ظبياني خطير
03-16-2011, 11:49 PM
القانون التجاري
فصل تمهيدي :
المبحث الأول: تعريف
القانون التجاري ونشأته.
المبحث الثاني : خصائص القانون التجاري واستقلاليته.
المبحث الثالث : مصادر القانون التجاري ونطاقه
.
الفصل الأول : نظرية الأعمال التجارية
المبحث الأول : تمييز الأعمال المدنية على الأعمال
التجارية.
- معايير التمييز.
- أهمية التمييز.
المبحث الثاني : أنواع الأعمال التجارية
- الأعمال التجارية الموضوعية .
- الأعمال التجارية الشكلية .
- الأعمال التجارية بالتبعية و المختلطة
.
الفصل الثاني : التاجر
المبحث الأول :شروط اكتساب صفة التاجر
- الأهلية.
- إنتهاك الأعمال التجارية .
المبحث الثاني : إلتزامات التجار .
- القيد في السجل التجاري .
- مسك الدفاتر التجارية.
- مسك الدفاتر التجارية.
الفصل الثالث :المحل التجاري.
المبحث الأول : تعريف المحل التجاري
المبحث الثاني: العقود الواردة عل المحل التجاري
- بيع المحل التجاري – رهنه – تأجيره –تأجير....
الفصل الرابع: الشركات التجارية .
المبحث الأول : النظرية العامة للشركة
.
- تعريف عقد الشركة وطبيعته القانونية
.
- الشخصية المعنوية لعقد الشركة .
- بطلان عقد الشركة .
- انقضاء عقد الشركة.
المبحث الثاني : أنواع الشركات .
- شركات الأشخاص.( شركة التضامن،المحاصة، شركة التوصية
البسيطة).
- شركات الأموال( شركة الأسهم، شركة التوصية...)
الفصل الأول : نظرية الأعمال التجارية
المبحث الأول : تمييز الأعمال المدنية على الأعمال
التجارية.
ونتناول فيه معايير تمييز الأعمال المدنية على الأعمال
التجارية وآثار هذا التمييز
المطلب الأول- معايير تمييز الأعمال التجارية عن الأعمال
المدنية :
لم يتعرض المشرع الجزائري الى تعريف العمل التجاري، وحسنا
فعل ولا الى معيار
معين على ضوئه يتحدد العمل التجاري وإنما اكتفى بالنص في المواد 2 و
3 من ق ت على الأعمال التجارية شأنه في ذلك شأن المشرع
الفرنسي وقد ظهرت عدة
محاولات لدى الفقه للبحث عن المعيار الذي يتحدد على ضوئه العمل التجاري يمكن تصنيفها على النحو التالي
:
المعايير الموضوعية :تنظر هذه المعايير إلى القانون
التجاري على انه قانون النشاط
الاقتصادي دون الأخذ بعين الاعتبار صفة القائم به تاجرا كان أم لا وأهم هذه النظريات مايلي
:
نظرية المضاربة : يرى أنصار هذه النظريات أن المعيار
المميز للعمل التجاري هو
المضاربة أي قصد تحقيق الربح ورغم أن هذه النظرية تتفق مع طبيعة التجارة التي تقوم أساسا على تحقيق الربح
إلا أن الفقه الحديث يرفض هذه الفكرة كمعيار عام ويوجه لها الانتقادات التالية :
1- أن هناك من الأعمال المدنية ما يقصد منها تحقيق الربح
كما هو الحال لأصحاب المهن الحرة كالمهندس والطبيب .
2- فكرة تحقيق الربح ليست هي التي تحرك العمل التجاري
دائما فقد يضطر التاجر خوفا على بضاعته من التلف أو الفساد أو
هبوط سعر السوق إلى بيعها بأقل من ثمنها ، كما أن الأعمال
المتعلقة بالسفتجة من سحب.......وضمان تعتبر أعمالا تجارية
بالرغم من أنها لا تنطوي على تحقيق الربح
.
3- معيار المضاربة لا يمكن التحقق من وجوده إلا بعد
التحقق من القصد (النية)لذا يصعب على الدائن
غالبا إثبات القصد واضطلاع على النية الباطنة للمدين فيما إذا كان قصده المضاربة وتحقيق الربح أم لا ثم هل تحقيق
الربح كان مقصودا ابتداءا
،وبالتالي تصبح هناك سلطة تقديرية للقضاء لتقدير وسيلة الإثبات المقدمة من طرف الدائن وهنا يثور التساؤل ، حول طبيعة القاضي
؟هل هو قاضي مدني أم تجاري ؟ لا
سيما عندما نكون أمام ازدواجية القضاء (مدني أو تجاري).
نظرية التداول : يرى اصحاب هذه النظرية أن التجارة هي
تداول الأموال ، ومن ثم يعتبر عملا تجاريا كل عمل يدخل في هذا التداول
أما الأعمال المدنية فهي ....على المال ( الثروات )قبل
تداوله أو بعد وصولها للمستهلك وقد انتقدت كما يلي :
1- هناك من الأعمال التي تدخل في حركة التداول ومع ذلك
فهي أعمال مدنية كعمل المزارع فهو أول من يدفع بالسلعة الى التداول.
2- مفهوم التداول مفهوم واسع فهو يشمل كافة النشاط الإنساني
بما فيه تقديم الخدمات
ولا يقتصر على السلع وهذا يعني اعتبار أصحاب المهن الحرة تجارا مع أنه من المتفق عليه أن نشاطهم يعتبر
مدنيا.
نظرية الوساطة في التداول :مضمونها أن الأعمال التجارية
هي الأعمال التي تشكل
وساطة أو تكون وساطة في تداول الثروات وقد استند أصحاب هذه النظرية إلى المشرع الفرنسي الذي اعتبر الشراء
لأجل البيع عملا تجاريا وفضلا على الانتقادات السابقة فإنه يمكن توجيه الإنتقاد التالي
:
- أن الوساطة لا تعني بالضرورة تداول الثروة فقد لا يتدخل
الوسيط في بعض العلاقات
ولا يتحمل أي التزام كما هو الحال بالنسبة للسمسار .
المعايير الشخصية : يرى أصحاب هذه المعايير أن تحديد
الأعمال التجارية يعتمد
على التاجر فالقانون التجاري هو الذي ينظم مهنة التجار فهو قانون مهني يحكم نشاط محترفي التجارة وأنصار
هذا المعيار يقدمون نظريتين .
أ – نظرية المشروع ( المقاولة ) يرى أصحابها أن الأعمال
التجارية هي تلك الأعمال
التي يقوم بها الشخص على سبيل المقاولة أو المشروع والمقاولة هي
:التي تتكرر فيها الأعمال بشكل منتظم مع استعمال وسائل
الإنتاج ويضيف البعض
الآخر من الفقه استعمال اليد العاملة والمضاربة على انتاجها ولا يهم بعد ذلك طبيعة العمل أو الغرض منه ومثال
ذلك مقاولات البناء والحفر ،مقاولات بيع و تأجير العقارات
..
انتقدت كما يلي :
1- أن المشرع الجزائري على غرار التشريعات الأخرى ذكر في
المادة 2 ق.ت أعمالا
اعتبرها تجارية ولو وقعت على سبيل الإنفراد لانعدام عنصر التكرار مثل عقود الوساطة ،الشراء لأجل
البيع،الوكالة بعمولة ...
2- هناك بعض الأنشطة تمارس في شكل مقاولات ومع ذلك في
أعمال مدنية كالمؤسسات الحرفية ، مكاتب التوثيق .
نظرية المهنة (الحرفة) : وسميت كذلك بدل نظرية الحرفة
تفاديا للخلط بين التاجر
و الحرفي ، صاحب هذه النظرية الفقيه الفرنسي جورج ربار الذي يرى وجوب الاعتماد في تحديد نطاق القانون
التجاري على تحديد المهنة التجارية ويقصد بها مجموعة الأعمال التي يمارسها شخص بشكل متواصل خلال مدة زمنية معينة ، ويفرق أصحاب هذه النظرية بين
المهنة والمقاولة في كون الأولى تستدعي استعمال وسائل الإشهار والإعلان بخلاف الثانية وقد وجه لهذه النظرية الانتقادات التالية
:
1- بالرغم من التمييز المقدم بين نظرية المقاولة ونظرية
المهنة إلا أن الواقع أنه لا فرق بينهما .
2- نجد أنفسنا من خلال هذه النظرية مضطرين إلى الرجوع إلى
القانون التجاري لتحديد
الأعمال موضوع الاحتراف وبالتالي فإن هذه النظرية لا تضع معيارا محددا لتمييز هذه الأعمال بل أنها تدخلنا
في جدل موضوعي مفاده : هل الأعمال
التجارية المنصوص عليها في ق ت هي التي تحكم أساس هذه النظرية أم أن هذه النظرية هي التي تحدد معيارا
للأعمال التجارية .
موقف المشرع الجزائري : بالرجوع إلى ق ت ج نجد أن المواد
2-3 أوردت تعداد للأعمال
التجارية دون أن تلتزم بقاعدة معينة أو معيار محدد إقتداء ا بالمشرع الفرنسي .
المطلب الأول- أثار التمييز بين الأعمال التجارية
والأعمال المدنية :
تختلف العلاقات المدنية عن العلاقات التجارية من حيث
طبيعتها ومقتضياتها هذا
الاختلاف يستلزم اختلافا بينهما في التنظيم القانوني ،فالأعمال التجارية هي وحدها التي يحكمها القانون
التجاري من حيث طبيعتها ومقتضياتها هذا الاختلاف يستلزم اختلافا بينهما في التنظيم القانوني فالأعمال التجارية هي وحدها التي يحكمها القانون
التجاري بخلاف الأعمال المدنية التي تظل بحكم الأصل خاضعة للقانون المدني وأهم موضوعات الاختلاف مايلي
:
01) الإثبات: يقصد به إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق
التي حددها القانون على
وجود واقعة قانونية رتبت أثارها ، القاعدة العامة في المواد التجارية حرية الإثبات وبالتالي يجوز إثبات
التصرفات القانونية التجارية بشتى وسائل الإثبات مهما كانت قيمتها وقد نصت على هذا المبدأ المادة 30 ق ت ((
يثبت كل عقد تجاري بسندات رسمية
– سندات عرفية – فاتورة مقبولة – بالرسائل – بدفاتر الطرفين – بالإثبات بالبينة أو بأي وسيلة أخرى إذا رأت المحكمة وجوب قبولها )).
أما الإثبات في المسائل المدنية الأصل فيه أنه مقيد إذ لا
يجوز لإثبات البينة
متى زادت قيمة الحق عن 100000 دينار جزائري وفقا للمادة 333 قانون مدني التي تنص (( في غير المواد التجارية
إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته على 100000دج أو كان غير محدد القيمة فلا يجوز الإثبات بالشهود
في وجوده أو انقضائه ما لم
يوجد نص يقضي بغير ذلك )) تطبيقا لهذا المبدأ يمكن أن نلاحظ أهمية التفرقة بين العمل المدني والعمل التجاري في المسائل التالية :
01- يجوز إثبات ما يخالف أو يتجاوز المكتوب بدليل غير
كتابي في المسائل التجارية
خلافا للقاعدة العامة في المعاملات المدنية إذ لا يجوز إثبات ما يخالف الكتابة أو يجاوزها إلا بدليل
كتابي .
02- يجوز الاحتجاج بالأوراق التجارية على الغير حتى ولو
لم تكن ثابتة التاريخ
بعكس الأعمال المدنية التي تخضع لقاعدة عدم جواز الاحتجاج بالمحررات العرفية على الغير .
03- يجوز في المواد التجارية إثبات تاريخ السندات العادية
بالنسبة للغير بجميع
طرق الإثبات وذلك خلافا لما هو مقرر في المواد المدنية إذ لا يعد السند العادي صحيح إلا من يوم تسجيله أو
من يوم إثباته بسند رسمي .
02) الاختصاص: وهو
نوعان :
أ) الاختصاص النوعي : على خلاف ماهو موجود في كثير من
الدول التي تخصص محاكم
مدنية ومحاكم تجارية منفصلة يقوم القضاء الجزائري على وحدة المحاكم المدنية والتجارية حيث يختص نوع واحد من
المحاكم بالنظر في المنازعات المدنية والتجارية غير أنه يلاحظ من الناحية العملية أنه توجد داخل المحاكم والمجالس أقساما وغرفا يختص كل
واحد منها بالنظر في نوع معين من المنازعات وهذا التقسيم ماهو إلا تنظيم داخلي تسهيلا للعمل لا ينتج عنه
أي اختصاص نوعي ويترتب على ذلك
أنه إذا رفعت دعوى مدنية أمام القسم التجاري أو العكس لا يجوز الطعن بعدم الاختصاص النوعي ولا يجوز رفض الدعوى شكلا لذات السبب بل كل ما يجب فعله هو إحالة
الدعوى على القسم المختص بذات المحكمة، وإذا حكمت في الدعوى يكون حكمها صحيحا على اعتبار أنه صادر من محكمة مختصة .
ب) الاختصاص المحلي :في النزاعات المدنية تكون المحكمة
المختصة هي محكمة موطن
المدعَى عليه عملا بقاعدة (الدين مطلوب وليس محمول )، بينما في المعاملات التجارية يجوز للمدعي الاختيار
في أن يرفع دعواه أمام إحدى المحاكم
الثلاث التالية :
1- محكمة موطن المدعى عليه : ويعتبر المكان الذي يباشر
فيه الشخص تجارته موطنا
بالنسبة للأعمال المتعلقة بهذه التجارة إلى على جانب موطنه الأصلي إلا أن هناك استثناءات على هذه القاعدة
ذكرتها المادة 08 قانون إجراءات مدنية
أ) ترفع الدعاوى في مواد الإفلاس والتسوية القضائية أمام
المحكمة التي يقع
في دائرة اختصاصها مكان افتتاح الإفلاس أو التسوية القضائية .
ب) ترفع الدعوى العقارية أو الأشغال المتعلقة بالعقار
ودعاوى الإيجارات المتعلقة
بالعقارات أمام المحكمة التي يقع العقار في دائرة اختصاصها.
2- محكمة إبرام العقد وتسليم البضاعة: هي المحكمة التي تم
إبرام العقد في دائرة
اختصاصها أو مكان التسليم الفعلي قد حصل في دائرة اختصاصها.
3- محكمة محل الدفع أو الوفاء : هي المحكمة التي تم
الاتفاق بين الطرفين على أن الوفاء يتم في دائرة اختصاصها.
03) التضامن : التضامن بين المدينين في المعاملات المدنية لا يفترض وإنما يكون بناءا
على اتفاق المادة 217 ق.م
أما في المعاملات التجارية فهو مفترض بين المدينين عند
تعددهم دون الحاجة إلى نص أو اتفاق وهو ما جرى عليه
العرف .
04) الإعذار: هو تنبيه يوجهه الدائن للمدين بعد حلول أجل
الدين بوجوب الوفاء
به ويسجل عليه تأخره في الوفاء ويحمله ما يترتب على هذا التأخر من مسؤولية والأصل أن الإعذار في المسائل
المدنية أن يتم بورقة رسمية عن طريق المحضر القضائي أما الإعذار في المسائل التجارية فيمكن أن يتم بخطاب
عادي دون الحاجة إلى ورقة رسمية
.
05) الإفلاس والتسوية القضائية: يعتبر الإفلاس نظام خاص
بالتجار يهدف إلى تصفية
أموال المدين وتوزيع المبالغ الناتجة عنها إلى الدائنين وهي حالة الإفلاس القضائي أو مساعدة هذا التاجر
على استعادة قدرته المالية من خلال تدابير يفرضها القانون وهي حالة التسوية القضائية، وهو نظام يتصف
بالشدة والقسوة قصد توفير الضمان
والثقة لدى الدائنين لذا يخضع لهذا النظام التاجر وحده أما الشخص المدني فيخضع لنظام الانكسار.
06) الإفلاس والتسوية القضائية: جرى العمل على منح مهلة
قضائية للوفاء في المواد
المدنية إذا كان المدين حسن النية المادة 210 قانون مدني ، بنما لا يجوز منح هذه المهلة في المواد التجارية
إلا عند الضرورة نظرا لسرعة الحياة
التجارية .
07) النفاذ المعجل :الأحكام الصادرة في المعاملات المالية
المدنية غير قابلة
للتنفيذ إلا بعد أن تحوز حجية الشيء المقضي فيه و لايمكن الخروج عن هذه القاعدة إلا في حالات استثنائية نص
عليها المشرع ،أما الأحكام الصادرة في المعاملات التجارية فهي معجلة النفاذ ولو لم تستوفي أوجه الطعن بشرط
أن يدفع التاجر الذي صدر الحكم
لمصلحته كفالة وذلك لحاجة الحياة التجارية للسرعة واستقرار المعاملات.
08) صفة التاجر: احتراف الأعمال التجارية من شأنه أن يكسب
الشخص ومن ثم يخضع
الى كل التزامات التجار كالقيد في السجل التجاري على خلاف الشخص المدني الذي يمارس أعمالا مدنية ويخضع
لأحكام القانون المدني .
09) حوالة الحق: تقضي المادة 241 من القانون التجاري على
انه لايحتج بحوالة
الحق قبل المدين أو قبل الغير إلا إذا رضي بها المدين أما في القانون التجاري فإنه تجوز حوالة الحق الثابتة في الوراق التجارية بمجرد التوقيع عليها ودون الحاجة الى رضى
المدين .
10) الفوائد: لا تسري الفوائد في المسائل المدنية إلا بعد
الإعذار والمطالبة بها أمام القضاء
أم في المسائل التجارية فيبدأ تاريخ سريان الفوائد من تاريخ حلول أجل الدين كما يلاحظ أن المشرع المدني لا يأخذ بالفوائد المركبة كما لا يسمح أن تتجاوز
قيمة الفائدة رأس المال أما في القانون التجاري فيجوز تقاضي الفوائد حتى ولو تجاوز مجموعها رأس المال
ولا مانع أيضا من أخذ الفائدة
على متجمد الفوائد (الفائدة المركبة) كما هو الحال في الحساب الجاري وتجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري يحرم الفائدة بين الأشخاص 454 ق م
كما أن نسبة الفائدة تحكمها الأعراف المصرفية على خلاف ما
هو معمول به في بعض الدول كمصر وفرنسا .
11) التقادم المسقط:على الرغم من التعديلات التي أدرجها
المشرع الجزائري على
القانون التجاري فإنه لم يتكلم عن التقادم المسقط في الدعاوى التجارية لذلك تتقادم الدعاوى مدنية كانت أم
تجارية بالتقادم الطويل أي 15 سنة غير انه بالرجوع الى نصوص القانون التجاري في أبوابه المختلفة نجده قد نص
على التقادم قصير المدى في بعض
الحالات مثل : الدعاوى الناشئة عن عقد نقل الأشخاص تتقادم بمرور 05 سنوات ، الدعاوى الناشئة عن نقل الأشياء أو البضائع تتقادم بمرور سنة واحدة
.
ـ القانون التجاري: هو مجموعة القواعد القانونية التي تطبق على الأعمال التجارية وتنظم حرفة التجارة. ومعنى ذلك
أن القانون التجاري ينظم علاقات معينة فقط تنشأ نتيجة القيام بأعمال معينة هي الأعمال التجارية كما
ينظم نشاط طائفة معينة هي طائفة
التجار. وتشمل كلمة تجارة من الناحية القانونية معنى أوسع منه من الناحية الاقتصادية إذ يقصد من هذه الناحية الأخيرة
كل ما يتعلق بتداول وتوزيع
الثروات. أما من الناحية القانونية : تشمل التجارة علاوة على ذلك العمليات الإنتاجية فالصانع في المعنى القانوني الذي سنتناوله في هذا الخصوص ليس إلا تاجرا.
علاقة القانون التجاري بالقانون
المدني وفروع القانون
2 ـ القانون التجاري وفقا للتعريف السابق ليس إلا فرعا من فروع القانون الخاص شأنه في ذلك شأن القانون المدني
إلى جوار الفروع الأخرى كقانون العمل وقانون الأسرة وإذا كان القانون المدني ينظم أساسا كافة العلاقات بين مختلف الأفراد دون تميز بين نوع
التصرف أو صفة القائم به أي قانونا عاما فإن القانون التجاري ينظم فقط علاقات معينة هي العلاقات التجارية
وقد أدى إلى ظهور هذا النوع من
القواعد القانونية الظروف الاقتصادية والضرورات العملية التي استلزمت خضوع طائفة معينة من الأشخاص هم التجار ونوع معين
من المعاملات هي الأعمال
التجارية لتنظيم قانوني يتميز عن ذلك الذي يطبق على المعاملات المدنية حيث عجزت القواعد المدنية عن تنظيم المعاملات
التجارية التي قوامها السرعة من جهة
والثقة والائتمان من جهة أخرى.
فالملاحظة أن المعاملات المدنية تتسم
دائما بالثبات والتروي.
3 ـ وعلى عكس ذلك البيئة التجارية التي تتطلب السرعة والثقة في وقت واحد فطبيعة العقود التي تجرى في مجال التجارة
تختلف كل الاختلاف عن تلك التي تجرى في البيئة المدنية ذلك أن الصفقات التي يبرمها التاجر لا تكون
بقصد الاستعمال الشخصي أو بقصد
الاحتفاظ بها وإنما لإعادة بيعها لتحقيق ربح من فروق الأسعار كما وأن مثل هذه الصفقات تعقد كل يوم مرات ومرات بالنسبة
لكل تاجر وهو يبرمها بأسلوب
سريع.
وقد ظهرت فعلا عادات وتقاليد معينة التزمت بها طائفة من التجار في
معاملاتهم التجارية تختلف عن تلك
القواعد التي تنظم المعاملات المدنية واضطر المشرع إلى تقنين هذه العادات التجارية في مجموعات خاصة بالتجارة والتجار وظلت هذه القواعد الجديدة تزداد شيئا فشيئا
حتى اصبح لها كيان مستقل.
4 ـ على أنه لما كان القانون المدني هو الشريعة العامة لجميع الأفراد
وجميع التصرفات فإن أحكام وقواعد
القانون التجاري ليست إلا استثناء من أصل عام يجب الرجوع إليه في كل حالة لا يحكمها نص خاص. تظهر هذه الصلة الوثيقة
بين القانون المدني والتجاري
بوضوح في معظم التشريعات ففي القانون الفرنسي وكذلك الجزائري نجد المجموعة التجارية لا تتكلم عن البيع إلا في مادة واحدة وتلجأ بالنسبة لباقي الأحكام إلى
القواعد العامة بالقانون المدني.
5 ـ على أننا نجد من جانب آخر أن القانون التجاري أثره في القانون المدني ويتمثل في عدة حالات منها اعتبار الشركات
التي تأخذ الشكل التجاري شركات تجارية تخضع للقانون التجاري أيا كان موضوع نشاطها كما قد يقرر المشرع اكتساب الشركة لصفة التاجر بصرف النظر عن
طبيعة نشاطها سواء كان موضوع نشاطها تجاريا أو مدنيا ومن الأمثلة شركات الأسهم تجارية دائما وذلك
بحسب الشكل سواء كان موضوع
نشاطها تجاريا أو مدنيا والتشريع التجاري الجزائري الصادر سنة 1975 والذي نصت المادة 544 منه على أن تعد شركات بسبب شكلها مهما كان موضوعها شركات المساهمة
والشركات ذات المسؤولية المحدودة وشركات التضامن.
6 ـ المناداة بوحدة القانون الخاص :
نظرا للصلة الوثيقة بين أحكام القانونين التجاري والمدني ظهر اتجاه في الفقه القانوني ينادي بإدماجهما معا في قانون
واحد يطبق على جميع الأفراد وفي جميع المعاملات دون تفرقة بين عمل مدني أو تجاري أو بين تاجر وغير تاجر وذلك بفرض الوصول إلى ما يسمى بوحدة
القانون الخاص.
7 ـ ويطالب أنصار هذا الرأي بسريان قواعد القانون التجاري من سرعة
وبساطة، في الإجراءات على قواعد
القانون المدني كلما اقتضى الأمر ذلك حتى يفيد من ذلك التاجر وغير التاجر كما أنه إذا كانت إجراءات القانون المدني بها
بعض القيود والشكليات في تصرفات
معينة أو عقود خاصة نظرا لأهميتها فإنه يمكن فرض هذه القيود والشكليات في تصرفات التجارية الهامة حتى تستقر بشأنها المنازعات.
ويرى أنصار هذا الرأي أن القانون التجاري بإعتباره قانون الأعمال في عصرنا
هذا إنما يتضمن في الواقع
النظرية العامة في الأموال والالتزامات التي تطبق على جميع التصرفات التي تجرى بين الأفراد العاديين وبين من يساهمون في الحياة الاقتصادية بصفة عامة.
8 ـ قد أخذت فعلا بعض البلاد بهذا الاتجاه كما هو الحال في الولايات
المتحدة وإنجلترا وسويسرا وإيطاليا
حيث استطاعت معظم هذه البلاد إدخال العناصر والصفات التجارية للقانون المدني ومثال ذلك القانون المدني الإيطالي الصادر عام 1942 الذي رد القانون التجاري
إلى حظيرة القانون المدني فألغى مجموعة القانون التجاري وأدمج موضوعاتها في مجموعة القانون المدني.
9 ـ ضرورة استقلال القانون التجاري :
إن فكرة المناداة بتوحيد أحكام القانون التجاري مع القانون المدني وإن
كانت تعد منطقية في ظاهرها إلا
أنها تخالف في جوهرها حقيقة الأوضاع والضرورات العملية فما من شك أن المعاملات التجارية لها لما يميزها عن المعاملات المدنية مما يستتبع وضع نظام خاص بها
فطبيعة المعاملات التجارية تقتضي السرعة وسهولة الإجراءات.
وليس من المفيد أن تنتقل هذه التسهيلات إلى الحياة المدنية التي تتسم بطابع الاستقرار والتروي وذلك أن من شأن تعميم
هذه السرعة في الإجراءات زيادة المنازعات وعدم استقرار التعامل بين المدنيين وصعوبة الإثبات أمام
القضاء وخاصة أن مسك الدفاتر أمر
لا يلتزم به سوى التجار كما وأن المناداة بنقل بعض الإجراءات الرسمية والشكلية المدنية إلى العقود التجارية أمر يؤدي
في الواقع إلى عرقلة التجارة
مهما بلغت أهمية عقودها أو ضخامتها. كما أن تشجيع المدنيون على التعامل بالأوراق التجارية خاصة الكمبيالات منها من شأنه أن يدفع بهذه الطائفة من الأفراد في
مجالات لا شأن لها بها.
10 ـ ويلاحظ أن البلاد التي أخذت بتوحيد كلا القانونين لم تستطع إدماجها إدماجا كليا حيث ظلت فيها بعض الأحكام
والقواعد المستقلة التي تنفرد بها المعاملات التجارية وطائفة التجار كما هو الحال في بلاد الأنجلوسكونية
ومن الأمثلة على ذلك إنجلترا
حيث أصبحت النظم التجارية منفصلة عن مجموع القانون العام مثل قانون بيع البضائع وقانون الإفلاس والشركات وكذلك
الحال في كل من القانون السويسري
والإيطالي الذي وضع كل منها بعض النظم الخاصة بالتجارة والتجار مثل مسك الدفاتر التجارية والإفلاس.
إن للقانون التجاري أصالته في عدة موضوعات لا نجد لها سندا إلا بالمجموعة التجارية مثل الإفلاس وتصفية الأموال
وعمليات البنوك خاصة ما يتعلق منها بالحساب الجاري وخطابات الضمان والتحويل المصرفي التي نشأت نتيجة المقتضيات العملية واقرها القضاء التجاري.
11 ـ والواقع أنه ما من شك في أن لكل من القانون المدني والتجاري مجاله
وأن في إدماجهما في قانون واحد
لا يتناسب مع طبيعة معاملات كل منهما بل أن فيه إنكار للواقع على أن استقلال القانون التجاري لا يعني إنكار الصلة
الوثيقة بينه وبين القانون المدني
إذ قد يعتمد القانون التجاري على بعض أحكام القانون المدني اعتمادا كليا ويكتفي بالإحالة عليها ويؤدي هذا إلى
اعتبار القانون المدني الأصل العام
الذي يرجع إليه كمصدر من مصادر القانون التجاري.
12 ـ علاقة القانون التجاري بعلم الاقتصاد :
يتصل القانون التجاري اتصالا وثيقا بعلم الاقتصاد فهذا الأخير يبحث إشباع الحاجات الإنسانية عن طريق موارد الثروة
وعلم القانون ينظم وسائل الحصول على هذه الحاجات وتحقيقها فالأشياء أو الأموال التي يهتم رجل الاقتصاد بعوامل إنتاجها وتداولها وتوزيعها
واستهلاكها هي ذاتها التي يهتم رجل القانون ببيان نظامها من الناحية القانونية والقضائية والاتفاقية وهذه الأشياء التي يتناولها رجل القانون ورجل
الاقتصاد كل من ناحيته هي تلك التي يراد استخدامها وتسخيرها لخدمة الإنسان في أجسادهم وأرواحهم.
والواقع أن هذه الصلة الوثيقة بين القانون التجاري وعلم الاقتصاد أساسها ما
يتركه كل منهما من أثر على الآخر
فالنشاط الاقتصادي واتساعه أدى إلى خلق قواعد قانونية جديدة في المجال التجاري والجوي والصناعي والمالي مثل عقود
النقل والتأمين والتشريعات
الصناعية وعمليات البنوك كما وأن هذه الصلة الوثيقة بينهما جعلت البعض يرى في القانون التجاري النشاط الاقتصادي.
13 ـ علاقة القانون التجاري بالقانون الدولي :
للقانون التجاري صلات وثيقة بالقانون الدولي الخاص فهو يقوم بتنظيم العلاقات التجارية الخارجية إذ يحكم المعاملات
التي تنشأ بين أفراد الدولة مع رعايا الدول الأخرى في المعاملات الناشئة عن التصدير والاستيراد والتبادل التجاري بين رعايا الدول المختلفة
وللقانون التجاري أيضا صلة بالقانون الدولي تظهر في حالة إبرام اتفاقيات تجارية دولية وتعتبر هذه الصلة بين القانون التجاري وكل من القانون الدولي
الخاص والعام سببا في اعتبار الحاجة ماسة إلى توحيد حكم هذا الفرع من القانون،فنظرا لازدياد
العلاقات التجارية الدولية نتيجة
سهولة وسائل النقل وانشارها نشأت الحاجة إلى توحيد أهم قواعد القانون التجاري نظرا لاختلاف القواعد الداخلية لكل دولة
وذلك للقضاء على مشكلة تنازع
القوانين وقد لجأت الدول والتجار إلى عدة وسائل لتوحيد أحكام القانون التجاري ومن الأمثلة على ذلك ما يأتي
:
أ/ ـ في مجال التوحيد الإتفاقي لا التشريعي لجأ التجار أنفسهم إلى وضع
قواعد اتفاقية موحدة للعلاقات
الدولية يؤخذ بها إذا رغب أطراف التعاقد بمعنى أن توحيد الأحكام يتم بطريق إصدار نماذج عقود دولية يلتزم المتعاقدين بها
في عقودهم الدولية ومن ذلك
عقود البيع الدولية النماذج المعدة لعقد التصدير والإستراد أو العقود التي تجريها الهيئات المهنية كالنقابات والغرف التجارية.
ب/ ـ في مجال المعاهدات لجأت الدول إلى توحيد بعض أحكام القانون التجاري
عن طريق المعاهدات الدولية
التي تضع أحكام قانونية موحدة تقبلها الدول الموقعة عليها وتلتزم بها في العلاقات الدولية فقط بمعنى أن العلاقات الداخلية لهذه الدول الموقعة على
الاتفاقيات لا تخضع لأحكام هذه الأخيرة وإنما تخضع لأحكام القانون الداخلي ومن الأمثلة على ذلك اتفاقية بون
1953 في حالات النقل بالسكك
الحديدية إذ حددت هذه الاتفاقية شروط وآثار عقد النقل في حالة ما إذا كان النقل يتعدى الحدود السياسية للبلاد
المتعاقدة.
ج/ ـ كما لجأت الدول إلى عقد اتفاقيات دولية تؤدي إلى إنشاء قانون موحد
لجميع الدول المتعاقدة على أن تتعهد
هذه الدول بتعديل قانونها الداخلي بما يطابق أحكام هذه الاتفاقيات بحيث تصبح هذه الأخيرة بمثابة قانون داخلي ومن الأمثلة على هذه الاتفاقيات اتفاقية جنيف
بخصوص توحيد أحكام الكمبيالة والسند الإذني سنة 1930 وأحكام الشيك 1931.
II ـ علاقة القانون التجاري بفروع القانون الأخرى :
هذا وبالإضافة إلى ما سبق ذكره، فإن للقانون التجاري علاقة بفروع القانون الأخرى التي سوف لم نتطرق لهما هذا بسبب
عدم أهميتها القصوى.
III ـ تطور القانون التجاري :
عرفت التجارة قواعد وأحكام وأعراف خاصة بها منذ العصور الأولى وكان القائمون بالتجارة يمثلون طائفة خاصة في المجتمع
لها عاداتها وتقاليدها. وما من شك في أن التجارة كانت معروفة عند الكثير من الشعوب القديمة خاصة تلك التي كانت تسكن سواحل البحر الأبيض المتوسط
حيث مكنها موقعها الجغرافي من ممارسة التجارة ولن نتعرض في هذا المقام إلى دراسة تفصيلية لنشأت
القانون التجاري في مختلف العصور
والأزمان لذلك سوف نقترح على إيضاح تطور نشأت القوانين والأحكام التجارية بصفة عامة.
ـ في العصور القديمة
:
تمتد نشأت القانون التجاري إلى زمن بعيد فقد نشأت الأعراف التجارية عند شعوب البحر الأبيض المتوسط وقدماء المصريين
والآشوريين والكلدانيين خاصة في مجال التعامل بالنقد والاقتراض والفائدة واستخدام بعض الصكوك التي تشبه إلى حد ما البوليصة والسند للأمر ولعل
أهم الدلائل على ذلك ظهور عدة قواعد قانونية تجارية في مجموعة حامورابي في عهد البابليين 1000 سنة قبل
الميلاد منها ما يتعلق بعقد الشركة
وعقد القرض فلم تكن هذه القواعد سوى تقنين للأعراف التي كانت سائدة آنذاك.
وعرف الفينيقيون والإغريق التجارة خاصة البحرية منها إذ اهتموا بوضع القواعد الخاصة بالتجارة البحرية وتركوا تراثا
هاما في ذلك الفرع من القانون مثل الأحكام الخاصة بمبدأ الخسارة المشتركة أو العوار المشترك.
ولا يفوتنا التنويه بدور العرب في مجال التجارة ابتداء من القرن السابع الميلادي إذ ظهرت أنظمة جديدة في مجال
التجارة كشركات الأشخاص ونظام الإفلاس والكمبيالة ( السفتجة ) في عهد الرومان.
لما اتسعت رقعة الإمبراطورية الرومانية وشملت معظم أوروبا وشمال إفريقيا
وبعض أجزاء آسيا ظهرت فيها حركة
تقنينية واسعة لتنظيم المعاملات بين الأفراد وتحديد الحقوق والواجبات غير أن هذه التنظيمات الكبيرة لم تكن تحتوي
على قواعد وأحكام تجارية رغم
ظهور كثير من المعاملات التجارية مثل الشركات، كذلك ظهرت أعمال تجارية أخرى كالمصارف بسبب استخدام النقود المعدنية وإمساك الدفاتر التجارية.
ولعل السبب في عدم إشمال المجموعات المدنية الرومانية لمثل هذه القواعد التي تنظم التجارة هو أن الرومان كانوا يتركون
القيام بهذه الأعمال للرقيق والأغراب
اعتقادا منهم أنها أعمال دنيا.
على أنه لما اندمج القانون المدني وأصبح هذا الأخير هو الشريعة العامة التي تطبق على جميع التصرفات القانونية وعلى
جميع الأفراد أصبح القانون المدني الروماني يحتوي على جميع الأحكام والقواعد الخاصة بالتجارة سواء
البحرية أو البرية إلى جوار الأحكام
المدنية وكانت أحكام هذا القانون تطبق على جميع الرومان دون تفرقة بين تاجر وغير تاجر ذلك أن الرومان كانوا
يؤمنون بفكرة قانون موحد يحكم جميع
التصرفات.
غير أنه وفي الفترة ما بين القرن 11 وحتى القرن 16 جاء القانون التجاري
أكثر وضوحا واستقلالا عن القانون
المدني وذلك نتيجة زيادة التجارة البرية والبحرية بسبب الحروب الصليبية في القرن الحادي عشر ويمكن القول أن
قواعد القانون التجاري والبحري قد
وصلت في تطورها في هذا العصر إلى مرحلة يمكن اعتبارها أساسا للقانون التجاري الحالي ففي إيطاليا وجدت أسواق عالمية لتبادل التجارة ومن ثم نشأت طائفة من
الأشخاص في ممارسة هذا النوع من النشاط وخضعت في تنظيم أمورها إلى التقاليد والعادات التي استقرت بينهم وقامت هذه الطائفة بانتخاب قناصل من كبار
التجار يختصون في الفصل في المنازعات
التي تنشأ بين التجار وذلك وفقا للعرف والعادات والتقاليد التي استقرت بينهم. (*1)
ـ في الفترة ما بين القرن 17 حتى
نهاية القرن 18:
أصبح القانون التجاري خلال هذه الفترة قانونا مهنيا خلق بواسطة التجارة
وليطبق على التجار كما تميز
القانون التجاري بأنه قانون عرفي وأصبح أيضا قانونا دوليا يطبق خلال هذه الفترة على دول أوروبا الغربية
.
أما في العصر الحديث فقد بدأ انتشار التقاليد والعادات في بلاد أوروبا
وخاصة المدن الفرنسية كان وباريس
ومرسيليا ولما ظهرت الحاجة إلى تقنين هذه العادات والتقاليد في مجموعات قانونية لتنظيم أعمال هذه الطائفة أصدر الملك لويس الرابع عشر أمرا ملكيا بتقنين
العادات والتقاليد الخاصة في مجموعة مستقلة فصدرت في مارس 1673ـ 1681 وهي خاصة بالشركات والأوراق التجارية والإفلاس ويطلق عليها مجموعة
سافاري وتبعتها مجموعة خاصة بالتجارة
البحرية وتعتبر هذه الأوامر الملكية مرجعا وافيا للقانون التجاري والبحري لكثرة ما تناولتها من موضوعات
وكان القانون التجاري في أول أمره قانونا شخصيا فكان يعد تاجرا كل من هو مقيد في السجل التجاري وبعد
إلغاء نظام الطوائف عقب الثورة
الفرنسية 1789 وإعلان مبدأ حرية التجارة تكونت لجنة عام 1801 لوضع مشروع القانون التجاري على أساس هذه المبادىء
الجديدة فأخد القانون التجاري طابعا
موضوعيا حيث وضعت فكرة العمل التجاري كأساس لتطبيق أحكام القانون التجاري وأصبح التاجر هو من يتخذ الأعمال
التجارية حرفة معتادة له ولم يعد
التاجر من هو مقيد بالسجل التجاري.
ـ نطاق ومجال القانون التجاري
:
اختلف كثير من الفقهاء في تحديد نطاق القانون التجاري وكان هذا الاختلاف عن
عمد وذلك لانتماء كل فريق منهم
إلى نظرية معينة دون غيرها وكان نتيجة هذا الاختلاف أن ثار التساؤل، هل القانون التجاري هو قانون التجار ؟ أم هو القانون الذي يحكم الأعمال التجارية ؟
ويمكن رد الآراء التي قال بها الفقهاء إلى نظريتين، الأولى وهي النظرية الموضوعية
Théorie Objective والثانية هي النظرية الشخصية
Théorie Subjective وسنتناولهما فيما يلي
:
ـ أولا ـ النظرية الموضوعية : (*1)
وفحوى هذه النظرية عند القائلين بها،
أن القانون التجاري تحدد دائرته بالأعمال التجارية
Actes
de Commerce وتطبق أحكامه على هذه الأعمال دون ارتباط
بشخص القائم بها سواء
كان يحترف التجارة أو لا يحترف ولكن العبرة بموضوع النشاط الذي يمارسه الشخص وحتى ولو قام به مرة واحدة،
أما إذا استمر الشخص في مزاولة النشاط على سبيل الاحتراف فإنه يكتسب صفة التاجر، وهي صفة لا يعترف بها القانون طبقا لمفهوم هذه النظرية، إلا
لإخضاع التاجر لالتزامات معينة كالقيد في السجل التجاري والخضوع للضرائب التجارية وإمساك الدفاتر التجارية وشهر الإفلاس. (*2)
وكانت الدوافع التي أدت للقول بهذه النظرية لها جانبين في نظر القائلين بها، الأول جانب فني يستند إلى نص المادتين
637 - 631 من القانون التجاري الفرنسي، وتقضي المادة 631 من القانون المذكور على عقد الاختصاص
بالمحاكم التجارية بالنظر في
المنازعات الخاصة بالمعاملات التجارية.
دون أن تحدد هذه المعاملات وأنواعها على سبيل الحصر وكذلك ما قضت به المادة
638 من ذات القانون على أن المحاكم التجارية لا تختص بنظر
المنازعات المرفوعة على التجار بسبب
تعاقداتهم الخاصة أو شرائهم أشياء لاستعمالهم الخاص بعيدا عن نشاطهم التجاري.
ـ وكان تفسير هذه النصوص في نظر القائلين بالنظرية الموضوعية يوحي بأن
العمل التجاري، دون سواه، هو
معيار تحديد نطاق القانون التجاري.
ـ أما عن الجانب الثاني فهو ذو صيغة سياسية، لما تؤدي إليه النظرية الموضوعية من تدعيم لمبدأ الحرية
الاقتصادية الذي يتميز بالقضاء على نظام الطوائف الذي كان سائدا في العصور السابقة، وطالما كان حائلا يعوق ازدهار التجارة وتقدمها، بسبب منع هذا النظام
لغير طائفة التجار مباشرة الأعمال التجارية. (*1)
ـ ثانيا ـ النظرية الشخصية : (*2)
ويرى القائلون بهذه النظرية، أن نطاق القانون التجاري يتحدد تحديدا شخصيا،
حيث أن أصله قانون مهني، ينظم
نشاط من يحترفون مهنة التجارة دون سواهم، ولذلك فإنه وفقا لهذه النظرية يجب تحديد المهن التجارية على سبيل الحصر بحيث يعتبر القانون كل من احترف مهنة تجارية
يعتبر تاجرا، يخضع في نشاطه للقانون
التجاري، وعلى ذلك فإن عنصر الاحتراف في مفهوم هذه النظرية يعتبر المعيار الذي يحدد نطاق القانون التجاري.
وقد يكون عنصر الاحتراف مطاطا في مفهومه وتحديده، لذلك لجأت بعض القوانين كالقانون الألماني باشتراط القيد في
السجل التجاري كشرط لازم ولاكتساب صفة التاجر أنظر أكثم أمين الخولي المرجع السابق صفحة 7 حيث يقول "
ويظهر طابع الشخص
للقانون الألماني هنا في أن أعمال هذا الفريق من التجار، ويسمون التجار بالقيد في السجل التجاري في
مباشرة حرفتهم لا تعتبر تجارية ولا تخضع للقانون التجاري إلا لصدورها ممن قيد في سجل بحيث تكون مدينة لو
صدرت من شخص غير مقيد.
ويبرر أنصار هذه النظرية رأيهم في أن القانون التجاري في أصل نشأته يرجع إلى العادات والقواعد والنظم التي ابتدعها
وطبقها أصحاب الحرف التجارية الأمر الذي أصبح به القانون التجاري قانونا مهنيا وأنه على الرغم من إلغاء
نظام الطوائف، وانتشار مبدأ
الحرية الاقتصادية الذي يعني الحق لكل شخص في مزاولة ما يشاء من النشاط إلا أن القواعد التجارية ظلت مستقرة كما كانت عليه في مجتمع التجار الطائفي وكذلك أبقت
التشريعات الحديثة على المحاكم التجارية تزاول اختصاصها في الفصل في المنازعات التجارية دون سواها.
* موقف القانون الجزائري :
إذا نظرنا إلى القانون الجزائري الصادر بالأمر رقم 59 لسنة 1975 نجد أن
المادة الأولى منه تنص على أن
" يعد تاجرا كل من يباشر عملا تجاريا ويتخذه حرفة معتادة له " وقضى في المادة الرابعة بأن " يعد عملا تجاريا
بالتبعية، تلك الأعمال
التي يقوم بها التاجر والمتعلقة بممارسة التجارة أو حاجات متجرة والالتزامات بين التجار
".
وعلى الرغم من أن المشرع الجزائري أخذ هذين النصين بالنظرية الشخصية إلا أنه
لم يلبث أن أخذ بالنظرية
الموضوعية حين عدد الأعمال التجارية بحسب موضوعها في المادة الثانية، والأعمال التجارية بحسب الشكل في المادة الثالثة.
وفضلا عن أن المشروع الجزائري حدد في هذه المواد الأربع مجال ونطاق تطبيق القانون التجاري، فإنه نظم بنصوص واضحة
الأحكام التي تسري على التجار دون سواهم كمسك الدفاتر التجارية والقيد في سجل التجاري وملاكا ذلك.
ولهذا فإننا نرى أن المشرع الجزائري أخذ بمذهب مزدوج، حيث لا نجد قواعده
جميعا من طبيعة واحدة، وإنما استلهمت
بعض أحكامه النظرية الشخصية، والبعض الآخر اعتنقت النظرية الموضوعية.
ـ ثالثا ـ مصادر القانون التجاري
:
كلمة مصدر تعني المنبع بصفة عامة وللقانون عدة مصادر أو منابع استقى منها
أساسه هو المصدر الموضوعي أو
المادي والمصدر التاريخي والمصدر الرسمي والمصدر التفسيري ويقصد بالمصدر المادي أو الموضوعي للقانون الظروف الاجتماعية التي استمد منها نشأته على خلاف المصدر
التاريخي الذي يمثل الظروف التاريخية
التي تكون عبرها القانون ويقصد بالمصدر الرسمي للقانون المصدر الذي تستمد منه القاعدة قوتها الملزمة
على خلاف المصدر التفسيري الذي لا يلزم القاضي بالرجوع إليه إنما يلجأ له من قبيل الاستئناس وللقانون التجاري بصفة عامة كبقية فروع القانون
عدة مصادر نقتصر منها على المصادر الرسمية والمصادر التفسيرية وهي الفقه والقضاء باعتبارهما مصدرين
تفسيريين يلجأ إليها القاضي إذا
أعوزه التشريع ومبادئ الشريعة الإسلامية والعرف.
ـ أولا ـ التشريع
:
التشريع يجيء في المرتبة الأولى بين مختلف المصادر وعلى القاضي أن يرجع إليه
أولا ولا يرجع إلى غيره من
المصادر إلا إذا لم يجد نصا تشريعيا يطبق على الحالة المعروضة.
ويمثل التشريع كمصدر من مصادر
القانون التجاري فيما يلي :
أ) ـ المجموعة التجارية
:
ويقصد بها قواعد وأحكام القانون
التجاري الصادر عام 1975. (*1)
ب) ـ المجموعة المدنية
:
ويقصد بها قواعد وأحكام القانون
المدني الصادر عام 1975.
فالقاعدة الأساسية أن نصوص المجموعة التجارية هي التي تحكم أصلا المواد التجارية على أنه إذا لم يرد في هذه القوانين
التجارية نصوص خاصة بعلاقات معينة تعين الرجوع إلى أحكام القانون المدني بإعتباره الشريعة العامة التي
تنظم جميع العلاقات سواء كانت
تجارية أو مدنية فكما سبق أن ذكرنا تعتبر أحكام وقواعد القانون التجاري استثناء من أصل عام يجب الرجوع إليه في كل حالة
لا يحكمها نص خاص وإذا فرض
ووجد تعارض بين نص تجاري ونص مدني وجب أن يغلب النص التجاري مهما كان تاريخ نفاده وذلك تطبيقا للقاعدة التفسيرية التي تقضي بأن النص الخاص يغلب على النص العام
بشرط أن يكون كلا النصين على درجة واحدة فإذا كان أحدهما نصا آمرا والآخر مفسرا وجب الأخذ بالنص
الآمر لأنه نص لا يجوز الاتفاق
على مخالفته.
ـ ثانيا ـ الشريعة الإسلامية
:
اعتبر القانون المدني الجزائري في مادته الأولى مبادئ الشريعة الإسلامية
المصدر الرسمي الثاني بعد التشريع
وقبل العرف ومعنى ذلك أن القاضي وهو يفصل في منازعة تجارية إذا لم يجد حكمها في النصوص التشريعية فعليه الرجوع إلى مبادئ الشريعة الإسلامية والمقصود بهذه
المبادىء القواعد المستقاة من القرآن الكريم والسنة والإجماع والاجتهاد.
ـ ثالثا ـ العرف :
العرف التجاري هو ما درج عليه التجار من قواعد في تنظيم معاملاتهم التجارية
بحيث تصبح لهذه القواعد قوة
ملزمة فيما بينهم شأنها شأن النصوص القانونية وإذا كان التشريع دائما مكتوبا فإن العرف غير مدون كما أن هذا الأخير هو
قانون تلقائي لا إرادي على عكس
التشريع الذي يعتبر مصدر إراديا ومقصودا ويبدأ العرف تكوينه عندما يتفق اثنان على تنظيم تصرف ما على وجه معين ثم يتبع باقي الأشخاص نفس هذا التنظيم فيما يتعلق
بهذا التصرف فترة من الزمن لدرجة أنهم يشعرون بأنه أصبح ملزما لهم دون النص عليه. فهو في الواقع نوع من الاتفاق الضمني على ضرورة إتباع قواعد
معينة في حالات معينة على أن ذلك لا يعني أن العرف واجب التطبيق إذا ما انصرفت إرادة الأفراد إليه فقط بل
إنه واجب التطبيق طالما لم تتجه
إرادة المتعاقدين إلى استبعاده حتى ولو ثبت عدم علم الأطراف به.
ذلك لأن العرف يستمد قوته الملزمة من
إيمان الجميع به واعتباره حكما عاما كالتشريع تماما.
ويتمتع العرف في مجال القانون التجاري بمكانه كبيرة عن بقية فروع القانون
الآخر وذلك رغم ازدياد النشاط
التشريعي وازدياد أهميته ذلك أن هذا الفرع من القانون نشأ أصلا نشأة عرفية ولم يدون إلا في فترة متأخرة عن بقية فروع القانون .
والعرف قد يكون عاما متبعا في الدولة بأسرها وقد يكون محليا ويقع على الخصوم
عبء إثبات العرف وقد جرى العمل
على استخراج شهادات من الغرف التجارية بوجوده ومن الأمثلة على العرف التجاري قاعدة افتراض التضامن بين المدينين
بديون تجارية إذا تعددوا خلافا
للقاعدة العامة المنصوص عليها في القانون المدني (2/7 مدني جزائري) والتي تقضي بأن التضامن لا يفترض وإنما يكون بناء على اتفاق أو نص في القانون
.
يعتبر العرف التجاري تاليا في المرتبة والشريعة الإسلامية بمعنى أنه للقاضي الأخذ به في حالة عدم وجود نص تشريعي أو
حكم من الشريعة الإسلامية يحكم العلاقة المعروضة.
وبناءا على ما سبق إذا ما عرض نزاع
تجاري، على القاضي الجزائري أن يتبع الترتيب التالي في تطبيقه لقواعد القانون.
1) ـ النصوص الآمرة الموجودة بالمجموعة التجارية.
2) ـ النصوص الآمرة الموجودة بالقانون المدني.
3) ـ مبادئ الشريعة الإسلامية.
4) ـ قواعد العرف التجاري.
5) ـ العادات التجارية.
6) ـ النصوص التجارية المفسرة.
7) ـ النصوص المدنية المفسرة.
أما ما يتفق عليه صراحة أطراف النزاع
فيأتي قبل التشريع أو العرف إن لم يكن حكما آمرا.
* المصادر التفسيرية :
يقصد بمصادر القانون التفسيرية المصادر التي يتمتع القاضي إزاءها بسلطة اختيارية إن شاء رجع إليها للبحث عن حل
النزاع المعروض أمامه دون إلزام عليه بإتباعها فالمصادر التفسيرية على خلاف المصادر الرسمية مصادر اختيارية.
إن شاء رجع إليها للبحث عن حل النزاع
أمامه دون إلزام عليه بإتباعها ويعتبر القضاء والفقه من المصادر التفسيرية.
1 ـ القضاء :
يقصد بالقضاء مجموعة الأحكام الصادرة من مختلف المحاكم في المنازعات التي
عرضت عليها كما يقصد بها مدة
الحجية التي تتمتع بها هذه الأحكام وهو ما يطلق عليه السابقة القضائية وهذه الأخيرة تمثل الأحكام التي تصدر في المسائل القانونية الجديدة ذات الأهمية الخاصة
والتي لم يرد حلها في القانون ويعتبر دور القضاء بالنسبة لهذه السوابق دور خلاق يوسع بمقتضاها نطاق تطبيق القانون حيث تؤدي إلى حلول
لموضوعات مماثلة لما صدرت بشأنها في المستقبل ويلاحظ أن دور القضاء في الجزائر كما هو الحال في التشريعات الأوربية حيث يسود فيها التشريع يقتصر
على تفسير القاعدة القانونية دون خلقها ذلك أن القضاء لا يعتبر مصدرا للقانون بالمقارنة إلى مصدر
التشريع.
فاختصاص القاضي الجزائري هو تطبيق
للقانون في الحالات المعروضة عليه دون أن تكون لأحكامه قيمة القاعدة الملزمة.
ويختلف موقف القضاء في القانون الإنجليزي والبلاد الأنجلوسكونية بصفة عامة حيث تسود قاعدة السابقة القضائية والتي
بمقتضاها تلزم المحاكم في أحكامها بما سبق أن صدر من جهات قضائية أخرى سواء كانت أعلى درجة منها أو مساوية
لها ويترتب على ذلك اعتبار
القضاء وفقا لهذا النظام مصدرا ملزما للقانون.
2 ـ الفقه :
يقصد بالفقه مجموعة آراء الفقهاء في هذا الفرع من القانون بشأن تفسير مواده فالفقهاء يقومون باستنباط الأحكام
القانونية من مصادرها بالطرق العلمية نتيجة تكريس جهودهم لدراسة هذا الفرع من فروع القانون والرأي السائد أن الفقه لا يعتبر مصدرا للقانون حيث تقتصر
وظيفته على مجرد شرح القانون شرحا علميا بدراسة النصوص القانونية وما يربطها من صلات ثم استنتاج مبادئ
عامة في تطبيقات مماثلة وذلك دون
أن يكون مصدرا ملزما للقاضي.
وقد ساعد الفقه كثيرا في تطوير مواد القانون التجاري نتيجة نقد الحلول القانونية والقضائية وإبراز مزاياها
وعيوبها وما بها من تناقض وأدى ذلك إلى سرعة مسايرة مواد القانون للتطور في المواد القانونية.
سنتناول بالبحث الأعمال التجارية
والمحل التجاري والإفلاس والتسوية القضائية و الأوراق التجارية.
- خطة البحث ـ
المبحث الأول: أهمية التفرقة بين
الأعمال المدنية والأعمال التجارية .
عرفنا مما سبق أن القانون التجاري
يختلف عن القانون المدني من حيث مجاله
( يحكم الأعمال التجارية والتجار) ، ومن حيث مصادره .
إن الاختلاف القائم ما بين القانونين منا وضع اليد على أهم المسائل
الجهوية التي يظهر فيما هذا
الاختلاف ، والتي تتمثل بصفة أساسية في :
1 ـ الإثبات .
2 ـ الاختصاص القضائي .
3 ـ التضامن .
4 ـ الإعذار .
5 ـ مهاة الوفاء ( نظرة الميسرة ) .
6 ـ حوالة الحق .
7 ـ الإفلاس .
8 ـ صفة التاجر .
1) ـ الإثبات : إذا كان الإثبات في المسائل المدينة محدد ، ونذكر في هذا
المجال مثلا :
* عدم جواز الإثبات بالبنية ، إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمة على ألف
دينار جزائري أو كان غير محدد القيمة .
* لا يجوز الإثبات بالبنية ، ولو لم تزد القيمة على ألف دينار جزائري
فيما يخالف أو يجاوز ما أشمل عليه مضمون عقد رسمي .
* إن المحررات العفوية لا تكون حصة على الغير في تاريخها إلا منذ أن يكون
لها تاريخ ثابت ثبوتا رسميا .
أما الإثبات في المواد التجارية فلا يعرف مثل هذه القيود ، حيث أجاز المشرع الإثبات بالبنية والقوائن مهما كانت قيمة
التصرف . كما يجوز الاحتجاج بتاريخ
المحورات العفوية على غير أطرافها ولو لم يكن هذا التاريخ ثابتا
. كما أنه وإن كان من المزيد أن لا يجوز للشخص أن يشيئ
دليلا لنفسه، فقد أجاز
المشرع لخصم التاجر أي يحتج بتاريخ بما ورد بدفاتر خصمه لإثبات حقه
.
والسبب في الخروج عنه القواعد العاملة في المجال الإثبات في المسائل التجارية
مرجعه إلى رغبة المشرع في تقوية الاعتبارات التي أملتها الثقة
والائتمان والسرعة والمدونة
التي تنطبع الأعمال التجارية .
2) ـ الاختصاص : تخصص بعض الدول جهات قضائية خاصة تتكفل بالفصل في
المنازعات التجارية .
هذا التخصيص تمليه الاعتبارات المتعلقة بطبيعة المعاملات التجارية ، التي تستلزم الفصل فيما على وجه السرعة
وبإتباع إجراءات غير تلك المتبعة أمام المحاكم العادية . وتكون في هذه الحالة أمام محاكم تجارية.
أما بالنسبة للجزائر ، فإن المشرع لم
يأخذ بنظام القضاء المتخصص . وبذلك فإنه لم يوجد جيهاتا قضائية تجارية
.
وقد منح الاختصاص في المواد التجارية
للمحاكم العادية ، التي تتولى الفصل في المنازعات التجارية.
فالمحاكم في النظام الجزائري هي الجهات القضائية الخاصة بالقانون العام ، فهي
تفصل في جميع القضايا المدنية
والتجارية أو دعاوي الشركات التي تختص بها محليا.
على أن الاختصاص يعود للمحاكم
الابتدائية الكائن مقرها بالمجالس القضائية ، دون سواها ، في المسائل التالية
:
ـ الحجز العقاري
.
ـ تسوية قوائم التوزيع
.
ـ حجز السفن .
ـ تنفيذ الحكم الأجنبي
.
ـ بيع المتاع .
ـ معاشات التقاعد الخاصة بالعجز
.
ـ المنازعات المتعلقة بحوادث العمل
.
ـ دعاوي الإفلاس أو التسوية القضائية
.
ـ طلبات بيع المحلات التجارية
المثقلة يقيد الرهن الحيازي .
هذا من حيث الاختصاص الموضوعي ، أما
فيما يخص الاختصاص الإقليمي فإن الاختصاص ينعقد على النحو التالي
:
ـ في الدعاوي العقارية أو الأشغال المتعلقة بالعقار أو دعاء الإيجارات المتعلقة بالعقار، وإن كانت تجارية ،
أمام المحكمة التي يقع العقار في دائرة اختصاصها.
ـ في مواد الإفلاس أو التسوية
القضائية أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان افتتاح الإفلاس أو التسوية
القضائية .
ـ في الدعاوي المتعلقة بالشركات ،
بالنسبة لمنازعات الشركات أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها المركز الرئيسي
للشركة .
ـ في مواد الحجز ، سواء كان بالنسبة
للإذن في الحجز أو بالإجراءات التالية له ، أمام محكمة المكان الذي تم فيه الحجز
.
ونصت المادة 9 من القانون المدني ، على أنه يجوز أن توقع الدعوى إما أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصه موطن
المدعي عليه أو مسكنه وإما أمام الجهة أو الجهات القضائية التالية :
ـ في الدعاوي التجارية ، غير الإفلاس والتسوية القضائية ، أمام الجهة القضائية التي وقع في دائرة اختصاصها
الوعد بتسليم البضاعة أو أمام الجهة القضائية التي يجب أن يتم الوفاء في دائرة اختصاصها
.
ـ في حالة اختيار الموطن ، أمام
الجهة القضائية للوطن المختار .
ـ في الدعاوي المرفوعة ضد شركة ،
أمام الجهة القضائية ، التي تقع في دائرة اختصاصها إحدى مؤسساتها
.
يتضح مما سبق أن المحاكم العادية هي التي يعود لها الاختصاص بالنسبة
للمنازعات التجارية . وفي الواقع
العملي جرى العمل على تخصيص دوائر تجارية ، على رأسها قضاء لهم خبرة في هذا المجال ، تتولى الفصل في المنازعات
التجارية .
إلا أن هذه الممارسة لا تجعلنا أمام
قضاء تجاري مستقل ، بحيث يفتح لنا المجال بالدفع بعدم الاختصاص بمعناه القانوني
.
3) ـ التضامن : تعد قاعدة التضامن بين المدينين في حالة تعددهم من القواعد التي استقرت في المسائل التجارية ،
فاحترامها القضاء وطبقها .وذلك تدعيما لعنصري الثقة والائتمان في المعاملات التجارية .
أما في المعاملات المدينة فإن قاعدة
التضامن لا توجد إلا بأقوامها بنص أو باتفاق .
ويجوز في المسائل التجارية إبعاد قاعدة التضامن في أي تعامل ، ما لم يكن هناك
نص آمر، يقضي بوجوب قيام
التضامن بين المدينين . ومثال ذلك نص المادة 551 من القانون التجاري الجزائري التي تقضي بأن الشركاء بالتضامن صفة التاجر ، وهم مؤولون من غير تحديد وبالتضامن عن
ديون الشركة.
4) ـ الإعذار : إن تنبيه الدائن للمدين ، يعد حلول آجل الوفاء بالدين ، مع تسجيل تأخره عن الوفاء ، يعوق بلإعذار .
وفي هذه الحالة و يحمله ما يترتب عن هذا التأخير ، خاصة مسؤولة عن كل ضرر ينشأ عنه مستقبلا
.
والإعذار في المعاملات المدينة لابد أن يتم بورقة رسمية تعلن بواسطة أدوات
القضاء . أما في المسائل التجارية فقد جرى العرف
على أنه يكفي أن يتم الأعذار بخطاب عادي دون حاجة إلى أي ورقة من الأوراق القضائية . كل ذلك من أجل تحقيق السرعة التي تتميز بها المعاملات
التجارية .
5) ـ مهلة الوفاء : إذا عجز المدين يدين مدني عن الوفاء به في الميعاد ،
جاز للقضاء أن ينظره إلى أجل
معقول أو آجال ينفذ فيها إلزامه، إذا استدعت حالته ذلك ، ولم يلحق الدائن من هذا التأجيل ضرر( المادة 210 من
القانون المدني
).
أما القانون التجاري فلا يعطي مثل هذه السلطة للقاضي نظرا الآن ما تحتمه
طبيعة المعاملات التجارية وما
تقدم عليه من سرعة وثقة تقتضي من التاجر ضرورة الوفاء بدينه في الميعاد وإلا كان ذلك سببا في إثمار إفلاسه
.
6) ـ حوالة الحق : تقتضي المادة 241 من القانون المدني الجزائري على أنه
لا يحتج بالحوالة قبل المدين ،
أو أجز بها بإعلان غير قضائي ، غير أن قبول المدين لا يجعلها نافذة قبل الغير إلا إذا كان هذا القبول ثابت التاريخ
.
أما القانون التجاري فإنه لا يشترط شيئا من ذلك ، ولهذا تجوز حوالة الحق الثابتة في الأوراق التجارية بمجرد
التوقيع عليها بما يفيد انتقالها ، وبناء على ذلك ، يحصل تداول السفتجة والشيكات والسندات الإذنية بمجرد تظهيرها أي التوقيع عليها ، بما يفيد
تحويلها أو حتى بمجرد تسليم السند إذا كان حامله .
7) ـ الإفلاس : لا يجوز شهر الإفلاس التاجر إلا إذا توقف عن دفع ديونه التجارية ، أما إذا توقف عن دفع دين مدني
، فلا يجوز شهر إفلاسه ، وإذا أجاز القانون للدائن بدين مدني أي يطلب شهر إفلاس التاجر ، إلا أنه يجب
أن يثبت أن التاجر قد توقف عن
دفع دين تجاري عليه ، فإذا صدر حكم يشهر الإفلاس تلافع يد التاجر عن إدارة أمواله والتصرف فيها ، ويدخل جميع الدائنين في الإجراءات ويعين وكيل عنهم
تكون مهمته تصفية أموال المفلس وتوزيع الناتج منها بين الدائنين كل بحسب قيمة دينه ، وبذلك تتحقق المساواة بينهم .
أما المدين المادي فإنه يخضع لأحكام القانون المدني ( المادة 177 إلى 202
) التي لا تتم بالشدة والصرامة التي يتصف بها نظام
الإفلاس . فليس في المسائل
المدينة حل يد المدين عن التصرف في أمواله وتصفيتها تصفية جماعية وتوزيع ثمنها على الدائنين
.
8) ـ صفة التاجر : التاجر هو الشخص الذي يباشر عملا تجاريا ويتخذه حرفة معتادة له ، وذلك ما نصت عليه المادة 1
من القانون التجاري ومن يصبح تاجرا ، يخضع لإلزامات التجار ،
خاصة منها القيد في السجل التجاري ومسك الدفاتر التجارية ، كما يخضع لنظام الإفلاس .
المبحث الثاني : الأعمال التجارية في
القانون التجاري الجزائري
رأينا أن المشرع الجزائري قد عدد الأعمال التجارية من المواد من الثالثة إلى الرابعة من القانون التجاري ، ومعنى ذلك
أن هذه الأعمال هي التي حسم المشرع
تحديد طبيعتها . ولم يعد ثمة شك في صفتها
التجارية ، حيث أصبغ عليها
المشرع بنص صريح هذه الصفة ولا يجوز للأفراد مخالفة هذا الوصف وإلا يتعرض للسجلات ، باعتبار أن المشرع أراد
إخضاع العمل لنظام قانوني معين ، هو القانون التجاري فلا يجوز لهم إخضاعه لنظام قانوني آخر ، ولذلك فإن
وصف العمل والفصل في تحديد
طبيعته والنتائج المترتبة على ذلك تعتبر مسألة قانونية تخضع لوقاية محكمة النقض .
إلا أننا نلاحظ أن المشرع الجزائري ، في التعداد الذي وضعه لم يتبع معيارا ثابتا . فأحيانا يعتبر العمل تجاريا ولو
وقع منفردا ، وتارة أخرى يشترط مباشرة العمل على وجه المقاولة ، بحيث أنه لو تم مباشرة نفس العمل بصفة منفردة لما اعتبر تجاريا
.
على أنه يجب اعتبار الأعمال التجارية التي نص عليها المشرع الجزائري واردة
على سبيل المثال لا الحصر ،
وذلك ما يفهم صراحة من نص المادة الثانية من قولها " يعد عملا تجاريا بحسب موضوعه ..." لأن المشرع لو أراد اعتبار
الأعمال التجارية التي عددها على
سبيل الحصر ، لكانت الصياغة كما يلي:
الأعمال التجارية بحسب موضوعه حي ... ،. وعليه فإن الرأي الراجح في هذا المجال
هو جواز الاجتهاد في القياس
على هذه الأعمال وإضافة غيرها إليها.
هذا بالنسبة للأعمال التجارية حسب موضوعها ، ثم تناول المشرع الجزائري فئة
من الأعمال اعتبرها أعمالا
تجارية من حيث الشكل ( المادة 3 ) ، وطائفة ثالثة من الأعمال اعتبرها تجارية بالتبعية
( المادة 4) .
وعلى ذلك تقسم الأعمال التجارية في
التشريع الجزائري على النحو التالي :
1 ـ الأعمال التجارية بحسب موضوعها .
2 ـ الأعمال التجارية بحسب شكلها .
3 ـ الأعمال التجارية بالتبعية .
4 ـ الأعمال المختلطة .
1) ـ الأعمال التجارية بحسب موضوعها :
وهي تلك الأعمال التي تعتبر تجارية بصرف النظر عن الشخص القائم بها ، ومعظم هذه الأعمال تتعلق بتداول المتقولان ، من
مأكولات وبضائع وأوراق مالية ، وتصدر بقصد تحقيق الربح ، والبعض منها اعتبره القانون تجاري بالرغم من
عدم تعلقه بتداول الثروات . ثم
إن من هذه الأعمال ما يعتبر تجاريا ولو وقع منفردا والبعض منها لا يكون تجاريا إلا إذا صدر على وجه المقاولة
.
وسنتناول فيما يلي الأعمال التجارية حسب موضوعها في نصوص القانون التجاري
الجزائري ، سواء تلك التي تقع منفردة أو تلك التي تتم ممارستها على سبيل
المشرع .
أ ـ الأعمال التجارية المنفردة
:
تشمل الأعمال التجارية المنفردة ،
* شراء المنقولات لإعادة بيعها بعينها أو بعد تحويلها وشغلها
.
* شراء العقارات لإعادة بيعها .
* العمليات المصرفية وعمليات الصرف والسمرة .
* عمليات الوساطة لشراء وبيع العقارات والمحلات التجارية والقيم العقار
.
ب ـ الأعمال التجارية على وجه
المقاولة :
عددت المادة الثانية من القانون التجاري الجزائري الأعمال التي لا تكتسب
الصفة التجارية إلا إذا وقعت على
سبيل المقاولة ، والمقاولات التي اعتبرها المشرع الجزائري تجارية هي :
* تأجير المنقولات أو العقارات .
* البناء أو الحفر أو تمهيد الأراضي .
* استغلال المناجم السطحية أو مقالع الحجارة أو المنتجات الأرض الأخرى
.
* استغلال النقل أو الانتقال .
* التأمينات .
* بيع السلع الجديدة بالمزاد العلني بالجملة أو الأشياء المتعلقة
بالتجزئة .
* الإنتاج أو التحويل أو الإصلاح .
* التوريد أو الخدمات .
* استغلال الملاحي العمومية أو الإنتاج الفكري .
* استغلال المخازن العمومية .
2) ـ الأعمال التجارية بحسب الشكل :
تنص المادة 3 من القانون التجاري
الجزائري على أنه " يعد عملا تجاريا بحسب شكله :
1 ـ التعامل بالسفتجة بين كل الأشخاص .
2 ـ الشركات التجارية .
3 ـ وكالات ومكاتب الأعمال مهما كان هدفها .
4 ـ كل عقد تجاري يتعلق بالتجارة البحرية والجوية .
ويتضح من هذا النص أن المشرع الجزائري أصبغ الصفة التجارية ليس فقط على
الأعمال التجارية حسب موضوعها ، وهي
التي تقدم عرضها ، بل أيضا على بعض الأعمال التي تتخذ شكلا معينا .
وبذلك يكون القانون الجزائري قد أخذ
بالمعيارين الوضعي والشكلي .
3 ) ـ الأعمال التجارية بالتبعية :
تنص المادة 4 من القانون التجاري
الجزائري على أنه : يعد عملا تجاريا بالتبعية :
ـ الأعمال التي يقوم بها التاجر
والمتعلقة بممارسة تجارته أو حاجات متجرة .
ـ الإلزامات بين التجار
.
يتضح من هذا النص أن القانون التجاري الجزائري أضفى الصفة التجارية ، ليس
فقط على الأعمال التجارية
بطبيعتها ، أو الأعمال التجارية بحسب الشكل ، بل أيضا على الأعمال التي يقوم بها التاجر لحاجات تجاريه ، واعتبر هذه الأعمال تجارية بصرف النظر عن طبيعتها
الذاتية ، اعتدادا بمهنة الشخص الذي يقوم بها ، فأكتسبها الصفة التابعة بهذه المهنة ، ولذلك أطلق المشرع التجاري على هذه الأعمال
ـ الأعمال التجارية بالتبعية ـ
.
4) ـ الأعمال المختلطة :
الأعمال المختلطة ليست طائفة رابعة من الأعمال التجارية قائمة بذاتها ،
كالأعمال التجارية التي تقدم عرضها ،
ولذلك لم ينص القانون التجاري عليها . لأن الأعمال التجارية المختلطة لا تخرج عن نطاق الأعمال التجارية بصفة عامة
.
والمقصود بالعمل التجاري المختلط هو ذلك العمل الذي يعتبر تجاريا بالنسبة لأحد طرفيه ، ومدنيا بالنسبة للطرف الآخر ،
كالمزارع الذي يبيع منتجات حيواناته من ألبان إلى تاجر المواد الغذائية ، والموظف الذي يشتري أجهزة منزلية
أو ملابس من تاجر ، وعقد النقل
الذي يربط مقاول النقل المسافرين، والحقيقة أن الأعمال المختلطة كثيرة ومتعددة وتقع في الحياة اليومية
.
والعبرة في تحديد العمل المختلط ، بصفة العمل ذاته . فلا يشترط في العمل
المختلط أن يكون أحد طرفيه تاجرا ،
فمثلا عقد البيع الذي يبرمه شخصين مدنين ، يبيع أحدهما شيئا ورثه ويشتري الآخر بقصد بيعه ليربح ، عمل تجاري مختلط ،
ولو أن الطرفين ليسا بتاجرين
.
وسنتناول فيما يلي كل هذه الأنواع من
الأعمال التجارية بقليل من التفصيل .
الأعمال التجارية بحسب الموضوع
:
الأعمال التجارية بحسب الموضوع ،
يكون إما منفردة أو في شكل المقاولة . ويمكن أن تقسم على النحو التالي
:
1ـ الشراء من أجل البيع :
تقضي المادة 2 الفقرة 1 من القانون التجاري الجزائري بأنه يعتبر عملا تجاريا بحسب موضوعه " كل شراء للمنقولات
لإعادة بيعها بعينها أو يعد تحويلها وشغلها "
وتنص الفقرة الثانية من نفس المادة
" كل شراء للعقارات لإعادة بيعها "
مما سبق يتضح أن المشرع الجزائري
يشترط ثلاثة شروط لاعتبار عملية الشراء والبيع عملية تجارية وهي
:
أ ـ حصول عملية الشراء
.
ب ـ أن يكون محل الشراء منقولا أو
عقاريا .
ج ـ أن يكون الشراء بقصد البيع
.
أ) ـ حصول عملية الشراء
:
تعد عملية الشراء من أجل البيع من أهم مظاهر الحياة التجارية ، حيث عن
طريقها يتم التبادل وتوزيع الثروات
. ولو أن المشرع الجزائري اعتبر حدوثها ولو مرة واحدة عملا تجاريا حتى ولو كان القائم بها لا يكتسب صفة التاجر ، مؤسسا طبيعة العمل من هذه الحالة على
فكرة التداول .
ولا يشترط أن يكون مقابل الشراء نقدا . بل يكفي أن يكون بمقابل ، كما في القابضة . أما إذا انتفى المقابل فلا
يكون عنصر الشراء متحققا في هذه الحالة ، كما لو اكتسب الشخص أموالا عن طريق الحية أو الوصية أو
الميراث .
ومنه فإن بيع المنتج الأول لمنتجاته التي لم يسبقها شراء لا تعد عمليات تجارية
. كما في حالة استغلال الموارد الطبيعية والمجهود الذهني
والبدني . إذن هذه الحالات
ينبغي عنصر الرباطة في تداول الثروات .
1/ ـ بالنسبة للأعمال الزراعية :
ومما سبق يتفاد من الزراعة لا تعد
عملا تجاريا ، بالرغم من قيام المزارع بشراء البذور والأسمدة ، وكذلك بيعه
لمنتجاته الزراعية .
وتيار على الزراعة استغلال الغابات
والصيد واستغلال الموارد الطبيعية ، كاستخراج الإسفنج والملاحات.
إلا أن العمل الزراعي يصبح تجاريا عندما يتخذ شكل المشروع الاقتصادي .
ويكون الأمر كذلك عندما تكون نشأت
إستغلالات زراعية كبيرة . ومثال ذلك قيام مزارع لتربية قطاعات كبيرة من الأغنام على أرضه ، وقام باستخراج
منتجاتها من ألبان وجبن وباعها
بكميات وفرة في السوق .أو حالة ما لم يقتصر المزارع على زراعة القمح في أرضه بل تجاوز ذلك واشترى طاحونة لطحن الغلال
الناتج على أرضه وكذلك غلال
جيرانه، وقام ببيع الدقيق لدرجات جودته أو قام بتحويله إلى مواد غذائية .والأمر كذلك بالنسبة لاستغلال الغابات
والمحاجر والمناجم
.
2/ ـ المهن الحرة :
وفي تلك المهن التي يعتمد عليها أصحابها على موهبتهم العلمية والمهادات
الغنية التي تقوم أساسا على نشاطهم
الذهني .والأمر كذلك بالنسبة لمهنة الطبيب والمحامي والمهندس والمحاسب .
فكلهم لم يسبق لهم شراء العمل القدم . كما أن عملهم لا ينطوي على مضاربة أو وساطة ويختلف الأمر إذا قام المهندس بفتح
مكتب للدراسات الهندسية واستخدم فريق من المهندسين والتقنين والإداريين ، وقيامه بالمضاربة وبذلك لم
يبق عمله يقتصر على الواجب
التقنية ، بل تجاوزها لتقرب بل ليصبح مشروعا اقتصاديا .
والأمر كذلك بالنسبة للطبيب الذي قام
بفتح عيادة .
3/ ـ الإنتاج الذهني والفني :
ويقصد بذلك إنتاج المؤلفين في مختلف فروع المعرفة المقدم في مؤلفاتهم ،
وإنتاج الرسامين في لوحاتهم ،
والملحنين في ألحانهم والمصورين في صورهم . كل هذه الأعمال تعد أعمالا مدينة .
أما عمل الناشر ، وهو الذي يشتري حق
المؤلف ويقوم بتكلفة الطبع والنشر ويبيعه بقصد تحقيق الربح ، فيعد تجاريا
.
ب ـ أن يكون محل الشراء منقولا أو
عقارا :
تنص المادة الثانية من القانون التجاري الجزائري فقرة 1 و 2 على أن كل شراء للمنقولات والعقارات يعد عملا تجاريا .
ويوجب أن يكون المنقول ماديا ، من بضائع على اختلاف أنواعها ، والحيوانات ، أو معنويا كالمحل التجاري كالديون والأسهم والسندات وجزاءات
الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية .
ويقر عملا تجاريا كذلك شراء البناء يقصده وبيعه إنقاضا أو شراء الأشجار بقصد قطعها وبيعها أخشابا أو شراء المزروعات
لأجل بيعها بعد فصلها عن الأرض ، إذ ينصب هذا العمل على المنقول بحسب المال .
ج ـ قصد البيع وتحقيق الربح
:
الشراء سواء إنصب عن منقول أو عقار لا يعد تجاريا إلا إذا كان قد تم بقصد
البيع . وعنصر القصد هنا هام ، فهو الذي يميز
البيع التجاري عن البيع المدني ، فإذا تم الشراء يقصد الاستهلاك أو الاستعمال الشخصي أو لأجل الاحتفاظ
به كان مدنيا وليس تجاريا
.
1 ـ قصد البيع :
لا يعتبر شراء المنقول أو العقار
عملا تجاريا إلا إذا تم بقصد البيع أو تحقيق الربح .
وعنصر القصد ( النسبة ) هنا عنصر هام . إذ هو الذي يميز البيع التجاري عن
البيع المدني . فالشراء الذي يتم
يقصد الاستهلاك أو الاستعمال الشخصي أو الاحتفاظ ، هو شراء مدنيا وليس تجاريا .
وحتى تتوفر الصفة التجارية للبيع يجب
أن يبرز قصد البيع وقت الشراء . ولا يكفي وجود البيع بعد الشراء
.
فإذا اشترى شخص شيئا لأجل بيعه ثم احتفظ به لأجل استعماله الخاص ، تكون
للشراء الصفة التجارية ، مادام قصد
البيع قد توفر وقت الشراء . كما تظل للبيع الصفة التجارية حتى وإن هلك الشيء .
أ ـ العمليات المصرفية
:
وهي عمليات تختص بها عادة المصارف ( البنوك ) ، وهي متباينة ، مثل فتح حساب جاري ، واستلام الردائع النقدية من
المدخرين لقاء فائدة معينة ، مع إعادة إقراضها بفائدة عالية ، أو تأجير الخزن الحديدية ، أو تحصيل قيمة
الأوراق التجارية ، والعمليات
المتعلقة بالأسهم والسندات المالية . ولم يحدد المشرع أشكالا معينة لها بل ترك المجال مفتوحا لاستحداث أوراق مالية
عند الحاجة ، وذلك تماشيا مع
التطور الاقتصادي .
وقد اعتبر المشرع الجزائري جميع الأعمال المصرفية أعمالا تجارية إذ يتوفر
فيها عن الوساطة في تداول
الثروات وعنصر المطاربة ، أي قصد تحقيق الربح ، الذي عادة ما يتمثل في العمولة أو في فائدة القرض التي تعود للمصرف ، ويظل
عمل المصرف تجاريا حتى إذا
اقترن بضمانات معينة ( التأمين العقاري مثلا ) إذ يعتبر التأمين تابعا لعملية القرض التي هي العمل المصرفي الرئيسي.
غير أنه إذا كان المتعامل مع المصرف
غير تاجر ( شخص مدني ) فيكون العمل مدني بالنسبة إليه ويبقى تجاري بالنسبة للبنك
.
ومن النادر أن تأتي العمليات
المصرفية بشكل منفرد ، لكونها تتطلب تجميع خبرات متعددة . لذا فإنها غالبا ما تكون
في شكل مشروع .
ب ـ عمليات الصرف
:
إن إثبات قصد البيع وقت الشراء ، مسألة واقعية تخضع لتقدير محكمة الوضع
(محكمة أولى درجة ) . إن إثبات هذا القصد يقع على عاتق من
يدعي الصفة التجارية
لعملية الشراء والبيع . وله أن يثبت ذلك بجميع طرق الإثبات ، بما في ذلك الشهادة والقوائن ( عمل تجاري
مثال ذلك الإنسان الذي يشتري كمية من بضاعة تفوق حدود حاجاته الاستهلاكية .
2 ـ قصد تحقيق الربح :
يجب أن يتم الشراء من أجل البيع وتحقيق الربح ، أي بنية المضاربة . فقصد المضاربة وتحقيق الربح يعد عنصرا جوهريا
من العمل التجاري . ومنه توافرت شبه المضاربة عن العمل تجاريا .
حتى ولو لم يحصل البيع لسبب ما ، أو
تم بالخسارة ( البيع بأقل من السعر ).
ويخرج عمل الجمعيات التعاونية من دائرة العمل التجاري ، ليعتبر مدنيا ، وذلك لانتقاد قصد تحقيق الربح . والأمر كذلك
بالنسبة لأصحاب المصانع ( الأكل ) والمداري الخاصة . مادام البيع يقتصر على أعضائها.
2 ـ1 / العمليات المصرفية وعمليات الصرف والسمسرة أو الوساطة
.
تحت المادة 2 فقرة 13 على أنه يعد
عملا تجاريا بحسب موضوعه كل عملية مصرفية أو عملية صرف أو سمسرة أو خاصة بالعمولة
.
واعتبرت الفقرة 14 من ذات المادة عملا تجاريا بحسب الموضوع ، كل عملية توسط
لشراء وبيع العقارات أو المحلات
التجارية ولو أتت بشكل منفرد ، أي خارج المقاولة أو المشروع .
ـ الأعمال التجارية على وجه المقاولة
( الشكل)
لقد نصت المادة 2 من القانون التجاري
الجزائري من أن بعض الأعمال لا تكتسب الصفة التجارية إلا إذا وقعت على سبيل
المقاولة ، وهي :
ـ تأجير المنقولات أو العقارات
.
ـ البناء أو الحفر وتمهيد الأراضي .
استغلال النقل .
ـ التأمينات .
ـ بيع السلع الجديدة بالمزاد العلني
بالجملة أو الأشياء المتعاملة بالتجزئة .
ـ الإنتاج أو التحويل أو الإصلاح
.
ـ التوريد أو الخدمات
.
ـ استغلال الملاحي العمومية أو
الإنتاج الفكري .
ـ استغلال المخازن العمومية
.
ولقد عرف المشرع الجزائري المقاولة بموجب المادة 549 من القانون المدني ،
على أنها عقد يتعهد بمقتضاه أحد
المتعاقدين أن يصنع شيئا أو أن يؤدي عملا مقابل أجر يتعهد به المتعاقد الآخر .
ولكن المقصود بالمقاولة في ظل القانون التجاري هو المشرع الذي يفيد بقيام النشاط على سبيل التكرار والاحتيال .
ويمكن أن يكون المشروع فردي أو جماعي ( شركة ) أو عام ( المشروع العام وهو مملوك للدولة ) .
ويقوم المشروع على التظافر : رأس
المال والعمل ، أي جانب عنصر الاحتراف والمضاربة .
وإذا ثبت للنشاط الصفة التجارية ،
فإنه يخضع للنظام القانون التجاري .
1 ـ تأجير المنقولات والعقارات :
اعتبرت المادة الثانية من القانون 3
، تأجير المنقولات أو العقارات عملا تجاريا إذا حدث على سبيل التكرار واتخذ شكلا
منظما .
ويستوي أن يكون التأجير واردا على منقولات ، كمن يقوم بتأجير مظلات الشمس على شاطئ البحر ، أو تأجير السيارات
والدراجات للسائق والمواطن . أو كان التأجير واردا على العقارات كالمنازل لتأجير فنادق أو عقارات لتأجيرها لأغراض الطب كالمستشفيات الخاصة والتعليم
كالمدارس الخاصة .
وقد أضفر المشرع على هذه الأعمال الصفة التجارية ، إذا تمت ممارستها من
خلال مشروع منظم ببغي المضاربة
وتحقيق الرد وهكذا أدخلها المشرع طائفة الأعمال التجارية لحماية المتعاملين مع أصحابها ، الذين اعتبرهم تجارا ،
فيخضعون بالالتزامات التجار من حيث
مسك الدفاتر التجارية والقيد في السجل التجاري والخضوع لضرائب الأرباح التجارية والصناعية وسمح المشرع بشهر إفلاس أصحابها إذا توقفوا عن دفع ديونهم
.
2 ـ مقاولات التوريد أو الخدمات :
اعتبر المشرع الجزائري توريد الأشياء
أو الخدمات الذي يتم عن طريق المقاولة عملا تجاريا .
ويقصد بعملية التوريد التعهد بتقديم سلع معينة أو خدمات إلى الغير بصورة
دورية ومنظمة خلال فترة معينة ومن
أمثلة ذلك : توريد الأغذية للمدارس والمستشفيات والفنادق والفحم والبترول إلى المصانع ، وتوريد الورق إلى الصحف .
ويدخل من هذه الطائفة توريد الخدمات ، مثل استغلال المقاهي والفنادق والنوادي
، إن تتولى توريد التسلية
والراحة والخدمات إلى روادها مقابل مبلغ معين .
ويشترط لاعتبار التوريد عملا تجاريا أن يتكرر وقوعه بشكل منظم حتى يصدق عليه
وصف المقاولة ، وينطبق عليه وصف
المشروع فتقديم شخص بضاعة معينة لمرة واحدة ، فلا تكتسب هذه العملية الصفة التجارية .
ويعتبر التوريد تجاريا حتى ولو لم يسبق شراء . ذلك أنه عملية التوريد لا تقتصر على عملية البيع ، إنما تتضمن المضاربة
وتعرض المورد لتغلبات السوق والأسعار
، وهو يقصد من وراء ذلك تحقيق الربح .
4 ـ الأعمال التجارية بحسب الشكل :
تنص المادة 3 من القانون التجاري
الجزائري على أنه يعد عملا تجاريا بحسب شكله :
ـ التعامل بالسفتجة
.
ـ الشركات التجارية
.
ـ وكالات ومكاتب الأعمال مهما كان هدفها
.
ـ العمليات المتعلقة بالمحلات
التجارية .
ـ كل عقد تجاري يتعلق بالتجارة
البحرية والجوية .
أ/ ـ التعامل بالسفتجة
:
السفتجة عبارة عن أمر مكتوب من شخص يسمى الساحب إلى شخص المسحوب عليه ، بأمره
يدفع مبلغ معتبر من تاريخ محدد
لإذنه أو تحت أمر شخص ثالث يسمى المستفيد .
وقد نص القانون التجاري الجزائري من المادة 389 على أنه تعتبر السفتجة عملا تجاريا مهما كان أشخاص المتعاملين بها ،
وأوجبت المادة 390 من ذات القانون على البيانات التي يجب أن تتضمنها السفتجة ، وهي :
* تسمية " السفتجة " في مثل السند نفسه ، وباللغة المستعملة في
تحريره .
* أمر غير معلق على قيد أو شرط بدفع مبلغ معين .
* إسم من يجب عليه الدفع ( المسحوب عليه ) .
* تاريخ الاستحقاق .
* المكان الذي يجب فيه الدفع .
* إسم من يجب الدفع له أو لأمره .
* بيان تاريخ إنشاء السفتجة ومكانه .
* توقيع من أصدر السفتجة ( الساحب ) .
ويتضح من هذا النص أن السفتجة لها صورة أو شكل معين ، يتكون من البيانات المذكورة ، ويترتب على فقدان أحد عناصرها
الصفة التجارية للورقة ، التي تعتبر في هذه الحالة سندا عاديا .
وعليه ، فإن السفتجة تتطلب وجود ثلاث
أشخاص .
الأول : الساحب .
وهو الشخص الذي يحرر الأمر ويوقع عليه ، ويتضمن المحرر أمرا صادرا من
الساحب إلى شخص آخر يكلفه فيه
بالوفاء في تاريخ معين أو قابل للتعيين بمبلغ من النقود .
الثاني : المسحوب عليه
.
وهو الشخص الذي يصدر إليه الأمر من الساحب والأصل أن الإنسان لا يكلف الغير بالوفاء أو القيام بالعمل إلا إذا كان
ذلك يستند إلى علاقة بين الآمر والمأمور تبرر إصدار هذا الأمر .
والغالب أن يكون الساحب دائنا للمسحوب عليه بمبلغ من النقود مستحق الوفاء في
ميعاد الاستحقاق المذكور في
السفتجة ، وهو ما يطلق عليه مقابل الوفاء . ويترتب على حصول الوفاء من المسحوب عليه انقضاء علاقة المديونية التي بينه
وبين الساحب
.
الثالث : المستفيد
.
وهو الشخص الذي يتلقى الوفاء من
المسحوب عليه .
والسفتجة أداة ائتمان ، من أهم
صفاتها التداول من حامل إلى آخر بالتظهير أو بالاستلام ، حتى تقدم للمسحوب عليه
لقبولها ثم وفائها .
وقد نصت المادة 389 من القانون التجاري الجزائري على الطابع التجاري
للتعامل بالسفتجة ، ومؤدي ذلك إلى
كل ما يتعلق بالسفتجة ، يعتبر عملا تجاريا ، سواء كان الإلزام مدنيا أو تجاريا ، وإن كانت صفة الموقعين عليها ،
سواء كانوا مظهرين أو راهنين أو
ضامنين ، إلا أن المشرع اكتفى القصر ، فاعتبر السفتجة التي تظهر من قبلهم باطلة .
-2الأعمال المصرفية (أعمال البنوك)
تشير المادة الثانية إلى الأعمال المصرفية أو عمليات البنوك بوصفها أعمالا تجارية و بناء على ذلك تعتبر جميع عمليا
ت البنوك تجارية ’ فعقود إيداع النقود أو الصكوك و تأجير الخزائن الحديدية و فتح حسابات الودائع
النقدية و التحويل المصرفي و القروض
و فتح الإعتمادات بأنواعها تعتبر أعمال تجارية و تعتبر عمليات البنوك تجارية بصرف النظر عن طبيعة العمليات التي يتم التعامل عليها أي سواء كانت العمليات
مدنية أو تجارية.
و تعتبر عمليات البنوك تجارية من جانب البنك دائما أما من جانب العميل فالأمر يختلف حسب كونه تاجرا و تعلق
العمل المصرفي بأعماله التجارية أم غير تاجر.
3 ـ أعمال الصرف:
تعتبر أعمال الصرف أعمالا تجارية
وفقا لنص القانون التجاري بالمادة الثانية و هو نوع من
أعمال البنوك يقوم بها الصيارفة المتخصصين أو البنوك, والصرف هو مبادلة نقود وطنية بنقود أجنبية مقابل عمولته. و
الصرف نوعان أحدهما يدوي و هو الذي يتم بين المتعاقدين فورا و تسليم كل منهما العملة التي قام باستبدالها
و الثاني هو الصرف المحسوب و
يتم فيه استلام المبالغ المراد استبدالها من مكان آخر، و يتم هذا النوع من الصرف بخطاب من المستسلم (بنك في الجزائر)
إلى مراسل في البلد الأخر يأمره فيه بتسليم شخص معين
المبالغ المحددة فيه.
و يعد عقد الصرافة تجاريا دائما من
جانب الصراف على خلاف الطرف الراغب في الصرف حيث
لايعد العمل بالنسبة إليه تجاريا إلا
إذا كان من أجراه تاجرا و تعلق بأعماله التجارية.
4 ـ السمسرة :
تعتبر المجموعة التجارية أعمال السمسرة من الأعمال التجارية و السمسرة هي الوساطة في التعاقد، فهي تقريب بين
الراغبين في التعاقد حتى يتم هذا التعاقد فعلا مقابل عموله ، و ينتهي عمل السمسار أو مهنته بمجرد تلاقي الإيجاب و القبول حتى يبدأ نشاطه للتوسط
في عمل آخر ، و يترتب على ذلك أنّ السمسار لا شأن له بمتابعة تنفيذ العقد أو تسليم الثمن أو تسليم المبيع إلى غير ذلك من الآثار التي تترتب على
التعاقد ذلك لأنّ له بمتابعة تنفيذ العقد أو تسليم المبيع إلى غير ذلك من الأثار التي تترتب على التعاقد
ذلك لأنّ السمسار ليس وكيلا عن
أطراف التعاقد أو أحدهم كما أنه لا يسأل عن حسن تنفيذ العقد أو ضمانه ، بل أنه يستحق أجره إذا أدت وساطته إلى إبرام
العقد ولو لم ينفذ كله أو بعضه و
يتمثل هذا الأجر في عموله تحسب عادة بنسبة معينة من قيمة الصفقة و هي تختلف بإختلاف العرف و العادات التجارية
.
و الوساطة في التعاقد عمل تجاري منفرد بمعنى أنه يخضع لأحكام القانون التجاري و لو كان القائم به غير محترف
السمسرة بل و لو قام بها مرة واحدة أو عرضا .
كما تعتبر السمسرة عملا تجاريا بصرف النظر عن طبيعة العقد الذي يتوسط فيه السمسار بمعنى أنه لا أهمية لمدنية أو
تجارية العقد الأصلي المراد التوسط فيه . و تعتبر أعمال السمسرة تجارية بالنسبة للسمسار وحده أمّا فيما
يتعلق بأطراف التعاقد الأصلي فإنّ
الأمر يتوقف على طبيعة هذا التعاقد.
5 ـ الوكالة بالعمولة
الوكالة بالعمولة نوع من أنواع التوسط في اتمام الصفقات إذ ان التاجر غالبا ما يستعين بطائفة من الأشخاص لتصريف منتجاته
و بضائعه و التوسط بينه و بين غيره من العملاء أو التجار أو أصحاب المصانع او المتاجر التي لها علاقة بطبيعة التجارة التي يباشرها وهؤلاء
الأشخاص هم الوكلاء بالعمولة، فالوكيل بالعمولة لا يقصر أعماله على تاجر معين ’بل يقوم بهذه المهمة لعدة تجار دون أن يرتبط مع أحدهم بعقد عمل، فعندما
يتلقى توكيلا من تاجر في مباشرة تصرف معين فهو لا يرتبط معه بتبعية ما بل يباشر هذا العمل على وجه الإستقلال، كما لا يمنعه هذا التوكيل من
مباشرة توكيل آخر من تاجر آخر و تمثل الوكالة بالعمولة أهمية كبيرة في الحياة التجارية فهي تؤدي خدمة للتاجر و أصحاب المشروعات حيث يقوم
الوكيل بالعمولة بدور الوساطة بينه و بين عملائه خاصة في المجال الدولي حيث يصعب إنتقال التاجر في كل صفقة
على حده و يعرف الوكيل بالعمولة
بأنه ذلك الشخص الذي يعمل عملا بإسمه بأمر الموكل في مقابل أجره أو عمولة.
و يتضح من هذا التعريف أن الوكيل بالعمولة عندما يتعاقد مع الغير يعتبر أصيلا في التعاقد فيلتزم في مواجهته
بكافة الإلتزامات التي تنشأ عن العقد المبرم بينهما و يتلقى كافة الحقوق التي تترتب على هذا التعاقد و لكن
في علاقته بالموكل يعتبر وكيلا
عنه في مباشرة التصرف و يلزم في مواجهته بتنفيد أوأمر الوكالة وبأن ينقل كافة آثار التعاقد.
و يختلف الوكيل بالعمولة عن الوكيل العادي الذي يتعاقد باسم الموكل بحيث يبدو واضحا أمام الغير المتعاقد أن الطرف
الأصلي هو الموكل كما يختلف بالعمولة
عن السمسار فالوكيل بالعمولة عندما يتدخل في تصرف معين فهو الذي يتعاقد مع الغير.
أما السمسار فإن مهنته تقتصر على
مجرد التقريب بين التاجر و الغير دون أن يتدخل كطرف في العقد الأصلي الذي من أجله
قام بالوساطة.
و تعتبر الوكالة بالعمولة تجارية بصرف النظر عن طبيعة العقود التي يتوسط الوكيل بالعمولة في إبرامها و التعاقد
بشأنها أي أنها تعتبر تجارية ولو كان العمل الذي وكل إبرامه مدنيا.
الأعمال التجارية على وجه المقاولة
يقصد بالأعمال التجارية على وجه المقاولة الأعمال التي يعتبرها المشرع
تجارية إذا ما باشرها القائم بها
على وجه الإحتراف في شكل مشروع منظم بحيث تصبح حرفته المعتادة فالمقاولة هي مباشرة نشاط معين في شكل مشروع إقتصادي و
هذا المشروع له مقومات أساسية
هي غالبا عدد من العمال و المواد الأولية يضارب عليها صاحب المشروع.
وقد يكون ممارسة المشروع لنشاطه من
خلال الفرد و هو ما يطلق عليه المشروع الفردي
وقد يشترك إثنان او أكثر، في إستغلال كمؤسسة التسيير الإشتراكي.مشروع معين
على هيئة شركة ويمنحها القانون
الإستقلال القانوني فيكون لها ذمة مالية مستقلة وشخصية معنوية و قد يكون المشروع مملوك للدولة ويسمى حينئد بالمشروع
العام كمؤسسات التسيير الإشتراكي.
وعلى ذلك فالمقصود بالمقاولات تلك المشروعات التي تتطلب قدرا من التنظيم لمباشرة الأنشطةالإقتصادية سواء كانت
صناعية أو تجارية أو زراعية أو خدمات و ذلك بتضافر عناصر مادية
(رأس المال)
و بشرية (العمل) و يقتضي هذا التنظيم عنصرا الإحتراف و المضاربة و يعني الإحتراف ممارسة النشاط على وجه
التكرار كما تكون المضاربة على عمل الغير بقصد تحقيق الربح فاذا لم يتحقق في النشاط عنصري الإحتراف
والمضاربة لا يكتسب هذا النشاط شكل
المشروع و يعتبر القائم بالنشاط في هذه الحالة حرفيا وليس تاجرا فإذا ثبت للنشاط صفة التجارية فإنه يخضع القانوني التجاري هذا و قد وردت المقاولات
بالقانون التجاري على سبيل المثال لا الحصر لذلك فإنه يجوز أن يضيف القضاء غيرها بطريق القياس أو الإجتهاد كلما ظهرت الحاجة الى ذلك بسبب متغيرات الظروف
الإجتماعية و الإقتصادية.
و قد عددت المادة الثانية تجاري
الأعمال التي تكتسب الصفة التجارية إلا إذا وقعت على سبيل المقاولة وهي:
(1) كل مقاولة لتأجير المنقولات أو العقارات.
(2) كل مقاولة للإنتاج أو التحويل أو الإصلاح.
(3) كل مقاولة للبناء الحفر أو لتمهيد الأرض.
(4) كل مقاولة للتوريد أو الخدمات.
(5) كل مقاولة لاستغلال المناجم أو المناجم السطحية أو مقالع الحجارة او
منتوجات الأرض الأخرى.
(6) كل مقاولة لاستغلال النقل أو الإنتقال.
(7) كل مقاولة لاستغلال الملاهي العمومية او الإنتاج الفكري.
(8) كل مقاولة للتأمينات.
(9) كل مقالة لاستغلال المخازن العمومية.
(10) كل مقاولة لبيع السلع الجديدة بالمزاد العلني أو الأشياء المستعملة
بالتجزئة بالجملة.
1 ـ مقاولة تأجير المنقولات أو العقارات
يعد تأجير المنقولات أو العقارات إذا حدث على سبيل التكرار واتخذ شكل
المشروع عملا تجاريا طبقا للمادة
الثانية تجاري فيستوي أن يكون التأجير واردا على منقولات كمن يقوم بتأجير السيارت أو الدراجات أو كن التأجير واردا على عقارات كالمنازل لتأجيرها لأغراض الطب
كالمستشفيات الخاصة أو لأغراض التعليم بإفضاء المشرع على هذه الأعمال الصفة التجارية يعتبر القائمون
بها تجارا فيخضعون لالتزامات
التجار من حيث مسك الدفاتر التجارية و القيد في السجل التجاري و الخضوع لضرائب الأرباح التجارية و الصناعية.
2 ـ مقاولة الإنتاج أو التحويل أو الإصلاح
يقصد بمقاولات الإنتاج أو التحويل أو الإصلاح مقاولات الصناعية التي تقوم بتحويل المواد الأولية أو النصف مصنوعة
بحيث تكون صالحة لاشباع حاجات الأفراد مثل صناعة السكر من القصب البنجر أوالزيت من الزيوت أو صناعة النسيج و الأثاث و الآلات بجميع أنواعها.
و يدخل في مدلول الصناعة الأعمال التي يترتب عليها تعديل للأشياء يرفع من قيمتها أو يزيد في استخداماتها كصناعة الصباغة و إصلاح الساعات وورش
إصلاح السيارات وتعتبر مقاولات الصناعة تجارية سواء كان المشروع يقوم بشراء المواد الأولية المراد تحويلها أو يقدمها من عنده أو تقدم له من
الغير لتحويلها فإذا كان صاحب المصنع يقوم بصناعة الجلود التي تنتجها ماشيته و التي تقدم له من الغير فإن هذا لا يغير من طبيعة الحالة
التجارية.
أصحاب الحرف:
الحرفي هو عامل مستقل يمارس حرفة يدوية متخذا شكل مشروع صغير نوعا و يختلف
الحرفي عن كل من العامل والتاجر
فهو ليس بعامل رغم أنه يباشر عمله بيديه لأنه لا يرتبط بعلاقة تبعية برب عمل علاوة على أنه يبيع ما قام بصنعه خلاف
العامل الذي لا يبيع ما يقوم
بانتاجه.
كما يختلف الحرفي عن التاجر أوالصانع رغم استقال كل منهما في أنه يعمل
بنفسه في صنع الشيء أو اصلاحه
فعمله اليدوي هومصدر دخله ورزقه الرئسي، فالحرفي لا يضارب على عمل الغير.
و المستقر عليه فقهاء و قضاء أنه يشترط لاعتبار الصناعة عملا تجاريا أن
يكون على قدر من الأهمية بحيث
يمكن القول بوجود مضاربة على الألات و عمل العمال أما إذا اقتصرت الصناعة على مجرد القيام بواسطة الشخص نفسه أو بمعاونة
عدد قليل من العمال أو أفراد
أستره فان أعماله تخرج من مجال القانون التجاري لأنه أقرب إلى طائفة الحرفيين منه الى طائفة الصناع و مثال هؤلاء
الأشخاص النجار أو الحداد أو النقاش
أو المنجد أو الخياط فهؤلاء جميعا يعتمدون اساسا في تقديم أعمالهم على مهارتهم الشخصية أو فنهم أكثر من اعتمادهم
على تحويل ما يقدم اليهم من
مواد أولية بل أن أعمالهم تظل مدنية حتى و لو إستعان أحدهم بآلة أو أكثر في العمل كما هو الحال عند إستعمال آلات الخياطة أما إذا لجأ الحرفي الى شراء
المواد الأولية التي يستخدمها في عمله بكميات كبيرة كشراء الخياط للأقمشة و عرضها للبيع بحالتها أو بعد حياكتها فإن عمله يعد تجاريا على أساس
الشراء بقصد البيع مع توافر نية المضاربة هو نشاط الرئيسي و ما حرفته إلا عامل ثانوي.
3ـ مقاولات البناء أو الحفر أو تمهيد الأرض
إعتبر المشرع مقاولات البناء أوالحفر أو تمهيد الأرض عملاتجاريا أيا كان نوع
هذه الأشغال و أهميتها فيدخل في
نطاق ذلك إنشاء المباني و الجسور و الطرق و الأنفاق و المطارات و حفر الترع و القنوات و إنشاء السدود كما يدخل
فيها أعمال الهدم و الترميم بشرط
أن يقدم المقاول المقاول الأدوات و الأشياء اللازمة للعمل الموكول إليه ذلك أنه في هذه الحالة يضارب على الأدوات
التي يقدمها الا أن القضاء يعتبر
المقاول تجاريا حتى إذا إقتصر على تقديم العمل لإنشاء المباني اذ انه يضارب على عمل العمال تماما كما يضارب على
الألات و الأشياء التي يقدمها في
إنشاء المباني و تطبيقا لذلك يعتبر المقاول الذي يتفق مع صاحب الأرض على توريد العمال اللازمة للإنشاءات العقارية قائما بعمل تجاري سواء قدم الأدوات اللازمة أم
لم يقدمها أما إذا اقتصر عمل المقاول على مجرد الإشراف على العمال الذين أحضرهم صاحب العمل فإن عمله يظل مدنيا شأنه في ذلك شأن من يقدم خبرته
أو إنتاجه الفكري .
4ـ كل مقاولة للتوريد أو الخدامات
يقصد بالتوريد أن يتعهد شخص بتسليم كميات معينة من السلع بصفة دورية لشخص
آخر نظير مبلغ معين مثل احتراف
توريد الأغدية للمدارس أو المستشفيات أو الجيش أوتوريد الفحم الى مصانع او الملابس الى المسرح كذلك يعتبر توريد
الخدمات من عمليات التوريد مثل
استثمار الحمامات و إستغلال المقاهي والفنادق و النوادي و تعتبر مقاولات التوريد عملا تجاريا طالما احترفها الشخص بصرف النظر عن سبق شرائه للمواد التي يتعهد
بتوريدها من عدمه.
5ـ مقاولات إستقلال المناجم أو المناجم السطحية أو مقالع الحجارة أو
منتوجات الأرض الأخرى...
يعتبر المشرع صور الإستقلال الأول للطبيعة إذا تم من خلال مقاولة تتم بمقومات المشروع عملا تجاريا و من صور هذا
الإستقلال إستخراج المعادن من باطن الأرض كاستخراج البترول و الحديد والفحم و الفسفات و الزئبق و غيرها و كذلك قطع الرخام و الأحجار من الجبال على
سطح الأرض و تعتبر هذه المقاولات تجارية سواء كان القائم بها يمتلك مصدر الإنتاج أولا يملكه كصاحب حق الإمتياز للاستقلال فترة معينة
.
و قد أطلق المشرع الصفة التجارية على كل ما يتعلق بهذه الإستقلالات سواءعماليات الشراء اللازمة لها كالآلات
للحفر أو مواد كيماوية أوملابس وأداوات وقائية و من باب أولى تعتبرعمليات تحويل المنتجات أعمال تجارية حتى و لو استقلت عن العملية الرئيسية و
هي الإستخراج كما في حالة تهيئة الأحجار المتقعطة من المناجم السطحية و صنعها رخاما لأعمال الزينة و البناء.
وكذلك تعتبر استغلالات منتاجات الأرض الأخرى عملا تجاريا كاستغلال عين معدنية
و تعبئة مياهها في زجاجات
لبيعها وكما إذا أقام مستغل العين فندقا أومطعم لخدمة القادمين. وأيضا إستغلال بحيرة في تربية الأسماك و صيدها وقد
ساير المشرع المصري الفقه
التقليدي فاعتبر العماليات الإستخراجية كاستخراج المعادن و البترول و المياه وما يوجد في باطن الأرض أو في أعماق البحار
و الأنهار أعمالا مدنية
بالنسبة لمن يقوم بها حتى إذا كان القصد منها تحقيق الربح والمضاربة و في فرنسا لم تصبح عماليات استغلال المناجم من
الأعمال التجارية إلا بقانون 1919
أما قبل ذلك فقد كانت من قبيل الأعمال المدنية و قد ساير المشرع الجزائري في هذا الصدد التعديل الذي أخذ به المشرع
الفرنسي فاعتبر تلك الأعمال أعمالا
تجارية.
6 ـ مقاولات إستغلال النقل أو الإنتقال
يعد عملا تجاريا مقاولات إستغلال النقل أو الإنتقال و يقصد بالنقل نقل
البضائع و يقصد بالنتقال انتقال
الإنسان بوسائل النقل المختلفة و عمليات النقل و الإنتقال وفقا للمادة الثانية لا تعتبر تجارية إلا إذا باشرها الشخص
على سبيل الإحتراف و نتيجة لذلك
إذا فرض وقام أحد أصحاب السيارات بنقل أصدقائه أو أقربائه فان عمله يعتبر مدنيا حتى و لو تقاض عن هذا النقل أجر ذلك
لان شرط الإحتراف هو أساس
تجارية أعمال النقل و السبب في ذلك أن عمليات النقل و الإنتقال لا تبدو ذات طابع تجاري إلا إذا تضمنت مضاربة على العمال و السيارات بقصد تحقيق الربح. ومقاولات
النقل تجارية أيا كانت وسيلة النقل و أيا كان المكان المراد النقل اليه وأيا كانت طبيعة الشيئ المراد نقله.
فالنقل برا يعتبر تجاريا أيا كان نوع وسيلة النقل الجوي
وإذا كانت عمليات النقل
تجارية دائما من جانب الناقل فهي تختلف من جانب الناقل فهي تختلف من جانب الطرف الآخر حسب طبيعة العمل بالنسبة
اليه فاذا قام بها تاجر لأغراض تجارية اتخذت الصفة التجارية من جانبيها.
فصل تمهيدي :
المبحث الأول: تعريف
القانون التجاري ونشأته.
المبحث الثاني : خصائص القانون التجاري واستقلاليته.
المبحث الثالث : مصادر القانون التجاري ونطاقه
.
الفصل الأول : نظرية الأعمال التجارية
المبحث الأول : تمييز الأعمال المدنية على الأعمال
التجارية.
- معايير التمييز.
- أهمية التمييز.
المبحث الثاني : أنواع الأعمال التجارية
- الأعمال التجارية الموضوعية .
- الأعمال التجارية الشكلية .
- الأعمال التجارية بالتبعية و المختلطة
.
الفصل الثاني : التاجر
المبحث الأول :شروط اكتساب صفة التاجر
- الأهلية.
- إنتهاك الأعمال التجارية .
المبحث الثاني : إلتزامات التجار .
- القيد في السجل التجاري .
- مسك الدفاتر التجارية.
- مسك الدفاتر التجارية.
الفصل الثالث :المحل التجاري.
المبحث الأول : تعريف المحل التجاري
المبحث الثاني: العقود الواردة عل المحل التجاري
- بيع المحل التجاري – رهنه – تأجيره –تأجير....
الفصل الرابع: الشركات التجارية .
المبحث الأول : النظرية العامة للشركة
.
- تعريف عقد الشركة وطبيعته القانونية
.
- الشخصية المعنوية لعقد الشركة .
- بطلان عقد الشركة .
- انقضاء عقد الشركة.
المبحث الثاني : أنواع الشركات .
- شركات الأشخاص.( شركة التضامن،المحاصة، شركة التوصية
البسيطة).
- شركات الأموال( شركة الأسهم، شركة التوصية...)
الفصل الأول : نظرية الأعمال التجارية
المبحث الأول : تمييز الأعمال المدنية على الأعمال
التجارية.
ونتناول فيه معايير تمييز الأعمال المدنية على الأعمال
التجارية وآثار هذا التمييز
المطلب الأول- معايير تمييز الأعمال التجارية عن الأعمال
المدنية :
لم يتعرض المشرع الجزائري الى تعريف العمل التجاري، وحسنا
فعل ولا الى معيار
معين على ضوئه يتحدد العمل التجاري وإنما اكتفى بالنص في المواد 2 و
3 من ق ت على الأعمال التجارية شأنه في ذلك شأن المشرع
الفرنسي وقد ظهرت عدة
محاولات لدى الفقه للبحث عن المعيار الذي يتحدد على ضوئه العمل التجاري يمكن تصنيفها على النحو التالي
:
المعايير الموضوعية :تنظر هذه المعايير إلى القانون
التجاري على انه قانون النشاط
الاقتصادي دون الأخذ بعين الاعتبار صفة القائم به تاجرا كان أم لا وأهم هذه النظريات مايلي
:
نظرية المضاربة : يرى أنصار هذه النظريات أن المعيار
المميز للعمل التجاري هو
المضاربة أي قصد تحقيق الربح ورغم أن هذه النظرية تتفق مع طبيعة التجارة التي تقوم أساسا على تحقيق الربح
إلا أن الفقه الحديث يرفض هذه الفكرة كمعيار عام ويوجه لها الانتقادات التالية :
1- أن هناك من الأعمال المدنية ما يقصد منها تحقيق الربح
كما هو الحال لأصحاب المهن الحرة كالمهندس والطبيب .
2- فكرة تحقيق الربح ليست هي التي تحرك العمل التجاري
دائما فقد يضطر التاجر خوفا على بضاعته من التلف أو الفساد أو
هبوط سعر السوق إلى بيعها بأقل من ثمنها ، كما أن الأعمال
المتعلقة بالسفتجة من سحب.......وضمان تعتبر أعمالا تجارية
بالرغم من أنها لا تنطوي على تحقيق الربح
.
3- معيار المضاربة لا يمكن التحقق من وجوده إلا بعد
التحقق من القصد (النية)لذا يصعب على الدائن
غالبا إثبات القصد واضطلاع على النية الباطنة للمدين فيما إذا كان قصده المضاربة وتحقيق الربح أم لا ثم هل تحقيق
الربح كان مقصودا ابتداءا
،وبالتالي تصبح هناك سلطة تقديرية للقضاء لتقدير وسيلة الإثبات المقدمة من طرف الدائن وهنا يثور التساؤل ، حول طبيعة القاضي
؟هل هو قاضي مدني أم تجاري ؟ لا
سيما عندما نكون أمام ازدواجية القضاء (مدني أو تجاري).
نظرية التداول : يرى اصحاب هذه النظرية أن التجارة هي
تداول الأموال ، ومن ثم يعتبر عملا تجاريا كل عمل يدخل في هذا التداول
أما الأعمال المدنية فهي ....على المال ( الثروات )قبل
تداوله أو بعد وصولها للمستهلك وقد انتقدت كما يلي :
1- هناك من الأعمال التي تدخل في حركة التداول ومع ذلك
فهي أعمال مدنية كعمل المزارع فهو أول من يدفع بالسلعة الى التداول.
2- مفهوم التداول مفهوم واسع فهو يشمل كافة النشاط الإنساني
بما فيه تقديم الخدمات
ولا يقتصر على السلع وهذا يعني اعتبار أصحاب المهن الحرة تجارا مع أنه من المتفق عليه أن نشاطهم يعتبر
مدنيا.
نظرية الوساطة في التداول :مضمونها أن الأعمال التجارية
هي الأعمال التي تشكل
وساطة أو تكون وساطة في تداول الثروات وقد استند أصحاب هذه النظرية إلى المشرع الفرنسي الذي اعتبر الشراء
لأجل البيع عملا تجاريا وفضلا على الانتقادات السابقة فإنه يمكن توجيه الإنتقاد التالي
:
- أن الوساطة لا تعني بالضرورة تداول الثروة فقد لا يتدخل
الوسيط في بعض العلاقات
ولا يتحمل أي التزام كما هو الحال بالنسبة للسمسار .
المعايير الشخصية : يرى أصحاب هذه المعايير أن تحديد
الأعمال التجارية يعتمد
على التاجر فالقانون التجاري هو الذي ينظم مهنة التجار فهو قانون مهني يحكم نشاط محترفي التجارة وأنصار
هذا المعيار يقدمون نظريتين .
أ – نظرية المشروع ( المقاولة ) يرى أصحابها أن الأعمال
التجارية هي تلك الأعمال
التي يقوم بها الشخص على سبيل المقاولة أو المشروع والمقاولة هي
:التي تتكرر فيها الأعمال بشكل منتظم مع استعمال وسائل
الإنتاج ويضيف البعض
الآخر من الفقه استعمال اليد العاملة والمضاربة على انتاجها ولا يهم بعد ذلك طبيعة العمل أو الغرض منه ومثال
ذلك مقاولات البناء والحفر ،مقاولات بيع و تأجير العقارات
..
انتقدت كما يلي :
1- أن المشرع الجزائري على غرار التشريعات الأخرى ذكر في
المادة 2 ق.ت أعمالا
اعتبرها تجارية ولو وقعت على سبيل الإنفراد لانعدام عنصر التكرار مثل عقود الوساطة ،الشراء لأجل
البيع،الوكالة بعمولة ...
2- هناك بعض الأنشطة تمارس في شكل مقاولات ومع ذلك في
أعمال مدنية كالمؤسسات الحرفية ، مكاتب التوثيق .
نظرية المهنة (الحرفة) : وسميت كذلك بدل نظرية الحرفة
تفاديا للخلط بين التاجر
و الحرفي ، صاحب هذه النظرية الفقيه الفرنسي جورج ربار الذي يرى وجوب الاعتماد في تحديد نطاق القانون
التجاري على تحديد المهنة التجارية ويقصد بها مجموعة الأعمال التي يمارسها شخص بشكل متواصل خلال مدة زمنية معينة ، ويفرق أصحاب هذه النظرية بين
المهنة والمقاولة في كون الأولى تستدعي استعمال وسائل الإشهار والإعلان بخلاف الثانية وقد وجه لهذه النظرية الانتقادات التالية
:
1- بالرغم من التمييز المقدم بين نظرية المقاولة ونظرية
المهنة إلا أن الواقع أنه لا فرق بينهما .
2- نجد أنفسنا من خلال هذه النظرية مضطرين إلى الرجوع إلى
القانون التجاري لتحديد
الأعمال موضوع الاحتراف وبالتالي فإن هذه النظرية لا تضع معيارا محددا لتمييز هذه الأعمال بل أنها تدخلنا
في جدل موضوعي مفاده : هل الأعمال
التجارية المنصوص عليها في ق ت هي التي تحكم أساس هذه النظرية أم أن هذه النظرية هي التي تحدد معيارا
للأعمال التجارية .
موقف المشرع الجزائري : بالرجوع إلى ق ت ج نجد أن المواد
2-3 أوردت تعداد للأعمال
التجارية دون أن تلتزم بقاعدة معينة أو معيار محدد إقتداء ا بالمشرع الفرنسي .
المطلب الأول- أثار التمييز بين الأعمال التجارية
والأعمال المدنية :
تختلف العلاقات المدنية عن العلاقات التجارية من حيث
طبيعتها ومقتضياتها هذا
الاختلاف يستلزم اختلافا بينهما في التنظيم القانوني ،فالأعمال التجارية هي وحدها التي يحكمها القانون
التجاري من حيث طبيعتها ومقتضياتها هذا الاختلاف يستلزم اختلافا بينهما في التنظيم القانوني فالأعمال التجارية هي وحدها التي يحكمها القانون
التجاري بخلاف الأعمال المدنية التي تظل بحكم الأصل خاضعة للقانون المدني وأهم موضوعات الاختلاف مايلي
:
01) الإثبات: يقصد به إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق
التي حددها القانون على
وجود واقعة قانونية رتبت أثارها ، القاعدة العامة في المواد التجارية حرية الإثبات وبالتالي يجوز إثبات
التصرفات القانونية التجارية بشتى وسائل الإثبات مهما كانت قيمتها وقد نصت على هذا المبدأ المادة 30 ق ت ((
يثبت كل عقد تجاري بسندات رسمية
– سندات عرفية – فاتورة مقبولة – بالرسائل – بدفاتر الطرفين – بالإثبات بالبينة أو بأي وسيلة أخرى إذا رأت المحكمة وجوب قبولها )).
أما الإثبات في المسائل المدنية الأصل فيه أنه مقيد إذ لا
يجوز لإثبات البينة
متى زادت قيمة الحق عن 100000 دينار جزائري وفقا للمادة 333 قانون مدني التي تنص (( في غير المواد التجارية
إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته على 100000دج أو كان غير محدد القيمة فلا يجوز الإثبات بالشهود
في وجوده أو انقضائه ما لم
يوجد نص يقضي بغير ذلك )) تطبيقا لهذا المبدأ يمكن أن نلاحظ أهمية التفرقة بين العمل المدني والعمل التجاري في المسائل التالية :
01- يجوز إثبات ما يخالف أو يتجاوز المكتوب بدليل غير
كتابي في المسائل التجارية
خلافا للقاعدة العامة في المعاملات المدنية إذ لا يجوز إثبات ما يخالف الكتابة أو يجاوزها إلا بدليل
كتابي .
02- يجوز الاحتجاج بالأوراق التجارية على الغير حتى ولو
لم تكن ثابتة التاريخ
بعكس الأعمال المدنية التي تخضع لقاعدة عدم جواز الاحتجاج بالمحررات العرفية على الغير .
03- يجوز في المواد التجارية إثبات تاريخ السندات العادية
بالنسبة للغير بجميع
طرق الإثبات وذلك خلافا لما هو مقرر في المواد المدنية إذ لا يعد السند العادي صحيح إلا من يوم تسجيله أو
من يوم إثباته بسند رسمي .
02) الاختصاص: وهو
نوعان :
أ) الاختصاص النوعي : على خلاف ماهو موجود في كثير من
الدول التي تخصص محاكم
مدنية ومحاكم تجارية منفصلة يقوم القضاء الجزائري على وحدة المحاكم المدنية والتجارية حيث يختص نوع واحد من
المحاكم بالنظر في المنازعات المدنية والتجارية غير أنه يلاحظ من الناحية العملية أنه توجد داخل المحاكم والمجالس أقساما وغرفا يختص كل
واحد منها بالنظر في نوع معين من المنازعات وهذا التقسيم ماهو إلا تنظيم داخلي تسهيلا للعمل لا ينتج عنه
أي اختصاص نوعي ويترتب على ذلك
أنه إذا رفعت دعوى مدنية أمام القسم التجاري أو العكس لا يجوز الطعن بعدم الاختصاص النوعي ولا يجوز رفض الدعوى شكلا لذات السبب بل كل ما يجب فعله هو إحالة
الدعوى على القسم المختص بذات المحكمة، وإذا حكمت في الدعوى يكون حكمها صحيحا على اعتبار أنه صادر من محكمة مختصة .
ب) الاختصاص المحلي :في النزاعات المدنية تكون المحكمة
المختصة هي محكمة موطن
المدعَى عليه عملا بقاعدة (الدين مطلوب وليس محمول )، بينما في المعاملات التجارية يجوز للمدعي الاختيار
في أن يرفع دعواه أمام إحدى المحاكم
الثلاث التالية :
1- محكمة موطن المدعى عليه : ويعتبر المكان الذي يباشر
فيه الشخص تجارته موطنا
بالنسبة للأعمال المتعلقة بهذه التجارة إلى على جانب موطنه الأصلي إلا أن هناك استثناءات على هذه القاعدة
ذكرتها المادة 08 قانون إجراءات مدنية
أ) ترفع الدعاوى في مواد الإفلاس والتسوية القضائية أمام
المحكمة التي يقع
في دائرة اختصاصها مكان افتتاح الإفلاس أو التسوية القضائية .
ب) ترفع الدعوى العقارية أو الأشغال المتعلقة بالعقار
ودعاوى الإيجارات المتعلقة
بالعقارات أمام المحكمة التي يقع العقار في دائرة اختصاصها.
2- محكمة إبرام العقد وتسليم البضاعة: هي المحكمة التي تم
إبرام العقد في دائرة
اختصاصها أو مكان التسليم الفعلي قد حصل في دائرة اختصاصها.
3- محكمة محل الدفع أو الوفاء : هي المحكمة التي تم
الاتفاق بين الطرفين على أن الوفاء يتم في دائرة اختصاصها.
03) التضامن : التضامن بين المدينين في المعاملات المدنية لا يفترض وإنما يكون بناءا
على اتفاق المادة 217 ق.م
أما في المعاملات التجارية فهو مفترض بين المدينين عند
تعددهم دون الحاجة إلى نص أو اتفاق وهو ما جرى عليه
العرف .
04) الإعذار: هو تنبيه يوجهه الدائن للمدين بعد حلول أجل
الدين بوجوب الوفاء
به ويسجل عليه تأخره في الوفاء ويحمله ما يترتب على هذا التأخر من مسؤولية والأصل أن الإعذار في المسائل
المدنية أن يتم بورقة رسمية عن طريق المحضر القضائي أما الإعذار في المسائل التجارية فيمكن أن يتم بخطاب
عادي دون الحاجة إلى ورقة رسمية
.
05) الإفلاس والتسوية القضائية: يعتبر الإفلاس نظام خاص
بالتجار يهدف إلى تصفية
أموال المدين وتوزيع المبالغ الناتجة عنها إلى الدائنين وهي حالة الإفلاس القضائي أو مساعدة هذا التاجر
على استعادة قدرته المالية من خلال تدابير يفرضها القانون وهي حالة التسوية القضائية، وهو نظام يتصف
بالشدة والقسوة قصد توفير الضمان
والثقة لدى الدائنين لذا يخضع لهذا النظام التاجر وحده أما الشخص المدني فيخضع لنظام الانكسار.
06) الإفلاس والتسوية القضائية: جرى العمل على منح مهلة
قضائية للوفاء في المواد
المدنية إذا كان المدين حسن النية المادة 210 قانون مدني ، بنما لا يجوز منح هذه المهلة في المواد التجارية
إلا عند الضرورة نظرا لسرعة الحياة
التجارية .
07) النفاذ المعجل :الأحكام الصادرة في المعاملات المالية
المدنية غير قابلة
للتنفيذ إلا بعد أن تحوز حجية الشيء المقضي فيه و لايمكن الخروج عن هذه القاعدة إلا في حالات استثنائية نص
عليها المشرع ،أما الأحكام الصادرة في المعاملات التجارية فهي معجلة النفاذ ولو لم تستوفي أوجه الطعن بشرط
أن يدفع التاجر الذي صدر الحكم
لمصلحته كفالة وذلك لحاجة الحياة التجارية للسرعة واستقرار المعاملات.
08) صفة التاجر: احتراف الأعمال التجارية من شأنه أن يكسب
الشخص ومن ثم يخضع
الى كل التزامات التجار كالقيد في السجل التجاري على خلاف الشخص المدني الذي يمارس أعمالا مدنية ويخضع
لأحكام القانون المدني .
09) حوالة الحق: تقضي المادة 241 من القانون التجاري على
انه لايحتج بحوالة
الحق قبل المدين أو قبل الغير إلا إذا رضي بها المدين أما في القانون التجاري فإنه تجوز حوالة الحق الثابتة في الوراق التجارية بمجرد التوقيع عليها ودون الحاجة الى رضى
المدين .
10) الفوائد: لا تسري الفوائد في المسائل المدنية إلا بعد
الإعذار والمطالبة بها أمام القضاء
أم في المسائل التجارية فيبدأ تاريخ سريان الفوائد من تاريخ حلول أجل الدين كما يلاحظ أن المشرع المدني لا يأخذ بالفوائد المركبة كما لا يسمح أن تتجاوز
قيمة الفائدة رأس المال أما في القانون التجاري فيجوز تقاضي الفوائد حتى ولو تجاوز مجموعها رأس المال
ولا مانع أيضا من أخذ الفائدة
على متجمد الفوائد (الفائدة المركبة) كما هو الحال في الحساب الجاري وتجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري يحرم الفائدة بين الأشخاص 454 ق م
كما أن نسبة الفائدة تحكمها الأعراف المصرفية على خلاف ما
هو معمول به في بعض الدول كمصر وفرنسا .
11) التقادم المسقط:على الرغم من التعديلات التي أدرجها
المشرع الجزائري على
القانون التجاري فإنه لم يتكلم عن التقادم المسقط في الدعاوى التجارية لذلك تتقادم الدعاوى مدنية كانت أم
تجارية بالتقادم الطويل أي 15 سنة غير انه بالرجوع الى نصوص القانون التجاري في أبوابه المختلفة نجده قد نص
على التقادم قصير المدى في بعض
الحالات مثل : الدعاوى الناشئة عن عقد نقل الأشخاص تتقادم بمرور 05 سنوات ، الدعاوى الناشئة عن نقل الأشياء أو البضائع تتقادم بمرور سنة واحدة
.
ـ القانون التجاري: هو مجموعة القواعد القانونية التي تطبق على الأعمال التجارية وتنظم حرفة التجارة. ومعنى ذلك
أن القانون التجاري ينظم علاقات معينة فقط تنشأ نتيجة القيام بأعمال معينة هي الأعمال التجارية كما
ينظم نشاط طائفة معينة هي طائفة
التجار. وتشمل كلمة تجارة من الناحية القانونية معنى أوسع منه من الناحية الاقتصادية إذ يقصد من هذه الناحية الأخيرة
كل ما يتعلق بتداول وتوزيع
الثروات. أما من الناحية القانونية : تشمل التجارة علاوة على ذلك العمليات الإنتاجية فالصانع في المعنى القانوني الذي سنتناوله في هذا الخصوص ليس إلا تاجرا.
علاقة القانون التجاري بالقانون
المدني وفروع القانون
2 ـ القانون التجاري وفقا للتعريف السابق ليس إلا فرعا من فروع القانون الخاص شأنه في ذلك شأن القانون المدني
إلى جوار الفروع الأخرى كقانون العمل وقانون الأسرة وإذا كان القانون المدني ينظم أساسا كافة العلاقات بين مختلف الأفراد دون تميز بين نوع
التصرف أو صفة القائم به أي قانونا عاما فإن القانون التجاري ينظم فقط علاقات معينة هي العلاقات التجارية
وقد أدى إلى ظهور هذا النوع من
القواعد القانونية الظروف الاقتصادية والضرورات العملية التي استلزمت خضوع طائفة معينة من الأشخاص هم التجار ونوع معين
من المعاملات هي الأعمال
التجارية لتنظيم قانوني يتميز عن ذلك الذي يطبق على المعاملات المدنية حيث عجزت القواعد المدنية عن تنظيم المعاملات
التجارية التي قوامها السرعة من جهة
والثقة والائتمان من جهة أخرى.
فالملاحظة أن المعاملات المدنية تتسم
دائما بالثبات والتروي.
3 ـ وعلى عكس ذلك البيئة التجارية التي تتطلب السرعة والثقة في وقت واحد فطبيعة العقود التي تجرى في مجال التجارة
تختلف كل الاختلاف عن تلك التي تجرى في البيئة المدنية ذلك أن الصفقات التي يبرمها التاجر لا تكون
بقصد الاستعمال الشخصي أو بقصد
الاحتفاظ بها وإنما لإعادة بيعها لتحقيق ربح من فروق الأسعار كما وأن مثل هذه الصفقات تعقد كل يوم مرات ومرات بالنسبة
لكل تاجر وهو يبرمها بأسلوب
سريع.
وقد ظهرت فعلا عادات وتقاليد معينة التزمت بها طائفة من التجار في
معاملاتهم التجارية تختلف عن تلك
القواعد التي تنظم المعاملات المدنية واضطر المشرع إلى تقنين هذه العادات التجارية في مجموعات خاصة بالتجارة والتجار وظلت هذه القواعد الجديدة تزداد شيئا فشيئا
حتى اصبح لها كيان مستقل.
4 ـ على أنه لما كان القانون المدني هو الشريعة العامة لجميع الأفراد
وجميع التصرفات فإن أحكام وقواعد
القانون التجاري ليست إلا استثناء من أصل عام يجب الرجوع إليه في كل حالة لا يحكمها نص خاص. تظهر هذه الصلة الوثيقة
بين القانون المدني والتجاري
بوضوح في معظم التشريعات ففي القانون الفرنسي وكذلك الجزائري نجد المجموعة التجارية لا تتكلم عن البيع إلا في مادة واحدة وتلجأ بالنسبة لباقي الأحكام إلى
القواعد العامة بالقانون المدني.
5 ـ على أننا نجد من جانب آخر أن القانون التجاري أثره في القانون المدني ويتمثل في عدة حالات منها اعتبار الشركات
التي تأخذ الشكل التجاري شركات تجارية تخضع للقانون التجاري أيا كان موضوع نشاطها كما قد يقرر المشرع اكتساب الشركة لصفة التاجر بصرف النظر عن
طبيعة نشاطها سواء كان موضوع نشاطها تجاريا أو مدنيا ومن الأمثلة شركات الأسهم تجارية دائما وذلك
بحسب الشكل سواء كان موضوع
نشاطها تجاريا أو مدنيا والتشريع التجاري الجزائري الصادر سنة 1975 والذي نصت المادة 544 منه على أن تعد شركات بسبب شكلها مهما كان موضوعها شركات المساهمة
والشركات ذات المسؤولية المحدودة وشركات التضامن.
6 ـ المناداة بوحدة القانون الخاص :
نظرا للصلة الوثيقة بين أحكام القانونين التجاري والمدني ظهر اتجاه في الفقه القانوني ينادي بإدماجهما معا في قانون
واحد يطبق على جميع الأفراد وفي جميع المعاملات دون تفرقة بين عمل مدني أو تجاري أو بين تاجر وغير تاجر وذلك بفرض الوصول إلى ما يسمى بوحدة
القانون الخاص.
7 ـ ويطالب أنصار هذا الرأي بسريان قواعد القانون التجاري من سرعة
وبساطة، في الإجراءات على قواعد
القانون المدني كلما اقتضى الأمر ذلك حتى يفيد من ذلك التاجر وغير التاجر كما أنه إذا كانت إجراءات القانون المدني بها
بعض القيود والشكليات في تصرفات
معينة أو عقود خاصة نظرا لأهميتها فإنه يمكن فرض هذه القيود والشكليات في تصرفات التجارية الهامة حتى تستقر بشأنها المنازعات.
ويرى أنصار هذا الرأي أن القانون التجاري بإعتباره قانون الأعمال في عصرنا
هذا إنما يتضمن في الواقع
النظرية العامة في الأموال والالتزامات التي تطبق على جميع التصرفات التي تجرى بين الأفراد العاديين وبين من يساهمون في الحياة الاقتصادية بصفة عامة.
8 ـ قد أخذت فعلا بعض البلاد بهذا الاتجاه كما هو الحال في الولايات
المتحدة وإنجلترا وسويسرا وإيطاليا
حيث استطاعت معظم هذه البلاد إدخال العناصر والصفات التجارية للقانون المدني ومثال ذلك القانون المدني الإيطالي الصادر عام 1942 الذي رد القانون التجاري
إلى حظيرة القانون المدني فألغى مجموعة القانون التجاري وأدمج موضوعاتها في مجموعة القانون المدني.
9 ـ ضرورة استقلال القانون التجاري :
إن فكرة المناداة بتوحيد أحكام القانون التجاري مع القانون المدني وإن
كانت تعد منطقية في ظاهرها إلا
أنها تخالف في جوهرها حقيقة الأوضاع والضرورات العملية فما من شك أن المعاملات التجارية لها لما يميزها عن المعاملات المدنية مما يستتبع وضع نظام خاص بها
فطبيعة المعاملات التجارية تقتضي السرعة وسهولة الإجراءات.
وليس من المفيد أن تنتقل هذه التسهيلات إلى الحياة المدنية التي تتسم بطابع الاستقرار والتروي وذلك أن من شأن تعميم
هذه السرعة في الإجراءات زيادة المنازعات وعدم استقرار التعامل بين المدنيين وصعوبة الإثبات أمام
القضاء وخاصة أن مسك الدفاتر أمر
لا يلتزم به سوى التجار كما وأن المناداة بنقل بعض الإجراءات الرسمية والشكلية المدنية إلى العقود التجارية أمر يؤدي
في الواقع إلى عرقلة التجارة
مهما بلغت أهمية عقودها أو ضخامتها. كما أن تشجيع المدنيون على التعامل بالأوراق التجارية خاصة الكمبيالات منها من شأنه أن يدفع بهذه الطائفة من الأفراد في
مجالات لا شأن لها بها.
10 ـ ويلاحظ أن البلاد التي أخذت بتوحيد كلا القانونين لم تستطع إدماجها إدماجا كليا حيث ظلت فيها بعض الأحكام
والقواعد المستقلة التي تنفرد بها المعاملات التجارية وطائفة التجار كما هو الحال في بلاد الأنجلوسكونية
ومن الأمثلة على ذلك إنجلترا
حيث أصبحت النظم التجارية منفصلة عن مجموع القانون العام مثل قانون بيع البضائع وقانون الإفلاس والشركات وكذلك
الحال في كل من القانون السويسري
والإيطالي الذي وضع كل منها بعض النظم الخاصة بالتجارة والتجار مثل مسك الدفاتر التجارية والإفلاس.
إن للقانون التجاري أصالته في عدة موضوعات لا نجد لها سندا إلا بالمجموعة التجارية مثل الإفلاس وتصفية الأموال
وعمليات البنوك خاصة ما يتعلق منها بالحساب الجاري وخطابات الضمان والتحويل المصرفي التي نشأت نتيجة المقتضيات العملية واقرها القضاء التجاري.
11 ـ والواقع أنه ما من شك في أن لكل من القانون المدني والتجاري مجاله
وأن في إدماجهما في قانون واحد
لا يتناسب مع طبيعة معاملات كل منهما بل أن فيه إنكار للواقع على أن استقلال القانون التجاري لا يعني إنكار الصلة
الوثيقة بينه وبين القانون المدني
إذ قد يعتمد القانون التجاري على بعض أحكام القانون المدني اعتمادا كليا ويكتفي بالإحالة عليها ويؤدي هذا إلى
اعتبار القانون المدني الأصل العام
الذي يرجع إليه كمصدر من مصادر القانون التجاري.
12 ـ علاقة القانون التجاري بعلم الاقتصاد :
يتصل القانون التجاري اتصالا وثيقا بعلم الاقتصاد فهذا الأخير يبحث إشباع الحاجات الإنسانية عن طريق موارد الثروة
وعلم القانون ينظم وسائل الحصول على هذه الحاجات وتحقيقها فالأشياء أو الأموال التي يهتم رجل الاقتصاد بعوامل إنتاجها وتداولها وتوزيعها
واستهلاكها هي ذاتها التي يهتم رجل القانون ببيان نظامها من الناحية القانونية والقضائية والاتفاقية وهذه الأشياء التي يتناولها رجل القانون ورجل
الاقتصاد كل من ناحيته هي تلك التي يراد استخدامها وتسخيرها لخدمة الإنسان في أجسادهم وأرواحهم.
والواقع أن هذه الصلة الوثيقة بين القانون التجاري وعلم الاقتصاد أساسها ما
يتركه كل منهما من أثر على الآخر
فالنشاط الاقتصادي واتساعه أدى إلى خلق قواعد قانونية جديدة في المجال التجاري والجوي والصناعي والمالي مثل عقود
النقل والتأمين والتشريعات
الصناعية وعمليات البنوك كما وأن هذه الصلة الوثيقة بينهما جعلت البعض يرى في القانون التجاري النشاط الاقتصادي.
13 ـ علاقة القانون التجاري بالقانون الدولي :
للقانون التجاري صلات وثيقة بالقانون الدولي الخاص فهو يقوم بتنظيم العلاقات التجارية الخارجية إذ يحكم المعاملات
التي تنشأ بين أفراد الدولة مع رعايا الدول الأخرى في المعاملات الناشئة عن التصدير والاستيراد والتبادل التجاري بين رعايا الدول المختلفة
وللقانون التجاري أيضا صلة بالقانون الدولي تظهر في حالة إبرام اتفاقيات تجارية دولية وتعتبر هذه الصلة بين القانون التجاري وكل من القانون الدولي
الخاص والعام سببا في اعتبار الحاجة ماسة إلى توحيد حكم هذا الفرع من القانون،فنظرا لازدياد
العلاقات التجارية الدولية نتيجة
سهولة وسائل النقل وانشارها نشأت الحاجة إلى توحيد أهم قواعد القانون التجاري نظرا لاختلاف القواعد الداخلية لكل دولة
وذلك للقضاء على مشكلة تنازع
القوانين وقد لجأت الدول والتجار إلى عدة وسائل لتوحيد أحكام القانون التجاري ومن الأمثلة على ذلك ما يأتي
:
أ/ ـ في مجال التوحيد الإتفاقي لا التشريعي لجأ التجار أنفسهم إلى وضع
قواعد اتفاقية موحدة للعلاقات
الدولية يؤخذ بها إذا رغب أطراف التعاقد بمعنى أن توحيد الأحكام يتم بطريق إصدار نماذج عقود دولية يلتزم المتعاقدين بها
في عقودهم الدولية ومن ذلك
عقود البيع الدولية النماذج المعدة لعقد التصدير والإستراد أو العقود التي تجريها الهيئات المهنية كالنقابات والغرف التجارية.
ب/ ـ في مجال المعاهدات لجأت الدول إلى توحيد بعض أحكام القانون التجاري
عن طريق المعاهدات الدولية
التي تضع أحكام قانونية موحدة تقبلها الدول الموقعة عليها وتلتزم بها في العلاقات الدولية فقط بمعنى أن العلاقات الداخلية لهذه الدول الموقعة على
الاتفاقيات لا تخضع لأحكام هذه الأخيرة وإنما تخضع لأحكام القانون الداخلي ومن الأمثلة على ذلك اتفاقية بون
1953 في حالات النقل بالسكك
الحديدية إذ حددت هذه الاتفاقية شروط وآثار عقد النقل في حالة ما إذا كان النقل يتعدى الحدود السياسية للبلاد
المتعاقدة.
ج/ ـ كما لجأت الدول إلى عقد اتفاقيات دولية تؤدي إلى إنشاء قانون موحد
لجميع الدول المتعاقدة على أن تتعهد
هذه الدول بتعديل قانونها الداخلي بما يطابق أحكام هذه الاتفاقيات بحيث تصبح هذه الأخيرة بمثابة قانون داخلي ومن الأمثلة على هذه الاتفاقيات اتفاقية جنيف
بخصوص توحيد أحكام الكمبيالة والسند الإذني سنة 1930 وأحكام الشيك 1931.
II ـ علاقة القانون التجاري بفروع القانون الأخرى :
هذا وبالإضافة إلى ما سبق ذكره، فإن للقانون التجاري علاقة بفروع القانون الأخرى التي سوف لم نتطرق لهما هذا بسبب
عدم أهميتها القصوى.
III ـ تطور القانون التجاري :
عرفت التجارة قواعد وأحكام وأعراف خاصة بها منذ العصور الأولى وكان القائمون بالتجارة يمثلون طائفة خاصة في المجتمع
لها عاداتها وتقاليدها. وما من شك في أن التجارة كانت معروفة عند الكثير من الشعوب القديمة خاصة تلك التي كانت تسكن سواحل البحر الأبيض المتوسط
حيث مكنها موقعها الجغرافي من ممارسة التجارة ولن نتعرض في هذا المقام إلى دراسة تفصيلية لنشأت
القانون التجاري في مختلف العصور
والأزمان لذلك سوف نقترح على إيضاح تطور نشأت القوانين والأحكام التجارية بصفة عامة.
ـ في العصور القديمة
:
تمتد نشأت القانون التجاري إلى زمن بعيد فقد نشأت الأعراف التجارية عند شعوب البحر الأبيض المتوسط وقدماء المصريين
والآشوريين والكلدانيين خاصة في مجال التعامل بالنقد والاقتراض والفائدة واستخدام بعض الصكوك التي تشبه إلى حد ما البوليصة والسند للأمر ولعل
أهم الدلائل على ذلك ظهور عدة قواعد قانونية تجارية في مجموعة حامورابي في عهد البابليين 1000 سنة قبل
الميلاد منها ما يتعلق بعقد الشركة
وعقد القرض فلم تكن هذه القواعد سوى تقنين للأعراف التي كانت سائدة آنذاك.
وعرف الفينيقيون والإغريق التجارة خاصة البحرية منها إذ اهتموا بوضع القواعد الخاصة بالتجارة البحرية وتركوا تراثا
هاما في ذلك الفرع من القانون مثل الأحكام الخاصة بمبدأ الخسارة المشتركة أو العوار المشترك.
ولا يفوتنا التنويه بدور العرب في مجال التجارة ابتداء من القرن السابع الميلادي إذ ظهرت أنظمة جديدة في مجال
التجارة كشركات الأشخاص ونظام الإفلاس والكمبيالة ( السفتجة ) في عهد الرومان.
لما اتسعت رقعة الإمبراطورية الرومانية وشملت معظم أوروبا وشمال إفريقيا
وبعض أجزاء آسيا ظهرت فيها حركة
تقنينية واسعة لتنظيم المعاملات بين الأفراد وتحديد الحقوق والواجبات غير أن هذه التنظيمات الكبيرة لم تكن تحتوي
على قواعد وأحكام تجارية رغم
ظهور كثير من المعاملات التجارية مثل الشركات، كذلك ظهرت أعمال تجارية أخرى كالمصارف بسبب استخدام النقود المعدنية وإمساك الدفاتر التجارية.
ولعل السبب في عدم إشمال المجموعات المدنية الرومانية لمثل هذه القواعد التي تنظم التجارة هو أن الرومان كانوا يتركون
القيام بهذه الأعمال للرقيق والأغراب
اعتقادا منهم أنها أعمال دنيا.
على أنه لما اندمج القانون المدني وأصبح هذا الأخير هو الشريعة العامة التي تطبق على جميع التصرفات القانونية وعلى
جميع الأفراد أصبح القانون المدني الروماني يحتوي على جميع الأحكام والقواعد الخاصة بالتجارة سواء
البحرية أو البرية إلى جوار الأحكام
المدنية وكانت أحكام هذا القانون تطبق على جميع الرومان دون تفرقة بين تاجر وغير تاجر ذلك أن الرومان كانوا
يؤمنون بفكرة قانون موحد يحكم جميع
التصرفات.
غير أنه وفي الفترة ما بين القرن 11 وحتى القرن 16 جاء القانون التجاري
أكثر وضوحا واستقلالا عن القانون
المدني وذلك نتيجة زيادة التجارة البرية والبحرية بسبب الحروب الصليبية في القرن الحادي عشر ويمكن القول أن
قواعد القانون التجاري والبحري قد
وصلت في تطورها في هذا العصر إلى مرحلة يمكن اعتبارها أساسا للقانون التجاري الحالي ففي إيطاليا وجدت أسواق عالمية لتبادل التجارة ومن ثم نشأت طائفة من
الأشخاص في ممارسة هذا النوع من النشاط وخضعت في تنظيم أمورها إلى التقاليد والعادات التي استقرت بينهم وقامت هذه الطائفة بانتخاب قناصل من كبار
التجار يختصون في الفصل في المنازعات
التي تنشأ بين التجار وذلك وفقا للعرف والعادات والتقاليد التي استقرت بينهم. (*1)
ـ في الفترة ما بين القرن 17 حتى
نهاية القرن 18:
أصبح القانون التجاري خلال هذه الفترة قانونا مهنيا خلق بواسطة التجارة
وليطبق على التجار كما تميز
القانون التجاري بأنه قانون عرفي وأصبح أيضا قانونا دوليا يطبق خلال هذه الفترة على دول أوروبا الغربية
.
أما في العصر الحديث فقد بدأ انتشار التقاليد والعادات في بلاد أوروبا
وخاصة المدن الفرنسية كان وباريس
ومرسيليا ولما ظهرت الحاجة إلى تقنين هذه العادات والتقاليد في مجموعات قانونية لتنظيم أعمال هذه الطائفة أصدر الملك لويس الرابع عشر أمرا ملكيا بتقنين
العادات والتقاليد الخاصة في مجموعة مستقلة فصدرت في مارس 1673ـ 1681 وهي خاصة بالشركات والأوراق التجارية والإفلاس ويطلق عليها مجموعة
سافاري وتبعتها مجموعة خاصة بالتجارة
البحرية وتعتبر هذه الأوامر الملكية مرجعا وافيا للقانون التجاري والبحري لكثرة ما تناولتها من موضوعات
وكان القانون التجاري في أول أمره قانونا شخصيا فكان يعد تاجرا كل من هو مقيد في السجل التجاري وبعد
إلغاء نظام الطوائف عقب الثورة
الفرنسية 1789 وإعلان مبدأ حرية التجارة تكونت لجنة عام 1801 لوضع مشروع القانون التجاري على أساس هذه المبادىء
الجديدة فأخد القانون التجاري طابعا
موضوعيا حيث وضعت فكرة العمل التجاري كأساس لتطبيق أحكام القانون التجاري وأصبح التاجر هو من يتخذ الأعمال
التجارية حرفة معتادة له ولم يعد
التاجر من هو مقيد بالسجل التجاري.
ـ نطاق ومجال القانون التجاري
:
اختلف كثير من الفقهاء في تحديد نطاق القانون التجاري وكان هذا الاختلاف عن
عمد وذلك لانتماء كل فريق منهم
إلى نظرية معينة دون غيرها وكان نتيجة هذا الاختلاف أن ثار التساؤل، هل القانون التجاري هو قانون التجار ؟ أم هو القانون الذي يحكم الأعمال التجارية ؟
ويمكن رد الآراء التي قال بها الفقهاء إلى نظريتين، الأولى وهي النظرية الموضوعية
Théorie Objective والثانية هي النظرية الشخصية
Théorie Subjective وسنتناولهما فيما يلي
:
ـ أولا ـ النظرية الموضوعية : (*1)
وفحوى هذه النظرية عند القائلين بها،
أن القانون التجاري تحدد دائرته بالأعمال التجارية
Actes
de Commerce وتطبق أحكامه على هذه الأعمال دون ارتباط
بشخص القائم بها سواء
كان يحترف التجارة أو لا يحترف ولكن العبرة بموضوع النشاط الذي يمارسه الشخص وحتى ولو قام به مرة واحدة،
أما إذا استمر الشخص في مزاولة النشاط على سبيل الاحتراف فإنه يكتسب صفة التاجر، وهي صفة لا يعترف بها القانون طبقا لمفهوم هذه النظرية، إلا
لإخضاع التاجر لالتزامات معينة كالقيد في السجل التجاري والخضوع للضرائب التجارية وإمساك الدفاتر التجارية وشهر الإفلاس. (*2)
وكانت الدوافع التي أدت للقول بهذه النظرية لها جانبين في نظر القائلين بها، الأول جانب فني يستند إلى نص المادتين
637 - 631 من القانون التجاري الفرنسي، وتقضي المادة 631 من القانون المذكور على عقد الاختصاص
بالمحاكم التجارية بالنظر في
المنازعات الخاصة بالمعاملات التجارية.
دون أن تحدد هذه المعاملات وأنواعها على سبيل الحصر وكذلك ما قضت به المادة
638 من ذات القانون على أن المحاكم التجارية لا تختص بنظر
المنازعات المرفوعة على التجار بسبب
تعاقداتهم الخاصة أو شرائهم أشياء لاستعمالهم الخاص بعيدا عن نشاطهم التجاري.
ـ وكان تفسير هذه النصوص في نظر القائلين بالنظرية الموضوعية يوحي بأن
العمل التجاري، دون سواه، هو
معيار تحديد نطاق القانون التجاري.
ـ أما عن الجانب الثاني فهو ذو صيغة سياسية، لما تؤدي إليه النظرية الموضوعية من تدعيم لمبدأ الحرية
الاقتصادية الذي يتميز بالقضاء على نظام الطوائف الذي كان سائدا في العصور السابقة، وطالما كان حائلا يعوق ازدهار التجارة وتقدمها، بسبب منع هذا النظام
لغير طائفة التجار مباشرة الأعمال التجارية. (*1)
ـ ثانيا ـ النظرية الشخصية : (*2)
ويرى القائلون بهذه النظرية، أن نطاق القانون التجاري يتحدد تحديدا شخصيا،
حيث أن أصله قانون مهني، ينظم
نشاط من يحترفون مهنة التجارة دون سواهم، ولذلك فإنه وفقا لهذه النظرية يجب تحديد المهن التجارية على سبيل الحصر بحيث يعتبر القانون كل من احترف مهنة تجارية
يعتبر تاجرا، يخضع في نشاطه للقانون
التجاري، وعلى ذلك فإن عنصر الاحتراف في مفهوم هذه النظرية يعتبر المعيار الذي يحدد نطاق القانون التجاري.
وقد يكون عنصر الاحتراف مطاطا في مفهومه وتحديده، لذلك لجأت بعض القوانين كالقانون الألماني باشتراط القيد في
السجل التجاري كشرط لازم ولاكتساب صفة التاجر أنظر أكثم أمين الخولي المرجع السابق صفحة 7 حيث يقول "
ويظهر طابع الشخص
للقانون الألماني هنا في أن أعمال هذا الفريق من التجار، ويسمون التجار بالقيد في السجل التجاري في
مباشرة حرفتهم لا تعتبر تجارية ولا تخضع للقانون التجاري إلا لصدورها ممن قيد في سجل بحيث تكون مدينة لو
صدرت من شخص غير مقيد.
ويبرر أنصار هذه النظرية رأيهم في أن القانون التجاري في أصل نشأته يرجع إلى العادات والقواعد والنظم التي ابتدعها
وطبقها أصحاب الحرف التجارية الأمر الذي أصبح به القانون التجاري قانونا مهنيا وأنه على الرغم من إلغاء
نظام الطوائف، وانتشار مبدأ
الحرية الاقتصادية الذي يعني الحق لكل شخص في مزاولة ما يشاء من النشاط إلا أن القواعد التجارية ظلت مستقرة كما كانت عليه في مجتمع التجار الطائفي وكذلك أبقت
التشريعات الحديثة على المحاكم التجارية تزاول اختصاصها في الفصل في المنازعات التجارية دون سواها.
* موقف القانون الجزائري :
إذا نظرنا إلى القانون الجزائري الصادر بالأمر رقم 59 لسنة 1975 نجد أن
المادة الأولى منه تنص على أن
" يعد تاجرا كل من يباشر عملا تجاريا ويتخذه حرفة معتادة له " وقضى في المادة الرابعة بأن " يعد عملا تجاريا
بالتبعية، تلك الأعمال
التي يقوم بها التاجر والمتعلقة بممارسة التجارة أو حاجات متجرة والالتزامات بين التجار
".
وعلى الرغم من أن المشرع الجزائري أخذ هذين النصين بالنظرية الشخصية إلا أنه
لم يلبث أن أخذ بالنظرية
الموضوعية حين عدد الأعمال التجارية بحسب موضوعها في المادة الثانية، والأعمال التجارية بحسب الشكل في المادة الثالثة.
وفضلا عن أن المشروع الجزائري حدد في هذه المواد الأربع مجال ونطاق تطبيق القانون التجاري، فإنه نظم بنصوص واضحة
الأحكام التي تسري على التجار دون سواهم كمسك الدفاتر التجارية والقيد في سجل التجاري وملاكا ذلك.
ولهذا فإننا نرى أن المشرع الجزائري أخذ بمذهب مزدوج، حيث لا نجد قواعده
جميعا من طبيعة واحدة، وإنما استلهمت
بعض أحكامه النظرية الشخصية، والبعض الآخر اعتنقت النظرية الموضوعية.
ـ ثالثا ـ مصادر القانون التجاري
:
كلمة مصدر تعني المنبع بصفة عامة وللقانون عدة مصادر أو منابع استقى منها
أساسه هو المصدر الموضوعي أو
المادي والمصدر التاريخي والمصدر الرسمي والمصدر التفسيري ويقصد بالمصدر المادي أو الموضوعي للقانون الظروف الاجتماعية التي استمد منها نشأته على خلاف المصدر
التاريخي الذي يمثل الظروف التاريخية
التي تكون عبرها القانون ويقصد بالمصدر الرسمي للقانون المصدر الذي تستمد منه القاعدة قوتها الملزمة
على خلاف المصدر التفسيري الذي لا يلزم القاضي بالرجوع إليه إنما يلجأ له من قبيل الاستئناس وللقانون التجاري بصفة عامة كبقية فروع القانون
عدة مصادر نقتصر منها على المصادر الرسمية والمصادر التفسيرية وهي الفقه والقضاء باعتبارهما مصدرين
تفسيريين يلجأ إليها القاضي إذا
أعوزه التشريع ومبادئ الشريعة الإسلامية والعرف.
ـ أولا ـ التشريع
:
التشريع يجيء في المرتبة الأولى بين مختلف المصادر وعلى القاضي أن يرجع إليه
أولا ولا يرجع إلى غيره من
المصادر إلا إذا لم يجد نصا تشريعيا يطبق على الحالة المعروضة.
ويمثل التشريع كمصدر من مصادر
القانون التجاري فيما يلي :
أ) ـ المجموعة التجارية
:
ويقصد بها قواعد وأحكام القانون
التجاري الصادر عام 1975. (*1)
ب) ـ المجموعة المدنية
:
ويقصد بها قواعد وأحكام القانون
المدني الصادر عام 1975.
فالقاعدة الأساسية أن نصوص المجموعة التجارية هي التي تحكم أصلا المواد التجارية على أنه إذا لم يرد في هذه القوانين
التجارية نصوص خاصة بعلاقات معينة تعين الرجوع إلى أحكام القانون المدني بإعتباره الشريعة العامة التي
تنظم جميع العلاقات سواء كانت
تجارية أو مدنية فكما سبق أن ذكرنا تعتبر أحكام وقواعد القانون التجاري استثناء من أصل عام يجب الرجوع إليه في كل حالة
لا يحكمها نص خاص وإذا فرض
ووجد تعارض بين نص تجاري ونص مدني وجب أن يغلب النص التجاري مهما كان تاريخ نفاده وذلك تطبيقا للقاعدة التفسيرية التي تقضي بأن النص الخاص يغلب على النص العام
بشرط أن يكون كلا النصين على درجة واحدة فإذا كان أحدهما نصا آمرا والآخر مفسرا وجب الأخذ بالنص
الآمر لأنه نص لا يجوز الاتفاق
على مخالفته.
ـ ثانيا ـ الشريعة الإسلامية
:
اعتبر القانون المدني الجزائري في مادته الأولى مبادئ الشريعة الإسلامية
المصدر الرسمي الثاني بعد التشريع
وقبل العرف ومعنى ذلك أن القاضي وهو يفصل في منازعة تجارية إذا لم يجد حكمها في النصوص التشريعية فعليه الرجوع إلى مبادئ الشريعة الإسلامية والمقصود بهذه
المبادىء القواعد المستقاة من القرآن الكريم والسنة والإجماع والاجتهاد.
ـ ثالثا ـ العرف :
العرف التجاري هو ما درج عليه التجار من قواعد في تنظيم معاملاتهم التجارية
بحيث تصبح لهذه القواعد قوة
ملزمة فيما بينهم شأنها شأن النصوص القانونية وإذا كان التشريع دائما مكتوبا فإن العرف غير مدون كما أن هذا الأخير هو
قانون تلقائي لا إرادي على عكس
التشريع الذي يعتبر مصدر إراديا ومقصودا ويبدأ العرف تكوينه عندما يتفق اثنان على تنظيم تصرف ما على وجه معين ثم يتبع باقي الأشخاص نفس هذا التنظيم فيما يتعلق
بهذا التصرف فترة من الزمن لدرجة أنهم يشعرون بأنه أصبح ملزما لهم دون النص عليه. فهو في الواقع نوع من الاتفاق الضمني على ضرورة إتباع قواعد
معينة في حالات معينة على أن ذلك لا يعني أن العرف واجب التطبيق إذا ما انصرفت إرادة الأفراد إليه فقط بل
إنه واجب التطبيق طالما لم تتجه
إرادة المتعاقدين إلى استبعاده حتى ولو ثبت عدم علم الأطراف به.
ذلك لأن العرف يستمد قوته الملزمة من
إيمان الجميع به واعتباره حكما عاما كالتشريع تماما.
ويتمتع العرف في مجال القانون التجاري بمكانه كبيرة عن بقية فروع القانون
الآخر وذلك رغم ازدياد النشاط
التشريعي وازدياد أهميته ذلك أن هذا الفرع من القانون نشأ أصلا نشأة عرفية ولم يدون إلا في فترة متأخرة عن بقية فروع القانون .
والعرف قد يكون عاما متبعا في الدولة بأسرها وقد يكون محليا ويقع على الخصوم
عبء إثبات العرف وقد جرى العمل
على استخراج شهادات من الغرف التجارية بوجوده ومن الأمثلة على العرف التجاري قاعدة افتراض التضامن بين المدينين
بديون تجارية إذا تعددوا خلافا
للقاعدة العامة المنصوص عليها في القانون المدني (2/7 مدني جزائري) والتي تقضي بأن التضامن لا يفترض وإنما يكون بناء على اتفاق أو نص في القانون
.
يعتبر العرف التجاري تاليا في المرتبة والشريعة الإسلامية بمعنى أنه للقاضي الأخذ به في حالة عدم وجود نص تشريعي أو
حكم من الشريعة الإسلامية يحكم العلاقة المعروضة.
وبناءا على ما سبق إذا ما عرض نزاع
تجاري، على القاضي الجزائري أن يتبع الترتيب التالي في تطبيقه لقواعد القانون.
1) ـ النصوص الآمرة الموجودة بالمجموعة التجارية.
2) ـ النصوص الآمرة الموجودة بالقانون المدني.
3) ـ مبادئ الشريعة الإسلامية.
4) ـ قواعد العرف التجاري.
5) ـ العادات التجارية.
6) ـ النصوص التجارية المفسرة.
7) ـ النصوص المدنية المفسرة.
أما ما يتفق عليه صراحة أطراف النزاع
فيأتي قبل التشريع أو العرف إن لم يكن حكما آمرا.
* المصادر التفسيرية :
يقصد بمصادر القانون التفسيرية المصادر التي يتمتع القاضي إزاءها بسلطة اختيارية إن شاء رجع إليها للبحث عن حل
النزاع المعروض أمامه دون إلزام عليه بإتباعها فالمصادر التفسيرية على خلاف المصادر الرسمية مصادر اختيارية.
إن شاء رجع إليها للبحث عن حل النزاع
أمامه دون إلزام عليه بإتباعها ويعتبر القضاء والفقه من المصادر التفسيرية.
1 ـ القضاء :
يقصد بالقضاء مجموعة الأحكام الصادرة من مختلف المحاكم في المنازعات التي
عرضت عليها كما يقصد بها مدة
الحجية التي تتمتع بها هذه الأحكام وهو ما يطلق عليه السابقة القضائية وهذه الأخيرة تمثل الأحكام التي تصدر في المسائل القانونية الجديدة ذات الأهمية الخاصة
والتي لم يرد حلها في القانون ويعتبر دور القضاء بالنسبة لهذه السوابق دور خلاق يوسع بمقتضاها نطاق تطبيق القانون حيث تؤدي إلى حلول
لموضوعات مماثلة لما صدرت بشأنها في المستقبل ويلاحظ أن دور القضاء في الجزائر كما هو الحال في التشريعات الأوربية حيث يسود فيها التشريع يقتصر
على تفسير القاعدة القانونية دون خلقها ذلك أن القضاء لا يعتبر مصدرا للقانون بالمقارنة إلى مصدر
التشريع.
فاختصاص القاضي الجزائري هو تطبيق
للقانون في الحالات المعروضة عليه دون أن تكون لأحكامه قيمة القاعدة الملزمة.
ويختلف موقف القضاء في القانون الإنجليزي والبلاد الأنجلوسكونية بصفة عامة حيث تسود قاعدة السابقة القضائية والتي
بمقتضاها تلزم المحاكم في أحكامها بما سبق أن صدر من جهات قضائية أخرى سواء كانت أعلى درجة منها أو مساوية
لها ويترتب على ذلك اعتبار
القضاء وفقا لهذا النظام مصدرا ملزما للقانون.
2 ـ الفقه :
يقصد بالفقه مجموعة آراء الفقهاء في هذا الفرع من القانون بشأن تفسير مواده فالفقهاء يقومون باستنباط الأحكام
القانونية من مصادرها بالطرق العلمية نتيجة تكريس جهودهم لدراسة هذا الفرع من فروع القانون والرأي السائد أن الفقه لا يعتبر مصدرا للقانون حيث تقتصر
وظيفته على مجرد شرح القانون شرحا علميا بدراسة النصوص القانونية وما يربطها من صلات ثم استنتاج مبادئ
عامة في تطبيقات مماثلة وذلك دون
أن يكون مصدرا ملزما للقاضي.
وقد ساعد الفقه كثيرا في تطوير مواد القانون التجاري نتيجة نقد الحلول القانونية والقضائية وإبراز مزاياها
وعيوبها وما بها من تناقض وأدى ذلك إلى سرعة مسايرة مواد القانون للتطور في المواد القانونية.
سنتناول بالبحث الأعمال التجارية
والمحل التجاري والإفلاس والتسوية القضائية و الأوراق التجارية.
- خطة البحث ـ
المبحث الأول: أهمية التفرقة بين
الأعمال المدنية والأعمال التجارية .
عرفنا مما سبق أن القانون التجاري
يختلف عن القانون المدني من حيث مجاله
( يحكم الأعمال التجارية والتجار) ، ومن حيث مصادره .
إن الاختلاف القائم ما بين القانونين منا وضع اليد على أهم المسائل
الجهوية التي يظهر فيما هذا
الاختلاف ، والتي تتمثل بصفة أساسية في :
1 ـ الإثبات .
2 ـ الاختصاص القضائي .
3 ـ التضامن .
4 ـ الإعذار .
5 ـ مهاة الوفاء ( نظرة الميسرة ) .
6 ـ حوالة الحق .
7 ـ الإفلاس .
8 ـ صفة التاجر .
1) ـ الإثبات : إذا كان الإثبات في المسائل المدينة محدد ، ونذكر في هذا
المجال مثلا :
* عدم جواز الإثبات بالبنية ، إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمة على ألف
دينار جزائري أو كان غير محدد القيمة .
* لا يجوز الإثبات بالبنية ، ولو لم تزد القيمة على ألف دينار جزائري
فيما يخالف أو يجاوز ما أشمل عليه مضمون عقد رسمي .
* إن المحررات العفوية لا تكون حصة على الغير في تاريخها إلا منذ أن يكون
لها تاريخ ثابت ثبوتا رسميا .
أما الإثبات في المواد التجارية فلا يعرف مثل هذه القيود ، حيث أجاز المشرع الإثبات بالبنية والقوائن مهما كانت قيمة
التصرف . كما يجوز الاحتجاج بتاريخ
المحورات العفوية على غير أطرافها ولو لم يكن هذا التاريخ ثابتا
. كما أنه وإن كان من المزيد أن لا يجوز للشخص أن يشيئ
دليلا لنفسه، فقد أجاز
المشرع لخصم التاجر أي يحتج بتاريخ بما ورد بدفاتر خصمه لإثبات حقه
.
والسبب في الخروج عنه القواعد العاملة في المجال الإثبات في المسائل التجارية
مرجعه إلى رغبة المشرع في تقوية الاعتبارات التي أملتها الثقة
والائتمان والسرعة والمدونة
التي تنطبع الأعمال التجارية .
2) ـ الاختصاص : تخصص بعض الدول جهات قضائية خاصة تتكفل بالفصل في
المنازعات التجارية .
هذا التخصيص تمليه الاعتبارات المتعلقة بطبيعة المعاملات التجارية ، التي تستلزم الفصل فيما على وجه السرعة
وبإتباع إجراءات غير تلك المتبعة أمام المحاكم العادية . وتكون في هذه الحالة أمام محاكم تجارية.
أما بالنسبة للجزائر ، فإن المشرع لم
يأخذ بنظام القضاء المتخصص . وبذلك فإنه لم يوجد جيهاتا قضائية تجارية
.
وقد منح الاختصاص في المواد التجارية
للمحاكم العادية ، التي تتولى الفصل في المنازعات التجارية.
فالمحاكم في النظام الجزائري هي الجهات القضائية الخاصة بالقانون العام ، فهي
تفصل في جميع القضايا المدنية
والتجارية أو دعاوي الشركات التي تختص بها محليا.
على أن الاختصاص يعود للمحاكم
الابتدائية الكائن مقرها بالمجالس القضائية ، دون سواها ، في المسائل التالية
:
ـ الحجز العقاري
.
ـ تسوية قوائم التوزيع
.
ـ حجز السفن .
ـ تنفيذ الحكم الأجنبي
.
ـ بيع المتاع .
ـ معاشات التقاعد الخاصة بالعجز
.
ـ المنازعات المتعلقة بحوادث العمل
.
ـ دعاوي الإفلاس أو التسوية القضائية
.
ـ طلبات بيع المحلات التجارية
المثقلة يقيد الرهن الحيازي .
هذا من حيث الاختصاص الموضوعي ، أما
فيما يخص الاختصاص الإقليمي فإن الاختصاص ينعقد على النحو التالي
:
ـ في الدعاوي العقارية أو الأشغال المتعلقة بالعقار أو دعاء الإيجارات المتعلقة بالعقار، وإن كانت تجارية ،
أمام المحكمة التي يقع العقار في دائرة اختصاصها.
ـ في مواد الإفلاس أو التسوية
القضائية أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان افتتاح الإفلاس أو التسوية
القضائية .
ـ في الدعاوي المتعلقة بالشركات ،
بالنسبة لمنازعات الشركات أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها المركز الرئيسي
للشركة .
ـ في مواد الحجز ، سواء كان بالنسبة
للإذن في الحجز أو بالإجراءات التالية له ، أمام محكمة المكان الذي تم فيه الحجز
.
ونصت المادة 9 من القانون المدني ، على أنه يجوز أن توقع الدعوى إما أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصه موطن
المدعي عليه أو مسكنه وإما أمام الجهة أو الجهات القضائية التالية :
ـ في الدعاوي التجارية ، غير الإفلاس والتسوية القضائية ، أمام الجهة القضائية التي وقع في دائرة اختصاصها
الوعد بتسليم البضاعة أو أمام الجهة القضائية التي يجب أن يتم الوفاء في دائرة اختصاصها
.
ـ في حالة اختيار الموطن ، أمام
الجهة القضائية للوطن المختار .
ـ في الدعاوي المرفوعة ضد شركة ،
أمام الجهة القضائية ، التي تقع في دائرة اختصاصها إحدى مؤسساتها
.
يتضح مما سبق أن المحاكم العادية هي التي يعود لها الاختصاص بالنسبة
للمنازعات التجارية . وفي الواقع
العملي جرى العمل على تخصيص دوائر تجارية ، على رأسها قضاء لهم خبرة في هذا المجال ، تتولى الفصل في المنازعات
التجارية .
إلا أن هذه الممارسة لا تجعلنا أمام
قضاء تجاري مستقل ، بحيث يفتح لنا المجال بالدفع بعدم الاختصاص بمعناه القانوني
.
3) ـ التضامن : تعد قاعدة التضامن بين المدينين في حالة تعددهم من القواعد التي استقرت في المسائل التجارية ،
فاحترامها القضاء وطبقها .وذلك تدعيما لعنصري الثقة والائتمان في المعاملات التجارية .
أما في المعاملات المدينة فإن قاعدة
التضامن لا توجد إلا بأقوامها بنص أو باتفاق .
ويجوز في المسائل التجارية إبعاد قاعدة التضامن في أي تعامل ، ما لم يكن هناك
نص آمر، يقضي بوجوب قيام
التضامن بين المدينين . ومثال ذلك نص المادة 551 من القانون التجاري الجزائري التي تقضي بأن الشركاء بالتضامن صفة التاجر ، وهم مؤولون من غير تحديد وبالتضامن عن
ديون الشركة.
4) ـ الإعذار : إن تنبيه الدائن للمدين ، يعد حلول آجل الوفاء بالدين ، مع تسجيل تأخره عن الوفاء ، يعوق بلإعذار .
وفي هذه الحالة و يحمله ما يترتب عن هذا التأخير ، خاصة مسؤولة عن كل ضرر ينشأ عنه مستقبلا
.
والإعذار في المعاملات المدينة لابد أن يتم بورقة رسمية تعلن بواسطة أدوات
القضاء . أما في المسائل التجارية فقد جرى العرف
على أنه يكفي أن يتم الأعذار بخطاب عادي دون حاجة إلى أي ورقة من الأوراق القضائية . كل ذلك من أجل تحقيق السرعة التي تتميز بها المعاملات
التجارية .
5) ـ مهلة الوفاء : إذا عجز المدين يدين مدني عن الوفاء به في الميعاد ،
جاز للقضاء أن ينظره إلى أجل
معقول أو آجال ينفذ فيها إلزامه، إذا استدعت حالته ذلك ، ولم يلحق الدائن من هذا التأجيل ضرر( المادة 210 من
القانون المدني
).
أما القانون التجاري فلا يعطي مثل هذه السلطة للقاضي نظرا الآن ما تحتمه
طبيعة المعاملات التجارية وما
تقدم عليه من سرعة وثقة تقتضي من التاجر ضرورة الوفاء بدينه في الميعاد وإلا كان ذلك سببا في إثمار إفلاسه
.
6) ـ حوالة الحق : تقتضي المادة 241 من القانون المدني الجزائري على أنه
لا يحتج بالحوالة قبل المدين ،
أو أجز بها بإعلان غير قضائي ، غير أن قبول المدين لا يجعلها نافذة قبل الغير إلا إذا كان هذا القبول ثابت التاريخ
.
أما القانون التجاري فإنه لا يشترط شيئا من ذلك ، ولهذا تجوز حوالة الحق الثابتة في الأوراق التجارية بمجرد
التوقيع عليها بما يفيد انتقالها ، وبناء على ذلك ، يحصل تداول السفتجة والشيكات والسندات الإذنية بمجرد تظهيرها أي التوقيع عليها ، بما يفيد
تحويلها أو حتى بمجرد تسليم السند إذا كان حامله .
7) ـ الإفلاس : لا يجوز شهر الإفلاس التاجر إلا إذا توقف عن دفع ديونه التجارية ، أما إذا توقف عن دفع دين مدني
، فلا يجوز شهر إفلاسه ، وإذا أجاز القانون للدائن بدين مدني أي يطلب شهر إفلاس التاجر ، إلا أنه يجب
أن يثبت أن التاجر قد توقف عن
دفع دين تجاري عليه ، فإذا صدر حكم يشهر الإفلاس تلافع يد التاجر عن إدارة أمواله والتصرف فيها ، ويدخل جميع الدائنين في الإجراءات ويعين وكيل عنهم
تكون مهمته تصفية أموال المفلس وتوزيع الناتج منها بين الدائنين كل بحسب قيمة دينه ، وبذلك تتحقق المساواة بينهم .
أما المدين المادي فإنه يخضع لأحكام القانون المدني ( المادة 177 إلى 202
) التي لا تتم بالشدة والصرامة التي يتصف بها نظام
الإفلاس . فليس في المسائل
المدينة حل يد المدين عن التصرف في أمواله وتصفيتها تصفية جماعية وتوزيع ثمنها على الدائنين
.
8) ـ صفة التاجر : التاجر هو الشخص الذي يباشر عملا تجاريا ويتخذه حرفة معتادة له ، وذلك ما نصت عليه المادة 1
من القانون التجاري ومن يصبح تاجرا ، يخضع لإلزامات التجار ،
خاصة منها القيد في السجل التجاري ومسك الدفاتر التجارية ، كما يخضع لنظام الإفلاس .
المبحث الثاني : الأعمال التجارية في
القانون التجاري الجزائري
رأينا أن المشرع الجزائري قد عدد الأعمال التجارية من المواد من الثالثة إلى الرابعة من القانون التجاري ، ومعنى ذلك
أن هذه الأعمال هي التي حسم المشرع
تحديد طبيعتها . ولم يعد ثمة شك في صفتها
التجارية ، حيث أصبغ عليها
المشرع بنص صريح هذه الصفة ولا يجوز للأفراد مخالفة هذا الوصف وإلا يتعرض للسجلات ، باعتبار أن المشرع أراد
إخضاع العمل لنظام قانوني معين ، هو القانون التجاري فلا يجوز لهم إخضاعه لنظام قانوني آخر ، ولذلك فإن
وصف العمل والفصل في تحديد
طبيعته والنتائج المترتبة على ذلك تعتبر مسألة قانونية تخضع لوقاية محكمة النقض .
إلا أننا نلاحظ أن المشرع الجزائري ، في التعداد الذي وضعه لم يتبع معيارا ثابتا . فأحيانا يعتبر العمل تجاريا ولو
وقع منفردا ، وتارة أخرى يشترط مباشرة العمل على وجه المقاولة ، بحيث أنه لو تم مباشرة نفس العمل بصفة منفردة لما اعتبر تجاريا
.
على أنه يجب اعتبار الأعمال التجارية التي نص عليها المشرع الجزائري واردة
على سبيل المثال لا الحصر ،
وذلك ما يفهم صراحة من نص المادة الثانية من قولها " يعد عملا تجاريا بحسب موضوعه ..." لأن المشرع لو أراد اعتبار
الأعمال التجارية التي عددها على
سبيل الحصر ، لكانت الصياغة كما يلي:
الأعمال التجارية بحسب موضوعه حي ... ،. وعليه فإن الرأي الراجح في هذا المجال
هو جواز الاجتهاد في القياس
على هذه الأعمال وإضافة غيرها إليها.
هذا بالنسبة للأعمال التجارية حسب موضوعها ، ثم تناول المشرع الجزائري فئة
من الأعمال اعتبرها أعمالا
تجارية من حيث الشكل ( المادة 3 ) ، وطائفة ثالثة من الأعمال اعتبرها تجارية بالتبعية
( المادة 4) .
وعلى ذلك تقسم الأعمال التجارية في
التشريع الجزائري على النحو التالي :
1 ـ الأعمال التجارية بحسب موضوعها .
2 ـ الأعمال التجارية بحسب شكلها .
3 ـ الأعمال التجارية بالتبعية .
4 ـ الأعمال المختلطة .
1) ـ الأعمال التجارية بحسب موضوعها :
وهي تلك الأعمال التي تعتبر تجارية بصرف النظر عن الشخص القائم بها ، ومعظم هذه الأعمال تتعلق بتداول المتقولان ، من
مأكولات وبضائع وأوراق مالية ، وتصدر بقصد تحقيق الربح ، والبعض منها اعتبره القانون تجاري بالرغم من
عدم تعلقه بتداول الثروات . ثم
إن من هذه الأعمال ما يعتبر تجاريا ولو وقع منفردا والبعض منها لا يكون تجاريا إلا إذا صدر على وجه المقاولة
.
وسنتناول فيما يلي الأعمال التجارية حسب موضوعها في نصوص القانون التجاري
الجزائري ، سواء تلك التي تقع منفردة أو تلك التي تتم ممارستها على سبيل
المشرع .
أ ـ الأعمال التجارية المنفردة
:
تشمل الأعمال التجارية المنفردة ،
* شراء المنقولات لإعادة بيعها بعينها أو بعد تحويلها وشغلها
.
* شراء العقارات لإعادة بيعها .
* العمليات المصرفية وعمليات الصرف والسمرة .
* عمليات الوساطة لشراء وبيع العقارات والمحلات التجارية والقيم العقار
.
ب ـ الأعمال التجارية على وجه
المقاولة :
عددت المادة الثانية من القانون التجاري الجزائري الأعمال التي لا تكتسب
الصفة التجارية إلا إذا وقعت على
سبيل المقاولة ، والمقاولات التي اعتبرها المشرع الجزائري تجارية هي :
* تأجير المنقولات أو العقارات .
* البناء أو الحفر أو تمهيد الأراضي .
* استغلال المناجم السطحية أو مقالع الحجارة أو المنتجات الأرض الأخرى
.
* استغلال النقل أو الانتقال .
* التأمينات .
* بيع السلع الجديدة بالمزاد العلني بالجملة أو الأشياء المتعلقة
بالتجزئة .
* الإنتاج أو التحويل أو الإصلاح .
* التوريد أو الخدمات .
* استغلال الملاحي العمومية أو الإنتاج الفكري .
* استغلال المخازن العمومية .
2) ـ الأعمال التجارية بحسب الشكل :
تنص المادة 3 من القانون التجاري
الجزائري على أنه " يعد عملا تجاريا بحسب شكله :
1 ـ التعامل بالسفتجة بين كل الأشخاص .
2 ـ الشركات التجارية .
3 ـ وكالات ومكاتب الأعمال مهما كان هدفها .
4 ـ كل عقد تجاري يتعلق بالتجارة البحرية والجوية .
ويتضح من هذا النص أن المشرع الجزائري أصبغ الصفة التجارية ليس فقط على
الأعمال التجارية حسب موضوعها ، وهي
التي تقدم عرضها ، بل أيضا على بعض الأعمال التي تتخذ شكلا معينا .
وبذلك يكون القانون الجزائري قد أخذ
بالمعيارين الوضعي والشكلي .
3 ) ـ الأعمال التجارية بالتبعية :
تنص المادة 4 من القانون التجاري
الجزائري على أنه : يعد عملا تجاريا بالتبعية :
ـ الأعمال التي يقوم بها التاجر
والمتعلقة بممارسة تجارته أو حاجات متجرة .
ـ الإلزامات بين التجار
.
يتضح من هذا النص أن القانون التجاري الجزائري أضفى الصفة التجارية ، ليس
فقط على الأعمال التجارية
بطبيعتها ، أو الأعمال التجارية بحسب الشكل ، بل أيضا على الأعمال التي يقوم بها التاجر لحاجات تجاريه ، واعتبر هذه الأعمال تجارية بصرف النظر عن طبيعتها
الذاتية ، اعتدادا بمهنة الشخص الذي يقوم بها ، فأكتسبها الصفة التابعة بهذه المهنة ، ولذلك أطلق المشرع التجاري على هذه الأعمال
ـ الأعمال التجارية بالتبعية ـ
.
4) ـ الأعمال المختلطة :
الأعمال المختلطة ليست طائفة رابعة من الأعمال التجارية قائمة بذاتها ،
كالأعمال التجارية التي تقدم عرضها ،
ولذلك لم ينص القانون التجاري عليها . لأن الأعمال التجارية المختلطة لا تخرج عن نطاق الأعمال التجارية بصفة عامة
.
والمقصود بالعمل التجاري المختلط هو ذلك العمل الذي يعتبر تجاريا بالنسبة لأحد طرفيه ، ومدنيا بالنسبة للطرف الآخر ،
كالمزارع الذي يبيع منتجات حيواناته من ألبان إلى تاجر المواد الغذائية ، والموظف الذي يشتري أجهزة منزلية
أو ملابس من تاجر ، وعقد النقل
الذي يربط مقاول النقل المسافرين، والحقيقة أن الأعمال المختلطة كثيرة ومتعددة وتقع في الحياة اليومية
.
والعبرة في تحديد العمل المختلط ، بصفة العمل ذاته . فلا يشترط في العمل
المختلط أن يكون أحد طرفيه تاجرا ،
فمثلا عقد البيع الذي يبرمه شخصين مدنين ، يبيع أحدهما شيئا ورثه ويشتري الآخر بقصد بيعه ليربح ، عمل تجاري مختلط ،
ولو أن الطرفين ليسا بتاجرين
.
وسنتناول فيما يلي كل هذه الأنواع من
الأعمال التجارية بقليل من التفصيل .
الأعمال التجارية بحسب الموضوع
:
الأعمال التجارية بحسب الموضوع ،
يكون إما منفردة أو في شكل المقاولة . ويمكن أن تقسم على النحو التالي
:
1ـ الشراء من أجل البيع :
تقضي المادة 2 الفقرة 1 من القانون التجاري الجزائري بأنه يعتبر عملا تجاريا بحسب موضوعه " كل شراء للمنقولات
لإعادة بيعها بعينها أو يعد تحويلها وشغلها "
وتنص الفقرة الثانية من نفس المادة
" كل شراء للعقارات لإعادة بيعها "
مما سبق يتضح أن المشرع الجزائري
يشترط ثلاثة شروط لاعتبار عملية الشراء والبيع عملية تجارية وهي
:
أ ـ حصول عملية الشراء
.
ب ـ أن يكون محل الشراء منقولا أو
عقاريا .
ج ـ أن يكون الشراء بقصد البيع
.
أ) ـ حصول عملية الشراء
:
تعد عملية الشراء من أجل البيع من أهم مظاهر الحياة التجارية ، حيث عن
طريقها يتم التبادل وتوزيع الثروات
. ولو أن المشرع الجزائري اعتبر حدوثها ولو مرة واحدة عملا تجاريا حتى ولو كان القائم بها لا يكتسب صفة التاجر ، مؤسسا طبيعة العمل من هذه الحالة على
فكرة التداول .
ولا يشترط أن يكون مقابل الشراء نقدا . بل يكفي أن يكون بمقابل ، كما في القابضة . أما إذا انتفى المقابل فلا
يكون عنصر الشراء متحققا في هذه الحالة ، كما لو اكتسب الشخص أموالا عن طريق الحية أو الوصية أو
الميراث .
ومنه فإن بيع المنتج الأول لمنتجاته التي لم يسبقها شراء لا تعد عمليات تجارية
. كما في حالة استغلال الموارد الطبيعية والمجهود الذهني
والبدني . إذن هذه الحالات
ينبغي عنصر الرباطة في تداول الثروات .
1/ ـ بالنسبة للأعمال الزراعية :
ومما سبق يتفاد من الزراعة لا تعد
عملا تجاريا ، بالرغم من قيام المزارع بشراء البذور والأسمدة ، وكذلك بيعه
لمنتجاته الزراعية .
وتيار على الزراعة استغلال الغابات
والصيد واستغلال الموارد الطبيعية ، كاستخراج الإسفنج والملاحات.
إلا أن العمل الزراعي يصبح تجاريا عندما يتخذ شكل المشروع الاقتصادي .
ويكون الأمر كذلك عندما تكون نشأت
إستغلالات زراعية كبيرة . ومثال ذلك قيام مزارع لتربية قطاعات كبيرة من الأغنام على أرضه ، وقام باستخراج
منتجاتها من ألبان وجبن وباعها
بكميات وفرة في السوق .أو حالة ما لم يقتصر المزارع على زراعة القمح في أرضه بل تجاوز ذلك واشترى طاحونة لطحن الغلال
الناتج على أرضه وكذلك غلال
جيرانه، وقام ببيع الدقيق لدرجات جودته أو قام بتحويله إلى مواد غذائية .والأمر كذلك بالنسبة لاستغلال الغابات
والمحاجر والمناجم
.
2/ ـ المهن الحرة :
وفي تلك المهن التي يعتمد عليها أصحابها على موهبتهم العلمية والمهادات
الغنية التي تقوم أساسا على نشاطهم
الذهني .والأمر كذلك بالنسبة لمهنة الطبيب والمحامي والمهندس والمحاسب .
فكلهم لم يسبق لهم شراء العمل القدم . كما أن عملهم لا ينطوي على مضاربة أو وساطة ويختلف الأمر إذا قام المهندس بفتح
مكتب للدراسات الهندسية واستخدم فريق من المهندسين والتقنين والإداريين ، وقيامه بالمضاربة وبذلك لم
يبق عمله يقتصر على الواجب
التقنية ، بل تجاوزها لتقرب بل ليصبح مشروعا اقتصاديا .
والأمر كذلك بالنسبة للطبيب الذي قام
بفتح عيادة .
3/ ـ الإنتاج الذهني والفني :
ويقصد بذلك إنتاج المؤلفين في مختلف فروع المعرفة المقدم في مؤلفاتهم ،
وإنتاج الرسامين في لوحاتهم ،
والملحنين في ألحانهم والمصورين في صورهم . كل هذه الأعمال تعد أعمالا مدينة .
أما عمل الناشر ، وهو الذي يشتري حق
المؤلف ويقوم بتكلفة الطبع والنشر ويبيعه بقصد تحقيق الربح ، فيعد تجاريا
.
ب ـ أن يكون محل الشراء منقولا أو
عقارا :
تنص المادة الثانية من القانون التجاري الجزائري فقرة 1 و 2 على أن كل شراء للمنقولات والعقارات يعد عملا تجاريا .
ويوجب أن يكون المنقول ماديا ، من بضائع على اختلاف أنواعها ، والحيوانات ، أو معنويا كالمحل التجاري كالديون والأسهم والسندات وجزاءات
الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية .
ويقر عملا تجاريا كذلك شراء البناء يقصده وبيعه إنقاضا أو شراء الأشجار بقصد قطعها وبيعها أخشابا أو شراء المزروعات
لأجل بيعها بعد فصلها عن الأرض ، إذ ينصب هذا العمل على المنقول بحسب المال .
ج ـ قصد البيع وتحقيق الربح
:
الشراء سواء إنصب عن منقول أو عقار لا يعد تجاريا إلا إذا كان قد تم بقصد
البيع . وعنصر القصد هنا هام ، فهو الذي يميز
البيع التجاري عن البيع المدني ، فإذا تم الشراء يقصد الاستهلاك أو الاستعمال الشخصي أو لأجل الاحتفاظ
به كان مدنيا وليس تجاريا
.
1 ـ قصد البيع :
لا يعتبر شراء المنقول أو العقار
عملا تجاريا إلا إذا تم بقصد البيع أو تحقيق الربح .
وعنصر القصد ( النسبة ) هنا عنصر هام . إذ هو الذي يميز البيع التجاري عن
البيع المدني . فالشراء الذي يتم
يقصد الاستهلاك أو الاستعمال الشخصي أو الاحتفاظ ، هو شراء مدنيا وليس تجاريا .
وحتى تتوفر الصفة التجارية للبيع يجب
أن يبرز قصد البيع وقت الشراء . ولا يكفي وجود البيع بعد الشراء
.
فإذا اشترى شخص شيئا لأجل بيعه ثم احتفظ به لأجل استعماله الخاص ، تكون
للشراء الصفة التجارية ، مادام قصد
البيع قد توفر وقت الشراء . كما تظل للبيع الصفة التجارية حتى وإن هلك الشيء .
أ ـ العمليات المصرفية
:
وهي عمليات تختص بها عادة المصارف ( البنوك ) ، وهي متباينة ، مثل فتح حساب جاري ، واستلام الردائع النقدية من
المدخرين لقاء فائدة معينة ، مع إعادة إقراضها بفائدة عالية ، أو تأجير الخزن الحديدية ، أو تحصيل قيمة
الأوراق التجارية ، والعمليات
المتعلقة بالأسهم والسندات المالية . ولم يحدد المشرع أشكالا معينة لها بل ترك المجال مفتوحا لاستحداث أوراق مالية
عند الحاجة ، وذلك تماشيا مع
التطور الاقتصادي .
وقد اعتبر المشرع الجزائري جميع الأعمال المصرفية أعمالا تجارية إذ يتوفر
فيها عن الوساطة في تداول
الثروات وعنصر المطاربة ، أي قصد تحقيق الربح ، الذي عادة ما يتمثل في العمولة أو في فائدة القرض التي تعود للمصرف ، ويظل
عمل المصرف تجاريا حتى إذا
اقترن بضمانات معينة ( التأمين العقاري مثلا ) إذ يعتبر التأمين تابعا لعملية القرض التي هي العمل المصرفي الرئيسي.
غير أنه إذا كان المتعامل مع المصرف
غير تاجر ( شخص مدني ) فيكون العمل مدني بالنسبة إليه ويبقى تجاري بالنسبة للبنك
.
ومن النادر أن تأتي العمليات
المصرفية بشكل منفرد ، لكونها تتطلب تجميع خبرات متعددة . لذا فإنها غالبا ما تكون
في شكل مشروع .
ب ـ عمليات الصرف
:
إن إثبات قصد البيع وقت الشراء ، مسألة واقعية تخضع لتقدير محكمة الوضع
(محكمة أولى درجة ) . إن إثبات هذا القصد يقع على عاتق من
يدعي الصفة التجارية
لعملية الشراء والبيع . وله أن يثبت ذلك بجميع طرق الإثبات ، بما في ذلك الشهادة والقوائن ( عمل تجاري
مثال ذلك الإنسان الذي يشتري كمية من بضاعة تفوق حدود حاجاته الاستهلاكية .
2 ـ قصد تحقيق الربح :
يجب أن يتم الشراء من أجل البيع وتحقيق الربح ، أي بنية المضاربة . فقصد المضاربة وتحقيق الربح يعد عنصرا جوهريا
من العمل التجاري . ومنه توافرت شبه المضاربة عن العمل تجاريا .
حتى ولو لم يحصل البيع لسبب ما ، أو
تم بالخسارة ( البيع بأقل من السعر ).
ويخرج عمل الجمعيات التعاونية من دائرة العمل التجاري ، ليعتبر مدنيا ، وذلك لانتقاد قصد تحقيق الربح . والأمر كذلك
بالنسبة لأصحاب المصانع ( الأكل ) والمداري الخاصة . مادام البيع يقتصر على أعضائها.
2 ـ1 / العمليات المصرفية وعمليات الصرف والسمسرة أو الوساطة
.
تحت المادة 2 فقرة 13 على أنه يعد
عملا تجاريا بحسب موضوعه كل عملية مصرفية أو عملية صرف أو سمسرة أو خاصة بالعمولة
.
واعتبرت الفقرة 14 من ذات المادة عملا تجاريا بحسب الموضوع ، كل عملية توسط
لشراء وبيع العقارات أو المحلات
التجارية ولو أتت بشكل منفرد ، أي خارج المقاولة أو المشروع .
ـ الأعمال التجارية على وجه المقاولة
( الشكل)
لقد نصت المادة 2 من القانون التجاري
الجزائري من أن بعض الأعمال لا تكتسب الصفة التجارية إلا إذا وقعت على سبيل
المقاولة ، وهي :
ـ تأجير المنقولات أو العقارات
.
ـ البناء أو الحفر وتمهيد الأراضي .
استغلال النقل .
ـ التأمينات .
ـ بيع السلع الجديدة بالمزاد العلني
بالجملة أو الأشياء المتعاملة بالتجزئة .
ـ الإنتاج أو التحويل أو الإصلاح
.
ـ التوريد أو الخدمات
.
ـ استغلال الملاحي العمومية أو
الإنتاج الفكري .
ـ استغلال المخازن العمومية
.
ولقد عرف المشرع الجزائري المقاولة بموجب المادة 549 من القانون المدني ،
على أنها عقد يتعهد بمقتضاه أحد
المتعاقدين أن يصنع شيئا أو أن يؤدي عملا مقابل أجر يتعهد به المتعاقد الآخر .
ولكن المقصود بالمقاولة في ظل القانون التجاري هو المشرع الذي يفيد بقيام النشاط على سبيل التكرار والاحتيال .
ويمكن أن يكون المشروع فردي أو جماعي ( شركة ) أو عام ( المشروع العام وهو مملوك للدولة ) .
ويقوم المشروع على التظافر : رأس
المال والعمل ، أي جانب عنصر الاحتراف والمضاربة .
وإذا ثبت للنشاط الصفة التجارية ،
فإنه يخضع للنظام القانون التجاري .
1 ـ تأجير المنقولات والعقارات :
اعتبرت المادة الثانية من القانون 3
، تأجير المنقولات أو العقارات عملا تجاريا إذا حدث على سبيل التكرار واتخذ شكلا
منظما .
ويستوي أن يكون التأجير واردا على منقولات ، كمن يقوم بتأجير مظلات الشمس على شاطئ البحر ، أو تأجير السيارات
والدراجات للسائق والمواطن . أو كان التأجير واردا على العقارات كالمنازل لتأجير فنادق أو عقارات لتأجيرها لأغراض الطب كالمستشفيات الخاصة والتعليم
كالمدارس الخاصة .
وقد أضفر المشرع على هذه الأعمال الصفة التجارية ، إذا تمت ممارستها من
خلال مشروع منظم ببغي المضاربة
وتحقيق الرد وهكذا أدخلها المشرع طائفة الأعمال التجارية لحماية المتعاملين مع أصحابها ، الذين اعتبرهم تجارا ،
فيخضعون بالالتزامات التجار من حيث
مسك الدفاتر التجارية والقيد في السجل التجاري والخضوع لضرائب الأرباح التجارية والصناعية وسمح المشرع بشهر إفلاس أصحابها إذا توقفوا عن دفع ديونهم
.
2 ـ مقاولات التوريد أو الخدمات :
اعتبر المشرع الجزائري توريد الأشياء
أو الخدمات الذي يتم عن طريق المقاولة عملا تجاريا .
ويقصد بعملية التوريد التعهد بتقديم سلع معينة أو خدمات إلى الغير بصورة
دورية ومنظمة خلال فترة معينة ومن
أمثلة ذلك : توريد الأغذية للمدارس والمستشفيات والفنادق والفحم والبترول إلى المصانع ، وتوريد الورق إلى الصحف .
ويدخل من هذه الطائفة توريد الخدمات ، مثل استغلال المقاهي والفنادق والنوادي
، إن تتولى توريد التسلية
والراحة والخدمات إلى روادها مقابل مبلغ معين .
ويشترط لاعتبار التوريد عملا تجاريا أن يتكرر وقوعه بشكل منظم حتى يصدق عليه
وصف المقاولة ، وينطبق عليه وصف
المشروع فتقديم شخص بضاعة معينة لمرة واحدة ، فلا تكتسب هذه العملية الصفة التجارية .
ويعتبر التوريد تجاريا حتى ولو لم يسبق شراء . ذلك أنه عملية التوريد لا تقتصر على عملية البيع ، إنما تتضمن المضاربة
وتعرض المورد لتغلبات السوق والأسعار
، وهو يقصد من وراء ذلك تحقيق الربح .
4 ـ الأعمال التجارية بحسب الشكل :
تنص المادة 3 من القانون التجاري
الجزائري على أنه يعد عملا تجاريا بحسب شكله :
ـ التعامل بالسفتجة
.
ـ الشركات التجارية
.
ـ وكالات ومكاتب الأعمال مهما كان هدفها
.
ـ العمليات المتعلقة بالمحلات
التجارية .
ـ كل عقد تجاري يتعلق بالتجارة
البحرية والجوية .
أ/ ـ التعامل بالسفتجة
:
السفتجة عبارة عن أمر مكتوب من شخص يسمى الساحب إلى شخص المسحوب عليه ، بأمره
يدفع مبلغ معتبر من تاريخ محدد
لإذنه أو تحت أمر شخص ثالث يسمى المستفيد .
وقد نص القانون التجاري الجزائري من المادة 389 على أنه تعتبر السفتجة عملا تجاريا مهما كان أشخاص المتعاملين بها ،
وأوجبت المادة 390 من ذات القانون على البيانات التي يجب أن تتضمنها السفتجة ، وهي :
* تسمية " السفتجة " في مثل السند نفسه ، وباللغة المستعملة في
تحريره .
* أمر غير معلق على قيد أو شرط بدفع مبلغ معين .
* إسم من يجب عليه الدفع ( المسحوب عليه ) .
* تاريخ الاستحقاق .
* المكان الذي يجب فيه الدفع .
* إسم من يجب الدفع له أو لأمره .
* بيان تاريخ إنشاء السفتجة ومكانه .
* توقيع من أصدر السفتجة ( الساحب ) .
ويتضح من هذا النص أن السفتجة لها صورة أو شكل معين ، يتكون من البيانات المذكورة ، ويترتب على فقدان أحد عناصرها
الصفة التجارية للورقة ، التي تعتبر في هذه الحالة سندا عاديا .
وعليه ، فإن السفتجة تتطلب وجود ثلاث
أشخاص .
الأول : الساحب .
وهو الشخص الذي يحرر الأمر ويوقع عليه ، ويتضمن المحرر أمرا صادرا من
الساحب إلى شخص آخر يكلفه فيه
بالوفاء في تاريخ معين أو قابل للتعيين بمبلغ من النقود .
الثاني : المسحوب عليه
.
وهو الشخص الذي يصدر إليه الأمر من الساحب والأصل أن الإنسان لا يكلف الغير بالوفاء أو القيام بالعمل إلا إذا كان
ذلك يستند إلى علاقة بين الآمر والمأمور تبرر إصدار هذا الأمر .
والغالب أن يكون الساحب دائنا للمسحوب عليه بمبلغ من النقود مستحق الوفاء في
ميعاد الاستحقاق المذكور في
السفتجة ، وهو ما يطلق عليه مقابل الوفاء . ويترتب على حصول الوفاء من المسحوب عليه انقضاء علاقة المديونية التي بينه
وبين الساحب
.
الثالث : المستفيد
.
وهو الشخص الذي يتلقى الوفاء من
المسحوب عليه .
والسفتجة أداة ائتمان ، من أهم
صفاتها التداول من حامل إلى آخر بالتظهير أو بالاستلام ، حتى تقدم للمسحوب عليه
لقبولها ثم وفائها .
وقد نصت المادة 389 من القانون التجاري الجزائري على الطابع التجاري
للتعامل بالسفتجة ، ومؤدي ذلك إلى
كل ما يتعلق بالسفتجة ، يعتبر عملا تجاريا ، سواء كان الإلزام مدنيا أو تجاريا ، وإن كانت صفة الموقعين عليها ،
سواء كانوا مظهرين أو راهنين أو
ضامنين ، إلا أن المشرع اكتفى القصر ، فاعتبر السفتجة التي تظهر من قبلهم باطلة .
-2الأعمال المصرفية (أعمال البنوك)
تشير المادة الثانية إلى الأعمال المصرفية أو عمليات البنوك بوصفها أعمالا تجارية و بناء على ذلك تعتبر جميع عمليا
ت البنوك تجارية ’ فعقود إيداع النقود أو الصكوك و تأجير الخزائن الحديدية و فتح حسابات الودائع
النقدية و التحويل المصرفي و القروض
و فتح الإعتمادات بأنواعها تعتبر أعمال تجارية و تعتبر عمليات البنوك تجارية بصرف النظر عن طبيعة العمليات التي يتم التعامل عليها أي سواء كانت العمليات
مدنية أو تجارية.
و تعتبر عمليات البنوك تجارية من جانب البنك دائما أما من جانب العميل فالأمر يختلف حسب كونه تاجرا و تعلق
العمل المصرفي بأعماله التجارية أم غير تاجر.
3 ـ أعمال الصرف:
تعتبر أعمال الصرف أعمالا تجارية
وفقا لنص القانون التجاري بالمادة الثانية و هو نوع من
أعمال البنوك يقوم بها الصيارفة المتخصصين أو البنوك, والصرف هو مبادلة نقود وطنية بنقود أجنبية مقابل عمولته. و
الصرف نوعان أحدهما يدوي و هو الذي يتم بين المتعاقدين فورا و تسليم كل منهما العملة التي قام باستبدالها
و الثاني هو الصرف المحسوب و
يتم فيه استلام المبالغ المراد استبدالها من مكان آخر، و يتم هذا النوع من الصرف بخطاب من المستسلم (بنك في الجزائر)
إلى مراسل في البلد الأخر يأمره فيه بتسليم شخص معين
المبالغ المحددة فيه.
و يعد عقد الصرافة تجاريا دائما من
جانب الصراف على خلاف الطرف الراغب في الصرف حيث
لايعد العمل بالنسبة إليه تجاريا إلا
إذا كان من أجراه تاجرا و تعلق بأعماله التجارية.
4 ـ السمسرة :
تعتبر المجموعة التجارية أعمال السمسرة من الأعمال التجارية و السمسرة هي الوساطة في التعاقد، فهي تقريب بين
الراغبين في التعاقد حتى يتم هذا التعاقد فعلا مقابل عموله ، و ينتهي عمل السمسار أو مهنته بمجرد تلاقي الإيجاب و القبول حتى يبدأ نشاطه للتوسط
في عمل آخر ، و يترتب على ذلك أنّ السمسار لا شأن له بمتابعة تنفيذ العقد أو تسليم الثمن أو تسليم المبيع إلى غير ذلك من الآثار التي تترتب على
التعاقد ذلك لأنّ له بمتابعة تنفيذ العقد أو تسليم المبيع إلى غير ذلك من الأثار التي تترتب على التعاقد
ذلك لأنّ السمسار ليس وكيلا عن
أطراف التعاقد أو أحدهم كما أنه لا يسأل عن حسن تنفيذ العقد أو ضمانه ، بل أنه يستحق أجره إذا أدت وساطته إلى إبرام
العقد ولو لم ينفذ كله أو بعضه و
يتمثل هذا الأجر في عموله تحسب عادة بنسبة معينة من قيمة الصفقة و هي تختلف بإختلاف العرف و العادات التجارية
.
و الوساطة في التعاقد عمل تجاري منفرد بمعنى أنه يخضع لأحكام القانون التجاري و لو كان القائم به غير محترف
السمسرة بل و لو قام بها مرة واحدة أو عرضا .
كما تعتبر السمسرة عملا تجاريا بصرف النظر عن طبيعة العقد الذي يتوسط فيه السمسار بمعنى أنه لا أهمية لمدنية أو
تجارية العقد الأصلي المراد التوسط فيه . و تعتبر أعمال السمسرة تجارية بالنسبة للسمسار وحده أمّا فيما
يتعلق بأطراف التعاقد الأصلي فإنّ
الأمر يتوقف على طبيعة هذا التعاقد.
5 ـ الوكالة بالعمولة
الوكالة بالعمولة نوع من أنواع التوسط في اتمام الصفقات إذ ان التاجر غالبا ما يستعين بطائفة من الأشخاص لتصريف منتجاته
و بضائعه و التوسط بينه و بين غيره من العملاء أو التجار أو أصحاب المصانع او المتاجر التي لها علاقة بطبيعة التجارة التي يباشرها وهؤلاء
الأشخاص هم الوكلاء بالعمولة، فالوكيل بالعمولة لا يقصر أعماله على تاجر معين ’بل يقوم بهذه المهمة لعدة تجار دون أن يرتبط مع أحدهم بعقد عمل، فعندما
يتلقى توكيلا من تاجر في مباشرة تصرف معين فهو لا يرتبط معه بتبعية ما بل يباشر هذا العمل على وجه الإستقلال، كما لا يمنعه هذا التوكيل من
مباشرة توكيل آخر من تاجر آخر و تمثل الوكالة بالعمولة أهمية كبيرة في الحياة التجارية فهي تؤدي خدمة للتاجر و أصحاب المشروعات حيث يقوم
الوكيل بالعمولة بدور الوساطة بينه و بين عملائه خاصة في المجال الدولي حيث يصعب إنتقال التاجر في كل صفقة
على حده و يعرف الوكيل بالعمولة
بأنه ذلك الشخص الذي يعمل عملا بإسمه بأمر الموكل في مقابل أجره أو عمولة.
و يتضح من هذا التعريف أن الوكيل بالعمولة عندما يتعاقد مع الغير يعتبر أصيلا في التعاقد فيلتزم في مواجهته
بكافة الإلتزامات التي تنشأ عن العقد المبرم بينهما و يتلقى كافة الحقوق التي تترتب على هذا التعاقد و لكن
في علاقته بالموكل يعتبر وكيلا
عنه في مباشرة التصرف و يلزم في مواجهته بتنفيد أوأمر الوكالة وبأن ينقل كافة آثار التعاقد.
و يختلف الوكيل بالعمولة عن الوكيل العادي الذي يتعاقد باسم الموكل بحيث يبدو واضحا أمام الغير المتعاقد أن الطرف
الأصلي هو الموكل كما يختلف بالعمولة
عن السمسار فالوكيل بالعمولة عندما يتدخل في تصرف معين فهو الذي يتعاقد مع الغير.
أما السمسار فإن مهنته تقتصر على
مجرد التقريب بين التاجر و الغير دون أن يتدخل كطرف في العقد الأصلي الذي من أجله
قام بالوساطة.
و تعتبر الوكالة بالعمولة تجارية بصرف النظر عن طبيعة العقود التي يتوسط الوكيل بالعمولة في إبرامها و التعاقد
بشأنها أي أنها تعتبر تجارية ولو كان العمل الذي وكل إبرامه مدنيا.
الأعمال التجارية على وجه المقاولة
يقصد بالأعمال التجارية على وجه المقاولة الأعمال التي يعتبرها المشرع
تجارية إذا ما باشرها القائم بها
على وجه الإحتراف في شكل مشروع منظم بحيث تصبح حرفته المعتادة فالمقاولة هي مباشرة نشاط معين في شكل مشروع إقتصادي و
هذا المشروع له مقومات أساسية
هي غالبا عدد من العمال و المواد الأولية يضارب عليها صاحب المشروع.
وقد يكون ممارسة المشروع لنشاطه من
خلال الفرد و هو ما يطلق عليه المشروع الفردي
وقد يشترك إثنان او أكثر، في إستغلال كمؤسسة التسيير الإشتراكي.مشروع معين
على هيئة شركة ويمنحها القانون
الإستقلال القانوني فيكون لها ذمة مالية مستقلة وشخصية معنوية و قد يكون المشروع مملوك للدولة ويسمى حينئد بالمشروع
العام كمؤسسات التسيير الإشتراكي.
وعلى ذلك فالمقصود بالمقاولات تلك المشروعات التي تتطلب قدرا من التنظيم لمباشرة الأنشطةالإقتصادية سواء كانت
صناعية أو تجارية أو زراعية أو خدمات و ذلك بتضافر عناصر مادية
(رأس المال)
و بشرية (العمل) و يقتضي هذا التنظيم عنصرا الإحتراف و المضاربة و يعني الإحتراف ممارسة النشاط على وجه
التكرار كما تكون المضاربة على عمل الغير بقصد تحقيق الربح فاذا لم يتحقق في النشاط عنصري الإحتراف
والمضاربة لا يكتسب هذا النشاط شكل
المشروع و يعتبر القائم بالنشاط في هذه الحالة حرفيا وليس تاجرا فإذا ثبت للنشاط صفة التجارية فإنه يخضع القانوني التجاري هذا و قد وردت المقاولات
بالقانون التجاري على سبيل المثال لا الحصر لذلك فإنه يجوز أن يضيف القضاء غيرها بطريق القياس أو الإجتهاد كلما ظهرت الحاجة الى ذلك بسبب متغيرات الظروف
الإجتماعية و الإقتصادية.
و قد عددت المادة الثانية تجاري
الأعمال التي تكتسب الصفة التجارية إلا إذا وقعت على سبيل المقاولة وهي:
(1) كل مقاولة لتأجير المنقولات أو العقارات.
(2) كل مقاولة للإنتاج أو التحويل أو الإصلاح.
(3) كل مقاولة للبناء الحفر أو لتمهيد الأرض.
(4) كل مقاولة للتوريد أو الخدمات.
(5) كل مقاولة لاستغلال المناجم أو المناجم السطحية أو مقالع الحجارة او
منتوجات الأرض الأخرى.
(6) كل مقاولة لاستغلال النقل أو الإنتقال.
(7) كل مقاولة لاستغلال الملاهي العمومية او الإنتاج الفكري.
(8) كل مقاولة للتأمينات.
(9) كل مقالة لاستغلال المخازن العمومية.
(10) كل مقاولة لبيع السلع الجديدة بالمزاد العلني أو الأشياء المستعملة
بالتجزئة بالجملة.
1 ـ مقاولة تأجير المنقولات أو العقارات
يعد تأجير المنقولات أو العقارات إذا حدث على سبيل التكرار واتخذ شكل
المشروع عملا تجاريا طبقا للمادة
الثانية تجاري فيستوي أن يكون التأجير واردا على منقولات كمن يقوم بتأجير السيارت أو الدراجات أو كن التأجير واردا على عقارات كالمنازل لتأجيرها لأغراض الطب
كالمستشفيات الخاصة أو لأغراض التعليم بإفضاء المشرع على هذه الأعمال الصفة التجارية يعتبر القائمون
بها تجارا فيخضعون لالتزامات
التجار من حيث مسك الدفاتر التجارية و القيد في السجل التجاري و الخضوع لضرائب الأرباح التجارية و الصناعية.
2 ـ مقاولة الإنتاج أو التحويل أو الإصلاح
يقصد بمقاولات الإنتاج أو التحويل أو الإصلاح مقاولات الصناعية التي تقوم بتحويل المواد الأولية أو النصف مصنوعة
بحيث تكون صالحة لاشباع حاجات الأفراد مثل صناعة السكر من القصب البنجر أوالزيت من الزيوت أو صناعة النسيج و الأثاث و الآلات بجميع أنواعها.
و يدخل في مدلول الصناعة الأعمال التي يترتب عليها تعديل للأشياء يرفع من قيمتها أو يزيد في استخداماتها كصناعة الصباغة و إصلاح الساعات وورش
إصلاح السيارات وتعتبر مقاولات الصناعة تجارية سواء كان المشروع يقوم بشراء المواد الأولية المراد تحويلها أو يقدمها من عنده أو تقدم له من
الغير لتحويلها فإذا كان صاحب المصنع يقوم بصناعة الجلود التي تنتجها ماشيته و التي تقدم له من الغير فإن هذا لا يغير من طبيعة الحالة
التجارية.
أصحاب الحرف:
الحرفي هو عامل مستقل يمارس حرفة يدوية متخذا شكل مشروع صغير نوعا و يختلف
الحرفي عن كل من العامل والتاجر
فهو ليس بعامل رغم أنه يباشر عمله بيديه لأنه لا يرتبط بعلاقة تبعية برب عمل علاوة على أنه يبيع ما قام بصنعه خلاف
العامل الذي لا يبيع ما يقوم
بانتاجه.
كما يختلف الحرفي عن التاجر أوالصانع رغم استقال كل منهما في أنه يعمل
بنفسه في صنع الشيء أو اصلاحه
فعمله اليدوي هومصدر دخله ورزقه الرئسي، فالحرفي لا يضارب على عمل الغير.
و المستقر عليه فقهاء و قضاء أنه يشترط لاعتبار الصناعة عملا تجاريا أن
يكون على قدر من الأهمية بحيث
يمكن القول بوجود مضاربة على الألات و عمل العمال أما إذا اقتصرت الصناعة على مجرد القيام بواسطة الشخص نفسه أو بمعاونة
عدد قليل من العمال أو أفراد
أستره فان أعماله تخرج من مجال القانون التجاري لأنه أقرب إلى طائفة الحرفيين منه الى طائفة الصناع و مثال هؤلاء
الأشخاص النجار أو الحداد أو النقاش
أو المنجد أو الخياط فهؤلاء جميعا يعتمدون اساسا في تقديم أعمالهم على مهارتهم الشخصية أو فنهم أكثر من اعتمادهم
على تحويل ما يقدم اليهم من
مواد أولية بل أن أعمالهم تظل مدنية حتى و لو إستعان أحدهم بآلة أو أكثر في العمل كما هو الحال عند إستعمال آلات الخياطة أما إذا لجأ الحرفي الى شراء
المواد الأولية التي يستخدمها في عمله بكميات كبيرة كشراء الخياط للأقمشة و عرضها للبيع بحالتها أو بعد حياكتها فإن عمله يعد تجاريا على أساس
الشراء بقصد البيع مع توافر نية المضاربة هو نشاط الرئيسي و ما حرفته إلا عامل ثانوي.
3ـ مقاولات البناء أو الحفر أو تمهيد الأرض
إعتبر المشرع مقاولات البناء أوالحفر أو تمهيد الأرض عملاتجاريا أيا كان نوع
هذه الأشغال و أهميتها فيدخل في
نطاق ذلك إنشاء المباني و الجسور و الطرق و الأنفاق و المطارات و حفر الترع و القنوات و إنشاء السدود كما يدخل
فيها أعمال الهدم و الترميم بشرط
أن يقدم المقاول المقاول الأدوات و الأشياء اللازمة للعمل الموكول إليه ذلك أنه في هذه الحالة يضارب على الأدوات
التي يقدمها الا أن القضاء يعتبر
المقاول تجاريا حتى إذا إقتصر على تقديم العمل لإنشاء المباني اذ انه يضارب على عمل العمال تماما كما يضارب على
الألات و الأشياء التي يقدمها في
إنشاء المباني و تطبيقا لذلك يعتبر المقاول الذي يتفق مع صاحب الأرض على توريد العمال اللازمة للإنشاءات العقارية قائما بعمل تجاري سواء قدم الأدوات اللازمة أم
لم يقدمها أما إذا اقتصر عمل المقاول على مجرد الإشراف على العمال الذين أحضرهم صاحب العمل فإن عمله يظل مدنيا شأنه في ذلك شأن من يقدم خبرته
أو إنتاجه الفكري .
4ـ كل مقاولة للتوريد أو الخدامات
يقصد بالتوريد أن يتعهد شخص بتسليم كميات معينة من السلع بصفة دورية لشخص
آخر نظير مبلغ معين مثل احتراف
توريد الأغدية للمدارس أو المستشفيات أو الجيش أوتوريد الفحم الى مصانع او الملابس الى المسرح كذلك يعتبر توريد
الخدمات من عمليات التوريد مثل
استثمار الحمامات و إستغلال المقاهي والفنادق و النوادي و تعتبر مقاولات التوريد عملا تجاريا طالما احترفها الشخص بصرف النظر عن سبق شرائه للمواد التي يتعهد
بتوريدها من عدمه.
5ـ مقاولات إستقلال المناجم أو المناجم السطحية أو مقالع الحجارة أو
منتوجات الأرض الأخرى...
يعتبر المشرع صور الإستقلال الأول للطبيعة إذا تم من خلال مقاولة تتم بمقومات المشروع عملا تجاريا و من صور هذا
الإستقلال إستخراج المعادن من باطن الأرض كاستخراج البترول و الحديد والفحم و الفسفات و الزئبق و غيرها و كذلك قطع الرخام و الأحجار من الجبال على
سطح الأرض و تعتبر هذه المقاولات تجارية سواء كان القائم بها يمتلك مصدر الإنتاج أولا يملكه كصاحب حق الإمتياز للاستقلال فترة معينة
.
و قد أطلق المشرع الصفة التجارية على كل ما يتعلق بهذه الإستقلالات سواءعماليات الشراء اللازمة لها كالآلات
للحفر أو مواد كيماوية أوملابس وأداوات وقائية و من باب أولى تعتبرعمليات تحويل المنتجات أعمال تجارية حتى و لو استقلت عن العملية الرئيسية و
هي الإستخراج كما في حالة تهيئة الأحجار المتقعطة من المناجم السطحية و صنعها رخاما لأعمال الزينة و البناء.
وكذلك تعتبر استغلالات منتاجات الأرض الأخرى عملا تجاريا كاستغلال عين معدنية
و تعبئة مياهها في زجاجات
لبيعها وكما إذا أقام مستغل العين فندقا أومطعم لخدمة القادمين. وأيضا إستغلال بحيرة في تربية الأسماك و صيدها وقد
ساير المشرع المصري الفقه
التقليدي فاعتبر العماليات الإستخراجية كاستخراج المعادن و البترول و المياه وما يوجد في باطن الأرض أو في أعماق البحار
و الأنهار أعمالا مدنية
بالنسبة لمن يقوم بها حتى إذا كان القصد منها تحقيق الربح والمضاربة و في فرنسا لم تصبح عماليات استغلال المناجم من
الأعمال التجارية إلا بقانون 1919
أما قبل ذلك فقد كانت من قبيل الأعمال المدنية و قد ساير المشرع الجزائري في هذا الصدد التعديل الذي أخذ به المشرع
الفرنسي فاعتبر تلك الأعمال أعمالا
تجارية.
6 ـ مقاولات إستغلال النقل أو الإنتقال
يعد عملا تجاريا مقاولات إستغلال النقل أو الإنتقال و يقصد بالنقل نقل
البضائع و يقصد بالنتقال انتقال
الإنسان بوسائل النقل المختلفة و عمليات النقل و الإنتقال وفقا للمادة الثانية لا تعتبر تجارية إلا إذا باشرها الشخص
على سبيل الإحتراف و نتيجة لذلك
إذا فرض وقام أحد أصحاب السيارات بنقل أصدقائه أو أقربائه فان عمله يعتبر مدنيا حتى و لو تقاض عن هذا النقل أجر ذلك
لان شرط الإحتراف هو أساس
تجارية أعمال النقل و السبب في ذلك أن عمليات النقل و الإنتقال لا تبدو ذات طابع تجاري إلا إذا تضمنت مضاربة على العمال و السيارات بقصد تحقيق الربح. ومقاولات
النقل تجارية أيا كانت وسيلة النقل و أيا كان المكان المراد النقل اليه وأيا كانت طبيعة الشيئ المراد نقله.
فالنقل برا يعتبر تجاريا أيا كان نوع وسيلة النقل الجوي
وإذا كانت عمليات النقل
تجارية دائما من جانب الناقل فهي تختلف من جانب الناقل فهي تختلف من جانب الطرف الآخر حسب طبيعة العمل بالنسبة
اليه فاذا قام بها تاجر لأغراض تجارية اتخذت الصفة التجارية من جانبيها.