محمد ابراهيم البادي
02-03-2010, 05:44 PM
في الطعن بالتمييز رقم 24 لسنة 1991
في الجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الموافق 7/3/1992
برئاسة الدكتور مصطفى كيره رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة جمال الدين محمود فهمي القاضي و الدكتور عبد الله محمد دفع الله و الدكتور علي ابراهيم الامام و عمر عثمان سعيد
موجز القاعدة
(1) الحكم "الحكم بالاعدام" ـ محكمة التمييز ـ سلطة محكمة التمييز في الحكم بالاعدام .
رقابة محكمة التمييز على كافة عناصر الحكم بالاعدام الموضوعية والشكلية طبقا للمادة 16/2 من قانون اصول المحاكمات الحقوقية و الجزائية لدى محكمة التمييز رقم (4) لسنة 1988 .
(2) قتل "نية القتل" ـ سلطة محكمة الموضوع في استخلاص النية .
نية القتل ـ ماهيتها ـ استخلاصها موكول الى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ـ مثال .
المبدأ القانوني
[1] حيث ان المادة 16/2 من قانون اصول المحاكمات الحقوقية و الجزائية لدى محكمة التمييز رقم 4 سنة 1988 تنص على ان احكام الاعدام تابعة للتمييز دون طلب من المحكوم عليه ومفاد ذلك ان وظيفة محكمة التمييز في شأن الاحكام الصادرة بالاعدام ذات طبيعة خاصة تقتضيها اعمال رقابتها على عناصر الحكم كافية موضوعية و شكلية.
[2] من المقرر ان قصد القتل امر خفـي لا يدرك بالحس الظاهر و انما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى و الامارات و المظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني و تنم عما يضمره في نفسه فان استخلاص هذا النية من عناصر الدعوى موكول الى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وكان الحكم قد دلل على توافر نية القتل بقوله "وحيث ان نية القتل قد توافرت في حق المتهم من تعدد الضربات التي اوقعها بالمجني عليه بطفاية السجائر و هي سليمة و بعد كسرها و التي زادت عن عشرين ضربة غالبيتها قاتلة اصابت الشرايين و ادت الى النزيف القاتل و انه لم يترك المجني عليه حتى تأكد من ازهاق روحه محققا قصده في الاجهاز عليه اما ما اثاره الدفاع بحق المتهم من ان الواقعة كانت مجرد مشاجرة فمردود عليه بان نية القتل لا تحتاج الى تفكير وتدبير سابق و انها من الممكن ان تكون وقتية و لحظية و تنم عنها ظروف الحادث والتي جاءت قاطعة على نحو لا يقبل أي شك في ان المتهم وهو يكيل الضربات و الطعنات الى المجني عليه انما كان قاصدا ازهاق روحه و آية ذلك تعدد الضربات و تخير مواقعها وموالاة الاعتداء على المجني عليه حتى تمام الاجهاز عليه" . وكان ما اورده الحكم تدليلا على ثبوت نية القتل لدى الطاعن سائغة وكافية لحمل قضائه و يتضمن ردا على ما اورد المحكوم عليه في لائحته الجوابية بانتفاء نية القتل لديه ، كما عرض الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لتهمة السرقة و اورد في مقام التدليل عليها بان دخل عيادة الطبيب المجني عليه يزيد في يوم الحادث عن ثلاثة آلاف درهم بشهادة الشاهدة مرسيما ابراهام التي كانت تعمل لديه و احصت ما دخله من اتعاب يوم الحادث وعدم العثور على هذه المبالغ العيادة و اطرح دفاع المتهم بانها مستحقاته لدى الشركة الت يكان يعمل بها قبل عمله لدى المجني عليه و انه سلمها الى المتهم الثالث / سايمون راكال نيابة عنه وهو ما نفاه شاهده المذكور امام النيابة و خلص الحكم الى ان المبلغ المضبوط و الذي يزيد عن سبعة آلاف درهم هو جزء من المبلغ المفقود من عيادة المجني عليه وكان الحكم قد اورد في اسبابه "ان المحكوم عليه اقر باقترافه جرم اضرام النار عمدا في العيادة و انه حرق بعض اجزاء العيادة و اشعل النار بها بنفس الولاعة التي سرقها من المجني عليه ووضع اوراق مشتعلة بجانب الجثة ثم اشعل النار في الحمام و البوتاجاز الموجود في المطبخ بقصد حرق كافة محتويات مسرح الجريمة لطمس معالمها وكانت حالة الدفاع الشرعي قد انتفت اذ الثابت في الدعوى من اقوال المحكوم عليه امام محكمة الجنايات انه تمكن من انتزاع طفاية السجائر من المجني عليه فصار اعزلا من أي آلة يستطيع الاعتداء بها فان ما وقع منه بعد انتزاع هذه الآلة من موالاة طعن المجني عليه حتى بلغت اصاباته سبعة عشر حسبما اورده تقرير الصفة التشريحية انما هو اعتداء معاقب عليه و لا يصح ـ في القانون ـ اعتباره دفاعا شرعيا ، لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع قد استخلصت قضاءها من مجموع الادلة و العناصر المطروحة امامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي اليه اقتناعها مادام استخلاصها سائغا مستندا الى ادلة مقبولة في العقل و المنطق ولها معين صحيح فان الحكم لا يكون معيبا اذ قضى باعدام المحكوم عليه طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 332 من قانون العقوبات .
حكم المحكمة
اصدرت الحكم التالي:
بعد الاطلاع على الاوراق و التدقيق و المداولة .
الوقــــــــــــــــــــــــائع
حيث ان النيابة العامة اقامت الدعوى الجزائية رقم 12 لينة 1989 ضد المتهم ------------- لانه في ليلة 3/11/1988 :
أولاً: قتل عمدا ------------------- بان ضربه بآله صلبة (طفاية سجائر) عدة ضربات قاصدا من ذلك قتله فاحدث به الاصابات الموضحة بتقرير الصفة التشريحية وقد اقترنت بهذه الجناية و ارتبطت بها جريمتين اخريين هما انه في الزمان و المكان سالفي الذكر (أ) اضرم النار عمدا في بناء (ب) سرق الساعة و القداحة ومبلغ النقود المملوك للمجني عليه وطلبت النيابة عقابه عملا بالمواد 332 ، 304 ، 388/1 من قانــــون العقوبات ، كمــا اسندت النيابة العامة الى المتهمين ---------------- ، و --------------- و --------------- و ------------ تهمة مساعدة متهم في جريمة قتل عقوبتها الاعدام على الفرار من وجه العدالة مع علمهم بذلك طبقا للمادة 286 من القانون المذكور ، سمـــعت محكمة اول درجة هذه الدعوى و حكــمت بتاريخ 22/12/1990 بادانة الـــــمتهم ------------------- بالاعدام عن جريمة العمد مع سبق الاصرار و الترصد لارتباطها بجريمة السرقة مع الزامه بدفع الدية الشرعية لورثة المجني عليه / --------------- و البالغة سبعين الف و اعادة المبلغ المضبوط لورثة المجني عليه ، كما قضت بادانة باقي المتهمين طبقا للمادة 274 من قانون العقوبات بالتهمة المعدل و صفها وحبس كل واحد منهم شهرين . استأنف ----------------- هذا الحكم بالاستئناف رقم 1178/90 جزاء كما استأنفت النيابة العامة هذا الحكم بالنسبة للمتهمين من الثانية الى المتهم الخامس بالاستئناف رقم 1164/90 جزاء ، كما طعن المتهمون من الثانية الى الخامسة في هذا الحكم بالاستئناف رقم 8 سنة 91 و بتاريخ 16/3/1991 حكمت محكمة الاستئناف في الاستئناف رقم 1178 سنة 1990 برده و في استئناف النيابة العامة رقم 1164 سنة 1990 بتأييد الحكم المستأنف فيما قضي به من حيث النتيجة وفي الاستئناف رقم 8 سنة 1991 برده و تأييد الحكم المستأنف فيما قضي به ، طعن المدعي العام التمييزي بالطعن رقم 4 سنة 1991 طبقا للمادة 16/2 من قانون اصول المحاكمات الحقوقية والجزائية لدى محكمة التمييز رقم 4 سنة 1988 طلب تأييد الحكم الاستئنافي.
وحيث ان المادة 16/2 من قانون اصول المحاكمات الحقوقية و الجزائية لدى محكمة التمييز رقم 4 سنة 1988 تنص على ان احكام الاعدام تابعة للتمييز دون طلب من المحكوم عليه ومفاد ذلك ان وظيفة محكمة التمييز في شأن الاحكام الصادرة بالاعدام ذات طبيعة خاصة تقتضيها اعمال رقابتها على عناصر الحكم كافية موضوعية و شكلية.
وحيث ان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه ساق على ثبوت الواقعة ـ على الصورة التي اعتنقتها المحكمة ـ في حق المحكوم عليه ادلة مستمدة من التحقيقات التي تمت فيها من اقراره بمحضر تحقيق النيابة بانه تسبب في وفاة المجني عليه و اورد في اقواله امام النيابة انه ضرب المجني عليه بقبضة يده اثناء محاولة تخليص قطعة زجاج من يده فوقع على الارض بدون حراك ، و انه ركله فوقع على الارض مرة ثانية و حاول النهوض من مكانه ، كما قرر في اقواله انه اشعل البوتاجاز و اشعل النار في الاوراق الموجودة و ترك الغاز مشتعلا و القى الاوراق في الحمام و هي مشتعلة و اضاف الى ذلك انه اشعل النار بواسطة الولاعة في الاوراق التي سقطت منه فوق جثة الطبيب و قرر المتهم في اقواله امام محكمة اول درجة انه تضارب مع المجني عليه و انه ضربه بقبضة يده في وجهه و عندما نهض المجني عليه مرة ثانية ضربه مرة ثانية ، كما اقر ابنه اشعل البوتاجاز و الاوراق ، وكذلك ما قرره بمحضر جلسة محكمة الاستئناف و قرر النقيب ----------- امام محكمة الجنايات الكبرى ان المتهم قام تلقائيا بتمثيل الجريمة من تلقاء نفسه . وكان الحكم الابتدائي قد اورد في اسبابه ام مبلغ سبعة آلاف درهم الني ضبطت في حوزة المتهم هي جزء من المبلغ المفقود من عيادة الطبيب المجني عليه و ان المتهم اقر بانه بعد ان تأكد من وفاة المجني عليه اضرم النار عمدا في العيادة و اشعل النار في الحمام و البوتاجاز الموجود في المطبخ بقصد حرق كافة محتويات مـــسرح الجريمة لطمس معالمها و ايد خبير الحرائق في المختبر الجنائي و المهندس / --------------- ان الحريق كان مفتعلا و حصل بفعل فاعل كما ثبت من التقرير الطبي الشرعي ان المجني عليه قد تعرض للضرب بآلة صلبة راضة عدة مرات متتالية احدثت به ارتجاجا في المخ مع جروح نزفية شديدة مما سبب نزيفا شديدا ادى الى قصور في الدورة الدموية العامة و بالتالي الدورة الدموية للمخ مما سبب توقف مراكز المخ و الهبوط العام مما تسبب في الصدمة العلوية القاتلة كما تبين من هذا التقرير انه وجدت به سبع عشر اصابة منها جرحان قطعيان في منتصف فروة الرأس احدهما مستعرض يبلغ من الطول حوالي (6 سم) و الاخر عمودي على منتصفه من الخلف و يبلغ في الطول حوالي (3 سم) وجرح قطعي يبلغ طوله (6 سم) يبدأ من منتصف اعلى الجبهة ، كما اوضح الطبيب الشرعي امام محكمة اول درجة ان الاصابات الرضية من الممكن ان تحدث من الطفاية المستعملة في الحادث قبل كسرها و ان الجروح القطعية هي التي احدثت نزفا شديدا الى الى الوفاة كما وجدت بجسمه عدة حروق كما ثبت من تقرير معاينة الحريق ان هناك ثلاثة اماكن للحريق هي المطبخ و حجرة الكشف ودورة المياه الرئيسية و ان الحريق حدث نتيجة تدخل ارادي بايصال مصدر حراري ذو لهب مباشر في توقيت زمني متقارب لعدة مناطق منفصلة عن بعضها ، وكان من المقرر ان قصد القتل امر خفـي لا يدرك بالحس الظاهر و انما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى و الامارات و المظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني و تنم عما يضمره في نفسه فان استخلاص هذا النية من عناصر الدعوى موكول الى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وكان الحكم قد دلل على توافر نية القتل بقوله "وحيث ان نية القتل قد توافرت في حق المتهم من تعدد الضربات التي اوقعها بالمجني عليه بطفاية السجائر و هي سليمة و بعد كسرها و التي زادت عن عشرين ضربة غالبيتها قاتلة اصابت الشرايين و ادت الى النزيف القاتل و انه لم يترك المجني عليه حتى تأكد من ازهاق روحه محققا قصده في الاجهاز عليه اما ما اثاره الدفاع بحق المتهم من ان الواقعة كانت مجرد مشاجرة فمردود عليه بان نية القتل لا تحتاج الى تفكير وتدبير سابق و انها من الممكن ان تكون وقتية و لحظية و تنم عنها ظروف الحادث والتي جاءت قاطعة على نحو لا يقبل أي شك في ان المتهم وهو يكيل الضربات و الطعنات الى المجني عليه انما كان قاصدا ازهاق روحه و آية ذلك تعدد الضربات و تخير مواقعها وموالاة الاعتداء على المجني عليه حتى تمام الاجهاز عليه" . وكان ما اورده الحكم تدليلا على ثبوت نية القتل لدى الطاعن سائغة وكافية لحمل قضائه و يتضمن ردا على ما اورد المحكوم عليه في لائحته الجوابية بانتفاء نية القتل لديه ، كما عرض الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لتهمة السرقة و اورد في مقام التدليل عليها بان دخل عيادة الطبيب المجني عليه يزيد في يوم الحادث عن ثلاثة آلاف درهم بشهادة الشاهدة ------------- التي كانت تعمل لديه و احصت ما ادخله من اتعاب يوم الحادث وعدم العثور على هذه المبالغ العيادة و اطرح دفاع المتهم بانها مستحقاته لدى الشركة الت يكان يعمل بها قبل عمله لدى المجني عليه و انه سلمها الى المتهم الثالث / --------- نيابة عنه وهو ما نفاه شاهده المذكور امام النيابة و خلص الحكم الى ان المبلغ المضبوط و الذي يزيد عن سبعة آلاف درهم هو جزء من المبلغ المفقود من عيادة المجني عليه وكان الحكم قد اورد في اسبابه "ان المحكوم عليه اقر باقترافه جرم اضرام النار عمدا في العيادة و انه حرق بعض اجزاء العيادة و اشعل النار بها بنفس الولاعة التي سرقها من المجني عليه ووضع اوراق مشتعلة بجانب الجثة ثم اشعل النار في الحمام و البوتاجاز الموجود في المطبخ بقصد حرق كافة محتويات مسرح الجريمة لطمس معالمها وكانت حالة الدفاع الشرعي قد انتفت اذ الثابت في الدعوى من اقوال المحكوم عليه امام محكمة الجنايات انه تمكن من انتزاع طفاية السجائر من المجني عليه فصار اعزلا من أي آلة يستطيع الاعتداء بها فان ما وقع منه بعد انتزاع هذه الآلة من موالاة طعن المجني عليه حتى بلغت اصاباته سبعة عشر حسبما اورده تقرير الصفة التشريحية انما هو اعتداء معاقب عليه و لا يصح ـ في القانون ـ اعتباره دفاعا شرعيا ، لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع قد استخلصت قضاءها من مجموع الادلة و العناصر المطروحة امامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي اليه اقتناعها مادام استخلاصها سائغا مستندا الى ادلة مقبولة في العقل و المنطق ولها معين صحيح فان الحكم لا يكون معيبا اذ قضى باعدام المحكوم عليه طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 332 من قانون العقوبات اذ يكفي لتوقيع هذه العقوبة اعمالا لنص الفقرة المذكورة اقتران جناية القتل العمد باة جريمة اخرى وكان يبين من ذلك ان الحكم قد بين و اقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين بها و اورد على ثبوتها ادلة سائغة من شأنها ان تؤدي الى ما رتبه الحكم عليها كما ان اجراءات المحاكمة تمت وفق القانون وخلا حكمها من عيب مخالفة القانون و صدر من محكمة مشكلة طبقا للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى و لم يصدر بعد الواقعة قانون يصح ان يستفيد منه المحكوم عليه طبقا لما نصت عليه المادة (13) من قانون العقوبات الاتحادي رقم (3) لسنة 1987 فانه يتعين قبول عرض النيابة واقرار الحكم الصادر باعدام المحكوم عليه .
لذلـــــــــــــــــك
حكمت المحكمة في الطعن رقم 34 سنة 91 المقدم من المدعي العام التمييزي باقرار الحكم الصادر باعدام المحكوم عليه / -------------------- .
في الجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الموافق 7/3/1992
برئاسة الدكتور مصطفى كيره رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة جمال الدين محمود فهمي القاضي و الدكتور عبد الله محمد دفع الله و الدكتور علي ابراهيم الامام و عمر عثمان سعيد
موجز القاعدة
(1) الحكم "الحكم بالاعدام" ـ محكمة التمييز ـ سلطة محكمة التمييز في الحكم بالاعدام .
رقابة محكمة التمييز على كافة عناصر الحكم بالاعدام الموضوعية والشكلية طبقا للمادة 16/2 من قانون اصول المحاكمات الحقوقية و الجزائية لدى محكمة التمييز رقم (4) لسنة 1988 .
(2) قتل "نية القتل" ـ سلطة محكمة الموضوع في استخلاص النية .
نية القتل ـ ماهيتها ـ استخلاصها موكول الى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ـ مثال .
المبدأ القانوني
[1] حيث ان المادة 16/2 من قانون اصول المحاكمات الحقوقية و الجزائية لدى محكمة التمييز رقم 4 سنة 1988 تنص على ان احكام الاعدام تابعة للتمييز دون طلب من المحكوم عليه ومفاد ذلك ان وظيفة محكمة التمييز في شأن الاحكام الصادرة بالاعدام ذات طبيعة خاصة تقتضيها اعمال رقابتها على عناصر الحكم كافية موضوعية و شكلية.
[2] من المقرر ان قصد القتل امر خفـي لا يدرك بالحس الظاهر و انما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى و الامارات و المظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني و تنم عما يضمره في نفسه فان استخلاص هذا النية من عناصر الدعوى موكول الى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وكان الحكم قد دلل على توافر نية القتل بقوله "وحيث ان نية القتل قد توافرت في حق المتهم من تعدد الضربات التي اوقعها بالمجني عليه بطفاية السجائر و هي سليمة و بعد كسرها و التي زادت عن عشرين ضربة غالبيتها قاتلة اصابت الشرايين و ادت الى النزيف القاتل و انه لم يترك المجني عليه حتى تأكد من ازهاق روحه محققا قصده في الاجهاز عليه اما ما اثاره الدفاع بحق المتهم من ان الواقعة كانت مجرد مشاجرة فمردود عليه بان نية القتل لا تحتاج الى تفكير وتدبير سابق و انها من الممكن ان تكون وقتية و لحظية و تنم عنها ظروف الحادث والتي جاءت قاطعة على نحو لا يقبل أي شك في ان المتهم وهو يكيل الضربات و الطعنات الى المجني عليه انما كان قاصدا ازهاق روحه و آية ذلك تعدد الضربات و تخير مواقعها وموالاة الاعتداء على المجني عليه حتى تمام الاجهاز عليه" . وكان ما اورده الحكم تدليلا على ثبوت نية القتل لدى الطاعن سائغة وكافية لحمل قضائه و يتضمن ردا على ما اورد المحكوم عليه في لائحته الجوابية بانتفاء نية القتل لديه ، كما عرض الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لتهمة السرقة و اورد في مقام التدليل عليها بان دخل عيادة الطبيب المجني عليه يزيد في يوم الحادث عن ثلاثة آلاف درهم بشهادة الشاهدة مرسيما ابراهام التي كانت تعمل لديه و احصت ما دخله من اتعاب يوم الحادث وعدم العثور على هذه المبالغ العيادة و اطرح دفاع المتهم بانها مستحقاته لدى الشركة الت يكان يعمل بها قبل عمله لدى المجني عليه و انه سلمها الى المتهم الثالث / سايمون راكال نيابة عنه وهو ما نفاه شاهده المذكور امام النيابة و خلص الحكم الى ان المبلغ المضبوط و الذي يزيد عن سبعة آلاف درهم هو جزء من المبلغ المفقود من عيادة المجني عليه وكان الحكم قد اورد في اسبابه "ان المحكوم عليه اقر باقترافه جرم اضرام النار عمدا في العيادة و انه حرق بعض اجزاء العيادة و اشعل النار بها بنفس الولاعة التي سرقها من المجني عليه ووضع اوراق مشتعلة بجانب الجثة ثم اشعل النار في الحمام و البوتاجاز الموجود في المطبخ بقصد حرق كافة محتويات مسرح الجريمة لطمس معالمها وكانت حالة الدفاع الشرعي قد انتفت اذ الثابت في الدعوى من اقوال المحكوم عليه امام محكمة الجنايات انه تمكن من انتزاع طفاية السجائر من المجني عليه فصار اعزلا من أي آلة يستطيع الاعتداء بها فان ما وقع منه بعد انتزاع هذه الآلة من موالاة طعن المجني عليه حتى بلغت اصاباته سبعة عشر حسبما اورده تقرير الصفة التشريحية انما هو اعتداء معاقب عليه و لا يصح ـ في القانون ـ اعتباره دفاعا شرعيا ، لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع قد استخلصت قضاءها من مجموع الادلة و العناصر المطروحة امامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي اليه اقتناعها مادام استخلاصها سائغا مستندا الى ادلة مقبولة في العقل و المنطق ولها معين صحيح فان الحكم لا يكون معيبا اذ قضى باعدام المحكوم عليه طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 332 من قانون العقوبات .
حكم المحكمة
اصدرت الحكم التالي:
بعد الاطلاع على الاوراق و التدقيق و المداولة .
الوقــــــــــــــــــــــــائع
حيث ان النيابة العامة اقامت الدعوى الجزائية رقم 12 لينة 1989 ضد المتهم ------------- لانه في ليلة 3/11/1988 :
أولاً: قتل عمدا ------------------- بان ضربه بآله صلبة (طفاية سجائر) عدة ضربات قاصدا من ذلك قتله فاحدث به الاصابات الموضحة بتقرير الصفة التشريحية وقد اقترنت بهذه الجناية و ارتبطت بها جريمتين اخريين هما انه في الزمان و المكان سالفي الذكر (أ) اضرم النار عمدا في بناء (ب) سرق الساعة و القداحة ومبلغ النقود المملوك للمجني عليه وطلبت النيابة عقابه عملا بالمواد 332 ، 304 ، 388/1 من قانــــون العقوبات ، كمــا اسندت النيابة العامة الى المتهمين ---------------- ، و --------------- و --------------- و ------------ تهمة مساعدة متهم في جريمة قتل عقوبتها الاعدام على الفرار من وجه العدالة مع علمهم بذلك طبقا للمادة 286 من القانون المذكور ، سمـــعت محكمة اول درجة هذه الدعوى و حكــمت بتاريخ 22/12/1990 بادانة الـــــمتهم ------------------- بالاعدام عن جريمة العمد مع سبق الاصرار و الترصد لارتباطها بجريمة السرقة مع الزامه بدفع الدية الشرعية لورثة المجني عليه / --------------- و البالغة سبعين الف و اعادة المبلغ المضبوط لورثة المجني عليه ، كما قضت بادانة باقي المتهمين طبقا للمادة 274 من قانون العقوبات بالتهمة المعدل و صفها وحبس كل واحد منهم شهرين . استأنف ----------------- هذا الحكم بالاستئناف رقم 1178/90 جزاء كما استأنفت النيابة العامة هذا الحكم بالنسبة للمتهمين من الثانية الى المتهم الخامس بالاستئناف رقم 1164/90 جزاء ، كما طعن المتهمون من الثانية الى الخامسة في هذا الحكم بالاستئناف رقم 8 سنة 91 و بتاريخ 16/3/1991 حكمت محكمة الاستئناف في الاستئناف رقم 1178 سنة 1990 برده و في استئناف النيابة العامة رقم 1164 سنة 1990 بتأييد الحكم المستأنف فيما قضي به من حيث النتيجة وفي الاستئناف رقم 8 سنة 1991 برده و تأييد الحكم المستأنف فيما قضي به ، طعن المدعي العام التمييزي بالطعن رقم 4 سنة 1991 طبقا للمادة 16/2 من قانون اصول المحاكمات الحقوقية والجزائية لدى محكمة التمييز رقم 4 سنة 1988 طلب تأييد الحكم الاستئنافي.
وحيث ان المادة 16/2 من قانون اصول المحاكمات الحقوقية و الجزائية لدى محكمة التمييز رقم 4 سنة 1988 تنص على ان احكام الاعدام تابعة للتمييز دون طلب من المحكوم عليه ومفاد ذلك ان وظيفة محكمة التمييز في شأن الاحكام الصادرة بالاعدام ذات طبيعة خاصة تقتضيها اعمال رقابتها على عناصر الحكم كافية موضوعية و شكلية.
وحيث ان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه ساق على ثبوت الواقعة ـ على الصورة التي اعتنقتها المحكمة ـ في حق المحكوم عليه ادلة مستمدة من التحقيقات التي تمت فيها من اقراره بمحضر تحقيق النيابة بانه تسبب في وفاة المجني عليه و اورد في اقواله امام النيابة انه ضرب المجني عليه بقبضة يده اثناء محاولة تخليص قطعة زجاج من يده فوقع على الارض بدون حراك ، و انه ركله فوقع على الارض مرة ثانية و حاول النهوض من مكانه ، كما قرر في اقواله انه اشعل البوتاجاز و اشعل النار في الاوراق الموجودة و ترك الغاز مشتعلا و القى الاوراق في الحمام و هي مشتعلة و اضاف الى ذلك انه اشعل النار بواسطة الولاعة في الاوراق التي سقطت منه فوق جثة الطبيب و قرر المتهم في اقواله امام محكمة اول درجة انه تضارب مع المجني عليه و انه ضربه بقبضة يده في وجهه و عندما نهض المجني عليه مرة ثانية ضربه مرة ثانية ، كما اقر ابنه اشعل البوتاجاز و الاوراق ، وكذلك ما قرره بمحضر جلسة محكمة الاستئناف و قرر النقيب ----------- امام محكمة الجنايات الكبرى ان المتهم قام تلقائيا بتمثيل الجريمة من تلقاء نفسه . وكان الحكم الابتدائي قد اورد في اسبابه ام مبلغ سبعة آلاف درهم الني ضبطت في حوزة المتهم هي جزء من المبلغ المفقود من عيادة الطبيب المجني عليه و ان المتهم اقر بانه بعد ان تأكد من وفاة المجني عليه اضرم النار عمدا في العيادة و اشعل النار في الحمام و البوتاجاز الموجود في المطبخ بقصد حرق كافة محتويات مـــسرح الجريمة لطمس معالمها و ايد خبير الحرائق في المختبر الجنائي و المهندس / --------------- ان الحريق كان مفتعلا و حصل بفعل فاعل كما ثبت من التقرير الطبي الشرعي ان المجني عليه قد تعرض للضرب بآلة صلبة راضة عدة مرات متتالية احدثت به ارتجاجا في المخ مع جروح نزفية شديدة مما سبب نزيفا شديدا ادى الى قصور في الدورة الدموية العامة و بالتالي الدورة الدموية للمخ مما سبب توقف مراكز المخ و الهبوط العام مما تسبب في الصدمة العلوية القاتلة كما تبين من هذا التقرير انه وجدت به سبع عشر اصابة منها جرحان قطعيان في منتصف فروة الرأس احدهما مستعرض يبلغ من الطول حوالي (6 سم) و الاخر عمودي على منتصفه من الخلف و يبلغ في الطول حوالي (3 سم) وجرح قطعي يبلغ طوله (6 سم) يبدأ من منتصف اعلى الجبهة ، كما اوضح الطبيب الشرعي امام محكمة اول درجة ان الاصابات الرضية من الممكن ان تحدث من الطفاية المستعملة في الحادث قبل كسرها و ان الجروح القطعية هي التي احدثت نزفا شديدا الى الى الوفاة كما وجدت بجسمه عدة حروق كما ثبت من تقرير معاينة الحريق ان هناك ثلاثة اماكن للحريق هي المطبخ و حجرة الكشف ودورة المياه الرئيسية و ان الحريق حدث نتيجة تدخل ارادي بايصال مصدر حراري ذو لهب مباشر في توقيت زمني متقارب لعدة مناطق منفصلة عن بعضها ، وكان من المقرر ان قصد القتل امر خفـي لا يدرك بالحس الظاهر و انما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى و الامارات و المظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني و تنم عما يضمره في نفسه فان استخلاص هذا النية من عناصر الدعوى موكول الى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وكان الحكم قد دلل على توافر نية القتل بقوله "وحيث ان نية القتل قد توافرت في حق المتهم من تعدد الضربات التي اوقعها بالمجني عليه بطفاية السجائر و هي سليمة و بعد كسرها و التي زادت عن عشرين ضربة غالبيتها قاتلة اصابت الشرايين و ادت الى النزيف القاتل و انه لم يترك المجني عليه حتى تأكد من ازهاق روحه محققا قصده في الاجهاز عليه اما ما اثاره الدفاع بحق المتهم من ان الواقعة كانت مجرد مشاجرة فمردود عليه بان نية القتل لا تحتاج الى تفكير وتدبير سابق و انها من الممكن ان تكون وقتية و لحظية و تنم عنها ظروف الحادث والتي جاءت قاطعة على نحو لا يقبل أي شك في ان المتهم وهو يكيل الضربات و الطعنات الى المجني عليه انما كان قاصدا ازهاق روحه و آية ذلك تعدد الضربات و تخير مواقعها وموالاة الاعتداء على المجني عليه حتى تمام الاجهاز عليه" . وكان ما اورده الحكم تدليلا على ثبوت نية القتل لدى الطاعن سائغة وكافية لحمل قضائه و يتضمن ردا على ما اورد المحكوم عليه في لائحته الجوابية بانتفاء نية القتل لديه ، كما عرض الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لتهمة السرقة و اورد في مقام التدليل عليها بان دخل عيادة الطبيب المجني عليه يزيد في يوم الحادث عن ثلاثة آلاف درهم بشهادة الشاهدة ------------- التي كانت تعمل لديه و احصت ما ادخله من اتعاب يوم الحادث وعدم العثور على هذه المبالغ العيادة و اطرح دفاع المتهم بانها مستحقاته لدى الشركة الت يكان يعمل بها قبل عمله لدى المجني عليه و انه سلمها الى المتهم الثالث / --------- نيابة عنه وهو ما نفاه شاهده المذكور امام النيابة و خلص الحكم الى ان المبلغ المضبوط و الذي يزيد عن سبعة آلاف درهم هو جزء من المبلغ المفقود من عيادة المجني عليه وكان الحكم قد اورد في اسبابه "ان المحكوم عليه اقر باقترافه جرم اضرام النار عمدا في العيادة و انه حرق بعض اجزاء العيادة و اشعل النار بها بنفس الولاعة التي سرقها من المجني عليه ووضع اوراق مشتعلة بجانب الجثة ثم اشعل النار في الحمام و البوتاجاز الموجود في المطبخ بقصد حرق كافة محتويات مسرح الجريمة لطمس معالمها وكانت حالة الدفاع الشرعي قد انتفت اذ الثابت في الدعوى من اقوال المحكوم عليه امام محكمة الجنايات انه تمكن من انتزاع طفاية السجائر من المجني عليه فصار اعزلا من أي آلة يستطيع الاعتداء بها فان ما وقع منه بعد انتزاع هذه الآلة من موالاة طعن المجني عليه حتى بلغت اصاباته سبعة عشر حسبما اورده تقرير الصفة التشريحية انما هو اعتداء معاقب عليه و لا يصح ـ في القانون ـ اعتباره دفاعا شرعيا ، لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع قد استخلصت قضاءها من مجموع الادلة و العناصر المطروحة امامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي اليه اقتناعها مادام استخلاصها سائغا مستندا الى ادلة مقبولة في العقل و المنطق ولها معين صحيح فان الحكم لا يكون معيبا اذ قضى باعدام المحكوم عليه طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 332 من قانون العقوبات اذ يكفي لتوقيع هذه العقوبة اعمالا لنص الفقرة المذكورة اقتران جناية القتل العمد باة جريمة اخرى وكان يبين من ذلك ان الحكم قد بين و اقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين بها و اورد على ثبوتها ادلة سائغة من شأنها ان تؤدي الى ما رتبه الحكم عليها كما ان اجراءات المحاكمة تمت وفق القانون وخلا حكمها من عيب مخالفة القانون و صدر من محكمة مشكلة طبقا للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى و لم يصدر بعد الواقعة قانون يصح ان يستفيد منه المحكوم عليه طبقا لما نصت عليه المادة (13) من قانون العقوبات الاتحادي رقم (3) لسنة 1987 فانه يتعين قبول عرض النيابة واقرار الحكم الصادر باعدام المحكوم عليه .
لذلـــــــــــــــــك
حكمت المحكمة في الطعن رقم 34 سنة 91 المقدم من المدعي العام التمييزي باقرار الحكم الصادر باعدام المحكوم عليه / -------------------- .