محمد ابراهيم البادي
02-27-2010, 07:00 PM
قضية رقم 163 لسنة 26 قضائية المحكمة الدستورية
العليا " دستورية "
نص الحكم
باسم الشعب
المحكم الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الثاني من ديسمبر سنة 2007م، الموافق 22 من ذي القعدة سنة 1428 هـ .
برئاسة السيد المستشار / ماهر البحيري نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين / محمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي وماهر سامي يوسف.
وحضور السيد المستشار / رجب عبد الحكيم سليم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 163 لسنة 26 قضائية "دستورية ".
المقامة من
السيد / أيمن محمد عاطف حامد
ضد
1- السيد رئيس مجلس الوزراء
2- السيد المستشار وزير العدل
3- السيد المستشار النائب العام
الإجراءات
بتاريخ الثالث عشر من يوليو سنة 2004، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالياً الحكم بعدم دستورية نص المادتين ( 209، 210 ) من قانون الإجراءات الجنائية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى، واحتياطياً: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى علي النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الإطلاع علي الأوراق، والمداولة.
حيث أن الوقائع ـ علي ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق ـ تتحصل في أن النيابة العامة كانت قد اتهمت المدعي ـ وآخرين ـ في الجنحة رقم 318 لسنة 2002 شئون مالية، بارتكاب جرائم مالية تمثل مخالفات لقانون سوق المال، ثم انتهت في تحقيقاتها إلي إصدار قرارها بالا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل المتهمين لعدم الأهمية. تظلم المدعي من القرار للنائب العام، كما طعن عليه أمام محكمة الجنح المستأنفة للشئون المالية والتجارية برقم 115 لسنة 2002 جنح مستأنف، وبجلسة 29/3/2003 أصدرت تلك المحكمة ـ منعقدة في غرفة مشورة ـ قرارها بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه من غير ذي صفة إعمالاً لحكم المادة (210) إجراءات جنائية التي لم تخوّل المتهم حق الطعن. كما كان المدعي قد أقام أيضاً الدعوى رقم 13091 لسنة 2003 مدني كلي جنوب القاهرة طعناً علي القرار ذاته فأحالته إلي محكمة الجنح المستأنفة للشئون المالية والتجارية للاختصاص والتي قررت كذلك في 30/12/2004 عدم قبول الطعن للتقرير من غير ذي صفة، ومن جهة أخري أقام المدعي الدعوى رقم 21678 لسنة 56 ق أمام محكمة القضاء الإداري طالبا بصفة مستعجلة وقف تنفيذ القرار السلبي الصادر من النائب العام لعدم التصرف في القرار المتظلم منه علي ضوء ما قدمه إليه من أوراق ومستندات، وبجلسة 13/4/2004 قضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى، وأمرت بإحالتها إلي محكمة الجنح المستأنفة للشئون المالية والتجارية، أمام المحكمة الأخيرة دفع المدعي بعدم دستورية المادتين (209، 210) من قانون الإجراءات الجنائية، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت للمدعي برفع الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى المماثلة.
وحيث إن المادة (209) من قانون الإجراءات الجنائية تنص علي انه: " إذا رأت النيابة العامة بعد التحقيق انه لا وجه لإقامة الدعوى تصدر أمرا بذلك، وتأمر بالإفراج عن المتهم المحبوس ما لم يكن محبوساً لسبب آخر ولا يكون صدور الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى في الجنايات إلا من المحامي العام أو من يقوم مقامة.
ويجب أن يشمل الأمر علي الأسباب التي بني عليها ويعلن الأمر للمدعي بالحقوق المدنية وإذا كان قد توفي يكون الإعلان لورثته جملة في محل إقامته".
وتنص المادة (210) من قانون ذاته علي أن: " للمدعي بالحقوق المدنية الطعن في الأمر الصادر من النيابة العامة بان لا وجه لإقامة الدعوى إلا إذا كان صادرا في تهمة موجهة ضد موظف أو مستخدم عام أو احد رجال الضبط لجريمة وقعت منه إثناء تأدية وظيفته أو بسببها، ما لم يكن من الجرائم المشار إليها في المادة (123) من قانون العقوبات.
ويحصل الطعن بتقرير في قلم الكتاب في ميعاد عشرة أيام من تاريخ إعلان المدعي بالحق المدني بالأمر.
ويرفع الطعن إلي محكمة الجنايات منعقدة في غرفة المشورة في مواد الجنايات وإلي محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة في مواد الجنح والمخالفات، ويتبع في رفعه والفصل فيه الأحكام المقررة في شأن استئناف الاوامر الصادرة من قاضي التحقيق".
وحيث أن المصلحة الشخصية المباشرة ـ وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية ـ مناطها، وعلي ما جرى به قضاء هذه المحكمة، أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات المرتبطة بها المطروحة أمام محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان النزاع فى الدعوى الموضوعية يدور فى جوهره حول اختصام الأمر الصادر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ضد المدعى – لعدم الأهمية، وإذ كان النصان المطعون فيهما يحددان سلطة إصدار هذا الأمر ، ومن له الحق فى الطعن فيه، فإن حسم مسألة دستوريتهما ، والذي يكون له انعكاس على الدعوى الموضوعية، ويحقق مصلحة المدعى فى الدعوى الدستورية الماثلة، ومن ثم يتحدد به نطاق الدعوى الدستورية ينحصر فيما تضمنته الفقرة الأولى من المادة (209) من منح النيابة العامة سلطة إصدار الرأي بألا وجه، وما تضمنة الفقرة الأولى من المادة (210) من قصر حق الطعن فى الطعن على الأمر بألا وجه لعدم الأهمية على المدعى بالحقوق المدنية فقط دون المتهم، ولا يتعداه إلى غير ذلك من أحكام وردت فى المادتين المطعون فيهما. وبالتالي يغدو دفع هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى لانتفاء مصلحة المدعى فى الطعن على النصين سالفى البيان، فى غير محله، متعيناً طرحه والالتفات عنه.
وحيث أن المدعى ينعى على النصين المطعون عليهما- محدداً نطاقهما على نحو ما سلف – مخالفتهما لأحكام المواد ( 8،40،65،67،68،165، 166، 167) من الدستور ذلك أن الفقرة الأولى من المادة (209) المشار إليها قد منحت النيابة العامة سلطات تجمع فيها بين الاتهام والتحقيق والحكم بالمخالفة لمبدأ الفصل بين السلطات ، وبما يهدر حق التقاضى ومبدأ استقلال السلطة القضائية. كما أن الفقرة الأولى من المادة (210) بقصرها حق الطعن على القرار بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم الأهمية على المدعى بالحقوق المدنية دون المتهم. قد أخلت بمبدأي تكافؤ الفرص والمساواة فضلاً عن إخلاله بحق المتهم فى محاكمة عادلة وإهداره لحق الدفاع.
وحيث أنه فى حق الطعن على دستورية الفقرة الأولى من المادة (209) من قانون الإجراءات الجنائية، فإن ما ينعاه المدعى، مردود – بأنه من المستقر أن التنظيم التشريعي لحق التقاضى لا يتقيد بأشكال جامدة بل يجوز أن يغادر المشرع فيما بينها بأن يقرر لكل حالة ما يناسبها ليظل هذا التنظيم مرناً يفى بمتطلبات الخصومة القضائية، وأهمها الحيدة والاستقلال، يعد أمراً واجباً فى كل خصومة قضائية أو تحكيمية، وهما ضمانتان متلازمتان ومتعادلان فى مجال مباشرة العدالة، وتحقيق فاعليتها، ولكل منها القيمة الدستورية ذاتها، فلا تعلوا إحداها على الأخرى أو تجبها، بل تتضامان تكاملاً، وتتكافآن قدراً – وهاتان الضمانتان تتوافران بلا ريب فى أعضاء النيابة العامة باعتبارها جهة قضائية، أحاطها المشرع بسياج من الضمانات والحصانات على النحو الوارد بنصوص قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972، على نحو يقطع بتوافر ضمانتي الاستقلال والحيدة لهم، فضلاً عن أن عضو النيابة يمارس أعمال التحقيق لاعتبارات قدرها المشرع ، وهو فى هذه الحدود يستمد حقه من النائب العام بصفته سلطة اتهام، وإنما من القانون نفسه، وهو الأمر الذى تستلزمه إجراءات التحقيق باعتبارها من الأعمال القضائية البحتة، وما يصدر عن عضو النيابة العامة من قرارات وأوامر قضائية فى هذا النطاق إنما يصدر منه متسماً بتجرد القاضي وحيدته، مستقلاً فى اتخاذ قراره عن سلطان رئاسة رئيس، أو رقابة رقيب – ما خلا ضميراً لا يرقب إلا الله فى عمله، ويضحى أمر تخويله الاختصاص بإصدار القرارات بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى متفقاً مع أحكام الدستور ، وغير مخالف لأي من نصوصه، بما يستوجب القضاء برفض الدعوى فى هذا الشق منها .
وحيث أن النعي على نص المادة (210) من قانون الإجراءات الجنائية – فى حدود النطاق السالف بيانه – سديد فى مجمله، ذلك بأن المدعى بالحق المدني والمتهم طرفان فى خصومة جنائية واحدة – أياً ما كان وجه الرأي فى طبيعة تلك الخصومة – بما يعد معه الاثنان فى مركز قانون متماثل فى هذا المقام، فإذا اختص النص المطعون فيه المدعى بالحق المدني بطعن الحق على القرار بألا وجه، وحرم منه المتهم – كان ذلك إهداراً لمبدأ المساواة بما يناقض نص المادة (40) من الدستور. ومن ناحية أخرى فإن حرمان المتهم من الطعن على القرار بألا وجه لعدم الأهمية يصادر حقه الدستوري فى المثول أمام قاضية الطبيعي ويهدر حقه فى التقاضى لنيل الترضية القضائية المنصفة، ذلك أن القرار بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم الأهمية فضلاً عن أنه لا يبرئ ساحة المتهم – على خلاف الحكم القضائي البات – ليست له حجية مطلقة بل يمكن للنائب العام أن يلغيه خلال مدة الثلاثة أشهر التالية لصدوره ما لم يكن قد صدر قرار من محكمة الجنايات أو من محكمة الجنح المستأنفة منعقدة فى غرفة المشورة بحسب الأحوال برفض الطعن المرفوع فى هذا الأمر، كما لا يمنع صدور هذا الأمر النيابة العامة من العودة إلى التحقيق إذا ظهرت أدلة جديدة قبل انقضاء المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية طبقاً لنص المادة (197) من قانون الإجراءات الجنائية، ومؤدى ما تقدم أن مصادرة حق المدعى فى الطعن على القرار بألا وجه لعدم الأهمية من شأنه أن يجعله – فى حالات معينة – مهدداً بإلغائه وإعادة التحقيق معه فى أي وقت بما ينطوي على تغيير واقعي – وليس مجرد تغيير نظري – فى المركز القانوني للمدعى يفقد فى ظله ضمانات الدفاع عن نفسه، ويعجز عن الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، فضلاً عن أن المتهم من حقه أن يناضل فى سبيل إبراء ساحته والدفاع عن سمعته واعتباره .
- وسبيل ذلك ووسيلته محاكمة عادلة يصدر فيها حكم قضائي نهائي بذلك. ومن ثم فإن النص المطعون عليه يخالف نصوص المواد 165،68،67،65،64 من الدستور .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (210) من قانون الإجراءات الجنائية تضمنته من قصر الحق فى الطعن على الأمر الصادر من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى لعدم الأهمية، على المدعى بالحقوق المدنية – دون المتهم، ورفض ما عدا ذلك من طلبات. وألزمت الطرفين – مناصفة – المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه أتعاب المحاماة .
العليا " دستورية "
نص الحكم
باسم الشعب
المحكم الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الثاني من ديسمبر سنة 2007م، الموافق 22 من ذي القعدة سنة 1428 هـ .
برئاسة السيد المستشار / ماهر البحيري نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين / محمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي وماهر سامي يوسف.
وحضور السيد المستشار / رجب عبد الحكيم سليم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 163 لسنة 26 قضائية "دستورية ".
المقامة من
السيد / أيمن محمد عاطف حامد
ضد
1- السيد رئيس مجلس الوزراء
2- السيد المستشار وزير العدل
3- السيد المستشار النائب العام
الإجراءات
بتاريخ الثالث عشر من يوليو سنة 2004، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالياً الحكم بعدم دستورية نص المادتين ( 209، 210 ) من قانون الإجراءات الجنائية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى، واحتياطياً: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى علي النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الإطلاع علي الأوراق، والمداولة.
حيث أن الوقائع ـ علي ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق ـ تتحصل في أن النيابة العامة كانت قد اتهمت المدعي ـ وآخرين ـ في الجنحة رقم 318 لسنة 2002 شئون مالية، بارتكاب جرائم مالية تمثل مخالفات لقانون سوق المال، ثم انتهت في تحقيقاتها إلي إصدار قرارها بالا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل المتهمين لعدم الأهمية. تظلم المدعي من القرار للنائب العام، كما طعن عليه أمام محكمة الجنح المستأنفة للشئون المالية والتجارية برقم 115 لسنة 2002 جنح مستأنف، وبجلسة 29/3/2003 أصدرت تلك المحكمة ـ منعقدة في غرفة مشورة ـ قرارها بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه من غير ذي صفة إعمالاً لحكم المادة (210) إجراءات جنائية التي لم تخوّل المتهم حق الطعن. كما كان المدعي قد أقام أيضاً الدعوى رقم 13091 لسنة 2003 مدني كلي جنوب القاهرة طعناً علي القرار ذاته فأحالته إلي محكمة الجنح المستأنفة للشئون المالية والتجارية للاختصاص والتي قررت كذلك في 30/12/2004 عدم قبول الطعن للتقرير من غير ذي صفة، ومن جهة أخري أقام المدعي الدعوى رقم 21678 لسنة 56 ق أمام محكمة القضاء الإداري طالبا بصفة مستعجلة وقف تنفيذ القرار السلبي الصادر من النائب العام لعدم التصرف في القرار المتظلم منه علي ضوء ما قدمه إليه من أوراق ومستندات، وبجلسة 13/4/2004 قضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى، وأمرت بإحالتها إلي محكمة الجنح المستأنفة للشئون المالية والتجارية، أمام المحكمة الأخيرة دفع المدعي بعدم دستورية المادتين (209، 210) من قانون الإجراءات الجنائية، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت للمدعي برفع الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى المماثلة.
وحيث إن المادة (209) من قانون الإجراءات الجنائية تنص علي انه: " إذا رأت النيابة العامة بعد التحقيق انه لا وجه لإقامة الدعوى تصدر أمرا بذلك، وتأمر بالإفراج عن المتهم المحبوس ما لم يكن محبوساً لسبب آخر ولا يكون صدور الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى في الجنايات إلا من المحامي العام أو من يقوم مقامة.
ويجب أن يشمل الأمر علي الأسباب التي بني عليها ويعلن الأمر للمدعي بالحقوق المدنية وإذا كان قد توفي يكون الإعلان لورثته جملة في محل إقامته".
وتنص المادة (210) من قانون ذاته علي أن: " للمدعي بالحقوق المدنية الطعن في الأمر الصادر من النيابة العامة بان لا وجه لإقامة الدعوى إلا إذا كان صادرا في تهمة موجهة ضد موظف أو مستخدم عام أو احد رجال الضبط لجريمة وقعت منه إثناء تأدية وظيفته أو بسببها، ما لم يكن من الجرائم المشار إليها في المادة (123) من قانون العقوبات.
ويحصل الطعن بتقرير في قلم الكتاب في ميعاد عشرة أيام من تاريخ إعلان المدعي بالحق المدني بالأمر.
ويرفع الطعن إلي محكمة الجنايات منعقدة في غرفة المشورة في مواد الجنايات وإلي محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة في مواد الجنح والمخالفات، ويتبع في رفعه والفصل فيه الأحكام المقررة في شأن استئناف الاوامر الصادرة من قاضي التحقيق".
وحيث أن المصلحة الشخصية المباشرة ـ وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية ـ مناطها، وعلي ما جرى به قضاء هذه المحكمة، أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات المرتبطة بها المطروحة أمام محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان النزاع فى الدعوى الموضوعية يدور فى جوهره حول اختصام الأمر الصادر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ضد المدعى – لعدم الأهمية، وإذ كان النصان المطعون فيهما يحددان سلطة إصدار هذا الأمر ، ومن له الحق فى الطعن فيه، فإن حسم مسألة دستوريتهما ، والذي يكون له انعكاس على الدعوى الموضوعية، ويحقق مصلحة المدعى فى الدعوى الدستورية الماثلة، ومن ثم يتحدد به نطاق الدعوى الدستورية ينحصر فيما تضمنته الفقرة الأولى من المادة (209) من منح النيابة العامة سلطة إصدار الرأي بألا وجه، وما تضمنة الفقرة الأولى من المادة (210) من قصر حق الطعن فى الطعن على الأمر بألا وجه لعدم الأهمية على المدعى بالحقوق المدنية فقط دون المتهم، ولا يتعداه إلى غير ذلك من أحكام وردت فى المادتين المطعون فيهما. وبالتالي يغدو دفع هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى لانتفاء مصلحة المدعى فى الطعن على النصين سالفى البيان، فى غير محله، متعيناً طرحه والالتفات عنه.
وحيث أن المدعى ينعى على النصين المطعون عليهما- محدداً نطاقهما على نحو ما سلف – مخالفتهما لأحكام المواد ( 8،40،65،67،68،165، 166، 167) من الدستور ذلك أن الفقرة الأولى من المادة (209) المشار إليها قد منحت النيابة العامة سلطات تجمع فيها بين الاتهام والتحقيق والحكم بالمخالفة لمبدأ الفصل بين السلطات ، وبما يهدر حق التقاضى ومبدأ استقلال السلطة القضائية. كما أن الفقرة الأولى من المادة (210) بقصرها حق الطعن على القرار بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم الأهمية على المدعى بالحقوق المدنية دون المتهم. قد أخلت بمبدأي تكافؤ الفرص والمساواة فضلاً عن إخلاله بحق المتهم فى محاكمة عادلة وإهداره لحق الدفاع.
وحيث أنه فى حق الطعن على دستورية الفقرة الأولى من المادة (209) من قانون الإجراءات الجنائية، فإن ما ينعاه المدعى، مردود – بأنه من المستقر أن التنظيم التشريعي لحق التقاضى لا يتقيد بأشكال جامدة بل يجوز أن يغادر المشرع فيما بينها بأن يقرر لكل حالة ما يناسبها ليظل هذا التنظيم مرناً يفى بمتطلبات الخصومة القضائية، وأهمها الحيدة والاستقلال، يعد أمراً واجباً فى كل خصومة قضائية أو تحكيمية، وهما ضمانتان متلازمتان ومتعادلان فى مجال مباشرة العدالة، وتحقيق فاعليتها، ولكل منها القيمة الدستورية ذاتها، فلا تعلوا إحداها على الأخرى أو تجبها، بل تتضامان تكاملاً، وتتكافآن قدراً – وهاتان الضمانتان تتوافران بلا ريب فى أعضاء النيابة العامة باعتبارها جهة قضائية، أحاطها المشرع بسياج من الضمانات والحصانات على النحو الوارد بنصوص قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972، على نحو يقطع بتوافر ضمانتي الاستقلال والحيدة لهم، فضلاً عن أن عضو النيابة يمارس أعمال التحقيق لاعتبارات قدرها المشرع ، وهو فى هذه الحدود يستمد حقه من النائب العام بصفته سلطة اتهام، وإنما من القانون نفسه، وهو الأمر الذى تستلزمه إجراءات التحقيق باعتبارها من الأعمال القضائية البحتة، وما يصدر عن عضو النيابة العامة من قرارات وأوامر قضائية فى هذا النطاق إنما يصدر منه متسماً بتجرد القاضي وحيدته، مستقلاً فى اتخاذ قراره عن سلطان رئاسة رئيس، أو رقابة رقيب – ما خلا ضميراً لا يرقب إلا الله فى عمله، ويضحى أمر تخويله الاختصاص بإصدار القرارات بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى متفقاً مع أحكام الدستور ، وغير مخالف لأي من نصوصه، بما يستوجب القضاء برفض الدعوى فى هذا الشق منها .
وحيث أن النعي على نص المادة (210) من قانون الإجراءات الجنائية – فى حدود النطاق السالف بيانه – سديد فى مجمله، ذلك بأن المدعى بالحق المدني والمتهم طرفان فى خصومة جنائية واحدة – أياً ما كان وجه الرأي فى طبيعة تلك الخصومة – بما يعد معه الاثنان فى مركز قانون متماثل فى هذا المقام، فإذا اختص النص المطعون فيه المدعى بالحق المدني بطعن الحق على القرار بألا وجه، وحرم منه المتهم – كان ذلك إهداراً لمبدأ المساواة بما يناقض نص المادة (40) من الدستور. ومن ناحية أخرى فإن حرمان المتهم من الطعن على القرار بألا وجه لعدم الأهمية يصادر حقه الدستوري فى المثول أمام قاضية الطبيعي ويهدر حقه فى التقاضى لنيل الترضية القضائية المنصفة، ذلك أن القرار بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم الأهمية فضلاً عن أنه لا يبرئ ساحة المتهم – على خلاف الحكم القضائي البات – ليست له حجية مطلقة بل يمكن للنائب العام أن يلغيه خلال مدة الثلاثة أشهر التالية لصدوره ما لم يكن قد صدر قرار من محكمة الجنايات أو من محكمة الجنح المستأنفة منعقدة فى غرفة المشورة بحسب الأحوال برفض الطعن المرفوع فى هذا الأمر، كما لا يمنع صدور هذا الأمر النيابة العامة من العودة إلى التحقيق إذا ظهرت أدلة جديدة قبل انقضاء المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية طبقاً لنص المادة (197) من قانون الإجراءات الجنائية، ومؤدى ما تقدم أن مصادرة حق المدعى فى الطعن على القرار بألا وجه لعدم الأهمية من شأنه أن يجعله – فى حالات معينة – مهدداً بإلغائه وإعادة التحقيق معه فى أي وقت بما ينطوي على تغيير واقعي – وليس مجرد تغيير نظري – فى المركز القانوني للمدعى يفقد فى ظله ضمانات الدفاع عن نفسه، ويعجز عن الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، فضلاً عن أن المتهم من حقه أن يناضل فى سبيل إبراء ساحته والدفاع عن سمعته واعتباره .
- وسبيل ذلك ووسيلته محاكمة عادلة يصدر فيها حكم قضائي نهائي بذلك. ومن ثم فإن النص المطعون عليه يخالف نصوص المواد 165،68،67،65،64 من الدستور .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (210) من قانون الإجراءات الجنائية تضمنته من قصر الحق فى الطعن على الأمر الصادر من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى لعدم الأهمية، على المدعى بالحقوق المدنية – دون المتهم، ورفض ما عدا ذلك من طلبات. وألزمت الطرفين – مناصفة – المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه أتعاب المحاماة .