محمد ابراهيم البادي
11-23-2010, 06:28 PM
قضية رقم 2 لسنة21 قضائية المحكمة الدستورية العليا"دستورية"
نصالحكم
باسم الشعب المحكمة الدستورية العليا
بالجلسةالعلنية المنعقدة يوم السبت 6 مايو سنة 2000 الموافق 2 صفر سنة 1421هـ •
برئاسة السيد المستشار / محمد ولى الدين جلال رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين / ماهر البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي
وحضور السيد المستشار / عبدالوهاب عبد الرازق رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتي في القضية المقيدة بجدول المحكمةالدستورية العليا
برقم 2 لسنة 21 قضائية " دستورية"
المقامة من السيد / ------
ضد
1ـ - السيد رئيس مجلس الوزراء
2ـ - السيد رئيس جامعة الزقازيق
الإجراءات
بتاريخ الرابع عشرمن يناير سنة 1999، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالبا الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيهابجلسة اليوم
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعى - وكان يشغل وظيفة أستاذ بكلية الحقوق جامعة الزقازيق - قد أقام الدعوى رقم 100 لسنة 1998 أمام محكمة الزقازيق الابتدائية ضد المدعى عليه الثاني طالبا الحكم له بباقي مستحقاته عن رصيد أجازاته السنوية التي تجاوز مدة أربعة أشهر •
وأثناء نظر تلك الدعوى دفع المدعى بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع،وصرحت له برفع الدعوى الدستورية فقد أقام الدعوى الماثلة
وحيث إن المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولـة الصادر بالقانونرقم 47 لسنــة 1978 معدلة بالقانون رقم 219 لسنة 1991تنص على أن " يستحق العامل إجازة اعتيادية سنوية بأجر كامل لايدخل في حسابها أيام عطلات الأعياد والمناسبات الرسمية فيما عدا العطلات الأسبوعية وذلك علىالوجه التالي....ولايجوز تقصير أو تأجيل الإجازة الاعتيادية أو إنهاؤها إلا لأسباب قوية تقتضيها مصلحة العمل ، ويجب في جميع الأحوال التصريح بإجازة اعتيادية لمدة ستة أيام متصلة ، ويحتفظ العامل برصيد اجازاته الاعتيادية •
على أنه لا يجوزأن يحصل على إجازة اعتيادية من هذا الرصيد بما يجاوز ستين يوما في السنة بالإضافة إلى الإجازة الاعتيادية المستحقة له عن تلك السنةفإذا انتهت خدمة العامل قبل استنفاذ رصيده من الإجازاتالاعتيادية استحق عن هذا الرصيد أجره الاساسى مضافا إليه العلاوات الخاصة التي كان يتقاضاها عند انتهاء خدمته، وذلك بما لا يجاوز أجرأربعة أشهر ولا تخضع هذه المبالغ لأية ضرائب أو رسوم
وحيث إن المادة (2) من القانون رقم 219 لسنة 1991 المشار إليه تنص على أن تسرى أحكام هذا القانون على المعاملين بكادرات خاصة ويلغىكل حكم ورد على خلاف ذلك في القواعد المنظمة لشئونهم". ،كما تنص المادة (3) من ذات القانون على أن " ينشر هذا القانون في الجريدةالرسمية ويعمل به اعتبارا من اليوم التالى لتاريخ نشره " وقد نشر هذاالقانون في 7/12/1991
ومفاد ماتقدم أنه اعتبارا من تاريخ العمل بأحكام القانون رقم 219 لسنة 1991
- المشار إليه - في 7 /12/1991 فإن العاملين الذين تنتظم شئون توظفهم قوانين خاصة -ومن بينها قانون تنظيم الجامعات - يسرى في شأنهم حكم الفقرة الأخيرة من المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولةوحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطهاأن تتوافر علاقة منطقية بينها وبين المصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعى، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسائل الدستورية المطروحةعلى هذه المحكمة، لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، ومن ثم فإن نطاق الدعوى الدستورية الماثلة - بقدر ارتباطها بالطلبات المطروحة في النزاع الموضوعي - يتحدد بنص الفقرة الأخيرة من المادة 65من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 المعدل بالقانون رقم 219 لسنة 1991
وحيث أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لكل حق أوضاعا يقتضيها وآثارا يرتبها، من بينها - في مجال حق العمل - ضمان الشروط التي يكون أداء العمل في نطاقهامنصفا وإنسانيا ومواتيا، فلاتنتزع هذه الشروط قسرا من محيطها، ولا ترهق بفحواها بيئة العمل ذاتها ؛ أو تناقض بأثرها ماينبغي أن يرتبط حقاوعقلا بالشروط الضرورية لأداء العمل بصورة طبيعية لاتحامل فيها ومن ثم لايجوز أن تنفصل الشروط التي يتطلبها المشرع لمباشرة عمل أو أعمال بذواتها عن متطلبات ممارستها، وإلا كان تقريرها انحرافا بها عن غاياتهايستوي في ذلك أن يكون سندها علاقة عقدية أو رابطة لائحية .
وحيث إن الدستور وإن خول السلطة التشريعية بنص المادة 13 تنظيم حق العمل إلا أنها لايجوز لها أن تعطل جوهره، ولا أن تتخذ من حمايتهاللعامل موطئا لإهدار حقوق يملكها، وعلى الأخص تلك التي تتصل بالأوضاع التي ينبغي أن يُمارس العمل فيها، ويندرج تحتها الحق في الأجازةالسنوية التي لايجوز لجهة العمل أن تحجبها عن عامل يستحقها، وإلا كان ذلك منها عدوانا على صحته البدنية والنفسية، وإخلالا بأحد التزاماتهاالجوهرية التي لايجوز للعامل بدوره أن يتسامح فيها ونكولا عن الحدودالمنطقية التي ينبغي وفقا للدستور أن تكون إطارا لحق العمل، واستتارابتنظيم هذا الحق للحد من مداه
وحيث أن المشرع قد صاغ - في هذاالإطار - بنص المادة 65 المشار إليها حق العامل في الإجازة السنويةفغدا بذلك حقاً مقرراً له بنص القانون، يظل قائماً ما بقيت الرابطةالوظيفية قائمة ، محدداً للإجازة السنوية مدداً تختلف باختلاف مدة خدمةالعامل، ولم يجز تقصيرها أو تأجيلها أو إنهاءها إلا لأسباب قويةتقتضيها مصلحة العمل، كما أجاز للعامل أن يحتفظ بما قد يكون له من رصيد الأجازات الاعتيادية السنوية مع وضع ضوابط معينة للحصول عليها بحيث لايجوز له الحصول على إجازة من هذا الرصيد تزيد على ستين يوما في السنة الواحدة فإذا انتهت خدمة العامل وكان له رصيد من تلك الأجازات حق له اقتضاء بدل نقدي عن هذا الرصيد، بيد أن المشرع قيد اقتضاء هذاالبدل بشرطين : أولهما : ألاتجاوز مدة الرصيد الذي يستحق عنها البدل النقدي أربعة أشهر ، وثانيهما : حساب هذا البدل على أساس الأجرالأساسي عند انتهاء الخدمة مضافاً إليه العلاوات الخاصة.
وحيث إنالمشرع تغيا من ضمان حق العامل في أجازة سنوية بالشروط التي حددها أنيستعيد العامل خلالها قواه المادية والمعنوية ولايجوز بالتالي أنينزل العامل عنها ولو كان هذا النزول ضمنيا بالامتناع عن طلبها، إذ هيفريضة اقتضاها المشرع من كل من العامل وجهة الإدارة فلايملك أيهماإهدارها كلياً أو جزئيا إلا لأسباب قوية تقتضيها مصلحة العمل، ولا أنيدّعى العامل أنه بالخيار بين طلبها أو تركها، وإلا كان التخلي عنهاإنهاكا لقواه، وتبديدا لطاقاته، وإضرارا بمصلحة العمل ذاتها التي يتعذرصونها مع الاستمرار فيه دون انقطاع .
بل إن المشرع اعتبر حصول العاملعلى إجازة اعتيادية لمدة ستة أيام متصلة كل سنة أمراً لايجوز الترخصفيه، أو التذرع دون تمامه بدواعي مصلحة العمل وهو ما يقطع بأن الحق فيالأجازة السنوية يتصل بقيمة العمل وجدواه، وينعكس بالضرورة على كيانالجماعة ويمس مصالحها العليا صونا لقوتها الإنتاجية البشرية ، ومن ثمكان ضروريا بالتالي - ضمانا لتحقيق الأغراض المتوخاة من الأجازة السنوية - أن تنص المادة 68من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة ذاته علىأن اشتغال العامل بأجر أو بدون أجر لدى جهة أخرى خلال إجازته المقررةوفق القانون يجيز لجهة الإدارة أن تحرمه من أجره عن مدة الإجازة أوأن تسترد مادفعته إليه من أجر عنها فضلاً عن تعرضه للجزاء التأديبي
وحيث إن المشرع قد دل بالفقرة الأخيرة من المادة 65 المشارإليها على أن العامل لايجوز أن يتخذ من الإجازة السنوية وعاءً ادخارياًمن خلال ترحيل مددها التي تراخى في استعمالها - ثم تجميعها ليحصل بعدانتهاء خدمته على مايقابلها من الأجر، وكان ضمان المشرع لمصلحة العمل ذاتها قد اقتضاه أن يرد على العامل سوء قصده، فلم يجز له أن يحصل على ما يساوى أجر هذا الرصيد إلا عن مدة لا تجاوز أربعة أشهر، وهىبعد مدة قدر المشرع أن قِصَرها يعتبر كافلاً للأجازة السنوية غاياتها ،فلا تفقد مقوماتها أو تتعطل وظائفها بيد أن هذا الحكم لا ينبغي أن يسرى على إطلاقه، بما مؤداه أنه كلما كان فوات الإجازة راجعاً إلى جهةالعمل أو لأسباب اقتضتها ظروف أدائه دون أن يكون لإرادة العامل دخل فيها، كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عنها، فيجوز للعامل عندئذ - وكأصل عام - أن يطلبها جملة فيما جاوز ستة أيام كل سنة، إذا كاناقتضاء ما تجمع من أجازاته السنوية على هذا النحو ممكناً عيناً، وإلاكان التعويض النقدي عنها واجبا، تقديراً بأن المدة التي أمتد إليهاالحرمان من استعمال تلك الأجازة مردها إلى جهة العمل فكان لزاماً أن تتحمل وحدها تبعة ذلك
وحيث أن الحق في هذا التعويض لا يعدو أن يكون من العناصر الإيجابية للذمة المالية للعامل، مما يندرج في إطارالحقوق التي تكفلها المادتان 32 و 34 من الدستور اللتان صان بهماالملكية الخاصة والتي جرى قضاء هذه المحكمة على اتساعها للأموال بوجه عام وانصرافها بالتالي إلى الحقوق الشخصية والعينية جميعها •
متى كان ذلك، فإن حرمان العامل من التعويض المكافئ للضرر والجابر له يكون مخالفاً للحماية الدستورية المقررة للملكية الخاصة
وحيث إنه وقدخلص قضاء هذه المحكمة إلى أن المقابل النقدي المستحق عن رصيد الأجازات السنوية التي لم يحصل عليها العامل - بسبب مقتضيات العمل - حتى انتهاءخدمته، يعد تعويضا له عن حرمانه من هذه الإجازات وكان المشرع قد اتخذ أساساً لحساب هذا التعويض الأجر الأساسي الذي وصل إليه العامل عندانتهاء خدمته - رغم تباين أجره خلالها- مضافا إليه العلاوات الخاصةالتي كان يتقاضاها ، جبراً للضرر الناجم عن عدم حصوله على اجازاته السنوية، فإن هذا النهج لايكون مصادماً للعدالة ولامخالفاً لأحكامالدستور
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولةالصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 فيما تضمنه من حرمان العامل من البدل النقدي لرصيد أجازاته الاعتيادية فيما جاوز أربعة أشهر، متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد راجعاً إلى أسباب اقتضتها مصلحة العمل وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة
رئيس المحكمة أمين السر
نصالحكم
باسم الشعب المحكمة الدستورية العليا
بالجلسةالعلنية المنعقدة يوم السبت 6 مايو سنة 2000 الموافق 2 صفر سنة 1421هـ •
برئاسة السيد المستشار / محمد ولى الدين جلال رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين / ماهر البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي
وحضور السيد المستشار / عبدالوهاب عبد الرازق رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتي في القضية المقيدة بجدول المحكمةالدستورية العليا
برقم 2 لسنة 21 قضائية " دستورية"
المقامة من السيد / ------
ضد
1ـ - السيد رئيس مجلس الوزراء
2ـ - السيد رئيس جامعة الزقازيق
الإجراءات
بتاريخ الرابع عشرمن يناير سنة 1999، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالبا الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيهابجلسة اليوم
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعى - وكان يشغل وظيفة أستاذ بكلية الحقوق جامعة الزقازيق - قد أقام الدعوى رقم 100 لسنة 1998 أمام محكمة الزقازيق الابتدائية ضد المدعى عليه الثاني طالبا الحكم له بباقي مستحقاته عن رصيد أجازاته السنوية التي تجاوز مدة أربعة أشهر •
وأثناء نظر تلك الدعوى دفع المدعى بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع،وصرحت له برفع الدعوى الدستورية فقد أقام الدعوى الماثلة
وحيث إن المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولـة الصادر بالقانونرقم 47 لسنــة 1978 معدلة بالقانون رقم 219 لسنة 1991تنص على أن " يستحق العامل إجازة اعتيادية سنوية بأجر كامل لايدخل في حسابها أيام عطلات الأعياد والمناسبات الرسمية فيما عدا العطلات الأسبوعية وذلك علىالوجه التالي....ولايجوز تقصير أو تأجيل الإجازة الاعتيادية أو إنهاؤها إلا لأسباب قوية تقتضيها مصلحة العمل ، ويجب في جميع الأحوال التصريح بإجازة اعتيادية لمدة ستة أيام متصلة ، ويحتفظ العامل برصيد اجازاته الاعتيادية •
على أنه لا يجوزأن يحصل على إجازة اعتيادية من هذا الرصيد بما يجاوز ستين يوما في السنة بالإضافة إلى الإجازة الاعتيادية المستحقة له عن تلك السنةفإذا انتهت خدمة العامل قبل استنفاذ رصيده من الإجازاتالاعتيادية استحق عن هذا الرصيد أجره الاساسى مضافا إليه العلاوات الخاصة التي كان يتقاضاها عند انتهاء خدمته، وذلك بما لا يجاوز أجرأربعة أشهر ولا تخضع هذه المبالغ لأية ضرائب أو رسوم
وحيث إن المادة (2) من القانون رقم 219 لسنة 1991 المشار إليه تنص على أن تسرى أحكام هذا القانون على المعاملين بكادرات خاصة ويلغىكل حكم ورد على خلاف ذلك في القواعد المنظمة لشئونهم". ،كما تنص المادة (3) من ذات القانون على أن " ينشر هذا القانون في الجريدةالرسمية ويعمل به اعتبارا من اليوم التالى لتاريخ نشره " وقد نشر هذاالقانون في 7/12/1991
ومفاد ماتقدم أنه اعتبارا من تاريخ العمل بأحكام القانون رقم 219 لسنة 1991
- المشار إليه - في 7 /12/1991 فإن العاملين الذين تنتظم شئون توظفهم قوانين خاصة -ومن بينها قانون تنظيم الجامعات - يسرى في شأنهم حكم الفقرة الأخيرة من المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولةوحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطهاأن تتوافر علاقة منطقية بينها وبين المصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعى، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسائل الدستورية المطروحةعلى هذه المحكمة، لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، ومن ثم فإن نطاق الدعوى الدستورية الماثلة - بقدر ارتباطها بالطلبات المطروحة في النزاع الموضوعي - يتحدد بنص الفقرة الأخيرة من المادة 65من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 المعدل بالقانون رقم 219 لسنة 1991
وحيث أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لكل حق أوضاعا يقتضيها وآثارا يرتبها، من بينها - في مجال حق العمل - ضمان الشروط التي يكون أداء العمل في نطاقهامنصفا وإنسانيا ومواتيا، فلاتنتزع هذه الشروط قسرا من محيطها، ولا ترهق بفحواها بيئة العمل ذاتها ؛ أو تناقض بأثرها ماينبغي أن يرتبط حقاوعقلا بالشروط الضرورية لأداء العمل بصورة طبيعية لاتحامل فيها ومن ثم لايجوز أن تنفصل الشروط التي يتطلبها المشرع لمباشرة عمل أو أعمال بذواتها عن متطلبات ممارستها، وإلا كان تقريرها انحرافا بها عن غاياتهايستوي في ذلك أن يكون سندها علاقة عقدية أو رابطة لائحية .
وحيث إن الدستور وإن خول السلطة التشريعية بنص المادة 13 تنظيم حق العمل إلا أنها لايجوز لها أن تعطل جوهره، ولا أن تتخذ من حمايتهاللعامل موطئا لإهدار حقوق يملكها، وعلى الأخص تلك التي تتصل بالأوضاع التي ينبغي أن يُمارس العمل فيها، ويندرج تحتها الحق في الأجازةالسنوية التي لايجوز لجهة العمل أن تحجبها عن عامل يستحقها، وإلا كان ذلك منها عدوانا على صحته البدنية والنفسية، وإخلالا بأحد التزاماتهاالجوهرية التي لايجوز للعامل بدوره أن يتسامح فيها ونكولا عن الحدودالمنطقية التي ينبغي وفقا للدستور أن تكون إطارا لحق العمل، واستتارابتنظيم هذا الحق للحد من مداه
وحيث أن المشرع قد صاغ - في هذاالإطار - بنص المادة 65 المشار إليها حق العامل في الإجازة السنويةفغدا بذلك حقاً مقرراً له بنص القانون، يظل قائماً ما بقيت الرابطةالوظيفية قائمة ، محدداً للإجازة السنوية مدداً تختلف باختلاف مدة خدمةالعامل، ولم يجز تقصيرها أو تأجيلها أو إنهاءها إلا لأسباب قويةتقتضيها مصلحة العمل، كما أجاز للعامل أن يحتفظ بما قد يكون له من رصيد الأجازات الاعتيادية السنوية مع وضع ضوابط معينة للحصول عليها بحيث لايجوز له الحصول على إجازة من هذا الرصيد تزيد على ستين يوما في السنة الواحدة فإذا انتهت خدمة العامل وكان له رصيد من تلك الأجازات حق له اقتضاء بدل نقدي عن هذا الرصيد، بيد أن المشرع قيد اقتضاء هذاالبدل بشرطين : أولهما : ألاتجاوز مدة الرصيد الذي يستحق عنها البدل النقدي أربعة أشهر ، وثانيهما : حساب هذا البدل على أساس الأجرالأساسي عند انتهاء الخدمة مضافاً إليه العلاوات الخاصة.
وحيث إنالمشرع تغيا من ضمان حق العامل في أجازة سنوية بالشروط التي حددها أنيستعيد العامل خلالها قواه المادية والمعنوية ولايجوز بالتالي أنينزل العامل عنها ولو كان هذا النزول ضمنيا بالامتناع عن طلبها، إذ هيفريضة اقتضاها المشرع من كل من العامل وجهة الإدارة فلايملك أيهماإهدارها كلياً أو جزئيا إلا لأسباب قوية تقتضيها مصلحة العمل، ولا أنيدّعى العامل أنه بالخيار بين طلبها أو تركها، وإلا كان التخلي عنهاإنهاكا لقواه، وتبديدا لطاقاته، وإضرارا بمصلحة العمل ذاتها التي يتعذرصونها مع الاستمرار فيه دون انقطاع .
بل إن المشرع اعتبر حصول العاملعلى إجازة اعتيادية لمدة ستة أيام متصلة كل سنة أمراً لايجوز الترخصفيه، أو التذرع دون تمامه بدواعي مصلحة العمل وهو ما يقطع بأن الحق فيالأجازة السنوية يتصل بقيمة العمل وجدواه، وينعكس بالضرورة على كيانالجماعة ويمس مصالحها العليا صونا لقوتها الإنتاجية البشرية ، ومن ثمكان ضروريا بالتالي - ضمانا لتحقيق الأغراض المتوخاة من الأجازة السنوية - أن تنص المادة 68من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة ذاته علىأن اشتغال العامل بأجر أو بدون أجر لدى جهة أخرى خلال إجازته المقررةوفق القانون يجيز لجهة الإدارة أن تحرمه من أجره عن مدة الإجازة أوأن تسترد مادفعته إليه من أجر عنها فضلاً عن تعرضه للجزاء التأديبي
وحيث إن المشرع قد دل بالفقرة الأخيرة من المادة 65 المشارإليها على أن العامل لايجوز أن يتخذ من الإجازة السنوية وعاءً ادخارياًمن خلال ترحيل مددها التي تراخى في استعمالها - ثم تجميعها ليحصل بعدانتهاء خدمته على مايقابلها من الأجر، وكان ضمان المشرع لمصلحة العمل ذاتها قد اقتضاه أن يرد على العامل سوء قصده، فلم يجز له أن يحصل على ما يساوى أجر هذا الرصيد إلا عن مدة لا تجاوز أربعة أشهر، وهىبعد مدة قدر المشرع أن قِصَرها يعتبر كافلاً للأجازة السنوية غاياتها ،فلا تفقد مقوماتها أو تتعطل وظائفها بيد أن هذا الحكم لا ينبغي أن يسرى على إطلاقه، بما مؤداه أنه كلما كان فوات الإجازة راجعاً إلى جهةالعمل أو لأسباب اقتضتها ظروف أدائه دون أن يكون لإرادة العامل دخل فيها، كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عنها، فيجوز للعامل عندئذ - وكأصل عام - أن يطلبها جملة فيما جاوز ستة أيام كل سنة، إذا كاناقتضاء ما تجمع من أجازاته السنوية على هذا النحو ممكناً عيناً، وإلاكان التعويض النقدي عنها واجبا، تقديراً بأن المدة التي أمتد إليهاالحرمان من استعمال تلك الأجازة مردها إلى جهة العمل فكان لزاماً أن تتحمل وحدها تبعة ذلك
وحيث أن الحق في هذا التعويض لا يعدو أن يكون من العناصر الإيجابية للذمة المالية للعامل، مما يندرج في إطارالحقوق التي تكفلها المادتان 32 و 34 من الدستور اللتان صان بهماالملكية الخاصة والتي جرى قضاء هذه المحكمة على اتساعها للأموال بوجه عام وانصرافها بالتالي إلى الحقوق الشخصية والعينية جميعها •
متى كان ذلك، فإن حرمان العامل من التعويض المكافئ للضرر والجابر له يكون مخالفاً للحماية الدستورية المقررة للملكية الخاصة
وحيث إنه وقدخلص قضاء هذه المحكمة إلى أن المقابل النقدي المستحق عن رصيد الأجازات السنوية التي لم يحصل عليها العامل - بسبب مقتضيات العمل - حتى انتهاءخدمته، يعد تعويضا له عن حرمانه من هذه الإجازات وكان المشرع قد اتخذ أساساً لحساب هذا التعويض الأجر الأساسي الذي وصل إليه العامل عندانتهاء خدمته - رغم تباين أجره خلالها- مضافا إليه العلاوات الخاصةالتي كان يتقاضاها ، جبراً للضرر الناجم عن عدم حصوله على اجازاته السنوية، فإن هذا النهج لايكون مصادماً للعدالة ولامخالفاً لأحكامالدستور
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولةالصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 فيما تضمنه من حرمان العامل من البدل النقدي لرصيد أجازاته الاعتيادية فيما جاوز أربعة أشهر، متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد راجعاً إلى أسباب اقتضتها مصلحة العمل وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة
رئيس المحكمة أمين السر