المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أيها المسلمون قليلاً من التواضع


mariam alkaabi
12-06-2010, 08:44 AM
أيها المسلمون قليلاً من التواضع

عندما كانعبدالكلام رئيساً للهند زار دولة خليجية، وكان ضمن برنامجه أن يزور إحدى الكليات ويلقي كلمة لأساتذتها وطلبتها وجمهور من الحاضرين، وأثناء وقوفه أمام المنصة، قال للجمهور الغفير الذي كان ينتظر كلمته: اسمحوا لي بدقيقة أسلّم فيها على صديق لم أره منذ فترة، وقد رأيته الآن بينكم، ثم نزل من على المنصة واتجه إلى باب القاعة حيث كان يقف حارس الأمن الهندي في تلك الكلية، واحتضنه وسلم عليه وتبادل معه بعض الكلمات، ثم عاد إلى المنصة وألقى كلمته.


وبعد أن غادر موكب الرئيس هرع المسؤولون في الكلية إلى ذلك الحارس يسألونه عن علاقته بالرئيس، فقال لهم: إن الرئيس رجل متواضع ومحترم، ولم يقل لكم طبيعة عملي معه، فأنا لست سوى السائق الذي كان يعمل عنده قبل أن يصبح رئيساً!!

ولمن لا يعرف هذا الرئيس «المتواضع»، فهو أبوالقنبلة النووية الهندية، وصانع مجد الهند الحديثة، وهو الذي وضعها على طريق استخدام الطاقة النووية حيث كان يسمى «الرجل الصاروخ»، لأنه كان الأب الروحي لبرنامج الهند الصاروخي، قبل أن ينتقل إلى مجال الطاقة النووية، وله شعبية واسعة بين الهنود بمختلف أديانهم وأعراقهم

فقد كان يحترم كافة طوائف شعبه، وقد لقبه الهنود بـ «رئيس الشعب»، وهو حاصل على الدكتوراه في الهندسة التكنولوجية، وحاصل كذلك على 30 شهادة دكتوراه فخرية من أرقى جامعات العالم تقديرا لجهوده ومكانته العلمية، كما أنه حاصل على عدد من مراتب الشرف، وتولى رئاسة الهند عام 2002 حتى عام 2007، ومن كلماته: «ما لم نكن أحراراً فلن يحترمنا أحد»!

أردت بهذا أن أُبَيِّنَ مكانة الرجل العلمية والسياسية، هذه المكانة التي لو توافر ربعُها لأحدهم لوضع نفسه بين السماء والأرض!! لكن الرجل لم يكن من هؤلاء؛ فقد ترك الرئاسة بعد انتهاء ولايته وترك أبحاثه بعد أن أدى رسالته، ونسي الناس حياته الشخصية، لكنهم لم ينسوا ذلك الموقف المتواضع؛ فكم من الناس يملك تلك الصفة.. بل كم مسؤولا تواضع أمام من هو مسؤول عنهم؟!

إننا نتحدث كثيرا عن مواقف في تاريخنا لكننا لا نجد لها تطبيقا في حياتنا، ولذا فهي ليست سوى «ترف فكري» ومعلومات عامة مثلها مثل معلوماتنا عن أطول أنهار العالم، أو عن جنكيزخان، أو عن أول من صنع المصباح، أما الممارسة العملية لتلك القيم والمبادئ فلا مقام لها في حياتنا إلا قليلا منها، ليس مهماً أن نحفظ نصوصا مقدسة، أو نتذكر مواقف تاريخية لأبطال وزعماء، بل المهم أن يكون لذلك تأثير في حياتنا فالتواضع ليس سمة أخلاقية نظرية، بل هو ممارسة عملية.

إن الناظر حوله في مجتمعاتنا يجد صورا كثيرة من «اللاتواضع»، أو -بتعبير آخر- من التكبر والتعالي على الآخرين، ويمكن ملاحظة ذلك مع كثير ممن يتولون مسؤوليات يترفعون بها عمن هم دونهم من العاملين معهم أو من غيرهم من الناس، بل ربما ترفع بها عن أصدقائه وأقاربه، فلا يتعامل معهم إلا برؤية متعالية، يحقّر من تصرفاتهم ويستهزئ بآرائهم، ويسخر من صورهم وأشكالهم، وما إن يترك موقعه إلا ويذهب يستجدى التواضع منهم!!

ولعل الوفرة المالية من أسباب ذلك «اللاتواضع»، إذ إن تملُّك المال يدفع البعض إلى الشعور بالقدرة على تملك كل شيء: العلم والمعرفة والمكانة الاجتماعية، ولذا فهم ليسوا بحاجة للآخرين، بل الآخرين بحاجة إليهم، فلماذا يتواضعون لهم؟!

وصدق الله العظيم حين قال «كَلّا إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى، أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى».

فئة أخرى يدفعها إلى «اللاتواضع» حصولها على قدر من العلم في جانب تخصصي معين، أتذكر أستاذا جامعيا كان يقول: إن أَعلمَ من هم في تخصصي ثلاثة، ثم يكرر اسمه ثلاث مرات!!

ويبدو أن هذا الأستاذ لم يمر عليه قول الشاعر العربي:


(وقل لمن يدعي في العلم فلسفة، حفظت شيئا وغابت عنك أشياء)،


فالعلم -كما المال- يغري بالتكبر إذا لم يردع صاحبه وازع يمنعه من ذلك.

إن التاريخ مليء بصور التكبر الذي يلازمه الطغيان في معظم الأحيان، وليس شرطا أن يكون المتكبر أو الطاغية حاكما، أو مسؤولا، أو زعيما، بل قد يكون ذلك التكبر في الأب مع أسرته، أو رب العمل مع عماله، أو المسؤول مع موظفيه، أو المواطن مع الأجنبي، أو غير ذلك من صور «اللاتواضع»،

لكن أسوأ تلك الصور حين يأتي «اللاتواضع» ممن هو في موطن التوجيه والنصح والإرشاد، فما زال يمر أمامي مشهد منذ سنوات في أحد المؤتمرات، حين طلب أحد الباحثين من رجل له مكانة مرموقة عند الناس، كان مشاركا في المؤتمر، أن يرافقه في سيارته المخصصة له، حتى يستطيع ذلك الباحث أن يلحق بالجلسة الأولى ليقدم ورقته البحثية،

فأشار إليه «صاحب المكانة» أن يتحدث مع مساعده، وحين اتجه ذلك الباحث إلى المساعد، كان «صاحب المكانة» يشير من خلفه إلى المساعد بأن لا يوافق!

في المساء كان «صاحب المكانة» يلقي علينا محاضرة في المؤتمر عن حقوق الإنسان واحترامه وعن المساواة والتواضع بين الناس، ولسان حال الحاضرين يقول: نرجوك أن تطبق شيئا من التواضع.




م/ن




أجمل التحية

عقد القانون
12-06-2010, 09:40 AM
سبحان الله ..

تسلمين حبوبه ع هذا النقل الرائع ..

بارك الله فيج وسلمت يداج..

محمد ابراهيم البادي
12-06-2010, 12:20 PM
نقل جميل لخبر رائع

بارك الله فيك مريم

بنوته قانونيه
12-19-2010, 11:46 PM
الصراحه موضوع روعه

وتواضعه فيه معنى كبير

الف شكر ع الطرح

دبلومآسية
12-20-2010, 12:50 AM
يقول الشاعر : إن التواضع شيمة الكرماء من لم يقدره فليس بفاطن

تسلمين حبوبه ع الطرح الجميل
ولا تحرمينا من مواضيعج الطيبه

تحياتي لج :~
دبلوماسية

مريم الشمري
12-20-2010, 06:27 AM
تسلمين اختي على هالنقل الجميل والرائع

The Prince
12-20-2010, 10:15 PM
ليس غريب على الدكتور أبو بكر زين العابدين عبد الكلام المشهور باسم عبد الكلام فهو إنسان ذو أخلاق عاليه قبل لا يكون
رئيس للهند
وعبد الكلام يا أخواني مسلم :) فليس بغريب سلوك المسلم بأن يكون متواضع هكذا هي ( الوسطيه ) بالدين والدنيا
أشكرج أختي على ها المواضيع القيمه كثري منها بارك الله فيج

وكيلة النيابة
12-23-2010, 03:50 PM
ماشاء الله مووضوووع فيه نوع من حسن الاختيار ..
ويلمس واقع عملي منتشر في وقتنا الحالي ,,
جزاك الله خيرا ,,
ولاتحرمينا من مواضيعج الشيقة ..

طالبة الجنان
01-21-2011, 10:47 PM
قول الشاعر العربي:


(وقل لمن يدعي في العلم فلسفة، حفظت شيئا وغابت عنك أشياء)

طرح قيم بوركتِ أختاه على ما قدمتِ

فيصل الحمادي
01-25-2011, 07:05 PM
الله رووووووووووووعة
الموضوع