سعيد مرزوق
11-19-2010, 07:16 PM
الكبيسـي في حوار شامل مع الاتحاد: قانون الأحوال الشخصية بدأ بسؤال من زايد عن طلاق الثلاث
أجرى الحوار- سامي عبدالرؤوف:
تصريحات فضيلة الدكتور أحمد الكبيسي عضو لجنة قانون الأحوال الشخصية أن80 % من المطلقات في الإمارات لسن بمطلقات، وأخذه على سرعة بت المحاكم في قضايا الطلاق حركت المياة الراكدة وضغطت على جرح ما زال مفتوحا ومؤلما مما أحدث عاصفة من ردود الأفعال المؤيدة والمعارضة، وتصدى قانونيون واجتماعيون وشخصيات بارزة في المجتمع لهذه التصريحات، فيما طالب العديد من الذين طلقوا زوجاتهم استنادا إلى تصريحات الدكتور الكبيسي التي ترقى إلى حد الفتوى بإعادة زوجاتهم إلى عصمتهم·
فضيلة الدكتور الكبيسي عندما قال ما قاله في هذا الشأن كان ينطلق من حرصه على المجتمع وتماسكه والحد من هذه الظاهرة التي باتت تهدد الكيان الاجتماعي خصوصا إذا علمنا ان متوسط نسبة الطلاق في الإمارات وصل إلى34 % كما استند فضيلة الدكتور الكبيسي أيضا الى أصول فقهية وشرعية·
الاختلاف في شأن كبير كهذا أمر جيد ونعمة ولكن ان يذهب البعض الى أبعد من النقد البناء والموضوعي والإبحار بعيدا في انتقاداهم التي وصلت الى قانون الأحوال الشخصية الذي يضم حوالي 363 مادة وسيتم عرض مذكرته التفسيرية على قانونيين وفقهاء وقضاة وعلى كافة شرائح المجتمع لقراءته بشكل أكثر تفصيلا ووضوحا هي التي دفعت ''الاتحاد'' الى محاولة تقصي الحقيقة وأخذها من مصادرها وعرضها على الرأي العام لإجلاء الموقف والتعرف على مرامي ومنابع فضيلة الدكتور أحمد الكبيسي الذي شارك في وضع قانون الأحوال الشخصية والذي ألقى صخرة ضخمة في المياه الراكدة فأحدث ما أحدثت من ''طوفان'' إن صح التعبير· الآراء والأسئلة والانتقادات حملتها ''الاتحاد'' إلى فضيلة الدكتور الكبيسي التي استقبلها بصدر رحب ورجاحة فكر ومنطق يستند الى حجة شرعية وقانونية، وكان هذا الحوار حول لب القضية التي حركت الرأي العام ''الطلاق'' وحول قانون الأحوال الشخصية والمنابع التي استقى القانون مواده واستند إليها وهل هي كلها من الشريعة الإسلامية السمحاء ولماذا كل هذا الانحياز للمرأة·
أسباب وحقائق
س: في البداية نود من فضيلتكم الحديث عن كيفية ولادة قانون الأحوال الشخصية؟
هذا القانون ولد من خلال جلسات محدودة مع ''المغفور له بإذن الله'' الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ''رحمه الله'' وأقصد بمحدودة، أن الحضور فيها قلة، وقد التقيت به وحدي وأحياناً بحضور الأستاذ أحمد السويدي، وقد كان ''رحمه الله'' معروفاً بهواجسه الوطنية والاهتمام بكل مشكلة يعاني منها المواطنون، فأي مشكلة تخص المواطنين لا تمر في نفسه وفي قلبه مرور الكرام وإنما يبقى يتفاعل إلى أن يلحقها بالسؤال ثم بالاقتراح ثم بالحل·
وقد كان الدافع الحقيقي لنشأة هذا القانون الحكاية مسألة ''طلاق الثلاث''، خاصة في ظل نسبة الطلاق المرتفعة في الدولة، وقد سألني ''رحمه الله'' هل كل هذا الطلاق هو طلاق مشروع؟، وتحدثنا على أن الطلاق في نظر الفقهاء يضم آراء كثيرة ومختلفة، ولكن للأسف الشديد أن بعض الدول العربية ''كما كان الوضع في السابق'' تأخذ بمذهب واحد مع أن المذاهب جميعاً هي ثروة هذه الأمة·
ولما ذكرت لسموه ''رحمه الله'' أن الطلاق الثلاث بلفظ واحد ومتكرر أو على صيغة اليمين هو معظم حالات الطلاق في الدولة وان هذا الأمر هو الذي يفتك بالأسر، وان ما يحدث ليس هو الفقه، وإنما الأصل أن طلاق الثلاث يعتبر طلقة واحدة كما كان في عهد النبي وعهد أبي بكر الصديق، وما فعله سيدنا عمر كان سياسة شرعية تقدر بقدرها حسب الزمان والمكان، ولكن المسلمين عمموا فتوى عمر وغلَّبوها على ما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم واعتبروا ذلك هو الأصل·· ومن هنا كانت البداية، حيث جرى الحديث حول ضرورة وجود قانون الأحوال الشخصية مثل كل دول العالم الإسلامي، وفعلاً تم تشكيل لجنة من كبار الفقهاء وبرئاستي·
اللجنة المعنية
س: على أي أساس تم اختيار اللجنة المعنية بوضع قانون الأحوال الشخصية؟
هذه اللجنة ضمت من كان لهم باع في كتابة قانون الأحوال الشخصية في بلادهم وكل من كان متخصصا ولديه خبرة في وضع مثل القانون وأصبحت له خبرة ويتميز بالاجتهاد ومراعاة ظروف الفتوى، حتى صارت عندها ثروة في هذا الباب على مدى سنتين تقريباً وكانت هناك نقاشات متعددة وجدالات إلى أن وُفِّقنا إلى هذا القانون فكتبناه ووزعناه على ديوان الرئاسة ومكتب سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك والاتحاد النسائي·
نقد المنهج
س: ما هي المذاهب التي اعتمدتم عليها·· وهل أخذتم فقط من المذاهب الأربعة أم تجاوزتموها؟
نعم تجاوزناها، ففي الحقيقة كل فقيه معترف به بين المسلمين أخذنا منه، فمثلاً ابن تيمية هو بنفسه مذهب وان لم يوجد مذهب اسمه ''التيمي'' وكذلك ابن حزم·· ولكن لم نخرج عن الشريعة ولا قيد أنملة، وقد وضعنا أولويات في الأخذ من المذاهب والنقل عنهم على النحو التالي مذهب الإمام مالك ثم الإمام أحمد ثم الإمام الشافعي ثم الإمام أبوحنيفة بالإضافة إلى بقية المذاهب وابن تيمية·
س: وكيف يرد فضيلتكم على انتقاد من يرى أنكم أخذتم من كل مذهب ''ما يروق لكم''، ولم تلتزموا بمذهب واحد أو حتى بالمذاهب الأربعة؟
ليس الفقه مذهباً واحداً وإنما هو مجموع المذاهب كلها ومن حق الأمة أن تأخذ من هذا المذهب أو ذاك بالشكل الذي يحقق أهدافها ومصالحها ولها أن تبدله وتستبدله باستمرار وهذا هو ما كان شأن الفقهاء، حيث كانوا يغيرون ويبدلون كثيراً فتاواهم، حتى ان الفقيه نفسه كان يغير فتواه بتغير المصالح والزمان والمكان، فمثلاً الإمام الشافعي عندما كان في العراق قال شيئاً ثم لما ذهب إلى مصر قال شيئاً آخر وكلاهما صحيح، فالمذهب القديم ينفع في العراق والمذهب الجديد ينفع في مصر وهكذا، وقيل لأحد الفقهاء الكبار ''أبي ربيعة'' لمَ لا تكتب فتواك؟ قال: كيف اكتبها وقد أغيَرها بعد أسبوع، والإمام مالك نفسه عندما طلب منه الخليفة أبو جعفر المنصور أن يكتب الموطأ وقال المنصور لا أحْملنَّ الناس عليه، ورفض الإمام مالك وأكد ان الموطأ جزء من الفقه، وكذلك علينا ان ندع الناس تأخذ ما يصلحها ويصلح شأنها، وهذا استوعبه المغفور له الشيخ زايد تماما·
مواكبة العصر
س: هل نحن في عصر يحتم علينا أو يقتضي منا أن نتعامل بتسهيل في الفتوى مع الناس في مسألة الأحوال الشخصية؟
لنا أن نعلم أن النفقة'' مثلا'' في الفقه الإسلامي هي كسوة في الصيف وكسوة في الشتاء، بمعنى ثوب واحد للمرأة في الصيف وآخر في الشتاء وبعض المحاكم تحكم بهذا·· واتساءل هل هذا مناسب الآن؟!
أيضا هناك مسألة مهمة تدلل على حاجتنا لمواكبة العصر، وهى القاعدة التي تقول ''يحتاط في الدماء والأعراض ما لا يحتاط في غيرهما''، بمعنى إذا كانت هناك دعوى تقام ضد أي إنسان متهم وهذا الحكم سيريق دماً قصاصاً أو قتلاً أو إعداماً فهذا الحكم لا يوقع إلا إذا كان أي احتمال - ولو واحد بالألف - ببراءته، فمثلاً لو ان هناك من قتل رجلاً وهذا المقتول له ألف وارث، فلو أن واحدا من ألف عفا عن هذا الإنسان فإنه لا يُقْدم، لماذا؟ لأن هذا الواحد من الألف يملك في دم المقتول·
أما بالنسبة للاحتياط في الأعراض فالمقصود به الحيطة في الطلاق، فإذا وقع طلاق فإنه لا يوقع إذا كان هناك احتمال واحد بأن هذا الطلاق ليس واقعاً، حفاظاً على الأسرة والأولاد وبالتالي هل من المعقول ان عقد زواج سماه القرآن ''الميثاق الغليظ'' في قوله تعالى: ''وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذنا منكم ميثاقاً غليظاً''·
وهذا الميثاق الغليظ الذي فيه شاهدان وخطبة وسؤال عن النسب والأصل والفصل، هل هذا كله يُهدم بكلمة ''أنت طالق ثلاثاً'' في ساعة غضب·
أم المشاكل
س: الطلقات الثلاث المتوالية في مجلس واحد·· هل هي طلقات ثلاث أم طلقة واحدة يمكن رد المرأة بعدها؟
نحن طبقنا في هذه المسألة القاعدة المطبقة في جميع دول العالم الإسلامي بلا استثناء والتي تعتبر الطلقات الثلاث هي واحدة كما هو في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر الصديق، والعلة في ذلك ان إيقاع الطلاق كإيقاع العقوبة الأصل فيه عدم الوقوع فالقاتل لا يقتل إلا إذا لم يكن هناك أي سبيل لنجاته حينئذ يقع الحد، كذلك الطلاق لا يمكن ان يقع إلا إذا لم يكن هناك سبيل إلى عدم وقوعه، فكيف يمكن ان تهدم أسرة وأنت تعلم ما هي تعقيدات إنشائها من خطبة ومشاكلها والفروق الاجتماعية والولي وحفلة الخطوبة وحفلة الدخول ثم ما يترتب على ذلك من أنساب وقرابات وأولاد والأسرة في مجتمع كامل هل تُهْدم بكلمة ''أنت طالق ثلاثا''·
الدليل القرآني
س: ما دليلكم القرآني على صحة ما أخذتم به في هذه المسألة؟
القرآن يقول: ''الطلاق مرتان'' وليس ثنتان، فالمرات متفرقات والثنتان متلاصقان وحينئذ الطلاق مرتان لا ثنتان فإذا قال لها أنت طالق ثلاثاً فهي واحدة وكذلك إذا قال لها أنت طالق مليونا أيضا هي واحدة ينتهي الأمر عند أنت طالق أما ما يليها فلا قيمة له، ولكن إذا قال الرجل اليوم لزوجته ''أنت طالق'' ثم جاء بعد أسبوع وقال لها أيضا ''أنت طالق'' ثم عاود في المستقبل ذلك صارت الثالثة وبذلك تكون طالق طلاقاً لا رجعة فيه، أما طلاق الثلاث في لفظ واحد فهي واحدة·
الاختلاف·· لماذا؟ :
س: ولكن المذاهب الأربعة تقول إن طلاق الثلاث ليس بطلقة واحدة؟
هذا صحيح، ولكن دعني أوضح مسألة تفك الاشتباك، وهي لماذا دامت هذه المذاهب؟، دامت لأنها لم تكن علمية صرفة 100 بالمئة وإنما كانوا مربين قبل ان يكونوا فقهاء تلاحموا في فتاواهم وأخذوا بجانب الفتوى والمصلحة والتقوى والتربية وكانوا ينظرون إلى واقع المستفتي من أجل هذا كان المفتي يغيّر فتواه حسب حال المستفتي من صلاح أو طلاح وضرورة أو عدم ضرورة، فهذه المذاهب أخذوها من باب الخشوع وقالوا: إن عمر ''رضي الله عنه'' عندما نص على أن طلاق الثلاث ثلاثاً كان ذلك من باب السياسة الشرعية حيث قال رضي الله عنه: إن الناس استعجلوا أمرا كانت لهم فيه أناة والمجتمع كان مطلع على الفضيلة فرأى ان هذا انتهاك للفضيلة فأراد ان يسد الذريعة والذريعة كما تُفتح تُسد، وعندما يكون المجتمع صالحاً 100 بالمئة فأي انحراف فيه عليك ان تغلقه بقوة وأن تقطع دابره حتى لا يستشري هذا كان في عهد عمر، حيث استهان الشباب بالطلاق ثلاثاً فقال: اجعلوه ثلاثاً عقاباً لهم هذا سد ذريعة وهناك فتح ذريعة عندما يكون المجتمع قد استمرأ الطلاق حتى صار الطلاق على كل لسان والمجتمع ليس صالحاً كما كان ولابد ان تعطي للناس فرصة ان يعودوا لدينهم كما كان يقول النبي صلى الله عليه وسلم ''أنتم اليوم في زمن لو ترك أحدكم عُشر ما انزل الله لهلك وسيأتي على الناس زمن لو عمل فيه احدهم بعشر ما علم لنجا'' أنت تعلم في المجتمع الصالح في الإسلام، يحاسب الإنسان فيه على الهمسة واللمسة، ولكن اسمع هذا الحديث الصحيح ''لا تقوم الساعة حتى يشيع الزنا، حتى تُغشى المرأة في الطريق لا ينكر ذلك أحد حتى يقول الرجل لصاحبه لو تنحيت بها إلى الجدار وهو يومئذ فيهم كأبي بكر فيكم'' لمجرد انه قال لماذا يا أخي زنيت بها في الطريق خذها خلف البيت نفهم من هذا الحديث ان هناك متغيرات·
المتغيرات
س: أشار فضيلتكم إلى أن ما يحدث في عهد عمر كان سداً للذريعة·· وهناك من يرى ان إيقاع الطلاق ثلاثاً في الوقت الحالي هو سد للذريعة وأوجدوا تشابهاً بين الواقعتين·· كيف تردون على ذلك؟
ان مجتمع الأمس ليس كمجتمع اليوم، والذي يدعي ذلك عليه ان يرد على سؤال مفاده هل كان هناك تساهل في عهد عمر كما هو الحال في عهدنا هذا الكلام غير صحيح فلا يوجد وجه مقارنة بين العصرين، بدليل أننا لو نظرنا إلى عهد آبائنا هنا في الإمارات أو في العراق أو في مصر قبل 50 عاماً سنجد ان نسبة الطلاق كانت 1 بالمئة والآن صارت 50 أو 60 بالمئة وهو ما يدلل على الاختلاف بين عصرين متتالين، فكيف بنا إذا كانت المقارنة مع عهد عمر، هذا الدين جاء ليس للانتقام وإنما جاء لحل مشاكل الناس فهذا الدين قد جاء لليسر ''يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر'' سورة البقرة آية رقم ·185
س: مَن من الفقهاء قال بان الطلاق ثلاثاً في مجلس واحد هي طلقة واحدة؟
ابن تيمية وغيره، فالإمام ابن تيمية قال ان الطلقات الثلاث هي طلقة واحدة، لو ان جميع الفقهاء ممن قالوا ثلاثاً وصلوا إلى عصرنا ورأوا كثرة الطلاق لقالوا ان الثلاث طلقات هي طلقة واحدة·
نسبة الطلاق
س: كيف تنظر إلى نسبة الطلاق في الدولة التي يوصلها البعض إلى معدلات قياسية؟
نسبة الطلاق عالية في المجتمع، وتنذر بالخطر، خاصة ان الناس ليس لهم ثقافة فيه والثقافة الفقهية عند الناس أصبحت قليلة والتعليم ابتعد عن الشريعة كثيراً منذ سقوط الدولة العثمانية وجاء التعليم الغربي، ويدلل على ذلك الطلاق الكثير وسهولة قول الرجال ''أنت طالق ثلاثا، وان فعلت كذا فأنت طالق'' والحقيقة أن هناك أقوالا لعلماء معتبرين تؤكد ان هذا الطلاق لا يقع، وأستطيع أن أقول: ''إن 50 بالمئة من المطلقات في الإمارات لسن بمطلقات''·
س: علي أي شيء استند فضيلتكم في ذكر هذه النسبة التي تطرح إشكالية ليست بالهينة؟
أنا أستطيع أن أقدر ذلك من خلال ما يرد إليّ يومياً في هذا الباب، وفي ظل ما يحدث في المحاكم بشكل متعدد ومتعمد، حيث يأتي المطلق ويقول ''أريد ان أطلق حرمتي''، فيقال له قل طلقت الحرمة فيقول طلقتها فيقول له قل مرة ثانية فيقول طلقتها فيقول له قل مرة ثالثة فيقولها بذلك تكون المرأة طلقت من زوجها دون رجعة، ما يحدث يقول له قل مرة ثانية وثالثة، جريمة، ولابد من إنقاذ أسر فلقد ضاعت أسر وأولاد وتشتت مجتمعات بسبب هذا الوضع المؤلم·
اتهام المحاكم
س: هل نفهم من ذلك ان المحاكم أحيانا تلعب دوراً سلبياً في مسألة الطلاق؟
المحاكم ''لَمْلُوم''، بمعنى يوجد فيهم الموريتاني والسوداني والمصري والعراقي والمغربي، ولا أنكر ان فيهم أفاضل، لكن فيهم أناسا لا أدرى هم على أي مذهب أو على أي طريقة أو على أي أسلوب، ومنهم من لا يصلح ان يكون كاتباً في هذه المحكمة، إضافة إلى أن الفقه الإسلامي بكل مذاهبه ''كلاءُ مباح'' ففي القضية الواحدة هناك ألف رأي مثلاً خذ أي قضية في أي مذهب ترى أبا حنيفة يقول شيئا وغيره يقول شيئا آخر معاكسا وغيره يقول ما يخالف ذلك وهكذا، بمعنى ان هذه المذاهب بتلاميذها وطلابها والمجتهدين داخل المذهب، كل واحد له رأي في زمانه، وكل هذا صار فقهاً إسلامياً، وعندما أصبح أنا قاضيا في الفقه ''لا في القانون'' احكم بأي شيء أشاء، أي عدل هذا؟
وعلينا ان نلفت الانتباه إلى انه إذا اختار الإمام أو المسؤول رأياً فقهياً فلا يجوز اتباع غيره ولو كان غيره صحيحاً، فهذه قضية مسلمة، حيث يحق للإمام أن يحدد المباح·
مرارة النفقة!!
س: كيف تعاملتم مع قضية النفقة خاصة أنها من أهم المسائل التي تشغل بال كل مطلَقين، سواء كان رجلاً أم امرأة؟
- بمجرد ان ترفع المرأة الدعوة طلباً للنفقة من زوجها يأمر القاضي بفرض نفقة مستعجلة إلى حين الحكم لها، لأننا إذا أجلنا النفقة قد يتأخر الحكم لمدة سنة، ولذلك من الأولى ان تؤجل النفقة والأفضل ان تدفع من الآن، وإذا كان القاضي فرض أقل أو أكثر من المستحق وقت الحكم يتم المحاسبة·
س: وهل نص القانون على ان النفقة تفرض بأثر رجعي، وبالتحديد من وقت الطلاق؟
نعم··من وقت الطلاق النفقة مشروعة والنصوص تقوم على ذلك، وتعتبر نفقة الزوجة مستحقة من تاريخ الامتناع عن الإنفاق، أي من يوم ما امتنع لها ان تحصل النفقة تدرجاً مع وجوبها بأثر رجعي، ويتوقف ذلك على القضاء والتراضي، فلا تحسب النفقة إلا من حين التراضي أو التقاضي ولكن النفقة تجب عليه من ساعة امتناعه عن النفقة·
س: ولكن أحياناً هناك من يمتنع عن النفقة قبل الطلاق بسنوات؟
فعلاً هذا واقع، فهناك من يمتنع عن النفقة لعشرين عاماً، ولكننا لا نسمح بالدعوة إلا ثلاث سنوات، حيث سيسمح لها القضاء ـ وفقاً للقانون الجديد ـ بالحصول على نفقة ثلاث سنوات فقط، وهو سيعاقب عند الله لامتناعه عن باقي السنوات، وقد لجأنا لهذا الحل، منعاً لإحراج الرجل الذي يكون في الغالب ليس لديه الأموال الكافية أو تزوج من امرأة أخرى·
مال الزوجة
س: ماذا عن الذمة المالية للمرأة·· كيف تعامل معها القانون، لاسيما أنها سبب لكثير من المشاكل الزوجية؟
ذمة المرأة المالية مستقلة وهذا حق لا تجده إلا في الإسلام والنفقة الإسلامية يصر على ذلك، فليس لأخ ولا لزوج ان يأخذ من أموال زوجته شيئاً، حتى الأب لا يصح له ان يأخذ من أموالها لينفق عليها، إلا بإذنها وهناك قاعدة ''نفقة كل إنسان على نفسه·· إلا الزوجة''، إذا ذمة المرأة المالية ليس كما يتصور الناس ان الزوجة التي تدفع راتبها على البيت هذا شرط عليها لا، وإنما هو فضل منها، فهو ليس حقاً ولا واجباً ولا شرطاً عليها وهو كرم وسخاء منها وعلى الزوج ان يحمد لها ذلك وهذا من موجبات إكرام الزوجة· وأكد أن للمرأة التصرف في أموالها وليس للزوج أي سلطة على أموال زوجته ونحن نرى الأزواج يستولون على أموال زوجته أو يقيد لها حرية التصرف في مالها، كذلك يجب على الزوج ان يأتي بخادمة·
الخادمة أولا
س: هل يحق للزوج ألا يأتي بخادمة لزوجته؟
جمهور الفقهاء على انه يحق للزوجة ان يكون لها خادمة تخدمها، ولذلك تنص إحدى مواد القانون على ان تشمل النفقة الطعام والكسوة والمسكن والخدمة للزوجة ان كانت ممَن تخدم في أهلها وما تقتضيه العشرة الزوجية بالمعروف، ونحن في ذلك نراعي الزمان والمكان، خاصة ان محكمة الأحوال الشخصية والتي تأخذ في مثل هذه المسائل بالعرف السائد، فمثلاً هنا في مجتمع الإمارات يعتمدون على الخادمة، أما عندنا نحن في العراق لا يوجد ولا خادمة واحدة·
س: ولكن إذا رفض الزوج ·· هل يعطيها القانون الحق في طلب الطلاق؟
للزوجة ان ترفع الأمر للقضاء وتقول ان الرجل مقصر في النفقة لان الخادم من ضمن النفقة والتقصير في النفقة يعطيها الحق ألا تطيعه في فراشه فيمكن لها ان تمتنع عن مطاوعته·
س: ولكن إذا كانت المرأة عاملة·· للزوج ان يلزمها ان تأتي بخادمة مقابل الوقت الذي تقضيه في العمل؟
إذا اتفقا على ذلك فلا بأس وفي هذه الحالة هو تفضل من المرأة أيضاً·
س: مال الزوجة من العمل هل هو حق كامل للزوجة؟
نعم·· وإذا شاركت بشيء من مالها في شؤون البيت، فهذا كرم منها، فهي ليست ملزمة إطلاقا ولكنها متبرعة·
تدبير أم بخل؟
س: هل عالج القانون مسألة إسراف بعض الزوجات؟
القانون جعل من شأن الحكمين اللذين يحكمان بين الزوج والزوجة أو بين المطلقين الفصل في هذه المسألة، باعتبار ان الإسراف فيه شيء من النسبية وهو قضية تتعلق في المقام الأول بالتربية، فهناك أسرة مصروفها في الشهر سبعون ألفا أو مائة ألف وهناك أسرة يكفيها 3 آلاف درهم شهرياً، وبالتالي تركنا هذه الأمور للحكم عليه من خلال الواقع والملابسات المحيطة به·
س: كيف تناولتم تقتير وبخل بعض الأزواج·· هل القانون نص على ان الزوج البخيل يحق للمرأة ان تطلب منه الطلاق؟
لا طبعاً، فقضية البخل قضية دينية ليس لها دخل بالقانون، ولذلك يمكن التعامل معها من خلال المحاكم، ولكن دعنى أؤكد على أن هذا السلوك مذموم، قد قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: ''لا يدخل الجنة بخيل''، وهو صفة مرذولة، وأيضا من المهم الإشارة إلى أن البخل مسألة نسبية، ولذلك هناك فرق بين التدبير وبين البخل، لاسيما أن تطلعات النساء في هذا الزمان كثيرة، والحقيقة ان بعض النساء لسن موضوعيات في مسألة البخل·
منع عمل الزوجة
س: كيف ينظر القانون إلى منع الزوج لزوجته من العمل بعد الزواج؟
إذا تزوجها وهي عاملة لا يحق له ان يمنعها من العمل ولكن إذا حدث العمل بعد الزواج فله الحق في ان يمنعها عنه لأنه هو الذي أذن لها به فله الحق ان يوافق أو يرفض·
س: كيف عالجتم موضوع ''فسخ الخطبة'' وموضوع الهدايا والشبكة؟
اتفقنا على أن المسؤول عن الفسخ هو الذي يغرم فإذا كانت الزوجة هي المسؤولة عن الفسخ فإن له هداياه وشبكته وإذا كان هو المسؤول عن الفسخ فليس له شيء لأنه هو الذي تركها كذلك نصينا على وجوب احترام الشروط المقترنة بالزواج فللمرأة ان تشترط ما تشاء ضماناً لمستقبلها، موضوع الكفاءة هناك رجل ليس كفؤا للمرأة وأهلها يجبرونها عليه ولكن لابد ان يكون الرجل كفؤا للمرأة·
عائق الحضانة
س: هناك من يرى أن سن الحضانة تكون 11 للذكر و13 للأنثى هي سن قليلة؟
في القانون وضعنا سناً مناسبة جداً للحضانة وهي 11 سنة للذكر و13 سنة للبنت، وان كانت بعض الدول العربية '' كمصر والعراق'' تبقى البنت عند أمها إلى أن تتزوج، والابن حتى يصل إلى 18 أو يعمل·
س: ولكن سن 13 في عصرنا الحالي تكون البنت ما زالت صغيرة، وهناك من يرى انه من الأولى أن ترفع سن الحضانة وخاصة للبنت؟
من الدول من تذهب فيها البنت إلى أبيها من الولادة، وهناك أناس طلبوا ان يكون السن سبع سنوات وآخرون قالوا عشر سنوات، فالقضية اجتهادية وفيها نقاش طويل·
س: في مسألة الحضانة·· لماذا اخترتم الجمعيات النسائية لتكون محل الرؤية بالنسبة للمحضون؟
هذا أكثر أنسا للطفل، كيف تذهب بالطفل إلى الشرطة، هذا ادعى للخوف في نفسه، لان الشرطة هي آلة العقاب يذهب إليها المجرمون وأصحاب القضايا والجرائم والمتهمون ولكن الجمعيات النسائية ''خاصة هنا في هذه الدولة '' جميلة ومهيأة لاستقبال هؤلاء الأطفال·
حق الخلع
س: هل ينص القانون على الخلع ويسمح به؟
نعم ·· والخلع هو حل لمشكلة امرأة لا تجد في زوجها عيباً ولكنها لا تريده لأمر ما، إما لقضية نفسية مثلاً أو أن المرأة أصبحت لا تحب العشرة معه أو تكره شكله، والخلع شرطه الفقهي ان يكون الزوج راضياً بهذا، فإذا رضي الزوج، فالمرأة حرة في ان تطلبه أو لا تطلبه، وفي مصر مثلاً لا يشترط القاضي إذن الزوج الخلع·
س: ولكن انتم هل تشترطون موافقة الزوج؟
الخلع في الأصح لا تطلب المرأة إذن زوجها، لأن الناس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فعلوا ذلك دون موافقة الزوج كما هو الحال في حديث بريرة الذي كان زوجها يمشي وراءها، وقالت للنبي صلى الله عليه وسلم: والله لا أعيب عليه ديناً ولا خلقاً ولكن لا أريده، وقد أعطاها النبي صلى الله عليه وسلم حرية القرار دون موافقة الزوج·
المرأة أولا
س: هناك من يرى ان قانون الأحوال الشخصية في صالح المرأة فقط، وفي المقابل لا يقف إلى جانب الرجل في أي شيء·· كيف تردون على ذلك؟
على كل مسلم له أمر من قضاء أو محام أو ولي أمر أن يكون في صالح المرأة، لان المرأة هي الطرف الأضعف في بناء الأسرة والرجل هو القوي لأنه محمي بذكورته، والمجتمع ذكوري يصيب المرأة ولا يعيب على الرجل وما يجب على المرأة لا يجب على الرجل وجعل على المرأة أضعاف أعباء الرجل، لذلك العدل ان تنصف المرأة من ضعفها إلى جانب قوة الرجل·
في عملية الأسرة هناك عدل وإحسان والله لا يأمر بأحدهما إنما يأمر بكليهما ''ان الله يأمر بالعدل والإحسان'' - سورة النحل آية رقم 90-، ومن المكارم والشمائل، فحق المرأة هذا عدل وما ليس من حقها مما هو من إكرامها هو الإحسان والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ''ما أكرم النساء إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم''، كما قال صلى الله عليه وسلم : ''الله الله في النساء، فإنهن عوان عندكم''، والمرأة أسيرة والأسير يستحق الإكرام، كما في قوله عز وجل: ''ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً'' سورة الإنسان آية رقم ·8
س: أفهم من كلامكم ان انحياز القانون للمرأة، ليس عيباً وإنما ميزة ؟
نعم ·· وهذا الأمر يمكن ان نعتبره فضيلة في القانون، بالإضافة إلى انه يرضي الله ورسوله، والإسلام يحث عليه ويرغب فيه، وهو ما استلزم منا انصاف المرأة من مجتمع كل ما فيه ذكوري·
س: هل نَصَصْتُمْ على مسألة إمكانية التعديل في المستقبل؟
هذا الأمر لا يحتاج إلى نص، وقد يحدث مستقبلاً وفقاً لحاجات الناس·
حملة الاعتراضات
س: هناك من يدعي ان القانون كان عليه اعتراضات من محامين وقانونيين؟
كل ما جاءنا أخذناه بالاعتبار هذا من جانب، ومن ناحية أخرى من الحمق ان تعتقد ان قانوناً من 363 مادة ويتعلق بقضايا الفقه الإسلامي لا يوجد عليه اعتراض، وهذا ليس عيباً ونقصاً، بل هو فضيلة، فليس هناك احد لا يعترض عليه، الله عز وجل اعترضوا عليه، ''ورب العزة قال لموسى: ادع دعوة استجيبها لك، قال يا رب لا تدع أحدا يذكرني بسوء، قال: ادع دعوة غير هذه، فإن هذه لا استجيبها، قال: لم يا رب، قال: لان هذا أمر لم أفعله لنفسي، فكيف أفعله لك''، إذاً الاختلاف نعمة وما من شيء إلا له مخالف·
منهج مثير للجدل
س: هناك من يرى أن المنهج الذي اعتمدتم عليه في طرح القانون مثير للجدل؟
القانون بهذه الضخامة وفي ظل وجود التيارات المتصارعة بين الإسلاميين والتي تصل إلى حد التكفير والاتهام ''سواء في الأعراض أو رمي الآخرين بالزندقة'' هو أمر جائز ومباح، وهذا أمر متوقع والساحة مليئة، كما ان الفقهاء أشد الناس في العالم اختلافاً·
نحن باختصار شديد في القانون طبقنا رأي الإسلام الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابتعدنا عن الأعراف في المجالات اللاحقة، لان لنا أعرافنا اليوم وعندنا كتاب الله وسنة رسوله واضحة وعدنا إلى العهد الأول وإذا رأيت ان فينا شيء ليس منهم هذا ليس صحيحاً·
س: ماذا تقول فيمن يتشدد في فتاويه الخاصة بالمرأة؟
نقول له غفر الله لك ونقول لمن أنصفها جزاك الله خيراً·
الحاضر الجميل
س: كيف ترون المرأة في الإمارات؟
المرأة في الإمارات شخصية قوية تحررت من عهد الحرمة والإماء والجواري أي عقلية الإماء والجواري، حيث كان هناك في عصر من العصور لا فرق في التعامل بين الحرة والجواري، لان كلا منهما محبوس في نفس الحلقة·
المرأة في الإمارات نهضت نهضة قوية ولها شخصية تعجبك في عملها وأفكارها وفي إعلامها وفي الجامعات في كل مكان تجدها فيها كفاءة، قد لا تجدها في الدول العربية التي سبقتها في مجال الحضارة المعاصرة·
أنا منذ حين هنا وأنا أرى في المرأة الإماراتية نهضة وشخصية·
مبدأ التسهيل
س: هناك من يرى أنكم اعتدتم في القانون على مبدأ التسهيل والترخيص؟
هذا ليس صحيحاً·· أولاً الرخص هذه كرم من الله، فمثلاً الفطر في رمضان يعتبر رخصة والقصر في الصلاة رخصة، وهناك اختلاف مذاهب، واختلاف المذاهب ليس حرباً كما هو الآن بل هو في مصلحة المسلمين، ومن الأولى ان يتسابق الفقهاء فيما بينهم في وضع حل للمشاكل، لأن كل من يتصدر للفتوى عليه ان يختار من هذه الثروة الفقهية ما يحقق به مصلحة المسلمين·
أعداء المرأة
س: كيف تنظر إلى الواقع الفقهي في عالمنا الإسلامي وبالتحديد فيما يتصل بالمرأة؟
لاشك ان المرأة الآن هي كرة بين فريقين من الناس، فريق يعاملها كما كان يعامل جدتها مدعياً ان هذا هو الشرع وان المرأة كمُّ مهمل وأنها مسخرة للرجال ولا حق لها كما يقول الإمام الرازي على شدة فضله وعظمة ذكره ''إن الله سخر لنا النساء كما سخر لنا الدواب'' فبهذه النظرة كانت تعامل المرأة في بعض كتب الفقه على هذا الأساس·
س: وماذا عن الفريق الثاني؟
هو فريق تحرير المرأة، هذه دعوة غربية ستصل بالمرأة في النهاية لأن تُحرم من كل شيء، ومن أبرز ما يفتخر به المسلمون هو أن المرأة في القرن الحادي والعشرين هي نفسها في القرن الأول الهجري، عندما كانت طيعَّة صالحة·· والحقيقة ان دعوة تحرير المرأة في العالم هي دعوة للفساد والدعارة باعتراف الجميع وهي دعوة ان تكون المرأة لكل من يريدها وهذا ليس من شأننا، نحن نريد ان نطبق الفقه الإسلامي على المرأة تلك الفلسفة التي كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين قبل ان تغلق على المرأة الأبواب وقبل ان تكبل بهذه القيود الرهيبة·
س: إذا ما هي الطريقة الجديدة من منظور فكري وواقعي للتعامل مع المرأة وقضاياها المختلفة؟
الطريقة الصحيحة هو ما تستخدمه دولة الإمارات في تعاملها مع بناتها ونسائها وجعل المرأة شريكة الرجل في البناء والنهضة، وهذا الفريق هو الأكثر والأفضل، ويعتقد أنصاره ان الحجر على المرأة ليس صحيحاً وكلام ضيق الأفق أملاه عُرف مغلق، والآن العرف المتفتح هو الأكثر وقد صارت العقلية أوضح والثقافة أعم والمعرفة اشمل، وبدأ الناس تتمحور إنسانيتهم حول قيم آمن بها العالم ولا يعارضها الإسلام، وبالتالي يرى أن المرأة مساوية للرجل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ''إنما النساء شقائق الرجال''·
مستقبل الإماراتية
س: وكيف تنظر إلى مستقبل المرأة الإماراتية كأحد المتابعين والمهتمين بالجانب الأسري في المجتمع؟
المرأة الإماراتية تعيش في مستقبلها الآن ومنذ 40 - 50 عاماً بدأت المرأة الإماراتية تنهض ولكن منذ السبعينات والستينات إلى اليوم اكتمل نضج المرأة الإماراتية اجتماعياً واسرياً وثقافياً ومشاركة في بناء الوطن، وفي كل مكان في هذا الوطن والمرأة شريكة الرجل بلا شعور بالنقص لأنها ترى نفسها شقيقة الرجل في هذا البناء وفي كل أطوار الحياة·
س: هل تسمحون في القانون بتولي المرأة المناصب القيادية؟
في الفقه الإسلامي ليس هناك مانع في ذلك، فلم يمنعه رب العالمين والقرآن عرض لنا نشاط بعض النساء في أعظم صورة·
س: ما هو المسموح بتوليه من حيث الفقه الإسلامي والسياسة الشرعية الإسلامية؟
كل شيء حتى رئاسة الدولة··
س: هناك من يعتمد على حديث النبي الذي مفاده ''ما أفلح قوم ولوا عليهم امرأة''؟
هذا الحديث خاص بواقعة معينة وليس عاماً·· وعلى كل حال هذه قضايا عرفية·
س: كيف ترى كرئيس لجنة أعدت القانون، أن يكون أول ما وقع عليه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ''حفظه لله'' هو قانون الأحوال الشخصية؟
هذا يدل على أن قضية المجتمع الإماراتي وقضية تماسك الأسر مما يشغل بال صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ولهذا اقتطع من وقته ومهامه وأخرج هذا القانون كباكورة عمل وأعطاه الأولوية على غيره من الأعمال، وقد عمت الفرحة الكثير من النساء في المجتمع الإماراتي عندما وُقّع هذا القانون·
أجرى الحوار- سامي عبدالرؤوف:
تصريحات فضيلة الدكتور أحمد الكبيسي عضو لجنة قانون الأحوال الشخصية أن80 % من المطلقات في الإمارات لسن بمطلقات، وأخذه على سرعة بت المحاكم في قضايا الطلاق حركت المياة الراكدة وضغطت على جرح ما زال مفتوحا ومؤلما مما أحدث عاصفة من ردود الأفعال المؤيدة والمعارضة، وتصدى قانونيون واجتماعيون وشخصيات بارزة في المجتمع لهذه التصريحات، فيما طالب العديد من الذين طلقوا زوجاتهم استنادا إلى تصريحات الدكتور الكبيسي التي ترقى إلى حد الفتوى بإعادة زوجاتهم إلى عصمتهم·
فضيلة الدكتور الكبيسي عندما قال ما قاله في هذا الشأن كان ينطلق من حرصه على المجتمع وتماسكه والحد من هذه الظاهرة التي باتت تهدد الكيان الاجتماعي خصوصا إذا علمنا ان متوسط نسبة الطلاق في الإمارات وصل إلى34 % كما استند فضيلة الدكتور الكبيسي أيضا الى أصول فقهية وشرعية·
الاختلاف في شأن كبير كهذا أمر جيد ونعمة ولكن ان يذهب البعض الى أبعد من النقد البناء والموضوعي والإبحار بعيدا في انتقاداهم التي وصلت الى قانون الأحوال الشخصية الذي يضم حوالي 363 مادة وسيتم عرض مذكرته التفسيرية على قانونيين وفقهاء وقضاة وعلى كافة شرائح المجتمع لقراءته بشكل أكثر تفصيلا ووضوحا هي التي دفعت ''الاتحاد'' الى محاولة تقصي الحقيقة وأخذها من مصادرها وعرضها على الرأي العام لإجلاء الموقف والتعرف على مرامي ومنابع فضيلة الدكتور أحمد الكبيسي الذي شارك في وضع قانون الأحوال الشخصية والذي ألقى صخرة ضخمة في المياه الراكدة فأحدث ما أحدثت من ''طوفان'' إن صح التعبير· الآراء والأسئلة والانتقادات حملتها ''الاتحاد'' إلى فضيلة الدكتور الكبيسي التي استقبلها بصدر رحب ورجاحة فكر ومنطق يستند الى حجة شرعية وقانونية، وكان هذا الحوار حول لب القضية التي حركت الرأي العام ''الطلاق'' وحول قانون الأحوال الشخصية والمنابع التي استقى القانون مواده واستند إليها وهل هي كلها من الشريعة الإسلامية السمحاء ولماذا كل هذا الانحياز للمرأة·
أسباب وحقائق
س: في البداية نود من فضيلتكم الحديث عن كيفية ولادة قانون الأحوال الشخصية؟
هذا القانون ولد من خلال جلسات محدودة مع ''المغفور له بإذن الله'' الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ''رحمه الله'' وأقصد بمحدودة، أن الحضور فيها قلة، وقد التقيت به وحدي وأحياناً بحضور الأستاذ أحمد السويدي، وقد كان ''رحمه الله'' معروفاً بهواجسه الوطنية والاهتمام بكل مشكلة يعاني منها المواطنون، فأي مشكلة تخص المواطنين لا تمر في نفسه وفي قلبه مرور الكرام وإنما يبقى يتفاعل إلى أن يلحقها بالسؤال ثم بالاقتراح ثم بالحل·
وقد كان الدافع الحقيقي لنشأة هذا القانون الحكاية مسألة ''طلاق الثلاث''، خاصة في ظل نسبة الطلاق المرتفعة في الدولة، وقد سألني ''رحمه الله'' هل كل هذا الطلاق هو طلاق مشروع؟، وتحدثنا على أن الطلاق في نظر الفقهاء يضم آراء كثيرة ومختلفة، ولكن للأسف الشديد أن بعض الدول العربية ''كما كان الوضع في السابق'' تأخذ بمذهب واحد مع أن المذاهب جميعاً هي ثروة هذه الأمة·
ولما ذكرت لسموه ''رحمه الله'' أن الطلاق الثلاث بلفظ واحد ومتكرر أو على صيغة اليمين هو معظم حالات الطلاق في الدولة وان هذا الأمر هو الذي يفتك بالأسر، وان ما يحدث ليس هو الفقه، وإنما الأصل أن طلاق الثلاث يعتبر طلقة واحدة كما كان في عهد النبي وعهد أبي بكر الصديق، وما فعله سيدنا عمر كان سياسة شرعية تقدر بقدرها حسب الزمان والمكان، ولكن المسلمين عمموا فتوى عمر وغلَّبوها على ما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم واعتبروا ذلك هو الأصل·· ومن هنا كانت البداية، حيث جرى الحديث حول ضرورة وجود قانون الأحوال الشخصية مثل كل دول العالم الإسلامي، وفعلاً تم تشكيل لجنة من كبار الفقهاء وبرئاستي·
اللجنة المعنية
س: على أي أساس تم اختيار اللجنة المعنية بوضع قانون الأحوال الشخصية؟
هذه اللجنة ضمت من كان لهم باع في كتابة قانون الأحوال الشخصية في بلادهم وكل من كان متخصصا ولديه خبرة في وضع مثل القانون وأصبحت له خبرة ويتميز بالاجتهاد ومراعاة ظروف الفتوى، حتى صارت عندها ثروة في هذا الباب على مدى سنتين تقريباً وكانت هناك نقاشات متعددة وجدالات إلى أن وُفِّقنا إلى هذا القانون فكتبناه ووزعناه على ديوان الرئاسة ومكتب سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك والاتحاد النسائي·
نقد المنهج
س: ما هي المذاهب التي اعتمدتم عليها·· وهل أخذتم فقط من المذاهب الأربعة أم تجاوزتموها؟
نعم تجاوزناها، ففي الحقيقة كل فقيه معترف به بين المسلمين أخذنا منه، فمثلاً ابن تيمية هو بنفسه مذهب وان لم يوجد مذهب اسمه ''التيمي'' وكذلك ابن حزم·· ولكن لم نخرج عن الشريعة ولا قيد أنملة، وقد وضعنا أولويات في الأخذ من المذاهب والنقل عنهم على النحو التالي مذهب الإمام مالك ثم الإمام أحمد ثم الإمام الشافعي ثم الإمام أبوحنيفة بالإضافة إلى بقية المذاهب وابن تيمية·
س: وكيف يرد فضيلتكم على انتقاد من يرى أنكم أخذتم من كل مذهب ''ما يروق لكم''، ولم تلتزموا بمذهب واحد أو حتى بالمذاهب الأربعة؟
ليس الفقه مذهباً واحداً وإنما هو مجموع المذاهب كلها ومن حق الأمة أن تأخذ من هذا المذهب أو ذاك بالشكل الذي يحقق أهدافها ومصالحها ولها أن تبدله وتستبدله باستمرار وهذا هو ما كان شأن الفقهاء، حيث كانوا يغيرون ويبدلون كثيراً فتاواهم، حتى ان الفقيه نفسه كان يغير فتواه بتغير المصالح والزمان والمكان، فمثلاً الإمام الشافعي عندما كان في العراق قال شيئاً ثم لما ذهب إلى مصر قال شيئاً آخر وكلاهما صحيح، فالمذهب القديم ينفع في العراق والمذهب الجديد ينفع في مصر وهكذا، وقيل لأحد الفقهاء الكبار ''أبي ربيعة'' لمَ لا تكتب فتواك؟ قال: كيف اكتبها وقد أغيَرها بعد أسبوع، والإمام مالك نفسه عندما طلب منه الخليفة أبو جعفر المنصور أن يكتب الموطأ وقال المنصور لا أحْملنَّ الناس عليه، ورفض الإمام مالك وأكد ان الموطأ جزء من الفقه، وكذلك علينا ان ندع الناس تأخذ ما يصلحها ويصلح شأنها، وهذا استوعبه المغفور له الشيخ زايد تماما·
مواكبة العصر
س: هل نحن في عصر يحتم علينا أو يقتضي منا أن نتعامل بتسهيل في الفتوى مع الناس في مسألة الأحوال الشخصية؟
لنا أن نعلم أن النفقة'' مثلا'' في الفقه الإسلامي هي كسوة في الصيف وكسوة في الشتاء، بمعنى ثوب واحد للمرأة في الصيف وآخر في الشتاء وبعض المحاكم تحكم بهذا·· واتساءل هل هذا مناسب الآن؟!
أيضا هناك مسألة مهمة تدلل على حاجتنا لمواكبة العصر، وهى القاعدة التي تقول ''يحتاط في الدماء والأعراض ما لا يحتاط في غيرهما''، بمعنى إذا كانت هناك دعوى تقام ضد أي إنسان متهم وهذا الحكم سيريق دماً قصاصاً أو قتلاً أو إعداماً فهذا الحكم لا يوقع إلا إذا كان أي احتمال - ولو واحد بالألف - ببراءته، فمثلاً لو ان هناك من قتل رجلاً وهذا المقتول له ألف وارث، فلو أن واحدا من ألف عفا عن هذا الإنسان فإنه لا يُقْدم، لماذا؟ لأن هذا الواحد من الألف يملك في دم المقتول·
أما بالنسبة للاحتياط في الأعراض فالمقصود به الحيطة في الطلاق، فإذا وقع طلاق فإنه لا يوقع إذا كان هناك احتمال واحد بأن هذا الطلاق ليس واقعاً، حفاظاً على الأسرة والأولاد وبالتالي هل من المعقول ان عقد زواج سماه القرآن ''الميثاق الغليظ'' في قوله تعالى: ''وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذنا منكم ميثاقاً غليظاً''·
وهذا الميثاق الغليظ الذي فيه شاهدان وخطبة وسؤال عن النسب والأصل والفصل، هل هذا كله يُهدم بكلمة ''أنت طالق ثلاثاً'' في ساعة غضب·
أم المشاكل
س: الطلقات الثلاث المتوالية في مجلس واحد·· هل هي طلقات ثلاث أم طلقة واحدة يمكن رد المرأة بعدها؟
نحن طبقنا في هذه المسألة القاعدة المطبقة في جميع دول العالم الإسلامي بلا استثناء والتي تعتبر الطلقات الثلاث هي واحدة كما هو في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر الصديق، والعلة في ذلك ان إيقاع الطلاق كإيقاع العقوبة الأصل فيه عدم الوقوع فالقاتل لا يقتل إلا إذا لم يكن هناك أي سبيل لنجاته حينئذ يقع الحد، كذلك الطلاق لا يمكن ان يقع إلا إذا لم يكن هناك سبيل إلى عدم وقوعه، فكيف يمكن ان تهدم أسرة وأنت تعلم ما هي تعقيدات إنشائها من خطبة ومشاكلها والفروق الاجتماعية والولي وحفلة الخطوبة وحفلة الدخول ثم ما يترتب على ذلك من أنساب وقرابات وأولاد والأسرة في مجتمع كامل هل تُهْدم بكلمة ''أنت طالق ثلاثا''·
الدليل القرآني
س: ما دليلكم القرآني على صحة ما أخذتم به في هذه المسألة؟
القرآن يقول: ''الطلاق مرتان'' وليس ثنتان، فالمرات متفرقات والثنتان متلاصقان وحينئذ الطلاق مرتان لا ثنتان فإذا قال لها أنت طالق ثلاثاً فهي واحدة وكذلك إذا قال لها أنت طالق مليونا أيضا هي واحدة ينتهي الأمر عند أنت طالق أما ما يليها فلا قيمة له، ولكن إذا قال الرجل اليوم لزوجته ''أنت طالق'' ثم جاء بعد أسبوع وقال لها أيضا ''أنت طالق'' ثم عاود في المستقبل ذلك صارت الثالثة وبذلك تكون طالق طلاقاً لا رجعة فيه، أما طلاق الثلاث في لفظ واحد فهي واحدة·
الاختلاف·· لماذا؟ :
س: ولكن المذاهب الأربعة تقول إن طلاق الثلاث ليس بطلقة واحدة؟
هذا صحيح، ولكن دعني أوضح مسألة تفك الاشتباك، وهي لماذا دامت هذه المذاهب؟، دامت لأنها لم تكن علمية صرفة 100 بالمئة وإنما كانوا مربين قبل ان يكونوا فقهاء تلاحموا في فتاواهم وأخذوا بجانب الفتوى والمصلحة والتقوى والتربية وكانوا ينظرون إلى واقع المستفتي من أجل هذا كان المفتي يغيّر فتواه حسب حال المستفتي من صلاح أو طلاح وضرورة أو عدم ضرورة، فهذه المذاهب أخذوها من باب الخشوع وقالوا: إن عمر ''رضي الله عنه'' عندما نص على أن طلاق الثلاث ثلاثاً كان ذلك من باب السياسة الشرعية حيث قال رضي الله عنه: إن الناس استعجلوا أمرا كانت لهم فيه أناة والمجتمع كان مطلع على الفضيلة فرأى ان هذا انتهاك للفضيلة فأراد ان يسد الذريعة والذريعة كما تُفتح تُسد، وعندما يكون المجتمع صالحاً 100 بالمئة فأي انحراف فيه عليك ان تغلقه بقوة وأن تقطع دابره حتى لا يستشري هذا كان في عهد عمر، حيث استهان الشباب بالطلاق ثلاثاً فقال: اجعلوه ثلاثاً عقاباً لهم هذا سد ذريعة وهناك فتح ذريعة عندما يكون المجتمع قد استمرأ الطلاق حتى صار الطلاق على كل لسان والمجتمع ليس صالحاً كما كان ولابد ان تعطي للناس فرصة ان يعودوا لدينهم كما كان يقول النبي صلى الله عليه وسلم ''أنتم اليوم في زمن لو ترك أحدكم عُشر ما انزل الله لهلك وسيأتي على الناس زمن لو عمل فيه احدهم بعشر ما علم لنجا'' أنت تعلم في المجتمع الصالح في الإسلام، يحاسب الإنسان فيه على الهمسة واللمسة، ولكن اسمع هذا الحديث الصحيح ''لا تقوم الساعة حتى يشيع الزنا، حتى تُغشى المرأة في الطريق لا ينكر ذلك أحد حتى يقول الرجل لصاحبه لو تنحيت بها إلى الجدار وهو يومئذ فيهم كأبي بكر فيكم'' لمجرد انه قال لماذا يا أخي زنيت بها في الطريق خذها خلف البيت نفهم من هذا الحديث ان هناك متغيرات·
المتغيرات
س: أشار فضيلتكم إلى أن ما يحدث في عهد عمر كان سداً للذريعة·· وهناك من يرى ان إيقاع الطلاق ثلاثاً في الوقت الحالي هو سد للذريعة وأوجدوا تشابهاً بين الواقعتين·· كيف تردون على ذلك؟
ان مجتمع الأمس ليس كمجتمع اليوم، والذي يدعي ذلك عليه ان يرد على سؤال مفاده هل كان هناك تساهل في عهد عمر كما هو الحال في عهدنا هذا الكلام غير صحيح فلا يوجد وجه مقارنة بين العصرين، بدليل أننا لو نظرنا إلى عهد آبائنا هنا في الإمارات أو في العراق أو في مصر قبل 50 عاماً سنجد ان نسبة الطلاق كانت 1 بالمئة والآن صارت 50 أو 60 بالمئة وهو ما يدلل على الاختلاف بين عصرين متتالين، فكيف بنا إذا كانت المقارنة مع عهد عمر، هذا الدين جاء ليس للانتقام وإنما جاء لحل مشاكل الناس فهذا الدين قد جاء لليسر ''يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر'' سورة البقرة آية رقم ·185
س: مَن من الفقهاء قال بان الطلاق ثلاثاً في مجلس واحد هي طلقة واحدة؟
ابن تيمية وغيره، فالإمام ابن تيمية قال ان الطلقات الثلاث هي طلقة واحدة، لو ان جميع الفقهاء ممن قالوا ثلاثاً وصلوا إلى عصرنا ورأوا كثرة الطلاق لقالوا ان الثلاث طلقات هي طلقة واحدة·
نسبة الطلاق
س: كيف تنظر إلى نسبة الطلاق في الدولة التي يوصلها البعض إلى معدلات قياسية؟
نسبة الطلاق عالية في المجتمع، وتنذر بالخطر، خاصة ان الناس ليس لهم ثقافة فيه والثقافة الفقهية عند الناس أصبحت قليلة والتعليم ابتعد عن الشريعة كثيراً منذ سقوط الدولة العثمانية وجاء التعليم الغربي، ويدلل على ذلك الطلاق الكثير وسهولة قول الرجال ''أنت طالق ثلاثا، وان فعلت كذا فأنت طالق'' والحقيقة أن هناك أقوالا لعلماء معتبرين تؤكد ان هذا الطلاق لا يقع، وأستطيع أن أقول: ''إن 50 بالمئة من المطلقات في الإمارات لسن بمطلقات''·
س: علي أي شيء استند فضيلتكم في ذكر هذه النسبة التي تطرح إشكالية ليست بالهينة؟
أنا أستطيع أن أقدر ذلك من خلال ما يرد إليّ يومياً في هذا الباب، وفي ظل ما يحدث في المحاكم بشكل متعدد ومتعمد، حيث يأتي المطلق ويقول ''أريد ان أطلق حرمتي''، فيقال له قل طلقت الحرمة فيقول طلقتها فيقول له قل مرة ثانية فيقول طلقتها فيقول له قل مرة ثالثة فيقولها بذلك تكون المرأة طلقت من زوجها دون رجعة، ما يحدث يقول له قل مرة ثانية وثالثة، جريمة، ولابد من إنقاذ أسر فلقد ضاعت أسر وأولاد وتشتت مجتمعات بسبب هذا الوضع المؤلم·
اتهام المحاكم
س: هل نفهم من ذلك ان المحاكم أحيانا تلعب دوراً سلبياً في مسألة الطلاق؟
المحاكم ''لَمْلُوم''، بمعنى يوجد فيهم الموريتاني والسوداني والمصري والعراقي والمغربي، ولا أنكر ان فيهم أفاضل، لكن فيهم أناسا لا أدرى هم على أي مذهب أو على أي طريقة أو على أي أسلوب، ومنهم من لا يصلح ان يكون كاتباً في هذه المحكمة، إضافة إلى أن الفقه الإسلامي بكل مذاهبه ''كلاءُ مباح'' ففي القضية الواحدة هناك ألف رأي مثلاً خذ أي قضية في أي مذهب ترى أبا حنيفة يقول شيئا وغيره يقول شيئا آخر معاكسا وغيره يقول ما يخالف ذلك وهكذا، بمعنى ان هذه المذاهب بتلاميذها وطلابها والمجتهدين داخل المذهب، كل واحد له رأي في زمانه، وكل هذا صار فقهاً إسلامياً، وعندما أصبح أنا قاضيا في الفقه ''لا في القانون'' احكم بأي شيء أشاء، أي عدل هذا؟
وعلينا ان نلفت الانتباه إلى انه إذا اختار الإمام أو المسؤول رأياً فقهياً فلا يجوز اتباع غيره ولو كان غيره صحيحاً، فهذه قضية مسلمة، حيث يحق للإمام أن يحدد المباح·
مرارة النفقة!!
س: كيف تعاملتم مع قضية النفقة خاصة أنها من أهم المسائل التي تشغل بال كل مطلَقين، سواء كان رجلاً أم امرأة؟
- بمجرد ان ترفع المرأة الدعوة طلباً للنفقة من زوجها يأمر القاضي بفرض نفقة مستعجلة إلى حين الحكم لها، لأننا إذا أجلنا النفقة قد يتأخر الحكم لمدة سنة، ولذلك من الأولى ان تؤجل النفقة والأفضل ان تدفع من الآن، وإذا كان القاضي فرض أقل أو أكثر من المستحق وقت الحكم يتم المحاسبة·
س: وهل نص القانون على ان النفقة تفرض بأثر رجعي، وبالتحديد من وقت الطلاق؟
نعم··من وقت الطلاق النفقة مشروعة والنصوص تقوم على ذلك، وتعتبر نفقة الزوجة مستحقة من تاريخ الامتناع عن الإنفاق، أي من يوم ما امتنع لها ان تحصل النفقة تدرجاً مع وجوبها بأثر رجعي، ويتوقف ذلك على القضاء والتراضي، فلا تحسب النفقة إلا من حين التراضي أو التقاضي ولكن النفقة تجب عليه من ساعة امتناعه عن النفقة·
س: ولكن أحياناً هناك من يمتنع عن النفقة قبل الطلاق بسنوات؟
فعلاً هذا واقع، فهناك من يمتنع عن النفقة لعشرين عاماً، ولكننا لا نسمح بالدعوة إلا ثلاث سنوات، حيث سيسمح لها القضاء ـ وفقاً للقانون الجديد ـ بالحصول على نفقة ثلاث سنوات فقط، وهو سيعاقب عند الله لامتناعه عن باقي السنوات، وقد لجأنا لهذا الحل، منعاً لإحراج الرجل الذي يكون في الغالب ليس لديه الأموال الكافية أو تزوج من امرأة أخرى·
مال الزوجة
س: ماذا عن الذمة المالية للمرأة·· كيف تعامل معها القانون، لاسيما أنها سبب لكثير من المشاكل الزوجية؟
ذمة المرأة المالية مستقلة وهذا حق لا تجده إلا في الإسلام والنفقة الإسلامية يصر على ذلك، فليس لأخ ولا لزوج ان يأخذ من أموال زوجته شيئاً، حتى الأب لا يصح له ان يأخذ من أموالها لينفق عليها، إلا بإذنها وهناك قاعدة ''نفقة كل إنسان على نفسه·· إلا الزوجة''، إذا ذمة المرأة المالية ليس كما يتصور الناس ان الزوجة التي تدفع راتبها على البيت هذا شرط عليها لا، وإنما هو فضل منها، فهو ليس حقاً ولا واجباً ولا شرطاً عليها وهو كرم وسخاء منها وعلى الزوج ان يحمد لها ذلك وهذا من موجبات إكرام الزوجة· وأكد أن للمرأة التصرف في أموالها وليس للزوج أي سلطة على أموال زوجته ونحن نرى الأزواج يستولون على أموال زوجته أو يقيد لها حرية التصرف في مالها، كذلك يجب على الزوج ان يأتي بخادمة·
الخادمة أولا
س: هل يحق للزوج ألا يأتي بخادمة لزوجته؟
جمهور الفقهاء على انه يحق للزوجة ان يكون لها خادمة تخدمها، ولذلك تنص إحدى مواد القانون على ان تشمل النفقة الطعام والكسوة والمسكن والخدمة للزوجة ان كانت ممَن تخدم في أهلها وما تقتضيه العشرة الزوجية بالمعروف، ونحن في ذلك نراعي الزمان والمكان، خاصة ان محكمة الأحوال الشخصية والتي تأخذ في مثل هذه المسائل بالعرف السائد، فمثلاً هنا في مجتمع الإمارات يعتمدون على الخادمة، أما عندنا نحن في العراق لا يوجد ولا خادمة واحدة·
س: ولكن إذا رفض الزوج ·· هل يعطيها القانون الحق في طلب الطلاق؟
للزوجة ان ترفع الأمر للقضاء وتقول ان الرجل مقصر في النفقة لان الخادم من ضمن النفقة والتقصير في النفقة يعطيها الحق ألا تطيعه في فراشه فيمكن لها ان تمتنع عن مطاوعته·
س: ولكن إذا كانت المرأة عاملة·· للزوج ان يلزمها ان تأتي بخادمة مقابل الوقت الذي تقضيه في العمل؟
إذا اتفقا على ذلك فلا بأس وفي هذه الحالة هو تفضل من المرأة أيضاً·
س: مال الزوجة من العمل هل هو حق كامل للزوجة؟
نعم·· وإذا شاركت بشيء من مالها في شؤون البيت، فهذا كرم منها، فهي ليست ملزمة إطلاقا ولكنها متبرعة·
تدبير أم بخل؟
س: هل عالج القانون مسألة إسراف بعض الزوجات؟
القانون جعل من شأن الحكمين اللذين يحكمان بين الزوج والزوجة أو بين المطلقين الفصل في هذه المسألة، باعتبار ان الإسراف فيه شيء من النسبية وهو قضية تتعلق في المقام الأول بالتربية، فهناك أسرة مصروفها في الشهر سبعون ألفا أو مائة ألف وهناك أسرة يكفيها 3 آلاف درهم شهرياً، وبالتالي تركنا هذه الأمور للحكم عليه من خلال الواقع والملابسات المحيطة به·
س: كيف تناولتم تقتير وبخل بعض الأزواج·· هل القانون نص على ان الزوج البخيل يحق للمرأة ان تطلب منه الطلاق؟
لا طبعاً، فقضية البخل قضية دينية ليس لها دخل بالقانون، ولذلك يمكن التعامل معها من خلال المحاكم، ولكن دعنى أؤكد على أن هذا السلوك مذموم، قد قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: ''لا يدخل الجنة بخيل''، وهو صفة مرذولة، وأيضا من المهم الإشارة إلى أن البخل مسألة نسبية، ولذلك هناك فرق بين التدبير وبين البخل، لاسيما أن تطلعات النساء في هذا الزمان كثيرة، والحقيقة ان بعض النساء لسن موضوعيات في مسألة البخل·
منع عمل الزوجة
س: كيف ينظر القانون إلى منع الزوج لزوجته من العمل بعد الزواج؟
إذا تزوجها وهي عاملة لا يحق له ان يمنعها من العمل ولكن إذا حدث العمل بعد الزواج فله الحق في ان يمنعها عنه لأنه هو الذي أذن لها به فله الحق ان يوافق أو يرفض·
س: كيف عالجتم موضوع ''فسخ الخطبة'' وموضوع الهدايا والشبكة؟
اتفقنا على أن المسؤول عن الفسخ هو الذي يغرم فإذا كانت الزوجة هي المسؤولة عن الفسخ فإن له هداياه وشبكته وإذا كان هو المسؤول عن الفسخ فليس له شيء لأنه هو الذي تركها كذلك نصينا على وجوب احترام الشروط المقترنة بالزواج فللمرأة ان تشترط ما تشاء ضماناً لمستقبلها، موضوع الكفاءة هناك رجل ليس كفؤا للمرأة وأهلها يجبرونها عليه ولكن لابد ان يكون الرجل كفؤا للمرأة·
عائق الحضانة
س: هناك من يرى أن سن الحضانة تكون 11 للذكر و13 للأنثى هي سن قليلة؟
في القانون وضعنا سناً مناسبة جداً للحضانة وهي 11 سنة للذكر و13 سنة للبنت، وان كانت بعض الدول العربية '' كمصر والعراق'' تبقى البنت عند أمها إلى أن تتزوج، والابن حتى يصل إلى 18 أو يعمل·
س: ولكن سن 13 في عصرنا الحالي تكون البنت ما زالت صغيرة، وهناك من يرى انه من الأولى أن ترفع سن الحضانة وخاصة للبنت؟
من الدول من تذهب فيها البنت إلى أبيها من الولادة، وهناك أناس طلبوا ان يكون السن سبع سنوات وآخرون قالوا عشر سنوات، فالقضية اجتهادية وفيها نقاش طويل·
س: في مسألة الحضانة·· لماذا اخترتم الجمعيات النسائية لتكون محل الرؤية بالنسبة للمحضون؟
هذا أكثر أنسا للطفل، كيف تذهب بالطفل إلى الشرطة، هذا ادعى للخوف في نفسه، لان الشرطة هي آلة العقاب يذهب إليها المجرمون وأصحاب القضايا والجرائم والمتهمون ولكن الجمعيات النسائية ''خاصة هنا في هذه الدولة '' جميلة ومهيأة لاستقبال هؤلاء الأطفال·
حق الخلع
س: هل ينص القانون على الخلع ويسمح به؟
نعم ·· والخلع هو حل لمشكلة امرأة لا تجد في زوجها عيباً ولكنها لا تريده لأمر ما، إما لقضية نفسية مثلاً أو أن المرأة أصبحت لا تحب العشرة معه أو تكره شكله، والخلع شرطه الفقهي ان يكون الزوج راضياً بهذا، فإذا رضي الزوج، فالمرأة حرة في ان تطلبه أو لا تطلبه، وفي مصر مثلاً لا يشترط القاضي إذن الزوج الخلع·
س: ولكن انتم هل تشترطون موافقة الزوج؟
الخلع في الأصح لا تطلب المرأة إذن زوجها، لأن الناس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فعلوا ذلك دون موافقة الزوج كما هو الحال في حديث بريرة الذي كان زوجها يمشي وراءها، وقالت للنبي صلى الله عليه وسلم: والله لا أعيب عليه ديناً ولا خلقاً ولكن لا أريده، وقد أعطاها النبي صلى الله عليه وسلم حرية القرار دون موافقة الزوج·
المرأة أولا
س: هناك من يرى ان قانون الأحوال الشخصية في صالح المرأة فقط، وفي المقابل لا يقف إلى جانب الرجل في أي شيء·· كيف تردون على ذلك؟
على كل مسلم له أمر من قضاء أو محام أو ولي أمر أن يكون في صالح المرأة، لان المرأة هي الطرف الأضعف في بناء الأسرة والرجل هو القوي لأنه محمي بذكورته، والمجتمع ذكوري يصيب المرأة ولا يعيب على الرجل وما يجب على المرأة لا يجب على الرجل وجعل على المرأة أضعاف أعباء الرجل، لذلك العدل ان تنصف المرأة من ضعفها إلى جانب قوة الرجل·
في عملية الأسرة هناك عدل وإحسان والله لا يأمر بأحدهما إنما يأمر بكليهما ''ان الله يأمر بالعدل والإحسان'' - سورة النحل آية رقم 90-، ومن المكارم والشمائل، فحق المرأة هذا عدل وما ليس من حقها مما هو من إكرامها هو الإحسان والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ''ما أكرم النساء إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم''، كما قال صلى الله عليه وسلم : ''الله الله في النساء، فإنهن عوان عندكم''، والمرأة أسيرة والأسير يستحق الإكرام، كما في قوله عز وجل: ''ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً'' سورة الإنسان آية رقم ·8
س: أفهم من كلامكم ان انحياز القانون للمرأة، ليس عيباً وإنما ميزة ؟
نعم ·· وهذا الأمر يمكن ان نعتبره فضيلة في القانون، بالإضافة إلى انه يرضي الله ورسوله، والإسلام يحث عليه ويرغب فيه، وهو ما استلزم منا انصاف المرأة من مجتمع كل ما فيه ذكوري·
س: هل نَصَصْتُمْ على مسألة إمكانية التعديل في المستقبل؟
هذا الأمر لا يحتاج إلى نص، وقد يحدث مستقبلاً وفقاً لحاجات الناس·
حملة الاعتراضات
س: هناك من يدعي ان القانون كان عليه اعتراضات من محامين وقانونيين؟
كل ما جاءنا أخذناه بالاعتبار هذا من جانب، ومن ناحية أخرى من الحمق ان تعتقد ان قانوناً من 363 مادة ويتعلق بقضايا الفقه الإسلامي لا يوجد عليه اعتراض، وهذا ليس عيباً ونقصاً، بل هو فضيلة، فليس هناك احد لا يعترض عليه، الله عز وجل اعترضوا عليه، ''ورب العزة قال لموسى: ادع دعوة استجيبها لك، قال يا رب لا تدع أحدا يذكرني بسوء، قال: ادع دعوة غير هذه، فإن هذه لا استجيبها، قال: لم يا رب، قال: لان هذا أمر لم أفعله لنفسي، فكيف أفعله لك''، إذاً الاختلاف نعمة وما من شيء إلا له مخالف·
منهج مثير للجدل
س: هناك من يرى أن المنهج الذي اعتمدتم عليه في طرح القانون مثير للجدل؟
القانون بهذه الضخامة وفي ظل وجود التيارات المتصارعة بين الإسلاميين والتي تصل إلى حد التكفير والاتهام ''سواء في الأعراض أو رمي الآخرين بالزندقة'' هو أمر جائز ومباح، وهذا أمر متوقع والساحة مليئة، كما ان الفقهاء أشد الناس في العالم اختلافاً·
نحن باختصار شديد في القانون طبقنا رأي الإسلام الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابتعدنا عن الأعراف في المجالات اللاحقة، لان لنا أعرافنا اليوم وعندنا كتاب الله وسنة رسوله واضحة وعدنا إلى العهد الأول وإذا رأيت ان فينا شيء ليس منهم هذا ليس صحيحاً·
س: ماذا تقول فيمن يتشدد في فتاويه الخاصة بالمرأة؟
نقول له غفر الله لك ونقول لمن أنصفها جزاك الله خيراً·
الحاضر الجميل
س: كيف ترون المرأة في الإمارات؟
المرأة في الإمارات شخصية قوية تحررت من عهد الحرمة والإماء والجواري أي عقلية الإماء والجواري، حيث كان هناك في عصر من العصور لا فرق في التعامل بين الحرة والجواري، لان كلا منهما محبوس في نفس الحلقة·
المرأة في الإمارات نهضت نهضة قوية ولها شخصية تعجبك في عملها وأفكارها وفي إعلامها وفي الجامعات في كل مكان تجدها فيها كفاءة، قد لا تجدها في الدول العربية التي سبقتها في مجال الحضارة المعاصرة·
أنا منذ حين هنا وأنا أرى في المرأة الإماراتية نهضة وشخصية·
مبدأ التسهيل
س: هناك من يرى أنكم اعتدتم في القانون على مبدأ التسهيل والترخيص؟
هذا ليس صحيحاً·· أولاً الرخص هذه كرم من الله، فمثلاً الفطر في رمضان يعتبر رخصة والقصر في الصلاة رخصة، وهناك اختلاف مذاهب، واختلاف المذاهب ليس حرباً كما هو الآن بل هو في مصلحة المسلمين، ومن الأولى ان يتسابق الفقهاء فيما بينهم في وضع حل للمشاكل، لأن كل من يتصدر للفتوى عليه ان يختار من هذه الثروة الفقهية ما يحقق به مصلحة المسلمين·
أعداء المرأة
س: كيف تنظر إلى الواقع الفقهي في عالمنا الإسلامي وبالتحديد فيما يتصل بالمرأة؟
لاشك ان المرأة الآن هي كرة بين فريقين من الناس، فريق يعاملها كما كان يعامل جدتها مدعياً ان هذا هو الشرع وان المرأة كمُّ مهمل وأنها مسخرة للرجال ولا حق لها كما يقول الإمام الرازي على شدة فضله وعظمة ذكره ''إن الله سخر لنا النساء كما سخر لنا الدواب'' فبهذه النظرة كانت تعامل المرأة في بعض كتب الفقه على هذا الأساس·
س: وماذا عن الفريق الثاني؟
هو فريق تحرير المرأة، هذه دعوة غربية ستصل بالمرأة في النهاية لأن تُحرم من كل شيء، ومن أبرز ما يفتخر به المسلمون هو أن المرأة في القرن الحادي والعشرين هي نفسها في القرن الأول الهجري، عندما كانت طيعَّة صالحة·· والحقيقة ان دعوة تحرير المرأة في العالم هي دعوة للفساد والدعارة باعتراف الجميع وهي دعوة ان تكون المرأة لكل من يريدها وهذا ليس من شأننا، نحن نريد ان نطبق الفقه الإسلامي على المرأة تلك الفلسفة التي كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين قبل ان تغلق على المرأة الأبواب وقبل ان تكبل بهذه القيود الرهيبة·
س: إذا ما هي الطريقة الجديدة من منظور فكري وواقعي للتعامل مع المرأة وقضاياها المختلفة؟
الطريقة الصحيحة هو ما تستخدمه دولة الإمارات في تعاملها مع بناتها ونسائها وجعل المرأة شريكة الرجل في البناء والنهضة، وهذا الفريق هو الأكثر والأفضل، ويعتقد أنصاره ان الحجر على المرأة ليس صحيحاً وكلام ضيق الأفق أملاه عُرف مغلق، والآن العرف المتفتح هو الأكثر وقد صارت العقلية أوضح والثقافة أعم والمعرفة اشمل، وبدأ الناس تتمحور إنسانيتهم حول قيم آمن بها العالم ولا يعارضها الإسلام، وبالتالي يرى أن المرأة مساوية للرجل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ''إنما النساء شقائق الرجال''·
مستقبل الإماراتية
س: وكيف تنظر إلى مستقبل المرأة الإماراتية كأحد المتابعين والمهتمين بالجانب الأسري في المجتمع؟
المرأة الإماراتية تعيش في مستقبلها الآن ومنذ 40 - 50 عاماً بدأت المرأة الإماراتية تنهض ولكن منذ السبعينات والستينات إلى اليوم اكتمل نضج المرأة الإماراتية اجتماعياً واسرياً وثقافياً ومشاركة في بناء الوطن، وفي كل مكان في هذا الوطن والمرأة شريكة الرجل بلا شعور بالنقص لأنها ترى نفسها شقيقة الرجل في هذا البناء وفي كل أطوار الحياة·
س: هل تسمحون في القانون بتولي المرأة المناصب القيادية؟
في الفقه الإسلامي ليس هناك مانع في ذلك، فلم يمنعه رب العالمين والقرآن عرض لنا نشاط بعض النساء في أعظم صورة·
س: ما هو المسموح بتوليه من حيث الفقه الإسلامي والسياسة الشرعية الإسلامية؟
كل شيء حتى رئاسة الدولة··
س: هناك من يعتمد على حديث النبي الذي مفاده ''ما أفلح قوم ولوا عليهم امرأة''؟
هذا الحديث خاص بواقعة معينة وليس عاماً·· وعلى كل حال هذه قضايا عرفية·
س: كيف ترى كرئيس لجنة أعدت القانون، أن يكون أول ما وقع عليه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ''حفظه لله'' هو قانون الأحوال الشخصية؟
هذا يدل على أن قضية المجتمع الإماراتي وقضية تماسك الأسر مما يشغل بال صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ولهذا اقتطع من وقته ومهامه وأخرج هذا القانون كباكورة عمل وأعطاه الأولوية على غيره من الأعمال، وقد عمت الفرحة الكثير من النساء في المجتمع الإماراتي عندما وُقّع هذا القانون·