محمد ابراهيم البادي
03-27-2011, 07:34 PM
ما نزل بلاء إلا بذنب , ولا رُفع إلا بتوبة
عبادالله: اتقوا الله تعالى وأطيعوه، وراقبوه في السر والعلن ولا تعصوه، واعلموا أن الذنوب والمعاصي – تضر في الحال والمآل، وأن ضررها في القلب كضرر السموم في الأبدان.
وما في الدنيا والآخرة شر وداء، إلا وسببه الذنوب والمعاصي فبسببها أخرج آدم عليه السلام من الجنة، وأخرج إبليس من ملكوت السموات، وأغرق قوم نوح، وسلطت الريح العقيم على قوم عاد، وأرسلت الصيحة على قوم ثمود، ورفعت قرى اللوطية حتى سمعت الملائكة نباح كلابهم، ثم قلبها الله عليهم، فجعل عاليها سافلها، وأرسل على قوم شعيب سحب العذاب كالظلل.
فسبب المصائب والفتن كلها الذنوب فالذنوب والمعاصي ما حلت في ديار إلا أهلكتها، ولا في قلوب إلا أعمتها، ولا في أجساد إلا عذبتها، ولا في أمة إلا أذلتها، ولا في نفوس إلا أفسدتها.
وللمعاصي آثار وشؤم،تزيل النعم، وتحل النقم.
قال علي بن أبي طالب – رضي الله عنه -: ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة.
وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30]. ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُم ُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَابِأَنْفُسِهِمْ [الأنفال:53].
إذا كنت في نعمة فارعها فإن الذنـــوب تزيل النـــعم
وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا قَرْيَةً كَانَتْ ءَامِنَةً مُطْمَئِنَّةًيَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ [النحل:112]. فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا [النساء:160].
روى أحمد عن ثوبان – رضي الله عنه -: ((إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ))([1]). وفي الحديث الآخر: ((الذنوب تنقص العمر)).
ومن شؤم المعصية أنها تمنع القطر، وتسلط السلطان، ففي سنن ابن ماجه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله قال: ((لم ينقص قوم المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤن وجور السلطان، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القِطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا))([2]). وقال مجاهد في قوله تعالى: وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ [البقرة:159]. قال: دواب الأرض تلعنهم، يقولون: يمنع عنا القطر بخطاياهم.
وقال عكرمة: دواب الأرض وهوامها حتى الخنافس والعقارب يقولون: منعنا القطر بذنوب بني آدم.
وقال أبو هريرة رضي الله عنه: ((إن الحبارى لتموت في وكرها من ظلم الظالم)).
وشؤم المعصية بلغ البر والبحر، كما قال تعالى: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الروم:41].
ومن شؤم المعصية أنها تورث الذل، وتفسد العقل،و تورث الهم، وتضعف الجوارح، وتعمي البصيرة، وأعظم من ذلك كله تأثيرها على القلب.
كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال: ((إن العبد إذا أذنب ذنباً نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه. وإنعاد زادت حتى تعلو قلبه، فذلك الران الذي ذكر الله في القرآن))، كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [المطففين:14].
وقال حذيفة رضي الله عنه: القلب هكذا مثل الكف في ذنب الذنب فينقبض منه ثم يذنب الذنب فينقبض منه حتى يختم عليه فيسمع الخير، فلا يجد له مساغاً([3]).
وقال الحسن: الذنب على الذنب،ثم الذنب على الذنب حتى يغمر القلب فيموت([4]). فإذا مات قلب الإنسان لم ينتفع به صاحبه. قال عبد الله بن المبارك:
رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عصيانها
والأحسن من هذا قول الله عز وجل: أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَن ْلَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لايَسْمَعُونَ [الأعراف:100].
قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: إن للسيئة سواداً في الوجه، وظلمة في القبر، ووهناً في البدن، ونقصاً في الرزق، وبغضة في قلوب الخلق.
وقال سليمان التميمي: إن الرجل ليذنب الذنب فيصبح وعليه مذلته.
ومن خطورة المعاصي أنها تضعف الحفظ، وربما أذهبته، وتحرم صاحبها العلم، كما قال الشافعي – رحمه الله -:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقال اعلم بأن العلم نور ونور الله لا يعطاه عاصي
اتقوا الله - عباد الله - ولا تقترفوا الذنوب، ولا تستهينوا بها، قالت عائشة رضي الله عنها: أقلوا الذنوب، فإنكم لن تلقوا الله عز وجل بشيء أفضل من قلة الذنوب.
خل الذنوب صغـيرها وكبيرها فهو التقى
واصنع كماشٍ فوق أرض الشوك يحذر ما يرى
لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى
قال بلال بن سعد: لا تنظر إلى صغر الخطيئة، ولكن انظر إلى من عصيت.
وقال بشر: لو تفكر الناس في عظمة الله، ما عصوا الله عز وجل.
قال وهيببن الورد: اتق أن يكون الله أهون الناظرين إليك.
ومن خطورة السيئة وشؤمها فعل السيئة بعدها: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا [الشورى:40].
قال أبوالحسن المزين: الذنب عقوبة الذنب.
وكما قال القائل:
وكأس شربت على لذة وأخرى تداويت منها بها
وقد بين الله عز وجل أن سبب كفر بني إسرائيل وقتلهم الأنبياء أنهم اقترفوا المعاصي قال الله عز وجل: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُون َبِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَاعَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ [البقرة:61].
واعلموا – عباد الله – أن الذنب دين في ذمة فاعله لا بد من أدائه. قال أبو الدرداء رضي الله عنه: البر لا يبلى والإث ملا ينسى.
قال الفضيل بن عياض: ما عملت ذنباً إلا وجدته في خلق زوجتي ودابتي.
ونظر أحد العباد إلى صبي فتأمل محاسنه، فأتي في منامه وقيل له: لتجدن غبها بعد أربعين سنة.
وقال ابن سيرين حين ركبه الدين واغتم لذلك: إني لأعرف هذا الغم بذنب أصبته منذ أربعين سنة. وقال أحد السلف: نسيت القرآن بذنب عملته منذ أربعين سنة.
ومن أضرار الذنوب والمعاصي أنها تثخن صاحبها عن العبادة، كما قال رجل للحسن: يا أبا سعيد! إني أبيت معافى، وأحب قيام الليل، وأعد طهوري، فما بالي لا أقوم؟ فقال: ذنوبك قيدتك.
وقال الحسن أيضاً: إن الرجل ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليل.
وقال الثوري: حرمت قيام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبته.
وقال بعض السلف: كم من أكلة – يعني من حرام – منعت قيام ليلة، وكم من نظرة – يعني حرام – منعت قراءة سورة.
وقال أبو سليمان الداراني: لا تفوت أحد صلاة الجماعة إلا بذنب.
لذا فإن المؤمن العاقل يجتهد في البعد عن الذنوب، ويهجر أهل الذنوب والمعاصي، فإن شؤم معصيتهم يبلغه.
ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله : ((يغزو جيش الكعبة، فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم، قال: قلت: يارسول الله! يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم؟ قال: يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم))([5]).
ولما تزلزلت المدينة على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: والله لئن عادت مرة أخرى لا أساكنكم فيها.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات، والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
عبادالله: اتقوا الله تعالى وأطيعوه، وراقبوه في السر والعلن ولا تعصوه، واعلموا أن الذنوب والمعاصي – تضر في الحال والمآل، وأن ضررها في القلب كضرر السموم في الأبدان.
وما في الدنيا والآخرة شر وداء، إلا وسببه الذنوب والمعاصي فبسببها أخرج آدم عليه السلام من الجنة، وأخرج إبليس من ملكوت السموات، وأغرق قوم نوح، وسلطت الريح العقيم على قوم عاد، وأرسلت الصيحة على قوم ثمود، ورفعت قرى اللوطية حتى سمعت الملائكة نباح كلابهم، ثم قلبها الله عليهم، فجعل عاليها سافلها، وأرسل على قوم شعيب سحب العذاب كالظلل.
فسبب المصائب والفتن كلها الذنوب فالذنوب والمعاصي ما حلت في ديار إلا أهلكتها، ولا في قلوب إلا أعمتها، ولا في أجساد إلا عذبتها، ولا في أمة إلا أذلتها، ولا في نفوس إلا أفسدتها.
وللمعاصي آثار وشؤم،تزيل النعم، وتحل النقم.
قال علي بن أبي طالب – رضي الله عنه -: ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة.
وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30]. ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُم ُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَابِأَنْفُسِهِمْ [الأنفال:53].
إذا كنت في نعمة فارعها فإن الذنـــوب تزيل النـــعم
وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا قَرْيَةً كَانَتْ ءَامِنَةً مُطْمَئِنَّةًيَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ [النحل:112]. فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا [النساء:160].
روى أحمد عن ثوبان – رضي الله عنه -: ((إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ))([1]). وفي الحديث الآخر: ((الذنوب تنقص العمر)).
ومن شؤم المعصية أنها تمنع القطر، وتسلط السلطان، ففي سنن ابن ماجه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله قال: ((لم ينقص قوم المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤن وجور السلطان، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القِطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا))([2]). وقال مجاهد في قوله تعالى: وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ [البقرة:159]. قال: دواب الأرض تلعنهم، يقولون: يمنع عنا القطر بخطاياهم.
وقال عكرمة: دواب الأرض وهوامها حتى الخنافس والعقارب يقولون: منعنا القطر بذنوب بني آدم.
وقال أبو هريرة رضي الله عنه: ((إن الحبارى لتموت في وكرها من ظلم الظالم)).
وشؤم المعصية بلغ البر والبحر، كما قال تعالى: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الروم:41].
ومن شؤم المعصية أنها تورث الذل، وتفسد العقل،و تورث الهم، وتضعف الجوارح، وتعمي البصيرة، وأعظم من ذلك كله تأثيرها على القلب.
كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال: ((إن العبد إذا أذنب ذنباً نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه. وإنعاد زادت حتى تعلو قلبه، فذلك الران الذي ذكر الله في القرآن))، كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [المطففين:14].
وقال حذيفة رضي الله عنه: القلب هكذا مثل الكف في ذنب الذنب فينقبض منه ثم يذنب الذنب فينقبض منه حتى يختم عليه فيسمع الخير، فلا يجد له مساغاً([3]).
وقال الحسن: الذنب على الذنب،ثم الذنب على الذنب حتى يغمر القلب فيموت([4]). فإذا مات قلب الإنسان لم ينتفع به صاحبه. قال عبد الله بن المبارك:
رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عصيانها
والأحسن من هذا قول الله عز وجل: أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَن ْلَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لايَسْمَعُونَ [الأعراف:100].
قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: إن للسيئة سواداً في الوجه، وظلمة في القبر، ووهناً في البدن، ونقصاً في الرزق، وبغضة في قلوب الخلق.
وقال سليمان التميمي: إن الرجل ليذنب الذنب فيصبح وعليه مذلته.
ومن خطورة المعاصي أنها تضعف الحفظ، وربما أذهبته، وتحرم صاحبها العلم، كما قال الشافعي – رحمه الله -:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقال اعلم بأن العلم نور ونور الله لا يعطاه عاصي
اتقوا الله - عباد الله - ولا تقترفوا الذنوب، ولا تستهينوا بها، قالت عائشة رضي الله عنها: أقلوا الذنوب، فإنكم لن تلقوا الله عز وجل بشيء أفضل من قلة الذنوب.
خل الذنوب صغـيرها وكبيرها فهو التقى
واصنع كماشٍ فوق أرض الشوك يحذر ما يرى
لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى
قال بلال بن سعد: لا تنظر إلى صغر الخطيئة، ولكن انظر إلى من عصيت.
وقال بشر: لو تفكر الناس في عظمة الله، ما عصوا الله عز وجل.
قال وهيببن الورد: اتق أن يكون الله أهون الناظرين إليك.
ومن خطورة السيئة وشؤمها فعل السيئة بعدها: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا [الشورى:40].
قال أبوالحسن المزين: الذنب عقوبة الذنب.
وكما قال القائل:
وكأس شربت على لذة وأخرى تداويت منها بها
وقد بين الله عز وجل أن سبب كفر بني إسرائيل وقتلهم الأنبياء أنهم اقترفوا المعاصي قال الله عز وجل: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُون َبِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَاعَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ [البقرة:61].
واعلموا – عباد الله – أن الذنب دين في ذمة فاعله لا بد من أدائه. قال أبو الدرداء رضي الله عنه: البر لا يبلى والإث ملا ينسى.
قال الفضيل بن عياض: ما عملت ذنباً إلا وجدته في خلق زوجتي ودابتي.
ونظر أحد العباد إلى صبي فتأمل محاسنه، فأتي في منامه وقيل له: لتجدن غبها بعد أربعين سنة.
وقال ابن سيرين حين ركبه الدين واغتم لذلك: إني لأعرف هذا الغم بذنب أصبته منذ أربعين سنة. وقال أحد السلف: نسيت القرآن بذنب عملته منذ أربعين سنة.
ومن أضرار الذنوب والمعاصي أنها تثخن صاحبها عن العبادة، كما قال رجل للحسن: يا أبا سعيد! إني أبيت معافى، وأحب قيام الليل، وأعد طهوري، فما بالي لا أقوم؟ فقال: ذنوبك قيدتك.
وقال الحسن أيضاً: إن الرجل ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليل.
وقال الثوري: حرمت قيام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبته.
وقال بعض السلف: كم من أكلة – يعني من حرام – منعت قيام ليلة، وكم من نظرة – يعني حرام – منعت قراءة سورة.
وقال أبو سليمان الداراني: لا تفوت أحد صلاة الجماعة إلا بذنب.
لذا فإن المؤمن العاقل يجتهد في البعد عن الذنوب، ويهجر أهل الذنوب والمعاصي، فإن شؤم معصيتهم يبلغه.
ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله : ((يغزو جيش الكعبة، فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم، قال: قلت: يارسول الله! يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم؟ قال: يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم))([5]).
ولما تزلزلت المدينة على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: والله لئن عادت مرة أخرى لا أساكنكم فيها.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات، والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.