يمكن تلخيصها فى الآتى :
1) أن المقاول لا ينوب عن رب العمل، ومن ثم فإن التصرفات التى يجريها لا ينصرف أثرها الى رب العمل، أما الوكيل فينوب عن الموكل ، فإنه يلزمه بتصرفاته، وينصرف أثر هذه التصرفات مباشرة إلى الموكل ولا شىء منها ينصرف إلى الوكيل .
2) أن المقاولة دائما تكون مأجورة، ومتى عين الأجر فإن القاضى لا يستطيع تعديله، أما الوكالة فقد تكون مأجورة أو غير مأجورة، وإن كان الأصل فيها أن تكون بغير أجر، فأن كانت مأجورة كان الأجر خاضعا لتقدير القاضى .
3) فى حالة كون أن المقاول يعمل مستقلا عن رب العمل، فهو لا يخضع لاشرافه ولا يكون تابعا له، ومن ثم لا يكون رب العمل مسئولا عن المقاول مسئولية المتبوع عن التابع. أما الوكيل فيعمل فى كثير من الأحيان بإشراف الموكل، وفى هذه الحالة يكون تابعا له ويكون الموكل مسئولا عنه مسئولية المتبوع عن التابع .
4) أن المقاول مضارب، معرض للكسب و الخسارة. وإذا أصيب بضرر بسبب تنفيذ العمل فلا شأن لرب العمل بذلك، إذ يتحمل وحده هذا الضرر. أما الوكيل فهو غير مضارب فهو إما أن يقوم بعمله متبرعا، أو أنه يأخذ أجرا على عمله، وإذا أصيب بضر بسبب تنفيذ وكالته فإن الموكل يكون مسئولا عما أصاب الوكيل .
5) المقاولة فى الأصل عقد لازم، أما الوكالة فهى فى الأصل عقد غير لازم ويجوز عزل الوكيل أو تنحيته فى أى وقت بواسطة الموكل .
6) لا تنتهى المقاولة بموت رب العمل أو بموت المقاول إلا إذا كانت شخصية أياً منهما محل اعتبار. أما الوكالة فتنتهى بموت الموكل أو الوكيل .
7) إذا تعدد المقاولين فإنهم لا يكونون مسئولين بالتضامن إلا إذا اتفق على ذلك، أما إذا تعدد الوكلاء كانوا مسئولين بالتضامن .
8) إذا تعدد أرباب العمل فلا يكونون متضامنين قبل المقاول إلا باتفاق خاص، أما إذا تعدد الموكلون كانوا متضامنين قبل الوكيل فى تنفيذ الوكالة .
9) للموكل ولنائب الوكيل أن يرجع كل منهما مباشرة على الآخر، أما رب العمل والمقاول من الباطن فلا رجوع لأحد منهما مباشرة على الآخر، فيما عدا أن المقاول من الباطن له الرجوع مباشرة على رب العمل بما لا يجاوز القدر الذى يكون به رب العمل مدينا به للمقاول الأصلى .
وقد قصدنا من توضيح هذه الفروق بين عقد الوكالة وعقد المقاولة لتوضيح اللبس الذى قد يقع فيه البعض عن التكييف القانونى لعقد الوكالة، وقد نتج ذلك اللبس مماجرى عليه القضاء الفرنسى منذ عهد بعيد على اعتبار هذه العقود(العقود التى تبرم مع أصحاب المهن الحرة كالطبيب والمحامى والمحاسب والمهندس) عقود وكالة، لا عقود مقاولة أو عمل، وهو ما يخلق كثير من التعقديدات في صناعة البناء والتشييد خصوصا في التكييف القانوني لعقد المهندس الاستشاري ورب العمل. فالعقد مع المهندس المعمارى يتضمن خليطا من الأعمال المادية والتصرفات القانونية ومن ثم يجمع بين أحكام عقد المقاولة وأحكام عقد الوكالة، ومع ذلك فإن عنصر المقاولة فى عقد المهندس هو الغالب ومن ثم إذا تعارضت الأحكام بين الوكالة والمقاولة وجب تطبيق أحكام المقاولة.
فمهمة المهندس الاستشاري تقوم على تصور للمشروع الإنشائي، ووضع هذا التصور فيما يقوم به من تصميمات موضع التنفيذ. وعلى هذا فالاستشاري هو مهني متخصص يمتلك قدراً من المعرفة الفنية يعاون العميل على اتخإذ قراره، حيث يقدم خبرته ودرايته في شكل أدوات ذات طبيعة ذهنية وعقلية، فهو ليس مجرد عامل على آلة أو فني يطبق نظريات فنية معينة، وإنما هو نتاج عقل بشري وخبرة إنسان.
وأهم الاعمال المادية التى يقوم بها المهندس هى وضع التصميمات والرسومات، وعمل المقايسات، والإشراف على التنفيذ، ومن الأعمال القانونية محاسبه المقاول وإقرار الحساب، وتسلم العمل من المقاول بعد انجازه، والتى يكون فيها نائبا عن رب العمل ومن ثم تسرى أحكام عقد الوكالة عليها.
وعليه، وبناءً على ما تقدم، فيمكن أن يكون عقد الاستشارات الهندسية ـ على اعتباره عقد إجارة أعمال ـ هو عقد مقاولة وذلك أن المهندس الاستشاري كمقاول لا يخضع في تنفيذه لذلك العقد لرقابة وتوجيه رب العمل، وإنما يمارس مهنته مستقلاً عن رب العمل حيث لا يخضع عند أدائه لمهنته لإشرافه أو توجيهه، وبإعتبار عقد الإستشارة الهندسية عقد مقاولة تترتب على ذلك النتائج التالية:
· أن رب العمل غير مسئول عن الأخطاء التي يقترفها الإستشاري الهندسي تجاه الغير.
· أن المعرفة التي يقدمها الاستشاري لرب العمل، والتي تتمثل في دراساته وتصاميمه، محصلة نتاجه الذهني، يعتد بها هنا بجانب الأعمال المادية.
· أن رب العمل يلتزم بتعويض المهندس الإستشاري عن المجهود الذي بذله في سبيل انجاز المهمة المكلف بها، والدراسة التي قام بها ورسوم التصميمات التي يكون قد بدأ في وضعها ـ وذلك في حاله إنهاء العقد من طرف رب العمل ـ إذ ليس من العدالة ألا يبرم العقد في وقت غير مناسب أو يعدل عنه، وإلا كان ملتزماً بالتعويض نتيجة ما تسبب له من ضرر مادي أو ضرر أدبي قد يصيب سمعته وشهرته[5] (http://arabconstructionlaw.com/index.php?action=pages&id=22#_ftn5).
· من حق رب العمل أيضاً أن يطلب التعويض في حالة ما لو أنهى المستشار الهندسي العقد من جانبه دون أن يستمر في تنفيذه، عما لحق رب العمل من أضرار.
· من المسلم به أن الخدمات الأساسية التي يقوم بها الإستشاري ذات طبيعة ذهنية وعقلية مرتبطة بالثقة بين المهني من ناحية ومن العميل من ناحية أخرى، أي أن شخص الإستشاري موضع إعتبار خاص في العقد، وهذا هو الذي يميز النشاط المهني الحر القائم على اعتبارات الثقة والأمانة عن النشاط التجاري الذي لا يهتم إلا بتحقيق الربح بالدرجة الأولى. وعليه فمن البديهي وبالنظر للثقة التي يوليها العميل للإستشاري فلا بد أن يكون شخصاً طبيعياً، مما يترتب عليه أنه في حالة موته أو فقد أهليته فإن العقد المبرم بينه وبين العميل ينفسخ بقوة القانون، ولا ينتقل العقد إلى الورثة. إلا أنه وفي الحالة التي يتم تقديم الإستشارات عن طريق المكاتب الإستشارية (تضم أكثر من إستشاري في تخصصات مختلفة ضمن منظومة عمليات البناء والتشييد)، فإن العلاقة والرابطة الشخصية تقوم في هذه الحالة بين العميل من ناحية، وبين من يمثل الشخص المعنوي (المكتب الإستشاري) أما الغير من ناحية أخرى، وتمنح الثقة في هذه الحالة بطبيعة الحال للمكتب الإستشاري (كشخص إعتباري) متمثلاً في شخص مديره الذي يمثله قانوناً أما الغير [6] (http://arabconstructionlaw.com/index.php?action=pages&id=22#_ftn6)
2/ التمييز بين عقد المقاولة وعقد العمل:
عقد المقاولة يتفق مع عقد العمل في أن الأداء الرئيسي في كل منهما هو القيام بعمل معين، والرأي الراجح والمسلم به في الوقت الحاضر هو أن عقد العمل يتميز عن عقد المقاولة، بأنه يخول رب العمل سلطة توجيه ما يؤدى له من خدمات، بحيث يقوم العامل بأداء ما هو مكلف به تحت إدارة وإشراف رب العمل، أم في المقاولة فان المقاول يقوم بالعمل المعهود به إليه استقلالاً، فلا يخضع في تنفيذه لأي إشراف أو توجيه من قبل رب العمل، فهو الذي يختار وسائل التنفيذ ووقته، وما دام أن عمله مطابقاً لما هو متفق عليه في العقد ووفق ما تفرضه عليه الأصول الفنية لمهنته، فلا يجوز لرب العمل أن يتدخل في تنفيذ العمل. فعلاقة التبعية بين العامل ورب العمل، هي التي تميز عقد العمل عن عقد المقاولة، إذ لا تتوفر هذه التبعية في علاقة المقاول برب العمل [7] (http://arabconstructionlaw.com/index.php?action=pages&id=22#_ftn7).
سادسا: إلتزامات أطراف عقد المقاولة
يفرض عقد المقاولة إلتزامات متعددة على طرفيه الأساسيين وهما رب العمل والمقاول، وأهم هذه الالتزامات هي:-
اولا : التزامات المقاول
أهم هذه الالتزامات هى:
1. انجاز العمل المتفق عليه عقديا (محل عقد المقاولة).
2. تسليم العمل محل عقد المقاولة.
3. الضمان للأعمال محل عقد المقاولة.
اولا : انجاز المقاول للعمل محل عقد المقاولة:
وهو ذلك الالتزام الرئيسى الذى يجب على المقاول القيام به شريطه مباشرة العمل بالطريقة التى تتفق مع أصول مهنته وصناعته. وبالاسلوب الواجب اتباعه سواء قدمت له المواد من رب العمل أو من طرفه. وأن يبذل فى انجاز العمل العناية اللازمة متمماً العمل فى المدة المتفق عليها. ومن ذلك فالمقاول ملزم بأن ينجز العمل محل عقد المقاولة بالطريقه المتفق عليها فى العقد وطبقا للشروط التى يتضمنها –مراعيا فى ذلك كافة الشروط الواردة بدفتر المواصفات – فإذا لم يكن هنالك ثمة شروط متفق عليها وجب إعمال العرف، خاصة فيما يتعلق بأعمال أصول الفن والصناعة الخاصة بالعمل محل عقد المقاولة. ولا يُسأل المقاول إلا إذا ثبت ثبوتا ظاهرا وبصفه قاطعه لا احتماليه أنه ارتكب خطأً أو عيبا لا يأتيه من له إلمام بهذا اللون من الفن أو الصناعة. وعلى ذلك إذا خالف الشروط والمواصفات المتفق عليها، وأثبت رب العمل ذلك، أصبح المقاول مُخلا لالتزامه واستوجب الأمر إلزامه بجبر الضرر عن رب العمل. دون حاجه لإثبات رب العمل ثمة خطأ من جانب المقاول، باعتبار أن مخالفة تلك الشروط والمواصفات فى حد ذاتها هي الخطأ المستوجب للجزاء، وحينها لا يستطيع المقاول التخلص من تلك المسئولية إلا بإثبات السبب الاجنبي أو خطأ رب العمل نفسه، إذ أن المعيار العام فى قياس خطأ المقاول هو معيار سلوك مرتكب الفعل الضار، وبهذا السلوك مع مراعاة الظروف الخارجيه التى أحاطت به، فإذا انحرف عن سلوك الرجل العادى فإن هذا يُعد خطأ. أما بالنسبة للخطأ الفنى فإن السلوك المهنى لمرتكب الفعل الضار يقاس بالسلوك الفنى المألوف من شخص وسط من نفس المهنة والمستوى، أى بما يتمتع به من علم وكفاية وعناية وانتباه على ضوء الظروف الخارجيه التى أحاطت به .
ومن ذلك أيضا أن مواد و آليات ومهمات انجاز العمل تكون على المقاول دون حاجه إلى اشتراط ذلك فى العقد، إذا لم يقضى الاتفاق او العرف بغير ذلك. بما فى ذلك ما يحتاج إليه المقاول من أيدي عاملة لمعاونته فى أداء أو تنفيذ العمل محل عقد المقاولة.
وخلاصة القول أن المقاول يكون مسئولا عن خطئه في تنفيذ عقد المقاولة مسئولية عقدية، ويثبت بالتالى فى جانبه الخطأ ومن ثم تتحقق مسئوليته إذا هو :
1. خالف الشروط والمواصفات المتفق عليها، أو المواعيد التى ألزمه بها العقد لتسليم العمل محل العقد.
2. انحراف عن أصول مهنته وصناعته واعرافها وتقاليدها.
3. أساء اختيار المادة التى قدمها هو لرب العمل للإنجاز العمل محل العقد.
4. نزل عن عناية الشخص المعتاد فى المحافظة على المادة التى قدمها له رب العمل.
5. ثبت أنه غير كفء مهنيا، وخالف واجبا من واجباته المهنية.
6. استعان بشخص أو أشخاص يساعدونه فى تنفيذ محل عقد المقاولة، وأخل ذلك الشخص بواجباته، فإنه يكون مسئولا عنه مسئوليه المتبوع عن تابعه ولكنها هنا ليست مسئولية تقصيرية وإنما مسئوليه عقدية كما هو الحال في عقد المقاولة الباطن.
الإخلال بالتزام انجاز العمل محل عقد المقاولة:
طالما أخل المقاول بالتزاماته المنصوص عليها بعقد المقاولة، كان لرب العمل إعمالا للقواعد العامة، أن يطلب التنفيذ العينى، أو أن يطلب الفسخ، مع التعويض فى الحالتين إن كان له مقتضى، شريطة أن يقوم رب العمل بإعذار المقاول طبقا للقواعد العامة وفقا للآتي:-
1 / طلب رب العمل التنفيذى العينى:-
يشترط لطلب رب العمل التنفيذى العينى، أن يكون ذلك ممكنا. فإن كان العمل المطلوب انجازه عملا روعيت فيه شخصيه المقاول، وأصر المقاول على الامتناع عن التنفيذ جاز لرب العمل الاتجاه إلى طريقة التهديد المالى بفرض غرامات التأخير وغيرها إذا كانت مجديه. وإلا لم يبق أمامه إلا الفسخ والمطالبة بالتعويض. أما إذا كان العمل المطلوب انجازه ليس لشخصية المقاول ثمة اعتبار، جاز لرب العمل أن يطلب ترخيصا من القضاء لتنفيذ الالتزام بواسطة مقاول آخر على نفقة المقاول الأول إذا كان ذلك التنفيذ ممكنا.
قد يضمن رب العمل عقد المقاولة شرطا مفاده أن له الحق فى فسخ العقد إذا رأى أن المقاول متأخر في انجازه لمحل عقد المقاولة، وفى هذه الحاله يكون تقدير أمر التأخير راجعا لرب العمل، ولا يكون مسئولا عن الاضرار التي تصيب المقاول إلا إذا تعسف فى التقدير، وعلى المقاول حينئذ عبء إثبات هذا التعسف.
رب العمل ليس مضطرا إلى الانتظار إلى نهاية المدة حتى يستعمل حقه فى طلب التنفيذ العينى أو الفسخ مع التعويض فى الحالتين. بل أنه متى رأى منذ البداية أن المقاول يقوم بالعمل على نحو معيب أو مناف لشروط العقد، أو أنه تأخر فى البدء فيه، أو تأخر فى انجازه على نحو لا يرجى معه مطلقا أن ينجز العمل فى الميعاد المحدد، له أن يتخذ من الاجراءات ما يكفل له توقيع الجزاء دون أن يمهل المقاول إلى نهاية المدة. ومفاد ذلك أن لرب العمل أن يتابع العمل وهو فى يد المقاول ليراقب عن كثب ما إذا كان يجرى التنفيذ طبقا للمواصفات والشروط المتفق عليها من عدمه، وأنه ينفذ العمل طبقا لأصول الفن والصناعة وعرف أهل المهنه، وهنا يجب التفريق بين أمرين :-
أ / حالة استحالة اصلاح العيوب فى تنفيذ المقاول للعمل محل عقد المقاولة: وهنا يكون لرب العمل – طلب فسخ العقد لمخالفة المقاول للشروط المتفق عليها. وللقاضى تقدير ذلك، فله أن يقضى بالفسخ والتعويض أو ألزام المقاول بإصلاح العيب على نفقته.
ب / حالة إمكانية إصلاح عيوب طريقة تنفيذ المقاول للعمل محل عقد المقاولة: وهنا يجب على رب العمل إعذار المقاول ليصلح من طريقة التنفيذ، وليس له المبادرة إلى طلب الفسخ لأن العيب يمكن إصلاحه، فإذا قام المقاول بإصلاح العيب كان له المضى فى العمل على الوجه الصحيح ولا سبيل لرب العمل عليه. أما إذا نازع المقاول فيما تقدم به رب العمل وادعى أن العمل غير معيب، أوسلم بالعيب ولكنه لو يبادر إلى إصلاحه فى الأجل المحدد، فإن لرب العمل فى الحالتين أن يرفع الأمر إلى القضاء دون انتظار لانجاز العمل على نحو معيب أو مناف للعقد، أو دون ان ينتظر انتهاء الأجل المحدد ، طالبا الفسخ أو التنفيذ العينى، وللقاضى أن يقدر طلبه فيقضى بالفسخ والتعويض إذا كان له مقتضى. أو يقدر أنه لا محل للفسخ فيقضى على المقاول –أن رأى أن عمله معيب– باصلاح العيب على نفقته وبالتعويض إن كان له مقتضى.
ولرب العمل أن يطلب من القضاء ترخيصا فى إصلاح العيب إو إنجاز العمل كله على الوجه الصحيح بواسطة مقاول آخر على نفقة المقاول الأول إذا كان ذلك ممكنا، وله أن يطلب اضافة إلى ذلك إلي التعويض الذي يطالب به إن كان له محل. وإن كان العمل مستعجلا لا يحتمل الإبطاء باللجوء إلى القضاء، فلرب العمل أن يلجأ إلى مقاول آخر يقوم بالعمل على الوجة المطلوب على نفقة المقاول الأول وذلك دون ترخيص القضاء، وللقاضى بعد ذلك أن يبت فى مدى حق رب العمل فيما ذهب .
ثانيا : تسليم العمل فى عقد المقاولة :
لا شك أن العمل المطلوب انجازه –محل عقد المقاولة– هو ذات المحل الذى يقع عليه التسليم. سواء كان المقاول هو مقدم المواد أو كانت مقدمه رب العمل، ففى الحالتين يجب تسليم المقاول محل عقد المقاولة لرب العمل بموجب التزامه بالتسليم بموجب عقد المقاولة. ويكون التسليم بوضع المحل تحت تصرف رب العمل بحيث يضمن له الاستيلاء عليه والانتفاع به. كما أن التسليم يتم فى المكان المتفق عليه، فإن خلا عقد المقاولة من تحديد مكان التسليم أضحى مكان التسليم هو ذات المكان الذى يحدده عرض الصنعه أو الحرفه، وإذا انصرف التسليم إلى عقار كان التسليم فى مكان العقار. فإذا كان منقولا كان التسليم فى مكان وجود المنقول.
ويلزم أيضا التسليم فى الموعد المتفق عليه لانجاز العمل محل عقد المقاولة، فإذا لم يكن هناك ميعاد متفق عليه، ففى الميعاد المعقول لانجازالعمل وفقا لطبيعة التعامل ولعرف الحرفة أو الصنعة. وإذا حل ميعاد التسليم وكان للمقاول أجر مستحق فى ذمة رب العمل حبس العمل حتى يستوفى أجره إعمالا للقواعد العامة فى الحبس ،وينتفى حق المقاول فى الحبس إذا استوفى أجره، أو إذا قام رب العمل بتقديم تأمين كاف للوفاء بالأجر.
خيارات المقاول إذا لم يوف رب العمل بالتزامه بدفع الأجر :-
فى حال ان لم يوف رب العمل بدفع الاجر بصفه عامه، او عدم دفعه لهذا الاجر فى المكان المحدد، او اخلاله باى التزام من التزاماته المتعلقة بدفع الاجر، فللمقاول أن يطلب ثمة جزاء مما تقضى به القواعد العامه:-
1. للمقاول أن يطلب التنفيذ العينى، فيستصدر حكما على رب العمل بالأجر المستحق. كما له أن يطلب تعويضا عن جميع ما أصابه جراء إخلال رب العمل بالتزامه وله أن يتقاضى فوائد عن الأجر بالسعر القانونى منذ المطالبة القضائية.
2. للمقاول أن يطلب فسخ عقد المقاولة وللقاضى أن يجيبه إليه إن وجد مبررا لذلك فيقضى بالفسخ وبالتعويض إن كان له مقتضى. أو أن يرى القاضى ألا مبرر لإجابه المقاول إلى طلبه، وفى هذه الحاله لا يحكم بالفسخ، وللقاضى أن يمهل رب العمل حتى يقوم بوفاء التزامه كاملا من دفع الأجر.
3. للمقاول حبس العمل حتى يستوفى اجره.
جزاء عدم تسليم المقاول لرب العمل :
لا شك فى أن المقاول حينئذ يكون قد أخل بالتزامه بالتسليم إذا لم يقم بتسليم العمل كاملا لرب العمل فى الزمان والمكان المحددين، فيكون لرب العمل إما طلب التنفيذ العينى أو طلب الفسخ مع التعويض، مع توافر المقتضى شريطة مبادرة رب العمل إلى إعذار المقاول بالتسليم بدءا. وللمقاول أن ينفى مسئوليته إذا كان التأخر فى التسليم راجع إلى القوه القاهرة أو حادث فجائى، أو سبب أجنبي وعليه عبء إثبات ذلك.
ثالثا : أحكام ضمان المقاول:-
إذا تعهد المقاول بتقديم مادة العمل كان مسئولا عن جودتها وعليه ضمانها لرب العمل.
اما إذا كان رب العمل هو مقدم المادة فبالطبع لا يكون المقاول ضامنا لعيوبها الخفيه، لكن إذا كان المقاول قد اكتشف بما له من خبره ومعرفه أثناء عمله، عيوبا فى المادة التى قدمها رب العمل، وكونها لا تصلح للغرض المقصود لتنفيذ محل عقد العمل، وجب عليه إخطار رب العمل فورا وإلا أضحى مسئولا عن كل ما يترتب على إهماله من نتائج.
كما أن المقاول يكون مسئولا عن جودة العمل الذى يتولى تنفيذه، وملزما بانجازه بالطريقة المتفق عليها فى عقد المقاولة طبقا للعقد أو للعرف، وإلا أضحى مسئولا عن عيوب الصنعة.
ولا بد من التفريق بين أمرين :-
أ- حال اكتشاف رب العمل العيب قبل أن يتسلم العمل، فإن لرب العمل طلب التنفيذ العينى لإصلاح العيب، أو طلب الفسخ مع التعويض فى الحالتين.
ب- حال تسلم رب العمل الشىء أو تقبل العمل قبل اكتشاف العيب، ثم تم اكتشافه فيما بعد، ففى هذه الحالة لا بد من إعمال القواعد العامة على النحو الآتى – بعد التفريق بين أمور ثلاث:-
1. كون العيب فى الصنعه من الوضوح بمكان بحيث يمكن للشخص اكتشافه إذا عاينه، ويفترض فى هذه الحالة أن رب العمل قد تسلم الشىء وتقبل العمل معيبا، وأنه نزل عن حقه فى الرجوع على المقاول بصدد هذا العيب. إذ أن رب العمل كان يمكنه اكتشاف ذاك العيب لو بذل عناية الرجل العادى، وهكذا ينقضى ضمان المقاول للعيب بمجرد تسلم رب العمل الشىء أو تقبله العمل.
2. كون المقاول قد سعى على نحو معين لإخفاء العيب غشاً فى الشىء أو العمل، وحينئذ يكون المقاول مسئولا عن غشه، فبمجرد أن يكتشف رب العمل العيب يكون له الحق فى الرجوع على المقاول بالضمان، أى بإصلاح العيب مع التعويض وذلك خلال ثلاث سنوات وذلك لأن مسئولية المقاول مسئولية تقصيرية، ودعوى المسئولية تسقط بالتقادم بثلاث سنوات من وقت علم المضرور بوقوع الضرر. وتسقط فى كل الأحوال بانقضاء خمس عشره سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع، أى من يوم إخفاء العيب.
3. كون العيب ليس من الوضوح بحيث لا يمكن كشفه وقت التسليم أو تقبل العمل، ولم يخفه المقاول غشاً لرب العمل، وفى هذه الحالة يبقى المقاول ضامنا للعيب المدة القصيرة التى يقضى بها عرف الحرفه أو الصنعه، وذلك لأن العرف فى عقد المقاولة مكمل للقانون.
ومن المتفق عليه أن الأحكام السابقه ليست من النظام العام ومن ثم يجوز الاتفاق على ما يخالفها، فيجوز الاتفاق على تشديد ضمان المقاول أو تخفيفه اأو الإعفاء منه. ولكن لا يجوز الاتفاق على الإعفاء من الضمان إذا كان العيب راجعا إلى غش المقاول أو إلى خطأ جسيم منه.
ضمان المهندس المعمارى والمقاول لعيوب البناء:-
لا مراء أن الذى يطالب بالضمان هو رب العمل فى عقد المقاولة، على اعتبار كونه المصاب بالضرر من جراء تهدم البناء، أو ظهور عيوب فى المنشآت الثابتة من شأنه أن يتهدد سلامتها، فيرجع بالضمان على المهندس أو المقاول أو عليها متضامنين. ومفاد ذلك أنه يلزم لتحقيق الضمان وجود عقد مقاولة محل منشآت أو مبان ثابته، فالإخلال فى كل ذلك يجوز أن يتحقق في مقاولات الضمان، شريطة أن يكون البناء مستقرا ثابتا فى مكانه ولا يمكن نقله دون هدمه، ومن ثم، فتلك الأكشاك والمنازل التى يتم إنشائها بالألواح سابقه التجهيز أو الكرافانات والتى تكون قابلة للفك والتركيب وبالتالى للنقل من مكان لآخر لا تندرج فى مواد المنشآت، وبالطبع تخرج من ذلك النطاق كافة المنقولات كالسفن والعوامات والسيارات والناقلات ...الخ فهذه لا تعتبر منشآت إذ أنها ليست بعقارات. ولا تندرج ضمنها أعمال البياض، والزخرفة، والدهان، والملصقات، الورقية والديكور .. الخ، إذ أن هذه الأعمال ليس من شأنها تهديد سلامة البناء أو متانته.
ويلزم أن يكون العقد الواقع على المنشآت الثابتة هو عقد مقاولة بشروطه المتعارف عليها، فإذا خرج عن كونه عقد مقاولة سرت فى شأنه القواعد العامة، ويستوى فى ذلك إذا كان عقد المقاولة كونه مقدرا جزاما أو مقدرا بسعر الوحدة.
وتختلف مدة الضمان من دولة إلى أخرى، ففى البعض تكون عشر سنوات كما في قطر ومصر، والبعض الآخر خمس سنوات كما فى لبنان والعراق. وتسرى مدة الضمان من تاريخ تسليم المبانى لرب العمل، ويكون المدين بالضمان هو المهندس المعمارى والمقاول فى عقد المقاولة، فالمهندس المعمارى هو الذى يعهد إليه بوضع التصميمات والرسومات، وقد يعهد إليه للإشراف على تنفيذ الأعمال، ومراجعة حسابات المقاول، وصرف المبالغ المستحقة له، وإذا تعدد المهندسون المعماريون كان كل منهم ملتزما بالضمان فى حدود العمل الذى أُوكل إليه، وبالتالى قام به وباشره. وكذلك إذا تعدد المقاولون كان كل منهم ملتزم بالضمان فى حدود العمل الذى أُوكل إليه وبالتالى قام به وباشره. وإذا استخدم المقاول مساعدين يعاونوه فيما يقوم به من أعمال كان مسئولا عن أعمالهم، ويلتزم بضمان هذه الأعمال كما لو كان هو الذى باشرها بذاته.
وينتقل الضمان بانتقال العقار من رب العمل إلى خلفه من الورثه، أو إلى خلفه الخاص من المشترين أو الموهوب لهم إعمالا لنظرية الاستخلاف فى الحقوق والالتزامات، كما يجوز للمشترى الرجوع إلى بائع المنشأة مباشرة بضمان العيب، وحينئذ يكون لرب العمل (بائع المنشأة) الرجوع على المهندس والمقاول بالضمان. إلا أن رب العمل لا يكون دائنا بالضمان إذا كان مقاولا أصليا تعاقد مع مقاول من الباطن، وتسلم الاعمال من المقاول من الباطن، وبذلك لا يكون المقاول من الباطن ملتزما بالضمان نحو المقاول الأصلى أو رب العمل إلا بمقدار ما تقضى به القواعد العامة.
ولقيام المسئولية العشرية لا يشترط تهدم البناء كله أو بعضه، بل يكفى أن يظهر ثمة عيب يترتيب عليه الضمان، و يمكن أن يكون العيب نتيجة لعدم اتخإذ الإجراءات التى تمليها أصول صناعة البناء وحرفيتها. وسواء كان العيب قد لحق بالمواد المستحقه فى اإقامه المنشآت ، أو اتخذت أساليب لا تتفق مع أصول الفن والصناعه والحرفة، فالواجب لقيام الضمان توافر ما يلى:-
أ / كون العيب من الخطورة بحيث يهدد سلامة البناء أو متانته .
ب / كون العيب خفيا، فإذا كان ظاهرا بحيث يمكن اكتشافه بمجرد الفحص المعتاد وتسلم رب العمل للعمل محل عقد المقاولة دون اعتراض منه، يعتبر نزولا منه عن الضمان طالما كان التسليم نهائيا.
وبداهة إذا كان المهندس المعمارى قد اقتصر عمله على الرسومات والتصميمات فقط دون الإشراف على تنفيذ الاعمال بواسطة المقاول، فإنه يكون ملزما بالضمان عن العيوب التى تأتى من التصميم أو العيب الذى يظهر فى الرسم الهندسى .
اقتسام المسئولية بين المهندس والمقاول:-
يجب أن يراعى ما ينسب إلى كل منهما من خطأ، فإذا كان الخطأ هو خطأ المقاول وحده، كان المهندس متضامنا معه طالما كان هو الذى أشرف على التنفيذ. وإذا كان الخطأ هو خطأ المهندس، كما إذا كان الضرر يرجع إلى عيب فى الأرض وكان المهندس دون المقاول هو الذى يستطيع كشف العيب، رجع المقاول على المهندس بكل التعويض الذى حكم به عليه. أما إذا كان الضرر يرجع الى عيب فى المواد التى وردها المقاول وكان المهندسس مشرفا على التنفيذ، فمن حكم عليه بالتعويض كاملا يرجع على الآخر بنسبة جسامة خطئه، وفى هذه الحالة عادة يكون خطأ المقاول أكثر جسامة من المهندس، وقد يتساوى الخطأآن، فيتحمل كل منهما نصف التعويض .
المسئولية نحو الغير:-
أساس دعوى الضمان هو المسئولية العقدية فيما بين رب العمل من جهة، والمهندس أو المقاول من جهة اخرى. أما بالنسبة للغير فليست هنالك رابطة عقدية، ومن ثم إذا انهدم البناء وأصيب أحد المارة بضرر، كان للمصاب الرجوع بالتعويض على حارس البناء (رب العمل)، بموجب المسئولية التقصيرية الناجمة عن حراسة البناء وهى قائمة على خطأ مفترض. كما يمكن للمتضرر الرجوع بالتعويض أيضا على المقاول أو المهندس، ولكن بشرط أن يثبت فى جانب المسئول ثمة خطأ تقدم عليه المسئولية التقصيرية، وإذا رجع على رب العمل، كان لرب العمل الرجوع على المقاول والمهندس بدعوى الضمان بشرط أن يحصل التهدم خلال مدة الضمان.
وقد يكون المقاول أو المهندس مسئولا نحو الغير باعتباره حارس البناء على أساس خطأ مفترض، إذا كان البناء لازال تحت يد المقاول أو المهندس قبل تسليمه لرب العمل. وينتفى الالتزام بالضمان إذا اثبت المهندس او المقاول أن تهدم البناء أو وجود العيب يرجع إلى قوة قاهرة، وهو لا ينفى بذلك وجود الخطأ، ولكن ينفى علاقة السببية بين الخطأ والضرر. كما أن خطأ رب العمل ينفى علاقة السببيه، فلا يلتزم المهندس أو المقاول بالضمان.
مدى إمكانية الاتفاق على إعفاء المقاول أو المهندس من الضمان أو الحد منه:-
وفقا لنص المادة (259) من القانون القطرى يجوز الاتفاق على إعفاء المدين من أية مسئولية تترتب على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي أو على التأخير في تنفيذه، إلا ما ينشأ عن غشه أو خطئه الجسيم كما يجوز الاتفاق على إعفاء المدين من المسئولية عن الغش أو الخطأ الجسيم الذي يقع من أشخاص يستخدمهم في تنفيذ التزامه.
ولكن عبر الأحكام الخاصة بتنظيم مقاولات البناء والتشييد فقد نص القانون المدني القطري في المادة (711) أن يضمن المقاول والمهندس متضامنين ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم أو خلل كلي أو جزئي فيما شيداه من مبان أو أقاماه من منشآت ثابتة، وذلك ولو كان التهدم أو الخلل ناشئاً عن عيب في الأرض ذاتها، أو كان رب العمل قد أجاز المباني أو المنشآت المعيبة، ويشمل هذا الضمان ما يظهر في المباني أو المنشآت من عيوب يترتب عليها تهديد متانتها وسلامتها وإذا قصد المتعاقدان أن تبقى المباني أو المنشآت مدة أقل من عشر سنوات سرى الضمان خلال المدة الأقل، وتبدأ المدة في جميع الأحوال من تاريخ تسلم العمل
وبموجب نص المادة (715) كل شرط يقصد به إعفاء المهندس أو المقاول من الضمان أو الحد منه يكون باطلاً.
ولكن ليس هنالك ما يحول قانونا دون تشديد الضمان على اعتبار أن اشتراط المشرع الضمان إنما قصد به حماية رب العمل، فيجوز الاتفاق على اشتراط الضمان لمدة تزيد عن عشر سنوات بحسب جسامة المنشآت. كما يجوز الاتفاق على قيام الضمان واشتمال العيوب الظاهرة لمدة عشر سنوات أو أقل أو أكثر، بل يجوز الاتفاق على ضمان المهندس أو المقاول للقوة القاهرة.
وإذا كان بموجب القانون أنه من غير الجائز نزول رب العمل عن الضمان فى اتفاق سابق على تحقق سبب الضمان، فإنه بعد تحققه وبعد ثبوت حقه فى الضمان، أن ينزل عنه كله أو بعضه نزولا صريحا أو ضمنيا. إذ يعتبر ضمان المقاول أو المهندس واحكامة من النظام العام، ومن ثم لا يجوز الاتفاق على محوها أو التخفيف عنها. وتسلم العمل من المقاول أو المهندس لا يعفى من الضمان إلا عن العيوب الظاهرة، أما العيوب الخفية فلايجوز الإعفاء عنها .
ثانيا : التزامات رب العمل
يستتبع عقد المقاولة التزام رب العمل بعدة التزامات أهمها:-
اولا : التزام رب العمل بالتيسير على المقاول لتمكينه من إنجاز العمل محل عقد المقاولة.
ثانيا : التزام رب العمل باستلام الأعمال محل عقد المقاولة.
ثالثا : التزام رب العمل بسداد اجر المقاول.
أولاً : التزام رب العمل بتسير مهمة المقاول وتمكينه من انجاز العمل المعهود إليه:-
وهو الالتزام الأول الذى يقع على عاتق رب العمل، وذلك ببذل كل ما فى وسعة لتيسير مهمة المقاول، وبالتالى تمكينه فعلا ووفقا فى البدء فى تنفيذ العمل محل عقد المقاولة. فعلى رب العمل إعداد الرسومات والبيانات والمواصفات الملزم بها، واستخراج تراخيص البناء وكافة التراخيص الإدارية الأخرى، والحصول عليها وتقديمها للمقاول فى الميعاد المناسب دون ابطاء، وذلك حتى لا يتأخر المقاول فى اتخإذ الاجراءات التنفيذية الفعلية لتنفيذ العمل محل عقد المقاولة. وإذا كان رب العمل ملزما بتوفير كافة المواد التى تستخدم فى التنفيذ والآليات، فهو ملزم بتوفيرها بذات القدر.
كما يلزم رب العمل أيضا بإنهاء وتصفية كافة النزاعات التى قد تثور بينه وبين جيرانه بشأن حقوق الارتفاق، أو المرور، أو غيرها، والتى عساها تتصل بحقوق جيرانه بشأن المبانى المزمع إقامتها، وتسليم موقع العمل كاملا للمقاول.
ولا شك فى أن عدم قيام رب العمل بالتزاماته المتفق عليها فى عقد المقاولة يستتبع إمكانية طلب المقاول التنفيذ العيني، كأن يستحضر على نفقة رب العمل المواد والمعدات اللازمة لانجاز الأعمال محل العقد، وذلك بعد الرجوع للقضاء. ويجوز للمقاول طلب التعويض فى كافة الحالات عن الضرر الذى عساه يكون قد لحق به من جراء عدم قيام رب العمل بالتزاماته أو حال تأخره فى القيام بها. كما للمقاول طلب فسخ عقد المقاولة مع التعويض إن كان له مقتضى، وللقضاء تقدير هذا الطلب، فإذا انتهى إلى ثمة مبرر له، قضت بفسخ العقد مع التعويض وإلا أمهل رب العمل حتى يقوم بالتنفيذ.
ثانيا : التزام رب العمل باستلام الاعمال محل العقد بعد انجازها:-
يلتزم رب العمل بتسلم العمل محل عقد المقاولة بعد انجازه، وهذا التسلم يعنى الاستيلاء بمعرفة رب العمل على العمل محل العقد عقب أن يضعه المقاول تحت تصرفه حيث ينعدم العائق من الاستيلاء عليه من جهة، ومن جهة أخرى يتقبله رب العمل ويوافق عليه ويعتمد فحصه ومعاينته للتأكد من مطابقته للشروط المتفق عليها أو لأصول المهنة والصناعة المتعارف عليها.
على أن التزام رب العمل بتسلم محل العقد بعد انجازه، يستوجب كون العمل موافقا للشروط الموضوعة، فإذا لم تكن هنالك شروط سبق الاتفاق عليها أو كانت الشروط غير كاملة، فالمرجع هو ما تقتضى به أصول الفن والصناعة تبعا لنوع العمل فى عقد المقاولة حيث يتم إعمالها حال الشروط غير المتفق عليها أو تكملتها حال كونها ناقصة.
ويجوز لكل طرف الطلب من المحكمة إثبات حالة محل العقد، وذلك إذا ثار خلاف حول موافقة المحل لشروط محل العقد المنصوص عليها بعقد المقاولة، ومن ثم رفع الأمر للقضاء مع طلب ندب خبير على نفقة الطالب لاجراء المعاينة على الطبيعة وفحص مدى تحقق الشروط المتفق عليها موضوع عقد المقاولة من عدمه، وحالة البناء وخلافه، لحين أن يصدر القضاء حكمه تبعا لما ينتهى إليه تقرير الخبير وظروف الدعوى وملابساتها.
ويجب أن تكون المخالفات المانعه لرب العمل من تسلم العمل من المقاول، مخالفات للشروط أو لأصول الفن والصناعة تبلغ حدا كبيرا من الجسامة بحيث تحول دون التسلم وتتضمن الإجحاف، وبالتالى لا يجوز عدلا الزامه بالتسلم خاصة إذا كان العمل الذى تم انجازه موضوع عقد المقاولة غير صالح للغرض المقصود منه. أما إذا كانت المخالفه لم تبلغ هذا الحد من الجسامة، أضحى لزاما على رب العمل تسلم العمل، وفقط يكون له الحق فى طلب تخفيض قيمه المقاولة بما يتناسب مع ماهية المخالفة وطبيعتها، أو فى طلب التعويض عن الضرر الذى لحق به من جراء تلك المخالفات.
وأإزاء كافة الافتراضات المشار إليها يجوز للمقاول أن يسارع إلى إصلاح العمل طالما كان عليه إصلاحه فى مدة مناسبة، أو يجوز لرب العمل إلزام المقاول بذلك الإصلاح طالما كان لا يتكلف نفقات باهظة.
مكان وزمان التسليم والتسلم :-
يكون التسلم فى الميعاد المتفق عليه أو الميعاد المعقول لإنجاز العمل تبعا لطبيعته وعرف المهنة والحرفة. ويلتزم رب العمل بالتسلم والتقبل حال تمام المقاول للعمل المنوط به أوانه، ووضعه تحت تصرف رب العمل.
وبالطبع يكون مكان التسلم فى مكان التسليم – والتسليم يكون فى المكان المتفق عليه. فإذا لم يكن هناك اتفاق ففى المكان الذى يحدده عرف المهنة او الصنعة او الحرفة. ففى العقارات يكون التسليم والتسلم عادة فى مكان العقار، ويكون التسلم باستيلاء رب العمل عليه وفقا لطبيعته.
ويستتبع التسلم والتقبل عدة نتائج أهمها :-
1. انتقال ملكية الشىء موضوع ومحل عقد المقاولة إلى رب العمل من لحظة التقبل.
2. التزام رب العمل بدفع الأجر طالما تم تقبل العمل، إلا إذا كان الاتفاق أو العرف يقضيان بغير ذلك.
3. انتقال تبعة العمل من عاتق المقاول إلى عاتق رب العمل من لحظة التقبل، ومن ثم يكون المقاول غير ضامن للعيوب الظاهرة التى كان بالإمكان اكتشافها لحظة التسلم.
ومتى اأتم المقاول العمل محل عقد المقاولة ووضعه تحت تصرف رب العمل وجب على رب العمل أن يبادر إلى تسلمه فى أقرب وقت ممكن، فإذا امتنع دون سبب مشروع عن التسلم وجب على المقاول إعذار رب العمل باإنذار رسمى، فإذا تباطأ الأخير فى معاينة العمل استعدادا لتسلمه وبالتالى تقبله فى الميعاد الوارد بالإنذار الرسمى المرسل له، اعتبر رب العمل قد تسلم العمل حكما، ويترتب على ذلك كافة النتائج التى تترتب على التسلم الحقيقى من انتقال الملكية، واستحقاق دفع الأجر، وانتقال تحمل التبعية إلى رب العمل، وتبرأ ذمة المقاول من العيوب الظاهرة.
ثالثا : التزام رب العمل بسداد أجر المقاول:-
لابد من وجود الأجر فى عقد المقاولة وإلا أضحى من عقود التبرع، إلا أنه ليس هنالك ما يحول دون قيام عقد المقاولة دون أن يتضمن الأجر ذاته، أو ألا يكون هناك ثمة اتفاق صريح على مقدار الأجر، وحينها سوف يتولى القانون (القضاء) مقدار تحديد هذا الأجر. ويتعين مقدار الأجر بين المقاول ورب العمل عادة عبر عنصرين هما:-
أ / قيمه العمل الذى باشر المقاول تنفيذه.
ب / ما تكبده المقاول من نفقات فى سبيل انجاز العمل.
وذلك مع الاسترشاد بالعرف التجارى وما جرى عليه الأمر فى الصنعة فى تحديد قيمة العمل. كما أن للمقاول الحق فى تقاضى فوائد عن الجزء من الأجر المقابل للعمارة التي قدمها من وقت إعذار رب العمل بدفع الأجر المستحق وفوائده. ومن ثم توابع الأجر الإكراميات التى يعد بها رب العمل المقاول أو الصانع بالإضافة إلى الأجر في حال الإسراع والتعجيل بالتنفيذ.
كما يجوز تعديل الاجر المتفق عليه بين المقاول ورب العمل دون حاجه لاتفاق الطرفين وذلك بالزيادة أو النقصان فى الأحوال الآتية :-
أ / حالة الاتفاق على أجر بموجب مقايسة أساس الوحدة:
وفى حال أن يتبين للمقاول اثناء تنفيذ العمل أنه من الضرورى تنفيذ التصميم المتفق عليه أن يخطر فى الحال رب العمل بمجاوزة المقايسه تجاوزا محسوسا، مبينا مقدار ما يتوقعه من زيادة فى الثمن فإن لم يفعل سقط حقه فى استرداد ما جاوز به قيمة المقايسة، وكان لرب العمل الخيار بين:
1/ التقيد بعقد المقاولة بأن يطلب من المقاول إتمام العمل وفى هذه الحالة يزيد الأجر بما يتناسب مع الزيادة الجسيمة.
2/ التحلل من المقاول بأن يطلب من المقاول وقف العمل، على أن يكون ذلك الطلب دون إبطاء، مع دفع قيمة ما تم إنجازه فعلا من أعمال أو خدمات.
ب / حالة الاتفاق أجر اجمالى لتنفيذ المقاول لتصميم معين:-
إذا ابرم العقد بأجر اجمالى على أساس لتصميم اتفق عليه مع رب العمل فليس للمقاول أن يطالب بأية زيادة فى الأجر ولو حدث فى التصميم تعديل أو أضافه ألا يكون ذلك راجعا إلى خطأ من رب العمل أو يكون مأذونا به. وليس للمقاول إذا ارتفعت أسعار المواد الأوليه أو أجور الأيدى العامله أو غيرها من التكاليف أن يستند إلى ذلك ليطلب زيادة أجره وفقا لنص المادة (700) من القانون المدني القطري.
صرف إستحقاقات المقاول في مواعيدها: -
المقاول عندما يقبل على الإشتراك في المناقصة إنما يهدف أصلاً إلى تحقيق الربح، ولولا هذا المقابل الذي يعتبر ركناً أساسياً في هذا العقد لما حصل أي تنافس على المناقصة، ولا أقبل أي فرد أو أية مؤسسة على التعاقد مع رب العمل. وعادة ما تقتضي طبيعة المشروع الإنشائي تنفيذ الأعمال على مراحل حسب برنامج العمل من خلال المدة المحددة بالعقد، وهذا يتطلب أن يتم دفع المقابل على مراحل يطلق عليها "دفعات". وهي تنظم بموجب كشوفات شهرية على نموذج محدد يقرره المهندس ويمثل هذا الكشف مرحلة إنجاز معينة من مراحل المشروع. وينص العقد على حد أدنى لقيمة الدفعة المقدّمة للصرف، بحيث لا يجوز أن يقل صرف الدفعة عن هذا الحد . ويجب أن يصدّق المهندس على القيمة المطلوبة بالكشف، ويقرّ بأنها تمثل العمل المنجز، وأن هذا العمل ضمن البرنامج المقدّم أصلاً من المقاول.
وبعد تصديق المهندس على الكشف، يقوم برفع المطالبة المالية لصاحب العمل، الذي يلتزم بدوره بصرف هذه القيمة بإصدار شك بإسم الشركة المنفّذة، أو باسم المفوض الذي يحدد مسبقاً. وتختلف مواعيد صرف الدفعات باختلاف طبيعة تلك الدفعات ونوعية تمويل المشروع وشروط التعاقد، فالكشف (الفاتورة – المطالبة) يقدم عادة شهرياً بعد المصادقة عليه. ويلتزم رب العمل بالنسبة للدفعات العادية بصرف قيمتها عادة خلال (30) يوماً، أما بالنسبة للدفعة النهائية فتصرف عادة خلال (30) يوماً. أما في المشاريع الممولة بقروض من مؤسسات التمويل فيتم الصرف عادة خلال (45) يوماً.
وتعد الدفعات الشهرية بمثابة شريان الحياة للمشروع، وتهدف إلى تسهيل ثلاث غايات:
1. تسهيل أعمال المقاول من خلال إيجاد السيولة النقدية بين يديه.
2. الإسراع في إنجاز باقي المراحل.
3. الحرص على مساعدة المقاول لتسلم الأعمال في موعدها المحدد بالعقد.
ويترتب على تأخير صرف الدفعات عدة نتائج تتمثل أهمها فيما يلي:-
- التأخر في إنجاز العمل عن موعده المحدد بالعقد.
- تأخير تحقيق الفوائد المرجوة من المشروع، سواء كانت إجتماعية أو اقتصادية أو علمية أو سياسية أو غيرها.
- منح مدد إضافية عن تأخير صرف الدفعة، وهي في هذه الحالة من المدد المبررة.
- دفع قيمة الفوائد المترتبة على التأخير.
- صرف قيمة الدفعة في نهاية الأمر كما هي، مضافاً إليها قيمة الفوائد المستحقة على التأخير، وبالتالي لا ينال رب العمل إلا مزيداً من الخسائر المؤثرة والسلبيات الأخرى المتعددة الجوانب.
فإذا كان على المقاول أن يلتزم بمدة العقد وإنجاز الأعمال بدقة، متقيداً بكافة الشروط المطلوبة منه، وألا يخالف ذلك لئلا توقع عليه غرامات التأخير والتعويضات الأخرى، فإن على رب العمل أن يلتزم هو أيضاً بالمدد المقررة والمحددة لصرف قيمة الفواتير، تحقيقاً للمصلحة المشتركة وحفاظاً على الانتهاء من المشروع في الوقت المحدد تعاقديا. فكلُ من الطرفين يعتبر مخلاً بضمانات المشروع عند تأخره، لأنه سوف يلحق خسارة، ويفوت ربحاً، ويعطل تحقيق الغايات الجوهرية لهذا المشروع.
ويترتب على تمام عقد المقاولة وإنهاء العمل محل العقد الوفاء بالأجر نهائيا. على أن دفع الأجرة عند تسلم العمل مشروط فيه أن يكون محل العقد قد تم طبقا للمواصفات والشروط المتفق عليها ولأصول الفن والصناعه لهذا النوع من العمل.
ولرب العمل الحق فى حبس الأجر حتى اتمام المقاول إصلاح كافه العيوب التى شابت العمل بعد نهايته. وكذلك يجوز لرب العمل الامتناع عن دفع الأجر رغم حلول الميعاد المتفق عليه للدفع إذا كان المقاول قد تأخر فى تسليم العمل المنوط به تنفيذه فى خلال الفتره المعنيه.
مكان دفع الأجر :-
سابعا: إنتهاء عقد المقاولة وزواله
تتعدد أسباب زوال وانتهاء عقد المقاول ومنها:-
أولا : الانتهاء المعتاد بتنفيذ عقد المقاولة.
ثانيا : زوال عقد المقاولة قبل التنفيذ.
ثالثا : تحلل رب العمل من ذات عقد المقاولة.
رابعا : وفاة المقاول .
اولا : الانتهاء المعتاد لعقد المقاولة :
لاشك أن تنفيذ عقد المقاولة يستتبع الانتهاء المعتاد منه حيث ينفذ رب العمل التزاماته التى اوردناها سابقا، كما ينفذ المقاول التزاماته والتى ايضا فصلناها سابقا، فإذا تحقق ذلك فلا يبقى إلا التزام المقاول بضمان عيوب الصنعة والعيوب الخفية فى المادة التى قدمها.
والمدة فى عقد المقاولة تعد عنصرا أساسيا، وذلك إذا اقترن عقد المقاولة بمدة معينة يتم انجاز العمل خلالها، وهكذا تضحى المدة عنصرا أساسيا فى عقد المقاولة بحيث تجعلها عقدا زمنيا. فيكون الزمن عنصرا جوهرياً فى عقد المقاولة، ومن ثم يزول وينتهى بانقضاء المدة المتفق عليها.
ثانيا زوال عقد المقاولة قبل التنفيذ:-
قد ينتهى عقد المقاولة قبل تنفيذه انتهاء غير مألوفا، ومن أسباب انتهاء عقد المقاولة قبل تنفيذه هى استحالة التنفيذ، الفسخ، التقايل.
فإذا اأثبت المقاول أن العمل الذى عَهَد به إليه رب العمل قد أصبح مستحيلا بسبب أجنبى، وبالتالي ينفسخ العقد.
أما فى حالة الاستحالة التى مرجعها المقاول، فيجوز لرب العمل أن يطلب فسخ العقد مع التعويض، إذا كان له مقتضى. أو أن يطلب التنفيذ عن طريق التعويض لاستحالة التنفيذ العينى. أما إذا كانت الاستحاله بسبب من رب العمل، فيكون فى حكم من تحلل العقد بإرادته المنفردة، فيجوز للمقاول أن يطلب التعويض إن كان له مقتضى. ولا يعتبر إفلاس أحد الطرفين قوه قاهرة تمنع تنفيذ العمل، فيجوز لحين التفليسة تنفيذ العقد، وإذا امتنع أمين التفليسة عن تنفيذ العقد جاز للطرف الآخر أن يطلب فسخ العقد مع التعويض، وإذا أفلس المقاول وكان هو الذى قدم المادة التى استخدمها فى العمل ولم يتم العمل قبل الافلاس، فإنها تبقى ملكاً للمقاول، ولا يجوز لرب العمل أن يستردها من التفليسة حتى ولو كان دفع الأجر كله مقدما.
زوال عقد المقاولة بالفسخ والتقابل:
لا شك أن الفسخ كالانفساخ، يستتبع إنهاء وزوال عقد المقاولة قبل التنفيذ، ويجوز طلب فسخ عقد المقاولة إذا أخل أحد المتعاقدين بتنفيذ التزاماته، وفقا للقواعد المقررة فى فسخ العقود الملزمة للجانبين. فإذا أخل المقاول بأحد التزاماته، جاز لرب العمل أن يطلب فسخ العقد، فإذا أجيب إلى طلبه فسخ عقد المقاولة، واعتبر كأن لم يكن كذلك إذا أخل رب العمل بأحد التزاماته، جاز للمقاول أيضا طلب فسخ العقد. والحكم بفسخ عقد المقاولة ينبني عليه انحلاله واعتباره كأن لم يكن.
كما ينتهى عقد المقاولة قبل تنفيذه بالتقايل، حيث يتفق المقاول ورب العمل على أن يتحلحل كل منهما من العقد بإرادتهما المشتركه، فكما انعقدت المقاولة بتراضى الطرفين فإنها تنتهى كذلك بتراضيهما. ويغلب أن يسوى المتعاقدان الحساب فيما بينهما باتفاق يضمنانه التقايل.
ثالثا: تحلل رب العمل من عقد المقاولة بإرادته المنفردة:
المادة (707) من القانون أجازت لرب العمل أن يتحلل بإرادته المنفردة من عقد المقاولة، وهو عقد ملزم له، وهو مبدأ يخرج عن القواعد العامة ويتعارض مع القاعدة العامة (العقد شريعة المتعاقدين فلايجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاق الطرفين). ولم يجيز القانون للمقاول أن يتحلل من عقد المقاولة بإرادته المنفردة، بل جعل لرب العمل الحق فى إجبار المقاول على التنفيذ العينى دون أن يقتصر على التنفيذ بطريق التعويض، إلا أن القانون قد أورد شروط إمكانية التحلل من عقد المقاولة بإرادة رب العمل المنفردة وهى:
1-عدم تمام العمل محل عقد المقاولة: فإذا كان العمل محل العقد قد تم، ولم يعد هناك ثمة فائدة من إمكان التحلل من عقد المقاولة، لأن رب العمل إذ ذاك يلتزم بدفع الأجر كاملا على سبيل التعويض له. ويثبت الحق فى التحلل من المقاول منذ إبرام العقد، حتى ولو لم يبدأ العمل. بل إن التحلل قبل البدء فى العمل أيسر على رب العمل على اعتبار أن التعويض المستحق للمقاول سوف يكون أقل. ويبقى الحق فى التحلل قائما حتى البدء فى العمل والمضى فيه إلى ما قبل اتمامه. فإذا أتمه المقاول وأعذر رب العمل بتسلمه، انقطع بالطبع حق رب العمل فى التحلل من المقاولة بعد هذا الإعذار.
2-كون أن الطرف الذى يتحلل من عقد المقاولة هو رب العمل: فالمقاول ليس له الحق فى التحلل من عقد المقاولة بارادته المنفرده، بل يبقى ملزما بتنفيذه حتى النهاية ويجوز لرب العمل اجباره على التنفيذ العينى دون أن يقتصر على مطالبة بالتعويض. إذ أن رب العمل لم يبرم عقد المقاولة إلا للحصول على هذا التنفيذ. وعلى ذلك فرب العمل هو وحده الذى يملك الحق فى التحلل من العقد، فى مواجهة المقاول أو ورثته، وهو حق شخصى متروك لمحض تقديره ولا يجوز لدائنه استعماله باسمه. ومع ذلك فهو حق ينتقل من رب العمل إلى الخلف العام والخلف الخاص، فلورثة رب العمل بعد موته استعمال هذا الحق. وكذلك للمتنازل له عن المقاولة فى استعمال حق التحلل من هذا العقد.
3-أن يكون تحلل رب العمل من المقاولة راجعا إلى مشيئته هو لا إلى خطأ المقاول: فالمقاول إذا ارتكب ثمة خطأ، فسبيل رب العمل ليس التحلل من المقاولة بل طلب فسخها إذا كان هذا الخطأ يبرر الفسخ، وفى هذه الحاله يكون المقاول هو المسئول عن تعويض رب العمل عن الضرر الذى أصابه بسبب الفسخ، ولا يرجع المقاول على رب العمل بالتعويض الكامل، كما لو أن رب العمل تحلل بإرادته المنفردة، بل يرجع عليه بمبدأ الاثراء بلا سبب. فضلا عن أن رب العمل يجوز له فى حالة خطأ المقاول، أن يطلب التنفيذ العينى، فيجبر المقاول على إصلاح خطأه عينا مع المضى فى التنفيذ، إلى جانب تعويض رب العمل عن الضرر الذى أصابه بسبب الخطأ.
4-عدم اشتراط المقاول على رب العمل عدم جواز التحلل من العقد: ولما كان حق رب العمل فى التحلل من العقد ليس من النظام العام، فإنه يجوز الاتفاق على ما يخالف هذه القاعده، أى يجوز الاتفاق على عدم جواز تحلل رب العمل من العقد، وفى هذه الحاله لا يجوز له التحلل بارادته المنفرده، بل يستطيع المقاول أن يلزمه بالمضى فى تنفيذ المقاولة إلى أن يتم جميع مراحلها، كما يجوز الاتفاق أيضا على أن يكون لرب العمل التحلل من المقاولة دون التزام بدفع أى تعويض للمقاول، أو دون أن يدفع تعويضا كاملا. وإذا توافرت الشروط السابقه، كان لرب العمل أن يتحلل من المقاولة بارادته المنفرده، ويستوى فى ذلك أن كانت المقاولة بأجر إجمالى جزائى أو مقدرة بسعر الوحدة. ويستوى أيضا أن يكون التحلل من عقد المقاولة أو من عقد مقاولة من الباطن، فيجوز للمقاول الأصلى، باعتباره رب العمل، أن يتحلل من المقاولة من الباطن قبل اتمام العمل. ولا فرق بين إذا ما كان رب العمل هو الذى قدم المواد التى تستخدم فى تنفيذ محل عقد المقاولة، أو إذا كان قدمها المقاول، فى ثبوت حق رب العمل فى التحلل من المقاولة، فإذا كان المقاول هو من قدم المواد، فيثبت له الحق فى المطالبة بالتعويض عنها بعد أن يسلمها لرب العمل، فإن احتفظ بها المقاول فلا يتقاضى عنها تعويضا حينئذ.
غير أنه إذا ثبت أن رب العمل قد تعسف فى استعمال حقه فى التحلل من عقد المقاولة، كأن قصد من وراء هذا التحلل أن ينال من سمعه المقاول الأدبية، جاز للمقاول أن يرجع على رب العمل بالتعويض طبقا للقواعد المقررة فى التعسف فى استعمال الحق.
كما يقع التحلل من عقد المقاولة باخطار يصدر من رب العمل يوجه إلى المقاول يتضمن رغبته فى التحلل من عقد المقاولة. ويجوز أن يكون شفاهة، إلا أن عبء إثبات هذا الاخطار يقع على عاتق رب العمل.
يستتبع إخطار رب العمل للمقاول بالتحلل من عقد المقاولة نتائجا أهمها:-
1-انتهاء عقد المقاولة، فيضحى رب العمل غير ملزم بدفع الأجر، والمقاول غير ملزم بانجاز العمل محل عقد المقاولة.
2-التزام رب العمل بتعويض المقاول عن جميع ما أنفقه من مصرفات، وما أنجزه من أعمال، وما كان يستطيع كسبه لو أنه أتم العمل، وعما عسى أن يكون قد أصابه من ضرر أدى من جرائه منعه من إتمام العمل.
رابعا : وفاة المقاول:
لا شك بانقضاء عقد المقاولة حال وفاة المقاول، إذا كانت مؤهلات الشخصية محل اعتبار شخصى فى التعاقد، فإذا لم تكن محل اعتبار فلا ينتهى العقد من تلقاء نفسه، ولايجوز لرب العمل فسخه الا فى حالات محددة نتناولها لاحقا. ويلحق بوفاة المقاول حالة صيرورته عاجزا عن إتمام العمل محل عقد المقاولة بسبب لا يد له فيه، فإن المقاولة تنفسخ بموته، ويضحى العجز شأنه شأن الموت.
حالة كون مؤهلات المقاول الشخصية ليست محل اعتبار لدى رب العمل، فإذا لم تتوافر فى ورثة المقاول الضمانات الكافية لحسن تنفيذ العمل، ففى هذه الحالة لا ينفسخ العقد من تلقاء نفسه، ولكن يمكن لرب العمل طلب فسخه. وللقاضى تقدير ذلك، أما إذا أصر رب العمل على ورثة المقاول تنفيذ العمل ولم يكن بين الورثة من يحترف حرفة مورثهم، جاز لهم أن يطلبوا فسخ العقد، وللمحكمة تقدير ذلك الطلب، فتحكم به أو ترفضه. أما إذا توافرت فى ورثة المقاول الضمانات الكافية لحسن تنفيذ العمل، ففى هذه الحالة لا يمكن أن يجاب طلب الفسخ القائم، لا من رب العمل ولا من ورثة المقاول، ومن ثم يبقى عقد المقاولة قائما بالرغم من موت المقاول. ويبقى الورثة ملزمين بالمضى فى العمل حتى تمام انجازه حيث تنتقل إليهم حقوق مورثهم والتزاماته، ولكن هذا لا يمنع حق رب العمل فى التحلل من العقد بارادته المنفردة .
وفاة رب العمل:
ولما كانت فى العادة شخصية رب العمل محل اعتبار فى التعاقد فإن وفاة رب العمل لا تنهى التعاقد، بل يبقى العقد قائما بين ورثة رب العمل والمقاول قائما بكامل حقوقه والتزاماته، ويبقى لورثة رب العمل الحق فى التحلل من عقد المقاولة بإرادتهم المنفردة، على أن يعوضوا المقاول من أموال التركة عن جميع ما أنفقه من مصروفات، وتكاليف ما أنجزه من أعمال، وما كان يستطيع كسبه لو أنه أتم العمل.
[1] (http://arabconstructionlaw.com/index.php?action=pages&id=22#_ftnref1) د. أحمد عبد العال أبو قرين: المرجع السابق، ص 8
[2] (http://arabconstructionlaw.com/index.php?action=pages&id=22#_ftnref2) د. أحمد عبد العال أبو قرين : الأحكام العامة لعقد المقاولة، دار النهضة العربية، الطبعة الأولى،2003،ص 16
[3] (http://arabconstructionlaw.com/index.php?action=pages&id=22#_ftnref3) د. عبد الرزاق حسين يسن: المسئولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء، بدون، الطبعة الأولى ، 1987،ص104
[4] (http://arabconstructionlaw.com/index.php?action=pages&id=22#_ftnref4) د. أحمد عبد العال أبو قرين: مرجع سابق، ص 17
[5] (http://arabconstructionlaw.com/index.php?action=pages&id=22#_ftnref5) د. سمير عبدالسميع الأودن: مرجع سابق ، ص 18
[6] (http://arabconstructionlaw.com/index.php?action=pages&id=22#_ftnref6) د. سمير عبدالسميع الأودن: مرجع سابق ، ص 22
[7] (http://arabconstructionlaw.com/index.php?action=pages&id=22#_ftnref7) د. محمد لبيب شنب : شرح أحكام عقد المقاولة في ضوء الفقه والقضاء، منشأة المعارف بالإسكندرية، الطبعة الثانية، 2004، ص 34
موضوع جيد وشكرا للكاتب