محمد ابراهيم البادي
05-12-2011, 11:38 AM
كل يوم
هل هو اقتصاد وطني؟
المصدر: سامي الريامي (http://theuaelaw.com/1.175) - الامارات اليوم - التاريخ: 12 مايو 2011
http://cdn-wac.emaratalyoum.com/polopoly_fs/1.53287.1269351388!/image/1314659825.jpg
توجهات الحكومة الأخيرة بشأن معالجة خلل التركيبة الاقتصادية، من خلال ضبط سوق العمل، ووضع محددات رئيسة لتنظيم العمالة في مجالات القطاع الخاص بشكل عام، وقطاع الإنشاءات على جه الخصوص، والتوجه نحو التقليل من العمالة الماهرة وغير الماهرة، وفق شروط وضوابط واضحة، تهدف إلى معالجة تشوهات كثيرة في البنية الاقتصادية والاجتماعية، لاقت ترحيباً شعبياً كبيراً، فالمسألة أصبحت مسألة وجود ومستقبل أجيال.
لكن هناك فئات من أصحاب المال والأعمال، وأصحاب شركات ضخمة وطنية وغير وطنية، ليسوا على قناعة تامة بالتوجهات الجديدة، إنها حقيقة ملموسة، وعدم قناعتهم نابع من أمر أساسي واحد، هو التخوف من أن تشكل القرارات والتوجهات لحل مشكلة التركيبة خطراً على معدلات الأرباح المالية السنوية التي تجنيها تلك الشركات الضخمة، بعد أن تجد نفسها مطالبة بالتريث في تعيين العمالة الماهرة، والبحث عن المواطنين، وتقليل العمالة غير الماهرة، والاعتماد على السوق المحلية في توفير هذه العمالة.
وقبل أن نتساءل عن مشروعية تفكير هذه الشركات والمؤسسات الخاصة، العالمية أو الوطنية، ولنركز على الوطنية منها في اختزال كل شيء في مصلحتها الربحية الخاصة فقط، هل لنا أن نسألها أولاً: هل هي بالفعل وطنية؟ وأين الوطنية في ذلك؟ وكيف يمكن أن تثبت لنا أنها رافد حقيقي في الاقتصاد الوطني للدولة؟!
الواقع الاقتصادي يقول إن تلك الشركات، والتعميم هنا لا يعني الجمع بقدر ما يعني الأغلبية العظمى، لا علاقة لها بالاقتصاد الوطني نهائياً، وهي ليست رافداً مفيداً له، فهي لم تقدم لهذا الاقتصاد أي شيء، كما أنها لم تقدم للمجتمع ومسؤوليتها تجاهه إلا ما ندر، فلا علاقة للشركات الكبرى والقطاع الخاص بتحمل مسؤولية التوطين، وأكثر من 95٪ من العاملين في القطاعات الاقتصادية المختلفة من القطاع الخاص، ليسوا من أهل البلد، كما لا تسهم تلك الشركات في دفع ضرائب ممكن أن تستفيد منها الحكومة أو تذوب تلقائياً في عجلة ودورة الاقتصاد، وفي الوقت نفسه تستنزف هذه الشركات من خلال العاملين فيها الخدمات العامة التي تنشئها الدولة كافة.
ليس تحاملاً، لكنها حقيقة، فمثل هذا الوضع لا يطلق عليه أبداً اقتصاداً وطنياً، بل هو معروف عند أهل الاقتصاد باسم « الاقتصاد الريعي »، وفيه تعتمد شركات القطاع الخاص على الدولة في كل شيء، فتصبح كالرضيع الذي لا يفارق صدر أمه، لكن الرضيع يفطم خلال عامين، في حين شركات القطاع الخاص في الدولة مازالت تمارس دور الرضيع لأكثر من 40 عاماً، وكل ذلك لمجرد أن مالكها تاجر مواطن، في حين يجر وراءه جيوشاً من العاملين والموظفين الأجانب وعائلاتهم!
لسنا ضد ربحية شركات القطاع الخاص، والحكومة ليست في تضاد مع رجال الأعمال وكبار التجار، كما لا نطالب أبداً بالتضييق عليهم، بل على العكس من ذلك، لكن يجب أن يفهم الجميع أن مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، والأهم أن التوجه نحو علاج تشوهات سوق العمل وخلل التركيبة، الذي حددته الحكومة، أصبح توجهاً جاداً لا مجال إلا لتطبيقه بالوجه الأكمل، لأنها مصلحة وطنية عليا.
هل هو اقتصاد وطني؟
المصدر: سامي الريامي (http://theuaelaw.com/1.175) - الامارات اليوم - التاريخ: 12 مايو 2011
http://cdn-wac.emaratalyoum.com/polopoly_fs/1.53287.1269351388!/image/1314659825.jpg
توجهات الحكومة الأخيرة بشأن معالجة خلل التركيبة الاقتصادية، من خلال ضبط سوق العمل، ووضع محددات رئيسة لتنظيم العمالة في مجالات القطاع الخاص بشكل عام، وقطاع الإنشاءات على جه الخصوص، والتوجه نحو التقليل من العمالة الماهرة وغير الماهرة، وفق شروط وضوابط واضحة، تهدف إلى معالجة تشوهات كثيرة في البنية الاقتصادية والاجتماعية، لاقت ترحيباً شعبياً كبيراً، فالمسألة أصبحت مسألة وجود ومستقبل أجيال.
لكن هناك فئات من أصحاب المال والأعمال، وأصحاب شركات ضخمة وطنية وغير وطنية، ليسوا على قناعة تامة بالتوجهات الجديدة، إنها حقيقة ملموسة، وعدم قناعتهم نابع من أمر أساسي واحد، هو التخوف من أن تشكل القرارات والتوجهات لحل مشكلة التركيبة خطراً على معدلات الأرباح المالية السنوية التي تجنيها تلك الشركات الضخمة، بعد أن تجد نفسها مطالبة بالتريث في تعيين العمالة الماهرة، والبحث عن المواطنين، وتقليل العمالة غير الماهرة، والاعتماد على السوق المحلية في توفير هذه العمالة.
وقبل أن نتساءل عن مشروعية تفكير هذه الشركات والمؤسسات الخاصة، العالمية أو الوطنية، ولنركز على الوطنية منها في اختزال كل شيء في مصلحتها الربحية الخاصة فقط، هل لنا أن نسألها أولاً: هل هي بالفعل وطنية؟ وأين الوطنية في ذلك؟ وكيف يمكن أن تثبت لنا أنها رافد حقيقي في الاقتصاد الوطني للدولة؟!
الواقع الاقتصادي يقول إن تلك الشركات، والتعميم هنا لا يعني الجمع بقدر ما يعني الأغلبية العظمى، لا علاقة لها بالاقتصاد الوطني نهائياً، وهي ليست رافداً مفيداً له، فهي لم تقدم لهذا الاقتصاد أي شيء، كما أنها لم تقدم للمجتمع ومسؤوليتها تجاهه إلا ما ندر، فلا علاقة للشركات الكبرى والقطاع الخاص بتحمل مسؤولية التوطين، وأكثر من 95٪ من العاملين في القطاعات الاقتصادية المختلفة من القطاع الخاص، ليسوا من أهل البلد، كما لا تسهم تلك الشركات في دفع ضرائب ممكن أن تستفيد منها الحكومة أو تذوب تلقائياً في عجلة ودورة الاقتصاد، وفي الوقت نفسه تستنزف هذه الشركات من خلال العاملين فيها الخدمات العامة التي تنشئها الدولة كافة.
ليس تحاملاً، لكنها حقيقة، فمثل هذا الوضع لا يطلق عليه أبداً اقتصاداً وطنياً، بل هو معروف عند أهل الاقتصاد باسم « الاقتصاد الريعي »، وفيه تعتمد شركات القطاع الخاص على الدولة في كل شيء، فتصبح كالرضيع الذي لا يفارق صدر أمه، لكن الرضيع يفطم خلال عامين، في حين شركات القطاع الخاص في الدولة مازالت تمارس دور الرضيع لأكثر من 40 عاماً، وكل ذلك لمجرد أن مالكها تاجر مواطن، في حين يجر وراءه جيوشاً من العاملين والموظفين الأجانب وعائلاتهم!
لسنا ضد ربحية شركات القطاع الخاص، والحكومة ليست في تضاد مع رجال الأعمال وكبار التجار، كما لا نطالب أبداً بالتضييق عليهم، بل على العكس من ذلك، لكن يجب أن يفهم الجميع أن مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، والأهم أن التوجه نحو علاج تشوهات سوق العمل وخلل التركيبة، الذي حددته الحكومة، أصبح توجهاً جاداً لا مجال إلا لتطبيقه بالوجه الأكمل، لأنها مصلحة وطنية عليا.