قلب هادف
04-26-2011, 10:53 PM
تصرفات الفُضُوليّ
التّعريف :
الفضوليّ لغةً من يشتغل بما لا يعنيه ، نسبةً إلى الفضول ، جمع فضل ، وهو الزّيادة . غير أنّ هذا الجمع - الفضول - غلب استعماله على ما لا خير فيه ، حتّى صار بالغلبة كالعلم لهذا المعنى ، ومن أجل ذلك كان في النّسبة إليه تلك الدّلالة .
وفي اصطلاح الفقهاء يطلق الفضوليّ على من يتصرّف في حقّ الغير بلا إذن شرعيّ وذلك لكون تصرّفه صادراً من غير ملك ولا وكالة ولا ولاية .
الألفاظ ذات الصّلة :
أ - الوليّ :
الوليّ لغةً : من الوَلْي ، بمعنى القرب والنّصرة ، والوليّ خلاف العدوّ .
وفي الاصطلاح : الوليّ من يملك الولاية ، وهي تنفيذ القول على الغير .
ويختلف معنى الوليّ حسب اختلاف المواضيع ، قال التّمرتاشيّ في باب النّكاح : هو البالغ العاقل الوارث .
ويمكن تعريف الوليّ بوجه عامّ أنّه من يتصرّف للغير بحكم الشّرع ، كالوالد لولده الصّغير أو المجنون ، وكذا القاضي والإمام .
والصّلة بينه وبين الفضوليّ ، أنّ الوليّ له حقّ التّصرّف في حقّ المولّى عليه شرعاً ، بخلاف الفضوليّ .
ب - الوكيل :
من معاني الوكيل لغةً : الحافظ والكافي ، ومنه قوله تعالى : { وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً } . وفي الاصطلاح : الوكيل فعيل من الوكالة ، وهي تفويض واحد أمره لآخر وإقامته مقامه في ذلك الأمر .
فالوكيل هو المفوّض والنّائب عن الغير في أمر قابل للنّيابة .
والصّلة بينه وبين الفضوليّ أنّ كليهما يتصرّف للغير ، لكنّ الوكيل بالتّفويض من الغير ، والفضوليّ بغير تفويض .
ج - المالك :
المالك فاعل من الملك ، وهو شرعاً اختصاص العمل في التّصرّف ، والمالك صاحب الملك .
وقال ابن نجيم : الملك قدرة يثبتها الشّارع ابتداءً على التّصرّف إلاّ لمانع .
وعلى ذلك فمالك الشّيء هو القادر على التّصرّف فيه ابتداءً ، فهو مقابل الفضوليّ الّذي ليس له التّصرّف ابتداءً ، وإنّما تصحّ بعض تصرّفاته بإجازة المالك انتهاءً عند بعض الفقهاء .
الأحكام المتعلّقة بتصرّفات الفضوليّ :
بيع الفضوليّ :
اختلف الفقهاء في حكم بيع الفضوليّ - في الجملة - على قولين :
أحدهما للحنفيّة والمالكيّة وأحمد في رواية عنه : هو أنّ بيع الفضوليّ ينعقد موقوفاً على إجازة المالك ، فإن أجازه نفذ ، وإن ردّه بطل .
والثّاني للحنابلة والشّافعيّة في المعتمد : وهو أنّ بيع الفضوليّ باطل ، فلا ينقلب صحيحاً ولو أجازه المالك بعد .
شراء الفضوليّ :
اختلف الفقهاء في حكم شراء الفضوليّ لغيره على أربعة أقوال :
أحدها للمالكيّة وأحمد في رواية عنه : وهو أنّ شراء الفضوليّ كبيعه ، ينعقد موقوفاً على إجازة من اشترى له ، فإن أجازه نفذ ، وإن ردّه بطل .
والثّاني للشّافعيّ في الجديد والحنابلة في الصّحيح من المذهب : وهو أنّ شراء الفضوليّ باطل لا يترتّب عليه أي حكم أو أثر .
والثّالث للحنفيّة : حيث فرّقوا بين ما إذا أضاف العقد إلى نفسه ، وبين ما إذا أضافه إلى الّذي اشتراه له ، وقالوا : إذا أضافه الفضوليّ إلى نفسه ، كانت العين المشتراة له ، سواء وجدت الإجازة من الّذي اشتراه له أو لم توجد ، لأنّ الشّراء إذا وجد نفاذاً على العاقد أمضي عليه ، لأنّ الأصل أن يكون تصرّف الإنسان لنفسه لا لغيره ، لقوله تعالى : { لَهَا مَا كَسَبَتْ } وشراء الفضوليّ كسبه حقيقةً ، فالأصل أن يكون له إلاّ إذا جعله لغيره ، أو لم يجد نفاذاً عليه لعدم الأهليّة ، فعندئذ يتوقّف على إجازة من اشترى له ، بأن كان الفضوليّ عبداً محجوراً ، أو صبيّاً مميّزاً واشترى لغيره ، فإنّ شراءه يتوقّف على إجازة ذلك الغير ، إذ الشّراء لم يجد نفاذاً عليه ، فيتوقّف على إجازة الّذي اشتري له ضرورةً ، فإن أجازه نفذ ، وإن ردّه بطل .
وإن أضاف الفضوليّ العقد إلى الّذي اشتراه له ، بأن قال الفضوليّ للبائع : بع دابّتك هذه من فلان بكذا ، فقال : بعت ، وقال الفضوليّ : قبلت البيع فيه لأجل فلان ، أو قال البائع : بعت هذا الثّوب من فلان بكذا ، وقبل المشتري الفضوليّ منه الشّراء لأجل فلان ، فإنّ هذا العقد يكون موقوفاً على إجازة المشترى له .
والرّابع للشّافعيّ في القديم ، وحكي عنه في الجديد وقد قسّم شراء الفضوليّ إلى أربع حالات ، وافقه الحنابلة في ثلاث منها في القسمة لا في الحكم .
وبيان ذلك :
الحالة الأولى : أن يشتري للغير بعين مال الغير ، وللشّافعيّ في ذلك قولان : الوقف وهو رواية عن الإمام أحمد ، والبطلان وهو المذهب عند الحنابلة .
والحالة الثّانية : أن يشتري بمال نفسه للغير ، وقد فرّق الشّافعيّ في هذه الحالة بين ما إذا سمّى في العقد من اشترى له ، وبين ما إذا لم يسمّه : فإن سمّاه نظر : فإن لم يأذن لغت التّسمية ، وفي وقوعه عن الفضوليّ وجهان : الوقف ، والبطلان ، وإن أذن له ، فهل تلغو التّسمية أم لا ؟ فإن قلنا : تلغو ، فهل يقع عن المباشر ، أم يبطل من أصله ؟ وجهان ، وإن قلنا : لا تلغو ، وقع العقد عن الآذن .
وإن لم يسمّه وقع عن المباشر سواء أذن ذلك الغير أم لا .
أمّا الحنابلة فالمذهب عندهم في هذه الحالة هو بطلان الشّراء مطلقاً ، إلاّ ما روي عن بعض فقهائهم من طرد قولي الوقف والبطلان فيها .
والحالة الثّالثة : أن يشتري الفضوليّ لغيره في الذّمّة بغير إذنه ، وفي هذه الحالة ينظر : فإن لم يسمّ ذلك الغير في العقد ، فالشّافعيّ في الجديد قال : يقع عن المباشر ، وفي القديم قال : يتوقّف على إجازة المشتري له ، فإن أجازه نفذ في حقّه ، وإن ردّه نفذ في حقّ الفضوليّ ، وقال الحنابلة : يصحّ - على الصّحيح - ويكون موقوفاً على الإجازة .
وإن سمّاه في العقد ، فقال الشّافعيّة : هو كشرائه بعين مال الغير .
وعند الحنابلة قولان : الصّحيح أنّه لا يصحّ هذا العقد ، والثّاني أنّ حكمه حكم ما إذا لم يسمّه في العقد .
والحالة الرّابعة : أن يضيف الشّراء إلى الغير بثمن معيّن ، وهذه الحالة انفرد بذكرها الشّافعيّة ، ولهم حسب المحكيّ في الجديد وجهان : أحدهما : يلغو العقد ، والثّاني يقع عن المباشر .
إجارة الفضوليّ :
اختلف الفقهاء في حكم إجارة الفضوليّ لأعيان الغير ، هل هي صحيحة موقوفة على الإجارة أم أنّها باطلة شرعاً ؟ وذلك على قولين :
أحدهما للحنفيّة والمالكيّة وأحمد في رواية عنه : وهو أنّ إجارة الفضوليّ تنعقد موقوفةً على إجازة المالك أو وليّه ، فإن أجازها نفذت ، وإن ردّها بطلت .
والثّاني للشّافعيّ في الجديد ، والحنابلة على الصّحيح في المذهب : وهو أنّ إجارة الفضوليّ باطلة ، لأنّها عقد صدر من غير مالك أو ذي ولاية في إبرامه ، فيكون باطلاً .
ثمّ إنّ الحنفيّة فرّقوا بين كون الفضوليّ في عقد الإجارة مؤجّراً وبين كونه مستأجراً ، فجعلوا إجارته كبيعه ، واستئجاره كشرائه .
إنكاح الفضوليّ :
اختلف الفقهاء في حكم إنكاح الفضوليّ من غير ولاية أو نيابة على أربعة أقوال : أحدها للحنابلة ، والشّافعيّ في الجديد : هو أنّ إنكاح الفضوليّ باطل لا تؤثّر فيه إجازة الوليّ .
والثّاني لأحمد في رواية عنه ، وأبي يوسف : وهو أنّ إنكاح الفضوليّ صحيح ، لكنّه يتوقّف على إجازة الوليّ ، فإن أجازه نفذ ، وإن ردّه بطل .
والثّالث لأبي حنيفة ، ومحمّد بن الحسن : وهو أنّه إذا كان المتولّي لطرفي النّكاح شخصاً واحداً فضوليّاً ، كان العقد باطلاً ، سواء تكلّم بكلام واحد أو بكلامين ومثل ذلك في الحكم إذا كان فضوليّاً بالنّسبة لأحد الطّرفين ، ولو كان أصيلاً أو وكيلاً أو وليّاً عن الطّرف الآخر ، ما دام قد تولّى العقد عن الطّرفين .
أمّا إذا لم يكن المتولّي لطرفي النّكاح فضوليّاً ، فيكون عقده موقوفاً على الإجازة ، سواء قبل فيه فضوليّ آخر أو أصيل أو وكيل .
والرّابع للمالكيّة : وهو التّفريق بين كون الوليّ مجبراً وبين كونه غير مجبر ، فإن كان الوليّ مجبراً ، لم يجز النّكاح الواقع من الفضوليّ ولو أجازه الوليّ ، أمّا إذا لم يكن له الإجبار ، فإمّا أن تكون المزوّجة ذات قدر ، أو دنيئةً ، فإن كانت ذات قدر ، فقال مالك : ما فسخه بالبيّن ، ولكنّه أحبّ إليّ ، وقال ابن القاسم : له إجازة ذلك وردّه ما لم يبن بها الزّوج ، وقال بعض فقهاء المالكيّة : إن دخل بها الزّوج ، وطال مكثه معها بمضيّ ثلاث سنين ، أو ولادة ولدين فأكثر ، لم يفسخ النّكاح ، وإلاّ كان الوليّ مخيّراً بين الفسخ والإمضاء .
وإن كانت دنيئةً ، فعندهم في إنكاحه قولان ، أحدهما : أنّ النّكاح ماض مطلقاً ، وهو المشهور في المذهب
والثّاني : أنّها كذات القدر الشّريفة .
وصيّة الفضوليّ :
اختلف الفقهاء في حكم وصيّة الفضوليّ من مال غيره على قولين :
أحدهما للحنفيّة ، وهو القديم عند الشّافعيّة ، وحكي في الجديد عن الشّافعيّ وهو قول عند الحنابلة : وهو أنّه تصحّ وصيّة الفضوليّ ، لكنّها تكون موقوفةً على إجازة المالك ، وذلك لأنّ الوصيّة تصحّ بالمعدوم ، فأولى أن تصحّ من الفضوليّ .
والثّاني للمالكيّة - وهو الأصحّ عند الحنابلة والقول الجديد عند الشّافعيّة - : وهو أنّ وصيّة الفضوليّ لا تصحّ مطلقاً ، لأنّه تبرّع ممّن لا ملك له ولا ولاية ولا نيابة ، فيكون باطلاً .
هبة الفضوليّ :
اختلف الفقهاء في حكم هبة الفضوليّ لمال غيره على قولين :
أحدهما للمالكيّة على المشهور ، والحنابلة والشّافعيّ في الجديد وعليه المذهب : وهو أنّ هبة الفضوليّ باطلة ، إذ يستحيل على المرء أن يملّك ما لا يملك .
والثّاني للحنفيّة ، وهو رواية عند المالكيّة : وهو أنّ هبة الفضوليّ تنعقد صحيحةً ، غير أنّها تكون موقوفةً على إجازة المالك ، فإن ردّها بطلت ، وإن أجازها كان لإجازته حكم الوكالة السّابقة .
وقال المالكيّة : الفرق بين بيع الفضوليّ وهبته أنّ البيع تمليك في نظير عوض ، أمّا الهبة فالتّمليك فيها مجّاناً ، ولهذا اختلف الحكم بينهما .
وقف الفضوليّ :
اختلف الفقهاء في حكم وقف الفضوليّ لمال غيره على قولين :
أحدهما للمالكيّة على المشهور ، والحنابلة ، والشّافعيّ في الجديد : وهو أنّ وقف الفضوليّ باطل ، سواء أجازه المالك بعد أم لا .
والثّاني للحنفيّة ، وهو قول عند المالكيّة ، ورواية عن أحمد : وهو أنّ وقف الفضوليّ صحيح ، غير أنّه يكون موقوفاً على إجازة المالك ، فإن أجازه نفذ ، وإن ردّه بطل .
صلح الفضوليّ :
اتّفق الفقهاء على جريان الصّلح من الفضوليّ كجريانه ممّن عليه الحقّ ، واختلفوا في ضمن ذلك إلى أقوال وصور وشروط كثيرة .
التّعريف :
الفضوليّ لغةً من يشتغل بما لا يعنيه ، نسبةً إلى الفضول ، جمع فضل ، وهو الزّيادة . غير أنّ هذا الجمع - الفضول - غلب استعماله على ما لا خير فيه ، حتّى صار بالغلبة كالعلم لهذا المعنى ، ومن أجل ذلك كان في النّسبة إليه تلك الدّلالة .
وفي اصطلاح الفقهاء يطلق الفضوليّ على من يتصرّف في حقّ الغير بلا إذن شرعيّ وذلك لكون تصرّفه صادراً من غير ملك ولا وكالة ولا ولاية .
الألفاظ ذات الصّلة :
أ - الوليّ :
الوليّ لغةً : من الوَلْي ، بمعنى القرب والنّصرة ، والوليّ خلاف العدوّ .
وفي الاصطلاح : الوليّ من يملك الولاية ، وهي تنفيذ القول على الغير .
ويختلف معنى الوليّ حسب اختلاف المواضيع ، قال التّمرتاشيّ في باب النّكاح : هو البالغ العاقل الوارث .
ويمكن تعريف الوليّ بوجه عامّ أنّه من يتصرّف للغير بحكم الشّرع ، كالوالد لولده الصّغير أو المجنون ، وكذا القاضي والإمام .
والصّلة بينه وبين الفضوليّ ، أنّ الوليّ له حقّ التّصرّف في حقّ المولّى عليه شرعاً ، بخلاف الفضوليّ .
ب - الوكيل :
من معاني الوكيل لغةً : الحافظ والكافي ، ومنه قوله تعالى : { وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً } . وفي الاصطلاح : الوكيل فعيل من الوكالة ، وهي تفويض واحد أمره لآخر وإقامته مقامه في ذلك الأمر .
فالوكيل هو المفوّض والنّائب عن الغير في أمر قابل للنّيابة .
والصّلة بينه وبين الفضوليّ أنّ كليهما يتصرّف للغير ، لكنّ الوكيل بالتّفويض من الغير ، والفضوليّ بغير تفويض .
ج - المالك :
المالك فاعل من الملك ، وهو شرعاً اختصاص العمل في التّصرّف ، والمالك صاحب الملك .
وقال ابن نجيم : الملك قدرة يثبتها الشّارع ابتداءً على التّصرّف إلاّ لمانع .
وعلى ذلك فمالك الشّيء هو القادر على التّصرّف فيه ابتداءً ، فهو مقابل الفضوليّ الّذي ليس له التّصرّف ابتداءً ، وإنّما تصحّ بعض تصرّفاته بإجازة المالك انتهاءً عند بعض الفقهاء .
الأحكام المتعلّقة بتصرّفات الفضوليّ :
بيع الفضوليّ :
اختلف الفقهاء في حكم بيع الفضوليّ - في الجملة - على قولين :
أحدهما للحنفيّة والمالكيّة وأحمد في رواية عنه : هو أنّ بيع الفضوليّ ينعقد موقوفاً على إجازة المالك ، فإن أجازه نفذ ، وإن ردّه بطل .
والثّاني للحنابلة والشّافعيّة في المعتمد : وهو أنّ بيع الفضوليّ باطل ، فلا ينقلب صحيحاً ولو أجازه المالك بعد .
شراء الفضوليّ :
اختلف الفقهاء في حكم شراء الفضوليّ لغيره على أربعة أقوال :
أحدها للمالكيّة وأحمد في رواية عنه : وهو أنّ شراء الفضوليّ كبيعه ، ينعقد موقوفاً على إجازة من اشترى له ، فإن أجازه نفذ ، وإن ردّه بطل .
والثّاني للشّافعيّ في الجديد والحنابلة في الصّحيح من المذهب : وهو أنّ شراء الفضوليّ باطل لا يترتّب عليه أي حكم أو أثر .
والثّالث للحنفيّة : حيث فرّقوا بين ما إذا أضاف العقد إلى نفسه ، وبين ما إذا أضافه إلى الّذي اشتراه له ، وقالوا : إذا أضافه الفضوليّ إلى نفسه ، كانت العين المشتراة له ، سواء وجدت الإجازة من الّذي اشتراه له أو لم توجد ، لأنّ الشّراء إذا وجد نفاذاً على العاقد أمضي عليه ، لأنّ الأصل أن يكون تصرّف الإنسان لنفسه لا لغيره ، لقوله تعالى : { لَهَا مَا كَسَبَتْ } وشراء الفضوليّ كسبه حقيقةً ، فالأصل أن يكون له إلاّ إذا جعله لغيره ، أو لم يجد نفاذاً عليه لعدم الأهليّة ، فعندئذ يتوقّف على إجازة من اشترى له ، بأن كان الفضوليّ عبداً محجوراً ، أو صبيّاً مميّزاً واشترى لغيره ، فإنّ شراءه يتوقّف على إجازة ذلك الغير ، إذ الشّراء لم يجد نفاذاً عليه ، فيتوقّف على إجازة الّذي اشتري له ضرورةً ، فإن أجازه نفذ ، وإن ردّه بطل .
وإن أضاف الفضوليّ العقد إلى الّذي اشتراه له ، بأن قال الفضوليّ للبائع : بع دابّتك هذه من فلان بكذا ، فقال : بعت ، وقال الفضوليّ : قبلت البيع فيه لأجل فلان ، أو قال البائع : بعت هذا الثّوب من فلان بكذا ، وقبل المشتري الفضوليّ منه الشّراء لأجل فلان ، فإنّ هذا العقد يكون موقوفاً على إجازة المشترى له .
والرّابع للشّافعيّ في القديم ، وحكي عنه في الجديد وقد قسّم شراء الفضوليّ إلى أربع حالات ، وافقه الحنابلة في ثلاث منها في القسمة لا في الحكم .
وبيان ذلك :
الحالة الأولى : أن يشتري للغير بعين مال الغير ، وللشّافعيّ في ذلك قولان : الوقف وهو رواية عن الإمام أحمد ، والبطلان وهو المذهب عند الحنابلة .
والحالة الثّانية : أن يشتري بمال نفسه للغير ، وقد فرّق الشّافعيّ في هذه الحالة بين ما إذا سمّى في العقد من اشترى له ، وبين ما إذا لم يسمّه : فإن سمّاه نظر : فإن لم يأذن لغت التّسمية ، وفي وقوعه عن الفضوليّ وجهان : الوقف ، والبطلان ، وإن أذن له ، فهل تلغو التّسمية أم لا ؟ فإن قلنا : تلغو ، فهل يقع عن المباشر ، أم يبطل من أصله ؟ وجهان ، وإن قلنا : لا تلغو ، وقع العقد عن الآذن .
وإن لم يسمّه وقع عن المباشر سواء أذن ذلك الغير أم لا .
أمّا الحنابلة فالمذهب عندهم في هذه الحالة هو بطلان الشّراء مطلقاً ، إلاّ ما روي عن بعض فقهائهم من طرد قولي الوقف والبطلان فيها .
والحالة الثّالثة : أن يشتري الفضوليّ لغيره في الذّمّة بغير إذنه ، وفي هذه الحالة ينظر : فإن لم يسمّ ذلك الغير في العقد ، فالشّافعيّ في الجديد قال : يقع عن المباشر ، وفي القديم قال : يتوقّف على إجازة المشتري له ، فإن أجازه نفذ في حقّه ، وإن ردّه نفذ في حقّ الفضوليّ ، وقال الحنابلة : يصحّ - على الصّحيح - ويكون موقوفاً على الإجازة .
وإن سمّاه في العقد ، فقال الشّافعيّة : هو كشرائه بعين مال الغير .
وعند الحنابلة قولان : الصّحيح أنّه لا يصحّ هذا العقد ، والثّاني أنّ حكمه حكم ما إذا لم يسمّه في العقد .
والحالة الرّابعة : أن يضيف الشّراء إلى الغير بثمن معيّن ، وهذه الحالة انفرد بذكرها الشّافعيّة ، ولهم حسب المحكيّ في الجديد وجهان : أحدهما : يلغو العقد ، والثّاني يقع عن المباشر .
إجارة الفضوليّ :
اختلف الفقهاء في حكم إجارة الفضوليّ لأعيان الغير ، هل هي صحيحة موقوفة على الإجارة أم أنّها باطلة شرعاً ؟ وذلك على قولين :
أحدهما للحنفيّة والمالكيّة وأحمد في رواية عنه : وهو أنّ إجارة الفضوليّ تنعقد موقوفةً على إجازة المالك أو وليّه ، فإن أجازها نفذت ، وإن ردّها بطلت .
والثّاني للشّافعيّ في الجديد ، والحنابلة على الصّحيح في المذهب : وهو أنّ إجارة الفضوليّ باطلة ، لأنّها عقد صدر من غير مالك أو ذي ولاية في إبرامه ، فيكون باطلاً .
ثمّ إنّ الحنفيّة فرّقوا بين كون الفضوليّ في عقد الإجارة مؤجّراً وبين كونه مستأجراً ، فجعلوا إجارته كبيعه ، واستئجاره كشرائه .
إنكاح الفضوليّ :
اختلف الفقهاء في حكم إنكاح الفضوليّ من غير ولاية أو نيابة على أربعة أقوال : أحدها للحنابلة ، والشّافعيّ في الجديد : هو أنّ إنكاح الفضوليّ باطل لا تؤثّر فيه إجازة الوليّ .
والثّاني لأحمد في رواية عنه ، وأبي يوسف : وهو أنّ إنكاح الفضوليّ صحيح ، لكنّه يتوقّف على إجازة الوليّ ، فإن أجازه نفذ ، وإن ردّه بطل .
والثّالث لأبي حنيفة ، ومحمّد بن الحسن : وهو أنّه إذا كان المتولّي لطرفي النّكاح شخصاً واحداً فضوليّاً ، كان العقد باطلاً ، سواء تكلّم بكلام واحد أو بكلامين ومثل ذلك في الحكم إذا كان فضوليّاً بالنّسبة لأحد الطّرفين ، ولو كان أصيلاً أو وكيلاً أو وليّاً عن الطّرف الآخر ، ما دام قد تولّى العقد عن الطّرفين .
أمّا إذا لم يكن المتولّي لطرفي النّكاح فضوليّاً ، فيكون عقده موقوفاً على الإجازة ، سواء قبل فيه فضوليّ آخر أو أصيل أو وكيل .
والرّابع للمالكيّة : وهو التّفريق بين كون الوليّ مجبراً وبين كونه غير مجبر ، فإن كان الوليّ مجبراً ، لم يجز النّكاح الواقع من الفضوليّ ولو أجازه الوليّ ، أمّا إذا لم يكن له الإجبار ، فإمّا أن تكون المزوّجة ذات قدر ، أو دنيئةً ، فإن كانت ذات قدر ، فقال مالك : ما فسخه بالبيّن ، ولكنّه أحبّ إليّ ، وقال ابن القاسم : له إجازة ذلك وردّه ما لم يبن بها الزّوج ، وقال بعض فقهاء المالكيّة : إن دخل بها الزّوج ، وطال مكثه معها بمضيّ ثلاث سنين ، أو ولادة ولدين فأكثر ، لم يفسخ النّكاح ، وإلاّ كان الوليّ مخيّراً بين الفسخ والإمضاء .
وإن كانت دنيئةً ، فعندهم في إنكاحه قولان ، أحدهما : أنّ النّكاح ماض مطلقاً ، وهو المشهور في المذهب
والثّاني : أنّها كذات القدر الشّريفة .
وصيّة الفضوليّ :
اختلف الفقهاء في حكم وصيّة الفضوليّ من مال غيره على قولين :
أحدهما للحنفيّة ، وهو القديم عند الشّافعيّة ، وحكي في الجديد عن الشّافعيّ وهو قول عند الحنابلة : وهو أنّه تصحّ وصيّة الفضوليّ ، لكنّها تكون موقوفةً على إجازة المالك ، وذلك لأنّ الوصيّة تصحّ بالمعدوم ، فأولى أن تصحّ من الفضوليّ .
والثّاني للمالكيّة - وهو الأصحّ عند الحنابلة والقول الجديد عند الشّافعيّة - : وهو أنّ وصيّة الفضوليّ لا تصحّ مطلقاً ، لأنّه تبرّع ممّن لا ملك له ولا ولاية ولا نيابة ، فيكون باطلاً .
هبة الفضوليّ :
اختلف الفقهاء في حكم هبة الفضوليّ لمال غيره على قولين :
أحدهما للمالكيّة على المشهور ، والحنابلة والشّافعيّ في الجديد وعليه المذهب : وهو أنّ هبة الفضوليّ باطلة ، إذ يستحيل على المرء أن يملّك ما لا يملك .
والثّاني للحنفيّة ، وهو رواية عند المالكيّة : وهو أنّ هبة الفضوليّ تنعقد صحيحةً ، غير أنّها تكون موقوفةً على إجازة المالك ، فإن ردّها بطلت ، وإن أجازها كان لإجازته حكم الوكالة السّابقة .
وقال المالكيّة : الفرق بين بيع الفضوليّ وهبته أنّ البيع تمليك في نظير عوض ، أمّا الهبة فالتّمليك فيها مجّاناً ، ولهذا اختلف الحكم بينهما .
وقف الفضوليّ :
اختلف الفقهاء في حكم وقف الفضوليّ لمال غيره على قولين :
أحدهما للمالكيّة على المشهور ، والحنابلة ، والشّافعيّ في الجديد : وهو أنّ وقف الفضوليّ باطل ، سواء أجازه المالك بعد أم لا .
والثّاني للحنفيّة ، وهو قول عند المالكيّة ، ورواية عن أحمد : وهو أنّ وقف الفضوليّ صحيح ، غير أنّه يكون موقوفاً على إجازة المالك ، فإن أجازه نفذ ، وإن ردّه بطل .
صلح الفضوليّ :
اتّفق الفقهاء على جريان الصّلح من الفضوليّ كجريانه ممّن عليه الحقّ ، واختلفوا في ضمن ذلك إلى أقوال وصور وشروط كثيرة .