سعيد مرزوق
11-27-2010, 02:08 AM
منهجية التعليق على حكم أو قرار قضائي
من بين الدراسات التطبيقية في القانون، يمثل التعليق على الأحكام أو القراراتالقضائية أهمّها على الإطلاق. ذلك أن إتقان التعليق على حكم أو قرار قضائي يفترضالإلمام الجيد بالمعارف النظرية والمتعلقة بموضوع التعليق واستيعاب معطيات المنهجيةالقانونية التي تسمح بتقييم الحكم أو القرار.
المقصودبالتعليق عل حكم أو قرار قضائي:
كلّ نزاع يعرض على الجهات القضائية يتعلقبمسألة معينة،إذن كلّ حكم أو قرار يصدر من جهة قضائية يؤدّي إلى تحليل مسألةقانونية. إذن التعليق على حكم أو قرار قضائي هو: مناقشة أو تحليل تطبيقي لمسألةقانونية نظرية" تلقاها الطالب في المحاضرة".
والتالي فإن منهجية التعليق علىقرار أو حكم قضائي هي دراسة نظرية و تطبيقية في آن واحد لمسألة قانونية معينة، إذأن القرار أو الحكم القضائي هو عبارة عن بناء منطقي، فجوهر عمل القاضي يتمثل فيإجراء قياس منطقي بين مضمون القاعدة القانونية التي تحكم النزاع، وبين العناصرالواقعية لهذا النزاع، و هو ما يفضي إلى نتيجة معينة، هي الحكم الذي يتم ّ صياغتهفي منطوق الحكم.
من ثمّ فإن المطلوب من الباحث في أثناء التعليقعلى القرار، ليس العمل على إيجاد حلّ للمشكل القانوني باعتبار أن القضاء قد بت فيه،و لكنه مناسبة للتأمل و محاولة لفهم الإتجاه الذي ذهب إليه القضاء، هذا من ناحيةأخرى، و من ناحية أخرى فالمطلوب هو التعليق على قرار لا دراسة قرار بشكل يتجاهلكليا موضوع الدعوى المعروضة، لذلك لا يجوز الغوص في بحث نظري للموضوع الذي تناولهذلك القرار. فليس المطلوب هو بحث قانوني في موضوع معين، و إنما التعليق على قراريتناول مسألة قانونية معينة.
و لكي يكون التعليق على قرار سليما، يجب أن يكونالباحث "المعِلّق" ملمّا أساسا بالنصوص القانونية التي تحكم النزاع، و أيضا بالفقهقديمه و حديثه الذي تعرّض للمسألة، وكذا بالإجتهاد الذي تناول هذه المسألة وبالمراحل التاريخية التي مرّ بها تطوّره توصّلا إلى الموقف الأخير في الموضوع و منثمّ بيان انعكاسات ذلك الحلّ من الوجهة القانونية.
إن أول ما يتطلبه التعليق هو قراءة القرار أوالحكم عدة مرات دون تدوين أيّ شيء، و يجب دراسة كلّ كلمة وردت في القرار لأنه منالصعب التعليق على قرار غير مفهوم، لأن المهمة سوف تكون معالجة العناصر و الجهاتالمختلفة للقرار موضوع التعليق في الشكل و الأساس وَوِفق منهجية رسومة مسبقا لحالاتالتعليق، فلا يترك من القرار ناحية عالجها إلاّ و يقتضي التعرّض لها في التعليقبإعطاء حكم تقييمي للقرار ككلّ، و في كل النقاط القانونيةعالجها.
منهجية التعليق علىقرار:
يتطلب التعليق مرحلتين: المرحلة التحضيرية و المرحلةالتحريرية.
1-المرحلة التحضيرية:
في هذهالمرحلة يستخرج الطالب من القرار قائمة، يقصد منها إبراز جوهر عمل القاضي وصولا إلىالحكم أو القرار الذي توصل إليه. و تحتوي هذه القائمة بالترتيب على:
1-الوقائع: أي كلّ الأحداث التي أدّت إلى نشوء النزاع :تصرفقانوني "بيع"، أقوال "وعد"، أفعال مادية "ضرب".و يشترط:
*ألاّ يستخرج الباحثإلاّ الوقائع التي تهمّ في حلّ النزاع، فمثلا إذا باع "أ" ل"ب" سيارة، و قام "أ" بضرب "ب" دون إحداث ضرر، و نشب نزاع بينهما حول تنفيذ العقد، فالقرار يعالجالمسؤولية العقدية نتيجة عدم تنفيذ التزام إذن لا داعي لذكر الضرب لأن المسؤوليةالتقصيرية لم تطرح.
و إن كان يجب عدم تجاهل -عند القراءة المتأنّية- أيّ واقعةلأنه في عمليّة فرز الوقائع، قد يقع المعلّق على واقعة قد تكون جوهرية، و من شأنهاأن تؤثر في الحلّ الذي وضعه القاضي إيجابا أو سلبا.
*لابدّ من استخراج الوقائعمتسلسلة تسلسلا زمنيّا حسب وقوعها، ومرتبة في شكل نقاط.
*الإبتعاد عن افتراضوقائع لم تذكر في القرار.
2-الإجراءات:
هي مختلف المراحل القضائية التي مرّ بها النزاععبر درجات التقاضي إلى غاية صدور القرار محلّ التعليق. فإذا كان التعليق يتناولقرارا صادرا عن مجلس قضائي، يجب الإشارة إلى الحكم الصادر عن المحكمة الإبتدائية، والذي كان موضوعا للطعن بالإستئناف أمام المجلس القضائي، و إذا كان القرار موضوعالتعليق صادرا عن المحكمة العليا، يصبح جوهريا إبراز مراحل عرض النزاع على المحكمةو المجلس القضائي.
لكن و بفرض أن محلّ التعليق هو حكم محكمة ، فقد تكون لبعضالمراحل الإجرائية في الدعوى أهميتها في تحديد معنى الحك، مثلا: يجدر بالمعلِّقالإشارة إلى الخبرة، إذا تمتّ إحالة الدعوى إلى الخبرة.
3- الإدّعاءات:
و هي مزاعم و طلبات أطراف النزاع التي استندواعليها للمطالبة بحقوقهم.
يجب أن تكون الإدّعاءات مرتّبة، مع شرح الأسانيدالقانونية، أي ذكر النص القانوني الذي اعتمدوا عليه، ولا يجوز الإكتفاء بذكر "سوءتطبيق القانون"، أو "مخالفة القانون".
فالبناء كلّه يعتمد على الإدّعاءات، و ذلكبهدف تكييفها و تحديد الأحكام القانونية التي تطبق عليها، أي أن الأحكام و القراراتلابدّ أن تستند إلى ادّعاءات الخصوم. والإدّعاءات يمكن التعرف عليها من خلال عبارات "عن الوجه الأوّل"، أو استنباطها من عبارات "حيث يؤخذ على القرار"، "حيث يعاب علىالقرار"،" حيث ينعى على القرار" .
4-المشكل القانوني: و هو السؤال الذي يتبادرإلى ذهن القاضي عند الفصل في النزاع، لأنّ تضارب الإدّعاءات يثير مشكلا قانونيّايقوم القاضي بحلّه في أواخر حيثيات القرار، قبل وضعه في منطوق الحكم. إذن المشكلالقانوني لا يظهر في القرار و إنّما يستنبط من الإدّعاءات و من الحلّ القانوني الذيتوصّل إليه القاضي.
ومن شروط طرح المشكل القانوني:
-لابدّ أن يطرحفي شكل سؤال أو عدّة أسئلة، أي سؤال رئيسي و أسئلة فرعية.
-أن يطرح بأسلوبقانوني، فعوض هل يحق ل "أ" أن يبيع عقاره عرفيّا؟ يطرح السؤال : هل الرسمية ركن فيانعقاد البيع العقاري؟
-إعادة طرح الإشكال طرحا تطبيقيّا: فمثلا الطرح النظري هوهل التدليس عيب في العقد، و الطرح التطبيقي هل تعتبر المعلومات الخاطئة التي أدلىبها "أ" ل "ب" بخصوص جودة المبيع حيلة تدليسّية تؤدّي إلى قابليّة العقدللإبطال؟
-ألاّ يٌستشكل مالا مشكلة فيه: فعلى المعلّق أن يبحث عن المشكلالقانوني الذي يوصله إلى حلّ النزاع أمّا المسائل التي لم يتنازع عليها الأطراف،فلا تطرح كمشكل قانونيّ. فمثلا إذا تبين من وقائع القرار أنّه تمّ عقد بيع عقارعرفيّا، ثمّ وقع نزاع حول صحّة العقد، فلا داعي للتساؤل: هل البيع الذي تمّ بين "أ" و "ب" هو عقد عرفي لأنّ هذا ثابت من الوقائع ولا إشكال فيه.
-بقدر ما يطرحالإشكال بطريقة صحيحة بقدر ما يٌوفَّق المعلّق في تحليل المسألة القانونيّةالمعروضة من خلال الحكم أو القرار القضائي.
إذن المرحلةالتحضيرية هي عبارة عن عمل وصفي من قبل المعلّق و عليه أن يتوخّى في شأنه الدّقةعلى اعتبار أنّ تحليلاته اللاّحقة، سوف تنبني على ما استخلصه في هذهالمرحلة.
2- المرحلة التحريرية:
تقتضي هذه المرحلة وضع خطّة لدراسة المسألةالقانونية و الإجابة عن الإشكال القانوني الذي يطرحه القرار ثمّ مناقشتها .و يشترطفي هذه الخطّة:
- أن تكون خطّة مصمّمة في شكل مقدّمة، صلب موضوع يحتوي علىمباحث و مطالب و خاتمة.
-أن تكون خطة تطبيقيّة، أي تتعلّق بالقضيّة و أطرافالنّزاع من خلال العناوين. فعلى المعلّق تجنّب الخطة النظرية، كما عليه تجنب الخطةالمكونة من مبحث نظري و مبحث تطبيقي لأن هذه الخطة، ستؤدّي حتما إلى تكرارالمعلومات.
-أن تكون خطة دقيقة، فمن الأحسن تجنّب العناوين العامة.
-أن تكونخطة متوازنة و متسلسلة تسلسلا منطقيا بحيث تكون العناوين من حيث مضمونها متتابعةوفقا لتتابع وقائع القضية، فتظهر بذلك بداية القضية في بداية الخطّة، كما تنتهيالقضية بنهاية الخطة.
-أن توضع خطة تجيب على المشكل القانوني المطروح، فإذا كانممكنا يتمّ استخراج اشكاليتين قانونيتين، و تعالج كل واحدة منهما في مبحث، و هيالخطة المثالية في معالجة أغلب المسائل القانونية المطروحة من خلال الأحكام والقرارات القضائيّة.
بعدما يضع المعلّق الخطّة بكّل عناوينها، يبدأ منخلالها في مناقشة المسألة القانونية التي يتعلّق بها الحكم أو القرار القضائي محلّالتعليق ابتداء بالمقدمة مرورا بصلب الموضوع، إلى أن يصل إلىالخاتمة.
المقدمة :
في المقدمة، يبدأ المعلّق بعرض موضوع المسألةالقانونية محلّ التعليق في جملة وجيزة، بعدها يلخص قضية الحكم أو القرار فقرةمتماسكة، يسرد فيها بإيجاز كلّ من الوقائع و الإجراءات والإدّعاءات منتهيا بطرحالمشكل القانوني بصفة مختصرة تعتبر كمدخل إلى صلب الموضوع . فالإنطلاق من المحكمةمصدرة القرار مثلا له أهميّة قصوى، اذ يمكّن الباحث من المقارنة في التحليل بينقضاة عدّة محاكم لمعرفة الإتجاه الغالب بالنسبة للإجتهاد القضائي. أمّا إذا كانالقرار صادرا من المحكمة العليا، فيمكن مقارنته مع غيره من القرارات الصادرة منالمحكمة العليا. كما أن ذكر تاريخ صدور القرار له أهمية لمعرفة ما إذا كان قد وقعهناك تحوّل للإجتهادات السابقة، أم وقع تفسير جديد لقاعدة قانونية معينة، أم تمّاللجوء إلى قاعدة قانونية أخرى ....إلخ
الموضوع:
في صلب الموضوع يقوم المعلق في كلّ نقطة من نقاطالخطّة "عنوان" بمناقشة جزء من المسألة القانونية المطلوب دراستها، مناقشة نظرية وتطبيقية مع إعطاء رأيه في الحلّ القانوني النزاع. فالدراسة تكون موضوعية وشخصية.
أولا: الدراسة الموضوعية:
نشيرفي هذه الدراسة إلى:
- موقف هذا الحل بالنسبة للنصوص القانونية، هل استندإلى نصّ قانوني؟ هل هذا النص واضح أم غامض؟ كيف تمّ تفسيره؟ ووفق أيّاتجاه؟
-موقف الحلّ بالنسبة للفقه، ماهي الآراء الفقهية بالنسبة لهذه المسألة،ما هو الرأي الذي اعتمده القرار - موقف هذا الحّل بالنسبة للإجتهاد، هل يتوافق معالإجتهاد السابق ،أم يطوّره أم أنه يشكّل نقطة تحوّل بالنسبة له؟
و بالتالي يجبعلى المعلّق الإستعانة بالمعلومات النظرية المتعلّقة بالمسألة القانونية محلّالتعليق، ثمّ الرجوع في كلّ مرّة إلى حيثيات الحكم أو القرار محلّ التعليق لتطبيقتلك المعلومات على القضية المطروحة .
ثانيا: دراسةشخصية:
من خلال إعطاء حكم تقييمي للحلّ الذي جاء به القرار. و هل يرىالمعلق بأن هناك حكم أفضل له نفس محاسن الحلّ المعطى، دون أن تكون لهسيئاته.
الخاتمة:
وفي الخاتمة يخرج الباحث بنتيجة مفادها أنّالمشكل القانوني الذي يطرحه الحكم أو القرار القضائي محلّ التعليق يتعلّق بمسألةقانونية معينة لها حلّ قانوني معيّن يذكره المعلّق معالجا بذلك الحلّ الذي توصلإليه القضاة إمّا بالإيجاب أي بموافقته مع عرض البديل، وبهذا يختم المعلّق تعليقهعلى القرار.
ملاحظه: المرفق أدناه يوجد بهِ أيضاً شرح بطريقة أخرى لكيفية التعليق على الأحكام ، وأيضاً نموذج لحكم تم التعليق عليهِ من جامعة الشارقة.
من بين الدراسات التطبيقية في القانون، يمثل التعليق على الأحكام أو القراراتالقضائية أهمّها على الإطلاق. ذلك أن إتقان التعليق على حكم أو قرار قضائي يفترضالإلمام الجيد بالمعارف النظرية والمتعلقة بموضوع التعليق واستيعاب معطيات المنهجيةالقانونية التي تسمح بتقييم الحكم أو القرار.
المقصودبالتعليق عل حكم أو قرار قضائي:
كلّ نزاع يعرض على الجهات القضائية يتعلقبمسألة معينة،إذن كلّ حكم أو قرار يصدر من جهة قضائية يؤدّي إلى تحليل مسألةقانونية. إذن التعليق على حكم أو قرار قضائي هو: مناقشة أو تحليل تطبيقي لمسألةقانونية نظرية" تلقاها الطالب في المحاضرة".
والتالي فإن منهجية التعليق علىقرار أو حكم قضائي هي دراسة نظرية و تطبيقية في آن واحد لمسألة قانونية معينة، إذأن القرار أو الحكم القضائي هو عبارة عن بناء منطقي، فجوهر عمل القاضي يتمثل فيإجراء قياس منطقي بين مضمون القاعدة القانونية التي تحكم النزاع، وبين العناصرالواقعية لهذا النزاع، و هو ما يفضي إلى نتيجة معينة، هي الحكم الذي يتم ّ صياغتهفي منطوق الحكم.
من ثمّ فإن المطلوب من الباحث في أثناء التعليقعلى القرار، ليس العمل على إيجاد حلّ للمشكل القانوني باعتبار أن القضاء قد بت فيه،و لكنه مناسبة للتأمل و محاولة لفهم الإتجاه الذي ذهب إليه القضاء، هذا من ناحيةأخرى، و من ناحية أخرى فالمطلوب هو التعليق على قرار لا دراسة قرار بشكل يتجاهلكليا موضوع الدعوى المعروضة، لذلك لا يجوز الغوص في بحث نظري للموضوع الذي تناولهذلك القرار. فليس المطلوب هو بحث قانوني في موضوع معين، و إنما التعليق على قراريتناول مسألة قانونية معينة.
و لكي يكون التعليق على قرار سليما، يجب أن يكونالباحث "المعِلّق" ملمّا أساسا بالنصوص القانونية التي تحكم النزاع، و أيضا بالفقهقديمه و حديثه الذي تعرّض للمسألة، وكذا بالإجتهاد الذي تناول هذه المسألة وبالمراحل التاريخية التي مرّ بها تطوّره توصّلا إلى الموقف الأخير في الموضوع و منثمّ بيان انعكاسات ذلك الحلّ من الوجهة القانونية.
إن أول ما يتطلبه التعليق هو قراءة القرار أوالحكم عدة مرات دون تدوين أيّ شيء، و يجب دراسة كلّ كلمة وردت في القرار لأنه منالصعب التعليق على قرار غير مفهوم، لأن المهمة سوف تكون معالجة العناصر و الجهاتالمختلفة للقرار موضوع التعليق في الشكل و الأساس وَوِفق منهجية رسومة مسبقا لحالاتالتعليق، فلا يترك من القرار ناحية عالجها إلاّ و يقتضي التعرّض لها في التعليقبإعطاء حكم تقييمي للقرار ككلّ، و في كل النقاط القانونيةعالجها.
منهجية التعليق علىقرار:
يتطلب التعليق مرحلتين: المرحلة التحضيرية و المرحلةالتحريرية.
1-المرحلة التحضيرية:
في هذهالمرحلة يستخرج الطالب من القرار قائمة، يقصد منها إبراز جوهر عمل القاضي وصولا إلىالحكم أو القرار الذي توصل إليه. و تحتوي هذه القائمة بالترتيب على:
1-الوقائع: أي كلّ الأحداث التي أدّت إلى نشوء النزاع :تصرفقانوني "بيع"، أقوال "وعد"، أفعال مادية "ضرب".و يشترط:
*ألاّ يستخرج الباحثإلاّ الوقائع التي تهمّ في حلّ النزاع، فمثلا إذا باع "أ" ل"ب" سيارة، و قام "أ" بضرب "ب" دون إحداث ضرر، و نشب نزاع بينهما حول تنفيذ العقد، فالقرار يعالجالمسؤولية العقدية نتيجة عدم تنفيذ التزام إذن لا داعي لذكر الضرب لأن المسؤوليةالتقصيرية لم تطرح.
و إن كان يجب عدم تجاهل -عند القراءة المتأنّية- أيّ واقعةلأنه في عمليّة فرز الوقائع، قد يقع المعلّق على واقعة قد تكون جوهرية، و من شأنهاأن تؤثر في الحلّ الذي وضعه القاضي إيجابا أو سلبا.
*لابدّ من استخراج الوقائعمتسلسلة تسلسلا زمنيّا حسب وقوعها، ومرتبة في شكل نقاط.
*الإبتعاد عن افتراضوقائع لم تذكر في القرار.
2-الإجراءات:
هي مختلف المراحل القضائية التي مرّ بها النزاععبر درجات التقاضي إلى غاية صدور القرار محلّ التعليق. فإذا كان التعليق يتناولقرارا صادرا عن مجلس قضائي، يجب الإشارة إلى الحكم الصادر عن المحكمة الإبتدائية، والذي كان موضوعا للطعن بالإستئناف أمام المجلس القضائي، و إذا كان القرار موضوعالتعليق صادرا عن المحكمة العليا، يصبح جوهريا إبراز مراحل عرض النزاع على المحكمةو المجلس القضائي.
لكن و بفرض أن محلّ التعليق هو حكم محكمة ، فقد تكون لبعضالمراحل الإجرائية في الدعوى أهميتها في تحديد معنى الحك، مثلا: يجدر بالمعلِّقالإشارة إلى الخبرة، إذا تمتّ إحالة الدعوى إلى الخبرة.
3- الإدّعاءات:
و هي مزاعم و طلبات أطراف النزاع التي استندواعليها للمطالبة بحقوقهم.
يجب أن تكون الإدّعاءات مرتّبة، مع شرح الأسانيدالقانونية، أي ذكر النص القانوني الذي اعتمدوا عليه، ولا يجوز الإكتفاء بذكر "سوءتطبيق القانون"، أو "مخالفة القانون".
فالبناء كلّه يعتمد على الإدّعاءات، و ذلكبهدف تكييفها و تحديد الأحكام القانونية التي تطبق عليها، أي أن الأحكام و القراراتلابدّ أن تستند إلى ادّعاءات الخصوم. والإدّعاءات يمكن التعرف عليها من خلال عبارات "عن الوجه الأوّل"، أو استنباطها من عبارات "حيث يؤخذ على القرار"، "حيث يعاب علىالقرار"،" حيث ينعى على القرار" .
4-المشكل القانوني: و هو السؤال الذي يتبادرإلى ذهن القاضي عند الفصل في النزاع، لأنّ تضارب الإدّعاءات يثير مشكلا قانونيّايقوم القاضي بحلّه في أواخر حيثيات القرار، قبل وضعه في منطوق الحكم. إذن المشكلالقانوني لا يظهر في القرار و إنّما يستنبط من الإدّعاءات و من الحلّ القانوني الذيتوصّل إليه القاضي.
ومن شروط طرح المشكل القانوني:
-لابدّ أن يطرحفي شكل سؤال أو عدّة أسئلة، أي سؤال رئيسي و أسئلة فرعية.
-أن يطرح بأسلوبقانوني، فعوض هل يحق ل "أ" أن يبيع عقاره عرفيّا؟ يطرح السؤال : هل الرسمية ركن فيانعقاد البيع العقاري؟
-إعادة طرح الإشكال طرحا تطبيقيّا: فمثلا الطرح النظري هوهل التدليس عيب في العقد، و الطرح التطبيقي هل تعتبر المعلومات الخاطئة التي أدلىبها "أ" ل "ب" بخصوص جودة المبيع حيلة تدليسّية تؤدّي إلى قابليّة العقدللإبطال؟
-ألاّ يٌستشكل مالا مشكلة فيه: فعلى المعلّق أن يبحث عن المشكلالقانوني الذي يوصله إلى حلّ النزاع أمّا المسائل التي لم يتنازع عليها الأطراف،فلا تطرح كمشكل قانونيّ. فمثلا إذا تبين من وقائع القرار أنّه تمّ عقد بيع عقارعرفيّا، ثمّ وقع نزاع حول صحّة العقد، فلا داعي للتساؤل: هل البيع الذي تمّ بين "أ" و "ب" هو عقد عرفي لأنّ هذا ثابت من الوقائع ولا إشكال فيه.
-بقدر ما يطرحالإشكال بطريقة صحيحة بقدر ما يٌوفَّق المعلّق في تحليل المسألة القانونيّةالمعروضة من خلال الحكم أو القرار القضائي.
إذن المرحلةالتحضيرية هي عبارة عن عمل وصفي من قبل المعلّق و عليه أن يتوخّى في شأنه الدّقةعلى اعتبار أنّ تحليلاته اللاّحقة، سوف تنبني على ما استخلصه في هذهالمرحلة.
2- المرحلة التحريرية:
تقتضي هذه المرحلة وضع خطّة لدراسة المسألةالقانونية و الإجابة عن الإشكال القانوني الذي يطرحه القرار ثمّ مناقشتها .و يشترطفي هذه الخطّة:
- أن تكون خطّة مصمّمة في شكل مقدّمة، صلب موضوع يحتوي علىمباحث و مطالب و خاتمة.
-أن تكون خطة تطبيقيّة، أي تتعلّق بالقضيّة و أطرافالنّزاع من خلال العناوين. فعلى المعلّق تجنّب الخطة النظرية، كما عليه تجنب الخطةالمكونة من مبحث نظري و مبحث تطبيقي لأن هذه الخطة، ستؤدّي حتما إلى تكرارالمعلومات.
-أن تكون خطة دقيقة، فمن الأحسن تجنّب العناوين العامة.
-أن تكونخطة متوازنة و متسلسلة تسلسلا منطقيا بحيث تكون العناوين من حيث مضمونها متتابعةوفقا لتتابع وقائع القضية، فتظهر بذلك بداية القضية في بداية الخطّة، كما تنتهيالقضية بنهاية الخطة.
-أن توضع خطة تجيب على المشكل القانوني المطروح، فإذا كانممكنا يتمّ استخراج اشكاليتين قانونيتين، و تعالج كل واحدة منهما في مبحث، و هيالخطة المثالية في معالجة أغلب المسائل القانونية المطروحة من خلال الأحكام والقرارات القضائيّة.
بعدما يضع المعلّق الخطّة بكّل عناوينها، يبدأ منخلالها في مناقشة المسألة القانونية التي يتعلّق بها الحكم أو القرار القضائي محلّالتعليق ابتداء بالمقدمة مرورا بصلب الموضوع، إلى أن يصل إلىالخاتمة.
المقدمة :
في المقدمة، يبدأ المعلّق بعرض موضوع المسألةالقانونية محلّ التعليق في جملة وجيزة، بعدها يلخص قضية الحكم أو القرار فقرةمتماسكة، يسرد فيها بإيجاز كلّ من الوقائع و الإجراءات والإدّعاءات منتهيا بطرحالمشكل القانوني بصفة مختصرة تعتبر كمدخل إلى صلب الموضوع . فالإنطلاق من المحكمةمصدرة القرار مثلا له أهميّة قصوى، اذ يمكّن الباحث من المقارنة في التحليل بينقضاة عدّة محاكم لمعرفة الإتجاه الغالب بالنسبة للإجتهاد القضائي. أمّا إذا كانالقرار صادرا من المحكمة العليا، فيمكن مقارنته مع غيره من القرارات الصادرة منالمحكمة العليا. كما أن ذكر تاريخ صدور القرار له أهمية لمعرفة ما إذا كان قد وقعهناك تحوّل للإجتهادات السابقة، أم وقع تفسير جديد لقاعدة قانونية معينة، أم تمّاللجوء إلى قاعدة قانونية أخرى ....إلخ
الموضوع:
في صلب الموضوع يقوم المعلق في كلّ نقطة من نقاطالخطّة "عنوان" بمناقشة جزء من المسألة القانونية المطلوب دراستها، مناقشة نظرية وتطبيقية مع إعطاء رأيه في الحلّ القانوني النزاع. فالدراسة تكون موضوعية وشخصية.
أولا: الدراسة الموضوعية:
نشيرفي هذه الدراسة إلى:
- موقف هذا الحل بالنسبة للنصوص القانونية، هل استندإلى نصّ قانوني؟ هل هذا النص واضح أم غامض؟ كيف تمّ تفسيره؟ ووفق أيّاتجاه؟
-موقف الحلّ بالنسبة للفقه، ماهي الآراء الفقهية بالنسبة لهذه المسألة،ما هو الرأي الذي اعتمده القرار - موقف هذا الحّل بالنسبة للإجتهاد، هل يتوافق معالإجتهاد السابق ،أم يطوّره أم أنه يشكّل نقطة تحوّل بالنسبة له؟
و بالتالي يجبعلى المعلّق الإستعانة بالمعلومات النظرية المتعلّقة بالمسألة القانونية محلّالتعليق، ثمّ الرجوع في كلّ مرّة إلى حيثيات الحكم أو القرار محلّ التعليق لتطبيقتلك المعلومات على القضية المطروحة .
ثانيا: دراسةشخصية:
من خلال إعطاء حكم تقييمي للحلّ الذي جاء به القرار. و هل يرىالمعلق بأن هناك حكم أفضل له نفس محاسن الحلّ المعطى، دون أن تكون لهسيئاته.
الخاتمة:
وفي الخاتمة يخرج الباحث بنتيجة مفادها أنّالمشكل القانوني الذي يطرحه الحكم أو القرار القضائي محلّ التعليق يتعلّق بمسألةقانونية معينة لها حلّ قانوني معيّن يذكره المعلّق معالجا بذلك الحلّ الذي توصلإليه القضاة إمّا بالإيجاب أي بموافقته مع عرض البديل، وبهذا يختم المعلّق تعليقهعلى القرار.
ملاحظه: المرفق أدناه يوجد بهِ أيضاً شرح بطريقة أخرى لكيفية التعليق على الأحكام ، وأيضاً نموذج لحكم تم التعليق عليهِ من جامعة الشارقة.