محمد ابراهيم البادي
05-08-2011, 02:15 PM
كل يوم
الدولة تخسر أكثر من السجين
المصدر: سامي الريامي (http://theuaelaw.com/1.175) التاريخ: 08 مايو 2011
http://cdn-wac.emaratalyoum.com/polopoly_fs/1.53287.1269351388!/image/1314659825.jpg
القضايا المالية المتعلقة بكتابة «شيك» من دون رصيد، جريمة يستحق منفذها العقاب، لا يختلف أحد على ذلك، فأموال الناس حقوق يجب الحفاظ عليها، ومن يأكل أموال الناس بالباطل لا شك أنه دخل في عالم الجريمة، خصوصاً إن كان هناك سوء نية وإصرار على ذلك الفعل.
ولكن ليس بالضرورة أيضاً أن يكون كل متورط في قضية مالية من هذا النوع مجرماً، خصوصاً في مثل الظروف التي مر بها العالم بشكل عام في السنوات الأخيرة، والإمارات ليست استثناء أيضاً من هذه الظروف المتمثلة في الأزمة المالية، هذه الأزمة خلّفت كثيراً من الخاسرين والمتأزمين مالياً، وخلّفت أيضاً مئات من البشر كانوا يُصنفون على أنهم من طبقة عُليا، أو قريبة من الطبقة العُليا، وأصبحوا فجأة مدينين يحتاجون إلى المساعدة والدعم.
ليست الأزمة المالية وحدها، فظروف الحياة بشكل عام ممكن أن تدور على أي شخص، فيصبح معسراً مالياً، ويدخل في ضائقة تقلب حياته، ويحتاج إلى فترة من الزمن حتى ينظم أموره، ويعيد حساباته وتوازنه، لكن القانون لا يمنحه هذه الفترة أبداً، وللأسف فإن السجن يكون مصير كل من عجز عن تسديد التزاماته المالية، وبذلك يتساوى المجرمون من فئة المتعمدين في أكل أموال الناس، والمعسرون الذين دفعتهم ظروفهم غصباً إلى التوقف عن دفع ديونهم، بالتأكيد الفعل واحد وهو إصدار «شيك» من دون رصيد، أو الامتناع عن سداد الديون، لكنّ هناك فرقاً كبيراً في النية، فهناك المتعمد الخبيث، وهناك المجبور من دون تلك النية الإجرامية.
السجن هو النهاية، لكنها نهاية غريبة، لا يستفيد منها أحد على الإطلاق، وأطراف المعادلة الثلاثة هم جميعاً خاسرون، فالدائن لن يستفيد شيئاً من حبس المدين، والمدين لن يستطيع ترتيب أموره المالية وهو خلف القضبان، والحكومة أيضاً خاسرة، فهي تضطر إلى تحمل تكاليف السجن وكل ما يلزم للمسجون طوال فترة حبسه!
لا أملك إحصاءات دقيقة حول سجناء القضايا المالية، كما لا أملك على وجه الدقة إجمالي الأموال المطالبون بتسديدها، لكني شبه متأكد من أن نسبة كبيرة جداً منهم، تتجاوز تكاليف حبسهم إجمالي ديونهم، وهناك كثيرون محبوسون على ذمة مبالغ مالية بسيطة، وربما بسيطة للغاية، كما أن فئة أخرى منهم تستطيع تدبير أمورها وتسديد ديونها بمجرد إطلاق سراحها، لكن الحبس هو العائق الوحيد.
والأخطر من ذلك كله أن البعض وجد في السجن فرصة للتواري من قضايا أكبر من ذلك في بلاده مثلاً، وبالتالي يتعمد كتابة شيك من دون رصيد لكي يبقى في سجن من سجون الإمارات «الفارهة» مقارنة ببقية سجون العالم، لم لا وهو هنا يتمتع براحة ووجبات وعلاج مجاني!
العلاج المجاني في السجن هو في حد ذاته سبب من أسباب دخول البعض إليه، وهناك كثير من الحالات المرضية، خصوصاً من فئة غير المقيمين، يتفقون مع زملاء لهم على كتابة ذلك الشيك، وبعدها يدخلون لتلقي العلاج في السجن، وبعد انتهاء فترة العلاج يصحو ضمير الدائن (الشريك) فيتنازل عن القضية للإفراج عن «المريض»، أو بالأحرى السجين لأن فترة العلاج انتهت!
نحتاج إلى إعادة نظر في كيفية التعامل مع أصحاب القضايا المالية، فحبس الجميع هو خسارة للجميع، والدولة هي الخاسر الأكبر، لا أعرف تحديداً كيف يمكن أن يكون الحل، لكن بالضرورة هناك خبراء وكفاءات في وزارة الداخلية وشرطة دبي بإمكانهم وضع حد لهذه الخسائر.
الدولة تخسر أكثر من السجين
المصدر: سامي الريامي (http://theuaelaw.com/1.175) التاريخ: 08 مايو 2011
http://cdn-wac.emaratalyoum.com/polopoly_fs/1.53287.1269351388!/image/1314659825.jpg
القضايا المالية المتعلقة بكتابة «شيك» من دون رصيد، جريمة يستحق منفذها العقاب، لا يختلف أحد على ذلك، فأموال الناس حقوق يجب الحفاظ عليها، ومن يأكل أموال الناس بالباطل لا شك أنه دخل في عالم الجريمة، خصوصاً إن كان هناك سوء نية وإصرار على ذلك الفعل.
ولكن ليس بالضرورة أيضاً أن يكون كل متورط في قضية مالية من هذا النوع مجرماً، خصوصاً في مثل الظروف التي مر بها العالم بشكل عام في السنوات الأخيرة، والإمارات ليست استثناء أيضاً من هذه الظروف المتمثلة في الأزمة المالية، هذه الأزمة خلّفت كثيراً من الخاسرين والمتأزمين مالياً، وخلّفت أيضاً مئات من البشر كانوا يُصنفون على أنهم من طبقة عُليا، أو قريبة من الطبقة العُليا، وأصبحوا فجأة مدينين يحتاجون إلى المساعدة والدعم.
ليست الأزمة المالية وحدها، فظروف الحياة بشكل عام ممكن أن تدور على أي شخص، فيصبح معسراً مالياً، ويدخل في ضائقة تقلب حياته، ويحتاج إلى فترة من الزمن حتى ينظم أموره، ويعيد حساباته وتوازنه، لكن القانون لا يمنحه هذه الفترة أبداً، وللأسف فإن السجن يكون مصير كل من عجز عن تسديد التزاماته المالية، وبذلك يتساوى المجرمون من فئة المتعمدين في أكل أموال الناس، والمعسرون الذين دفعتهم ظروفهم غصباً إلى التوقف عن دفع ديونهم، بالتأكيد الفعل واحد وهو إصدار «شيك» من دون رصيد، أو الامتناع عن سداد الديون، لكنّ هناك فرقاً كبيراً في النية، فهناك المتعمد الخبيث، وهناك المجبور من دون تلك النية الإجرامية.
السجن هو النهاية، لكنها نهاية غريبة، لا يستفيد منها أحد على الإطلاق، وأطراف المعادلة الثلاثة هم جميعاً خاسرون، فالدائن لن يستفيد شيئاً من حبس المدين، والمدين لن يستطيع ترتيب أموره المالية وهو خلف القضبان، والحكومة أيضاً خاسرة، فهي تضطر إلى تحمل تكاليف السجن وكل ما يلزم للمسجون طوال فترة حبسه!
لا أملك إحصاءات دقيقة حول سجناء القضايا المالية، كما لا أملك على وجه الدقة إجمالي الأموال المطالبون بتسديدها، لكني شبه متأكد من أن نسبة كبيرة جداً منهم، تتجاوز تكاليف حبسهم إجمالي ديونهم، وهناك كثيرون محبوسون على ذمة مبالغ مالية بسيطة، وربما بسيطة للغاية، كما أن فئة أخرى منهم تستطيع تدبير أمورها وتسديد ديونها بمجرد إطلاق سراحها، لكن الحبس هو العائق الوحيد.
والأخطر من ذلك كله أن البعض وجد في السجن فرصة للتواري من قضايا أكبر من ذلك في بلاده مثلاً، وبالتالي يتعمد كتابة شيك من دون رصيد لكي يبقى في سجن من سجون الإمارات «الفارهة» مقارنة ببقية سجون العالم، لم لا وهو هنا يتمتع براحة ووجبات وعلاج مجاني!
العلاج المجاني في السجن هو في حد ذاته سبب من أسباب دخول البعض إليه، وهناك كثير من الحالات المرضية، خصوصاً من فئة غير المقيمين، يتفقون مع زملاء لهم على كتابة ذلك الشيك، وبعدها يدخلون لتلقي العلاج في السجن، وبعد انتهاء فترة العلاج يصحو ضمير الدائن (الشريك) فيتنازل عن القضية للإفراج عن «المريض»، أو بالأحرى السجين لأن فترة العلاج انتهت!
نحتاج إلى إعادة نظر في كيفية التعامل مع أصحاب القضايا المالية، فحبس الجميع هو خسارة للجميع، والدولة هي الخاسر الأكبر، لا أعرف تحديداً كيف يمكن أن يكون الحل، لكن بالضرورة هناك خبراء وكفاءات في وزارة الداخلية وشرطة دبي بإمكانهم وضع حد لهذه الخسائر.